منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 28 - 02 - 2014, 06:34 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

نوع الطعام في الصوم


روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث
تحدثنا في الصوم عن الجوعوفترة الانقطاع، بقي أن أحدثكم عن نوع الطعام. ويهمني هنا أن أذكركم بقول دانيال النبي عن صومه:
"لم آكل طعامًا شهيًا" (دا 10: 3). لذلك إن صمت، أعطيت جسدك ما يشتهيه، لا تكون قد صمت بالحقيقة. ابعد إذن عن المشتهيات لكي تقهر جسدك وتخضعه لإرادتك. لا تطلب صنفًا مختارًا بالذات، ولا تطلب أن تكون طريقه صنع الطعام بالأسلوب الذي يلذ لك. وإن وضع أمامك -دون أن تطلب- صنف من الذي تحبه نفسك، لا تكثر منه في أكلك.. ولا أريد أن أقول لك كما قال أحد الآباء القديسين " إن وضع أمامك طعام تشتهيه، فأفسِده قليلًا ثم كله". ولعله يقصد بإفساده، أن تضيف عليه كمثال شيئًا يغير طعمه.. علي الأقل: مثل هذا الصنف المشتهي، لا تأكل كل ما يقدم لك منه. وكما قال أحد الآباء "ارفع يدك عنه، ونفسك ما تزال تشتهيه". أي أن جسدك يطلب أن يكمل أكله من هذا الصنف، وأنت تضبط نفسك وتمنعها عنه.
هنا ونقف أمام أسئلة كثيرة يقدمها البعض:
هل النباتين والمسل الصناعي (السمن) يحل آكله في الصوم أو لا؟ هل الجبنة الديمكس طعام صيامي أم فطاري؟ هل السمك نأكله في هذا الصوم أم لا نأكله؟ ما رأيك في الشوكولاته الصيامي؟.. إلخ
أسئلة كثيرة يمكن الإجابة عليها من جهة تركيب تلك الأطعمة، ويمكن من ناحية أخرى أن تٌبحَث روحيًا: فالسمن النباتي، إن كانت مجرد زيت نباتي مهدرج تكون طعامًا نباتيًا يتفق مع حرفية الصوم. أما إن كنت تأكلها شهوة منك في طعم السمن، فالأمر يختلف: تكون من الناحية الشكلية صائمًا، ومن الناحية الروحية غير مستفيد.
ونحن لا نريد ان نأخذ من الصوم شكلياته.
كذلك الجبنة الديمكس، المقياس هو: هل يوجد في تركيبها عنصر حيواني؟ هذا من الناحية الشكلية. ولكن روحيًا: هل أنت تحب الجبنة وتصر علي أكلها منفذًا رغبات جسدك في الصوم وكذلك بالنسبة للشوكولاته الصيامي: هل أنت تشتهي هذا الصنف بالذات؟ ولماذا لا تستبدله بكوب من الكاكاو؟ أما السمك، فهو أصلًا طعام حيواني. وقد صرح به للضعفاء الذين لا يحتملون كثرة الأصوام. ولكن لا يصرح به في أصوام الدرجة الأولي. ومع ذلك:
إن اشتهي جسدك سمكًا في الصوم، أي صوم، فلا تعطه.
ليس فقط السمك، بل كل المشتهيات مهما كانت حلالًا. لأنك في الصوم تضبط شهواتك.
أليس الزواج حلالًا؟ ولكن الصائمين يبعدون عن المعاشرات الجسدية في الصوم ضبطًا لأنفسهم (1 كو 7: 5). بل هكذا فعل أيضًا الملك دار يوس الأممي (دا 6:8).
رد مع اقتباس
قديم 28 - 02 - 2014, 06:35 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث

الطعام النباتي

تحدثنا في الصوم عن فترة الانقطاع وعن الجوع، بقي أن نتحدث عن الطعام النباتي في الصوم، ونشرح كيف انه نظام إلهي، وأنه الأصل في الطبيعة، إذ أن أبانا آدم كان نباتيًا، وأمنا حواء كانت نباتية. وكذلك أولادهما إلي نوح.
إن الله خلق الإنسان نباتيًا.
فلم يكن آدم وحواء يأكلان في الجنة سوي النباتات: البقول والثمار. وهكذا قال الله لآدم وحواء "إني قد أعطيتكم كل بقل يبذر بذرًا علي وجه كل الأرض. وكل شجر فيه ثمر شجر يبذر بذرًا، لكم يكون طعامًا" (تك 1: 29). بل حتى الحيوانات إلي ذلك الحين كانت نباتية أيضا، إذ قال الرب "ولكل حيوان الأرض وكل طير السماء، وكل دابة علي الأرض فيها نفس حية، أعطيت كل عشب أخضر طعامًا" (تك 1: 30).

روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث
وبعد طرد الإنسان من الجنة، بقي أيضًا نباتيًا.
ولكنه إلي جوار البقول وثمار الأرض، أعطي أن يأكل من عشب الأرض، أي من الخضراوات، فقال له الرب بعد الخطية " وتأكل عشب الحقل "(تك 3: 18). ولم نسمع أن أبانا آدم مرض بسب سوء التغذية، ولا أمنا حواء. بل نسمع أن أبانا آدم -وهو نباتي- عاش 930 سنة (تك 5:5). وهكذا طالت أعمار أبنائه وأبناء أبنائه في هذه الأجيال النباتية.. (تك5).
ولم يصرح للإنسان بأكل اللحم بعد فلك نوح.
وحدث ذلك في زمن مظلم كان فيه "شر الإنسان قد كثر علي الأرض" حتى "حَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ، وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ"، واغرق العالم بالطوفان (سفر التكوين 6: 5، 6). وهكذا بعد رسو الفلك، قال الله لأبينا نوح وبنيه "كل دابة حية تكون لكم طعامًا، كالعشب الأخضر، دفعت إليكم الجميع. غير أن لحمًا بحياته دمه لا تأكلوه" (تك 9:3،4). ولما قاد الله شعبه في البرية، إطعامه طعامًا نباتيًا.
وكان هذا الطعام النباتي هو المن "وَهُوَ كَبِزْرِ الْكُزْبَرَةِ، أَبْيَضُ، وَطَعْمُهُ كَرِقَاق بِعَسَل" (سفر الخروج 16: 31). وكان الشعب يلتقطونه ويطحنونه أو يدقونه في الهاون كما كانوا أيضًا يطبخونه في القدور ويعملونه ملأت. وكان طعمه كطعم قطايف بزيت (عدد 11: 8).
ولما صرح لهم باللحم، فعل ذلك بغضب.
وكان ذلك التصريح بسبب شهوتهم، وتذمرهم علي الطعام وطلبهم اللحم بدموع. فأعطاهم الرب شهوتهم، وضربهم ضربه عظيمة "وإذ كان اللحم بعد بين أسنانهم قبل أن ينقطع، حمي غضب الرب علي شعب، وضربهم ضربة عظيمة جدًا، فدعي أسم ذلك الموضوع قبروت هتأوة (أي قبور الشهوة) لأنهم هناك دفنوا القوم الذين اشتهوا" (عدد11، 33، 34).
والأكل النباتي كانا أيضًا طعام دانيال النبي وأصحابه.
إذ كانوا يأكلون القطاني أي البقول (دا 1:12)، هؤلاء الذين وضعوا في قلوبهم ألا يتنجسوا بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه (دا 10: 3).
وكان الطعام النباتي آكل حزقيال النبي في صومه.
وفعل ذلك بأمر إلهي، إذ قال له الرب " وخذ أنت لنفسك قمحًا وشعيرًا وفولًا وعدسًا ودخنًا وكرسنة (حز 4:9).
والطعام النباتي طعام خفيف، هادئ ومهدئ.
ليس فيه ثقل اللحوم،دهونها وشحومها، بكل تأثير ذلك علي صحة الجسد ونلاحظ أنه حتى في الحيوانات: المتوحشة منها هي آكله اللحوم، والأليفة منها هي آكله النباتات. والمعروف أن النباتيين أكثر هدوء في طباعهم من آكلي اللحوم والعجيب أن غالبية الحيوانات التي نأكلها هي من الحيوانات آكله النباتات كالبهائم والغنام و الماعز والطيور الداجنة.
وتلك الحيوانات النباتية لم تضعف بالطعام النباتي.
بل إننا قد نصف الإنسان بأن صحته كالجمل أو كالحصان، وهما نباتيان. وكانوا قديمًا يقيمون رياضة هي مصارعة الثيران، لإثبات القوة بمصارعة هذه الحيوانات الجبارة في قوتها، وهي نباتية. إذن أكل النبات لا يضعف الأجساد.
وقد طالت أعمار النباتيين، ومنهم المتوحدون و السواح.
كان برنارد شو Bernard Shaw الكاتب المشهور نباتيًا، وقد عاش 94 سنة ولم يصبه أي مرض طوال حياته.. وما أكثر النباتيين الذين طالت أعمارهم. و القديس الأنبا بولا أول السواح، عاش ثمانين سنة كسائح لم ير خلالها وجه إنسان، أي عاش حوالي المائة سنة. وغالبية السواح عاشوا أعمارًا طويلة. ولم يكن هؤلاء نباتيين فحسب، بل كانت حياتهم كلها زهدًا، وكانت أطعمتهم زهيدة. ومع ذلك كانت صحتهم قوية. و القديس الأنبا انطونيوس أب جميع الرهبان عاش 105 سنة، وكانت حياته صومًا مستمرًا، وكان قويًا في صحته يمشي عشرات الأميال ولا يتعب..
موضوع الطعام النباتي لا أريد أن أبحثه علميًا بل عمليًا، في حياة البشرية منذ آدم..
حقًا إن الأحماض الأمينية الرئيسية موجودة بغني في البروتين الحيواني أكثر مما في البروتين النباتي، التي توجد فيه علي أية الحالات بنسب أقل، ولكنها كانت كافية لكل الذين ذكرناهم، وعاش بها الرهبان و النباتيون في صحة قوية. ومع ذلك لا ننسي أن الكنيسة تسمح في بعض الأصوام بالسمك، ولا شك أنه يحوي بروتينًا حيوانًا. كما أن هناك فترات طويلة من الإفطار.
لا تخف إذن من الصوم، فالصوم يفيد الجسد.
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 02 - 2014, 06:38 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث

