منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 12 - 06 - 2014, 05:18 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

سلوكيات الشباب المسيحي
أبنائي وأحبائي شباب الكنيسة.. أريد أن أتخاطب معكم، وأذكركم بقول الكتاب المُقدَّس لنا:
"اذكُرْ خالِقَكَ في أيّامِ شَبابِكَ" (جا12: 1).


فكيف نذكر خالقنا في أيام شبابنا؟

أيام قوتنا الروحية والجسدية.. الأيام التي أستطيع أن أهديها لسيدي ومُخلِّصي وفاديّ يسوع المسيح.. أُقدِّم له كل ما أملك وهو باكورة حياتي (شبابي).. لكي يقبلها السيد المسيح ويشتم رائحتها مثل رائحة بخور عطر تفوح رائحته لتملأ كل بيوتنا، كما فاحت رائحة الطيب في بيت سمعان الأبرص، عندما جاءت مريم بقارورة الطيب الناردين الكثير الثمن، وسكبته على قدمي مُخلِّصنا الصالح.. فامتدحها السيد المسيح بل قال: "حَيثُما يُكرَزْ بهذا الإنجيلِ في كُل العالَمِ، يُخبَرْ أيضًا بما فعَلَتهُ هذِهِ تذكارًا لها" (مت26: 13).
أين نحن يا شبابنا المبارك من تعاليم السيد المسيح.. "إنَّ بَيتي بَيتُ الصَّلاةِ" (لو19: 46).. هل نحن بالفعل نحيا هذه الآية؟
بل أصبح تواجدنا في الكنيسة لمجرد المقابلات والعلاقات الاجتماعية، وحضورنا للكنيسة أصبح في مناسبات معينة وفي اجتماعات معينة.. والهدف الأساسي ليس هو حضور الاجتماع أو القداس.. بل لنتقابل بعضنا مع بعض كما نتقابل في كلياتنا أو النادي أو ماشابه ذلك.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
أحيانًا كثيرة..

* نقضي وقتًا كثيرًا جدًا في الكنيسة (اسمًا فقط)، ولا ندخل الكنيسة نفسها التي يُصلى فيها القداس أو يُقام فيها الاجتماع.. بل نظل كل الوقت في الفناء أو أمامه أو أمام المكتبة أو في الكافيتريا أو....
* نقضي ساعات طويلة في حلقات ضحك ولهو ونكت وصوت عالي وغيره... ولا نفكر نهائيًا أن ندخل كي نستفيد من القداس أو من الكلمة التي تُقال في الاجتماع.. بل من الممكن أن يعلو صوتنا داخل الفناء لدرجة أنه يُغطي على صوت الكاهن المُصلي أو المُتكلم، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.. وحينما توجه لنا أي ملاحظة نتذمر ونتضايق ويكون رد فعلنا غريبًا.. (يعني نقف في الكنيسة ونبقى في حضنها ولا نخرج في الأماكن الأخرى أو في الشوارع أو النوادي أو غيره.. أنتم عايزين مننا إيه بالظبط!).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
هل من اللائق بنا كشباب مسيحي أن نحيا هذه الحياة؟


مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
نقطة أخرى أصبحت ظاهرة منتشرة الآن بين شبابنا، وهي بعض قصات الشعر وعمل شعر الرأس بشكل معين أو قصة معينة، ونتباهى ونقول هذه القصة هي قصة الفنان الفلاني أو المغني الفلاني أو أو.... وننسى كلام مُعلِّمنا بولس الرسول الذي قال لنا: "لا تُشاكِلوا هذا الدَّهرَ" (رو12: 2).
*هل هذا المنظر عندما نتشبه به يكون لنا فيه صورة المسيح الذي قال:"تعَلَّموا مِني" (مت11: 29)؟
* فماذا نتعلم من السيد المسيح عندما نتمثل بأهل العالم ونتشبه بهم في مظهرهم العام؟
*أين نحن من المبدأ الذي نحيا به: "كُلُّ الأشياءِ تحِلُّ لي، لكن ليس كُلُّ الأشياءِ توافِقُ" (1كو6: 12)؟
*هل بسلوكنا هذا نُقدِّم للآخرين صورة المسيح.. أم ماذا نُقدِّم لهم؟
تعالوا بنا نتذكر الآية القائلة: "صِرنا مَنظَرًا للعالَمِ، للمَلائكَةِ والناسِ" (1كو4: 9). فما هو منظرنا الذي نقدمه للعالم كله، وللناس الذين نعيش في وسطهم؟
* أين نحن من الوصية القائلة لنا: "عيشوا كما يَحِقُّ لإنجيلِ المَسيحِ" (في1: 27)؟
* هل إنجيل السيد المسيح قال لنا نُماثل أهل العالم في سلوكياتهم وتصرفاتهم وأسلوبهم في التخاطب؟
نقطة أخرى نقع فيها دون أن ندري ما هي أبعادها وخطورتها على حياتنا الروحية.. وهي التكلّم والتخاطب ببعض الألفاظ التي يتخاطب بها أهل العالم..
تعالوا بنا نرى مُعلِّمنا يعقوب الرسول يخاطبنا عن اللسان وماذا يخرج منه: "وأمّا اللسانُ، فلا يستطيعُ أحَدٌ مِنَ الناسِ أنْ يُذَللهُ. هو شَرٌّ لا يُضبَطُ، مَملوٌّ سُمًّا مُميتًا. بهِ نُبارِكُ اللهَ الآبَ، وبهِ نَلعَنُ الناسَ الذينَ قد تكَوَّنوا علَى شِبهِ اللهِ" (يع3: 8-9).
فهل الفم الذي نُبارك به الله نلعن به الآخرين أيضًا؟! هل اللسان الذي يبارك الله في الصلوات ويقول: "قدوس قدوس قدوس".. هو نفسه الذي يقول بعض الألفاظ التي لا يجب أن نسمعها من الأصل؟ ويتطور بنا الموقف بأن نسمعها ونتمتع بها وننطق بها.. هذه الكلمات التي نتلفظ بها سوف تؤدي بنا لبعض الخطايا الأخرى.. وهذا الأسلوب العالمي نحن غير مطالبين ولا ملزمين به لا بقليل ولا بكثير.
قد يدافع البعض ويقولون لازم نساير أهل العالم، لكي نقدر أن نعيش معهم أو نأخذ حقوقنا. لأننا عندما نقول صدقني أو الله يسامحك أو... تؤخذ عنَّا فكرة أننا ضعفاء وليس لنا حيلة غير ذلك.
مَنْ قال هذا؟ الإنسان القوي هو الذي يستطيع بكلمة واحدة يقنع من أمامه بأسلوبه وبحياته.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
ما هو رأيكم في:

*مَنْ يقف داخل الكنيسة نفسها -وليس في فنائها- ويتكلّم بصوت عالٍ ويصيح ويلهو مع أصدقائه سواء كانوا أولاد أو بنات، ولا يأخذ في اعتباره أنه واقف في بيت الملائكة - والملائكة لغة تخاطبهم هي التسبيح المستمر؟! بل نتحدث في بعض الأحاديث العالمية التي لا يليق بنا أن نتحدث فيها حتى في فناء الكنيسة، ونتكلّم عن آخر فيلم وآخر مباراة وآخر نكتة وآخر وآخر... وننسى "ببَيتِكَ تليقُ القَداسَةُ" (مز93: 5).
* ومَنْ يقف في الكنيسة في فمه قطعة من اللبان كان قد وضعها في فمه قبل دخوله الكنيسة، وعندما دخل احتفظ بها ليستكمل مضغها.
هذا السلوك إنما يُعبِّر عن أن الإنسان ليس لديه فارق بين الشارع والفناء والنادي والكنيسة وغيرها...
نحن كشباب مسيحي إذا تركنا أنفسنا بدون ضابط أو رابط إلى أين سنذهب!! - هل نستطيع بهذه السلوكيات العالمية أن نُقدِّم للآخرين صورة حيَّة للمسيح؟ أين نحن من قول مُعلِّمنا بولس الرسول: "نَسعَى كسُفَراءَ عن المَسيحِ، كأنَّ اللهَ يَعِظُ بنا" (2كو5: 20)!!
نحتاج جميعًا إلى وقفة حساب مع النفس..
لكي نصحح هذا السلوك الغير لائق بنا كشباب مسيحي..
يشهد للسيد المسيح بحياته..
"كَيْ يَرَوْا أعمالكُمُ الحَسَنَةَ، ويُمَجّدوا أباكُمُ الذي في السماواتِ" (مت5: 16).
ربنا يبارك حياتكم.. ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
رد مع اقتباس
قديم 12 - 06 - 2014, 05:19 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

سلوكيات الفتاة المسيحية
أخواتي الأعزاء:
نحن جميعًا أبناء الملك السمائي مُخلِّصنا يسوع المسيح.. وما دمنا أبناء الملك فيوجد حدود لأبناء الملك في التصرفات.. في الزى.. في الكلام.. في السلوكيات العامة لحياتنا.
وما دمنا أبناء ملك فيجب علينا أن نحافظ على هذه الصورة الجميلة التي خُلقنا عليها.. فقد خُلقنا على صورة الله كشبهه.. "وقالَ اللهُ: نَعمَلُ الإنسانَ علَى صورَتِنا كشَبَهِنا" (تك1: 26).
فصورة الله كما تعودناها مليئة بالاتضاع، والمحبة، والصوت الوديع، والشكل الخارجي المهيب التي تجلت في صورة السيد المسيح.. "أبرَعُ جَمالًا مِنْ بَني البَشَرِ" (مز45: 2).
فملكنا كان وديعًا متواضعًا كل مَنْ رآه كان يحب أن يجلس تحت قدميه ليستمع له ويتعلّم منه.
والسيد المسيح وُلد من السيدة العذراء التي لا يشابها أحد في صفاتها.. فنحن نقول في ئيؤطوكية يوم الأربعاء: (تطلع الآب من السماء فلم يجد مَنْ يُشبهك أرسل وحيده أتى وتجسد منكِ).
فالسيدة العذراء هي أمنا كلنا، وهى مَثلنا الأعلى في التقوى والحشمة وكل شيء.. ونحن نتعجب مما يحدث الآن بينا.. ماذا حدث في هذا العصر؟ فقد قيل عنَّا:
* "أنتُمْ نورُ العالَمِ" (مت5: 14).
* "أنتُمْ مِلحُ الأرضِ" (مت5: 13).
* أنتم "رائحَةُ المَسيحِ الذَّكيَّةُ للهِ" (2كو2: 15).
* أنتم رسالة المسيح.. "أنتُمْ رِسالَتُنا، مَكتوبَةً في قُلوبِنا، مَعروفَةً ومَقروءَةً مِنْ جميعِ الناسِ. ظاهِرينَ أنَّكُمْ رِسالَةُ المَسيحِ" (2كو3: 2-3).
* أنتم مثل "خَميرَةً صَغيرَةً تُخَمّرُ العَجينَ كُلَّهُ؟" (1كو5: 6).
* أنتم "هيكلُ اللهِ، وروحُ اللهِ يَسكُنُ فيكُم؟ إنْ كانَ أحَدٌ يُفسِدُ هيكلَ اللهِ فسَيُفسِدُهُ اللهُ، لأنَّ هيكلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الذي أنتُمْ هو" (1كو3: 16-17).
فإذا كنا نحن كل هذا.. فلماذا نفرط في كل هذا المجد وهذه العظمة، ونتمثل بأهل العالم، ونتمثل في زيهم الذي أصبح اليوم يسيء لكل منَّا.. بل ويسيء للمسيحية عمومًا ولمسيحنا القدوس.
نحن (الكنيسة) لا تفرض لبس أو زى معين، ولا تفرض مَنْ يرتديه.. ولكن "كُلُّ الأشياءِ تحِلُّ لي، لكن ليس كُلُّ الأشياءِ توافِقُ" (1كو6: 12).. فما يوافق الآخر لا يوافقني أنا ابنة الملك.. فابنة الملك يجب أن يكون زيها يشرّف أبيها ولا يجلب عليه عارًا.

