رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس يوحنا المعمدان(2-2) السبت 25 يناير 2014 بقلم المتنيح قداسة:البابا شنودة الثالث شخصيات الكتاب المقدس بمناسبة عيد الغطاس المجيد الذي احتفلنا به أود أن أحدثكم عن شخصية عظيمة هي: وتبرز عظمة يوحنا,في أنه عاش بكماله,علي الرغم من أن عصره كان مظلما. كان عصرا شريرا,وكان أشر مافيه قادته الروحيون من أمثال الكهنة والشيوخ والكتبة والفريسيين والصدوقيين...وقد قام فيه من قبل بعض المعلمين الكذبة مثل ثوداس ويهوذا الجليلي اللذين تكلم عنهما غمالائيل(1ع5) وقد ازاغا كثيرين...وكان عصرا يمتاز بالحرفية والبعد عن الروح,ويتميز رجال الدين فيه بالرياء والكبرياء وعلي الرغم من وجود أضواء بسيطة مثل حنة النبية وسمعان الشيخ وزكريا الكاهن وأمثالهم إلا أن العصر في مجموعه كان فاسدا.يكفي أن الرب وصفه بأنهجيل فاسق وشرير(متي12:39). ولكن يوحنا لم يتأذ من فساد جيله,بل علي العكس كان بركة لجيله وسبب هداية وتوبة... ومن عظمة يوحنا أنه كان ابن الجبال,كان رجل برية,ورجل زهد ونسك وكل ذلك ترك أثره في حياته وفي صفاته. طارده الموت من صغره,عندما قتل هيرودس الأطفال فأخذوه إلي البرية.وعاش في البراري طوال عمرهينمو ويتقوي بالروح(لو1:80).عاش ناسكاخمرا ومسكرا لايشرب(لو1:15) يلبس وبر الأبل,ومنطقة من جلد علي حقويه.ويأكل جرادا وعسلا بريا(مر1:6). هكذا تدرب في البرية علي حياة الزهد.وصدق مار إسحق حينما قالإن مجرد نظر القفر يميت من القلب الحركات العالمية. وفي البرية تعلم الصلاة والتأمل,وتعلم الشجاعة والصلابة وتعلم الإيمان أيضا. أعده الله في مدرسة البرية,كما أعد العذراء في الهيكل فنشأ شجاعا لايهاب إنسانا يصلح أن يكون صاحب رسالة,وكانت رسالته هي إعداد الناس للتوبة. ومن عظمة يوحنا المعمدان,إنه كان شجاعا جريئا,يقول الحق بكل قوة,مهما كانت النتائج.حقا إن الزاهد لايخاف. أخطأ هيرودس الملك.فمن كان يجرؤ أن يوبخه أو يواجهه بكلمة الحق؟من الذي يعلق الجرس في عنق القط؟ليس غير يوحنا المعمدان.هو الوحيد الذي استطاع أن يقول لهيرودسلا يحل لك.... ألقاه هيرودس في السجن فلم يهتم.أنما يخاف السجن إنسان يحب متع العالم وملاذه ويخشي أن يحرمه السجن منها أما إنسان ناسك كيوحنا زهد كل ملاذ العالم وتركها بإرادته ففي أي شئ يتعبه السجن؟! ربما يقال له:ستتعطل خدمتك بالسجن.ولا ترشد ولا تعمد,ولا تهدي الناس إلي التوبة.أما يوحنا فلايهتم ولا يقول:إن كان هذا الباب مفتوحا من الله,فلا يستطيع أحد أن يغلقه. أن كان الله يريد يوحنا أن يبشر,فسيبشر,ولا يستطيع أحد في الوجود أن يمنعه.وإن كان الله لايريد,فلتكن مشيئته بهذا المنطق كان يوحنا يشهد للحق.وليحدث بعد ذلك ما يكون. وكان ما كان,وقطعت رأس يوحنا.ولكن هذا الصوت الصارخ في البرية,ظل يدوي في أذن هيرودس يزعج ضميره وأفكاره ونومه وصحوه,ويقول له في كل وقتلا يحل لك.إن صوت يوحنا لم يمت بموت يوحنا,بل ظل مدويا ضد أعداء الحق.وظل هيرودس يخاف يوحنا حتي بعد موته...فعندما أحس هيرودس بكرازة المسيح القوية وبمعجزاته قال لغلمانه:هذا هو يوحنا المعمدان قد قام من الأموات ولذلك تعمل به القوات!!(متي14:2). إن يوحنا قد عامل هيرودس الملك كما عامل باقي الناس كان يدعو الكل إلي التوبة,سواء في ذلك الملك أم الجند أم القادة أم أفراد الشعب...الكل سواء أمام شريعة الله. الكل في حاجة إلي التوبة.الملك محتاج إلي من يوبخه علي خطيئته كما يحتاج الفرد العادي...لكي يتوب وإن لم يتب الملك,فيكفي يوحنا أنه شهد للحق وأنه نادي بالتوبة. كانت معموديته هي معمودية التوبة,ورسالته هي دعوة للتوبة ينادي في الناستوبوا فقد اقترب ملكوت السموات(متي3:2) وكان شديدا في دعوته يوبخ وينتهر ويبكت وكان الناس يقبلون تبكيته بقلب مفتوح. ونجح يوحنا في خدمتهخرج إليه أورشليم وكل اليهودية وجميع الكورة المحيطة بالأردن.واعتمدوا منه في الأردن معترفين بخطاياهم(متي3:6). ولما رأي الجموع قد كثرت حوله,حول أنظارهم منه إلي المسيح.