13 - 06 - 2014, 04:04 PM | رقم المشاركة : ( 41 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
المسيحية ومفهوم الصليب الراهب القس بطرس البراموسي مَنْ ينظر إلى الصليب يجد أنه صديق مُلازم للمسيحية.. فهو والمسيحية صنوان لا يفترقان.. فكل منَّا عندما يرى أي مبنى يرتفع عليه الصليب يعرف جيدًا أن هذا المبنى يتبع المسيحيين.. فأصبح الصليب هو: علامة المسيحية هذه العلامة (علامة الخلاص) تحولت عن طريق موت السيد المسيح عليها وسفكه دمه الطاهر.. من علامة لعنة وازدراء إلى علامة نصرة وافتخار. فنحن المسيحيين نفتخر بالصليب، وهو العلامة المميزة لنا في حياتنا، وأكبر شهادة على مسيحيتنا.. * نلبسه على صدورنا. * ندقه على أيدينا. * يمسكه الكاهن في يده، ويرتديه على صدره. * وهذا كله تعبيرًا منَّا على جنديتنا للسيد المسيح، وخضوعنا له، وافتخارنا بالأداة التي مات بها.. فتحول الصليب من علامة ضعف إلى علامة قوة ونصرة. لقد تأسست المسيحية على أساس الصليب، ولا نقصد هنا الصليب الخشبي (قطعتي الخشب المتقاطعتين).. بل نقصد ربنا يسوع المسيح مخلصنا الصالح الذي عُلق ومات على الصليب من أجل خلاص العالم كله. فالخلاص الذي قدمه السيد المسيح على الصليب قُدِّم للكل.. لكل مَنْ يستفاد منه.. عن طريق دخوله من الباب (المعمودية باب الأسرار)، وتمتعه بباقي أسرار الكنيسة، وفى النهاية يكون مرتبط بالجسد والدم (سر الإفخارستيا تاج الأسرار).. "لأنَّهُ هكذا أحَبَّ اللهُ العالَمَ حتَّى بَذَلَ ابنَهُ الوَحيدَ، لكَيْ لا يَهلِكَ كُلُّ مَنْ يؤمِنُ بهِ، بل تكونُ لهُ الحياةُ الأبديَّةُ" (يو3: 16). ومن الأفكار الشائعة المتوارثة بين الناس أن الصليب هو رمز للضيق والألم والمشقة والاحتمال، ويسئ البعض فهم هذا الاحتمال.. فالبعض يسيء التصرف وينحرف بسلوكه في بعض التصرفات، وعندما توجه له أي إهانة أو ملامة يلقى بالتبعية على الصليب ويقول مفتخرًا لأني مسيحي فأنا مضطهد. إنسان يسلك سلوكًا منحرفًا في عمله ويكون النتيجة أنه تعرض للمساءلة القانونية.. فبدلًا من أن يرجع عن خطأه.. يقول لأني مسيحي فقد أوقعوني في هذا الخطأ، وأخذت عقوبة شديدة بسبب مسيحيتي.. لازم أحمل الصليب. هذا الصليب الذي يتخيله البعض أنه يحمله أو يقتنع أنه سوف يكون له سبب بركة أو إكليل.. يكون صليب وهم لا يؤدي إلى المسيح ولا إلى السماء. كذلك اختيارات الشباب الخاطئة من ناحية الارتباط.. عندما يكون الارتباط بسبب الإعجاب بالجمال الجسدي، وسرعان ما ينحل هذا الجمال وتظهر الطباع السيئة.. فنجد أحد الطرفين يقول هذا صليبي لابد أن أحمله.. فيحول الإنسان حياته بإرادته أن يحول الصليب في حياته إلى ضيق وألم وحزن ومشقة. ولكن على النقيض.. الوجه الآخر للصليب.. وهو الوجه المُعبِّر عن الفرح، وهو ما نقصد به التمتع بقوة القيامة ونصرة السيد المسيح على الموت وسحقه للشيطان العدو الشرير.. وهنا ارتبطت المسيحية بالصليب.. علامة النصرة والافتخار أما بالنسبة لنا نحن المؤمنين أصبح مفهوم الصليب يحمل الوجهين، وعلى المؤمن أن يختبر الحياتين، ويتمتع بهم (الألم والحزن والفرح والنصرة).. فيصبح الصليب هو تعبير عن حياته وقوته ونصرته. فنحن ننظر إلى السيد المسيح المصلوب نقول له: "لك القوة والمجد والبركة والعزة يا عمانوئيل إلهنا وملكنا".. ونسجد أمام الصليب ونقول: "السلام للصليب علامة الخلاص".. "السلام للصليب علامة النصرة والغلبة".. ونقول: "يا ربى يسوع المسيح يا مَنْ صُلبت على عود الصليب.. اسحق الشيطان تحت أقدامنا". فعلى الصليب يُبنى إيماننا بقوة مَنْ صُلب عليه.. فيتشدد الإنسان في وسط ضيقاته، فيصرخ المؤمن مع بولس الرسول قائلًا: "ناظِرينَ إلَى رَئيسِ الإيمانِ ومُكَمّلِهِ يَسوعَ، الذي مِنْ أجلِ السُّرورِ المَوْضوعِ أمامَهُ، احتَمَلَ الصَّليبَ مُستَهينًا بالخِزيِ... فتَفَكَّروا في الذي احتَمَلَ مِنَ الخُطاةِ مُقاوَمَةً لنَفسِهِ مِثلَ هذِهِ لِئلا تكِلّوا وتخوروا في نُفوسِكُمْ" (عب12: 2-3). وعلى أثر ذلك نجد ملايين من البشر في جميع أنحاء العالم حملوا الصليب بفرح وحب وافتخار، فتحولت حياتهم إلى محبة للجميع، وفرح بالسيد المسيح الذي فيهم الذي يعطيهم قوة فوق قوة ونعمة فوق نعمة.. وعاشوا في سلام مع الكل.. "إذا أرضَتِ الربَّ طُرُقُ إنسانٍ، جَعَلَ أعداءَهُ أيضًا يُسالِمونَهُ" (أم16: 7)، وتمتعوا بأعمق ثلاث ثمرات الروح القدس.. "وأمّا ثَمَرُ الرّوحِ فهو: مَحَبَّةٌ، فرَحٌ، سلامٌ..." (غل5: 22-23). وبذلك أكملوا مسيرة حياتهم إلى طريق الجلجثة، ولذلك استحقوا أن يتمتعوا بأفراح القيامة المقدسة. ولكن مع ذلك كله نجد البعض عثروا في الصليب، فتحول الصليب عندهم إلى عثرة، يصطدموا فيها ونظروا إليه أنه معوق لحياتهم.. (هؤلاء مَنْ يريدون أن يعيشوا في حياة الخطية المستمرة، ولا يريدون أن يرجعوا إلى الله ويتوبوا.. نظروا للصليب واعثروا فيه). بل البعض رفض الصليب.. (هؤلاء مَنْ رفضوا الإيمان نهائيًا)، فأصبح الصليب بالنسبة لهم دينونة وليس خلاصًا، . حزنًا وليس فرحًا.. معوقًا وليس طريقًا سهلًا.. لأنهم رفضوا الخلاص المقدس لهم.. "دم السيد المسيح المسفوك على عود الصليب".. فرفضوا الإيمان بكل ما فيه من أسرار وجهاد وتوبة وانسحاق ونقاوة قلب وكل شيء. فتحول الصليب لهم عثرة وجهالة، كما قال لنا معلمنا بولس: "نَحنُ نَكرِزُ بالمَسيحِ مَصلوبًا: لليَهودِ عَثرَةً، ولليونانيينَ جَهالَةً! وأمّا للمَدعوينَ: يَهودًا ويونانيينَ، فبالمَسيحِ قوَّةِ اللهِ وحِكمَةِ اللهِ" (1كو1: 23-24). نحن اليوم نسجد أمام صليبك أيها المسيح إلهنا ونصرخ ونقول.. يا مَنْ صلبت على عود الصليب اسحق الشيطان تحت أقدامنا.. محتمين في صليبك.. متمتعين بخلاصك المجاني ودمك الإلهي الكريم الذي سفك على عود الصليب، ونتناوله كل يوم في سر الإفخارستيا.. جسد حقيقي ودم حقيقي لعمانوئيل إلهنا. إلهنا الصالح يعطينا أن نفهم ونعي.. كيف يكون الصليب في حياتي علامة فخر وقوة.. لكي يتمجد اسمه القدوس في حياتنا كل يوم. ولإلهنا كل المجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين. |
||||
13 - 06 - 2014, 04:06 PM | رقم المشاركة : ( 42 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
حاجتنا إلى الصلاة الراهب القس بطرس البراموسي قد يظن البعض أن الاحتياج إلى الصلاة قد يأتي وقت الضيقة أو المشاكل أو السقطات في الخطايا المدمرة للإنسان، وطالما الله يُظَلِّل على الإنسان بِسِتر جناحيه، يبعد الإنسان عن هذه المعونة بل البركة التي يأخذها مَنْ رفع يديه إلى الله. * ولكن الإنسان الروحي يشعر باحتياجه إلى الصلاة في الأمور التي يقدر عليها والتي لا يقدر عليها، فهو يحتاج إلى معونة قوية... * يحتاج إلى الصلاة في وقت الهدوء والسلام وفى وقت الحرب والضيقات... في الصباح والمساء.. في الطفولة والشباب والشيخوخة... بل قد أتجاوز في الكلام وأقول انه من الممكن أن يصرخ مع داود النبي قائلًا: "أَمَّا أَنَا فَصَلاَةٌ" (سفر المزامير 109: 4). ولكنني أتساءل هنا وأقول متى استطيع أن أقول ذلك أو متى تتحول حياتي إلى الصلاة ومازال البعض يشكو من ضيق الوقت وكثرة الأعباء والأشغال بل والمشغوليات التي تقضى على اليوم... والبعض يشكو من ضيق المكان وكأن الصلاة أصبح من أهم شروطها أنها لا تقبل إلا إذا كانت في مكانا منفردًا.... * فالإنسان يحتاج إلى الصلاة من أجل نفسه أيضًا وليس فقط من أجل الغير... كلًا منا يحتاج أن يصلي من أجل نفسه حتى لا يُعْثَر ولا يعلم تعليما قد يهدمه بسهولة بتصرفاته المخالفة له... "فهو لا يعمل بما ينطق" ولذلك يقول القديس جيروم "لا تجعل أعمالك تخالف أقوالك لئلا حينما تقف وتتكلم في الكنيسة يجاوبك إنسان ويقول لك ولماذا لا تطبق ما تنطق به"...فأنت أيها الحبيب محتاج إلى الصلاة من اجل نفسك.. * وأيضًا محتاج للصلاة من اجل نجاح خدمتك للآخرين... حتى الأمور التي أنت تخدم فيها عمليا (الأسرة، الأقارب، الكنيسة، المجتمع، والأعمال الخيرية) يجب أن تصلى من أجل أن يكون فيها بركة ويمد الله يده لها.. فيبارك وتأتى بالثمر المطلوب... ولكي يكون روح الله معك فيعطيها نعمة فتنجح أنت في الخدمة التي تؤديها ويفرح بها الآخرين.. * وقد نجد بعض الخدام النشطاء يبحثون عن طرق جديدة للخدمة ويهتمون بالأنشطة والرحلات والمؤتمرات وما إلى ذلك ولكن قد ينسوا في وسط هذه المشغولية بالخدمات الأيدي المرفوعة للصلاة من اجل نجاح هذه الخدمات... فخدمة بدون صلاة تتساوى مع الأنشطة الاجتماعية التي تقوم بها النوادي العامة المفتوحة لكل فئات أطياف الشعب... ولكن ما يميز خدمتنا