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
الإنسان المسيحي إنسانًا يحيا حياه الالتزام في كل شيء.. في الحياة الشخصية وحياته الروحية حياته العائلية وحياته العامة في المجتمع.. فنحن صورة المسيح أمام الجميع.
يقول لنا مُعلِّمنا بولس الرسول: "صِرنا مَنظَرًا للعالَمِ، للمَلائكَةِ والناسِ" (1كو4: 9)..فما هو هذا المنظر الذي صرنا فيه للناس.. هل نصير منظر يشمئز منة الكل.. أم نصير منظر يرى فيه الآخرين صورة المسيح.. "لكَيْ يَرَوْا أعمالكُمُ الحَسَنَةَ، ويُمَجّدوا أباكُمُ الذي في السماواتِ"(مت 16:5)؟
الفتاة المسيحية يجب أن يكون لها رونق مميز عن الآخرين.. فقديمًا كانت تعرف الفتاة المسيحية من بعيد من مظهرها الخارجي المحتشم الذي يجبر الكل أن ينظر لها نظرة احترام وتقدير.
وأما الآن فماذا يحدث في لبسنا، ومظهرنا الخارجي، وما نستخدمه من أدوات تجميل تزيد عن الحد الطبيعي الذي يجعل الطرف الآخر أن ينظر إلينا بنظرة غريبة.. إما نظرة احتقار أو افتراس!!
أتساءل مرارًا وتكرارًا ماذا يحدث في أفراحنا اليوم.. ماذا يحدث في حضورنا صلاة الإكليل (سر الزيجة)؟! اعلموا يا أخوتي أنه سر مُقدَّس مثل الإفخارستيا وسر المعمودية وسر الاعتراف وباقي الأسرار.
* هل يليق بنا أن نذهب إلى كنائسنا المليئة بالملائكة والقديسين لأننا نقول في تسبحة باكر: "السلام للكنيسة بيت الملائكة".. بهذه الملابس الغير محتشمة وهذا المنظر الخارجي الذي يوحى للآخرين أننا ذاهبون إلى حفلة في أحدى أماكن الحفلات الليلية؟
ماذا حدث لنا في هذا العصر وهذه الأيام..
* هل ذاب الملح وتلاشى في بحر العالم؟
* هل أنطفأ النور الذي ينير العالم وسط ظلامه الذي يتزايد يومًا بعد يوم؟
* هل ضاعت صورة السيد المسيح؟
* هل تلاشت رائحة المسيح الذكية؟
* هل تمزقت رسالة المسيح المقروءة للجميع وطُرحت في سلة المهملات؟
أين نحن الآن؟!
هل يليق بنا أن نذهب لحضور سر الزيجة المُقدَّس لمجرد تقديم التهنئة للعروسين واستعراض لمظهرنا الخارجي؟
ولا نكتفي بذلك.. بل قد يحدث أن نذهب بعد الإكليل في إحدى الأماكن التي يقيم فيها العروسين حفلًا مبهجًا للجميع، لكي نقضى باقي السهرة في فرح عالمي ولهو فاضح لا يليق بنا كمسيحيين وننسى نهائيًا أننا كنا في الكنيسة، وقد حل الروح القدس على العروسين وحولهم شخصًا واحدًا.،"إذًا ليسا بَعدُ اثنَينِ بل جَسَدٌ واحِدٌ" (مت19: 6).
الروح القدس الذي يحل على القربانة ويحولها إلى جسد حقيقي للسيد المسيح، ويحل على عصير الكرمة ويحولها إلى دم حقيقي للسيد المسيح.. هو نفسه الذي يحل على العروسين ويحولهم شخص واحد وكيان واحد.. فهل نخرج بعد ذلك لنضيع أقدس لحظات في عمرنا بالهو والغناء والرقص وغيره؟
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
ختامًا أقول:

الفتاة المسيحية التي ترتدي الصليب على صدرها يجب أن يكون كل تصرف في حياتها يمجد الصليب الذي ترتديه، وتمجد السيد المسيح نفسه"كَيْ يَرَوْا أعمالكُمُ الحَسَنَةَ، ويُمَجّدوا أباكُمُ الذي في السماواتِ" (مت5: 16).
ارجعوا إلى قول مُعلِّمنا بولس الرسول القائل لنا جميعًا:"لا تُشاكِلوا هذا الدَّهرَ" (رو12: 2).
إذًا.. فيجب عليكن أن تكن فتيات مميزات في كل شيء حسن عن أهل هذا العالم، ولا نتشبه بهم في أي شيء.
ربنا يبارك حياتكم .. ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 06 - 2014, 05:27 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

كيف.. ولماذا أعترف؟!

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

الراهب القس بطرس البراموسي

فهرس

أهمية سر الاعتراف
لماذا نعترف للكاهن؟
كيف اختار أب
ما هي حدودي مع أب الاعتراف؟


في إحدى الأيام طلب مني أحد الخدام بأن أقدم ندوة للشباب عن أهمية سر الاعتراف، والمشاكل التي تواجهنا في هذا العصر.. وباءت الندوة بأهمية هذا السر، ثم توالت بعض التساؤلات وطُلب الرد عليها.



أهمية سر الاعتراف:


سر الاعتراف هو السر الذي يُمارسه الإنسان لكي يقدم توبة عن كل ما فعله من خطايا وشرور، ويلقي بهذه الخطايا مُعترفًا بها وتائبًا عنها، ويعترف بها لله في سمع الأب الكاهن، فيقوم الأب الكاهن بصلاة التحليل للمُعترف، فتنتقل الخطية من حساب الشخص المُعترف إلى حساب السيد المسيح، فيغفرها له.

وعندما وصلنا إلى هذه النقطة.. قاطعني أحد الشباب المستمعين بسؤال:



لماذا نعترف للكاهن؟ فالكاهن هو شخص مثلنا.. نريد أن نعترف لله مباشرة.



نُعيد القول..

* إننا نعترف للسيد المسيح في سمع الأب الكاهن.. معك حق إن الكاهن شخص مثلنا.

* لكن الكاهن لا ينسى أنه وكيل لأسرار الله، وهذا الوكيل له حق ممارسة هذه الأسرار.

* واعترافنا أمام الكاهن يُعطي الشخص نوع من الخجل وهو يعترف بخطاياه.

* الإنسان يخجل من الكاهن، وفى نفس الوقت يسمع الإرشاد المناسب عن كيفية التغلب على هذه الخطايا التي تسيطر عليه.

* كثيرًا ما يشكو الإنسان بأنه توجد خطية أو بعض الخطايا تسيطر عليه، ولا يستطيع الشخص أن يقلع عنها، لكن بالمناقشة مع أب الاعتراف في كيفية التغلب على هذه الخطايا يمكنه بمساعدة أب اعترافه أن يُبطل هذه الخطايا، وبمتابعة أب الاعتراف لابنه وبمساندته له، وصلواته لابنه يأخذ المُعترف قوة وشجاعة، ويقف مثل الابن الأصغر ويقول: "أقومُ وأذهَبُ إلَى أبي وأقولُ لهُ: يا أبي، أخطأتُ إلَى السماءِ وقُدّامَكَ، ولستُ مُستَحِقًّا بَعدُ أنْ أُدعَى لكَ ابنًا. اِجعَلني كأحَدِ أجراكَ" (لو15: 18-19).

* فالاعتراف يكون لله في سمع الأب الكاهن.. وبعد أخذ الإرشاد المناسب يُصلى لنا الكاهن صلاة التحليل لمغفرة الخطايا التي اعترفنا بها: (... الذي نفخ فى وجه تلاميذه الأطهار ورسله المكرمين قائلًا: "مَنْ غفرتم لهم خطاياهم غفرت ومَنْ أمسكتموها عليهم أمسكت"... عن عبدك (فلان) وضعفي المنحنيين برأسهما أمام وجهك المقدس.. ارزقنا رحمتك واقطع عنَّا كل رباطات الخطايا.. إن كنَّا قد أخطأنا إليك في شيء بعِلم أو بغير عِلم أو.... فأنت كصالح ومحب البشر اللهم أنعم لنا بغفران خطايانا.. باركنا.. طهرنا.. حاللنا وحالل كل شعبك...).

إذن فنحن في صلاة التحليل.. نأخذ غفران خطايانا من السيد المسيح نفسه له المجد وليس من الكاهن، .. لكن نسمعه من فم الكاهن لأن هذا السلطان أعطي له.. "مَنْ غَفَرتُمْ خطاياهُ تُغفَرُ لهُ، ومَنْ أمسَكتُمْ خطاياهُ أُمسِكَتْ" (يو20: 23).



سؤال: أنا شاب مش عارف أختار أب اعترافي.. فكيف أختاره؟

لماذا لا تعرف أن تختار أب اعترافك وأنت إنسان ناضج تعرف أن تختار كل شيء، ولكن أساسًا يجب أن تتوافر بعض الشروط المهمة في الأب الكاهن الذي تختاره كأب اعتراف:

* أن تكون أنت ترتاح إلى أسلوبه وشخصيته.

* أن يكون قريبًا منك من المنطقة السكنية إن أمكن، ذلك لكي يسهل أن تتقابل معه باستمرار حسب الظروف المتاحة.

* أن يكون عنده مُتسع من الوقت لكي تجلس معه وتتحاور في كل شيء تريد أخذ إرشاده فيه.

هذه الشروط الثلاثة الأساسية على الأقل لابد أن تتوافر في أب الاعتراف الذي تختاره لكي يسهل عليك أن تبدأ وتستمر.. وفي نفس الوقت تكون أنت ملتزم باستمرار على مقابلته في مواعيد ثابتة حسب ترتيبها بينكما.


سؤال: أنا شابة أعترف بانتظام، ولكنني أريد أن أعرف ما هي حدودي مع أب الاعتراف؟

إن علاقة المعترف مع أب الاعتراف هي علاقة أب وابن أو ابنة.. وطبعًا هذه العلاقة يجب أن تكون علاقة صريحة وواضحة.. أي لا يحجب المُعترف أي شيء في حياته عن أب اعترافه.. يجب أن يأخذ مشورته في كل شيء لكي يأخذ خبرته، ويأخذ إرشاده لأن الكتاب المقدس يقول: "الذين بلا مرشد يسقطون كأوراق الشجر".

وأيضًا يجب أن أحافظ على وقت أب الاعتراف:

* كثيرين يشتكون ويقولون إن أب اعترافي لا يعطيني وقتًا كافيًا لكي أتكلم في كل شيء أريد أن أتكلم فيه.

* دائمًا أب اعترافي مشغول.. وحينما استفيض في الكلام في إحدى المواضيع أفاجأ بأن أب اعترافي يمسك الصليب ويقف يصلي لي التحليل ويقاطعني في الكلام ويقول: (يكفى هذا.. أنا مشغول).

