منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30 - 11 - 2021, 07:45 PM   رقم المشاركة : ( 21 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال

20- هل هناك مبدأ لتكافؤ الفرص في المسيحية، أو بمعنى آخر هل الله سيعطي كل شخص نصيبه على الأرض أم في السماء فقط؟ وهل سيظل كثيرون مظلومين إلى الموت؟


السؤال العشرون

هل هناك مبدأ لتكافؤ الفرص في المسيحية، أو بمعنى آخر هل الله سيعطي كل شخص نصيبه على الأرض أم في السماء فقط؟ وهل سيظل كثيرون مظلومين إلى الموت؟


الإجابة:

مقدمة:
مبدأ تكافؤ الفرص مبدأ عظيم يطالب به الإنسان الحكومات والأنظمة والهيئات والمجتمعات المختلفة، وقد نشأ هذا المبدأ كمبدأ حقوقي ليعبر عن قيمة الإنسان بالمقارنة بأخيه الإنسان، الذي قد يظلمه لأنه مختلف عنه في الجنس أو اللون أو الدين، أو الإمكانيات الصحية أو الطبقة الاجتماعية أو حالته المادية أو... أو... ولكن لنضع الإجابة من خلال النقاط الآتية:



أولًا:
نشأ هذا المبدأ نتيجة للتفرقة التي دافعها الأول المحاباة لأجل منفعة أو تعصب أو هوى، وهذا الدافع بالطبع ليس له وجود لدى الله، فالله محب بطبيعته وصالح وحق، وليس ظالمًا وعظيمًا جدًا ومنزهًا عن كل هذا، ولن يناله منفعة من محاباة أحد، وليس له هوى يقوده ليكره شيئًا، أو يشتهي شيئًا، وهذه هي شهادة الكتاب المقدس عن الله المنزه عن مثل هذا.

· "وَالآنَ لِتَكُنْ هَيْبَةُ الرَّبِّ عَلَيْكُمُ احْذَرُوا وَافْعَلُوا. لأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ الرَّبِّ إِلهِنَا ظُلْمٌ وَلاَ مُحَابَاةٌ وَلاَ ارْتِشَاء" (2 أخ19: 7)

· "لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ هُوَ إِلهُ الآلِهَةِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، الإِلهُ الْعَظِيمُ الْجَبَّارُ الْمَهِيبُ الَّذِي لاَ يَأْخُذُ بِالْوُجُوهِ وَلاَ يَقْبَلُ رَشْوَةً" (تث17:10)، والكتاب يحوي المزيد من أمثال هذه الشواهد.

ثانيًا:
مبدأ تكافؤ الفرص لابد أن ينفذ بحكمة فما يحتاجه هذا غير ما يحتاجه ذاك، بل أيضًا ما يسبب سعادة لشخص ما قد لا يسبب سعادة الآخر، لأن خلقة الله متباينة وكل فرد من بني البشر يختلف عن الآخر، وهذا الاختلاف يضمن التكامل في الخليقة، لذلك يهب الله كل فرد ما هو مناسب له على حدة؛ لأنه هو الحكيم العالم ما هو الملائم والنافع لكل أحد.



شواهد كتابية:

"مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ. مَلآنةٌ الأَرْضُ مِنْ غِنَاكَ." (مز24:104).


صورة في موقع الأنبا تكلا: علامة يساوي.

ثالثًا:
الله عظيم في حبه فيعطي ما هو نافع فقط وليس هدف الله أن يرضى الناس عنه، ولكن هدفه خيرهم، فالله كأب لا يهمه رضا أطفاله الصغار الذين يصرون على أكل الشيكولاتة فقط، لأنه إن فعل ذلك يكون قد استجاب لحماقتهم في سبيل إرضائهم، لكنه يتصرف حسب حكمته وصلاحه، حتى إن كان ذلك لا ينال استحسانهم، فإن أصر أحد أطفاله الصغار فرضًا أن يشتري له أبوه أدوات هندسية كأخيه الطالب في كلية الهندسة بالطبع لن يشتري له أبوه ما يريد، بل يشتري ما هو نافع له وليس لأخيه ولذلك يُدعَى الله بـ"الصالح"؛ أي أنه لا يعطي إلا ما هو نافع وخيّر.



شواهد كتابية:

"كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ" (يع1: 17).


رابعًا:
أحيانًا كثيرة يركز البشر على الأمور الجسدية من أكل وشرب وملبس ومتع حسية ورفاهية وغنى و... و... ولكن نظرة الله شمولية، فهي ليست لأمور الإنسان في حياته على الأرض فقط، بل لحياته الأبدية، ولخلاص نفسه في السماء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وهو كطبيب حكيم قد يرى أن نوعًا من الأكل اللذيذ كالحلويات مثلًا سيضر بصحة مريضه، فلا يتردد في منعه عنه حفاظًا على حياته التي هي أسمى من أكل الحلويات... إنها شمولية معرفة الله وحبه تجاه بني البشر، لأنه هو الراعي الصالح الذي يعرف كيف يرعى رعيته.



شواهد كتابية:

"أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ" (يو10: 11).


خامسًا:
العدالة تغيب عن بني البشر والظلم يسود أحيانًا ولكن الله يتحكم في كل الأمور لخير أولاده كقول الكتاب: "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَب قصده" (رو28:8).. إن الله من محبته وقدرته العجيبة كفنان قدير يستعمل اللونين الأسود والأبيض وباقي الألوان؛ لرسم صورة بديعة لا يمكن للإنسان العادي أن يتخيلها إلا بعد أن ينتهي من رسمها الفنان الملهم، فالله كذلك يستخدم شر الأشرار لخير أولاده كقول الكتاب أيضًا: "فَقَالَ لَهُمْ:«مِنَ الآكِلِ خَرَجَ أُكْلٌ، وَمِنَ الْجَافِي خَرَجَتْ حَلاَوَةٌ...»" (قض14:14).

  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 07:45 PM   رقم المشاركة : ( 22 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال


سادسًا:
الله قادر أن يسند المظلومين ويعزيهم، بل يفرحهم ويعوضهم في أشياء أخرى، حتى وإن كانوا في أتون أو لهيب الشدائد، والأمثلة كثيرة في الكتاب المقدس عن تعزيات الله للمظلومين نذكر منها تعزيات الله لداود النبي ونفسيته الفرحة، حتى أنه رتل المزامير بفرح بالرغم أنه كان مطاردًا من شاول الملك الذي كان يموت غيظًا وحقدًا، فبينما كان شاول يطلب قتله ترنم داود قائلًا: "عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي فِي دَاخِلِي، تَعْزِيَاتُكَ تُلَذِّذُ نَفْسِي" (مز94: 19).
سابعًا:
يطالبنا الله قاضي المسكونة الديان العادل بالانتظار والصبر حتى تتم مقاصده الصالحة والخيرة نحو خليقته... والصبر هنا لأن الله في محبته ليس قاضيًا فقط، بل هو أيضًا كمثل طبيب وجراح معه مشرط لكن عظمته في أنه لا يستخدمه إلا لبتر العضو الذي تأكد من موته بالفعل، والناس تمدح ذلك الطبيب لصبره وتأنيه واستماتته في مداواة العضو المريض، أما إن تسرع لاستعماله المشرط بحجة أن المريض يعاني بعض المعاناة فحتمًا سيسبب ضررًا لمريضه وحينئذ يستحق اللوم علي تسرعه، وقد تسحب منه نقابة الأطباء رخصة مزاولته للمهنة. إن الأفضل لنا جميعًا أن يتأنى الله علينا لأننا جميعنا خطاة، أما عندما يستنفذ العضو الفاسد كل فرصة للإصلاح، يأتي دور الجراحة أو بالحري دور القضاء لأن الله قاض عادل وأيضًا صالح، ولكنه لا ولن يسكت على الشر.



شواهد كتابية:

"إِذًا لاَ تَحْكُمُوا فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ، حَتَّى يَأْتِيَ الرَّبُّ الَّذِي سَيُنِيرُ خَفَايَا الظَّلاَمِ وَيُظْهِرُ آرَاءَ الْقُلُوبِ. وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَدْحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللهِ" (1كو4 :5).
ثامنًا:
الموت للأشرار الذين عاشوا حسب هواهم ليس نهاية المطاف، ولا هو منفذ لُهم يهربون بواسطته من عدالة الله، بل هو انتهاء الفرصة الممنوحة لهم للنجاة من العقاب الأبدي، ومثلهم في ذلك مثل لص هارب، ولكنه قد تم القبض عليه، ووضع في قفص الاتهام، ولن يستطيع أن يفلت منه دون عقاب.



شواهد كتابية:

"قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا:«أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي، وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا»" (يو8: 21).

تاسعًا:
ما تمتع به البعض في زمان حياتهم على الأرض لا يقاس بما ينتظر الأبرار المتألمين الشاكرين من فرح ونعيم أبديين، ولن يذكر الأبرار هذه الشدائد بأسى بل بفرح، لأنها حينئذ ستكون لهم كنياشين لمجدهم ودليل على استحقاقهم، كما يَذكرُ الطالب أيام جهاده في الدراسة والمذاكرة بفخر بعد نجاحه وتفوقه.



شواهد كتابية:

"فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابني، اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ" (لو16: 25).


