|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اِرْحَمْنِي يَا اللهُ، لأَنَّ الإِنْسَانَ يَتَهَمَّمُنِي، وَالْيَوْمَ كُلَّهُ مُحَارِبًا يُضَايِقُنِي [ع1]. كلمة "يَتَهَمَّمُنِي"تعني:يلاحقني ظمآن إلي دمي. جاءت الكلمة مترجمة في مواضع أخرى "يدوسني" أو "يسحقني" (مز 57: 3). كان الملك شاول بكل إمكانياته يقاوم داود ويطلب قتله، لكن داود لم يخشَ الملك، إذ يعلم أنه إنسان فانٍ، ملح فاسد سيُداس من الناس. لهذا لم يقل: "لأن الملك يبتلعني"، بل "الإنسان يبتلعني". فمهما ظن الأشرار أنهم أصحاب سلطان، قادرون على أن يطأونا بأقدامهم أو يبتلعونا، فإن الله يرحمنا ويرفعنا، أما هم فبشرهم يسقطون تحت الأقدام. بينما يُشبه داود بحمامة بكماء عاجزة عن أن تفتح فمها للدفاع عن نفسها، إذ بفم العدو ينفتح لا لينطق بالكذب والافتراءات فحسب، وإنما ليبتلع داود نفسه. هوجم داود من أبناء وطنه حتى من أهل بيته وأصدقائه، والآن صار بين أعدائه الفلسطينيين، متوقعًا أن يبتلعوه وهو حيّ. فالحرب ضده مستمرة من خاصته كما من أعدائه. لا خلاص له إلاَّ بالله القدير ينبوع كل رحمة! ليس من إنسان يثق فيه؛ لم يعد له ملجأ آمن سوى إلهه. يصرخ المرتل إلى الله لكي يُحسن إليه ويرحمه، فإن الإنسان بوجهٍ عام، دون تحديدٍ لأسماءٍ أو جماعاتٍ معينةٍ، قد وضع في قلبه أن يتهممه، أي يلاحقه ظمآن إلي دمه، أو يبتلعه، مثل وحشٍ يفترسه تمامًا. لا يجد المرتل راحة قط، فالمقاومة مستمرة ضده "اليوم كله"! الإنسان المسيحي في محبته الفائقة لإخوته في البشرية، يشعر أن العدو الحقيقي الذي يقاومه بلا توقف هو إبليس ومعه كل قوات الظلمة الروحيين. * ليت القديسين الذين يعانون من ضغط من هم غرباء عن القديسين أن ينتبهوا إلى هذا المزمور... لننتبه إلى عدوين، ذاك الذي نراه، والذي لا نراه. نحن نرى البشر، ولا نرى الشيطان. لنحب الإنسان، ونحذر من الشيطان. نصلي لأجل الإنسان، وضد الشيطان. لنقل لله: "ارحمني يا الله، لأن الإنسان يطأ عليّ" [1]... لا تخف لأن الإنسان يطأ عليك، سيكون لك خمر، إذ صرت عنبًا لكي يطأ الإنسان عليك. العنقود الأول في المعصرة الذي ضغط عليه هو المسيح (إش 53: 3)... ليقل أيضًا جسده، متطلعًا إلى الرأس: "ارحمني يا الله، لأن الإنسان وطأ عليّ". القديس أغسطينوس |
|