منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12 - 06 - 2014, 06:33 PM   رقم المشاركة : ( 11 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,463

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

المسيحية والبتولية
لقد تميزت المسيحية عن غيرها من الديانات الأخرى في فكر البتولية..
*وحياة البتولية هذه تعني عدم الزواج، وهي ليست حياة العفة.. فحياة العفة والطهارة مطلوبة من الكل (بتوليين ومتزوجين).
*أما حياة البتولية.. فيسلك فيها مَنْ لا يريد الارتباط بزوج أو زوجة.. فهو يريد أن يعطي كل حياته للسيد المسيح (الرهبان والراهبات)، ويخدم السيد المسيح بكل قوته وحياته (المكرسين والمكرسات).
والبتولية قد عُرفت قديمًا بين بعض الديانات الوثنية لدى شعوب الحضارات القديمة.. أمثال المصريين والهنود والصينين، وأيضًا عُرفت بين شعب الله فى العهد القديم.. فكان البعض يحيون حياة البتولية مثل: "إيليا النبي".. ولكنها في المسيحية أخذت مفهوم سامٍ.. فبدت تتألق بين الفضائل جميعها.. فهي أسمى الفضائل وأجملها لأنها تهيئ للإنسان أن يرتبط بعريس نفسه السماوي السيد المسيح.
فالسيد المسيح هو المثل الأعلى لنا (المسيحيين)..
فقد عاش بتولًا..
ووُلد أيضًا من عذراء بتول (السيدة العذراء الدائمة البتولية).
*فنجد السيد المسيح نفسه يتكلّم عن البتولية في حديثه عن الخصيان الذين خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السماوات.. "قالَ لهُ تلاميذُهُ: "إنْ كانَ هكذا أمرُ الرَّجُلِ مع المَرأةِ، فلا يوافِقُ أنْ يتزَوَّجَ!". فقالَ لهُمْ: "ليس الجميعُ يَقبَلونَ هذا الكلامَ بل الذينَ أُعطيَ لهُم، لأنَّهُ يوجَدُ خِصيانٌ وُلِدوا هكذا مِنْ بُطونِ أُمَّهاتِهِمْ، ويوجَدُ خِصيانٌ خَصاهُمُ الناسُ، ويوجَدُ خِصيانٌ خَصَوْا أنفُسَهُمْ لأجلِ ملكوتِ السماواتِ. مَنِ استَطاعَ أنْ يَقبَلَ فليَقبَلْ" (مت19: 10-12).

