رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خائف الرب المتهلل هَلِّلُويَا. طُوبَى لِلرَّجُلِ الْمُتَّقِي الرَّبَّ، الْمَسْرُورِ جِدًّا بِوَصَايَاهُ [1]. في المزمور السابق رأينا مخافة الرب هي الينبوع الذي يفيض علينا بالحكمة الإلهية، وهنا نجدها مصدر كل تطويب حقيقي، وسعادة صادقة أبدية. بروح تعبدية تقوية يمجد الله بتطويبه خائف الرب. إنه يُسَبِّح الله من أجل معاملاته ورعايته وعطاياه لمن يتقيه ويتكئ عليه. يرى الأب أنسيمُس الأورشليمي أن متقي الرب هنا من الأمم، لأنه في المزامير عندما يشير إلى اليهود يذكر إسرائيل، أو بيت هرون، أو بيت لاوي وبعد ذلك يقول خائفي الرب أو متقي الرب. فواضح أنه يتحدث هنا عن متقي الرب من الأمم. * الرجل الذي يخاف الرب، الإنسان المطوَّب، يطيع وصايا الرب بسرورٍ. إنه يحب وصاياه بحبٍ عميقٍ وقويٍ؛ لتدركوا ماذا يعني هذا. لم يقل المرتل إنه مجرد يذعن لوصايا الرب؛ فإن كثيرين يطيعون بسبب الخوف، ولا ينالون مكافأتهم. الرجل الذي يخشى جهنم، فلا يرتكب الزنا، لا ينال مكافأة عظيمة مثل ذاك الذي يخدم الرب بأمانة خلال الحب. أما الرجل الذي إرادته هي في ناموس الله، يريد ما يريده الله، يرغب بكل غيرة أن يتمم إرادة الله... فهو يحمل حبًا عظيمًا على الدوام ليتمم إرادة الرب ليس فقط يفعل أوامره، إنما يريدها، ليس فقط بطريقة عابرة، وإنما بكل غيرة قلبه . القديس جيروم * لما كانت الشياطين تخاف الرب وترتعب منه، فلئلا تظنوا أن هذا كافٍ لخلاصنا، فإن المرتل فعل هنا كما فعل قبلًا (في المزمور السابق). فإنه إذ قال: "بدء الحكمة مخافة الرب" أضاف: "فطنة جيدة لكل عامليها" (مز 111: 10)، رابطًا التعليم بطريق الحياة المطابق له. هكذا هنا بعد أن أشار إلى المخافة، لم يتوقف عند المخافة التي حتى الشياطين لديها هذه المخافة، بل أضاف الآتي: "يجد طمأنينة كاملة بوصاياه"... لم يقل: "سيتمم وصاياه"، إنما قال: "يجد طمأنينة (سرورًا) كاملة"، مطالبًا بشيء آخر. ما هو هذا؟ أن نتممها بحماسٍ بكوننا محبين لها بغيرة، تابعين متطلباتها، محبين لها ليس لأجل المكافأة المُقَدَّمة عنها، وإنما من أجل الذي يصدرها. نمارس الفضيلة برضا، وليس خوفًا من جهنم، ولا خشية التهديد بالعقوبة، ولا من أجل الوعد بالملكوت، وإنما من أجل واضع الشريعة. في موضع آخر يظهر الشبع الذي يناله في وصايا الله، قائلًا: "ما أحلى قولك لحنكي، أحلى من العسل لفمي" (مز 119: 103). هذا ما يتطلع إليه بولس أيضًا، حيث يتحدث بطريقة غامضة هكذا: "لأنه كما قدَّمتم أعضاءكم عبيدًا للنجاسة والإثم للإثم، هكذا الآن قدموا أعضاءكم عبيدًا للبرّ للقداسة (للشبع)" (رو 6: 19). بمعنى كما بغيرة عظيمة ورغبة حارة سلكتم في الإثم، وهو لا يُقَدِّم مكافأة بل بالحري عقوبة وجزاء، هكذا اسلكوا في الفضيلة على نفس المنوال... محبة واضع الناموس تجعل الناموس لطيفًا، حتى وإن بدا أنه يحمل صعوبات... من يحب زانية لا يبالي بما يصيبه من تعسفٍ وشتائمٍ وضربٍ وعارٍ وطردٍ من المدينة وميراث من الأسلاف ولا من نظرة والده إليه، ويحتمل تبعات أخرى قاسية، محتملًا هذا كله برضا من أجل شهوة مُنْحَلَّة... هكذا إن كنتم تقبلون الوصايا بحماسٍ تجدونها خفيفة وسهلة. لهذا قال المسيح: "نيري هين وحملي خفيف" (مت 11: 30). القديس يوحنا الذهبي الفم * في أعمال الرسل كانوا يدعون المسيحيين خائفي الرب، وهنا لا يطوَّب إلا من كان منهم يمارس وصايا الله، ليس حياءً من الناس، ولا على سبيل العادة، ولا خوفًا من العذاب العتيد، ولا طمعًا في نوال أجرٍ، ولا من أجل الوعود المُنتظَرَة، وإنما يمارسها لأنه يهواها، أي محبة في من أوصى بها. وأما محبته فلا تكون قليلة وزمنية، بل جزيلة ودائمة، هذا هو معنى قول النبي "المسرور جدًا بوصاياه". الأب أنسيمُس الأورشليمي |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 112 | خائف الرب المترفق |
مزمور 112 | خائف الرب الثابت إلى الأبد |
مزمور 112 | خائف الرب يتحدى الظلمة |
مزمور 112 | خائف الرب وبيته المقدس |
مزمور 112 | يُقَدِّم لنا صورة للإنسان خائف الرب |