الروحية أنها متكاملة ويسبقها صلاة... * فنحن نحتاج في هذا العصر إلى الخادم المصلى بجانب الخادم المبتكر والخادم المتكلم والخادم القائد... كل هذه الفئات مطلوبة ولكن الاحتياج الأكثر هو للأيدي المرفوعة للصلاة والركب الساجدة بخشوع لكي ينجح الرب خدمتنا ويبارك فيها.... * وقد تكون نظرة البعض إلى الله إنه إله المستحيلات وإله النجدة في الضيقات وهو بالفعل كذلك تبارك اسمه ولكن هل سنستمر في أسلوبنا هذا أن لا نلتجئ لله ونصلى بعمق إلا في وقت الضيقة هل إلهنا الحنون سيتحول إلى أداة نداء وقت الضيقة والألم والمرض وما إلى غير ذلك.... حقيقة إذا انتهجنا هذا النهج فسوف نخسر بركة الصلاة... بل من الممكن أن نفتقد دالتنا عند الله عندما لا نذكره إلا في الشدائد والضيقات... ومع ذلك نجد الإنسان الذي يسلك هذا السلوك يقول محاجا الله "إِلَى مَتَى يَا رَبُّ تَنْسَانِي كُلَّ النِّسْيَانِ؟ إِلَى مَتَى تَحْجُبُ وَجْهَكَ عَنِّي؟" (سفر المزامير 13: 1). الله لا ينسى أحدا لأنه يقول "إن نسيت الأم رضيعها فأنا لا أنساك" (سفر إشعياء 49: 15)، ولكن حقيقة أن الإنسان هو الذي ينسى الله في أمور كثيرة... * هلم بنا نرجع إلى الله وندرك أننا نحتاج إلى ذكر اسمه القدوس في كل لحظة من لحظات حياتنا. ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين. |
||||
13 - 06 - 2014, 04:06 PM | رقم المشاركة : ( 43 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
كيف نصلي؟ يوجد عددًا كبير من أحبائنا المؤمنين قد ينتابهم في بعض الأوقات شعور بالملل أثناء الصلاة؟ وقد يشرد فكرهم وتتبدل أحاسيسهم وقد ييأس البعض من قبول صلاته فيعكف عنها مدعيا انه سوف يجاهد في ضبط الفكر والحواس أولًا ويحاول أن يصل إلى الاشتياق إلى الصلاة ثم بعد ذلك يقف ويصلى. ولكن هيهات لو اتبع الإنسان هذا النهج.. فهو حيلة من المكار... الشيطان الكذاب وأبو الكذاب... فهو يحاول أن يوهم الشخص أولًا بذلك أنه سوف يستطيع ضبط الفكر والحواس وانه سوف يعود سريعا بقوة اعزم وسوف يصل إلى نقاء الفكر... بل من الممكن انه يصل إلى اختطاف العقل إلى السمائيات ولكن بعد هدنة بسيطة من صلاته الحالية... كلها أوهام يضعها عدو الخير وعدو الجنس البشرى لكي يسقطه في الإهمال والتراخي ويدخله في الفتور الروحي ثم البرودة الروحية وبنزله من المرتبة التي عليها فيكون مثل الكرة التي تتدحرج من اعلي جبل حتى تصل إلى أسفله في وقت سريع.. في لحظة غفلة وضعف... وقد يشكو البعض من الملل بسبب تكرار الكلام إلى أن يصل الإنسان إلى حفظة فيردده بشفتيه دون عقله وحواسه.. فتصبح الصلاة بالنسبة له عادة روتينية خالية من النمو الروحي والاشتياق إلى الصلاة والتمتع بها... فعندما يسقط الإنسان في هذا الفخ المنصوب له.. يقف الشيطان ساخرًا منه مرحبًا به لأنه استطاع أن يغلبه ويثنيه عن عزمه وعن جهاده... بسب الشكوى من روتينية الصلاة... والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا تركت نفسك أيها الأخ الحبيب والأخت المباركة إلى أن تصل إلى هذا الملل وهذه الروتينية في الصلاة...؟! لماذا وقفت مكتوف الأيادي عندما اكتشفت إنك بدأت تبرد روحيًا؟ هل تنتظر إلى أن تصل إلى الجمود فالماء يتدرج من دافئ إلى فاتر إلى بارد إلى جامد...؟! هذه مراحل قد يعيشها الإنسان في غفلة من الزمان... وهناك من يصلى ويصدر صوتا في صلاته... ربما لكي يركز في الخفاء "إذا صَلَّيْتَ... فَصَلِّ فِي الْخَفَاءِ... فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً." (إنجيل متى 6: 6). * أقول لك أيها العزيز أن الله لا يريد منا أن نحرك شفاهنا فقط وننطق بأعزب الكلمات وننمق العبارات دون أن نشعر بما نقول... * فأبسط تعريف للصلاة المقبولة: هو أنها حديث من القلب "يَا ابْنِي أَعْطِنِي قَلْبَكَ، وَلْتُلاَحِظْ عَيْنَاكَ طُرُقِي." (سفر الأمثال 23: 26)، فالله يريد القلب لا الشفتين... يريد قلبا منسحقًا متضعًا متذللًا: "فالقلب المنكسر والمتواضع لا يرذله الله" (سفر المزامير 51: 17)، فالحديث مع الله لا يكون بالجسد لا الشفتين إنما بالروح لان الله روح "وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ" (إنجيل يوحنا 4: 24) وهو يخاطبنا أيضًا بالروح ولذلك نقول أن علاقتنا مع الله