رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
انحرافه نحو الوثنيَّة: 5 فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلهَةِ الصِّيدُونِيِّينَ، وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ. 6 وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبَعِ الرَّبَّ تَمَامًا كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 7 حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ. 8 وَهكَذَا فَعَلَ لِجَمِيعِ نِسَائِهِ الْغَرِيبَاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ يُوقِدْنَ وَيَذْبَحْنَ لآلِهَتِهِنَّ. "فذهب سليمان وراء عشتروث آلهة الصيدونيِّين، وملكوم رجس العمونيِّين" [5]. التصق سليمان بالإلهة عشتروت Ashtaroth وهي فينوس Venus، إلهة كنعانيَّة ترتبط بالخصوبة. يرتبط الاسم بعشتار Ishtar في بابل وأشور، إلهة الحب الجنسي والأمومة والخصوبة. كانت الإلهة المؤنَّثة الرئيسيَّة في كل القبائل الكنعانيَّة. انتقلت عبادتها من صور إلى قرطاجنة حيث ازدهرت هناك جدًا. وهي إلهة القمر التي كان اليونانيُّون والرومان يعبدونها أحيانًا تحت اسم أفروديت Aphrodite وأحيانًا أخرى تحت اسم Urania وCoelestis وJuno وغيرها من الأسماء. لها أساطير وتقاليد خاصة بها. وكانت كاهناتها يمارسن الدعارة رسميًا. كانت عبادتها ترتبط مع عبادة إله ذكر يدعى "البعل". رمزت هي والبعل إلى القمر والشمس. في عهد يوشيا حُرمت عبادتها في إسرائيل تحريمًا قاطعًا (2 مل 23: 13). يقدِّم لنا Millon قطعة أدبيَّة عن سقوط سليمان في إقامة مذبح للإلهة عشتروت، فيقول: "عشتروت التي يدعوها الصيدونيُّون عشتار، ملكة السموات لها قرنا هلال، هذه التي تشرق ببهاء صورتها في الليل بالقمر؛ عذارى صيدون يقدِّمن لها نذورهن وأغانيهن. لن يتوقَّفن عن الغناء في صهيون حيث يقفن صفوفًا طويلة. أقيم هيكلها على جبل المعصية، بواسطة الملك المغرم بنسائه وخاضعًا لهن، قلبه وإن كان متَّسعًا، لكنَّه انحرف نحو الأصنام الدنسة بالوثنيَّات الجميلات. لقد فقد الفردوس!" يرى البعض أن سليمان قد مال وراء نسائه وبنى مذابح لآلهة غريبة حيث قدَّمت الذبائح ورفع البخور، لكن لم يذكر الكتاب المقدَّس أنَّه اشترك في هذه العبادة أو قدَّم بنفسه ذبائح أو بخورًا. ملكوم Milcom أو Moleck رجس العمونيِّين: اسم كنعاني معناه "ملك" (لا 18: 21)، ويسمَّى مولوك (أع 7: 43). كان العمونيُّون يذبحون له ذبائح بشريَّة. يقول الربيُّون أن صنمه كان من نحاس، له رأس عجل عليه إكليل، وكان الصنم والعرش مجوَّفين. كانوا يشعلون النار في التجويف، حتى تبلغ الحرارة إلى اليدين فيحمرَّان، ويلقي الكاهن بالطفل على الذراعين فيحترق بسرعة ولا يسمع أحد صراخ الطفل وسط صوت الطبول. سقط اليهود في هذه العبادة التي ندَّد بها الأنبياء بكل شدَّة على ممر الأجيال، لكن اليهود تشبَّثوا بها، فحلّ غضب الرب عليهم بسببها. يبدو أن مولك كان ملك جهنَّم حسب رأي الكنعانيِّين الوثنيِّين. يرتبط ملكوم بالإله كموش Chemosh رجس الموآبيِّين. دُعي الموآبيُّون أمَّة كموش (عد 21: 29) وشعب كموش (إر 48: 46) نسبة إلى إلههم. الإله كموش هو إله الشمس، كان يعبد كملك على شعبه وإله الحرب، وضعت صورته على بعض العملات حاملًا