رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"آنية زيت الحكمة" بين كاتبي سفر الحكمة والإنجيل الأوّل الكلمة الإلهيّة نور بين العهديّن، فهذا ما أكتشفه من خلال جمال الدراسة والتعمق في هذه السلسلة الكتابيّة الّتي ننمو بها مكتشفين الكثير من الأنوار والرسائل الإلهيّة الّتي لا تنقطع بفضل الكتب المقدسة. سنلتقي بالعهد الأوّل مع رسالة كاتب سفر الحكمة اليّوم (6: 12-16) عميقة في دعوته للقاء فتاة تستمر شابة بالرغم من الوقت والزمن إلّا أن من يرغبها يفاجأ بأنه لا يتمكن من الإستغناء عنها. أمّا بالعهد الثاني سنتوقف أمام مثل شهير بحسب إنجيل متّى (25: 1-13)، حيث يدعونا إلى الدخول في أفق التاريخ والعيش في الزمن الإلهي من خلال إهتيارنا الحكيم أمّ الجاهل! وهنا عامل الزمن المسيحي وهو زمن يسكنه الانتظار، ويهدف إلى اللقاء. وهذا يجعل نوعية وقت الإنتظار يختلف. يدعونا كلا النصيين إلى التمتع بحمل شيئين لا يمكن أن يحملهما أي آخر بدلاً عنك. مُلاقاة فتاة الحكمة (حك 6: 12- 16) يُذكرنا مقطع العهد الأوّل إلى قول لّاهوتي في الدراسات الكتابيّة، وهو جون فون راد القائل بأن الكتب الحكميّة في الكتابات اليهوديّة المسيحيّة تظهر لنا إسرائيل أمام أدوناي، إيّ الإنسان أمام إلهه. وهذا الشكل من الكلمة البشرية افترضته كلمة الله أيضًا لتكون قادرة على التواصل إلى الإنسانية. إنّ تجاوب الإنسان مع الله الّذي يتصرف ويتكلم متخذاً شكل الحكيم. ففي سفر المزامير "البطل" هو الكلمة الّتي استجاب بها إسرائيل لإلهه بالتوجه إليه في الصلاة، أو بالترنم بأعماله، أو بالصراخ في موقف الاختبار. لكن في كتب الحكمة الأخرى، الحياة هي البطل! إن حياة إسرائيل تصير بمثابة إستجابة الشعب لإلههم. لذا سنتوقف في الكتب الحكميّ على الحِكمة تأتي لِمُلاقاةِ الإنسان، ففي هذه الآيات القليلة يصف الكاتب الحكمة بالفتاة الّتي تصير فرحة لـمَن يجدها، هذا هو اللقاء الّذي يغير حياة الإنسان ويجعل حياة الرجل تتحقق معها بالكامل: «الحِكمةُ ساطِعةٌ لا تَذبُل تَسهُلُ مُشاهَدَتُها على الَّذين يْحِبَونَها وَيهتَدي إِلَيها الَّذينَ يَلتَمِسونَها تَسبِقُ فتُعَرِّفُ نَفْسَها إِلى الَّذين يَرغَبون فيها. ومَن بَكَّر َفي طَلَبِها لا يَتعَب لأنّه يَجِدُها جالِسةً عِندَ بابه» (6: 12-14). تُعاون وتتنتظر، السيدة الحكمة، مَن يرغب في الإرتباط بها إذ ينمو في علاقته بالله وبالآخرين. هذا يصير نوع من تجاوب المؤمن لله في معايشته للحياة. أما الأحمق، لا يرتبط بهذه الفتاة ولا يرغب في التعّرف عليها، فهو إنسان ينكر الله والإنسان معًا. فوجوده ليس في الامتلاء، بل يتجه نحو الانغلاق والتعاسة. لذا يختم لكاتب هذا المقطع مشيراً إلى تفاعل الحكمة الّتي تأتي لملاقاة مَن يرغبها: «لأَنَّ الَّذينَ أَهلٌ لَها هي الَّتي تَجولُ في طَلَبِهم وفي سُبُلِهم تَظهَرُ لَهم بِعَطْف وفي كُل خاطِرٍ يَخطر لَهم تأتي لِمُلاقاتِهما» (6: 16). مما يدل على إمكانية الوصول إليها ليست بعيدة وليست أيضًا مستحيلة بالنسبة للشخصيّة البشريّة الّتي ترغب فيها حقًا. ومن هنا تأتي دعوة كاتب النص الحكميّ الواضحة لكلًا منا كيف في كلماته إلى قراءة العلاقة بين هذا الإعلان عن حكمتين الأوّلى قريبة والأخرى مُتاحة. يشدد هذا النص على أنّ الحكمة نفسها هي الّتي تبحث عن أولئك الّذين يرغبون فيها وتجد نفسها. إذن عامل الرغبة في نوال نعمة الحكمة لابد منه من قب الشخصية البشريّة. وهذا ما سنتعمق فيه، بشكل آخر، من خلال تعليم يسوع بالأمثال. |
|