|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عقيدة الثالوث الأقدس لا يمكن للإنسان وهو المخلوق المحدود أن يفهم بالكامل طبيعة خالقه اللانهائي، وأعماله وأفكاره الداخلية. خلق الله العقل البشري. لذلك، فهو أكبر من قدرته على فهمه واستيعابه. ألمستوى الأعلى بكثير للوجود الإلهي غامض وغير مفهوم للإنسان المخلوق ذي الوجود الأوطأ. إذا كنا لا نستطيع فهم وجودنا البشري بالكامل، كيف نستطيع أن نفهم بالكامل أسرار خالقنا! معرفة الإنسان مقيّدة بنمط تعليمه، الذي يحدث خلال الواقع المحدود في هذه الحياة. ولعله من المهم أن نتذكّر قصّة القديس أوغسطينوس عندما كان سائرا على شاطئ البحر يحاول فهم أسرار الثالوث الأقدس. رأى طفلا صغيرا يحاول وضع البحر في حفرة صغيرة حفرها في الرمل. فقال أوغسطينوس للطفل أنه لا يمكنه فعل ذلك. أجاب الطفل، الذي كان في الحقيقة ملاكا، قائلا، "وأنت لا تستطيع أن تفهم بالكامل الثالوث الأقدس الغير محدود بعقلك المحدود." قال القديس أغسطينوس: "إذا كنت تفهمه، فإنه ليس الله." إنّ أسرار الله أكبر كثيرا من منطق العقل البشري. الحقيقة ليست دائما بسيطة. في كثير من الأحيان، الحلول البسيطة هي حلول خاطئة. إلإله الذي قد ندّعي فهمه بالكامل بمنطقنا البشري هو أصغر من عقل الإنسان، وبالتالي، ليس أكثر من صنم يُشبهنا اخترعه البشر في مخيلتنا. الإله الذي يمكن تخفيضه إلى حدود منطق العقل البشري لا يمكن أبدا أن يكون الله الحي الحقيقي. ليس هو الله الحي الحقيقي للكتاب المقدس والكنيسة المسيحية: "هُوَذَا اللهُ عَظِيمٌ وَلاَ نَعْرِفُهُ وَعَدَدُ سِنِيهِ لاَ يُفْحَصُ" (أيوب 36: 26؛ 11: 7-8). قال الرب الإله خلال النبي إشعياء: "لأَنَّهُ كَمَا عَلَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ هَكَذَا عَلَتْ طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُم" (إشعياء 55: 9). ينبغي أن يخدم العقل البشري الوحي الإلهي باتضاع، ولا يحكم عليه. ينبغي أن يخضع العقل البشري لحكمة الله. الإله الحقيقي هو أعلى من منطق العقل البشري المحدود، لأنه غير مخلوق لانهائي، في حين أن العقل البشري مخلوق محدود. عقيدة الثالوث الأقدس موحى بها في الكتاب المقدس. لا يمكن إثباتها بالعقل البشري. لكنها لا تناقض منطق العقل. يحتاج الجنس البشري أن يقبل بالإيمان إعلان الله عن نفسه في الوحي الإلهي في الكتاب المقدس. ينبغي تقديم الوحي الإلهي على المنطق البشري. أدرك القديس أوغسطينوس أنّ الله ترك آثارا وعلامات ثلاثية في كل مكان حولنا. الأمثلة على ذلك تكثر. تتألف الشمس من مادتها/جسمها، وهجها/ضوئها، وحرارتها. تتكون الشجرة من جذرها، فروعها/ساقها، وثمارها. عند النقطة الثلاثية للماء (في علم الطبيعة)، يوجد الماء بشكل سائل، وغاز (بخار)، وثلج في آن واحد. يتكون الكون المرئي من الفضاء، والمادة/ الطاقة، والزمن. يتطلّب الفعل الإنساني للفهم العقل، مواضيع الفهم، والإدراك/الفهم. يتطلّب الحبّ مُحبّا، محبوبا، وعاطفة الحبّ التي تضم الثلاثة في واحد. كما أن الله مثلث الأقانيم: عقل، وكلمة/حكمة، وروح في واحد. الإنسان الذي خُلِق علي صورة الله (تكوين 1: 26-27) يتكون من عقل، وفكر (كلمة)، وروح متحدين في إنسان واحد. الفكر (الكلمة) مُنجبة/مولودة من عقل الإنسان، وروحه منبثقة منه. على نفس النمط، الإبن مُنجب/مولود من الله الأبّ، والروح القدس منبثق من الآب. نرى في كلّ هذه الأمثلة وحدة ومساواة وتمييز. رغم أنّ في هذه الأمثلة المساعدة تشابه، وإشارة وإيحاء إلى الثالوث الأقدس، هي ليست كاملة التشابه. وهكذا، فإن الكون الذي قد خلقه الله يشهد ويؤكد طبيعة خالقه المثلثة، التي هي التعبير الكامل عن كيانه. بينما تنتشر في الطبيعة المخلوقة أمثلة عن وحدة الثالوث الأقدس، لا يمكن العثور على أي كائن طبيعي مخلوق ذي وحدة غير متميزة مثل الإله الوحيد الشخصية. |
02 - 09 - 2024, 02:20 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: لا يمكن للإنسان وهو المخلوق المحدود أن يفهم بالكامل طبيعة خالقه اللانهائي
ميرسي على التأملات الجميلة ربنا يفرح قلبك |
||||
|