منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 24 - 03 - 2024, 08:07 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,538

اتَّخذ بولس مثلاً معروفًا في العالم اليونانيّ والرومانيّ






أنختار العبوديَّة أم الحرِّيَّة؟

السؤال الأساسيّ في هذه الرسالة هو الخيار بين حالة وحالة: أنتم تحرَّرتم، صرتم أبناء إبراهيم، فهل تريدون الرجوع إلى العبوديَّة؟ فالحرِّيَّة الحقَّة لا تكون بارتباطنا بإبراهيم على مستوى اللحم والدم، ولا تكون بانتمائنا إلى الشعب اليهوديّ الذي يخطأ كما تخطأ الشعوب الوثنيّة بحيث إنَّ الناس يستهينون باسم الله بسبب تصرُّفات تخالف وصايا الله. »تفتخر بالشريعة وتهين الله بعصيان الشريعة« (رو 2: 23).

أ- الشريعة عبد

اتَّخذ بولس مثلاً معروفًا في العالم اليونانيّ والرومانيّ: الطفل في البيت. لا حقوق له. يأخذه العبد إلى المدرسة، ويعود به. وإن أخطأ في شيء لا يُضرَب هو بل العبد. نحن نفهم أن يتصرَّف الطفل بهذا الشكل. ولكن هل يريد المؤمن في غلاطية أن يبقى تحت سلطة العبد حتّى النهاية؟ هذا ما لا يقبل به إنسان عاقل.

الطفل قاصر. ولكنَّه يبلغ سنَّ الرشد فيتحرَّرُ من وصاية العبد. من يجعله ابنًا ويسلِّمه ماله؟ والده. والغلاطيّون كانوا قاصرين حين حمل إليهم الرسول الإنجيل. دعاهم الرسول، قال لهم إنَّ »المسيح افتداهم من حكم الشريعة« (غل 4: 5). فلماذا العودة إلى الوراء؟ »صرتم أبناء الله«، فلماذا تريدون الرجوع إلى »حكم الأوصياء والوكلاء« (آ2)؟

من يستعبد المؤمن؟ ذكرَ الرسولُ »قوى الكون الأوَّليَّة« (آ3): هناك قوى في الكون يؤلِّهها الإنسان ويخاف منها، فيجعل نفسه عبدًا لها. يخاف من الكواكب ودورانها، يخاف من الحظِّ والفأل، ويتشاءم من يوم من الأيّام وشهر من الشهور. كان الرومان ينظرون إلى طيرانِ طيرٍ يرسلونه في الهواء. أو ينظرون في إمعاء حيوان من الحيوانات. والعرّاف هو هنا. وكذلك الذي »يكتب« كتابة تقيِّد الإنسان وتمنعه من التحرُّك. أيُّها الغلاطيّون، أنتم بعدُ عبيد لهذه »القوى« التي ليست بشيء. في الماضي، صنع الإنسان الصنم وخاف منه وقدَّم له ابنه ذبيحة. وتأخَّر لكي يرى فيه بعض الحجر والخشب مع قشرة من الفضَّة والذهب.

قال بولس: »في الماضي كنتم تجهلون الله، فكنتم عبيدًا لآلهة، ما هي بالحقيقة آلهة. أمّا الآن، بعدما عرفتم الله، بل عرفكم الله، فكيف تعودون إلى عبادة قوى الكون الأوَّليَّة الضعيفة، الحقيرة، وتريدون أن تكونوا عبيدًا لها كما كنتم من قبل« (غل 4: 8-9) كيف تمزجون الله مع قوى الكون المخلوقة، سواء كانت منظورة أو غير منظورة؟ كيف تتوقَّفون عند »الأيّام والشهور والفصول والسنين؟« (آ10). كم يتوجَّه هذا الكلام إلينا في هذه الأيّام: ننظر إلى الأبراج، نجمع الأرقام والأعداد.

بعض الغلاطيّين يشاركون في أعياد تكرَّم فيها الكواكب والنجوم، ويأتي من يقرأ طالع كلِّ إنسان. ونبَّه الرسول في موضع آخر من »عبادة الملائكة وما يُرى من رؤى« (كو 2: 18). ويواصل بولس: أنتم تخلَّصتم من كلِّ هذا، فلماذا تعيشون في هذا العالم وكأنَّكم تنتمون إلى مثل هذه الفرائض؟

واليهود كانوا يعتبرون أنَّ الملائكة حملوا الشريعة (غل 3: 19)، خضعوا للشريعة الموسويَّة، وحين يأتي المسيح فهو يحرِّرهم منها، كما يحرِّرهم من تقليد نَسب إلى الملائكة قيادةَ العالم السماويِّ وخصوصًا النجوم.

المؤمن لا يخضع لأيَّة خليقة، ولا يكون عبدًا لأيَّة قوَّة مخلوقة. إنَّه يخضع فقط لخالقه بعد أن صار ابنًا لله بواسطة المسيح. قال الرسول: »ما أنتَ بعد الآن عبد، بل ابن، وإن كنتَ ابنًا فأنت وارثٌ بفضل الله« (غل 4: 7).

ب- المسيح حرَّرنا

إذا أنت ابن، أيُّها المؤمن، فلماذا تجعل نفسك بإمرة عبد؟ الله عرفك معرفة شخصيَّة حميمة، فلماذا تحاول الابتعاد عنه مثل الابن الضالّ؟ دعاك إلى وليمته، فماذا تنتظر لتدخل؟ تبنّاك، علَّمك الروح أن تناديه »أبّا« كما الأطفال ينادون والديهم، فلماذا لا تتعامل معه بدالَّة الأبناء الأحبّاء؟ إذا كان الغلاطيّون لا يعيشون على هذا المستوى، يستطيع الرسول أن يعلن: »تعبتُ عبثًا، بلا فائدة« (4: 11).