من الطبيعي أن يتصرف أب اعترافك هذا التصرف، لأنك من الممكن أن تتكلم في حكايات كثيرة بعيدة عن الاعتراف.

فمن الأخطاء الشائعة أن يلتقي المُعترف بأب اعترافه، ويتكلم ساعة أو أكثر عن حكايات غريبة وخطايا آخرين.. دون أن يدرك أنه بعد هذا الوقت الكثير لم يعترف بأي شيء يخصه... فهل أنا ذاهب لأب اعترافي لكي اعترف عن خطاياي أم عن خطايا الآخرين؟!

أيضًا إذا أخذت وقتًا طويلًا من أب اعترافك.. فهل لا يوجد غيرك الذي يريد أن يعترف، ويكون أب الاعتراف عنده مئات المعترفين غيرك؟

من أين يأتي بالوقت الذي يكفي هؤلاء المئات بجانب الصلوات الطقسية المطلوبة منه: (قداسات، جنازات، خطوبات، أكاليل، صلاة حميم، معموديات... بجانب الافتقاد وزيارة المرضى... الخ)؟

من أين يكفي هذه الخدمات كلها وقتًا، وكل مُعترف يريد أن يجلس بكامل راحته مع أب اعترافه، ولا يضع في ذهنه أنه يوجد غيره يريد أن يعترف؟

نحن نقترح هنا أن في وقت الاعتراف نخصص الكلام في الخطايا التي وقعنا فيها، ونترك طلب الإرشاد في أي مواضيع أخرى في أي وقت وقت أتقابل معه.. بعد القداس أو بعد اجتماع أو أي وقت فراغ آخر، وأترك أوقات الاعتراف المعروفة والمُعلن عنها لكل المعترفين.. احترامًا لوقت الأب الكاهن وأيضًا لوقت المعترفين الآخرين.

ويجب أن تكون حدودي بيني وبين أب اعترافي كالآتي:

* الاحترام والتوقير.

* والسماع لإرشاده.

* وطلب صلواته باستمرار.

* وعدم تواجد دالة زائدة لكي لا تضيع هيبة أب الاعتراف من نظري، وأبدأ أفقد توقيري الكامل له.

وهنا نسمع المَثَل الشعبي: "كثرة الألفة تزيل الكلفة".. فلابد أن نحافظ على هذه المهابة والتوقير والمحبة المتبادلة بيني وبين أب اعترافي.

ربنا يبارك حياتكم ويجعلنا نحيا حياة التوبة المستمرة..

ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 06 - 2014, 05:31 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

كيف.. ولماذا أعترف؟! 2
نتابع معًا بقية الأسئلة عن سر الاعتراف:


سؤال: أنا أخاف أن أحكي لأب اعترافي كل شيء.. لئلا يأخذ عني فكرة سيئة، ويحتقرني، وأصغر في نظره، ويغيِّر طريقة تعامله معي؟

طبعًا هذا التفكير تفكير خاطئ.. لأنه يجب أن أعترف لأب اعترافي بكل شيء ولا أحجب عنه شيء. تخيلوا معي مريضًا ذهب لطبيب لأنه يعاني من مرض ما.. وهذا المريض وصف للطبيب نصف الأعراض التي يعانى منها.
هل من المتوقع أن يكتشف هذا الطبيب المرض اكتشافًا سليمًا، ويبدأ في علاجه ويأتي هذا العلاج بالنتيجة المطلوبة وهي شفاء المريض؟
بالطبع لا.. لأن المريض لم يعرض للطبيب كل ما يعاني منه.
هكذا بالنسبة للمُعترف.. إذا ذكرت بعض الخطايا ولم تذكر الباقي خوفًا من أن أب اعترافك يأخذ عنك فكرة تسيء إليك وسوف يغيِّر فكرته عنك.

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
أقول لك: لا تخف من هذا.. كيف تخاف من أبوك الذي يريد أن يضمد جميع جراحاتك.. الذي يفرح ويقف منتظرك.. وعندما يراك من بعيد يفرح.. "فقامَ وجاءَ إلَى أبيهِ. وإذ كانَ لم يَزَلْ بَعيدًا رَآهُ أبوهُ، فتحَنَّنَ ورَكَضَ ووَقَعَ علَى عُنُقِهِ وقَبَّلهُ" (لو15: 20).
*أب اعترافك منتظرك لكي تحكي له كل متاعبك، ومتوقع أن يسمع منك ضعفاتك وخطاياك.. وليس أن يسمع طموحك ومشاريعك وما حققته من نجاح علمي.
*لا تخف من ذلك لأنه ليس صحيحًا أن يغيِّر أب اعترافك فكرته عنك بمجرد أن تقول له بعض الخطايا.. وإذا لم تقل هذه الخطايا لأب اعترافك.. هل سوف تحتفظ بها داخلك مدى الحياة أم لمَنْ تقولها؟
*إذا قلتها لأحد آخر سوف يقول لك الشيطان نفس هذه المقولة: "لا تعترف بها لأبونا لكي لا يغيِّر فكرته عنك".. وتظل هذه الخطية رابطة داخلك تتعبك طوال حياتك لأنك لم تبوح بها لأب اعترافك.
*كن شجاعًا واعترف لأبيك بكل شيء، وتأكد أن أب اعترافك سوف لا يغيِّر فكرته عنك بمجرد سماعة بعض الخطايا التي تعاني منها.
*الكاهن مثل الطبيب.. مَنْ من الأصحاء يذهب للطبيب! كل مَنْ يذهب للطبيب هو مريض ودائمًا الطبيب منتظر المريض.. "لا يَحتاجُ الأصِحّاءُ إلَى طَبيبٍ، بل المَرضَى" (لو5: 31)، (مت9: 12)، (مر2: 17).. هكذا الكاهن منتظر منك اعتراف بالخطايا والرذائل وليس حكايات عن أحلامك المستقبلية.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
بعضنا يقع في مشكلة التأجيل.. فسؤال يطرح كثيرًا..
إنني باستمرار أؤجل الاعتراف.. وكلما أردت الاعتراف يأتي عليّ فكر أن أنتظر إلى الأسبوع القادم وأسبوع يجر أسبوع.. فأجد أنني أجلت الاعتراف لمدة شهور.. فما هو الحل؟

هذه طبعًا حرب من حروب الشيطان وهي حرب التأجيل.. وهذه حرب في منتهى الخطورة في ممارسة سر الاعتراف..
*لا تؤجل الاعتراف مهما كانت الظروف حتى لا تتعود على ذلك.. فالتأجيل يجعلك تتراضى في ممارسة السر، وأيضًا يجرك إلى النسيان.. فكلما طال الوقت من الاعتراف للآخر.. ينسى الإنسان ما قد وقع فيه من أخطاء وخطايا.
*حاول باستمرار أن تحدد مواعيد ثابتة للاعتراف مع أب اعترافك، ويكون إلزام عليك أن تلتزم بهذا الميعاد حتى لو كنت لا تشعر بالرغبة في الاعتراف.. وذلك لكي تحافظ على التزامك بالاعتراف.. وإذا طال الوقت لظروف خارجة عن إرادتك يكون معك ورقة خاصة بك لا يراها غيرك، وتكتب فيها أفكارك والخطايا التي وقعت فيها.
*حاول أن تجمع فكرك أثناء محاسبة نفسك.. فالمفروض علينا أن تكون لنا جلسة هادئة ولو لعدة دقائق يوميًا في آخر اليوم لكي تحاسب نفسك وترى ماذا عملت طوال اليوم.. وتكتب بهدوء خطاياك التي وقعت فيها.
هنا وننتقل إلى سؤال مهم آخر وهو..
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
ما هي التصرفات التي يجب مراعاتها قبل الاعتراف وأثناء الاعتراف؟

أهم تصرف يجب أن يسلك فيه الإنسان طوال حياته وليس في الاعتراف أو ما قبله فقط هو الخشوع المستمر.
إذا الإنسان سلك بهذا الأسلوب المسيحي.. سوف يخجل من فِعل الخطية من الأصل، وإذا وقع فيها دون ما يدري يقوم بسرعة ويُحاسب نفسه ويقف على قدميه ويقول: "لا تشمَتي بي يا عَدوَّتي، إذا سقَطتُ أقومُ" (مي7: 8).
أما قبل الاعتراف مباشرة فيجب على كل واحد منَّا:
*محاسبة نفسه بتدقيق وبجدية وبدون أن يعطي لنفسه أي أعذار أو يختلق لنفسه بعض الأعذار في كثير من الخطايا التي وقع فيها.
*يُحاسب الإنسان نفسه ماذا فعل من خطايا.
*ويكتبها في ورقة إذا كان خائفًا من النسيان كما قلنا.
*ويفحص فكره وتصرفاته كلها في الفترة التي لم يعترف فيها.
*ويقدم عنها توبة لله في صلاة فردية داخل غرفته الخاصة قبل ذهابه لأب اعترافه.
هذا ما فعله الابن الضال.. "فرَجَعَ إلَى نَفسِهِ وقالَ: كمْ مِنْ أجيرٍ لأبي يَفضُلُ عنهُ الخُبزُ وأنا أهلِكُ جوعًا! أقومُ وأذهَبُ إلَى أبي وأقولُ لهُ: يا أبي، أخطأتُ إلَى السماءِ وقُدّامَكَ، ولستُ مُستَحِقًّا بَعدُ أنْ أُدعَى لكَ ابنًا. اِجعَلني كأحَدِ أجراكَ" (لو15: 17-19).
وبعد أن يحاسب الإنسان نفسه بدقة ويفحص فكره جيدًا يذهب لأب اعترافه لكي يقدم توبة أمامه.. "فقامَ وجاءَ إلَى أبيهِ. وإذ كانَ لم يَزَلْ بَعيدًا رَآهُ أبوهُ، فتحَنَّنَ ورَكَضَ ووَقَعَ علَى عُنُقِهِ وقَبَّلهُ. فقالَ لهُ الاِبنُ: يا أبي، أخطأتُ إلَى السماءِ وقُدّامَكَ، ولستُ مُستَحِقًّا بَعدُ أنْ أُدعَى لكَ ابنًا" (لو20:15-21).
*يقدم الإنسان توبة بقلب نادم على كل خطأ وقع فيه.
*ويكون خاشعًا في كلامه واعترافه.
*نادمًا - احساس المذنب- كل ما ينطق به يكون بالفعل نادمًا عليه ومعترفًا بخطئه فعلًا.
*ويكون الإنسان مركزًا كلامه كله في خطاياه وأخطاءه هو وليس على خطايا الآخرين.
إننا نرى البعض قد يأخذون وقتًا طويلًا في الاعتراف ويكون اعترافهم عبارة عن سرد لأخطاء مَنْ حولهم ومَنْ يتعاملون معهم.
يحضر شخص للاعتراف.. ونجده يحكي بعض القصص التي تستغرق وقتًا طويلًا،يحكى قصة بكاملها وكل ظروفها، ويسرد كل تصرف حدث من كل شخص اشترك في هذه القصة، ويُعلق بعض التعليقات على هؤلاء الأشخاص، ومَنْ منهم مذنب ومَنْ منهم بريء، وينصب ميزان الحكم على الآخرين.. بل من الممكن أن يخرج من هذه القصة إلى قصة متعلقة بها ويكون فيها أشخاص آخرين، ويتخذ معهم نفس الأسلوب الذي اتخذه مع الآخرين.. وفي كل هذا لا يسرد ماذا فعله هو، أو ما الخطأ الذي صدر منه الذي جعله يسرد هذه القصة الطويلة التي استغرقت حوالي النصف ساعة.
وفى آخر جلسة الاعتراف يكون هذا الشخص جلس مع أب اعترافه جلسة مودة وصداقة يحكي له قصص وحكايات، ولم يعترف بخطية واحدة.
هل هذا يعتبر اعتراف؟ أب اعترافك في هذه الحالة يصلي التحليل لمَنْ - لك أم للآخرين الذين اعترفت بأخطائهم؟
ومن الممكن أن الإنسان يكون تفكيره عن أب اعترافه أنه هو حلال المشاكل.. أذهب إليه عندما أقع في مشكلة.. أو حينما أكون متضايق من موضوع ما.. أجري عليه وأحكي معه.
وذلك في وقت الاعترافات وليس في أي وقت آخر.. وهذا هو الخطأ.. لأنني أستهلك وقت باقي المعترفين في هذه المشاكل.
أريد أن أقول يجب أن نميز بين أب الاعتراف وبين الصاحب أو الصديق الذي أتكلم معه في أي شيء يخصني.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
سؤال: إننى في اعترافي أحجب (أخبي) خطية معينة عن أب اعترافي.. لا أريد أن أقولها له.. ها هذا خطأ؟