هى العلاقة الروحية أو الحياة الروحية بأكملها،فإذا كانت صلاتنا بملل وبدون اشتياق "يَا اَللهُ، إِلهِي أَنْتَ. إِلَيْكَ أُبَكِّرُ. عَطِشَتْ إِلَيْكَ نَفْسِي، يَشْتَاقُ إِلَيْكَ جَسَدِي" (سفر المزامير 63: 1) تصبح صلاتنا مجرد كلام وثرثرة دون معنى... فتصبح صلاة غير مقبولة وينطبق علينا قول الرب "هذا الشعب يعبدني بشفتيه أما قلبه فمبتعد عنى بعيدًا، ونص الآية هو: "لأَنَّ هذَا الشَّعْبَ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ بِفَمِهِ وَأَكْرَمَنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَأَبْعَدَهُ عَنِّي" (سفر إشعياء 29: 13). فليعطنا الرب أن تكون صلواتنا من كل القلب والفكر والحواس لتكون صلاتنا مثل البخور الصاعد إليه فيشتمه رائحة ذكية ترضى عظمته، الذي له المجد الدائم إلى الأبد آمين. |
||||
13 - 06 - 2014, 04:07 PM | رقم المشاركة : ( 44 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
الليتورجيا والجهاد الروحي قد يتساءل البعض مستغربًا ويقول: ما علاقة الليتروجيا بالجهاد اليومي الروحي....؟ ما هى أوجه الترابط بينهم..؟ * حقيقة يجب أولًا أن نفهم جيدا أن كل الممارسات الروحية وخاصة الليتروجيا يجب أن تمارس بتواضع وانسحاق وهذا التواضع يحتاج إلى جهاد روحي... فقد نرى في البعض انه ملتزم بممارسة الاعتراف دون التوبة وأيضا مستمر على التناول دون استعداد وكذلك صلوات الأجبية دون جمع الذهن والتركيز فيها ويحرص على صوم جميع الأصوام دون الدخول إلى عمق الصوم ومعناه الروحي العميق ويكون في القداس من الصباح الباكر ولكن يقضى الوقت كله في تشتيت ذهني والغوص في أفكار إدانة لمن يحضر متأخرا أو يجلس في القداس أو... أو... * أفكار كثيرة تموج بالذهن من هنا وهناك... كل ذلك يستوجب جهادا مضنيا لكي يصل الإنسان نقاء الذهن والحواس ويطوع كل حواسه وإراداته لكي يدخل إلى العمق وهذا ما ترجاه معلمنا بولس الرسول من الإنسان الروحي الذي يمارس الحياة الروحية "فأطلب إليكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم بها. بكل تواضع ووداعة وبطول أناة، محتملين بعضكم بعضًا في المحبة مجتهدين أن تحفظوا الروح برباط السلام. جسد واحد وروح واحد كما دعيتم أيضًا في رجاء دعوتكم الواحد. رب واحد إيمان واحد، معمودية واحدة، إله وأب واحد لكل الذي على الكل وبالكل وفى كلكم" (اف 4: 1-6)، عندما ننظر إلى هذه الآيات القليلة نجدها تلزمنا بأن نحيا الليتورجيا بالتواضع والوداعة وبطول الأناة، وباحتمال واجتهاد وليس برخاوة لأنه "مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاوة" (سفر إرميا 48: 10) وأيضًا بسلام... فليس مطلوب منى أن أعادي أهل بيتي وأتشاجر معهم بصوت عاليا ومخاصمة لكي انزل من بيتي لكي احضر القداس أو العشية أو أي صلوات ليتروجية،بالمحبة والسلام كل شيء يتم في هدوء. * ولأهمية الجهاد في الحياة الليتروجية يقول القديس يوحنا ذهبي الفم (حينما يرانا الشيطان وحدنا ومنفصلين كل واحد عن الآخر يهاجمنا، فبهذه الطريقة أغوى المرأة في البدء إذا اقترب منها وهى وحدها، وبينما كان رجلها غائبًا. إذ حينما يرانا وسط الجماعة ومتحدين فهو لا يجرؤ على مهاجمتنا، فلهذا السبب نحن نتحد معًا فَيَصْعُب عليه مهاجمتنا) وهنا يكشف لنا القديس يوحنا أهمية الصلوات الليتروجيا (الصلوات الجماعية أو العمل الجماعي) في صد محاربات الشيطان فإذا كان الكتاب قال "اِثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ، لأَنَّ لَهُمَا أُجْرَةً لِتَعَبِهِمَا صَالِحَةً. لأَنَّهُ إِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا يُقِيمُهُ رَفِيقُهُ. وَوَيْلٌ لِمَنْ هُوَ وَحْدَهُ إِنْ وَقَعَ، إِذْ لَيْسَ ثَانٍ لِيُقِيمَهُ" (سفر الجامعة 4: 9، 10) فكيف يكون الثلاثة والمائة والألف والأكثر من ذلك... وأيضًا ما قاله رب المجد حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ»." (إنجيل متى 18: 20). فماذا أيها الحبيب إذا كانت الكنيسة كلها تجتمع بنفس واحدة حول عريسها لكي تصلى جميع صلواتها الليتروجية وهذه هى وحدانية القلب التي تطلب من اجلها في القداس الغريغوري "وحدانية القلب التي للمحبة فلتتأصل فينا". * فطريق الجهاد السليم هو أن نعيش على الدوام وسط الجماعة ولا نحيا الانعزالية... فالشيطان يعمل دائمًا وجاهدًا على تفريق الجماعة بالخلافات الطفيفة التي تنشأ بينهم ثم سرعان ما يزيدها شيطان الكراهية والبغضة ويدخل شيطان الخصام لكي يفرق الجماعة ثم يضربهم بعد ذلك واحدا بعد الآخر فالخطية "طَرَحَتْ كَثِيرِينَ جَرْحَى، وَكُلُّ قَتْلاَهَا أَقْوِيَاءُ" (سفر الأمثال 7: 26). فليحفظنا الرب بيمينه القدوس ويجعل صلواتنا مرضية أمامه وليعطنا روح الاتضاع والمحبة والسلام، ولإلهنا كل المجد والإكرام من الآن والى الأبد آمين. |