عاشرًا:
ما ناله البعض من خير كثير، ليس فرصة أعظم للرفاهية والسعادة، وليس للعيش ببذخ دون غيرهم، لكنه وديعة من الله أو وزنات ليتاجروا بها لحساب الله، وسيحاسبون كيف وظّفوها لحساب الخير والحب، ولحساب من ليس لهم، ودليل ذلك أن الكتاب يحذر من خطر التنعم الزائد والإسراف على الذات، لأن ذلك سيجعل صاحبه قد استوفى خيراته على الأرض، ويحذر أيضًا من التقطير على المحيطين، لأن من يأخذ أكثر سيقدم حسابًا أكثر عمَّا وهبه الله له.



شواهد كتابية:

· "فَدَعَا عَشَرَةَ عَبِيدٍ لَهُ وَأَعْطَاهُمْ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ، وَقَالَ لَهُمْ: تَاجِرُوا حَتَّى آتِيَ" (لو13:19).

· "فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابني، اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ" (لو16 : 25).
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 07:46 PM   رقم المشاركة : ( 23 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال

21- هل انتهى دور ناموس موسى وشريعة ونبوات العهد القديم ولا داعي لدراسة أسفار العهد القديم؟


السؤال الحادي والعشرين

هل انتهى دور ناموس موسى وشريعة ونبوات العهد القديم ولا داعي لدراسة أسفار العهد القديم؟



الإجابة:

الكتاب كله (عهد قديم أو جديد) موحى به من الله كقول الكتاب: "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ" (2تي3: 16)، ولذلك امتدح معلمنا بولس الرسول تلميذه تيموثاوس لأنه يعرف الكتب المقدسة قائلًا له: "وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (2تي3: 15). وبالطبع كانت أسفار العهد القديم أول هذه الكتب التي عرفها القديس تيموثاوس، والكتاب يعطي أيضًا حياةً أبدية لمن يدرسه كقول الرب: "فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً" (يو5 :39). فهل يتجرأ أحد ويهمل دراسة أجزاء من الوحي الإلهي؟! وهل كتب الوحي الإلهي تشتمل على أجزاء غير مهمة؟


أهمية أسفار العهد القديم:
· الكتاب المقدس وحدة واحدة في بنائه ويتكامل مع بعضه البعض ولا يمكن دراسة أجزاء منه، وإغفال أجزاء أخرى لأنه مبني على بعضه البعض، وهو أيضًا متدرج في كشفه وإعلاناته لبني البشر؛ حتى يصل بنا إلى كمال إعلانه عن الرب يسوع المسيح الغالب ملك الملوك ورب الأرباب، وعن السماء أورشليم السمائية مسكن الله مع القديسين في سفر الرؤيا، فمن المستحيل إذًا قراءة العهد الجديد دون القديم، لأن ذلك سيسبب عدم فهم الكتاب وعدم إدراك مقاصد الله. مثال ذلك من يدعي أنه سيدرس علم جراحة العيون فقط ليكون جراحًا نابغًا في العيون، وأنه لا حاجة له لدراسة باقي علوم الطب، مثل علم التشريح أو الجراحة العامة أو وظائف الأعضاء، أو علم الميكروبيولوجي أو علم الأمراض أو.. أو.. بدعوى أنه يكفيه علم جراحة العيون.... فهل ذلك منطقي؟!! فكيف يمكن فهم سفر العبرانيين الذي يتكلم مثلًا عن الرب يسوع المسيح ككاهن أعظم، وأيضًا ذبيحة طاهرة مقبولة دون الرجوع لسفر اللاويين وسفر الخروج و.. و... وكيف نفهم سر المعمودية والولادة الجديدة دون الرجوع لفلك نوح والطوفان وعبور البحر الأحمر في العهد القديم، وكيف نفهم قول معلمنا بولس الرسول: "وَجَمِيعَهُمُ اعْتَمَدُوا في السَّحَابَةِ وَفِي الْبَحْرِ" (1كو2:10)، دون الرجوع لأسفار العهد القديمَ، وكيف نفهم أيضًا أن المسيح له المجد هو المن النازل من السماء، والخبز الحي حسب قول معلمنا بولس الرسول: "وَجَمِيعَهُمْ أَكَلُوا طَعَامًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَابًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيح" (1كو10: 3-4)، دون الرجوع لأسفار العهد القديم، وكيف نفهم...؟! وكيف نفهم...؟! وكيف نفهم...؟! هل يمكننا فهم كل ذلك دون الرجوع لسفر الخروج وسفر العدد واللاويين... و... و...؟!!!

· صحيح أن أسفار العهد الجديد قد سجلت لنا الأحداث الخاصة بحياة وتعاليم ربنا يسوع المسيح، لكن العهد القديم يقدم التفسير لما وراء هذه الأحداث والتعاليم، فمثلًا مشاعر الرب يسوع أثناء محاكمته وآلامه ستجدها مسجلة في نبوات سفر المزامير وهكذا...

· العهد القديم متفرد في تسجيل الكثير من معاملات الله مع البشر، سواء من الأفراد أو الشعوب (مثل صموئيل ودانيال وموسى و.. وأيضًا شعوب كثيرة).



ثانيًا:
أسفار العهد القديم هي كلمات الله وتستمد أهميتها من كونها أنفاس الله، ومن يستطيع أن يحذف جزءًا أو ينادي بعدم أهميته أو يشير بعدم دراسته وهو خارج من فم الله بحسب قول الكتاب: "عَالِمِينَ هذَا أَوَّلًا: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2بط1: 20،21)، وقد أكد الرب يسوع المسيح أن كل كلمة من فم الله (نلاحظ قوله له المجد كل وليس جزء) تسبب حياة قائلًا: "فَأَجَابَ وَقَالَ: «مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ» (مت4:4). أن كلام الله كله أبدي لا يزول كقول الرب أيضًا: "اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ" (لو 21 : 33).



ثالثًا:
كاتب أسفار العهد القديم والجديد واحد وهو الله، وهل من المعقول لدارس أو باحث يجد في معرفة شخصية كاتب عظيم أن ينتقي حسب مزاجه الشخصي بعض كتاباته، ويهمل الباقي منها؟!! بالطبع لا، فمعاملات الله مع البشر من محبة وأمانة وقداسة ورحمة وعدالة واضحة في العهد القديم، فهل يمكننا إغفال جانب مهم مثل هذا لأنه سجل في العهد القديم وليس في العهد الجديد. إن معلمنا بولس الرسول يؤكد ذلك قائلًا: "يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ" (عب13: 8). وبالطبع الآب أيضًا والروح القدس هو هو أمس واليوم وإلى الأبد.



رابعًا:
أسفار العهد القديم تشهد للرب يسوع المسيح:
· أسفار الكتاب المقدس بعهديه تشهد للرب يسوع حسب قوله: "فَتِّشُوا الْكُتُبَ... وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي" (يو5 :39). فالنبوات الكثيرة والدقيقة تشهد لألوهية السيد المسيح، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فكيف يتجرأ أحد في حذف جزء من شهادات الحق الإلهي عن الرب يسوع المسيح المخلص؟

· وبخ ربنا يسوع المسيح تلميذي عمواس اللذين لم يؤمنا بما كُتب عنه في نبوات العهد القديم قائلًا لهما: "فَقَالَ لَهُمَا: "أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ! أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟" (لوقا 24: 25، 26).

· ولتأكيد أهمية شهادة أسفار العهد القديم يخبرنا معلمنا لوقا البشير أن الرب شرح بالتفصيل وبالتتابع؛ بل وفسر لهم الأمور المختصة به (من رموز وإشارات ونبوات) في أسفار موسى النبي وكل الكتب قائلًا: "ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ" (لوقا24: 27).

· أخيرًا نضع أمامك أيها السائل العزيز مشهدًا رائعًا للرب يسوع على جبل التجلي، ومعه قديسين من أنبياء العهد القديم (ممثلين في موسى وإيليا) وأيضًا قديسين من رسل العهد الجديد (ممثلين في بطرس ويعقوب ويوحنا)، وهو يتكلم مع كلا الفريقين عن خروجه، أي صلبه وفدائه الذي كان مزمعًا أن يتممه في أورشليم من أجل البشرية جميعها، وهذا يبين لنا بأن معرفة خلاصنا سنجدها من خلال أنبياء العهد القديم، ورسل العهد الجديد كقول الرسول بولس: "مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ" (أف 2: 20).. فما أعظم الرب في تدبيره وإعلانه وشهاداته الحقيقية عن نفسه.
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 07:47 PM   رقم المشاركة : ( 24 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال

22- لماذا منع الله أبانا آدم وأمنا حواء من الأكل من شجرة معرفة الخير والشر؟ ولماذا لم يقل لهما سبب عدم الأكل منها؟ وهل لهما عذر في السقوط؟ وإن لم يكن، فما الذي كان مفترضًا أن يجيبا به الحية حتى ينجوا من حيلتها الماكرة؟


السؤال الثاني والعشرين

لماذا منع الله أبانا آدم وأمنا حواء من الأكل من شجرة معرفة الخير والشر؟ ولماذا لم يقل لهما سبب عدم الأكل منها؟ وهل لهما عذر في السقوط؟ وإن لم يكن، فما الذي كان مفترضًا أن يجيبا به الحية حتى ينجوا من حيلتها الماكرة؟

الإجابة:

أولا:
لماذا لم يكشف لهما الله أسباب منعهما من الأكل من الشجرة؟
يمكننا استنتاج بعض هذه الأسباب فيما يلي:

1. الخالق هو الذي أعطى الإنسان العقل الناطق لكي يفهم ويميز به ما لخيره، ومن حقه كخالق ذي السلطان أن يحجب عنه أو يعلن له بحسب حكمته ما شاء من أسرار، سواء بإعلان إلهي فائق كرسالة مباشرة منه، أو بالرؤيا، أو بحلم، أو برسالة يحملها نبي، أو يعطي لعبيده الحكمة لاستنتاج وفهم ما غمض عليهم. أما الخليقة الناطقة أي الإنسان فليس من حقه أن يتذمر طالبًا المزيد، أو يلوم الله على ما لم يعلنه له بل يشكره، فما نلناه لم تنله باقي المخلوقات... فشيء طبيعي ألا يعرف الناس كل شيء عن كل شيء.