طبعًا هذه الطريقة خطأ..
أب الاعتراف هو الطبيب وأنا المريض.
كيف يعالج الطبيب المريض دون أن يحكي المريض كل المرض الذي يعاني منه؟
تخيلوا مريضًا ذهب للطبيب وسأله الطبيب بماذا تعاني.. وما هي شكواك؟ وقال المريض بعض الأعراض التى يعانى منها، ولكن جاء على عرض مهم جدًا يعاني منه، ولم يذكره للدكتور وهذا العرض يكون المريض فقط هو الذي يؤلمه أو يشعر به.. وكتب الطبيب العلاج حسب المريض وسماعه لشكوته.. هل سوف يأتي الدواء الذي كتبه الطبيب بنتيجة فعّالة ويشفى المريض شفاءً تامًا؟ أم يظل يعاني من هذا المرض لأنه لم يعرف حالته بالكامل للطبيب؟
هكذا كل إنسان منَّا إذا اعترف ببعض الخطايا وترك خطية أو اثنين لم يقولها خجلًا من أب اعترافه أو خوفًا من اهتزاز صورة الشخص أمام أب اعترافه.. وكلها تخيلات شخصية.. فصورتك لا تهتز إطلاقًا أمام أب اعترافك ما دمت صريحًا وواضحًا ضد الخطايا التي تقع فيها.
بل صورتك سوف تهتز بالفعل عندما تنكشف حقيقة فعلًا أنك تكذب على أب اعترافك أو أنت لا تتعامل معه بصراحة وأمانة وتخفي الخطايا عنه.. هذا الذي سوف يهز صورتك وليس اعترافك بكل أمانة بكل خطاياك.
أريد أن أذكركم بقول مُعلمنا يعقوب الرسول: "اِعتَرِفوا بَعضُكُمْ لبَعضٍ بالزَلاَّتِ" (يع5: 16).
إذًا يجب علينا أن نثق فى أب الاعتراف.
إنه أب يريد خلاص كل منَّا..
ويفرح أيضًا بتوبتنا، كما فرح الأب عند رجوع ابنه.
*"فقامَ وجاءَ إلَى أبيهِ. وإذ كانَ لم يَزَلْ بَعيدًا رَآهُ أبوهُ، فتحَنَّنَ ورَكَضَ ووَقَعَ علَى عُنُقِهِ وقَبَّلهُ" (لو15: 20).
*"فقالَ الأبُ لعَبيدِهِ: أخرِجوا الحُلَّةَ الأولَى وألبِسوهُ، واجعَلوا خاتَمًا في يَدِهِ، وحِذاءً في رِجلَيهِ، وقَدّموا العِجلَ المُسَمَّنَ واذبَحوهُ فنأكُلَ ونَفرَحَ، لأنَّ ابني هذا كانَ مَيّتًا فعاشَ، وكانَ ضالًا فوُجِدَ. فابتَدأوا يَفرَحونَ" (لو15: 22-24).
ربنا يبارك حياتكم ويجعلنا نحيا حياة التوبة المستمرة..
ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 06 - 2014, 06:23 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

سؤال: إننى في اعترافي أحجب (أخبي) خطية معينة عن أب اعترافي.. لا أريد أن أقولها له.. ها هذا خطأ؟


طبعًا هذه الطريقة خطأ..
أب الاعتراف هو الطبيب وأنا المريض.
كيف يعالج الطبيب المريض دون أن يحكي المريض كل المرض الذي يعاني منه؟
تخيلوا مريضًا ذهب للطبيب وسأله الطبيب بماذا تعاني.. وما هي شكواك؟ وقال المريض بعض الأعراض التى يعانى منها، ولكن جاء على عرض مهم جدًا يعاني منه، ولم يذكره للدكتور وهذا العرض يكون المريض فقط هو الذي يؤلمه أو يشعر به.. وكتب الطبيب العلاج حسب المريض وسماعه لشكوته.. هل سوف يأتي الدواء الذي كتبه الطبيب بنتيجة فعّالة ويشفى المريض شفاءً تامًا؟ أم يظل يعاني من هذا المرض لأنه لم يعرف حالته بالكامل للطبيب؟
هكذا كل إنسان منَّا إذا اعترف ببعض الخطايا وترك خطية أو اثنين لم يقولها خجلًا من أب اعترافه أو خوفًا من اهتزاز صورة الشخص أمام أب اعترافه.. وكلها تخيلات شخصية.. فصورتك لا تهتز إطلاقًا أمام أب اعترافك ما دمت صريحًا وواضحًا ضد الخطايا التي تقع فيها.
بل صورتك سوف تهتز بالفعل عندما تنكشف حقيقة فعلًا أنك تكذب على أب اعترافك أو أنت لا تتعامل معه بصراحة وأمانة وتخفي الخطايا عنه.. هذا الذي سوف يهز صورتك وليس اعترافك بكل أمانة بكل خطاياك.
أريد أن أذكركم بقول مُعلمنا يعقوب الرسول: "اِعتَرِفوا بَعضُكُمْ لبَعضٍ بالزَلاَّتِ" (يع5: 16).
إذًا يجب علينا أن نثق فى أب الاعتراف.
إنه أب يريد خلاص كل منَّا..
ويفرح أيضًا بتوبتنا، كما فرح الأب عند رجوع ابنه.
*"فقامَ وجاءَ إلَى أبيهِ. وإذ كانَ لم يَزَلْ بَعيدًا رَآهُ أبوهُ، فتحَنَّنَ ورَكَضَ ووَقَعَ علَى عُنُقِهِ وقَبَّلهُ" (لو15: 20).
*"فقالَ الأبُ لعَبيدِهِ: أخرِجوا الحُلَّةَ الأولَى وألبِسوهُ، واجعَلوا خاتَمًا في يَدِهِ، وحِذاءً في رِجلَيهِ، وقَدّموا العِجلَ المُسَمَّنَ واذبَحوهُ فنأكُلَ ونَفرَحَ، لأنَّ ابني هذا كانَ مَيّتًا فعاشَ، وكانَ ضالًا فوُجِدَ. فابتَدأوا يَفرَحونَ" (لو15: 22-24).
ربنا يبارك حياتكم ويجعلنا نحيا حياة التوبة المستمرة..
ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 06 - 2014, 06:25 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

الخادم وحياة الصلاة
إن الصلاة هي أداة اقتراب الإنسان من الله..
*فهي تُمثل العلاقة الشخصية بين الإنسان والله.
*وهي علاقة العروس بعريسها السماوي.
ففيها..
*تقترب النفس البشرية إلى عريسها المحبوب شهوة قلبها.
*يقترب الشيء إلى كل شيء.
*يقترب الكيان المحدود إلى اللا محدود.
*تقترب الطبيعة الساقطة إلى الله الذي بلا خطية.. ليغسلها ويُطهرها، ويُعيد لها صورتها الأولى الجميلة التي ُخلقت عليها.
بالصلاة.. نستطيع أن نفتح السماء..
لأن الصلاة هي مفتاح السماء..
كما أن التوبة هي باب السماء.
ففي الصلاة تُشفى النفس المريضة المنكسرة..
وبالصلاة تفرح النفس الحزينة.
فالصلاة هي باب ثمين..
مَنْ يُفرط أو يتهاون فيه..
فهو يُفرط في أغلى شيء عنده.
لقد تغنى آباءنا القديسين بعِظَم الصلاة وقوتها وفاعليتها.. لأنها كانت حياتهم ومصدر شبعهم وغذائهم الروحي الذي لا ينتهي، وعين الماء التي يستقوا منها ولا تنضُب.
*"الصلاة هي سلاح عظيم، كنز لا يفرغ، غنى لا يسقط أبدًا، ميناء هادئ.. هي مصدر وأساس لبركات لا تُحصى.. هي قوية.. بل أشد من القوة ذاتها" (القديس يوحنا ذهبي الفم).
*"الصلاة هي مفتاح السماء.. بقوتها تستطيع كل شيء.. هي حِمى نفوسنا.. مصدر لكل الفضائل.. هي السلّم الذي نصعد به إلى الله.. هي عمل الملائكة.. هي أساس الإيمان" (القديس أغسطينوس).

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
لذلك أصبحت الصلاة احتياج أساسي للإنسان مثل الأكل والشرب.. فكما يهتم الإنسان بغذائه الجسدي لضمان استمرار الحياة بصحة جيدة.. هكذا لابد من استمرارية الصلاة من أجل ضمان صحة الروح أيضًا.
فما أكثر حاجة الإنسان للصلاة من أجل احتياجاته الروحية والجسدية معًا.. فبدون الصلاة لا تستقيم الحياة الروحية.. فهي المطلب الأول لبداية طريق الروح والجهاد الروحي لأنها تعلّمنا كل شيء.
*الصلاة فيها شفاء من كل الزلات والخطايا.
*الصلاة هي رباط متين يربطنا بالله، ويشدنا بالسماء بقوة، ويقينا شر السقوط والانحراف.. فهي تخلّصنا من كل الضيقات والمتاعب.
حتى إذا اعترانا فتور في الصلاة نفسها، وبدأ إحساس الملل والضجر وعدم الرغبة وعدم الشعور بالتلذذ بها.. فليس علاج من هذا إلاَّ الالتجاء للصلاة.. فبالتمسك بالصلاة نستطيع أن نخرج من حفرة الملل والضجر والفتور.
يستطيع الإنسان أن يقول: "مهما حصل لي لازم أصلي".. فالاستمرارية حتى مع عدم الشعور بقيمتها هو الضامن الوحيد للرجوع إلى حياة الصلاة بعمق وتركيز وتأمل واستمتاع.
*إن الصلاة بالنسبة لحياتنا الروحية هي مثل اليد بالنسبة للجسد.. فاليد عضو عام للجسد كله، ومع ذلك فهي آلة خاصة لذاتها تخدم بها نفسها.. فإذا كانت يد مريضة تداويها اليد الأخرى، وإذا كانت متسخة فتغسلها وتنظفها، وإذا كانت باردة فتدفئها... ولذلك فاليد تعمل كل شيء.
هكذا الصلاة هي العنصر الأساسي لحياتنا الروحية، وبالاهتمام بحياتي الروحية أكون مهتم بالروح والجسد.. (والعكس ليس صحيح).
*إن الصلاة بالنسبة للإنسان هي مثل النَفَس الذي يدخل الرئتين بالنسبة للجسد.. فبدون استنشاق الهواء لا يستطيع الإنسان أن يعيش، لأن الرئتين كيف تعمل وما هو عملها بدون هواء؟! فبقلة الهواء يحدث اختناق ويموت الإنسان (الجسد).. هكذا الصلاة عندما تقل تضعف الروح وتذبل بل قد يؤدي ذلك إلى موت الإنسان (روحيًا).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
ونستطيع أن نلمس حاجتنا للصلاة بالنظر إلى النقاط الآتية:

أولًا: لأنها سر النصرة:

لاشك أن الصلاة هي سر النصرة في حياتنا الروحية والجسدية.
*يقول القديس يوحنا ذهبي الفم:"إذا لاحظت أن إنسانًا لا يحب الصلاة.. فاعرف في الحال أنه ليس فيه شيء صالح بالمرة.. فالذي لا يُصلي لله هو ميت وليست فيه حياة".
ولقد ذُكر عن القديس تادرس المصري القصة التالية:
"في حين وجوده في القلاية في الإسقيط.. أتاه شيطان محاولًا الدخول، فربطه خارج القلاية بصلاته.. وأتاه شيطان ثاني وحاول دخول قلايته، فربطه القديس أيضًا خارجها.. ثم جاء شيطان ثالث فلما وجد زميليه مربوطين قال لهما: "ما بالكما واقفين هكذا خارج القلاية؟" فأجاباه: "بداخل القلاية مَنْ هو واقف يمنعنا من الدخول". فغضب هذا الأخير وحاول اقتحام القلاية، لكن القديس ربطة كذلك بصلاته.. فضجت الشياطين من صلاة القديس، وطلبوا أن يطلق سراحهم.. حينئذ قال لهم: "أمضوا واخزوا"، فمضوا بخزي عظيم".
هذه هي قوة الصلاة..
هي سور يحمينا من هجمات العدو الشرير.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
ثانيًا: لأنها وسيلة البركات:

*بالصلاة يكمل عمل التوبة.. فعندما يريد شخص ما أن يقدم توبة عملية فلا بد أن يقدمها في الصلاة.
*بمداومة الإنسان على الصلاة ينمو بداخله إحساس الحياة والحشمة من الله.. "الذي يتهاون في عفة جسده يخجل في صلاته" (القديس الأنبا موسى الأسود).
*وقت الصلاة هو الوقت الذي نلتقي فيه مع الله، ونحظى بحضوره معنا، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.. "لأنَّهُ حَيثُما اجتَمَعَ اثنانِ أو ثَلاثَةٌ باسمي فهناكَ أكونُ في وسطِهِمْ" (مت18: 20).
*بالصلاة نسعى ونسير نحو نقاوة القلب.. لأنها توضِّح للإنسان عيوبه وخطاياه.. "بالصلاة نصل إلى الحب الإلهي الذي هو أسمى الفضائل والدرجات" (مار إسحق).
*وبالصلاة نتأهل لأن نشعر بمراحم الله ونتمتع بإحساناته.. "الصوم والصلاة هما اللذان عملا بهما الأنبياء والرسل والشهداء ولبّاس الصليب" (قسمة الصوم الكبير).
فما أعمق وأغزر حياة الصلاة..
فهي تؤهلنا لمعرفة لغة السماء..
وطننا الأصلي الذي نسعى جميعًا للوصول إليه.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
أخي الخادم.. اسأل نفسك..

*هل أستطيع أن أخدم بدون صلاة؟
*ما هو عمق صلاتي.. هل هي بنفس مقدار الخدمة؟
*هل اهتمامي بمخدعي وصلاتي الشخصية مثل اهتمامي بالخدمة المُؤتمن عليها؟
*هل أحاسب نفسي على تقصيري في الصلاة مثلما أحاسب نفسي على تقصيري في الخدمة؟
*هل صلاتي في حياتي رقم واحد وبعدها الخدمة.. أم العكس؟
*هل مخدومينا يروا فينا (الخادم والخادمة) - (المُصلي والمُصلية) بالفعل وليس بالمظهر؟
* هل اهتم بحضور القداس قبل الخدمة ليبارك الرب خدمتي.. أم أنشغل في هذا الوقت بتجهيز الخدمة وتحضيرها، وأترك الذبيحة على المذبح دون التمتع بها؟
نحن نحتاج إلى خادم مُصلى..
وليس خادم متكلم وواعظ شهير.
فالصلاة هي التي تعطي النجاح للخدمة..
وتثمر في قلوب المخدومين.
فهلموا بنا نطلب من السيد المسيح في صلاتنا الشخصية..
أن ينجح كل ما تمتد إليه أيدينا.
ربنا يبارك حياتكم وخدمتكم ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 06 - 2014, 06:27 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

العفة والطهارة في حياة السيدة العذراء والآباء الشهداء
*حياة العفة والطهارة من أهم مقومات الحياة الروحية.. فهي التي تساعد الإنسان في جهاده الروحي وبناء حياته الروحية بناءً سليمًا، وعلى أساس صخري لا ينحل ولا ينهدم أمام عواصف الحياة وصدمات التجارب.
*إن العفة تساعد الإنسان على تكوين علاقة قوية بين الإنسان والله عن طريق الصلاة.. وعلى عكس ذلك مَنْ يتهاون فيها تكون مُعطلًا قويًا في حياته وصلاته.. وذلك كما قال الأنبا موسى الأسود: "الذي يتهاون في عفة جسده يخجل في صلاته".
وهذا ما يحدث بالفعل.. فالذي يسلك أي سلوكًا شاذًا أو منحرفًا لا يستطيع أن يقف للصلاة.. فكيف يقف أمام الله بهيكل مُنهدم ومُدنس وفاسد.. "أما تعلَمونَ أنَّكُمْ هيكلُ اللهِ، وروحُ اللهِ يَسكُنُ فيكُم؟ إنْ كانَ أحَدٌ يُفسِدُ هيكلَ اللهِ فسَيُفسِدُهُ اللهُ، لأنَّ هيكلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الذي أنتُمْ هو" (1كو3: 16-17).
هذه العفة تميزت بها السيدة العذراء مريم..
وعاشت طوال حياتها بطهارة.
*لقد عاشت السيدة العذراء مريم بتولًا طاهرة في بيت خطيبها يوسف النجار، وذلك رغم عقد الزواج الذي عقده ودوّنه لهم كهنة الهيكل.. فهي أمام الشريعة وأمام المجتمع متزوجة ليوسف النجار.
*هي صبية في سن الثانية عشر من عمرها، وهو شيخًا يُقارب الستين من عمره.. فهي كانت بمثابة الابنة أو الحفيدة معه في بيته، وهو كان يرعاها ويعولها.. لذلك حينما جاء الملاك ليبشرها بحَبَلها للسيد المسيح قائلًا لها: "ها أنتِ ستَحبَلينَ وتلِدينَ ابنًا وتُسَمينَهُ يَسوعَ.... فقالَتْ مَريَمُ للمَلاكِ: كيفَ يكونُ هذا وأنا لستُ أعرِفُ رَجُلًا؟" (لو1: 31-34).

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
هذا الموقف كان خطيرًا جدًا بالنسبة لها.. فهي تعرف نفسها جيدًا، وتعرف مدى حفاظها على نفسها وطهارتها.. فهي لم تقترب لرجل، ولم تسمح لأي رجل حتى يوسف نفسه أن يقترب إليها.. (فكيف يكون لها هذا؟)، ولم تطمئن لذلك إلاَّ حينما عرفت من الملاك أن هذا الحَبَل ليس من إنسان بل هو من الله.. "الرّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ علَيكِ، وقوَّةُ العلى تُظَلّلُكِ" (لو1: 35).
*وقد عاشت السيدة العذراء بتولًا طوال حياتها حتى بعد ولادتها للسيد المسيح لم تنجب أولادًا بعد أن ولدته الولادة المعجزية، وهذا هو إيماننا الأرثوذكسي السليم في دوام بتولية السيدة العذراء.. (بتول قبل الزواج، وقبل الحَبَل بالسيد المسيح، وبعد ولادتها للسيد المسيح).
*فقد عاشت السيدة العذراء حياة البتولية والعفة طوال حياتها حتى فارقت الحياة إلى الحياة الأبدية.
وأصبحت السيدة العذراء مَثلنا الأعلى..
الذي نحتذي به في التمسك بحياة العفة والطهارة..
رغم كل إغراءات العالم وشروره وانحرافاته.
فالطهارة هي حياة تشبه حياة الملائكة.. لأن الله خلق الحيوان بجسد وغرائز بدون روح، وخلق الإنسان بجسد وروح، وخلق الملائكة أرواحًا نورانية.. فهذا المخلوق المتوسط وهو الإنسان إذا سَلَك حسب غرائزه الجسدية وأهوائه الشهوانية تحوّل إلى حيوان، وإذا سَلَك بالروح ولم ينغمس في شهوات الجسد صار ملاكًا وهو ما زال على الأرض.. وعن ذلك يقول القديس يوحنا الدرجي: "مَنْ غَلَبَ جسده فقد غَلَبَ طبيعته، ومَنْ غَلَبَ طبيعته فقد صار فوقها، ومَنْ صار فوق الطبيعة الإنسانية فقد شارك الطبيعة الملائكية".
ويقول القديس كبريانوس الشهيد مُخاطبًا بعض العذارى: "لقد ابتدأتن الآن وأنتن في هذه الحياة أن تتمتعن بما سيكون لكّن في السماء بعد القيام لأنكن بحفظكن بكارتكن قد تشبهتن بالملائكة".
ويقول الآب يوحنا كاسيان: "إنه لا توجد فضيلة تعادل تشبيه البشر بالملائكة مثل فضيلة العفة، لأن البشر يعيشون بواسطة العفة وهم في الجسد كمَنْ لا جسد لهم وكأنهم أرواح مجردة".
والأكثر من ذلك.. أن هؤلاء البشر الذين يعيشون حياة العفة والطهارة، يكونون بدرجة أعلى من الملائكة، الذين ليس لهم أجساد تشتهي ضد أرواحهم.
وهنا أوضح نقطة.. أنه يوجد فرق كبير بين البتولية والعزوبية.. فالبتولية تختلف اختلافًا كبيرًا عن العزوبية في أنها مكرسة ومخصصة من أجل الله فقط، فهي ثمرة حبه الكامل، لأنها تحمل معنى روحي أسمى من العزوبية ولها قيمة مقدسة.
فالإنسان الذي كرّس بتوليته لله يختلف عن الإنسان الأعزب، الذي لم يتزوج لأنه لم يستحسن إمرأة ما في الزواج، أو أنه قد يرى أن العزوبية أكثر راحة من تحمّل المسئولية وتحمّل مسئولية زوجة وأولاد، أو أنه يريد أن يعيش مُتحررًا من الأعباء.. أو قد يكون إنسان ذو شخصية أنانية مُحبة لذاتها، فهو لا يريد أن يفيد أحدًا بل يريد أن يأخذ باستمرار، فيرفض رباط الزوجية والقيود.. (وذلك حسب تخيله الشخصي).
والبعض قد يختارون العزوبية نتيجة صدمة معينة، فيمتنعون عن الزواج نهائيًا ليس حبًا في البتولية، ولكن رد فعل مُعاكس لهذه الصدمة، (في شخصية معينة.. كثرة فك الخطوبات.. عدم الصدق والصراحة من الطرف الآخر).
وهنا أتذكر قول للقديس "جيروم" مُوجّه للأمهات التي ترفض أن تبقي ابنتها عذراء مثال السيدة العذراء: "لماذا تغتاظين وتئنين إذا بقيت ابنتك عذراء؟ هل تحزنين لأن ابنتك اختارت أن تكون زوجة للملك وليس للعبد؟ لقد جاءت عليك بامتيازات عظيمة.. لقد أصبحتي الآن حماة الرب".
لذلك نجد أن الآباء القديسين والشهداء أحبوا هذه الحياة وفضلوها على كل شيء.. فنجد شهداء نالوا إكليل الشهادة من أجل حفاظهم على عفتهم، وتساوا في الاكليل مع مَنْ ناله من أجل حفاظهم على الإيمان والعقيدة.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
* القديسة "فبرونيا العذراء":

