رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأملات في سفر نشيد الأناشيد-6 أنا سوداء وجميلة (د) السبت 17 نوفمبر 2012 بقلم قداسة البابا شنودة الثالث الروحيون يقرأون هذا السفر, فيزدادون محبة لله.. أما الجسدانيون, فيحتاجون في قراءته إلي مرشد يفسر لهم, لئلا يسيئوا فهمه, ويخرجوا عن معناه السامي إلي معان عالمية.. كنيسة الأمم: إنها عبارة تتوجه بها كنيسة الأمم إلي بنات أورشليم, أي إلي كنيسة اليهود الذين يحتقرون الأمم, ولا يعترفون بهم شعبا لله.. يرون أن جماعة الأمم سوداء, لأنها قد حرمت من أصل الآباء ومن الناموس والأنبياء, بلا شريعة إلهية, بلا تقاليد, بلا عهد مع الله, وبلا وعود إلهية, بلا تاريخ, بلا نسب إلي أب الآباء إبراهيم. لذلك فإن كنيسة الأمم تقول لهم إنني وإن كنت سوداء, إلا أنني جميلة في المسيح يسوع والانتساب إليه. إن كنت سوداء, ليس لي إبراهيم أبا, فأنا جميلة لأن لي أبا في السماء, وأمي هي المعمودية التي ولدت فيها من الروح القدس والماء. إن كنت سوداء لم أتعلم في مدرسة الناموس والأنبياء, فإنني جميلة إذ تدربت في مدرسة النعمة, لم أدرك الحرف, لكنني أدركت الروح جعلنا الله كفاة لأن نكون خدام عهد جديد, لا بالحرف بل بالروح. لأن الحرف يقتل, ولكن الروح يحيي (2كو3:6). أنا لم أدرك الوصايا العشر, لكني أدركت العظة علي الجبل وتعليم الإنجيل وسفر الأعمال وكتابات الرسل القديسين. أنا سوداء في نظر بعض البشر, لكنني جميلة كما يراني الرب. سوداء في حكم قسوتكم كبشر. لكنني جميلة بحنان الرب ورحمته. إن الرب قد بسط علي جماله (حز16:14), وساواني بكم علي غير استحقاق. ماذا أقول للرب الذي أعطاني دينارا, كالذين جاءوا إليه من أول النهار, أنا الذي أتيت في الساعة الحادية عشرة (مت 20:9-15). بماذا أكافئ الرب عن كل ما أعطانيه؟! كأس الخلاص آخذ, وباسم الرب أدعو.. (مز 116:12, 13). أنا سوداء لأنني زيتونة برية... ولكنني جميلة لأنني طعمت في الزيتونة الأصلية, فصرت شريكة في أصل الزيتونة ودسمها (رو 11:17). هي قطعت من أجل عدم الإيمان ثبت وأصبح الأصل يحملني, ولن أفتخر علي الأصل (رو11:18). أنا سوداء بالنسبة إلي حياتي الماضية, ولكنني جميلة وأنا مغسولة بدم الذي أحبنا وغسلنا من خطايانا بدمه (رؤ1:5). وهكذا صرت بيضاء كالثلج.. سوداء بطبيعتي الترابية المادية, وجميلة بحلول الروح القدوس في هيكلي (1كو3:16). فأناره وقدسه ودشنه. سوداء كخيام قيدار (حفيد إسماعيل) التي لها شعر الماعز الأسود, ولكني جميلة كشقق سليمان, كستائر الهيكل التي من أسمانجوني وقرمز وأرجون.. من الداخل. وكل مجد ابنة الملك من داخل (مز 45). أنا سوداء كالعشار في نظر الفريسي (لو 18:11). وكالمرأة الخاطئة في نظر فريسي آخر هو سمعان (لو7:39), وكالمرأة السامرية في نظر التلاميذ الذين تعجبوا من أن الرب كان يتكلم معها (يو4:27). نعم سوداء, كالمولود أعمي الذي شتمه اليهود قائلين له: أنت تلميذ ذاك (أي المسيح).. في الخطايا ولدت بجملتك (يو9:28, 34)... ولكنني جميلة في نظر الرب الذي برر كل أولئك.أنا سوداء كالمرأة الكوشية التي أتخذها موسي النبي امرأة له (عد 12:1). ولكنها صارت باتحادها بهذا النبي, حسب تعليم الرب (1كو 7:14), وعلي الرغم من أن مريم وهارون قد تكلما علي موسي بسبب تلك الكوشية, إلا أن الرب لم يوافقهما علي ذلك, بل وبخهما وامتدح موسي. وقد كانت المرأة الكوشية رمزا لي, أنا كنيسة الأمم. وكالمرأة الكوشية, كانت ملكة سبأ, كلاهما سوداء وجميلة. وكل منهما كانت رمزا. ومع أن ملكة سبأ (ملكة التيمن كانت سوداء, إلا أنها كانت جميلة, لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان. وقد طوبها الرب وقال إنها ستقوم في يوم الدين مع ذلك الجيل وتدينه (مت 12:12). كذلك مدينة نينوي كانت رمزا لي أيضا: سوداء وجميلة. كانت سوداء في خطيتها, التي بسببها أرسل الله يونان النبي لكي ينادي عليها بالهلاك (يون 1:1, 2). وكانت أممية أيضا مثلي, ولكنها كانت جميلة في توبتها وصومها. حتي أن الله لما رأي أن أهلها قد رجعوا عن طريقهم الرديئة, ندم الله علي الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم, فلم يصنعه (يون3:10). بل قال ليونان ..