2. قد لا يكون لأبوينا قدرة علي استيعاب هذا السر، أي لماذا لا يأكلا من هذه الشجرة بالذات دون باقي شجر الجنة؛ فمن يمكنه أن يدرك فكر الله ومقاصده كقول الكتاب: "«لأَنْ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ؟ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيرًا؟" (رو11: 34).

3. قد يكون هذا اختبار حب؟! والله ينتظر منهما أن يظهرا إيمانهما وحبهما له كأمنا العذراء؛ التي أظهرت خضوعًا وطاعة لله عندما بشرها الملاك بولادة الرب يسوع منها فقالت: "فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ»" (لو1: 38).

4. أو أن الله كان ينتظر منهما أن يسألاه وهو سيعلن لهما لاحقًا، فهو يريد الدخول معهما في حوار أبوي يسألاه وهو يجيب؛ فتتحقق علاقة الحب بين الله كأب والإنسان كابن يثق في أبيه كما قال أيوب الصديق: "اِسْمَعِ الآنَ وَأَنَا أَتَكَلَّمُ. أَسْأَلُكَ فَتُعَلِّمُنِي. بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ، وَالآنَ رَأَتْكَ عَيْنِي" (أي42: 4، 5).

5. أو لأن الله أرادهما أن يُظهرا شوقًا للمعرفة الإلهية قبلما يعلن لهما أسراره، فهو لا يعلن إلا لمن يريد، وأعظم مثال لذلك هو شوق دانيال النبي الذي صلى ليفهم متى ينتهي سبي بابل؛ فأرسل الله له الملاك جبرائيل ليفهمه الكثير من الأسرار والإعلانات.

ثانيا:
هل كان لهما عذر في السقوط وماذا كان مفترضًا أن يفعلا لكي ينجوا من فخ إبليس؟ بالطبع كان من الممكن ألا يسقط أبوانا في فخ إبليس.. والآن دعنا نتخيل في السطور القادمة ماذا كان مفترضًا أن يجيب أبوانا لكي لا يسقطا في الفخ، فنتعلم كيف ننجو نحن أيضًا من حيل إبليس:

1. نحن لا نعرف لماذا لم يسمح لنا الله بالأكل من هذه الشجرة، ولكن لابد أن يكون هذا فيه خيرنا، ولماذا يمنعنا الله عن شجرة معينة إن لم يكن ذلك في صالحنا؟ فهو صالح ولم نرَ منه غير الصلاح.

2. حينما نرى الله سنسأله عن سبب ذلك.

3. أمامنا أشجار كثيرة وخير كثير لماذا ننشغل بهذه الشجرة بالذات؟! فلنعتبرها غير موجودة.

4. ولكن أبسط الإجابات وأسهلها هي: لا نعرف وماذا يعنينا. وهل من المفترض أن نعرف كل شيء؟!

إن سبب السقوط الرئيسي هو أنهما احتارا عندما لم يجدا إجابة، مفترضين في أعماقهما أنهما يجب أن يعرفا كل شيء عن كل شيء ( وهذا بالطبع كذب وخيال ناتج من الشعور بعظمة الذات وهذا أيضًا كبرياء ومستحيل)... لقد قبلا شكوكًا في محبة الله لهما فصدقا الحية؛ وعندما لم يسعفهما عقليهما بالإجابة الشافية على تساؤلات الحية قدم لهما العدو الشرير - على فم الحية - سيناريوهاته الشريرة متهمًا الله ومشككًا في صلاحه قائلًا لهما: "بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ" (تك5:3). وهكذا قبلا من إبليس مشورته المميتة، وبالطبع بعدما حرك فيهما محبة الذات وتعظم المعيشة والكبرياء، ومن هذا الوقت ابتدأ إبليس يستعبدهما ويسيّرهما لحساب أغراضه الشريرة، وهكذا انفصلا عن الله مصدر الخير والصلاح، ووقع الجنس البشري كله في قبضة الشرير.

الخلاصة:
· هناك الكثير من أمور معاملات الله وحكمته في تدبير الخليقة غامضة على عقل البشر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وقد يكون تفسيرها صعبًا لضعف وقصور في حكمة البشر ومعرفتهم، وعندما يرفض الإنسان أن يعترف بعجزه عن إدراك حكمة الله وجهله بالكثير والكثير منها ينتهز العدو الشرير الفرصة، ويقفز ليقدم له تخيلاته الشيطانية متهمًا الله الكلي الصلاح بالقساوة والشر ولكن حاشا لله... إنه سيناريو قديم يبدأ بتساؤل قد يبدو بريئًا، ثم يبني عليه العدو افتراءات وشرور كثيرة. إذًا لابد أن نتحلى بالاتضاع واثقين أننا لا يمكننا أن نعرف كل شيء عن أمور الله وتدبيراته الفائقة المعرفة، ولا أحد أيضًا يمكنه أن يدرك حكمته كقول الكتاب: "يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه! ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء" (رو11: 33).

· ليس من المنطقي للإنسان حينما يجهل شيئًا عن معاملات الله أو أحكامه أن يذهب بخياله بعيدًا ويسيء الظن بالله. فيا ليت أبوانا انتهرا الشيطان مؤكدين إيمانهم بالله قائلين: "نحن نعرف أن الله هو المحب والصالح كيف نشك فيه إذهب عنا يا شيطان".

· كما أنه ليس لأحد الحق أن يعرف ما أخفاه الله في علمه هو فقط، فالله يعلن لمن يشاء وحينما يشاء. فنحن تراب ورماد أعطاه الله الحياة... وقد أكد ذلك أبونا إبراهيم حينما أصدر الله حكمه على مدينتي سدوم وعمورة بالإفناء، فاتضع إبراهيم أمام الله حاسبًا نفسه ترابًا ورمادًا، وأنه ليس من حقه الاعتراض على حكم الله، ولكنه عاد ليلتمس باتضاع عفو الله لأهل سدوم وعمورة قائلًا: "فأجاب إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ: «إِنِّي قَدْ شَرَعْتُ أُكَلِّمُ الْمَوْلَى وَأَنَا تُرَابٌ وَرَمَادٌ " (تك18 : 27). وقد أكد معلمنا بولس الرسول على كيفية السلوك باتضاع أمام الله قائلًا: "بَلْ مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تُجَاوِبُ اللهَ؟ أَلَعَلَّ الْجِبْلَةَ تَقُولُ لِجَابِلِهَا: «لِمَاذَا صَنَعْتَنِي هكَذَا؟»" (رو 9: 20).
ملاحظة أخيرة:
ليس معنى معرفة الإنسان لجهله وضعفه ألا يجتهد ويبحث عن إجابات شافية لما لا يعلمه حسبما أعطاه الله من حكمة وفهم؛ ولكن قبلما نبحث طالبين المعرفة،علينا أولًا أن نتفق بأننا قد لا نفهم كل شيء ولا نعرف كل الأمور، وليس لنا الحكمة الكاملة لإدراك الكامل (الله العظيم)، ولماذا نقبل هذا المبدأ ونطبقه في التعامل مع الأمور العلمية أو في جميع أمور حياتنا الزمنية، ولا نطبق هذا المبدأ على أمور الله السماوية وحكمته في إدارة هذا الكون؟!

  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 07:48 PM   رقم المشاركة : ( 25 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال

23- لماذا يعاقب الله الإنسان ولا يكتفي بنصحه؟ وهل عقوبات الله تتنافي مع رحمته؟


السؤال الثالث والعشرين

لماذا يعاقب الله الإنسان ولا يكتفي بنصحه؟ وهل عقوبات الله تتنافي مع رحمته؟

الجزء الأول:
العقاب ضرورة لضبط العالم وسلامته:
الله القدير مسئول عن ضبط الكون ولذلك لا يترك الأشرار لشرهم، فالله هو ذو السلطان الأعلى في ممالك البشر بحسب قول الله نفسه لنبوخذ ناصر على فم دانيال النبي: "يَطْرُدُونَكَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ،... حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ الْعَلِيَّ مُتَسَلِّطٌ فِي مَمْلَكَةِ النَّاسِ وَيُعْطِيهَا مَنْ يَشَاء" (دا 4: 25).

· مادام الله ملك الملوك فسلطته أو سلطانه ليس سلطان عبثي؛ فالمعروف أن كل ملك له سلطان في ربوع مملكته يستخدمه للحفاظ على مملكته، من فساد وشر الأشرار سواء من داخل مملكته أو من أعدائه من خارج المملكة، فهو المسئول الأعلى عن حفظ الأمن وسن القوانين التي تضمن استمرار مملكته، وأيضًا مسئول عن معاقبة المخالفين للقوانين.. وبالإجمال يضبط مملكته كقول الكتاب: "فَإِنَّ الْحُكَّامَ لَيْسُوا خَوْفا لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَلْ لِلشِّرِّيرَةِ. أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ" (رو13: 3).