عندما حدث أن "مروان بن محمد الأموي" عندما استغاث بالبشموريين لمقاومة الخراسانيين في القرن الثامن بعد الميلاد، أطلق لهم حرية النهب والسلب، فكان من ضمن ضحاياهم أحد أديرة العذارى في نواحي أخميم.
وبينما كانوا ينهبونه رأوا راهبة صغيرة جميلة جدًا اسمها "فبرونيا"، جاءت من الشام، وترهبت في ذلك الدير، وكان لها ثلاثة سنوات.. فأخرجوها من الدير رغمًا عنها، وسبوها دون غيرها لجمالها.
وبدأوا يتشاورون بخصوصها.. البعض يقول نقدمها هدية للخليفة، والبعض الآخر يريد أن يقترعوا فيما بينهم عليها.. وبينما هم يتباحثون رفعت هي قلبها إلى الملك الحقيقي الحافظ عهده ورحمته للذين يحبونه بكل قلبهم، وألقت بذاتها بين يدي الله تبارك اسمه.. تبكي وتطلب خلاصها من هؤلاء القوم الأشرار، وحفظها من الدنس ولو أدى ذلك إلى قتلها.
وفي الحال فكرت في طريقة عجيبة للخلاص مما أحاط بها.. إذ طلبت مقابلة رئيسهم. ولما حضر أخبرته أنها ستقول له سرًا عظيمًا بشرط أن يتركوها فوعدها بذلك.
فقالت له: إن أسلافنا كانوا حكماء واكتشفوا سرًا سلّموه لآبائنا، ولم يعرفه سواهم.. وهذا السر هو أنه يوجد زيت حينما تُتلى عليه الصلوات ونُدهن به لا نخاف الموت ولا السيف ونضمن الحياة.. ولقد عرفت أنا هذا، وأن التجربة والامتحان هما أعظم شاهد، وأنني مستعدة أن أدهن رقبتي وأنت تضربني بسيفك بكل قوتك لترى نتيجة ذلك، أو إن أردت تدهن أنت رقبتك وأضربك أنا!!
فخاف هو على نفسه وقال لها: ادهني أنتِ رقبتك وأضربك أنا بسيفي، ففرحت هي جدًا لأنها كانت لا تخاف الموت بل تشتهيه أفضل من الحياة في الجسد مع الدنس.. إذ بذلك ستنال الحياة الأبدية، وطلبت منه أن تذهب إلى الكنيسة أولًا لتحضر الزيت وتُصلي، فسمح لها مع مراقبتها.
فذهبت أمام صورة أمنا العذراء الطاهرة مريم، وصلّت بحرارة لكي يُعينها الله بشفاعتها على حفظ بتوليتها، ثم أحضرت من زيت القنديل ودهنت عنقها، وأعطته كمية من الزيت أيضًا، وقالت له: خذ من هذا الزيت، وها أنا قد دهنت رقبتي فاضربني بكل قوتك، وسترى النتيجة بنفسك.
ففرح هو واستل سيفه وضرب عنقها بكل قوته، ففي الحال انفصلت رأسها عن جسدها وتدحرجت على الأرض.
فذهب القائد والجند واندهشوا من شجاعة تلك العذراء ومحبتها للعفة، وندموا على ما فعلوا.. ثم تركوا كل ما كانوا قد سلبوه من الدير، ومضوا متأثرين لما حدث.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
* القديسة "بوتامينا":


مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
وأمامنا القديسة "بوتامينا"، وكيف فضلت أن تُحرق بالنار، ولا تنزع ثيابها منها عند الحرق والعذاب.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
* القديسة "أربسيما العذراء":

كيف طرحت الوالي على الأرض.. الذي كان يريد أن يفعل بها شيئًا دنسًا، والنتيجة أنه أمر بقلع عينها وقطع رأسها.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
* الشاب العفيف:

والشاب العفيف الذي عندما ربطوه وقيدوه لكي تفعل معه إحدى الساقطات الخطية.. اتقدت فيه نار الوصية وحملته غيرته أن يهلك عضوًا واحدًا من جسده ولا يترك جسمه ونفسه للهلاك الأبدي، فقرض لسانه وبصقه في وجه تلك المرأة الشريرة بدماء كثيرة، وللحال وقع الرعب في قلبها وارتعدت من رجل الله القديس، متفكرة أنه مجنون، وسرعان ما هربت بخوف عظيم تجر أذيال الفضيحة.. وهرب هذا الشاب من فِعل خطية الزنا رغمًا عن إرادته.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
فها آباءنا الشهداء..

قد تمثلوا بالسيدة العذراء أمنا كلنا في حفظ بتوليتهم..
فالآن هيا بنا أيها الشباب..
نتمثل بأمنا العذراء وآباءنا الشهداء والقديسين،
في حفاظنا على عفة جسدنا وفكرنا،
ونحيا في طهارة كاملة..
رافضين كل مغريات العالم وشهواته الدنسة.
ناظرين إلي السماء وما فيها..
فالسماء ليس فيها شيئًا نجسًا..
بل كل مَنْ يحيا فيها يحيا بطهارة وعفاف.
طالبين معونة ربنا يسوع المسيح إلهنا الحنون..
الذي له كل المجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 06 - 2014, 06:29 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

الكمبيوتر والانترنت
نحن الآن نحيا العولمة في كافة صورها.. وأصبح العالم كله قرية صغيرة.. نتخاطب مع بعضنا البعض عن طريق كافة وسائل الاتصالات (الموبايل والانترنت و....)، وكل يوم يفاجئنا العالم بجهاز جديد أحدث مما سبق بأسابيع.. ويسعى الكل وراء كيفية اقتناء هذا الجهاز الأحدث والأدق في وسيلة الاتصالات.
ومن أهم هذه الأجهزة هو (الكمبيوتر). هذا الجهاز الصغير بكافة ملحقاته أصبح يحقق لنا ما نريده من برامج ومعلومات مرئية أو مقرؤة أو سمعية.. حسب ما يريد كل منَّا، وحسب هوى وراحة كل واحد.
بل وأصبح من السهل الآن أن أحمل جهازي الخاص (lap top) في الجامعة أو العمل أو الرحلات أو الكنيسة أو....
وقد أفادنا هذا الجهاز الصغير في العمليات الحسابية الكبيرة عن طريق برامج الـ (Excel وأيضًا في كتابة الموضوعات والكتب ببرنامج الـ word) وكذلك أفادنا في عرض بعض الفقرات اللذيذة الترفيهية التي برع فيها شبابنا اليوم عن طريق الـ (Data Show)، والـ(Power Point).
وقد أفادتنا - نحن الخدام - هذه البرامج في عرض كثير من الموضوعات بطريقة شيقة تشد انتباه أولادنا في الخدمة، وتساعدني أنا الخادم في تقديم الموضوعات بطريقة جذابة للمخدومين.
أيضًا قدّم لنا جهاز الكمبيوتر خدمات كثيرة من حيث سهولة تداول أفلام القديسين وسيرهم، والعظات التي يصعب اقتنائها عن طريق شرائط الكاسيت، وذلك لتلف بعض هذه الشرائط بسهولة.. فقدمتها لنا المكتبات المسيحية المتخصصة في صورة (CDوالتي تحمل عشرات العظات في أسطوانة واحدة.. وأصبح من السهل أن يقتني الشخص منَّا آلاف العظات على بعض هذه الأسطوانات.. ويشاهد أفلام القديسين وغير ذلك من الأشياء المفيدة.
ولكن كما اتفقنا سابقًا أن لكل شيء استخدامه المفيد والاستخدام الخطأ. فالإنسان بطبعه يميل إلى الشر منذ خلقته.. ولذلك قد يسئ استخدام ما بين يديه.. ويتضح ذلك أكثر وأكثر بين الشعوب الغير متحضرة، أو التي لا تساير ركب الحضارة السريع الذي تسير فيه باقي دول العالم المتقدمة.
وما دام الإنسان تعود أن يسئ استخدام الأشياء المتاحة بين يديه، لذلك يجب أن يكون حريصًا جدًا في استخدام ما بيده أو ما يتاح له استخدامه.
من ضمن ذلك جهاز الكمبيوتر الذي قدّم لنا كل المميزات السابقة وغيرها الكثير والكثير.. نجد البعض يسئ استخدامه في مشاهدة بعض الأسطوانات التي تحمل بعض الأفلام المخلة، والتي تسئ أولًا للشخص الذي يراها وثانيًا للذي يتداولها والذي يروج لها.

