القدِّيس باسيليوس الكبير
[ما من شهوة أشد سوءًا وضررًا من الحسد. فهو لا يؤذي القريب بقدر ما يؤذي الإنسان الحاسد نفسه. فالحسد سوسة تنخر في أعماق قلب الإنسان، وتعمل فيه كما يعمل الصدأ بالحديد. هو كآبة نفس وحزن يصيب الإنسان لدى مشاهدة السعادة التي يتمتع بها الغير... وأشدّ ما في الحسد أنه داء يُطوى في الكتمان.ترى الحاسد خافض البصر، كالح الوجه، يشتكي باستمرار من عذاب داخلي مما يذبل وجهه ويضني جسده، فيهزل ويضعف. فهو يستحي أن يقول: "إنيّ حاسد" أشعر بالمرارة والحزن للخير الذي حصل عليه إنسان غيري، وإنيّ أتعذب لسعادة أصدقائي، ولا أطيق نجاح أترابي.إنيّ أرى أن سعادة الآخرين هي سيف يمزق أحشائي ويطعنني في الصميم...
الحاسد، علاوة على ما ذكرنا، يُفقد الإحساس والشعور الصحيح بالقيَم... عنده تصبح الفضيلة رذيلة، والخير شرًا.وهكذا الرجل الشجاع يعتبره الحاسد متهورًا، والعاقل بليدًا، والبار مجرمًا، والحكيم مرائيًا، والكريم مسرفًا ومبذِّرًا، والحريض بخيلًا. إن كل الفضائل تصبح عند الحاسد رذائل].