لم يكن القديس يوحنا رجل سياسة مثل القديس أمبروسيوس الذي دخل في صراعات مع السلطات المدنية، انتهت باصطياده الإمبراطور ثيؤدوسيوس التائب، فانفتح له البلاط الإمبراطوري بكل إمكانياته لخدمة الكنيسة وتوطدت العلاقات بينهما فصارا رفيقين مخلصين... وقد مات الإمبراطور مستندًا على القديس أمبروسيوس أعظم صديق له، مرددًا اسمه على شفتيه. لكننا نود إلا نتجاهل قدرة القديس أمبروسيوس -خلال هذه الصراعات أو تلك الصداقة العارمة- إلا ينحرف قط عن عمله الروحي الكنسي، وقدرته إلا يميل بالكنيسة نحو روح السلطة الزمنية فتطلب سلطانًا ليس لها! لم يقم القديس يوحنا الذهبي الفم بدور كهذا. حقًا لقد رحب به الإمبراطور أركاديوس بشدة ومعه أفدوكسيا زوجته وفتحًا له البلاط على مصراعيه، لكن ظروف القسطنطينية في ذلك الحين أوحت إليه أن يضع حدًا بين البلاط ودار الأسقفية... وجاءت عظاته العنيفة ضد الأغنياء وهجومه -بطريقة أو بأخرى- على تصرفات الإمبراطورة وحاشيتها وبعض المسئولين إلخ... إلى غلق باب البلاط في وجهه بل والى طرده من دار أسقفية!