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
وأصبح لدينا الآن وسيلة أعظم وأعظم في الاتصال والمعرفة في كل شيء وهو الانترنت.. نجد عليه الآن كل ما نحلم من أبحاث وكتب وشرائط وأفلام وغيره.. ومن الممكن أن نحضر أبحاثًا قيمة عن طريقه، ونتطلع على أحدث هذه الأبحاث والكتب، وأحدث ما وصل إليه أي علم من علوم الحياة، بكتابة بعض البيانات البسيطة والضغط على زر أو أيقونة بالـMous* نجد هذا البحث القيم أو التسجيل الصوتي أو غيره بسهولة جدًا بدون بذل أي جهد وبدون تضيع وقت في البحث عن هذا الكتاب في المكتبات.
كل هذه الإمكانيات والفوائد التي لا تعد ولا تحصر يقدمها لنا الانترنت وجهاز الكمبيوتر، وأصبح الآن لا يستطيع أحدًا منَّا الاستغناء عن ذلك.
ولكن الأشخاص يسيئون استخدام كل ما هو مفيد ويحولونه إلى ضرر.. وذلك بأن يقضى وقتًا كبيرًا جدًا أمام الكمبيوتر يلعب Gamesويترك مذاكرته أو عمله أو ما يطلب منه في المنزل.. يجلس أمامه ساعات طوال، ولا يفكر لحظة أن يقف ليصلى أو يجلس يقرأ في كتابه المُقدَّس، ومع ذلك نجده يتعلل بضيق الوقت..
* أنا لا أصلي لأنني لا أجد وقتًا أصلى فيه.
* أنا لا أقرأ الكتاب المُقدَّس لأن الوقت ضيق جدًا وعندي مشغوليات كثيرة.
ونجد البعض يجلس أمام الكمبيوتر ويدخل على النت على بعض المواقع المخلة التي تعرض بعض الأشياء التي تفسد الأخلاق الجيدة، ويجلس أمامها مسبي العقل والإرادة.. وقد يترك الأشياء وما هو مهم في حياته في مقابل جلوسه أمام هذه الأفلام أو الصور وغيرها.. وبعد ذلك يشكو هذا الشخص بأن أفكاره تلوثت من الخطية ونظره تدنس من بعض المناظر.. وكثيرًا مَنْ يقول إنني تعلمت بعض العادات الرديئة عن طريق مشاهدة بعض الأفلام وغيرها.
في حين أننا دائمًا عندما ننظر إلى الحياة الروحية والممارسات الروحية نشكو دائمًا من ضيق الوقت وكثرة المشغوليات والتزامات الحياة الصعبة.
نجد البعض يقع في خطأ خطير وهو دخوله على حجرات ال (Pall Talk)، ويدخل في حوارات مع مَنْ لا يعرفهم.. وبالطبع كثير من الداخلين هذه الحجرات يكونون بأسماء مستعارة (مزيفة)، وننخدع في هؤلاء الأشخاص، ويدخلون معنا في بعض الحوارات أيًا كانت دينية أو ثقافية أو غيرها.. ونسترسل معهم في الكلام دون أدنى معرفة، ونقع في المحذور أننا نتكلم في كلام كثير غير مفيد بل مضر جدًا غير عالمين أن "كثرَةُ الكلامِ لا تخلو مِنْ مَعصيَةٍ" (أم10: 19).. وهذا ليس كلامًا عاديًا نافعًا بل كلامًا مضرًا مفسدًا للأخلاق الجيدة.
ويدخل البعض في حوارات الـ (Chattingويتحدث للآخرين في كل شيء، وغالبًا قد تكون غير مفيدة، وأيضًا لا يعرف الشخص مَنْ يُحادثه معرفة حقيقية، وندخل في المحذور وهو الوقوع في بعض الأخطاء.
ونجلس على هذه المحادثات والحجرات بالساعات الطوال، وننسى مَنْ حولنا، وما هو مطلوب منَّا، ويضيع الوقت الثمين الذي لا بد من استثماره فيما هو حسن وجيد.
وبعد كل ذلك تكون الشكوى المستمرة من ضيق الوقت.. لا نجد وقت كافي للمذاكرة ولا للعمل ولا للقراءة ولا...
نجلس أمام الكمبيوتر حتى الفجر، وممكن حتى بزوج نور اليوم التالي، حتى نصل إلى مرحلة الإرهاق التام، فتنام حتى بعد ظهر اليوم، ونبدأ يومنا الساعة الثالثة أو الرابعة ظهرًا، بعد أن يكون أغلبية الناس أنهوا يومهم العمل العادي،وفى ذلك الوقت يبدأ الإنسان يومه فيصبح نهاره ليل والعكس.. عكس باقي الأشخاص.. وذلك لعدم تنظمه للوقت.
بالطبع هذا الشخص سوف يهمل العمل والقداسات والصلوات وغيرها.. لأن اليوم لم يصبح يومًا عاديًا.. ونقول له: هل حضرت القداس أو صليت صلوات الأجبية؟ يجيب إننى كنت سهران حتى طلوع ضوء اليوم التالي، وتعبت جدًا واضطررت أن أنام.. فنمت نومًا ثقيلًا، ولم أستيقظ إلاَّ والشمس في طريقها إلى الغروب.
بالطبع هذا الإنسان سوف يكون مقصرًا في حق نفسه وفى حق الآخرين، ويكون غير أمينًا على وقته ولا على حياته ولا على مستقبله.. لأنه يفسد نفسه بنفسه.
هذه الآفة الصغيرة التي بدأت تتسلل لكثيرين غير مدركين خطورتها على الحياة الروحية بل على الحياة العامة.. يجب أن نقف ونستيقظ، ونأخذ موقف إيجابي تجاه هذا التعرف السلبي الذي ننساق في تياره، وننجرف إلى موجته العالية، ولا ندرى ماذا سيكون فيما بعد.. هل الجهاز الذي أمامي هو الذي يتحكم فيَّ.. أم أنا بإرادتي القوية أستطيع أن أميز ما هو مفيد وما هو مضر؟.. ماذا ينفعني وماذا يضرني؟
إذا أعطاني أحد أصدقاء السوء عنوان موقع، وقال لي أدخل إليه ستجد ما يمتعك.. هل أستجيب أم أرفض؟ أم أوافق بواقع حب المعرفة؟
هل ستكون عندي الشخصية القوية التي تستطيع أن تقول لا؟ "كُلُّ الأشياءِ تحِلُّ لي، لكن ليس كُلُّ الأشياءِ توافِقُ" (1كو6: 12).. هل أستطيع أن أميز ما بين ما يضرني وما يفيدني؟ أم أصبح إنسان مسلوب الشخصية لا يستطيع أن يقول لأي شيء لا.
أرجوكم في هذه الأيام أن يقف كل منَّا وقفة حساب مع النفس لكي نبني شخصيتنا.. لتكون شخصية قوية واضحة المعالم.. تُميز ما بين ما يفيدها وما يضرها.. شخصية تبتعد عن كل السلبيات وتبحث وتسعى نحو الإيجابيات.
وبذلك نكون شباب مسيحي..
يشهد للمسيح في كل مكان بتصرفاته الجيدة.
ربنا يبارك حياتكم.. ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 06 - 2014, 06:30 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

الموبايل – التليفون المحمول
مَنْ منَّا كان يخطر على باله لحظة أن يكون بين يدي الناس آلة تستطيع أن تربطهم بعضهم مع بعض.. (الأسرة، الأصدقاء، الأحباء، أصحاب العمل......).. إلى أن جاء عصرنا الذهبي الذي نحيا فيه الآن.. عصر التقدم التكنولوجي السريع الذي يتحفنا كل يوم بما هو جديد ومفيد.
كل يوم نسمع عن أحد الأجهزة التي تم اختراعها أحدث مما سبقها، ونسمع بعض المميزات التي تميز هذه الآلة (الجهاز).. فنسرع جميعًا إلى شرائها واقتنائها والتمتع بمزاياها التي تفوق العقل البشرى المحدود.
ومنذ سنوات محدودات ظهر لنا (التليفون المحمول) (الموبايل) الذي أبهر الكل، وأصبح من أحدث الوسائل التي تربط الكل.. وبدأ طرحه في السوق لرجال الأعمال الذين يحتاجون وسيلة ربط بين بعضهم وبين الدول التي يتعاملون معها في الصفقات التجارية وغيرها.. ثم انتشر أكثر بأن حمله القادرين على المصاريف الباهظة التي تدفع في الفاتورة، ثم ظهرت أكثر من شركة تنافس بعضها في طرح العروض للجمهور لكي تكتسب عملاء وتستفيد من ورائهم.
وانتشر الموبايل إلى أن أصبح في يد الجميع، وأصبح لا يميز مَنْ يحمله ولا يقلل من شأن مَنْ لا يحمله.. حتى الأطفال حديثي السن في المرحلة الابتدائية بدأوا يحملونه ويعرفون بعض إمكانياته ومزاياه التي ممكن أحد الكبار لا يعرفها.
كل هذا شيء رائع جدًا، وأصبح العالم عن طريق النت والموبايل قرية صغيرة يترابط جميع مَنْ فيه كأنهم في بلدة صغيرة معًا.
هذه الآلة الصغيرة أصبحت تربطني بأمريكا وأستراليا وجنوب أفريقيا وجزر المحيط وجميع أنحاء العالم، ويمكنني عن طريقها أن أسمع صوت مَنْ لا أستطيع أن أراهم لمده سنوات، والذين فرقت بيننا الأيام والمسافات و..... لكن ما يؤسف هو أن بعضًا منَّا يسئ استخدام الأشياء التي في يده! فكل آلة أو جهاز أو أي شيء في يدنا له الاستخدام السليم والاستخدام السيئ.
مَنْ منَّا لا يقتني سكين في بيته!! فالسكين ظهر لنا لكي نستخدمه في أعمال الطهي وتقطيع اللحوم المستخدمة في الأكل والخضروات والفواكه وغيرها، ولم يظهر لنا أو كان الهدف من ظهوره هو استخدامه في عمليات القتل والانتحار وغيرها.
القلم الذي في يدنا.. مَنْ منَّا لا يستخدم الأقلام بكل أنواعها!! هل اخترعت لتساعدنا في المذاكرة والأعمال الكتابية بكل أنواعها والمراسلات الجيدة؟ أم اخترعت لكي نكتب بها مقالات خاطئة وألفاظ لا يمكن أن تُقال أو... فكل شيء له الاستخدام الحسن الذي اخترع بسببه ولكن من الممكن أن الإنسان يخترع استخدام سيء بل وسيء للغاية لهذا الجهاز.
هذا ما حدث في الموبايل الذي بين أيدينا جميعًا... نظرًا لسهولة استخدامه، وأصبح بين يدي الجميع ورخص أسعار المكالمات، بل ودخول بعض الخدمات الجديدة مثل (Video Call) أصبح الشباب اليوم يستخدمونه بطريقة خاطئة في رؤية بعض المناظر التي لا تليق بنا كشباب وشابات يحملوا اسم المسيح.

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
بل أصبح وسيلة سهلة لتداول بعض الصور وال (Clips) التي تسيء لنا وللكل، بل أصبح وسيلة دمار لأخلاق مَنْ يريدون أن يعيشوا بطهارة وبفكر نقي إذا تهاونوا مع أنفسهم وفتحوا الباب للصحبة الشريرة.. التي تهدف إلى تدمير كياننا الروحي.
هذه الآلة الصغيرة التي أساءنا استخدامها أصبحت مصدر معرفة خاطئة لكثيرين، واستخدامها في المناظر أو المشاهد الخاطئة أو الصور الفاضحة، وأصبحت مصدر عثرة لكثيرين عن طريق إرسال بعض الصور الغير لائقة... أو غيره.
نرى هذه الظاهرة وقد بدأت في الانتشار بين فئة الشباب والفتيان من الجنسين، ونحن لا ندري أو لا نقدر ما مدى خطورة هذا التصرف الخاطئ، ونحن ننسى وصية السيد المسيح الذي قال:
?"إنْ كانَتْ عَينُكَ اليُمنَى تُعثِرُكَ فاقلَعها" (مت5: 29).
?وأيضا: "إنَّ كُلَّ مَنْ يَنظُرُ إلَى امرأةٍ ليَشتَهيَها، فقد زَنَى بها في قَلبِهِ" (مت5: 28).
فحتى النظرة الشريرة نهانا عنها السيد المسيح لأنها تعتبر زنى قلب، وذلك لأنها تلوث الفكر والذهن والحواس، ويترتب عليها بعد ذلك ميول لإرادة الإنسان في ارتكاب الخطية.
* يجب علينا نحن أولاد المسيح أن نستخدم العالم وما فيه ولا يستخدمنا العالم.
*لا نساير هذا الدهر.. "لا تُشاكِلوا هذا الدَّهرَ" (رو12: 2).
إذا كان هذا التصرف القبيح بدأ ينتشر مع الآخرين.. فيجب علينا كأبناء للسيد المسيح أن نقف وقفة صامدة وواعية ضد هذا التصرف وهذا السلوك الغير لائق.
نقطة أخرى في استخدام الموبايل وهى الظاهرة التي انتشرت كثيرًا في قداستنا واجتماعاتنا وهى عدم إغلاق التليفون.
فنحن في القداس أقدس شيء بالنسبة لنا.. نجد أثناء الصلاة تليفون واثنين وثلاثة وأكثر،كل بضع دقائق يرن تليفون أحد الحاضرين، ومن الممكن أن يتركه هذا الشخص إلى أن ينتهي الرَنّ، وتعاد مرة أخرى، وهو لا يدرى أن هذا السلوك يتعب الآخرين ويفقد تركيز مَنْ يريد الاستمتاع بالقداس أو بالعظة.
بل أكثر من ذلك ممكن نجد هذا الشخص يخرج التليفون من جيبه ويرد على مَنْ يطلبه، ويتكلّم معه بدون تحفظ وبصوت عالي، أو ممكن يضع يده على فمه ويتكلّم بصوت خافت.
كل ذلك يشد انتباه مَنْ حولك وأنت لا تدري.. ويفقد تركيز الأب الكاهن المُصلي والشعب كله، ويفقد تركيز المتكلم في الاجتماع.
نحن غالبًا لا ندري خطورة هذه الظاهرة.. إذ تتحول الكنيسة في بعض الأحيان إلى ما يشبه السنترال.. كل واحد واقف يتحدث مع مَنْ طلبه، ويتكلّم بصوت مسموع، ولا نراعي مشاعر بعضنا البعض.
ومن الممكن أن نقرأ اللافتة الموضوعة أمامنا في كل مكان: (برجاء غلق التليفون المحمول).. نقرأها ولا نعطيها أي نوع من الاهتمام ولا نغلقه.. ونقول بعض الأسباب الواهية: أصل البيت لازم يطمئن علينا، أصل في حالة حرجة لازم اطمئن عليها، أصل في الشغل بيحتاجوني باستمرار، أصل ممكن حد يطلبني ويجد التليفون مغلق ويقلق علينا...أصل وأصل وأصل... ونتجاهل نهائيًا ما قاله السيد المسيح: "بَيتي بَيتَ صَلاةٍ يُدعَى" (مر11: 17).
أرجوكم نضع هذه النقاط في الاعتبار، وتكون محل اهتمام وتفكير.. لان هذه السلوكيات الغير لائقة تسيء لنا جميعًا إساءة ليست بقليلة.
ومَنْ تعود أنه لا فرق بين الكنيسة والشارع والعمل والبيت.. يفقد مهابة واحترام بيت الله.. بل يفقد مخافة لله نفسه.
ربنا يجعلنا قطيع ذو آذان صاغية..
يسمع صوت راعيه الحبيب وليس صوت العالم..
فنسمع ونعمل.
ربنا يبارك حياتكم..
ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 06 - 2014, 06:32 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

