رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لماذا قيل "خلقني"؟ بالتجسد صار لنا الإنسان الجديد المخلوق على صورة خالقه الكلمتان "خلقني created Me" لا تصدران عن الطبيعة الإلهية الخالدة، بل عن ما قد ارتبطت بها في التجسد، طبيعتنا المخلوقة. كيف يمكن أن هذا "الحكمة"، "والفهم"، "والتعقل"، الذي يؤسس الأرض، ويُعد السموات، ويشق الأعماق، يُدعى هنا "مخلوقًا لأجل بدء أعماله"؟ يخبرنا أن مثل هذا التدبير لم يوضع بدون سبب عظيم. حيث أن البشر، بعدما تسلموا الوصية التي يجب عليهم ملاحظتها فقدوا بسبب العصيان نعمة الذاكرة، وصاروا ينسون، لهذا السبب "أنا أُعلن لكم الأمور التي تحدث يومًا فيومًا لخلاصكم، لعلَّكم تضعون في ذاكرتكم ما أُعد منذ الأزل، الأمور التي نسيتموها، فإنه ليس بإنجيل جديد أنا أُعلنه لكم الآن، بل أعمل لإصلاحكم لتعودوا إلى حالتكم الأولى. لهذا السبب أنا خُلقت، أنا القائم على الدوام، ولا احتاج إلى الخلقة لكي أوجد، فأنا بدء الطرق من أجل أعمال الله، أيضًا من أجل البشر فإن كان الطريق الأول قد تحطم صارت هناك حاجة إلى تكريس طريقٍ جديدٍ حيّ للتائهين (عب20:10)، الذي هو أنا، الطريق. هذه النظرة أن معنى "خلقني" تشير إلى ناسوته، وضعها أمامنا الرسول الإلهي بوضوح بكلماته التي قدمها لنا: "البسوا الرب يسوع" (رو14:13). وأيضًا استخدم نفس الكلمة إذ يقول: "البسوا الإنسان الجديد المخلوق على شاكلة الله" (أف24:4). فإن كان ثوب الخلاص هو واحد، الذي هو المسيح، لا يقدر أحد أن يقول أن "الإنسان الجديد الذي على شاكلة الله" آخر غير المسيح، بل من الواضح أن الذي يلبس المسيح يلبس الإنسان الجديد المخلوق على شاكلة الله. فإنه بالحقيقة هو وحده الذي يمكن أن يُدعى بحق "الإنسان الجديد"، الذي لم يظهر في الحياة من زرع إنسان بالطرق الطبيعية المعروفة العادية، بل في حالته وحده تحققت الخلقة بطريقة جديدة غريبة وفريدة. لهذا السبب فإنه لذات الشخص عندما ننظر إلى طريقة ميلاده العجيبة نقول "الإنسان الجديد المخلوق على صورة خالقه"، وعندما ننظر إلى طبيعته الإلهية المتحدة بخلقة هذا الإنسان الجديد ندعوه "المسيح". فالإنسان (أقصد المسيح والإنسان الجديد الذي على صورة خالقه) ينطبقان على نفس الشخص الواحد بعينه. القديس غريغوريوس أسقف نيصص يقول البابا أثناسيوس الرسولي:[عندما يٌقال اللفظ "خَلَقَ" فهو لا يُقال عن الجوهر إطلاقًا، ولا يعني الولادة. فداود يترنم: "ليٌكتب هذا لجيل آخر وشعب عندما يُخلق سيسبح الرب" (مز18:102). ويقول أيضًا: "قلبًا نقيًا اخلق فيَّ يا الله" (مز10:51). ويقول بولس في رسالته إلى أهل أفسس: "مبطلًا ناموس الوصايا في فرائض لكي يخلق الاثنين في نفسه إنسانًا واحدًا جديدًا" (أف15:2). وأيضًا "البسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق" (أف24:4) .] [هذا مشابه لما يقوله إرميا: "خلق الله خلاصًا لأجل زرع جديد الذي به سيتجول الناس في أمان" (إر22:38) LXX. وعندما قال هذا لم يقصد أي جوهر خاص بمخلوق، بل هو يتنبأ بالخلاص المتجدد بين البشر، ذلك الخلاص الذي صار بالمسيح لأجلنا. وحيث أن هناك فرقًا بين المخلوقات وبين القول المذكور "خَلَقَ"، فإن وجدتم الرب يٌدعى مخلوقًا في أي موضع في الكتاب فأوضحوه وحاربوا. أما أن لم يكن قد كٌتب في أي موضع أنه مخلوق سوى ما قاله عن ذاته في الأمثال "الرب خلقني" فاخجلوا إذن من الفرق السابق ذكره.] |
|