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
*وأيضًا عندما سألوه الصدوقيين عن المرأة التى تزوجت من سبعة أخوة... ففي القيامة لمَنْ تكون زوجة من السبعة.. فكان رده واضحًا عليهم قائلًا: "لأنَّهُمْ في القيامَةِ لا يُزَوّجونَ ولا يتزَوَّجونَ، بل يكونونَ كمَلائكَةِ اللهِ في السماءِ" (مت22: 30)، (لو20: 35).. ويقصد بذلك أن حالة عدم الزواج (البتولية) تشبة حياة الملائكة.
ويؤكد هذا الفكر القديس "كبريانوس الشهيد" فى إحدى رسائله لبعض العذارى قائلًا لهن: "لقد ابتدأتن الآن وأنتن في هذه الحياة في التمتع بما سيكون لكّن في السماء بعد القيامة. لأنكّن بحفظكن بكارتكن قد تشبهتن بالملائكة".
*ونجد مُعلمنا بولس الرسول مَثلًا آخر واضح في حياة البتولية.. فقد تحدث عنها راجيًا أن يكون الجميع مثله متمتعين بحياة البتولية قائلًا:
*"ولكن أقولُ لغَيرِ المُتَزَوجينَ وللأرامِلِ، إنَّهُ حَسَنٌ لهُمْ إذا لَبِثوا كما أنا" (1كو7: 8).
*"فأُريدُ أنْ تكونوا بلا هَم. غَيرُ المُتَزَوّجِ يَهتَمُّ في ما للرَّب كيفَ يُرضي الرَّبَّ، وأمّا المُتَزَوّجُ فيَهتَمُّ في ما للعالَمِ كيفَ يُرضي امرأتَهُ" (1كو7: 32-33).
*"إذًا، مَنْ زَوَّجَ فحَسَنًا يَفعَلُ، ومَنْ لا يُزَوّجُ يَفعَلُ أحسَنَ" (1كو7: 38).
ففي هذه الآيات يوضِّح أهمية البتولية.. بل أن البتولية أحسن من الزواج (مَنْ لا يُزَوّجُ يَفعَلُ أحسَنَ).. ولم يقصد هنا أن الجميع يعيشون حياة البتولية، ولكنها في مرتبة أحسن من مرتبة من يتزوج.
فلا يستطيع الكل أن يعيشوا حياة البتولية.. فالطرق كثيرة وكل منَّا يسلك حسب ميولة وحسب اشتياقات قلبه وإمكانياته الروحية.
*ونرى مُعلمنا يوحنا الرائي يوضِّح لنا مركز البتولية في السماء فيقول: "ثُمَّ نَظَرتُ وإذا خَروفٌ واقِفٌ علَى جَبَلِ صِهيَوْنَ، ومَعَهُ مِئَةٌ وأربَعَةٌ وأربَعونَ ألفًا، لهُمُ اسمُ أبيهِ مَكتوبًا علَى جِباهِهِمْ. وسَمِعتُ صوتًا مِنَ السماءِ كصوتِ مياهٍ كثيرَةٍ وكصوتِ رَعدٍ عظيمٍ. وسمِعتُ صوتًا كصوتِ ضارِبينَ بالقيثارَةِ يَضرِبونَ بقيثاراتِهِمْ، وهُمْ يترَنَّمونَ كتَرنيمَةٍ جديدَةٍ أمامَ العَرشِ وأمامَ الأربَعَةِ الحَيَواناتِ والشُّيوخِ. ولم يَستَطِعْ أحَدٌ أنْ يتعَلَّمَ التَّرنيمَةَ إلاَّ المِئَةُ والأربَعَةُ والأربَعونَ ألفًا الذينَ اشتُروا مِنَ الأرضِ. هؤُلاءِ هُمُ الذينَ لم يتنَجَّسوا مع النساءِ لأنَّهُمْ أطهارٌ. هؤُلاءِ هُمُ الذينَ يتبَعونَ الخَروفَ حَيثُما ذَهَبَ. هؤُلاءِ اشتُروا مِنْ بَينِ الناسِ باكورَةً للهِ وللخَروفِ. وفي أفواهِهِمْ لم يوجَدْ غِشٌّ، لأنَّهُمْ بلا عَيبٍ قُدّامَ عَرشِ اللهِ" (رؤ14: 1-5).
وهنا نجد كلامًا في غاية الوضوح عن عِظم وامتياز البتولية والبتوليين.. فهو يظهرهم هنا أنهم ملازمون للمسيح (الخروف)، فهم يتبعونه حيثما ذهب، وأيضًا ينفردون عن غيرهم في معرفة الترنيمة التي لا يستطيع أحد أن يرددها غيرهم (حياة التسبيح المستمرة).. والسبب في ذلك: "إنهم لم يتنجسوا مع النساء لأنهم أبكار".
هكذا سارت موجة شديدة من الحماس للبتولية على مر العصور، وتغلغلت في صدور المؤمنين بعمق،فتغنى بها آباء الكنيسة، وتباروا في مدحها.. ليس عن اصطناع ومغالاة بل عن حب وعمق وممارسة وتقدير لأهميتها.. فقد عاشها الآباء الأولين بعمق.
فنجد القديس "أمبروسيوس" أسقف ميلان.. يكتب ثلاث كُتب عن البتولية لأخته مرسللينا، ويقول فيها: "ليست البتولية مستحقة المديح من حيث أنها توجد في الشهداء، بل لأنها هي نفسها تصنع الشهداء. ومَنْ الذي يستطيع أن يدرك بفهمه البشري ذاك الذي لا تحويه الطبيعة في قوانينها؟ أو مَنْ يقدر أن يشرح في أسلوب مألوف ذاك الذي فوق مستوى الطبيعة؟ لقد استحضرت البتولية من السماء ما يمكنها من أن نحاكيه على الأرض".
وبعد أن وصف البتوليين كملائكة الله استكمل كلامه قائلًا: "وما قلته ليس كلامي طالما أن الذين لا يتزوجون ولا يزوجون هم كملائكة السماء.. فلا تعجب إذن اذا ما قورنوا بالملائكة الملتصقين برب الملائكة. مَنْ يقدر إذن أن ينكر أن هذا النهج من الحياة له نعمة فى السماء؟ ولم نجده بسهولة على الأرض إلاَّ بعد أن نزل الله أخذًا جسدًا بشريًا".
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
فهل ترى أيها الحبيب فى الرب.. أن حياة البتولية هي بتولية الجسد فقط.. أم يشترك فيها بتولية الفكر والحواس؟
فكر معي!!