||||
13 - 06 - 2014, 04:08 PM | رقم المشاركة : ( 45 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
الليتورجيا والآباء * عندما ننظر إلى الليتورجيا في فكر الآباء وكيف تكلموا عنها نجدها حياة وفكر... فهم صاغوا ما عاشوه وتلذذوا به.. على عكس ما عليه الإنسان الآن... قد يتكلم ويكتب كثيرًا ولا يحيا ما تنطق به شفتاه أو ما يخطه قلمه.. لقد عاش الآباء الحياة الليتورجية بكل معانيها.. حياة تملئ اليوم والأسبوع والشهر والسنة... ليست ليتورجية مناسبات فقط مثل صلوات المناسبات الكبرى (الميلاد، الغطاس، البشارة، أسبوع الآلام، خميس العهد، القيامة...) ولكنهم عاشوا الكنيسة بكل ما فيها،لقد عاشوها أيضًا كما تسلمها الآباء الرسل من السيد المسيح نفسه له كل المجد... وسلموا ما تسلموه وعاشوه بكل دقة وأمانة... لم ينقصوا منه شيئا حسب الهوى الشخصي وكما ينادى البعض الآن... "نريد قداسا مختصرا أو قصيرا... نريد صلوات قلبية بدلا من الأجبية الطويلة والمملة في بعض الأحيان.." هكذا ينادى من يريدون التحرر من نظام وطقس وصلوات الكنيسة الآتي... * فما اخطر هذا الفكر علينا وعلى الكنيسة إذا استسلمنا له أو انصعنا غلى تلبيته.. فهو فكر يهدم ولا يبنى. * يخرج الكثير من الكنيسة ولا يدخل إليها إلا القليل القليل... * وعن هؤلاء يقول القديس اغناطيوس اليثيؤفوروس (حامل الإله) الذي استشهد عام 98م: (إنهم يقفون بعيدا بمعزل عن الإفخارستيا والصلاة لأنهم لا يعترفون بأن الإفخارستيا هى جسد مخلصنا يسوع المسيح الذي تألم بسبب خطايانا لذلك فهؤلاء الذين ينكرون عطية الله يهلكون في خصامهم). * وهو نفسه يثبت ما تزوقه من جمال لممارسة الإفخارستيا فيقول (وما عدت أريد طعامًا أو قوتًا أرضيًا، فإن الإله المتأنس خبز الحياة الذي هو جسد يسوع المسيح ابن الله المسجود له.... والمشروب الذي أبتغيه هو دم الإله المتأنس الذي هو محبة غير قابلة للتغير)، ولذلك نجده يتحدث عن جسد الرب الواحد والإفخارستيا الواحدة مؤكدًا أنه واحدة فيقول (لأن هناك جسد واحد للرب يسوع المسيح، ودمه المسفوك عنا هو واحد، وخبزة واحدة هى المكسورة عن الكل، وكأس واحدة توزع عليهم جميعًا. ليس سوى مذبح واحد للكنيسة كلها، وأسقف واحد، ومعه مجمع القسوس والشمامسة). * وعن هذه المعايشة أو التمتع بالإفخارستيا يقول القديس يوحنا ذهبي الفم (كثيرون يقولون الآن ارغب في رؤية هيئته وملابسه... ها أنت تنظره وتلمسه وتأكله هو نفسه لا كي تراه فحسب بل تلمسه وتتناوله وتقبله في داخلك، حتى الآن المسيح الملاحق لنا، الذي اعد المائدة هو بنفسه يقدسها، فإنه ليس إنسان يحول القرابين إلى جسد المسيح ودمه بل المسيح نفسه الذي صلب عنا. ينطق الكاهن بالكلمات لكن التقديس يتم بقوة الله ونعمته. بالكلمة التي نطق بها "هذا هو جسدي" تتقدس القرابين.. ألسنا نُقَدِّم الذبيحة يوميًا؟ نعم نقدمها لكننا نفعل هذا إنامنسيس (ذكرى حية) لموته، هى ذبيحة وحيدة غير متكررة). * وعن النعم التي نأخذها من تناول الجسد والدم الكريمين يقول القديس كيرلس الكبير (عندما نأكل جسد المسيح مخلصنا جميعًا ونشرب دمه الكريم ننال الحياة فينا.. لا تشك فإن هذا حق مادام يقول بنفسه بوضوح "هذا هو جسدي، هذا هو دمى، بل تقبل كلمة المخلص بإيمان وإذ هو الحق الذي لا يقدر أن يكذب). * حقا إنها حياة معاشة وليست كلمات، فليعطنا الرب أن نعيش ونتمتع بالشركة معه في الإفخارستيا مدى الأيام. لإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين. |
||||
13 - 06 - 2014, 04:09 PM | رقم المشاركة : ( 46 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