فائدة الصوم للجسد



للصوم فوائد عديدة للجسد، نذكر بعضًا منها فيما يلي:
1-الصوم فترة راحة لبعض أجهزة الجسد.
إنها فترة تستريح فيها كل الأجهزة الخاصة بالهضم و التمثيل، كالمعدة والأمعاء و الكبد والمرارة، هذه التي يرهقها الأكل الكثير، والطعام المعقد في تركيبه وبخاصة الأكل المتواصل أو الذي في غير مواعيد منتظمة، كمن يأكل ويشرب بين الوجبات، في الضيفات وفي تنازل المسليات والترفيهات وما أشبه. فترتبك أجهزته إذ يدخل طعام جديد يحتاج إلي هضم، علي طعام نصف مهضوم،، علي طعام أوشك أن ينتهي هضمه..! أما في الصوم ففي خلال فترة الانقطاع تستريح أجهزة الجسم هذه. وفي تناول الطعام تصلها أطعمة خفيفة لا تتعبها. وكذلك يريحنا في الصوم تدريب (عدم الأكل بين الوجبات). وما أجمل أن يتعود الصائم هذه التدريب، ويتخذه كمنهج دائم حتى في غير أوقات الصوم، إلا في الحالات الاستثنائية. من فوائد الصوم أيضا للجسد أن:
2-الطعام النباتي يريح من مشكلة الكوليسترول.

روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث
ما أخطر اللحوم بشحومها ودهونها في إزادة نسبة الكوليستيرول في الدم، وخطر ذلك في تكوين الجلطات، حتى ان الأطباء يشددون جدًا في هذا الأمر، ويقدمون النصائح في البعد عن دسم اللحم و البيض والسمن وما إلي ذلك، حرصًا علي صحة الجسد، وبخاصة بعد سن معينة وفي حالات خاصة، وينصحون أيضًا بالطعام النباتي، ويحاولون علي قدر الطاقة إرجاع الإنسان إلي طبيعته الأولي وإلي طعام جنة عدن.. ومن فوائد الصوم أيضًا للجسد أنه:
3-بالصوم يتخلص الصائم من السمنة و البدانة و الترهل.
هذه البدانة التي يحمل فيها الإنسان كمية من الشحوم و الدهون، ترهقه وتتعب قلبه الذي يضطر أيضًا أن يوصل الدم إلي كتل من الأنسجة فوق المعدل الذي أراد له الله أن يعوله.. بالإضافة إلي ما تسببه السمنة من أمراض عديدة للجسد. ويصر الأطباء من أجل صحة الجسد علي إنقاص وزنه. ويضعون له حكمًا لابد أن يسير عليه يسمونه الريجيم. regime، ويأمرون الإنسان البدين -الذي يعتبرونه مريضًا- بان يضبط نفسه في الأكل، بعد أن كان يأكل بلا ضابط.
إن الصائم الذي يضبط نفسه، لا يحتاج إلي ريچيم.
والصوم كعلاج روحي، أسمي من العلاج الجسدي، لأنه في نفس الوقت يعالج الروح و الجسد و النفس معًا.. ليت الإنسان يصوم بهدف روحي، من اجل محبته لله، وسيصلح جسده تلقائيًا أثناء صومه. فهذا أفضل من أن يصوم بأمر الطبيب لكي ينقص وزنه.. حقًا إنها لمأساة، أن الإنسان يقضي جزاءًا كبيرًا من عمره، يربي أنسجة لجسمه، ويكدس في هذا الجسم دهونًا وشحومًا… ثم يقضي جزءًا آخر من عمره في التخلص من هذه الكتل التي تعب كثيرًا في تكوينها واقتنائها..! ولو كان معتدلًا، ولو عرف من البدء قيمة الصوم و نفعه، ما أحتاج إلي كل هذا الجهد في البناء و الهدم.. لعل هذا يذكرني بالتي تظل تأكل إلي أن يفقد جسدها رونقه. ثم ينصحها الأطباء أن تصوم وتقلل الكل وتتبع الريجيم. وهكذا تقلل الأكل، ليس من اجل الله، وإنما من أجل جمال الجسد فهي لا تآكل، وفي نفس الوقت لا تأخذ بركة الصوم، لأنها ليست محبة في الله تفعل هذا..! أما كان الجدار بكل هؤلاء أن يصوموا، فتستفيد أجسادهم صحيًا، ولا تفقد رونقها، وفي نفس الوقت تسمو الروح وتقترب إلى الله. صوموا إذن لأجل الله، قبل أن يرغمكم العالم علي الصوم بدون نفع روحي. ولعلَّ من فوائد الصوم أيضًا، وبخاصة فترات الانقطاع و الجوع، أن:
4-الصوم يساعد علي علاج كثير من الأمراض.
ومن أهم الكتب التي قرأتها في هذا المجال، كتاب ترجم إلي العربية سنة 1930 باسم (التطبيب بالصوم) للعالم الروسي ألكسي سوفورين Anton Alexei Souvorin. وقد ذكر هذا العالم أن الصوم يساعد علي طرد السموم من الجسم بعمليات الإخراج المختلفة، إلا أن جزءًا قد يتبقى الصوم لطرده.. ويقول هذا العالم أيضًا إن الجسم في صومه، إذ لا يجد ما يكفيه من غذاء، تتحلل بعض أنسجته، وأولها الدهون و الشحوم والأنسجة المصابة و المتقيحة، وهكذا يتخلص منها الجسد. وقد جاء هذا العالم أن الصوم الانقطاعي الطويل المدى، بنظام خاص، يعالج كثيرًا من الأمراض. وغني اعرض بحثه للدراسة كرأي لعالم اختبر ما ورد في كتابه.. هل هناك فوائد أخري يقدمها الصوم للجسد؟ نعم:
5-الصوم يجعل الجسد خفيفًا ونشيطًا.
آباؤنا الذين أتقنوا الصوم، كانت أجسادهم خفيفة، وأرواحهم منطلقة. كانت حركاتهم نشطة وقلوبهم قوية، كانوا يقدرون علي المشي في اليوم عشرات الكيلومترات دون تعب. يتحركون في البرية كالأيائل. ولم تثقل أذهانهم بل كانت صافية جدًا. وهكذا منحهم الصوم نشاطًا للجسد و للروح وللذهن. وقد وجدوا في الصوم راحتهم، ووجدوا فيه لذتهم، فصارت حياتهم كلها صومًا.
6-لا يقل أحد إذن إن الصوم أو الطعام النباتي يضعف الصحة، لأنه في الواقع يقويها. أليس الصوم مجرد علاج للروح، إنما هو علاج للجسد أيضًا. ولم نسمع أبدًا أن الطعام النباتي قد أضعف أحدا إن دانيال و الثلاثة فتية لم يأكلوا لحمًا من مائدة الملك، واكتفوا بأكل البقول فصارت صحتهم أفضل من غيرهم (دا 1: 15). والآباء السواح، وآباء الرهبنة الكبار، كانوا متشددين جدًا في صومهم، ولم نسمع أبدًا أن الصوم أضعف صحتهم، بل كانت قوية حتى في سن الشيخوخة. وأبونا آدم لم يقل أحد إنه مرض وضعف بسبب الطعام النباتي، وكذلك أمنا حواء، وكل الآباء قبل فلك نوح.. فاطمئنوا إذن علي صحتكم الجسدية.
الذي يتعب الجسد ليس هو الصوم، بل الأكل.
تتعب الجسد كثرة الأكل، والتخمة، وعدم الضوابط في الطعام، وكثرة الخلاط غير المتجانسة في الطعام، ودخول أكل جديد علي أكل لم يهضم داخل الجسد. كما يتعب الجسد أيضا الطاقات الحرارية الزائدة التي تأتي من أغذية فوق حاجة الإنسان. وما أكثر الأمراض التي سببها الأكل.
لذلك يجب أن تتحرروا من فكرة أن الصوم يتعب الصحة.
إنها فكرة خاطئة، ربما نبتت أولًا من حنو الأمهات الزائد علي صحة أبنائهن حينما كانت الأم تفرح إذ تري ابنها سمينًا وممتلئ الجسم، وتظن أن هذه هي الصحة! بينما قد يكون السمين أضعف صحة من الرفيع حنو الأمهات الخاطئ كان يمنع الأبناء من الصوم، أو كان يخيفهم من الصوم. ونقول إنه حنو خاطئ، لأنه لا يهتم بروح الإبن كما يهتم بجسده، كما لو كانت أولئك الأمهات أمهات لأجساد أبنائهن فقط.وفي إشفاق الأم علي جسد ابنها كانت تهتم بغذاء هذا الجسد، دون أن تلتفت إلي غذاء روحه!
ومع ذلك سمعنا عن أطفال قديسين كانوا يصومون.
ولعل من أمثله هؤلاء القديس مرقس المتوحد بجبل أنطونيوس الذي بدأ صومه منذ طفولته المبكرة، واستمر معه كمنهج حياة. وكذلك القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين الذي كان في طفولته يعطي طعامه للرعاة ويظل منتصبًا في الصلاة وهو صائم حتى الغروب وهو بعد التاسعة من عمره. كان الصوم للكل كبارًا وصغارًا. منحهم صحة وقوة.
وقد خلص أجسادهم من الدهن و الماء الزائدين.
وهكذا حفظت لنا كثير من أجساد القديسين دون أن تتعفن. بسبب البركة التي حفظ بها الرب هذه الأجساد مكافأة علي قداستها، هذا من جهة. ومن جهة أخري لأن الأجساد كانت بعيدة عن أسباب التعفن، بسبب التعفن قلة ما فيها من رطوبة ومن دهن. قد تحفظ اللحوم فترة طويلة بلا تعفن، إذا شوحوها (قددوها) أي عرضوها للحرارة التي تطرد ما فيها من ماء وتذيب ما فيها من دهن، فتصبح في جفاف يساعد علي حفظها. إلي حد ما هكذا كانت أجساد القديسين بالصوم، بلا دهن بلا ماء زائد، فلم يجد التلف طريقًا إليها...
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 02 - 2014, 06:41 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث

الصوم ليس مجرد فضيلة للجسد



الصوم ليس مجرد فضيلة للجسد بعيدًا عن الروح. فكل عمل لا تشترك فيه الروح لا يعتبر فضيلة علي الإطلاق. فما هو عمل الجسد في الصوم؟ وما هو عمل الروح؟ الصوم الحقيقي هو عمل روحي داخل القلب أولًا.

روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث
وعمل الجسد في الصوم، هو تمهيد لعمل الروح أو هو تعبير عن مشاعر الروح.
الروح تسمو فوق مستوي المادة و الطعام، وفوق مستوي الجسد معها في موكب نصرتها، وفي رغباتها الروحية. ويعبر الجسد عن هذا بممارسة الصوم.
إن قصرنا تعريفنا للصوم علي إنه إذلال للجسد بالجوع و الأمتناع عما يشتهي، نكون قد أخذنا من الصوم سلبياته، وتركنا عمله الإيجابي الروحي.
الصوم ليس جوعًا للجسد، بل هو غذاء للروح.
ليس الصوم تعذيبًا للجسد، أو استشهادًا للجسد، أو صليبًا له، كما يظن البعض، إنما الصوم هو تسامي الجسد ليصل إلي المستوي الذي يتعاون فيه مع الروح.
ونحن في الصوم لا نقصد أن نعذب الجسد، إنما نقصد ألا نسلك حسب الجسد، فيكون الصائم إنسانًا روحيًا وليس إنسانًا جسدانيًا. الصوم هو روح زاهده، تشرك الجسد معها في الزهد والصوم ليس هو الجسد الجائع، بل الجسد الزاهد.
وليس الصوم هو جوع الجسد، إنما بالأكثر هو تسامي الجسد وطهارة الجسد ليس هو حالة الجسد الذي يجوع ويشتهي أن يأكل، بل الذي يتخلص من شهوة الكل ويفقد الأكل قيمته في نظره.. الصوم فترة ترفع فيها الروح، وتجذب الجسد معها.
تخلصه من أعماله وأثقاله، وتجذبه معها إلي فوق، لكي يعمل معها الرب بلا عائق. والجسد الروحي يكون سعيدًا بهذا.
الصوم هو فترة روحية، يقضيها الجسد و الروح معًا في عمل روحي. يشترك الجسد مع الروح في عمل واحد هو عمل الروح.
يشترك معها في الصلاة و التأمل و التسبيح و العشرة الإلهية.
نصلي ليس فقط بجسد صائم، أنما أيضا بنفس صائمة.
بفكر صائم وقلب صائم عن الشهوات والرغبات، وبروح صائمة عن محبة العالم، فهي ميتة عنه، وكلها حياة مع الله، تتغذي به وبمحبته.
الصوم بهذا الشكل هو الوسيلة الصالحة للعمل الروحي. هو الجو الروحي الذي يحيا فيه الإنسان جميعه، بقلبه وروحه وفكره وحواسه وعواطفه.
الصوم هو تعبير الجسد عن زهده في المادة و الماديات، واشتياقه إلي الحياة مع الله. وهذا الزهد دليل علي اشتراك الجسد في عمل الروح، وفي صفاتها الروحية وبه يصبح الجسد روحيًا في منهجه، وتكون له صورة الروح.
في الصوم لا يهتم الإنسان بما للجسد به أيضًا في حالته الروحية.
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 02 - 2014, 06:44 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث

لا تهتموا بما للجسد

في حديث الرب عن الغذاء الروحي، نسمعه يقول:
إعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقي للحياة الأبدية (يو 6: 27). وبعد هذا يحدثهم عن الخبز النازل من السماء، الخبز الحقيقي، خبز الله، خبز الحياة (يو 6: 32 - 35). إنه هنا يوجه إلي الروح وغذائها ويقود تفكيرنا في اتجاه روحي، حتى لا ننشغل بالجسد وطعامه. وحينما ذكر عبارة " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" (مت 4: 4). إنما أراد بهذا أنه ينبغي للإنسان ألا يحيا جسدانيًا يعتمد علي الخبز كطعام له، ناسيًا الروح وطعامها. وعن طعام الروح هذا قال لتلاميذه " لي طعام لآكل لستم تعرفونه" (يو 4: 32). وهنا يخطر علي فكرنا سؤال هو:

روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث
هل كان المسيح علي الجبل صائمًا أو يتغذي.
والجواب هو: كان صائمًا من جهة الجسد. وكان يتغذي من جهة الروح. كان له طعام آخر لا يعرفه الناس. وبهذا الطعام استطاعت الروح أن تحمل الجسد الصائم طوال الأربعين يومًا، التي لم يهتم فيها الرب بطعام الجسد، أو ترك الجسد يتغذي بطعام الروح... إنه يعطينا درسًا أن نهتم بما للروح، وليس بما للجسد. وفي هذا المجال نضع أمامنا كلام الوحي الإلهي علي فم معلمنا القديس بولس الرسول إذ:
بشرح موضوع الاهتمام بما للجسد وما للروح.
فيقول " أذن لا شي من الدينونة الآن علي الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح" وهذا ما نريد أن نسلك فيه في الصوم وفي كل حياتنا. ويتابع الرسول شرحه فيقول (فإن الذين هم حسب الجسد، فبما للجسد يهتمون. ولكن الذين هم حسب الروح، فبما للروح يهتمون" (رو 8: 5).
فهل أنت تهتم بما للروح أم بما للجسد؟
هل يهمك نموك الروحي، أم رفاهية بصحة الروح، فسيمنحك الرب صحة الجسد أيضًا في فترة الصوم كما شرحنا قبلًا ولكن الخطورة في الاهتمام بالجسد هي تلك العبارات الصعبة:
"لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ.. لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ للهِ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 8: 6، 7). مَنْ يستطيع أن يحتمل هذا الكلام، ويظل سالكًا حسب الجسد؟! هوذا الرسول يقول أيضًا "فَالَّذِينَ هُمْ فِي الْجَسَدِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُرْضُوا اللهَ." (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 8: 8). "فَإِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ. لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 8: 12، 13). حسن قول الرسول هذا. فنحن في الصوم لا نميت الجسد، إنما نميت أعمال الجسد، نميتها بالروح لنحيا. نحن لا نعذب الجسد، أنما لا نسلك حسب الجسد.. لا نعطي للجسد نعطي للجسد شهوات ورغبات، إنما نعطيه تساميًا، وارتفاعًا عن المادة، وتسليم ذاته لروح. لأن الرسول يقول: "ولكن اهتمامًا الجسد هو حياة وسلام" (رو 8: 6). هذا هو الصوم. لذلك أمام عبارات الرسول نسأل:
هل أنت في الصوم تهتم بما للروح؟
هذا ما نود إن نخصص له الفصول المقبلة، لكي يكون صومنا روحانيًا ومقبولًا أمام الله. ولكي لا نركز إهتمامًا في الجانب الجسدي من الصوم، ونغفل العمل الروحي، ولكي نفهم الصوم بطريقة روحية، ويكون لنا فيه منهج روحي لنفعنا.. وإن كان الصوم ليس هو مجرد جوع للجسد، إنما هو بالأحرى غذاء للروح. فلنبحث عن أغذية الروح فما هي؟ وهل تنالها الصوم أم لا؟
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 02 - 2014, 06:45 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث

الفصل الثالث: قدسوا صومًا
روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث
موضوع الصوم لازم لكل إنسان. فكل الناس يصومون، من كل دين علي وجه الأرض. مما يدل علي أن فكرة الصوم كانت راسخة في عقيدة البشرية قبل أن تتفرق إلي أمم وشعوب، بل أنها ترجع إلي أيام آدم وحواء.
ونحن لا نريد هنا أن نطرق موضوع من الناحية العقيدية، إنما من الناحية الروحية.
نريد أن نتحدث عن الفهم الروحي للصوم، والسلوك الروحي أثناء الصوم، لن كل ما يهمنا هو نموك الروحي في محبة الله.
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 02 - 2014, 06:49 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث

معنى عبارة "قدسوا صومًا"
قال الرب علي لسان يوئيل النبي "قدسوا صومًا، نادوا باعتكاف" (يوئيل 1:14، 2:15). فما معني تقديسنا للصوم؟ وكيف يكون؟
كلمه "تقديس" كانت في أصلها اليوناني تعني التخصيص.
فلما قال الرب لموسى " قدس لي كل بكر، كل فاتح رحم.. إنه لي" (خر 13: 2). كان يعني خصص لي هؤلاء الأبكار، فلا يصيرون لغرض آخ: أبكار الناس كانوا يتفرغون لخدمة الرب قبل اختيار هرون وأولاده. وأبكار البهائم كانت تقدم ذبائح.. والثياب المقدسة هي المخصصة للرب لخدمه الكهنوت. وفي هذا قال الرب لموسى النبي " فيصنعون ثيابًا مقدسة لهرون أخيك ولبنية، ليكهن لي "(خر 28: 5). أواني المذبح هي أوان مقدسة للرب، لأنها مخصصة لخدمته، لا يمكن أن تستخدم في غرض آخر. وتقديس بيت للرب معناها تخصيص بيت للرب، فلا يمكن أن يستخدم في أي غرض آخر سوي عبادة الرب " بيتي بيت الصلاة يدعي" (مت 21: 13). ولعل البعض يسأل: ما معني قول الرب عن تلاميذه " من أجلهم أقدس انا ذاتي.." (يو 17: 19)؟ معناها قول الرب عن تلاميذه " من أجلهم، أي لأجل الكنيسة، لأني جئت لأقدس هؤلاء..

روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث
وبهذه تكون المقدسات هي المخصصات للرب.
أي أنها أشياء للرب وحده وليس لغيره، هي مخصصه للرب، مثل البكور مثلًا. وفي هذا يقول الرب علي لسان حزقيال النبي "هناك أطلب تقدماتكم وباكورات جزاكم مع جميع مقدساتكم" (حز 20: 40). ويقول عن بكور كل شجرة مثمرة " وفي السنة الرابعة يكون كل ثمرها قدسًا لتمجيد الرب" (لا 19: 24) أي يكون ثمرها مخصصًا للرب، يعطي لكهنة الرب (حز 44: 30). والموال التي تدخل إلي خزانه الرب في الهيكل، قيل عنها " تكون قدسًا للرب، وتدخل في خزانه الرب "(يش 6: 19). أي تخصص للرب.
وبنفس المعني كان تقديس الأيام أي تكون مخصصه للرب.
فعبارة " أذكر يوم السبت لتقدسه" (خر 20: 8) أي تخصص هذا اليوم للرب " لا تعمل فيه عملًا ما " إنه للرب. وبنفس المعني تقديس كل مواسم الرب، كل أعياده. تقام فيها محافل مقدسة، وتخصص تلك الأيام للرب. لا تعمل فيها أي عمل (لا 23: 7، 8، 21، 25، 31، 36).
وهكذا تقدس الصوم معناه تخصيصه للرب.
تكون أيام الصوم مقدسه، أي مخصصة للرب. هي أيام ليست من نصيب العالم، ولكنها نصيب الرب، قدس للرب. ولهذا وضح الوحي الإلهي هذا المعني بقوله " قدسوا صومًا نادوا باعتكاف". لأن الاعتكاف يليق بسبب أعمالك الرسمية. أعتكف ما تستطيعه من الوقت لكي تتفرغ للرب وإن ضاق وقتك علي الرغم منك، فهناك معني آخر للتخصيص:
علي الأقل: خصص هدف الصوم للرب.
وهكذا يكون صومًا مقدسًا أي مخصصًا للرب في هدفه، وفي سلوكه. بهذا ندخل في المعني المتداول لكلمة مقدس، أي طاهر، لأنه للرب.. فهل هدف صومك هو الرب.
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 02 - 2014, 06:51 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث

ما هو هدف صومك؟!



لماذا نصوم؟ ما و هدفنا من الصوم؟ لأنه بناء علي هدف الإنسان، تتحدد وسيلته. وأيضًا بناء علي الهدف تكون النتيجة.
هل نحن نصوم، لمجرد أن الطقس هكذا؟
لمجرد أنه ورد في القطمارس katameooc، أو التقويم (النتيجة)، أن الصوم قد بدأ، أو قد أعلنت الكنيسة هذا الأمر؟ إذن فالعامل الفلبي الجواني غير متكامل.. طبعًا طاعة الكنيسة آمر لازم، وطاعة الوصية أمر لازم. ولكننا حينما نطيع الوصية، ينبغي أن نطيعها في روحانية وليس في سطحية.. وان كانت الكنيسة قد رتبت لنا هذا الصوم، فقد رتبته من أجل العمق الروحي الذي فيه. فما هو هذا العمق الروحي؟؟ وما هدفنا من الصوم؟
هل هدفنا هو مجرد حرمان الجسد وإذلاله
في الواقع إن الحرمان الجسد ليس فضيلة في ذاته، إنما هو مجرد وسيلة لفضيلة وهي أن تأخذ الروح مجالها. فهل نقتصر علي الوسيلة، أم ندخل في الهدف منها وهو إعطاء الروح مجالها؟… ما أكثر الأهداف الخاطئة التي تقف أمام الإنسان في صومه!

روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث
فقد يصوم البعض لمجرد أن يرضي عن نفسه.
لكي يشعر أنه إنسان بار، يسلك في الوسائط الروحية، ولا يقصر في آيه وصية… أو قد يصوم لكي ينال مديحًا لكي ينال مديحًا من الناس في صومه، أو في درجة صومه.. وهكذا يدخل في مجال المجد الباطل، أي يدخل في خطية! ما هو إذن الهدف السليم من الصوم؟
الهدف السليم أننا نصوم من أجل محبتنا لله.
من أجل محبتنا، نريد أن تكون أرواحنا ملتصقة بالله. ولا نشاء أن تكون أجسادنا عائقًا في طريق الروح. لذلك نخضعها بالصوم لكي تتمشي مع الروح في عملها. وهكذا نود في الصوم، أن نرتفع عن المستوي المادي وعن المستوي الجسداني، لكي نحيا في الروح، ولكي تكون هناك فرصه لأرواحنا البشرية أن تشترك في العمل مع روح الله، وان تتمتع بمحبة الله وبعشرته حقًا ان التمتع بمحبة الله وحلاوة عشرته، من المفروض أن يكون أسلوب الحياة كلها. ولكن لا ننسي أننا ننال ذلك بصورة مركزه في الصوم، فيها عمق أكثر، وحرص أكثر، كتدريب وكتمهيد لكي تكون هذه المتعة بالله هي أسلوب الحياة كلها.
فنحن نصوم لأن الصوم يقربنا إلي الله.
الصوم فيه اعتكاف، والاعتكاف فرصة للصلاة والقراءة الروحية والتأمل. والصوم يساعد علي السهر وعلي المطانيات. والسهر والمطانيات مجال للصلاة. والصوم فيه ضبط للإرادة وانتصار علي الرغبات. وهذا يساعد علي التوبة التي هي الطريق إلي الله وإلي الصلح معه. ونحن نصوم وفي صومنا تتغذي علي كل كلمة تخرج من فم الله (مت 4). إذن من اجل محبة الله وعشرته، نحن نصوم. نصوم، لأن الصوم يساعد علي الزهد في العالميات والموت عن الماديات. وهذا يقوينا علي الاستعداد للأبدي والالتصاق بالله. إن كان الصوم إذن هو أيام مخصصه لله وحده، وإن كنا نصوم من اجل الله ومحبته، فإن سؤالًا يطرح نفسه علينا وهو:
هل هناك اصوام غير مخصصه لله؟
نعم، قد توجد أصوام للبعض لا نصيب لله فيا. كإنسان يصوم ولا نصيب لله في حياته علي الرغم من صومه! يصوم وهو كما هو، بكل أخطائه، لم يتغير فيه شئ! أو يصوم كعادة، أو خوفًا من الإحراج لأجل سمعته كخادم. أو أن صيامه مجرد صوم جسداني كله علاقة بالجسد، ولا دخل للروح فيه! أو هو صوم لمجرد إظهار المهارة، والقدرة علي الأمتناع عن الطعام. أو قد يكون صومًا عن الطعام، وفي نفس الوقت يمتع نفسه بشهوات أخري لا يقوي علي الأمتناع عنها..!
يظن البعض أن الصوم مجرد علاقة بين الإنسان وبين الطعام، دون أن يكون الله طرفًا ثالثًا فيها.
كل اهتماماته في صومه هي هذه: ما هي فترة الانقطاع؟ متي يأكل؟ وكيف ينمو في أطاله فترة إنقطاعه؟ وماذا يأكل؟ وكيف يمنع نفسه عن أصناف معينه من الطعام؟ وكيف يطوي أيامًا..؟ كأن الصوم بين طرفين هو و الطعام، أو هو والجسد! دون أن يكون الله طرفًا في هذا الصوم بأيه صورة من الصور!! أحقًا هذا صوم؟! إن الصوم ليس هو مجرد تعامل مع الجسد بل هو تعامل مع الله. والصوم الذي لا يكون الله فيه، ليس هو صومًا علي الأطلاق.
نحن من أجل الله نأكل، ومن أجله نصوم.
من اجل الله نأكل، لكي ينال هذا الجسد قوة يستطيع بها أن يخدم الله، وأن يكون أمينًا في واجباته تجاه الناس. ونحن من أجل الله نجوع لكي نخضع الجسد فلا يخطئ إلي الله. ولكن يكون الجسد تحت سيطرتنا، ولا نكون نحن تحت سيطرة الجسد، لكي لا تكون رغبات الجسد وشهواته هي قائدتنا في تصرفاتنا. وإنما نسلك حسب الروح وليس حسب الجسد، من أجل محبتنا لله، وحفاظًا علي شركتنا مع روحه القدوس. أما في غير ذلك فيكون الصوم مرفوضًا من الله.
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 02 - 2014, 06:53 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث

أصوام باطلة ومرفوضة



ليس كل صوم مقبولًا من الله. فهناك أصوام باطلة، لا تعتبر بالحقيقة أصوامأ، وهي مرفوضة من الله. وقد قدم لنا الكتاب أمثلة من هذه الأصوام المرفوضة.
1-منها الصوم الذي لكسب مديح الناس.
الصوم المكشوف الظاهر، الذي يشاء أن يكون مكشوفًا لكي يراه الناس ويمتدحوه. وعن هذا الصوم قال السيد الرب في عظته علي الجبل: " ومتي صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين، فإنهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين. الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتي صمت، فادهن رأسك واغسل وجهك، لكي لا تظهر للناس صائمًا بل لأبيك الذي في الخطاء. فأبوك الذي يري في الخفاء يجازيك علانية "(مت 6: 16-18) هذا الصوم الذي لمديح الناس، ليس لأجل الله، ولا نصيب لله فيه. لذلك هو صوم باطل.