سيفًا أو رمحًا أو درعًا وعلى جانبيه يوجد مشعلان (عد 21: 29). في النقش الذي على الحجر الموآبي ينسب الملك ميشع (2 مل 3: 4) انتصاراته إلى الإله كموش. كانت علاقة قرابة بينه وبين ملكوم إله العمونيِّين (قض 11: 24؛ 1 مل 11: 5)، وتشترك عبادة الاثنين في تقديم الأطفال ذبائح لهما (2 مل 3: 27). "وعمل سليمان الشرّ في عيني الرب، ولم يتبع الرب تمامًا كداود أبيه. حينئذ بنى سليمان مرتفعة لكموش رجس الموآبيِّين على الجبل الذي تجاه أورشليم، ولمولك رجس بني عمون" [6-7]. للأسف بعد بنائه الهيكل الذي يُنظر إليه كأقدس موضع في العالم في ذلك الحين أقام مرتفعات، مثل مرتفع توفه. اختلفت ابنة فرعون عن بقيَّة النساء، فلم نسمع عنها أنَّها أقامت هيكلًا للإله آمون Ammon أو الإلهة Isis. واضح أن الجبل الذي تجاه أورشليم هو جبل الزيتون (زك 14: 4). يُدعى في العصور الحديثة "جبل المعصية Mount of Offence" بسبب العبادة الوثنيَّة التي بدأت عليه في أيَّام سليمان. وقد جاءت هذه الهياكل في واجهة هيكل يهوه. وقد جاءت بركة سلوام مقابل جبل المعصية وعلى بعد عدَّة ياردات منه: فكان الكهنة العاملون في الهيكلين (هيكل الرب وهيكل الوثن) يسحبون المياه اللازمة لهم من ذات المصدر. يقول الرحَّالة الشرقيُّون المبكِّرون أنَّه في أيَّامهم كان الحي الشمالي هو موقع مرتفع كموش، والحي الجنوبي خاصًا بمولوك. كنَّا قبلًا نسمع عن سليمان المحبوب من الرب (2 صم 12: 24)، والذي يجد فيه مسرَّته (1 مل 10: 9)، الآن نسمع أن الله قد غضب عليه لأنَّه انحرف إلى الخطيَّة. لقد سبق أن تراءى له مرة قبل بناء الهيكل، ومرة أخرى أثناء تدشين الهيكل، فصارت هاتان الرؤيتان الإلهيَّتان دينونة لسليمان الذي لم يثبت في التصاقه بالرب بأمانة كاملة. بالرغم من إصلاحات آسا ويهوشافاط ويوآش وحزقيا بقيت مواضع الذبيحة هذه حتى أيَّام يوشيا. ولعلَّها تُركت كمواضع عبادة للغرباء القادمين إلى أورشليم أو القاطنين بجوار أورشليم للتجارة. "وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتي كن يوقدن ويذبحن لآلهتهن" [8]. كان الوثنيُّون عادة يقدِّمون البخور أولًا وبعد ذلك الذبائح الحيوانيَّة، خاصة في عبادة Hither Asia. ولعلَّ تقديم البخور أولًا قبل الذبائح كان عادة تسلَّمتها الأجيال بعد السقوط مباشرة، بكونها رمزًا للصلاة والتضرُّع لله ثم إعلان الحاجة إلى المصالحة خلال الدم. لعلَّ إرميا النبي كان يتطلَّع إلى سليمان الساقط حين سمع صوت الرب يوبِّخ الشعب المرتدّ، قائلًا: "هل بدَّلت أمَّة آلهة وهي ليست آلهة؟! أمَّا شعبي فقد بدّل مجده بما لا ينفع. اِبهَتي أيتها السموات من هذا واقشعرِّي وتحيَّري جدًا يقول الرب، لأن شعبي عمل شرِّين: تركوني أنا ينبوع المياه الحيَّة لينقروا لأنفسهم آبارًا لا تضبط ماءً" (إر 2: 11-12). حقًا يليق بنا أن نقدِّم مرثاة على سليمان، إذ نقف في حيرة نتعجَّب كيف صار ذاك الذي طلب الحكمة السماويَّة ليسلك كسماوي ترابًا، والذي صار الذهب حوله بلا حصر قد صار هو نفسه زغلًا! الحكيم الذي جاء إليه ملوك الأرض يستشيرونه صار غبيًا بغباوة هؤلاء الوثنيَّات. الشيخ صار عبدًا لشهوات شبابيَّة. الذي كرّس بدء حياته الملكيَّة وطاقات شعبه وطاقات الأمم لبناء الهيكل يبني مذابح وثنيَّة! |
|