نرى مما تقدَّم صِدق الله في حفظ وعده، فقد وعد قبل ذلك بألفي سنة أَنَّه بنسل إبراهيم تتبارك كل قبائل الأرض. وهذا يتضمَّن قيام مخلِّص من بيت داود. وقد تبرهن مما سبق أن يسوع كان ابن داود وابن إبراهيم، فيكون قد تم وعد الله، ولم تعقه شيخوخة إبراهيم ولا عقم سارة، ولا عبودية نسله في مصر، ولا كفرهم في البريَّة، ولا خطية داود ولا خطايا الملوك الذين خلفوه، ولا سبي الشعب بعد انحطاط مملكتهم. فالله يتمم وعده ووعيده، وإن أبطأ. فقد قصد وامتحن إيمان شعبهِ اليوم كما امتحن إيمان شعبه اليهود في أمر مجيء المسيح.
تنازل ربنا ورحمتُه، فعندما نقرأ أسماء أسلاف المسيح نجد بينهم من ارتكب خطايا فظيعة، ولا تنازل مثل تنازل من رضي أن يولد وهو ابن الله من امرأة، متخذاً صورة جسد خاطئ (رومية ٨: ٣).
شفقة يسوع واستعدادهُ لقبول التائبين مهما كانت خطاياهم، لأنه إن كان لم يستحِ أن يُحسب من نسل خطاة كبعض هؤلاء، فلا يستحي أن يعترف أنه أخ ومخلِّص لمذنبين آخرين، إن رجعوا إليه تائبين.
وجود مثل راحاب وراعوث اللتين ليستا من نسل إسرائيل في نسب المسيح، يبين أنه مخلِّصٌ لليهود والأمم معاً.
عدم تعرُّض متّى ولوقا لبيان سبب الفرق بين جدوليهما، يبرهن أنه لم يقف أحدهما على كتابة الآخر، ولا على إنجيل آخر أقدم مما كتباه، ليكونا قد اقتبسا منه.
هذا الجدول الذي نُقل عن كتب اليهود بأمر الروح القدس يثبت لنا حقائق واجبة التصديق، فهو يثبت حقيقة جوهرية تقدمت في افتتاح الإنجيل، وهي تجسد المسيح، أي اتحاد طبيعته الإلهية والبشرية وسلطانه بالوراثة عن داود. فلا يظن أحد أن لا قيمة لهذا الجزء من الإنجيل.