فلنرجع إلى الله في وسط هذا العالم والمليء بالظلمة وتيارات الخطية الجارفة والسعي المستمر السريع نحو الإباحية والانحلال.. يقف الإنسان بين مفترق طرق كثيرة... الطريق الضيق والطريق الواسع... الجهاد أم الراحة... السهر أم النوم.. الصوم أم الملاذ الجسدية... نقاوة الفكر أم تركة للعبث فيما لا يليق.. المحبة التي بلا حدود ولا مقابل أم بغضة من يعاديني ويقدم لي شرورًا... وهنا تقف أمام الإنسان أية محذرة له من كل ذلك تقول "توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت" (أم 4: 12)، "انظر قد جعلت اليوم قدامك الحياة والخير والموت والشر.." (تث 30: 15)، ومع تقدم العلم والعالم أحاطت بالإنسان طرق كثيرة من الشر والخطية.. فنجدها في الشارع، الصحف، البيت، المواقع الإلكترونية، والمجتمع الذي يثبت الفساد في جوانبه، فأصبح الإنسان تائها وسط هذا العالم المليء بالصخب والانحرافات... لقد اجتاح العالم الآن تيارًا من التسيب والتساهل مع كل فعل شرير ومغضب لله فانتشرت به الانحرافات الأخلاقية والدينية والاجتماعية وعليه زاد تيار الجرائم بكل صورها (سرقة - قتل - هتك عرض - إدمان - تزوير...) وكل هذه الصور البشعة أصبحت تمارس بدون رحمة أو تروى أو احترام لآدمية الإنسان.. كل هذا بسبب عدم إدراك خطورة هذا السلوك أو تقدير حجم الخطية تقديرًا حقيقيًا. * فالخطية التي قد نستخف بها أو نفعلها بعدم إدراك لخطورتها وما سوف ينتج عنها هى تعد على الله وتمرد عليه بل تعبير عن رفض الإنسان للحياة مع الله لأن كل خطية يرتكبها الإنسان هو تمرد على الله أيا كانت هذه الخطية "لأن الذي قال "لا تزن" قال أيضًا "لا تقتل" فإن لم تزن ولكن قتلت، فقد صِرت متعديًا الناموس" (يع 2: 11)، ولان الخطية تؤدى إلى موت الإنسان روحيًا،فقد يكون في الظاهر إنسانًا حيًا بالجسد، ولكنه مائت روحيًا... إذن فالرجوع إلى الله بالتوبة يعتبر حياة من موت... ورجوع من طريق الضلال إلى حضن الآب السماوي وهذا ما قاله السيد المسيح عن الابن الذي تمرد على أبوه "ولكن كان ينبغي أن نفرح ونسر لأن أخاك هذا كان ميتا فعاش وكان ضالًا فَوُجِدَ" (لو 15: 32). * فإذا كانت الخطية هى ضعف للشخصية وانهزام وفشل أمامها، وأيضًا تؤدى إلى الفشل في الحياة نفسها إذا فالامتناع عن الخطية أو الرجوع لله بالتوبة وانسحاق القلب هو أكبر تعبير عن قوة الشخصية ورجوع الحياة لمن ماتت روحه. * وإذا كانت الخطية تفقد الإنسان سلامه الداخلي وتورثه القلق المستمر... إذا فالتوبة تعيد للإنسان استقراره وسلامه وتوطد علاقته الطيبة بالله، فلا توجد كارثة في حياة الإنسان تستطيع أن تنزع سلامه منه مثل الخطية ولا مصيبة أشد هؤلاء وتأثيرا في حياته سوى الوقوع في شباك الخطية والتلذذ بها. * فالإنسان الذي يحيا في سلام لا تستطيع كل الكوارث أن تزعجه أو تقلقه، فيكون مثل أيوب الصديق الذي عاش في كل تجاربه واثق في عمل الله في حياته... * إذًا، فلنرجع إلى الله أيها الأحباء بكل قلوبنا ونقدم له توبة صادقة على كل ما صدر منا سواء بمعرفة أو غير معرفة ونسمع صوت الرب القائل "ارجعوا إلى يقول رب الجنود فأرجع إليكم يقول رب الجنود" (زك 1: 3). |
||||
13 - 06 - 2014, 04:15 PM | رقم المشاركة : ( 47 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
سمات الحرية المسيحية استكمالاً لمفهوم الحرية السليمة، يجب أن نوضح أن هذه الحرية يجب أن تتسم ببعض السمات التي تميزها عن حرية من يعيشون لملذات الجسد وشهوات العالم، وذلك حسب ما ورد في الكتاب المقدس، و تتلخص في: 1- حرية مسئولة. (هكذا تكلموا و هكذا افعلوا كعتيدين إن تحاكموا بناموس الحرية) (يعقوب 2: 12). (كأحرار و ليس كالذين الحرية عندهم سترة للشر بل كعبيد الله) (1بطرس 2: 16). 2- حرية للبناء. تتناسب وتتوافق مع مسيحيتي ولا يستعبدني فيها شيء (وأما الرب فهو الروح و حيث روح الرب هناك حرية) (2كورنثوس 3: 17). 