رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سلسلة الخدمة (5) الخادم الروحي قدوة وبركة وحياته كلها خدمة بقلم قداسة البابا شنودة الثالث إن الخدمة ليست كلاما, انما هي روح الحياة(يو6). والخادم الروحي له الروح التي يحولها في تلاميذه الي حياة... هذه الحياة يلتقطونها منه, يتعلمونها من حياته, ويقلدون شخصيته, فتتخلل نفوسهم وقلوبهم وأفكارهم. إن الصغار قد لا يفهمون كل الكلام الذي يقوله الخادم. وما يفهمونه, كثيرا ما ينسونه. لكنهم يأخذون منه الحياة. ويتعلمون من طريقة معاملته, وطريقة كلامه, بل يتعلمون من أسلوبه , من نظراته, من إشاراته, من تصرفاته.... يلتقطون كل ذلك... المعلومات قد ينسونها. ولكن أسلوب الحياة يظل راسخا فيهم. فإن كان كل ما تملكه هو المعلومات, سوف لا يأخذون منك سوي معلومات, بلا روح بلا حياة...! فابحث إذن ما هو نوع الحياة التي فيك, التي يمكن أن يمتصها منك أولادك؟ والتي تترك فيهم انطباعا من نوع خاص.... أخشي أن بعض الخدام تكون في حياتهم عثرات. وهذه العثرات تؤثر في تلاميذهم تأثيرا سلبيا وويل لمن تأتي من قلبه العثرات, كما قال الرب (مت). هذه العثرات إما أن يقلدها المخدومون, فتضيع روحياتهم, وتهبط مثالياتهم, ويطالب الخادم بدمهم أمام, الله (حز33,3). وإما أن تكون أخطاء الخادم سببا في انتقادهم له, بل أيضا وقوعهم في خطية الإدانة. أو قد تكون تلك الأخطاء سببا في تركهم محيط هذه الخدمة كلها, وما يتبع ذلك من نتائج.... الخادم هو ملح للأرض. فماذا يحدث إن فسد الملح؟! ما أصعب قول الرب في ذلك!! يقول: إن فسد الملح لا يصلح بعد لشئ, إلا أن يطرح خارجا ويداس من الناس (مت5)..... إذن يجب أن تلوم نفسك وتقول: إنني حينما كنت بعيدا عن الخدمة, كانت خطاياي ونقائصي من نصيبي أنا وحدي. وتأثيرها واقعا علي وحدي, وكذلك عقوبتها. أما الآن فإن خطاياي تعثر الآخرين, وتوقعهم في خطايا وتضيعهم.. فإن لم يكن من أجل نفسي, فعلي الأقل من أجلهم أقدس أنا ذاتي, لكي يكونوا هم أيضا مقدسين في الحق (يو17). من هنا ينبغي علي كل خادم أن يفحص نفسه, ويصلح ذاته, ويكون بلا عثرة. بل ينبغي أن يكون قدوة ومثالا. بعكس الخادم الروحي الذي تترك حياته في نفس كل من يقابله أثرا طيبا وانطباعا روحيا يدوم لمدة طويلة.... دون أن يلقي عظة أو يتحدث في موضوع روحي ... بل مجرد مقابلته البشوشة الحلوة الطيبة, وملامحه الهادئة المملوءة سلاما, ووداعته وطيبته وحسن لقائه للآخرين وحسن معاملته, هذا يجعل من يقابله يتأثر روحيا, ويقول في نفسه: مباركة تلك اللحظات التي تقابلت فيها مع فلان. عجيب هذا الشخص الروحي. ليتني أكون مثله في شخصيته الروحية, وفي بشاشته ومعاملته الطيبة التي تبكتني علي خطاياي, وتذكرني بأني في أحيان كثيرة كنت أقابل البعض بعدم اكتراث, أو بغير حماس, بدون ود وبدون بشاشة. ليتني أغير حياتي وأصير مثله ودودا بشوشا وديعا... وهكذا مجرد اللقاء به يقود الآخرين الي التوبة لذلك فالخادم الروحي ليس مجرد مدرس, بل حياته كلها خدمة إن عبارة[مدرس في مدارس الأحد] تعني قصورا في أمرين: أ- فكلمة مدرس تعني التعليم, وليس الحياة وتأثيرها.... ب- وعبارة ( في مدارس الأحد) تعني محدودية الخدمة في هذا النطاق, بينما ينبغي أن يكون الخادم خادما في كل مجال يقابله. فلا يحدها مكان هو الكنيسة, ولا زمان هو ساعة في الأسبوع!! إن كانت الخدمة هي عمل من أعمال المحبة فلا يجوز أن تكون محبتنا قاصرة علي فصل من فصول مدارس الأحد...!! فالإنسان المحب أينما يوجد, تفيض محبته علي غيره. كل انسان يقابله, ينال نصيبا من حبه. إنه كسيدهيريد أن الجميع يخلصون, والي معرفة الحق يقبلون (اتي) حقا إن مدارس الأحد قد تكون مجال تخصصه. ولكن هذا لايمنع عمومية خدمته. فكل شخص يدفعه الله إلي طريقه, وكل ما يقابله في غربة هذا العمل, لابد أن يدخل في مجال تأثيره الروحي, ليس كمدرس, وإنما كحياة روحية تتحرك في عمق, وتؤثر روحيا في غيرها, تلقائيا...