· إهمال أي ملك في ضبطه لمملكته ينسب له شخصيًا... وإن كان الملك الأرضي قد أُعطي سلطان ليستعمله لخير مملكته؛ فهو مسئول عن رعاياه... فما بالنا الله العظيم الضابط الكل ألا يستخدم سلطانه لضبط الكون وسلامته؟ إن الله هو الحافظ لخليقته من الفساد وهو الضامن لاستمرار وجودها وحياتها، وهو المدبر والراعي لها... فهل يجرؤ أحد أن ينكر على الله ملك الملوك ورب الأرباب سلطانه كمسئول عن خلقته ويقول له لا تعاقب أو تزيل الشر من مملكتك؟! وهل سلطان الله في يده سلطان عبثي؟!!

· لقد كان داود الملك يفتخر بأن همه الشاغل كل صباح هو إبادة الشر من مملكته بحسب قوله في المزمور: "بَاكِرًا أُبِيدُ جَمِيعَ أَشْرَارِ الأَرْضِ، لأَقْطَعَ مِنْ مَدِينَةِ الرَّبِّ كُلَّ فَاعِلِي الإِثْمِ" (مز 101: 8).


الجزء الثاني:
هل ينصح الله البشر ثم يتركهم ليفعلوا ما يشاءون؟
· الهدف من إبادة الأشرار من أي مملكة هو الصلاح والخير، لأن الأشرار قد انقطع خيرهم ولا نفع منهم؛ بل يضرون الناس وإن تركوا سيزداد الشرر والضرر، وهل يوجد ملك حكيم يغامر بترك الشر يفسد مملكته بدعوى الرحمة والشفقة؟! فالملك الحكيم أولى مهامه أن يشتت الأشرار من مملكته كقول سليمان الحكيم: "اَلْمَلِكُ الْحَكِيمُ يُشَتِّتُ الأَشْرَارَ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمِ النَّوْرَجَ" (أم 20: 26).

· الله هو ملك الملوك الحكيم، لكنه يتأنى وهو ينتقي بدقه الشر فقط ليبيده ويزيله من مملكته.

· بعض الملوك قد يتأنى فينذر أولًا قبل أن يعقاب الأشرار لكن الكثير منهم لا يعرفون التأني؛ بل سليمان الحكيم يحذر عمومًا من غضب الملك؛ لأن العاقبة هي موت لمن يُغضب الملك قائلًا: "غَضَبُ الْمَلِكِ رُسُلُ الْمَوْتِ، وَالإِنْسَانُ الْحَكِيمُ يَسْتَعْطِفُهُ" (أم16: 14).

· أما الله فهو كجراح حكيم يستأصل فقط العضو الذي ثبت فساده وعدم نفعه... هو طويل الأناة يحذر وينذر الأشرار بطرق كثيرة عسى أن يتوبوا ويكفوا عن شرهم، لكنه لا يترك ولا يهمل بل يتدخل في الوقت المناسب ليحمي المخلصين من شر الأشرار كقول الكتاب: "لأَنَّهُ لا تَسْتَقِرُّ عَصَا الأَشْرَارِ عَلَى نَصِيب الصِّدِّيقِينَ، لِكَيْلاَ يَمُدَّ الصِّدِّيقُونَ أَيْدِيَهُمْ إِلَى الإِثْمِ" (مز 125: 3).
الجزء الثالث:
عقاب الله للأشرار لا يتعارض مع شفقته:
· رحمة الله وشفقته تتجلى في طول أناته وكثرة إنذراته وهذا واضح في أسفار العهد القديم، فمثلًا نجد أن الله حذر الأشرار في أيام نوح البار أكثر من مائة عام، هي فترة بناء نوح للفلك.

· شفقة الله تتجلى في أنه يتأنى في العقاب من أجل القلة القليلة من الناس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فعلى سبيل المثال كان الله مستعدًا أن يتأنى ويؤخر عقابه لدائرة مدن سدوم وعمورة المتسعة، إن وجد خمسين أو أربعين أو ثلاثين بارًا فقط، وعندما عاقب هذه البلاد أرسل ملاكين لينقذ لوط وأسرته، وقد أكد الرب ذلك بقوله: "قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ" (مت12: 20).

· شفقة الله تتجلى في قبوله الأشرار إذا تابوا؛ فمثلًا أهل نينوى قبلهم الله ولم يحرق المدينة عندما صاموا هم وملكهم من الكبير إلى الصغير، وعندما استاء يونان النبي من قبول الله لتوبتهم وبّخه الله قائلًا: "أَفَلاَ أَشْفَقُ أَنَا عَلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا أَكْثَرُ مِنِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ رِبْوَةً مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ يَمِينَهُمْ مِنْ شِمَالِهِمْ، وَبَهَائِمُ كَثِيرَةٌ؟" (يونان4: 11).

· من مظاهر شفقة الله أنه يعطي فرصة لبدايات جديدة؛ فعندما قتل قايين هابيل أخاه وضل نسل قايين وامتلأوا شرًا؛ بارك الله في شيث وفي نسله وتعهدهم، ثم بارك الله في نوح ونسله أيضًا وتعهدهم، وبعدها بارك الله في إنسان تقي إسمه أبرام وأفرزه من وسط الأشرار ودخل معه ومع نسله في عهد، وعندما ضل أولاد إبراهيم ورفضهم الله أعطى لبعض الأتقياء منهم من صيادي السمك البسطاء رسالة وكرازة ليبدأ بهم عهدًا جديدًا... وهكذا وراء كل فساد للإنسان كانت هناك رحمة أخرى ورأفة جديدة كقول الكتاب: "أَنْتَ تَقُومُ وَتَرْحَمُ صِهْيَوْنَ، لأَنَّهُ وَقْتُ الرَّأْفَةِ، لأَنَّهُ جَاءَ الْمِيعَادُ" (مز102: 13).

· شفقة الله تجلت بعدم مسرته بالعقاب الذي ينزل بالشعوب الشريرة والملوك الأشرار وقد عبر الله عن عدم مسرته بأمره للأنبياء برفع مرثاة، أي يتنبأ النبي بشعر حزين يعبر فيه عن مدى حزن الله لما سيصيب هؤلاء الأشرار، وهذا ما حدث أيضًا لأورشليم العاصية التي بكى عليها الرب يسوع وهو يتنبأ بما سيصيبها نتيجة لعصيانها قائلًا: "وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا قَائِلًا: «إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ أَيْضًا، حَتَّى فِي يَوْمِكِ هذَا، مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ! وَلكِنِ الآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ" (لو19: 41، 42).



· لا تعارض في صفات الله مع بعضها البعض:

أخيرًا نود أن نؤكد أن الله متكامل في صفاته فلا تعارض بين شفقة الله ومعقابة الله للأشرار وللتقريب للذهن... نضرب مثلًا بالطبيب الجراح الذي يعمل لفائدة مريضه؛ فيضطر آسفًا بعد محاولات علاجية مستميتة لبتر قدم قد دب فيها الفساد والموت بسبب الغرغرينا وبالطبع لا يكون هذا الطبيب في حالة رضى وسرور وهو يبتر هذه القدم، لكنها الضرورة الحتمية لإنقاذ المريض من الموت، وبالطبع يشكره المريض لإنقاذه لحياته ولا أحد بجرؤ أن يلومه على ذلك، فهو طبيب نبيه صالح... وهكذا بالنسبة لله الصالح الرحوم، يجب على كل عاقل أن يمجده على كل أحكام صلاحه، فهو لا يشاء موت الخاطئ حسب قوله: "لأَنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ مَنْ يَمُوتُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فَارْجِعُوا وَاحْيَوْا" (حز 18: 32).
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 07:49 PM   رقم المشاركة : ( 26 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال

24- لماذا تتميز شرائع العهد القديم بالأحكام القاسية مثل أحكام القتل بالرجم -مثلًا- بينما العهد الجديد يتميز بحنان الله وتسامحه مع الخطاة؟


السؤال الرابع والعشرين

لماذا تتميز شرائع العهد القديم بالأحكام القاسية مثل أحكام القتل بالرجم -مثلًا- بينما العهد الجديد يتميز بحنان الله وتسامحه مع الخطاة؟




الإجابة:

أولًا:
لماذا الوصايا والشريعة؟:
· الإنسان هو الوحيد من بين خليقة الله المادية الذي له حرية إرادة -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- وبالتالي فهو يخطئ كلما أراد، وبالتالي يسبب إيذاءً لنفسه ولغيره نتيجة حريته، ولهذا كان لابد لله الخالق الصالح ألا يتركه دون أن يضع له القوانين المنظمة أو الشرائع والوصايا، التي إذا اتبعها تجنب هو ومن حوله الضرر.... وهذا شبيه بما يفعله صانع أو مخترع أي جهاز حديث، حين يضع مع جهازه كتيبًا فيه إرشادات التشغيل الآمن؛ تفاديًا للاستعمال الخاطئ الذي قد يسبب تعطلًا أو دمارًا لهذا الجهاز القيم.

إذًا وصايا الله وشريعته هي نعمة من الله، كقول القداس الغريغوري: "أعطيتني الناموس عونا"، وهي تختص بسلوك الإنسان وتصرفاته، وقد وضعها الله الخالق الصانع في صورة عهود ومواثيق ووصايا وهي لا تلغي الإرادة بل من يفعلها يحيا بها... من هذا المنظور ننظر إلى وصايا الله على أنها خير.