أفلا أشفق أنا علي نينوي المدينة العظيمة؟! (يون4:11). وأكثر من هذا أن الرب قدمها كمثال يوبخ بها اليهود, فقال لهم: رجال نينوي سيقومون في يوم الدين مع هذا الجيل ويدينونه, لأنهم تابوا بمناداة يونان, وهوذا أعظم من يونان ههنا (مت12:11). أنا سوداء وجميلة, معترفة بحالتي. لست أنكر أصلي ولا شكلي, ولكنني جميلة في حياة الرجاء التي قدمها لنا الرب. لي رجاء في الله الذي قبل إليه الابن الضال, قائلا إنه كان ميتا فعاش, وكان ضالا فوجد (لو15:24). ولم يكتف بهذا, بل ذبح له العجل المسمن, وقال كان ينبغي أن نفرح ونسر (لو 15:32). حياة ذلك الابن الضال كانت سوداء في سقطتها, وجميلة في توبتها. بل إن قصة هذا الابن الضال, كانت أيضا رمزا لكنيسة الأمم, التي بعدت أولا عن الرب ثم عادت إليه, وفرح الله بعودتها, بينما الابن الأكبر كان يرمز إلي كنيسة اليهود التي افتخرت بخدمتها له, ولم تفرح برجوع الأمم إليه (لو 15:15- 30). أنا سوداء, لكن لي رجاء في الله الحنون الطيب. الذي لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا (حز18:23). الله الذي لم يصنع معنا حسب خطايانا, ولم يجازنا بحسب آثامنا. وإنما مثل ارتفاع السموات علي الأرض, قويت رحمته علي خائفيه. كبعد المشرق عن المغرب, أبعد عنا معاصينا... لأنه يعرف جبلتنا, يذكر أننا تراب نحن (مز 103:10-14) أنا سوداء في اعترافي بخطاياي, وجميلة بما آخذه من غفران وحل. كذبيحة الخطية تحرق خارج المحلة لأنها حاملة خطايا (عب13:11), ومع ذلك فهي جميلة لأنها قدس أقداس للرب (لا 6:34).. وكذبيحة المحرقة التي تأكلها النار كلها حتي تتحول إلي رماد (لا 6:10). ولكنها مع ذلك فهي جميلة, لأنها رائحة سرور للرب (لا 1:9, 13, 17). أنا سوداء كفحمة في المجمرة, جميلة كلما اشتعلت بالنار. تتوهج كلما اتقدت النار فيها, ولا نعود نبصر سوداها, وتتحول من فحمة إلي جمرة, وكل من يراها لا يقول عنها إنها جمرة, وإنما يقول: هذه نار, طاهرة.. صارت جميلة.. أنا سوداء كسحب الدخان, التي ترتفع من بخور عطر يحترق. سوداء في لونها, ولكنها جميلة في رائحتها الزكية, وفي رموزها, وفي' ارتفاعها إلي فوق, كصلوات القديسين... كالمر غير المقبول في مذاقه, ولكنه جميل في رائحته الزكية, وفي رمزه لآلام المسيح. أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم, هكذا تقول كنيسة الأمم. ولكنها في بعض الأوقات كانت أكثر جمالا من بنات أورشليم. كان ذلك حينما قبلت الإيمان, في الوقت الذي رفضته فيه أورشليم التي أحبت الظلمة أكثر من النور (يو3:19). وهكذا قال الرب لبولس الرسول اذهب فإني سأرسلك بعيدا إلي الأمم (أع 22:21). بل قبل ذلك حينما قال الرب مطوبا إيمان قائد المائة: الحق أقول لكم: لم أجد ولا في أورشليم إيمانا بمقدار هذا (مت 8:10). وأضاف وأقول لكم إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب, ويتكئون مع إبراهيم وإسحق ويعقوب في ملكوت السموات. وأما بنو الملكوت فيطرحون في الظلمة الخارجية. (مت8:11, 12). ,من هم أولئك جالذين أتوا من المشارق والمغارب, إلا ابناء تلك السوداء الجميلة. يذكرني هذا بسوداء جميلة أخري هي المرأة الكنعانية. كانت سوداء لأنها تنتمي إلي شعب قد لعن من قبل (تك9:5). ولكنها كانت جميلة حينما لجأت إلي السيد, وكانت جميلة بالأكثر حينما قالت له في انسحاق قلب وأيضا الكلاب تأكل من الفتات الساقط من مائدة أسيادها. وقد طوب الرب جمال نفسيتها قائلا لها عظيم هو إيمانك (مت 15:27, 28). أخيرافإن هذه السوداء الجميلة في سفر النشيد, تقول: أنا سوداء, ولكني لن أبقي سوداء إلي الأبد. أنا سوداء في هذا الجسد المادي, ولكنني سأصير جميلة في الجسد النوراني الروحاني الذي سآخذه عندما يلبس الفاسد عدم فساد, ويلبس المائت عدم موت, فيقوم في مجد وفي قوة (1كو15:43-24). سأصير جميلة, وأنا آكل من شجرة الحياة, وأطعم المن المخفي (رؤ2:7, 16) ويعطيني الرب اسما جديدا, ويلبسني ثيابا بيضاء (رؤ2:16) (رؤ3:5). |
|