2-وصوم الفريسي الذي وقف مثال آخر لصوم غير مقبول.
روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث
هذا الفريسي الذي وقف أمام الله يتباهي بفضائله ويقول " أصوم يومين في الأسبوع وأعشر جميع أموالي". وفي نفس الوقت كان يدين العشار قائلًا عن نفسه " لست مثل سائر الناس الظالمين الخاطفين الزناه ولا مثل هذا العشار". لذلك لم يخرج من الهيكل مبررًا، مثلما خرج العشار المنسحق القلب (لو 18: 9-14). وهذا المثل يرينا ان الصوم الذي لا يمتزج بالتواضع والانسحاق هو صوم مرفوض من الله لأن صاحبه يظن في نفسه أنه بار، ويحتقر الآخرين (لو 18: 9).
3- الصوم الذي هدفه خاطئ، صوم غير مقبول.
ومن أمثله هذا الصوم أولئك اليهود الذين صنعوا اتفاقًا فيما بينهم " وحرموا أنفسهم قائلين إنهم لا يأكلون ولا يشربون حتى يقتلوا بولس. وكان الذين صنعوا هذا التحالف نحو الأربعين " أع 23: 12، 13). وطبعًا كان صومهم هذا خطية بل لا نستطيع أن نسميه صومًا بالمعني الروحي.
4- صوم الشعب الخاطئ أيام ارمياء النبي.
هؤلاء لم يقبل الرب صومهم بل قال عنهم لأرميا النبي " لا تصل لأجل هذا الشعب للخير حين يصومون لا أسمع صراخهم. وحين يصعدون محرقه وتقدمه لا أقبلهم . بل بالسيف والجوع والوبأ أنا أفنيهم" (أر 14: 11، 12) هؤلاء لم يقبل الرب أصوامهم ولا صلواتهم ولا محرقاتهم، لأنهم كانوا يعيشون في الشر، وقلوبهم لم تكن طاهرة قدامه..
أذن الصوم البعيد عن التوبة هو صوم غير مقبول.
فالله يريد القلب النقي، أكثر مما يريد الجسد الجائع. والإنسان الذي يصوم فمه عن الطعام، ولا يصوم قلبه عن الخطايا، ولا يصوم لسانه عن الأباطيل، فصوم هذا الإنسان باطل، حتى إن يسلم جسده ليحترق فلا ينتفع شيئًا (1 كو 13: 3)
5- والصوم العيد عن الرحمة و الصدقة، غير مقبول.
وقد شرح الرب هذا الأمر لإشعياء النبي، فقال له "يقولون لماذا صمنا ولم تنظر؟ ذللنا أنفسنا ولم تلاحظ؟.. ها إنكم للخصومة و لنزاع تصومون.. أمثل هذا يكون صوم اختاره.. هل تسمي هذا صومًا ويومًا مقبولًا للرب؟! أليس هذا صومًا أختاره: حل قيود الشر، فَك عقد النير، وإطلاق المسحوقين أحرارًا.. أليس أن تكسر للجائع خبزك، وأن تدخل المساكين التائهين إلي بيتك.." (أش 58: 3- 7). فالذي يصوم، حتى ولو كان صومًا بتذللك بالمسوح و الرماد، يحني فيه كالأسلة رأسه، هو صوم غير مقبول، أ لم يكن ممتزجًا بأعمال الرحمة وبنقاوة القلب...
6- والصوم الذي ليس لأجل الله، صوم باطل.
فقد يصوم إنسان، لأن الأطباء أمروه بهذا. وقد يصوم آخر من أجل رشاقة جسده وحسن منظرة وكلاهما ليس من أجل الله، ولا ينتفع روحيًا بصومه. وقد يصوم إنسان ثالث، بأسلوب إضراب عن الطعام، وليس بهدف روحي، ولا من أجل الله.. كما يمتنع رابع عن الطعام حزنًا أو يأسًا، ولا نستطيع أن نعتبر أحدًا من هؤلاء صائمًا بالحقيقة. نعود ونقول: كل صوم ليس هو من أجل الله، وليس هو بسبب روحي، لا يمكن أن نعتبره صومًا علي الإطلاق، ولا يقبله الله.
فما هو الصوم الروحي المقبول أمام الله؟
هو الصوم الذي تكون فيه علاقة عميقة مع الله. الصوم الذي تشعر فيه بالله في حياتك، هو الفترة المقدسة التي تشعر أن الله يملكها، وأنها مخصصة كلها لله، وان وجود الله ظاهرًا جدًا خلالها في كل تصرفاتك، وعلاقتك بالله تزداد وتنمو في كل يوم من أيام الصوم، بمتعة روحية تشتهي بسببها أن يطول صومك ولا ينتهي. لعل هذا يجعلنا نفحص سؤال هامًا وهو: ما علاقة الله بصومك؟!
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 02 - 2014, 06:56 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث

ما علاقة الله بصومك؟!



ما الذي آخذه الله من صومك؟ وما الذي أخذته أنت من الله؟ ماذا أعطيت الله في صومك، وماذا أعطاك؟ هل كان صومك فتره غير عادية في حياتك؟ أيامًا مقدسة شعرت فيها بيقظة روحية تدعوك أن تذوق وتنظر ما أطيب الرب؟ هل اختبرت فيها كيف تسلك حسب الروح وليس حسب الجسد؟
ليس الصوم هو تغيير طعام بطعام.
وليس هو امتناع فتره معينة عن الطعام.. كل هذه مجرد وسائل، ولكنها ليست هي جوهر الصوم. فجوهر الصوم هو انطلاق الروح من مطالب هذا الجسد، لكي يسمو الجسد معها، ويرتفع الإنسان بعيدًا عن ثقل المادة، متجهين معًا في اتجاه واحد هو محبة الله، والتمتع بعشرته. هذا هو الصوم المقدس، أي المخصص لله. ثلاثة أشياء لابد أن تخصصها لله في صومك، إن أردت ان تقدس هذا الصوم لله.
في الصوم تخصص القلب و الفكر والإرادة لله.

روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث
فلا يكون كل صومك هو انشغال بالأكل والشرب. وإنما امتناعك عن الأكل والشرب، وضبطك فيما تآكل وتشرب، إنما هو تدريب لهذه الإرادة كيف تقوي، ولا تكون قاصرة علي موضوع الطعام فحسب، وإنما إرادتك التي نجحت في السيطرة علي الطعام، تقدم ذاتها لله في كل شيء.
فلا تريد إلا ما يريده الله..
وهذه هي الحكمة من الصوم. أن منع النفس عن الكل، يمتد إلي أن يصير منعًا عامًا عن كل ما يغضب الله.. فلا يكفي أن تمنع نفسك عن الأطعمة الحيوانية، أو عن الكل عمومًا، وتبقي بلا ضابط في خطايا معينة (اقرأ مقالًا آخراُ عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)! إنما في صومك قدم إرادتك لله في كل تصرفاتك وقل له " لتكن لا إرادتي بل إرادتك".
إبحث إذن أين تشرد إرادتك بعيدا عن الله.
وركز علي هذه النقطة بالذات لكي تنجح فيها، وتقدم لله إرادة صالحة ترضيه وهذا التدريب الذي تسلك فيه أثناء الصوم، سوف يصحبك بعده أيضًا. لأنه من غير المعقول أن تضبط نفسك في البعد عن خطايا معينه أثناء الصوم، ثم تبيح هذا الأمر لنفسك عندما ينتهي الصوم! وإلا فما الذي تكون قد استفدته من صومك؟!
أحرص أن يكون الصوم قد غير فيك شيئًا.
لا تأخذ من الصوم مجرد تغيير الطعام، إنما تغيير الحياة إلي أفضل.. تغيير النقائص التي فيك، والضعفات التي تحسها في علاقتك مع الله و الناس. لأنه ماذا تستفيد أن قهرت نفسك خلال خمسة وخمسين يومًا في الصوم الكبير، وخرجت من الصوم كما كنت تمامًا قبله، دون أن تكون علاقة حب مع الله، وعلاقة حب مع الله، وعلاقة ثابت فيه؟!
تأمل كم صومًا مر عليك، وأنت كما!
كم هي الأصوام، التي صمتها، منذ أن عرفت الله حتى الآن؟ كم سنة مرت عليك، وفي كل سنة عدد من الأصوام، مع أربعاء وجمعة في كل أسبوع. تأمل لو كنت في كل صوم منها تنجح إرادتك، ولو في الانتصار علي نقطة ضعف معينه حتى تصطلح مع الله فيها وتذوق حلاوة مشيئته.. تري لو سلكت هكذا، كم كنت تري حصاد حياتك وفيرًا في الروحيات، وكم كانت علاقتك بالله تزيد وتتعمق...
لا تأخذ من الصوم شكلياته، بل ادخل إلي العمق.
فليس الصوم مجرد شكليات ورسميات، ولا هو مجرد فروض أو طقوس، إنما هو نعمة أعطت لنا من الله، ونظمتها الكنيسة لخيرنا الروحي. لأجل تنشيط أرواحنا، وتذكيرنا بالمثالية التي ينبغي أن نسلك فيها، وتدريبنا علي " القداسة التي بدونها لا يعاين أحد الرب "(عب 12: 14).
الصوم إذن فترة مقدسة مثالية غير عادية.
يحتاج إلي تدبير روحي من نوع خاص يتفق مع قدسيتها. حالمًا يبدأ الصوم نشعر أننا دخلنا في حياة لها سموها، وفي أيام غير عادية نتدرب فيها علي حياة الكمال. ولذلك لا يجوز أن تمر علينا شأنها كباقي الأيام... إنها صفحة جديدة في علاقتنا مع الله، ندخلها بشعور جديد وبروح جديدة.. حقًا إن كل أيام حياتنا ينبغي أن تكون مقدسة. ولكن فترة الصوم هي أيام مقدسة غير عادية. وإن سلكنا فيها حسنًا، سنصل غلي قدسية الحياة كلها.. إنها فتره نتفرغ فيها لله علي قدر إمكاننا، ونعمق علاقتنا به.
هل سمعتم عن الصوم الذي يخرج الشياطين؟
وكيف قال الرب عن الشياطين " هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم (مت 17: 21). فأي صوم هذا الذي لا تستطيع الشياطين أن تحتمله فتخرج؟ أهو مجرد الامتناع عن الطعام؟ كلا بلا شك. بل إنها العلاقة القوية التي تربط الصائم بالله، هذه التي لا يحتملها الشيطان.. الدالة التي بين الإنسان والله، دالة الحب وصلة الروح التي حرم منها الشيطان، ما ان يراها حتى يتعب ويذهب.. القلب الملتصق بالله في الصوم، هذا يراه الشيطان فيهرب.
فهل قلبك ملتصق بالله في الصوم؟
هل تعطيه قلبك كما تعطيه إرادتك؟ وهل تشعر بحبه أثناء الصوم؟ هل هذا الحب طابع واضح في صلواتك وتاملاتك أثناء الصوم؟ وهل من أجل محبته نسيت طعامك وشرابك، ولم تعد تهتم بشيء من هذا؟
وكأنك تقول لجسدك أثناء صومك:
أنا لست متفرغًا لك الآن. أكلت أو لم تأكل، هذا موضوع لم يعد يشغلني أو يهمني... " لكل شيء تحت السموات وقت". وليس هذا هو وقتك.. أنا الآن مشغول بعمل روحي مع الله. فتعال اشترك معنا، أن أردت أن يكون لك كيان في هذا الصوم. أما الطعام فليس الان مجاله. طعامي الآن هو كل كلمة تخرج من فم الله. هذه هي مشاعر من يقول في صومه مع القديس يوحنا الرائي:
كنت في الروح في يوم الرب (رؤ 1: 10).
ولا شك أن يوم الصوم هو يوم للرب. فهل انت " في الروح " أثناء صومك؟ هل نسيت جسدك تمامًا بكل ماله من رغبات ومطالب واحتياجات، وفضلت أن تحيا في الروح خلال فترة الصوم؟ ليس للجسد عندك سوي الضروريات التي لا قيام له بدونها.. وكأنك تقول مع بولس الرسول " في الجسد أم خارج الجسد، ليست أعلم. الله يعلم "(2كو 12: 3).
هل يكون فكرك منشغلًا بالله في صومك؟
في أثناء القداس الإلهي ينادي الأب الكاهن قائلًا " أين هي عقولكم "؟ ويجيب الشعب " هي عند الرب". وانا اريد ان أسأل نفس السؤال أثناء الصوم " أين هي عقولكم "؟ أتستطيع ان تجيب " هي عند الرب "؟ أليس الصوم فترة مقدسة لله، مخصصة له، يجب فيها ان ينشغل الفكر بالله وحده؟ افحص يا أخي نفسك، وأبحث عن أفكارك اين هي أثناء الصوم.
هل مشاغل الدنيا تملأ فكرك أثناء الصوم؟
فأنت في دوامه العمل، وفي دوامة الأخبار، وفي دوامة الأحاديث مع الناس، لا تجد وقتًا لله تعطيه فيه فكرك! وربما تصوم حتى الغروب، وفكرك ليس مع الله، قد أرهقه الجولان في الأرض و التمشي فيها..! وربما تفكر في التافهات، وتتكلم عن التافهات، والله ليس علي فكرك، ولا تذكره إلا حينما تجلس لتآكل، فنصلي قبل الأكل، وتذكر الله وتذكر انك كنت صائمًا! هل هذا صوم روحي يريح ضميرك؟! ليتك إذن تذكر قول داود النبي:
جعلت الرب أمامي في كل حين.
هو أمامي في كل عمل أعمله، وفي كل كلمة أقولها.إنه شاهد علي كل شيء. وأيضًا جعلته أمامي لأنه هدفي الذي لا أريد أن اتحول عنه لحظه واحدة وهو امامي لأنني من أجله وحده أصوم لكي لا أنشغل عنه بل اجعله أمامي كل حين.. أن كنت في الأيام العادية، ينبغي أن تضع الله أمامك في كل حين، فكم بالأكثر في فترات الصوم التي هي مخصصة لله ومقدسة له؟
إن كان الله ليس علي فكرك، فلست صائمًا.