بذل كل جهده لكي يختفي هو,ويظهر المسيح ولعل هذه هي أبرز فضائل يوحنا وأقدس أعماله... كان يقول لهمأنا أعمدكم بماء للتوبة.ولكن الذي يأتي بعدي..سيعمدكم بالروح القدس ونار(متي3:11). أنا عمدتكم بالماء,وأما هو فسيعمدكم بالروح القدس(مر1:8) وكما كان يجذبهم إلي معمودية أخري أفضل من معموديته كان يجذبهم بالأكثر إلي صاحب تلك المعمودية الذي هو أقوي منه وأعلي وأقدم. كان ينادي في الناسيأتي بعدي من هو أقوي مني,الذي لست أنا أهلا أن أنحني وأحل سيور حذائه(مر1:7)يأتي بعدي رجل صار قدامي,لأنه كان قبلي(يو1:30)لست أنا المسيح,بل أني مرسل أمامه(يو3:28). لم يكن تفكير يوحنا منحصرا في ذاته,وأنما في المسيح.لم يكن يبحث عن مجد ذاته,وأنما عن ملكوت المسيح. كان يدرك تماما أنه ليس هو النور,وأنما ليشهد للنور(يو1:8) اذن فهو مجرد إنسان جاء للشهادة,ليشهد للنور,ليؤمن الكل بواسطته كان يعرف أنه مجرد سابق أمام موكب الملك الآتي,كل عمله أن يعد الطريق للملك.واستطاع يوحنا أن يحفظ طقسه ولايتجاوز حدوده... كانت الذاتية ميتة عند يوحنا.لم يكن لذاته وجود في خدمته كان المسيح بالنسبة إليه هو الكل في الكل,ليته يكون درسا للخدام الذين يبنون ذواتهم علي حساب الخدمة,أو يتخذون الخدمة مجرد مجال لإظهار ذواتهم!! أروع كلمة تعبر عن خدمة يوحنا هي قوله عن المسيحينبغي أن ذاك يزيد,وأني أنا أنقص(يو3:30) هذه العبارة هي سر نجاح خدمته وهي المبدأ الذي سار عليه في كل خدمته...لذلك عندما بدأت كرازة المسيح وأخذت تكتسح خدمة يوحنا ابتهج يوحنا وفرح وقالإذن فرحي هذا قد كملمن له العروس فهو العريس...الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع....الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية,والذي لا يؤمن بالابن لن يري حياة بل يمكث عليه غضب الله(يو3:26:36). حالما تقابل يوحنا مع المسيح قال لهتفضل هذه العروس أنها لك أنا تسلمتها لمجرد أن أوصلها لك.حقا أنه من واجبي أن أوصلها لك نظيفة ومزينة وأنادي لها أولا بالتوبة...وأقول لها:أيتها العروس هوذا العريس مقبل فاستعدي للقائه.علي أن أعظم مافي حياة يوحنا كان هو عماده للمسيح وفي العماد أري موقفين عظيمين في الاتضاع,للرب ويوحنا. يوحنا يقول للربأنا محتاج أن أعتمد منك...أنا أيضا خاطئ أحتاج إلي معمودية التوبة معترفا بخطاياي,كهؤلاء الباقين...وأنا محتاج أن أعتمد منك أنت...إنني أمام هؤلاء الناس معلم أما أمامك أنت,فأنا تلميذ بسيط.أمام الناس لا نبي وملاك ولكن أمامك أنا عبد وتراب هم يعتمدون مني وأنا اعتمد منك حقا أنني من سبط لاوي ومن بني هارون.كاهن ابن كاهن,وأنت حسب الجسد من سبط يهوذا وليس من سبط الكهنوت.ولكنني لا أنسي أنك مصدر كل سلطة كهنوتية أنت معطي الكهنوت ومنشؤه أنت كاهن إلي الأبد علي طقس ملكي صادق كما تنبأ داود في المزمور(مز110:4) لذلك أنا محتاج أن أعتمد منك. إن كل العظمة التي تحيط به,لم تنسه ضآلة ذاته التي شعر بها أمام المسيح...وكأنه يقول:من أنا حتي أعمد المسيح؟كما قالت أمه:من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي أنا مجرد تراب ورمادكيف أضع يدي علي رأس الرب,خالق هذه اليد؟! إن كل الآلاف الذين يأتون إليه لم ينسوه حقيقة نفسه وكل التوبيخات التي يوبخ بها الناس الخطاة لم تنسه توبيخا يوجهه إلي ذاته كشخص-أمام الله-يشعر أنه خاطئ...وهكذا قال للربأنا محتاج أن أعتمد منك وكانت هذه العبارة تحمل اعترافا ضمنيا. نلاحظ أن الرب لم يقل لهكلا,أنك غير محتاج للعمادبل قال لهاسمح الآن لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر(متي3:15) حينئذ سمح له!! ونحن نقف منذهلين أمام عبارةاسمح الآن وهي تخرج من فم الرب موجهة إلي واحد من عبيده إنه تعبير مؤدب ولطيف ليتنا نأخذه تدريبا روحيا لنا...يقول لعبدهاسمح الآن أنا أحتاج إلي سماح منك اطلب موافقتك...لست آمرك,وأنما اسمح ويقولحينئذ سمح له ما أعجب هذا.. أي شرح لي سيفقد هذا الموقف قوته. لذلك سأصمت عنه إنه درس في الاتضاع وآداب الحديث يقدمه لنا عماد المسيح لنتعلم ونتدرب... |
|