3- تطلب وتهتم بما هو يبني أخوتي. (فإنكم إنما دعيتم للحرية أيها الأخوة غير انه لا تصيروا الحرية فرصة للجسد بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضاً) (غلاطية 5: 13). النضج اللازم للحرية السليمة أ- النضج النفسي: ويقصد به استقرار النزعات الغريزية في الإنسان، وهى نزعات متناقضة كالحب والكراهية، تأكيد الذات والتبعية.. هذه النزعات تحتاج إلى سلطة ضابطة، ومن محصلة هذه النزعات مع السلطة الضابطة تبدأ الشخصية في النمو وتتجه إلى الاستقلال، ويصير الإنسان كائناً يمسك بيده زمام أموره، ولا يتجاهل طاقاته الغريزية بل يوجهها وفق خيره وخير الآخرين. ب- النضج الاجتماعي والتربوي: التربية والمحيط الاجتماعي قد يساعدان الإنسان على النمو، وبالتالي على بلوغ النضج واكتساب الحرية، ومن ناحية أخرى قد يعطلانه ويجعلان منه ذاتاً هزيلة تتحكم فيها غرائزها، فإما أن تنحرف أو تكون شخصية منقادة تابعة، مستبدلة عبودية النزوات بعبودية الضغوط الاجتماعية، وغالباً ما تتأرجح بين العبودية وفقاً للأحوال والظروف في ضياع ومتاهات مؤلمة. ففي الشباب المبكر تستيقظ في الشاب قوة جديدة، وتتحرر طاقات تريد أن يكون لها وجود مستقل، وهى إن كانت أمر طبيعي في البداية، إلا أن استمرارها إلى مشارف بلوغ الشباب أمر يجعلنا نهتم بالموضوع، فمن حق الشباب تحقيق نفسه، ولكن ليس على حساب مجموعة القيم التي تنظم الحياة من حوله، ولا ضد الوالدين في تمرد أو رفض. ج- النضج الروحي: ندقق هنا في قول السيد المسيح "من يعمل الخطية هو عبد للخطية" (لو 34:8). فالخطية هي المشكلة الأولى أمام الحرية الداخلية، وبالتالي أمام كل أنواع الحريات. والمقصود بالنضج الروحي، الوعي الكافي لكي يختار الإنسان ممارساته الروحية عن رضي وفرح، فيصوم ليس لأن الصوم فرضاً عليه، ولكن لأنه يجد فيها اختياره وقناعته الداخلية الكاملة بأن هذا لخيره، وهكذا أيضاً في صلاته وكافة ممارساته الروحية. وهناك أيضاً تأتى الطاعة كتاج للحرية الواعية المسئولة، ليست كاتضاع العبيد، ولكن تقدمة حرة واعية لذات يصحبها الفرح "أن أفعل مشيئتك يا إلهي سررت" (مز 40: 8) وحينما يكون الداخل حراً من أي تشويش حينئذ ينجلي السمع وتتميز الأصوات ويكمل الفرح. إن الطاعة ليست ضعف بل قوة، لأن القوي هو الذي يحتمل ويطيع كما أن الرب يسوع المسيح وضع ذاته علي الصليب واضعا لنا مثالا لكي نتبع خطواته. وحينما يسكن المسيح في الداخل ويكون هو الملك والمسيطر، تهدأ الرياح ويهرب الظلام، ويصير الإنسان حراً من كل قيد، فيرتفع تلقائياً فوق قمة العالم حينما تنفك كل قيوده، لهذا قال الرب يسوع: "إن حرركم الابن فبالحقيقة تصيرون أحراراً" (يوحنا 8: 36). |
||||
13 - 06 - 2014, 04:17 PM | رقم المشاركة : ( 48 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
معطلات الحرية الحقيقية إن كنا قد ذكرنا المعنى الحقيقي للحرية يسهل علينا حينئذ أن نكتشف المعطلات التي تعطل حريتنا الحقيقية في المسيح. فلاشك أن أول هذه المعطلات هو عدم الوصول إلى النضج الحقيقي، سواء على المستوى النفسي أو التربوي أو الاجتماعي أو الروحي. كما أن كل إله وهمي يتعبد له الإنسان داخلياً، هو قيد على حريتنا في المسيح سواء شهوة، أو مركز، أو أي شيء من ممتلكات هذا العالم.. كل هذا يجب أن يوضع على المذبح، لكي يحترق بنار الروح القدس، فتنفك أربطة الشيطان التي تستعبدنا للخطية وتتحرر النفس منها. لكن يعطل حريتنا أيضاً مخاوفنا الصغيرة، من أمور كثيرة في هذا العالم، سواء الخوف من المجهول، أو من الظروف الخارجية، أو من الموت "الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً حياتهم تحت العبودية" (عب 15:2)، وحينما ننتقى من شهوة الأشياء حينئذ نتحرر من سطوة الموت. لذلك فأهم القيود التي تعطل الحرية الداخلية هي: 1· عبودية الخطية... "كنتم عبيداً" للخطية ولكنكم أطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموها، وإذ أعتقتم من الخطية صرتم عبيداً "للبر"(رو6: 17). 2· عبودية الذات... الحرية الحقيقية هي تحرر الإنسان من نرجسية ذاته، إلى الاهتمام بالرب يسوع وحفظ وصاياه، ومحبة الآخرين. 3· عبودية الخوف... "إذاً يا أحبائي لم نأخذ روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذنا روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب.. الروح نفسه أيضاً يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله" (رو 15:8،16). ومن هنا ننتقل إلي سؤال مهم في موضوعنا وهو: كيف نمارس حريتنا الحقيقية؟ 1) من خلال إتحادنا بالسيد المسيح في شركة الأسرار الإلهية. 2) من خلال مركزنا كبنين عند الآب فنحن في المسيح إلهنا أبناء. 