المسيحية والاستشهاد
إن قصة الاستشهاد هي قصة المسيحية كلها.. فالاستشهاد والمسيحية صديقين متلازمين لا يفترقان عن بعضهما.
فالإستشهاد هو قصة الكرازة بالإنجيل في كل العالم لأن الإيمان المسيحي كان ينتشر في كل مكان، وكانت جذوره تدب في أعماق البشرية.. فكان يمتد في المسكونة طولًا وعرضًا وعمقًا، وذلك بشهادة الدم أكثر من الوعظ والتعليم.
فنجد مُعلِّمينا الكبار بطرس وبولس كليهما استشهد من أجل انتشار الإيمان: الأول مصلوبًا منكس الرأس، والآخر بحد السيف، ونالا إكليل الشهادة من أجل تمسكهم بالسيد المسيح.
وهذا هو الفكر السامي في الكرازة والتبشير في المسيحية.. أن المبشر والكارز هو الذى يستشهد من أجل الإيمان، وليس مَنْ لا يؤمن بالدين هو الذي تقطع رقبته.
فلم تعرف البشرية في كل عصورها شهداء مثل شهداء المسيحية.. من حيث شجاعتهم وإيمانهم ووداعتهم وشجاعتهم واحتمالهم وجدّهم وفرحهم بالاستشهاد.. فنجدهم يعانقون الموت في فرح وهدوء ووداعة عجيبة تزهل مَنْ يعذبونهم ومضطهديهم!! مما يجعلهم في آخر هذه المرحلة الأليمة يؤمنون بالسيد المسيح الذي يعبده النصارى، عندما يرون إيمانهم وجدّهم واحتمالهم للعذابات لآخر نَفَس!!
فقد وجدنا "إريانوس" أشرس الولاة الذين قاموا بالتفنن في تعذيب المسيحيين، وكل مَنْ احتاروا في أمره أوصلوه إلى إريانوس القاسي القلب.. فتارة يعذبهم بالهنبازين، وتارة بالحرق، وتارة بتعليقهم على ساري المركب، وتارة أخرى بتمشيط أجسادهم ثم وضعهم في جير حي.. وتبارى في أنواع التعذيب. وأخيرًا نجد إريانوس هذا يؤمن بالسيد المسيح بل ينال إكليل الشهادة من أجل إيمانه!!
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
يا ترى ما هو السبب في ذلك؟!
وما الذي جعل الشهداء يحتملون هذا العذاب؟

*لقد نظروا إلى العالم نظرة وقتية.. فهذا العالم الفاني لا يُقاس بالحياة الأبدية التي سوف يحيون فيها.. وذلك لأنهم عاشوا الإنجيل وتعاليم الآباء الرسل.. "لأنَّ خِفَّةَ ضيقَتِنا الوَقتيَّةَ تُنشِئُ لنا أكثَرَ فأكثَرَ ثِقَلَ مَجدٍ أبديًّا. ونَحنُ غَيرُ ناظِرينَ إلَى الأشياءِ التي تُرَى، بل إلَى التي لا تُرَى. لأنَّ التي تُرَى وقتيَّةٌ، وأمّا التي لا تُرَى فأبديَّةٌ" (2كو4: 17-18).

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
*وقد عاشوا حياة الغربة على الأرض، وشعروا أنهم غرباء ونزلاء في هذا العالم.. فالنزيل أو الغريب لا يمكنه أن يمتلك شيئًا إلاَّ في وطنه وفي أرضه.. "أيُّها الأحِبّاءُ، أطلُبُ إلَيكُمْ كغُرَباءَ ونُزَلاءَ، أنْ تمتَنِعوا عن الشَّهَواتِ الجَسَديَّةِ التي تُحارِبُ النَّفسَ" (1بط2: 11).
إن حياتنا على الأرض مهما طالت فلا بد أن نرجع إلى وطننا السماوي مستقرنا الأخير بيتنا الأصلي، وإلى ميراثنا المحفوظ لنا في السموات.. وهذا ما أكّده لنا مُعلِّمنا بولس عندما قال: "في الإيمانِ ماتَ هؤُلاءِ أجمَعونَ، وهُم لم يَنالوا المَواعيدَ، بل مِنْ بَعيدٍ نَظَروها وصَدَّقوها وحَيَّوْها، وأقَرّوا بأنَّهُمْ غُرَباءُ ونُزَلاءُ علَى الأرضِ" (عب11: 13).
*وقد شعروا أن هذا العالم قد وُضع في الشرير، وأن الحياة فيه كلها حزن وألم وضيق.. ولكن هذا الضيق والألم سرعان ما سوف يتحول إلى فرح، عندما نصل إلى السماء.. وهذا ما قاله السيد المسيح له المجد: "الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّكُمْ ستَبكونَ وتنوحونَ والعالَمُ يَفرَحُ. أنتُمْ ستَحزَنونَ، ولكن حُزنَكُمْ يتحَوَّلُ إلَى فرَحٍ" (يو16: 20).
*ولمعرفتهم أيضًا أن نهاية ضيقات وأحزان وآلام هذا العالم الذى نعيش فيه سوف تؤول إلى مجد عظيم في السماء.. ولذلك صبروا واحتملوا الآلام مُفضلين الضيقات الأرضية التي تؤهلهم إلى المجد السماوى الذي لا يوصف.. عاملين بما ذكره مُعلِّمنا بولس الرسول: "صادِقَةٌ هي الكلِمَةُ: أنَّهُ إنْ كُنّا قد مُتنا معهُ فسَنَحيا أيضًا معهُ. إنْ كُنّا نَصبِرُ فسَنَملِكُ أيضًا معهُ" (2تي2: 11-12). "فإني أحسِبُ أنَّ آلامَ الزَّمانِ الحاضِرِ لا تُقاسُ بالمَجدِ العَتيدِ أنْ يُستَعلَنَ فينا" (رو8: 18).
*ولذلك زهدوا كل شيء في أيديهم وفي العالم، عائشين حياة التجرد والاختلاء من كل ممتلكات العالم، سائرين على خُطى بولس الرسول الذي قال: "لأنَّنا لم نَدخُلِ العالَمَ بشَيءٍ، وواضِحٌ أنَّنا لا نَقدِرُ أنْ نَخرُجَ مِنهُ بشَيءٍ. فإنْ كانَ لنا قوتٌ وكِسوَةٌ، فلنَكتَفِ بهِما" (1تي6: 7-8).. وذلك لأن مُعلِّمنا بولس اعتبر أن الغنى هو غنى الروح وليس الجسد.. (أي الغنى الروحي وليس الجسدي).
*لذلك اشتهوا أن ينطلقوا من الجسد لكي يكونوا مع المسيح.. "ليَ اشتِهاءٌ أنْ أنطَلِقَ وأكونَ مع المَسيحِ، ذاكَ أفضَلُ جِدًّا" (في1: 23). وما شجعهم على هذا هو قول السيد المسيح: " في بَيتِ أبي مَنازِلُ كثيرَةٌ، وإلاَّ فإني كُنتُ قد قُلتُ لكُمْ. أنا أمضي لأُعِدَّ لكُمْ مَكانًا، وإنْ مَضَيتُ وأعدَدتُ لكُمْ مَكانًا آتي أيضًا وآخُذُكُمْ إلَيَّ، حتَّى حَيثُ أكونُ أنا تكونونَ أنتُمْ أيضًا" (يو14: 2-3).
من أجل هذا اشتهى آباءنا القديسين الاستشهاد.. لأنه هو الذي يُؤهلهم لهذا اللقاء مع عريسهم السمائي،وقد فعلوا كل ذلك من محبتهم العجيبة للسيد المسيح، مُفضلين الحياة معه عن سواه، واضعين أمام أعينهم الآية القائلة: "مَنْ أحَبَّ أبًا أو أُمًّا أكثَرَ مِني فلا يَستَحِقُّني، ومَنْ أحَبَّ ابنًا أو ابنَةً أكثَرَ مِني فلا يَستَحِقُّني" (مت10: 37).. فكانت حياتهم في الجسد وليست للجسد، وحياتهم في العالم وليست للعالم.. عاشوا في العالم دون أن يعيش العالم في داخلهم وفي قلبهم.. لذلك أحبوا الموت أفضل من الحياة في الخطية.. سفكوا دمائهم من أجل محبتهم في الملك المسيح الذي بذل نفسه على عود الصليب من أجلهم.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
فيا إلهنا الصالح..
الذي أعنت آباءنا الشهداء على احتمال الآلام والعذابات..
من أجل تمسكهم باسمك المبارك..
أعنَّا نحن أيضًا لكي نستطيع أن نشهد لإسمك القدوس المبارك..
ونقدم للكل مَثلًا حيًا للإنسان الذي يشهد للمسيح في كل مكان..
ليروا أعمالنا الصالحة فيمجدوك أنت..
الذي لك كل المجد والاكرام من الآن وإلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
بعض مقالات الراهب القمص بطرس البراموسي
كتاب مازال ينزف - الراهب القس سارافيم البراموسى
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي
كتاب نحو الهدف - الراهب القس بطرس البراموسي
مفهوم الصوم الراهب القس بطرس البراموسي


الساعة الآن 08:50 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024