ثانيًا:
هل أحكام الشريعة قاسية؟:
قد ينظر البعض لأحكام القضاء في الشريعة متسائلًا لماذا القتل؟ ويمكننا أن نفسر ذلك بما يلي:

1. أحكام الشريعة بالقتل مثل أي أحكام قضائية لضبط المجتمع ومحاربة الجريمة؛ فقد كان القضاء في ذلك الوقت مسئولية الكهنة وشيوخ الشعب لأن الشعب لم يكن له حكومة مدنية، وعندما أصبح لشعب اليهود مملكة، قام القضاة بهذه المهمة... ومن منا الآن يعترض على أحكام القضاء أو يعترض على عقوبة الإعدام بدعوى القسوة على مجرم نفذ جريمة قتل، أو اغتصاب، أو خيانة، أو... أو... ألا نستحسن القضاء ونشيد به لأنه نفذ العدالة وردع المجرمين؟! فلماذا الاعتراض على الشريعة، وعلى الله القدوس العادل؟! هل يستحق الله منا هذا لأنه يضبط الكون؟!

2. الحكم بالقتل كان يقع على من يعتدي على غيره سواء على نفس أخيه بالقتل، أو بسرقة نفس، أو بتقديم ذبيحة بشرية للأصنام (ابنه)، أو بالزنا أو بتحدي الله ذاته بكسر وصية السبت... وبالطبع الحكم على المذنب بالقتل كان إعلانًا عن بشاعة هذه الخطايا وعدم رضى الله عمّن يفعلها، وسكوت الله عن ذلك الشر كان معناه عدم قداسة الله وبالطبع حاشا لله.

3. القسوة الحقيقية أن يترك الله الكون بدون شرائع تردع القتلة والزناة والخونة، فيزداد الشر ويعم القتل والزنا والعنف والسرقة والاغتصاب... (حاشا لله) لأنه في تلك الحالة سيكون الله هو الجاني، كما أن من يعطي لمريض نفسيٍّ اشتهر بالعنف سكينًا ويتركه، ألا يحسب تزويده له بالسكين نوع من الجريمة التي تحسب على من زوّده بالسكين... إذًا الوصية والشريعة هي شهادة وإعلان عن بر الله وقداسته.

4. الحقيقة التي يتغافلها الكثيرون أنه لا حق للإنسان في كَسْر قوانين أو شرائع أي دولة، فما بالنا كسر الناس لوصايا الله وشريعته، ثم التذمر من عقوبة جرائمهم؟! ومن يمكنه أن يتذمر عندما يقع عليه جزاء جريمة مُثبتة عليه؟! فهو المسئول عمَّا وصل إليه من نتائج خطيرة لجرائمه.. وهل من المنطقي عندما يُلقي أحد بنفسه من الدور الثلاثين أن يأتي لائم ليلقي لومًا على الله لأنه وضع قانون الجاذبية الأرضية الذي يجعلنا نمشي على الأرض في سهولة، ولا يلقي لومًا على ذلك الإنسان الذي ألقى بنفسه من الدور الثلاثين...عجبي؟!

5. علّم الرب شعبه إسرائيل أنه قد وضع أمامهم وصاياه التي هي للحياة لمن يطيع، أو للموت إن رفضوها، وهم عليهم الاختيار حسبما اختاروا، وهذه بعض الشواهد التي تشهد بذلك:

§ "اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ الْيَوْمَ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْخَيْرَ، وَالْمَوْتَ وَالشَّرَّ" (تث30 :15).

§ فإن انصرف قلبك ولم تسمع بل غويت وسجدت لآلهة أخرى وعبدتها. فإني أنبئكم اليوم أنكم لا محالة تهلكون، لا تطيل الأيام علي الأرض التي أنت عابر الأردن لكي تدخلها وتمتلكها" (تث30: 17-18).

§ "أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ" (تث30: 19).

6. إذًا هو قانون وشريعة وعهد للخالق ولا حق لمن يكسر العهد أو يخالف تعليمات الخالق والصانع أن يتذمر إن أصابه مكروه نتيجة مخالفته، ومن منا يقرأ تحذير شركة الصنع لجهاز عظيم ويقرأ: "لا يستعمل غير تيار كهربائي قيمته.... وعند استعمال تيار بقيمة أكبر سيحترق الجهاز". فهل يغامر ويخالف ثم يلوم الصانع لأنه لم يصنعه يحتمل تيارًا ذي قيمة أكبر أو فولت أكبر؟! وعجبي لأناس تحترم صانع الأشياء المادية، وحقوق ملكيته الفكرية، ولا تهاب صانع السماوات والأرض بل الخليقة المادية والروحية!!

7. واجب الشكر لله الخالق على وصاياه وشرائعه المعطية الحياة:

يحرص كل منا على الحصول على إرشادات التشغيل وتحذيرات الصانع لأي منتج من الأجهزة القيّمة ذات التكنولوجية الحديثة، ويشعر بالرضى ويقدم شكره لشركة الصنع ممتدحًا وضوح إرشادات التشغيل وكيفية صيانة جهازه القيّم، وفي حالة عدم وضوح الإرشادات وتحذيرات الأمان أو ندرتها يعتبر ذلك عيبًا في الصنع؛ لذلك كان من اللائق والواجب أن تتقدم الخليقة العاقلة لله المبدع بالشكر على وصاياه، بدلًا من التذمر من الضرر الواقع عليها عند مخالفة وصاياه وأوامره. لقد أكّد المرنم واجب الشكر لله الخالق على وصاياه وشريعته الإلهية عندما ترنم لله واصفًا امتياز أعطاء شعبه شريعته بقوله: "يُرْسِلُ كَلِمَتَهُ فَيُذِيبُهَا. يَهُبُّ بِرِيحِهِ فَتَسِيلُ الْمِيَاهُ. يُخْبِرُ يَعْقُوبَ بِكَلِمَتِهِ، وَإِسْرَائِيلَ بِفَرَائِضِهِ وَأَحْكَامِهِ" (مز147: 18، 19).
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 07:50 PM   رقم المشاركة : ( 27 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال

25- هل حكم الله بإبادة شعوبًا بأكملها بما فيهم النساء والأطفال يعتبر عدلًا؟


السؤال الخامس والعشرين

هل حكم الله بإبادة شعوبًا بأكملها بما فيهم النساء والأطفال يعتبر عدلًا؟


الإجابة:
الله قاضٍ عادل وقدوس ولا يطيق الشر، وهل من المنطقي أن ينكر عاقل حق قاضٍ عادل في إصدار أحكامٍ قضائية على الأشرار؟! فكم بالأولى من يتجرأ وينكر على الله ملك الكون العظيم حقه في مباشرة سلطاته القضائية! دعونا نتأمل معًا في السطور التالية حكمة الله من وراء هذه الأحكام.



أولًا:
أحكام الإفناء أو القتل (التحريم) لأمة ما بكاملها أو شعب ما أو بلد ما في العهد القديم هي أحكام قضائية، تصدر بأمر إلهي واضح محدد التفاصيل وليست تصريحًا من الله لشعبه بقتل الشعوب الأخرى، ويمكننا من خلال دراسة العهد القديم أن نتعرف على أنواع مختلفة من هذه الأحكام القضائية، نذكر منها على سبيل المثال:

· أمر الرب بتحريم كل سكان أريحا، كما في (يش 6: 17).

· الأمر الصادر من الله بالانتقام من النساء المديانيات بقتلهم هم وأولادهم الذكور المولدين منهم؛ لأنهم أغووا رجال بني إسرائيل على السقوط معهم في خطية الزنا، مع استثناء الإناث اللواتي لم يعرفن رجالًا فقد صدر الأمر باستبقائهن أحياء (عدد 31 : 15 -18).

· لم يأمر الله شعبه بتحريم الشعوب البعيدون عنهم مكانيًا؛ بل أن يستدعوهم أولًا للصلح؛ فإذا رفضوا يحاربونهم ويقتلون فقط رجال الحرب منهم، أما النساء والأطفال فيستبقونهم أحياء، كما في (تث 20: 13-15).

· أمر الرب شعبه بالمرور فقط في أرض سعير قائلًا لهم: "لاَ تَهْجِمُوا عَلَيْهِمْ، لأَنِّي لاَ أُعْطِيكُمْ مِنْ أَرْضِهِمْ وَلاَ وَطْأَةَ قَدَمٍ، لأَنِّي لِعِيسُو قَدْ أَعْطَيْتُ جَبَلَ سِعِيرَ مِيرَاثًا. طَعَامًا تَشْتَرُونَ مِنْهُمْ بِالْفِضَّةِ لِتَأْكُلُوا، وَمَاءً أَيْضًا تَبْتَاعُونَ مِنْهُمْ بِالْفِضَّةِ لِتَشْرَبُوا" (تث 2: 5- 6).


ثانيًا:
ملابسات وأسباب هذه الأحكام:
· أصدر الله حكمه بقتل أو تحريم كل سكان كنعان لكثرة شرّهم وبعد طول أناته عليهم لمدد زمنية طويلة، فاستحقوا أن يحكم الله عليهم بلا رحمة كقول الكتاب: "لأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ بِلاَ رَحْمَةٍ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ رَحْمَةً، وَالرَّحْمَةُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْحُكْمِ" (يع 2: 13)... لقد مارسوا الشر والفجور بكثرة حتى أنهم تعودوا على القساوة؛ فقدموا أطفالهم كذبائح بشرية لآلهتهم الوثنية وعبّروا أولادهم في النار إرضاءً للآلهة الوثنية، ومارسوا خطايا الشذوذ الجنسي ومضاجعة الحيوانات.