يوم الصوم الذي لا تفكر فيه في الله، اشطبه من أيام صومك، إنه لا يمكن أن يدخل تحت عنوان "قدسوا صومًا".. ولكن لعل البعض يسأل: كيف يمكنني تنفيذ هذا الأمر، وأنا أعيش في العالم، ولي مسئوليات كثيرة ينبغي أن أفكر فيها؟
إذن احفظ التوازن، وأمامك ثلاث قواعد:
1-لا تجعل مسئولياتك تطغي، بحيث تستقطب كل أفكارك، ولا تبقي في ذهنك موضعًا لله.. أجعل لمسئولياتك حدودًا، وأعط لربك مجالًا.
2- كل فكر لا يرضي الله إبعده عنك، فهو لا يتفق مع المجال القدسي الذي تعيش فيه. وكما يقول القديس بولس الرسول " مستأسرين كل فكر لطاعة المسيح "(2 كو 10: 5). لذلك لا تنجس صومك بفكر خاطئ. فالفكر الذي يطيع المسيح استبقه معك، والذي لا يطيع اطرده عنك.
3- إشرك الله معك في أفكارك، وفي أهداف أفكارك. وقل:
أنا من أجل الله أفكر في هذا الموضوع.
أنت تفكر في مسئولياتك. حسنًا تفعل. ولكن لا تجعلها منفصلة عن الله. الله هو الذي أعطاك هذه المسئوليات. وأنت من أجل تفكر فيها. ولا يكون فكرك فيها منفصلًا عن الله.. من أجل الله تفكر في شئون عملك. ومن أجله تفكر في دروسك ومذكراتك. ومن اجله تفكر في خدمتك وفي مسئوليتك العائلية. بشرط أن هذا التفكير كله لا يبعدك عن الله الذي هو الأصل والأساس. فكر في مسئولياتك العائلية. بشرط أن هذا التفكير كله لا يبعد عن الله الذي هو الأصل والأساس. فكر في مسئولياتك. وقل للرب أثناء ذلك:
إشترك في العمل مع عبيدك.
طالب مثلًا يذاكر أثناء الصيام. والله يشترك معه. هو يذاكر والله يعطيه الفهم، ويثبت المعلومات في ذهنة وفي ذاكرته. وهذا التلميذ يقول للرب " أنا يا رب لا أستطيع أن أفهم من ذاتي. أنت تجلس معي وتفهمني،و أشكرك بعد ذلك لأنك كنت معي.. وأنا أذاكر يا رب، ليس من اجل العلم، ولا من أجل مستقبلي، إنما من أجلك أنت، لكي يعرف الكل أن أولادك ناجحون، وأن كل عمل يقومون به يكونون أمناء فيه، ويكون الرب معهم ويأخذ بيدهم، فيحبك الناس بسببهم..." تقول لله: من أجلك آكل، ومن أجلك أصوم.
من أجلك آكل، لكي آخذ قوة أقف بها في الصلاة، وأسهر بها في التأمل، وأخدم بها أولادك، ويأخذ بها الناس فكرة أن أولادك أمناء في عملهم وأنا اصوم، لكي يمكن لروحي أن تلتصق بك دون عائق من الجسد. هكذا تكون في الصوم مع الله في كل عمل تعمله.
وتدخل في شركة مع المسيح الذي صام.
تشترك معه في الصوم، علي قدر ما تستطيع طبيعتك الضعيفة أن تحتمل. هو صام عنك، فعلي الأقل تصوم عن نفسك. وهو قد رفض هذا الخبز المادي، وأنت تشترك معه في رفض هذا الطعام البائد. وهو كان يتغذي بحبه للآب وعشرته معه، وأنت أيضًا تكون كذلك. وهو انتصر علي الشيطان أثناء صومه، وأنت تطلب إليه ان يقودك في موكب نصرته..
وبهذا يكون الصوم فترة غذاء روحي لك.
أخطر ما يتعب البعض في الصوم، أن يكون الجسد لا يتغذي و الروح أيضًا لا تتغذي وهذا الوضع يجعل الصوم فترة حرمان أو تعذيب، وليس هذا هو المعني الروحي للصوم. بل إن هذا الحرمان يعطي صورة قاتمه للصوم، إذ يقتصر علي حرمان الجسد (سلبيًا) ويترك غذاء الروح من الناحية الإيجابية.
وغذاء الروح معروف وهو:
الصلاة، والتأمل، وقراءة الكتاب المقدس، وكل القراءات الروحية كأقوال الآباء وسير القديسين، والألحانوالتسابيح، والإجتماعات والأحاديث الروحية و المطانيات،… وما أشبه. وغذاء الروح يشمل أيضًا المشاعر الروحية، ومحبة الله التي تتغذي بها الروح وكل أخبار الأبدية..
والروح إذا تغذي، تستطيع أن تحمل الجسد.
وهذا نراه واضحًا جدًا في أسبوع الآلام، إذ تكون درجة النسك فيه شديدة وفترة الإنقطاع طويلة. ولكن الجسد يحتمل دون تعب، بسبب الغذاء التي تأخذه الروح خلال هذا الأسبوع من ذكريات آلام المسيح، ومن القراءات والألحان والطقوس الخاصة بالبصخة، وتركيز العقل في الرب وآلامه.. وكثيرًا ما يقرأ الإنسان، ويشبع بالقراءة ولذتها، ويحين موعد الطعام، فلا يجد رغبة في أن يكمل القراءة. لأن الروح تغذت فحملت الجسد فلم يشعر بجوع.. إذن اعط الروح غذاءها أثنا الصوم. وكن واتقًا إن غذاء الروح سيعطي الجسد قوة يحتمل بها الصوم. كما أن صوم الجسد يعطي عمل الروح قوة إذ يكون عملا روحيًا بزهد الجسد وزهد الفكر. ولذلك نجد:
صلوات الصوم اعمق، وقداسات الصوم أعمق.
هي صلوات خارجة من جسد صائم قد أسلم قيادته للروح. وهي صلوات خارجه من قلب صائم عن الماديات، ومن روح صائمه عن كل شهوة عالمية. لذلك تكون صلاة قوية. كصلوات الليل ونصف الليل التي يصليها الإنسان بجسد خفيف بعيد عن الأكل. آباؤنا في أصوامهم كانوا يهتمون بعمل الروح. فماذا عن أكلهم؟
كانوا أيضًا في تناول الطعام يهتمون بعمل الروح.
وذلك انهم كانوا يكلفون واحدا منهم يقرأ لهم شيئًا من سير القديسين وأقوال الآباء أثناء تناولهم للطعام، حتى لا ينشغلون بالأكل المادي ولا يتفرغون له، وحتي يكون لهم غذاؤهم الروحي أيضًا أثناء تناولهم غذاء الجسد. وهكذا تعودوا عدم التفرغ لعمل الجسد، وتعودوا سيطرة الروح علي كل عمل من أعمال الجسد. هناك وصايا تامر بالصوم. ولكن آباءنا لم يصوموا بسبب المر.
لم يصوموا طاعة و للوصية، إنما محبة للوصية.
الطاعة درجة المبتدئين. ولكن الحب هو درجة الناضجين و الكاملين. وآباؤنا لم يكن الصوم بالنسبة إليهم أمرًا ولا فرضًا ولا طقسًا، إنما كان لذة روحية، وجدوا فيها شبعًا، ووجدوا فيها راحة نفوسهم وأجسادهم.
وفي الصوم لم يقف آباؤنا عند حدود طاعة الوصية، وإنما دخلوا في روحانية الوصية..
وروحانية الوصية الخاصة بالصوم هو لخيرنا، ولولا ذلك ما أمرنا الله بالصوم وبالإضافة إلي ما قلناه، سنشرح هذا الأمر بالتفصيل بمشيئة الرب في الفصل المقبل الخاص (بالفضائل المصاحبة للصوم). أما ألان فسنتحدث عن أقدس أصوام السنة وهو الصوم الكبير.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الصوم الكبير - سلسله عظات للرهبان للبابا شنوده الثالث
نتابع.. من كتاب لاهوت المسيح للبابا شنوده الثالث 2
نتابع.. من كتاب لاهوت المسيح للبابا شنوده الثالث
صلاه للبابا شنوده الثالث من كتاب الرجوع الي الله
كتاب من أقامني قاضياً - الأستاذ نظير جيد قدم لكم هذا الكتاب للبابا المعظم البابا شنوده الثالث


الساعة الآن 04:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024