رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التَّحذيرات: لا يقدم لنا المثل تعليمات حول الأمانة والمَسْؤوُلِيَّة والسَّهر على مواهبنا ووَزَناتنا فحسب، إنما أيضًا يُنبِّهنا عن ثلاثة تحذيرات: التَّحذير الأول: يحذِّر المسيح تلاميذه إن الوَزَنات ليست فقط رأس المال وأرباح، وإنّما هي رمز أيضًا إلى مُؤَهّلات يضعها الله فينا، حينما يُرسِلُنا إلى هذا العَالَم للمُشاركة في بنائه وإصلاحه، كما قال بولس الرسول "إنَّ المَواهِبَ على أَنواع ...، وإِنَّ الخَدْماتِ على أَنواع ...، وإِنَّ الأَعمالَ على أَنواع، لِكُلِّ واحِدٍ يوهَبُ ما يُظهِرُ الرُّوحَ لأَجْلِ الخَيرِ العامّ"(1 قورنتس 12: 4-7). هذه هي مُهمتنا في التَّاريخ وفي الكنيسة والعَالَم. ومن هذا المنطلق، يتوجب على كلّ إنسان تحمل مسؤولِيّته وتتميم وظيفته، مثلَما أُعطِيت له، في المجال المناسب. يدعو المؤمن إلى العمل لكي تثمر المواهب التي أعطيت له. فلا يكفي تقبُّل الكلمة، بل لا بُدَّ أن تُثمر. مَلَكُوت الله هو رأس مال سُلِّم إلى أيدينا، فلا يحق لنا أن نتركه لا يثمر، نعمة الخَلاص والإنجيل هي أمانه ووديعة (1 تسالونيقي 2: 4؛ 1 طيموتاوس 1: 11). فإن لم نكن أمناء لهذه الوديعة نُحرم منها ونصير فارغ الأيادي يوم الدَّينونة. وكل ما نمتلك في هذه الدُّنيا هو عابر، فان لم نستثمره نخسره. يتمُّ التَّحذير في الحكم النّهائي حينما يطلب المسيح من كلّ واحدٍ حسابًا عن حياته. ولا يحق لنا أن نظهر أمام العرش الإلهي وأيادينا فارغة أو فقط بما أُوتينا من رأس مال لم نُتاجر به. المطلوب في تلك اللحظة هو الأعمال والخَدمات والحسنات الّتي قمنا بها أثناء حياتنا، وهي وحدها الّتي تُدافع عنا وتشهد لنا لنيل الرّحمة وإكليل المجد الأبدي. التَّحذير الثَّاني: يحذّر يسوع تلاميذه من خطر التَّمسك بصفات الخَادِم الشِّرِّير، فهو خادمٌ كسولٌ وجبان وبطَّال وعديم الثِّقة بسَيِّده، لا يُحِبُّ الجُهْد والمثابرة ومتابعة سير التِّجارة عن كَثب والمُجازَفَة. إنه يعاني من عدم الثِّقة في نفسه، انه يشعر نفسه أنه أضعف من أن يؤدِّي عملا كبيرًا، فلم يُحرِّك ساكنًا ولم يَقُم بأيِّ مشروع يستفيد منه هو وسَيِّده الّذي أثمنه على ماله (متى 25: 25-27)، فخسِر بالتَّالي المال المُوكل إليه وخسر نفسه (متى 25: 30). ولذلك فان يسوع يطلب منا أن نتجنب مواقف العبد الشِّرِّير وأعماله، والاستسلام إلى الكسل والخُمول الرُّوحي التي تؤدِّي إلى دينونة الهلاك. وَيُحَذِّرُ المثلان تَلَامِيذَ المسيح مِنْ خَطَرِ تَنْمِيَةِ صِفَاتِ الخَادِم والشِّرِّير وهي: الشَّر والكسل والبطالة. التَّحذير الثَّالث: يحذِّر متى الإنجيلي أبناء الكنيسة من الدَّينونة القريبة من خلال عقاب الخَادِم الشِّرِّير (متى 25: 31-46)، لان "الرَّبّ يُجازي كُلَّ امرِئٍ على قَدْرِ أَعمالِه (متى 16: 27). ويُشدِّد المثل على العمل الذي يتعيَّن على تلاميذه أن ينشغلوا به أثناء غيابه وكيف يُجازيهم عند عودته. والوَزْنَة تمثِّل ما يملكه كلُّ واحدٍ من المؤمنين. فالعامل الذي يشتغل بجد واجتهاد، ويستعد لمجيء الرَّبّ مستثمرًا وقته ووزنته في خدمة الله والقريب، سيكافأ، أمَّا العامل الذي ليس قلبه على عمل في سبيل المَلَكُوت فسيعاقب. الله يُكافئ الأمناء، أمَّا الذين لا يُثمرون لمَلَكُوت الله، فلا يُمكن أن ينتظروا أن ينعموا بالمَلَكُوت. فإذا أردنا أن نشارك في الخَلاص، لا يكفي أن نسمع كلمة الله، بل يجب أن نحفظها ونتركها تثمر فينا، فلا نتشبَّه بالخَادِم الشِّرِّير الكسلان الذي لم يستثمر الوَزْنَة التي أعطيت له فدفنها في الأرض، فصارت دينونة له ونقمة، بدل أن تكون نعمة وبركة. ما هو موقفنا من الرَّبّ يسوع المعلّم والسَّيد؟ هل نقول له أمهلنا بعض الوقت كي تُثمر مواهب الحبّ فينا؟ متى حان الوقت تأتي الدَّينونة. لنتعلّم من هذا المثل أن مستقبلنا يتوقّف على الطريقة التي نستخدم بها مسؤوليتنا في هذه الحياة وأمانتنا للوَزَنات التي استلمناها. |
|