· كانت أحكام الله بالإفناء رمز للدينونة الإلهية الصادرة من الله على جميع أشرار الأرض في اليوم الأخير؛ فصاروا عبرة للفجار بحسب قول الكتاب: "كَمَا أَنَّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَالْمُدُنَ الَّتِي حَوْلَهُمَا، إِذْ زَنَتْ عَلَى طَرِيق مِثْلِهِمَا، وَمَضَتْ وَرَاءَ جَسَدٍ آخَرَ، جُعِلَتْ عِبْرَةً مُكَابِدَةً عِقَابَ نَارٍ أَبَدِيَّةٍ" (يه7)، وهذه الأحكام أيضًا مقدمة للدينونة الكبرى التي تنتظر أشرار العالم في آخر الأيام.

ثالثًا:
طريقة الحكم وأسلوبه لها معنى عند الله:
لم تكن الأحكام الإلهية بالفناء على شعب ما يقوم بتنفيذها بني إسرائيل فقط بل بحسب حكمته استخدم الله أساليب متنوعة نذكر منها: الطوفان أيام نوح وذلك ليصور للبشرية الهلاك الشامل الذي سيأتي على الأشرار، والحرق مع سدوم وعمورة ليصور للبشرية الهلاك بالنار الأبدية الذي ينتظر الأشرار آخر الأيام، وأيضًا هلاك سكان كنعان بيد شعب بني إسرائيل؛ ليشهدوا بأنفسهم عاقبة الأشرار الذين يتعدون على وصايا الله، فيتعظون ويخافون من نفس المصير إذا عصوا الله، وفعلًا تم فيهم هذا الحكم بعينه فيما بعد على يد مملكة آشور وبابل فيما بعد.


رابعًا:
الله له السلطان على ممالك الأرض لأنه ملك الكون العظيم.
كما أن الله يتعامل مع كل نفس هو أيضًا يتعامل مع البلاد والممالك والإمبراطوريات كوحدة واحدة وذلك للأسباب التالية:

· سكوت الله على هذه الممالك فترات طويلة بمثابة تصريح بانتشار الشر في كامل المملكة، وعثرة للأتقياء في هذه المملكة، وأيضًا قد تنتشر عدوى الشر لممالك أخرى مجاورة.

· تظهر قدرة الله وسلطانه عندما يتعامل مع الممالك أكثر منها عندما يتعامل مع الأفراد، وإن لم يتعامل الله مع الممالك ذات القدرة سواء الحربية أو الاقتصادية أو الإمكانيات البشرية، قد يظن البعض ضعف سلطان الله على هذه البلاد أو الممالك، وأن انضمامهم لهذه الممالك سيجعلهم في حصانة أو مأمن من أحكام الله.

· تطير الأخبار سريعًا وتنتشر عندما ينفذ الله أحكامه على الممالك أكثر منها على الأفراد؛ فتعم المخافة والرهبة من اسم الله العظيم، وذلك كما حدث عندما شق الرب البحر الأحمر فعبر شعبه على اليابسة بينما غرق فرعون وجنوده فيه.
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 07:50 PM   رقم المشاركة : ( 28 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال


· كان لهذه الممالك اعتقادًا في قدرة آلهتهم الوثنية؛ ولذلك صارت غلبة الله على هذه الممالك خصوصًا الممالك الكبيرة دليلًا على عدم نفع هذه الأوثان، وكذب اعتقاد هذه الشعوب فيها، وإعلان أيضًا لعظمة إلهنا رب السماء والأرض والخليقة وما فيها.

خامسًا:
بالنسبة لموت الأطفال أو النساء أو الشيوخ
· إن حكم الموت على البشر هو حكم غير محدد بسن معينة ولا على فئة معينة من البشر؛ بل الجميع معرّضون للموت في أية لحظة من حياتهم سواء سيدات، رجال، أطفال، شيوخ، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وذلك بحسب قول الكتاب: "لأن الإنسان أيضًا لا يعرف وقته. كالأسماك التي تؤخذ بشبكة مهلكة، وكالعصافير التي تؤخذ بالشرك، كذلك تقتنص بنو البشر في وقت شر، إذ يقع عليهم بغتة" (جا 9: 12). وأيضًا الطريقة التي يسمح الله أن يموت بها كل إنسان غير محددة، فقد ينتهي عمر الإنسان بسبب المرض أو الغرق أو الحريق أو بسبب طعنة سيف أو طلقة بندقية أو... أو... ولا يعني هذا شيئًا بالنسبة لرضى الله عن ذلك الإنسان أو عدمه، ولكن ذلك يشير إلى:

§ ضعف البشر عمومًا.

§ بشاعة الخطية التي جلبت على الإنسان هذا الموت البشع، ولهذا بكى الرب على حال البشر عند موت لعازر رغم أنه كان سيقيمه بعد دقائق من بكائه على قبره.

§ انتهاء عمر الإنسان في أية لحظة وزوال العالم الحاضر.

· أخيرًا نود أن نؤكد أنه لا حق للإنسان في الاعتراض على طريقة أو أسلوب الموت لأننا أخطأنا وجلبنا على أنفسنا حكم الموت فهل للمخطئ أن يختار أسلوب معاقبته على خطئه، ولا يمكننا أيضًا أن نلوم الله الخالق الحكيم على خلقته للإنسان بهذه الطبيعة الضعيفة المعرّضة للموت بطرق كثيرة، ومن منا يعترض على شركة صناعة السيارات لأن سيارته اصطدمت بسيارة أخرى، فتهشمت سيارته وتدمرت وعمومًا من يعطي له حق الأخذ أيضًا كقول أيوب الصديق: "عُرْيَانًا خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَعُرْيَانًا أَعُودُ إِلَى هُنَاكَ. الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا" (أي 1: 21).

· أحكام الله بالموت على الإنسان تخص هذه الحياة الأرضية فقط، وهي لا تقارن بالأبدية مهما كانت صعبة، لأن الأبدية لانهائية فقد تنتهي حياة قديس بموت رديء كإشعياء النبي، الذي نشره اليهود بمنشار،أو بطرس الرسول الذي صلب منكس الرأس، أو كثير من القديسين الذين قد تم إلقاؤهم للسباع وهذا ليس معناه عدم رضى الله عليهم.

· طريقة أو أسلوب موت البشر لن يؤثر في مصيرهم الأبدي؛ بل أحيانًا يكون سببًا في حياة أبدية سعيدة لا نهاية لها وغير مقارنة بالآلام الزمنية الوقتية (كما في حالة موت الشهداء). وقد أكّد الرب يسوع هذا المبدأ عندما قال لتلاميذه: "وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ. بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا مِنَ الَّذي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: مِنْ هذَا خَافُوا" (لو12: 4-5). والرب نفسه حمل عنا عقوبة هذا الموت الرديء بموته على صليب العار متألمًا عنا.

· موت الأطفال والنساء والخراب الشامل الذي يسمح به الله في الكوارث الطبيعية الكثيرة والتي تحدث بين الحين والآخر يهيء البشر لفكرة زوال العالم بكامله، وفي أي وقت دون سابق إنذار وهي أيضًا صورة مصغرة ليوم الدينونة.

سادسًا:
سماح الله للبشر بالموت الرديء:
الخوف من الكوارث أو الحروب أو... أو... أحيانًا يكون سببًا في الاتضاع وطرد الاستهتار من القلب، وبالتالي سببًا لخلاص البعض، وهذا ما أعلنه الوحي الإلهي قائلًا: "وَخَلِّصُوا الْبَعْضَ بِالْخَوْفِ، مُخْتَطِفِينَ مِنَ النَّارِ، مُبْغِضِينَ حَتَّى الثَّوْبَ الْمُدَنَّسَ مِنَ الْجَسَدِ" ( يه23). وهذا أيضًا ما أكّده الرب عندما أخبروه بحادث قتل هيرودس للجليلين فقال لهم: "كَلاَّ! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ" (لو 13: 5) ومن المؤكد والثابت أن أخبار الحروب المدمّرة والكوارث العالمية تحدث خوفًا، بل أحيانًا هلع في نفوس الكثيرين ولذلك ينبئنا سفر الرؤيا بالكثير من الضربات الموجعة التي ستصيب الكون آخر الأيام.
سابعًا:
أظهرت هذه الأحكام العادلة الصورة المتكاملة لصفات الله.
إن أنصاف الحقائق قد تكون أحيانًا كثيرة نوعًا من الكذب، أو الزيف لذلك فمن يتمسك بحنان الله ورأفته على البشر، ويتناسى أو ينكر حزم الله مع الشر يتصور صورة خاطئة عنه فالله متكامل في صفاته، ولابد لنا أن نرى لطف الله وحنانه على التائبين بجانب صرامته على الأشرار ونضع صورة الله المحب غافر الخطايا بجانب الله الديان وهكذا... وقد شهد بذلك معلمنا بولس الرسول قائلًا: "فَهُوَذَا لُطْفُ اللهِ وَصَرَامَتُهُ: أَمَّا الصَّرَامَةُ فَعَلَى الَّذِينَ سَقَطُوا، وَأَمَّا اللُّطْفُ فَلَكَ، إِنْ ثَبَتَّ فِي اللُّطْفِ، وَإِلاَّ فَأَنْتَ أَيْضًا سَتُقْطَعُ" (رو11: 22). فإذًا من يعترض على صورة الله القاضي والديان العادل، لا يريد أن يقبل الله الكامل العادل والحق بل يريد إلهًا آخر حسب خياله.
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 07:51 PM   رقم المشاركة : ( 29 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال

26- البعض يتهم الله أنه كان يأمر شعبه بمحاربة الشعوب الأخرى فهل الله إله حروب؟


السؤال السادس والعشرين

البعض يتهم الله أنه كان يأمر شعبه بمحاربة الشعوب الأخرى فهل الله إله حروب؟


الإجابة:

ممالك الأرض تثير حروبًا على بعضها البعض بسبب شرورها طلبًا لغنيمة أو للتسلط أو إثباتًا للذات أو حبًا في الشر والقتل أو... أو... أما الله فإنه إله الحق والعدل ذو السلطان والقدرة، وهو القاضي العادل الذي يقضي بأحكام على الشعوب والممالك ليسود الحق والعدل، هو يبيد الأشرار الذين لا نفع فيهم حتى لا ينشروا شرورهم في العالم ولذلك قيل عن الرب يسوع: "قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ" (مت12: 20)... وفي السطور التالية نقدم بعض النقاط المهمة بخصوص هذا الأمر:



1. فعلًا تغنت مريم النبية وقالت: "الرَّبُّ رَجُلُ الْحَرْبِ.الرَّبُّ اسْمُهُ" (خر15: 3)، ولكن ليس المقصود أنه يحب الحروب؛ ولكن المقصود أنه الغالب دائمًا في الحروب كما ذُكر عن الرب يسوع في سفر الرؤيا: "فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلًا، وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ" (رؤ6: 2)، وذلك بديهي لأنه الله هو القادر على كل شيء.




2. الرب هو رب الصاباؤوت أي رب الجنود أو رب القوات، وهذا معناه أن الله قدير وقوي ومن يقدر أن يقف أمامه ليعطل أو يمنع مشيئته الإلهية الصالحة، ولا يقدر أحد أن يدَّعي أن الله قد خلق الكون وتركه ولا مشيئة له من نحوه، وأما جنود الله الذين يصنعون أمره فهم ليسوا جنودًا مسلحين بسلاح مادي، لكنهم الخليقة كلها سواء ملائكة أو بشر أو ما في الطبيعة من عواصف أو زلازل أو براكين أو... أو..



3. بعد برج بابل تشتت البشر في أنحاء الأرض وأقاموا لأنفسهم ممالك، ومع ازدياد الشر اخترع الناس لأنفسهم آلهة وعبدوا الأوثان، وأقام الملوك أنفسهم آلهة لشعوبهم، واعتقدوا في قوة آلهتهم ونسبوا إليها انتصاراتهم وتناحرت هذه الممالك مع بعضها البعض، وأرادت أن تفرض سيطرتها وعبادتها المملوءة شرًا على كل الأرض، وهنا كان لابد أن يتدخل الله لمساندة الضعفاء، ولذلك تكررت في أسفار العهد القديم بعض العبارات التي تفسر تدخل الله لإنصاف شعبه المظلوم مثل "سمع الله صراخهم" أو "صعد صراخهم للرب"، أو.. أو... إذًا الله يسمع صراخ المظلومين ويتدخل كقول المزمور: "عَيْنَا الرَّبِّ نَحْوَ الصِّدِّيقِينَ، وَأُذُنَاهُ إِلَى صُرَاخِهِمْ. وَجْهُ الرَّبِّ ضِدُّ عَامِلِي الشَّرِّ لِيَقْطَعَ مِنَ الأَرْض ِذِكْرَهُمْ. أُولئِكَ صَرَخُوا، وَالرَّبُّ سَمِعَ، وَمِنْ كُلِّ شَدَائِدِهِمْ أَنْقَذَهُمْ" (مز34: 15-17)، وإلا كيف يكون الله هو إله الحق والعدل، ويسكت عن سحق الأشرار للأبرياء.



4. لم يأمر الله شعبه في العهد القديم بخوض الحرب على العالم كله لتكوين إمبراطوريات كإمبراطورية الإسكندر الأكبر مثلًا، ولكنه وقف معهم في حروبهم الدفاعية أو استخدمهم هم أو غيرهم من الممالك (كمملكة بابل أو آشور أو مادي وفارس)؛ لتنفيذ عدالته بمعاقبة بعض الشعوب الشريرة من الأرض، كما حدث مع سكان أرض كنعان وحدث مع شعب الله بسبب شرهم كقول الرب: "يَأْتُونَ لِيُحَارِبُوا الْكَلْدَانِيِّينَ وَيَمْلأُوهَا مِنْ جِيَفِ النَّاسِ الَّذِينَ ضَرَبْتُهُمْ بِغَضَبِي وَغَيْظِي، وَالَّذِينَ سَتَرْتُ وَجْهِي عَنْ هذِهِ الْمَدِينَةِ لأَجْلِ كُلِّ شَرِّهِمْ" (إر33: 5)... ومن الواضح من هذا النص أن الله ضرب شعبه إسرائيل، وستر وجهه عنه لأجل شرهم وبالطبع ضربهم بيد الكلدانيين (مملكة بابل).



5. أمر الله شعبه بني إسرائيل بتملك أرض كنعان لفظاعة وكثرة شرور سكان هذه الأرض، وكان هذا قضاء الله نحوهم كقول الرب: "لَيْسَ لأَجْلِ بِرِّكَ وَعَدَالَةِ قَلْبِكَ تَدْخُلُ لِتَمْتَلِكَ أَرْضَهُمْ، بَلْ لأَجْلِ إِثْمِ أُولئِكَ الشُّعُوبِ يَطْرُدُهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ أَمَامِكَ" (تث5:9). وبنفس الأسلوب عندما ضل بني إسرائيل أدّبهم الله بملوك بابل وآشور وطردهم من نفس الأرض -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- وسباهم أعداءهم كعبيد لأراضٍ أخرى بعدما قتلوا منهم الكثيرين. إذا الأرض كلها ملك للرب ومن حقه أن يملّكها لمن يشاء كقول المزمور: "وَجْهُ الرَّبِّ ضِدُّ عَامِلِي الشَّرِّ لِيَقْطَعَ مِنَ الأَرْضِ ذِكْرَهُمْ" (مز34: 16).



6. لم يأمر الله شعبه بنشر تعاليمه بالحرب فلا يوجد نص في الكتاب المقدس يقول أن الله أمر شعبه بإقامة حرب لإرغام أعدائهم على قبول وصايا الله أو التهوّد فالله يعلن ذاته بهدوء دون أن يجبر أحد كقوله على فم الحكيم: "لأَنِّي دَعَوْتُ فَأَبَيْتُمْ، وَمَدَدْتُ يَدِي وَلَيْسَ مَنْ يُبَالِي، بَلْ رَفَضْتُمْ كُلَّ مَشُورَتِي، وَلَمْ تَرْضَوْا تَوْبِيخِي" (أم1: 24-25).



7. اعتقدت الشعوب في قدرة أصنامها كآلهة فتجبرت وأذلت باقي الشعوب بدعوى قدرة آلهتها وكمثال لذلك تعيير رَبْشَاقَى قائد جيش سنحاريب لشعب الله قائلًا: "هَلْ أَنْقَذَ آلِهَةُ الأُمَمِ كُلُّ وَاحِدٍ أَرْضَهُ مِنْ يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ؟ أَيْنَ آلِهَةُ حَمَاةَ وَأَرْفَادَ؟ أَيْنَ آلِهَةُ سَفَرْوَايِمَ وَهَيْنَعَ وَعِوَّا؟ هَلْ أَنْقَذُوا السَّامِرَةَ مِنْ يَدِي؟ مَنْ مِنْ كُلِّ آلِهَةِ الأَرَاضِي أَنْقَذَ أَرْضَهُمْ مِنْ يَدِي، حَتَّى يُنْقِذَ الرَّبُّ أُورُشَلِيمَ مِنْ يَدِي؟" (2مل 18 : 33-35)؛ لذلك كانت نصرة الله لشعبه بمثابة إعلان عن ذاته كإله قدير لهذا الكون، وأيضا إظهار لضلال تلك الشعوب، وخطأ اعتقادهم في الأصنام لعلهم يكفّون عن شرورهم، لقد كانت تلك الحروب والضربات هي أحكام الله على هذه الآلهة المزيفة بحسب قول الله عن آلهة المصريين: "فَإِنِّي أَجْتَازُ فِي أَرْضِ مِصْرَ هذِهِ اللَّيْلَةَ، وَأَضْرِبُ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ. وَأَصْنَعُ أَحْكَامًا بِكُلِّ آلِهَةِ الْمِصْرِيِّينَ. أَنَا الرَّبُّ" (خر12:12)... فهل كان الله يصمت تجاه هذه الاعتقادات الخاطئة تاركًا شعبه للضلال أم ينصف شعبه ويظهر قدرته كإله ذو السلطان والقدرة؟!!!
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 07:52 PM   رقم المشاركة : ( 30 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال

27- هل إله العهد القديم يختلف عن إله العهد الجديد، فالأول قاسٍ والثاني حنون وشفوق؟!


السؤال السابع والعشرين

هل إله العهد القديم يختلف عن إله العهد الجديد، فالأول قاسٍ والثاني حنون وشفوق؟!