الابن حرّ. الابنة حرَّة. من حرَّرهما؟ المسيح. هو »حرَّرنا لنكون أحرارًا«. (غل 5: 1). وغريب هذا الإنسان! كم يريد أن يكون عبدًا! للأصنام. للأشخاص. للجماعات والأحزاب. لأمور عديدة لا يفهم معناها في هذا العالم. هو يشبه ولدًا يمشي في الليل وحده، يريد أن يتمسَّك بشيء، أن يستشفَّ نورًا في البعيد. وإذا كانت يد أبيه تمسك بيده، هل يخاف بعد؟ كلاّ. ونحن ننسى أنَّ الله أبونا: لا يتركنا، لا يرخي بنا الأيدي. حتّى لو تركتنا أمُّنا، فهو لا يتركنا. فلو كان لنا الإيمان العميق، تزول من رأسنا المخاوف العديدة التي نتخيَّلها. نريد أن نعرف الغد وما يخبِّئه لنا. ولكنَّ يسوع قال لنا: »لا يهمُّك أمر الغد، فالغد يهتمُّ بنفسه« (مت 6: 34).

ولكن هناك حرِّيَّة ننساها مرَّات عديدة، هي التي تجعلنا نعيش بحسب الروح. فلمذا نريد العيش بحسب العنصر البشريّ، بحسب اللحم والدم والميل إلى الخطيئة؟ فهل نكون أحرارًا حين نرضي فينا الإنسان القديم؟ هل نكون أحرارًا حين نعيش الفلتان وكأنَّ لا رادع يردعنا؟ قال الرسول: »فأنتم، يا إخوتي، دعاكم الله لتكونوا أحرارًا، ولكن لا تجعلوا هذه الحرِّيَّة حجَّة لإرضاء الشهوات البشريَّة« (غل 5: 13). نحن نميِّز بين »الجسد« الذي هو للقيامة، وبين اللحم والدم، أي العنصر البشريّ، هذا الذي يجتذبنا إلى الخطيئة.

وكيف نعرف إن كنّا أحرارًا أم عبيدًا؟ من الثمار التي نحمل. أمّا الثمرة الأولى التي هي بنت الروح فالمحبَّة. ومنها ينبع الفرح، السلام، الصبر، اللطف، الصلاح، الأناة، الوداعة، العفاف (غل 6: 22-23). من تكون له مثل هذه الثمار؟ ذاك الذي صلب بشريَّته (لا: جسده) بكلِّ ما فيها من أهواء وشهوات (آ24). وحده »المصلوب« يعرف الحياة الجديدة، وحده »المصلوب« لا يحتاج إلى »شريعة«. فشريعته هي المسيح.

وإذا كان الإنسان يعيش في »الزنى والدعارة والفجور وعبادة الأوثان والسحر والعداوة والشقاق والغيرة والغضب والدسّ والخصام والتحزُّب والحسد والسكر والعربدة« (آ19-21)، أتُرى الذين يقومون بمثل هذه الأعمال يعيشون بحسب الروح؟ أتراهم أحرارًا أم عبيدًا لشهواتهم؟ أتراهم لبسوا المسيح من أجل حياة جديدة؟ والجواب لا يمكن أن يكون نعم. بما أنَّهم جعلوا الصليب جانبًا، فماذا يبقى لهم؟ ويتابع الرسول: »الذين يعملون هذه الأعمال لا يرثون ملكوت الله« (آ21). بل »يرثون البكاء وصريف الأسنان« (مت 13: 42).

الخاتمة

جلسنا مع الجماعات المسيحيَّة في غلاطية، وقرأنا هذه الرسالة التي وصلت إليهم. عرَّفنا بولس بنفسه. هو رسول. عرَّفنا برسالته: إعلان الإنجيل إلى الأمم الوثننيَّة. وهذه الرسالة التي نالها من المسيح القائم من الموت، شأنه شأن الرسل: »كما أرسلني الآب أرسلكم أنا أيضًا« (يو 20: 21). أمّا الخلاص الذي يبشِّر به، فهو عطيَّة مجّانيَّة للبشر كلِّهم، لليهوديّ ولليونانيّ، للحرِّ وللعبد، للرجل وللمرأة، والإنجيل الذي يعلنه هو إنجيل الحرِّيَّة التي نلناها بصليب يسوع. فلا قوَّة تقيِّدنا بعد اليوم، بل حبُّ الله وحده. ولا أحد يستعبدنا، ولا شيء، إلاَّ إذا نحن طلبنا العبوديَّة: عبوديَّة الناس، عبوديَّة الأصنام، عبوديَّة الشهوات والأهواء. يبقى علينا أن نكتشف في صليب المسيح التدخُّل الذي به أعطى الله للتاريخ معناه، فيحقِّق قصده الخلاصيّ في المسكونة كلِّها.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
دُعِيَ ربنا مسكينًا، لأنه اتَّخذ صورة الإنسان المسكين
ألا تكون معروفًا عند الناس
اتَّخذ موقف العدل تجاه من حكموا عليها
لأني كنت معروفًا عندك قبل أن أولد من رحم أمي
«اصنع لنفسك معروفًا .. واغفر


الساعة الآن 08:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024