وإن أتيح له الكلام, فإنه يجعل الله محور حديثه, بطريقة مشوقة غير مصطنعة... ويكون اسم الرب حلوا في فم الخادم. يجب أن يتحدث عنه, بطريقة تجذب الناس اليه... إن اسم الله علي فمه, ليس في الكنيسة فقط, بل في كل مكان. يحدث الناس عنه في شغف. وينتهز كل فرصة مناسبة, ليحكي قصصا عن معاملات الله المملوءة حبا وحكمة... وحتي إن لم يتكلم , فإنه يقدم للناس نموذجا طيبا عن الحياة المرتبطة بالله.... بعض الناس يظنون المبادئ المسيحية مثاليات من يستطيع تنفيذها؟! أما الخادم الروحي, فيقدم هذه المثاليات منفذة عمليا في حياته.... وبتأمل حياته, يتيقن الناس أن الحياة مع الله ممكنة وسهلة... ويرون أن الذي يسير مع الله, تكون حياته موفقة وناجحة, ويكون محبوبا من الكل, فيشتاقون إلي حياة مثل حياته, التي تجول تصنع خيرا: تعطي هذا كلمة منفعة, وتعطي ذلك حبا وبشاشة. وتعطي ثالثا أمثولة طيبة... المهم أنها تعطي باستمرار خيرا ونفعا.... إنه كالشمس, أينما ظهرت تنير هي منيرة بطبيعتها. وبحكم طبيعتها تعطي نورا وحرارة وحياة, للكل... والخدام الروحيون هكذا بالنسبة الي الآخرين , هم نور للعالم (مت5) كل إنسان يراهم, يستنير ولا يسلك في الظلمة.... فهل أنت نور في حياتك , وبالتالي في خدمتك؟ هل كل من يراك, يمجد الله بسببك؟ وكل من يتحدث معك, يخرج بكلمة منفعة؟ وكل من يجتمع بك, يشكر الله علي أنه جلس معك في ذلك اليوم, وعلي النعمة التي حلت عليه عن طريقك؟ الخادم الروحي بركة للوسط الذي يعيش فيه: انظر ماذا قال الرب في دعوته لإبرآم أبي الآباء: قال له أجعلك أمة عظيمة, وأباركك وأعظم اسمك. وتكون بركة (تك12). فالمطلوب من الخادم الروحي, ليس فقط أن يكون مباركا من الرب, بل بالأكثر يكون بركة كان إيليا بركة في بيت أرملة صرفة صيدا. وكان يوسف الصديق بركة في كل أرض مصر. وكان أبونا نوح بركة للعالم كله. به حفظت الحياة في العالم ولم يفن الرب الأرض كلها ومن عليها, من أجل نوح البار. به بقيت الحياة البشرية, وتنسم الله رائحة الرضا (تك). وأصبحنا كلنا أولاد نوح, كما نحن أولاد آدم... فهل أنت هكذا: أينما حللت تحل البركة؟ وتكون خدمتك بركة للناس في كل مكان تخدم فيه. ويبارك الله خدمتك, ويجعلها مثمرة وذات تأثير. ويبارك أيضا كل من تخدمهم, ويشعرون أنك كنت بركة في حياتهم, وأنه من نعم الله عليهم, أنك كنت الخادم الذي قام برعايتهم؟.... الخادم الروحي يشعر من يخدمهم أنه رجل الله: فهكذا كان إيليا, وبهذا اللقب كان يدعونه. (امل) فهل يراك الناس بهذه الصورة, إنك صوت الله في آذانهم, وأنك مرسل منه اليهم, وإنك صورة الله أمامهم؟ يذكرهم وجودك معهم بالله ووصاياه وبقدسية الحياة... وهل- كرجل الله- يرون فيك ثمار الروح(غل 5:23,22)؟ ويرون تأثير الروح في كلماتك, ويختبرون أنك بركة لحياتهم..... لا تظن أنك بمجرد إلقائك بعض الدروس في الكنيسة, قد صرت خادما. بل تفهم ما معني كلمة (خادم) وماصفاته. وإلي اللقاء في الأعداد المقبلة بمشيئة الرب, لتكملة تأملاتنا في هذا الموضوع إن أحبت نعمة الرب وعشنا. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سلسلة الخدمة (2) 06 ديسمبر 2009 |
سلسلة الخدمة (4) 20 ديسمبر 2009 |
سلسلة الخدمة (3) 13 ديسمبر 2009 |
سلسلة الخدمة(19) |
سلسلة الخدمة (9) بقلم - البابا شنودة 24-1 -2010 |