الإجابة:

1. الله كامل في صفاته ولا تطغى صفة فيه على أخرى وإلا فذلك يضرُ بكماله، كما أنه لا يتغير بمرور الزمن، هو كامل سواء في زمن كتابة العهد القديم أو في زمن كتابة العهد الجديد وذلك كقول الكتاب: "يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ" (عب13: 8). وهذا ما سوف نشرحه من خلال النقاط التالية:

· لا يمكن أن ندرك صفات الله كلها في وقت واحد، وذلك لضعفنا ولكن كل موقف سجله الكتاب المقدس عن الله ومعاملاته مع البشر يظهر صفة أو أكثر من صفات الله؛ فالله إذًا في القديم ليس هو الحازم أو المعاقب على الدوام؛ بل ولا هو الحنون فقط في العهد الجديد، ولكن معرفتنا لله هي من خلال الكتاب كله لأن كتابنا المقدس وحدة واحدة ومثال ذلك ما يلي:

مدرس في منزله وبين أولاده، ضحوك بشوش، وفي أثناء شرحه للدرس بين تلاميذه طويل البال يطيل أناته على من لا يفهم الدرس من أول مرة، وفي لجنة الامتحانات حازم وجاد جدًا، لا يسمح لأحد من الطلبة بالكلام أو بالشوشرة على غيره؛ فيكون من عدم الإنصاف أن نصف هذا المدرس فقط بما نراه عليه وهو في البيت، أو وهو يشرح الدرس أو وهو يراقب في لجنة الامتحان، بل نضع كل هذه الصفات معًا جنبًا إلى جنب إن أردنا أن نعبّر بصدق عن شخصية هذا الإنسان. وكتطبيق عملي لذلك نذكر ما يلي:

§ أسفار ما قبل السبي تظهر الله الديان الذي يحذر شعبه على فم أنبيائه من الدمار والهلاك الآتي؛ وذلك لشرهم وأسفار ما بعد السبي تظهر الله الذي يشجع ويعد بالخير والبركة إذا أطاعوا كسفر زكريا الذي يحتوي على رؤى نبوية مشجعة، وسفر ملاخي الذي يبتدئ بقول الرب لشعبه: "أَحْبَبْتُكُمْ، قَالَ الرَّبُّ. وَقُلْتُمْ: بِمَ أَحْبَبْتَنَا؟" (مل1: 2) وينتهي بقوله: "وَيَكُونُونَ لِي، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ، فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَنَا صَانِعٌ خَاصَّةً، وَأُشْفِقُ عَلَيْهِمْ كَمَا يُشْفِقُ الإِنْسَانُ عَلَى ابْنِهِ الَّذِي يَخْدِمُهُ." ( مل3: 17).

§ حب الله وحنانه معلن في العهد القديم وأيضًا في العهد الجديد على السواء ولكن محبته مدرَكة بصورة أعمق وأوضح في الأناجيل الأربعة مما عنها في أسفار العهد القديم، وذلك بسبب تجسده وظهوره في الهيئة كإنسان يحيا في وسط البشر، يتعامل معهم ويظهر مشاعره تجاه آلامهم، ويتعاطف مع ضعف الضعفاء منهم ويحن على جهلهم وعدم معرفتهم، وهذا ما مكّن كتاب العهد الجديد من التعبير عن حنانه بلغة واقعية يفهمها البشر، فكتبوا عنه هذه العبارات: "تحنن يسوع"، "وبكى يسوع"، أو "أشفق على الجموع" أو... أو.... فقد تسمع الكثير عن لطف إنسان ما ومحبته، لكنك عندما تراه وتعاشره وتتلامس مع محبته الفياضة، بالتأكيد سيكون إدراكك لمحبته ولطفه أعمق بكثير مما سمعته عنه قبلما تراه وتتلامس معه.

§ سفر يونان بكامله يظهر رحمة الله وقبوله للتائبين من شعوب الأمم غير اليهود، فوقوف الله ضد نبيه يونان لأجل خلاص أهل مدينة نينوى بمن فيها ومن أجل نجاة الجميع، حتى الحيوانات ، يظهر عطف الله وحنانه ، وهذا القبول أيضًا يشبه قبول الله للخطاة في بشائر العهد الجديد أمثال المرأة الخاطئة والابن الضال وزكا العشار ولاوي و...



2. بالرغم من ظهور حب الله وحنانه بصورة عميقة في البشائر الأربع، إلا أن حزمه معلن أيضًا بصورة واضحة؛ فيها فنراه على سبيل المثال يعطي الويل للكتبة والفريسيين المرائين، ويعلن خراب أورشليم وهو يبكي عليها في ذات الوقت حبًا في أهلها، ويعلن عن مجيئه الثاني المملوء مجدًا ليدين الأبرار الذين سيكونون عن يمينه فيقول لهم: "تعالوا إلي يا مباركي أبي رثوا"... بينما هو يجازي في ذات الوقت الأشرار ويقول لهم: "اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية".



3. في احتكاك الرب يسوع الشخصي بالناس ظهر حبه وحنانه ولطفه مثلما حدث مع زكا والسامرية و... و... وهذا أيضًا ما سجّله العهد القديم في معاملات الله الشخصية مع البشر أمثال إبراهيم الذي قال عنه الرب: "هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله"... لقد كشف العهد القديم عن الله المحب الذي يصادق البشر كإبراهيم وموسى الذي دُعِيَ كليم الله، سمح لهم الله بأن يحاجوه ويناقشوه في أحكامه، ويستجيب لهم أحيانًا، وأحيانا أخرى رضى الله أن يتصارعوا معه طلبًا للبركة كما قيل عن يعقوب أب الآباء أنه جاهد مع الله وغلب. شجع الله جدعون وتركه يطلب منه علامة ليؤكد له محبته ووقوفه بجانبه ثم رجع فطلب علامة أخرى واستجاب الله. تعامل مع صموئيل الطفل واستأمنه على أسراره. أحب داود واحتمله في ضعفه ونقل عنه خطيته وامتدحه.



4. سجل العهد القديم إنذارات وتحذيرات ونبوات لشعب إسرائيل وملوكهم خلال تاريخهم الطويل والذي امتد إلى مئات السنوات، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولذلك تراكمت النبوات بالخراب والدمار بينما لم يحدث هذا في العهد الجديد؛ لأن الوحي الإلهي لم يسجل كل تاريخ الكنيسة في العهد الجديد بل سجل فقط جزءًا صغيرًا من سفر الرؤيا، وهو رسائل الله إلى سبع كنائس فقط ولم يتتبع كتاب العهد الجديد غير ذلك من الكنائس، ولكنه سجل غضب الله على بعض المنافقين أمثال حنانيا وسفيرة زوجته وأيضًا سيمون الساحر، وأيضًا في إصحاحات سفر الرؤيا سجل الوحي نبوات عن نهاية العالم وهلاك الأشرار كما هو مسجّل في أسفار دانيال وحزقيال ويوئيل و...



5. أسفار الشريعة في العهد القديم تُظهر الأحكام القضائية مثل الحكم على القاتل والسارق والمغتصب والزاني وذلك لأن الشريعة كانت تنظم حياتهم المدنية، وفي العهد الجديد لم يُعف القاتل من عقوبة القتل، ولم يعترض عليها الرب يسوع بل قررها الرب بقوله: "فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا ِللهِ للهِ" (لو20: 25)... وقال أيضًا لبطرس: "فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ" (مت26: 52)، بل أكثر من هذا غلّظ الرب العقوبة في العهد الجديد بعدما سكب الرب نعمته ومحبته على المؤمنين بخصوص الغضب على الأخ قائلًا: "وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلًا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ" (مت5: 22)، وصار من يبغض أخاه في مفهوم العهد الجديد قاتلًا بحسب قول الكتاب: "كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ" (1يو3: 15).



6. هناك تطابق في فيما سجّله الكتاب المقدس بعهديه وهذه بعض الأمثلة:

· هناك أسفار نبوية مثل أسفار الأنبياء الكبار والصغار في العهد القديم ومثلها سفر الرؤيا في العهد الجديد وهذه الأسفار تبيّن هلاك الأشرار ودينونتهم... ففي سفر الرؤيا نجد الأبواق وجامات غضب الله والبحيرة المتقدة بالنار والكبريت التي تنتظر الوحش، والنبي الدجال ونجد أيضًا انقلاب وخراب بابل، وفي أسفار الأنبياء الكبار والصغار في العهد القديم نجد أيضًا الويلات للأشرار.

· أسفار الشريعة مثل التثنية والخروج واللاويين في العهد القديم والموعظة على الجبل، وهي تحوي لعنات وعقوبات لمن يتعدى على ناموس الله، وأيضًا بركات وتطوبيات لمن يسلك بالوصية... ففي سفر التثنية على سبيل المثال نجد البركات التي تُتلَى من فوق جبل جرزيم، واللعنات التي تتلى من فوق جبل عيبال والموعظة على الجبل تحوي التطويبات، وأيضًا عقوبة نار جهنم لمن يقول لأخيه يا أحمق، وفيها أيضًا من يُعثر أحد الأصاغر خير له أن يعلّق في عنقه حجر رحى ويغرق في لجة البحر. والويل للكتبة والفريسيين المرائين وهكذا... إذًا الله هو الكامل في صفاته.. وهو الذي لا يشوبه تغير.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
المتكبر عنيد والهرطوقي أيضًا عنيد، والمبتدع عنيد
كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)
عندى سؤال-مع أسئلة الشباب والخدام والخادمات-لتفرح قلوبهم بالمعرفة المفرحة الصادقة
كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
سؤال أحرجنى (من كتاب خبرات في الحياة)


الساعة الآن 10:02 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025