3) الانقياد بالروح إذ أن الحرية هي ثمرة من ثماره. ولننظر إلي قول معلمنا بولس الرسول "لا تصيروا الحرية فرصة للجسد" (غل 13:5) فهي تعبر عن عدم استغلال هذه الحرية لمصلحة الجسد بل لمصلحة الروح. ومن هنا نختم حديثنا بالسؤال التالي: هل التدين يقيد حرية الإنسان؟! للرد علي ذلك التساؤل نقول: الله يحترم حرية الإنسان لأنه يحبه، والمحبة الحقة تحترم حرية المحبوب، والحب لا يفرض فرضاً وإلا لم يعد حباً بل عبودية، والله لم يرد عبيداً بل أبناء، وهو يريدنا أحراراً نتمتع بالشركة معه، وهذا ما فعله معنا بالصليب والقيامة، إذ حررنا من كل عبودية وأعطانا الغلبة والنصرة بقيامته. إن الله يحبك ويريد لك الحرية والتحرر من الخطية فاثبت أنك ابن حقيقي للمسيح وتحيا حياة القيامة بتركك للخطية والتحرر من العبودية للشهوة والأشياء لتكون شخصية قويه بنعمة المسيح القائم من بين الأموات الذي له المجد والإكرام إلي الأبد أمين. |
||||
13 - 06 - 2014, 04:18 PM | رقم المشاركة : ( 49 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
الحرية ومفهومها الصحيح قد يفهم البعض الحرية بطريقة خاطئة أو مخالفة لفهمنا المسيحي لها ولذلك دعني أستعرض معك في عُجالة ما هو المفهوم المسيحي السليم لهذه الحرية: إن الحرية تعني السلوك الواعي النابع من كياني الإنساني المتكامل (وليس عن جزء صغير جداً كالعواطف أو الغريزة أو الحاجة للمال مثلاً) بعيدا عن الضغوط الخارجية والذي فيه يكون لنا القدرة علي الاختيار السليم والتنفيذ الواعي. فالحرية تعني التحرر الداخلي من العبودية مثل عبودية الخطية أو عبودية الذات أو العبودية للخوف، وهذا ما قاله لنا معلمنا بولس الرسول "فاثبتوا إذا في الحرية التي قد حررنا المسيح بها و لا ترتبكوا أيضاً بنير عبودية" (غلاطية 5: 1). ولذلك فالحرية في مفهومها السياسي والاجتماعي تركز علي الديمقراطية والمساواة بين الجميع، فليس من حق فئة وتيار وفصيل بعينة أن يتمتع بالحرية الكاملة علي حساب فصيل أخر أو في سبيل حريته المطلقة يحجر علي حرية الآخرين، فهذا يسمي استبداداً وليس حرية بالمرة. والوقوف ضد الظلم والحرمان و العنصرية وان كانت المسيحية تدعو إلي ذلك لكن في المسيحية نري في جوهر إيمانها ومرجعيتها الكتابية أن الإنسان خلق حراً علي صورة الله ومثاله لذلك نجد أن هذا يعني حرية الاختيار وحرية الفعل. فالحرية تعتبر من ثمار قيامة المسيح القائم من بين الأموات، ولذلك نجد السيد المسيح نفسه أعطانا مفهوم الحرية السليم وهي الحرية من عبودية الخطية المرة بقولة (فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً) (يوحنا 8: 36) وبقيامة السيد المسيح وهبنا الحرية من عبودية الخطيئة والموت والخوف. أعطانا الرب القائم أن نختار بين الخطأ والصواب ووهبنا القوة لتنفيذ اختيارنا بسهولة بنعمة الروح القدس العاملة فينا. وهكذا كما قيل في العهد القديم أيضاً «اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلتُ اليَوْمَ قُدَّامَكَ الحَيَاةَ وَالخَيْرَ وَالمَوْتَ وَالشَّرَّ 16 بِمَا أَنِّي أَوْصَيْتُكَ اليَوْمَ أَنْ تُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ وَتَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ وَأَحْكَامَهُ لِتَحْيَا وَتَنْمُوَ وَيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا. 17 فَإِنِ انْصَرَفَ قَلبُكَ وَلمْ تَسْمَعْ بَل غَوَيْتَ وَسَجَدْتَ لآِلِهَةٍ أُخْرَى وَعَبَدْتَهَا 18 فَإِنِّي أُنْبِئُكُمُ اليَوْمَ أَنَّكُمْ لا مَحَالةَ تَهْلِكُونَ. لا تُطِيلُ الأَيَّامَ عَلى الأَرْضِ التِي أَنْتَ عَابِرٌ الأُرْدُنَّ لِتَدْخُلهَا وَتَمْتَلِكَهَا. 19 أُشْهِدُ عَليْكُمُ اليَوْمَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. قَدْ جَعَلتُ قُدَّامَكَ الحَيَاةَ وَالمَوْتَ. البَرَكَةَ وَاللعْنَةَ. فَاخْتَرِ الحَيَاةَ لِتَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ 20 إِذْ تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْمَعُ لِصَوْتِهِ وَتَلتَصِقُ بِهِ لأَنَّهُ هُوَ حَيَاتُكَ وَالذِي يُطِيلُ أَيَّامَكَ لِتَسْكُنَ عَلى الأَرْضِ التِي حَلفَ الرَّبُّ لآِبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا» (تث30: 15-20). |
||||
|