*كيف يسلك الإنسان في حياة البتولية في هذا العالم الشرير، وهذا المجتمع المليء بالمعاثر والشهوات!!
*هل يلزم ذلك منَّا جهادًا مستمرًا ونموًا روحيًا دائمًا.. أيًا كان كل واحد منَّا راهبًا أو راهبة أو مكرسًا أو مكرسة أو علمانيًا؟
فلنتمسك بالمسيح..
ونطلب معونته لتآزرنا في جهادنا وحياتنا على الأرض..
لكي نكون كملائكة الله في السماء.
ولإلهنا كل المجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 06 - 2014, 06:34 PM   رقم المشاركة : ( 12 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,463

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

المسيحية والجسد
نحن في المسيحية لا ننظر لجسدنا على أنه عدو يجب محاربته أو معاداته أو إهانته... فمُعلِّمنا بولس الرسول يوضِّح لنا هذا المعنى بفلسفته البليغة قائلًا:"فإنَّهُ لم يُبغِضْ أحَدٌ جَسَدَهُ قَطُّ، بل يَقوتُهُ ويُرَبيهِ" (أف5: 29).
ولكن في كل حياتنا نسعى في جهادنا اليومي أن يكون هذا الجسد مقدسًا للرب وهيكلًا طاهرًا.. هذه النظرة العاقلة غير العدائية نجدها واضحة كل الوضوح في رسائل مُعلِّمنا بولس الرسول حينما تكلم عن الجسد قائلًا:
*"ولكن الجَسَدَ ليس للزنا بل للرَّب، والرَّبُّ للجَسَدِ" (1كو6: 13).
*"ألستُمْ تعلَمونَ أنَّ أجسادَكُمْ هي أعضاءُ المَسيحِ؟" (1كو6: 15).
*"أم لستُمْ تعلَمونَ أنَّ جَسَدَكُمْ هو هيكلٌ للرّوحِ القُدُسِ؟" (1كو6: 19).
وفي هذا كله كان مُعلِّمنا بولس يتكلم عن الجسد مميزًا ذلك عن الروح وليس كلامًا شاملًا الجسد والروح، ويتضح ذلك مما كتبه قائلًا:
*"فمَجِّدوا اللهَ في أجسادِكُمْ وفي أرواحِكُمُ التي هي للهِ"(1كو6: 20).
وهنا تختلف نظرتنا عن نظرة الغنوسيون الذين أنكروا تجسد السيد المسيح، وذلك لاعتقادهم أن الجسد شر وهو مصدر الخطية، وهو الذي يؤدي بالإنسان إلى الأفعال الدنسة والمميتة، فقالوا لا يمكن أن الله الكلي القداسة والطُهر يأخذ جسدًا (شرًا) إذ كيف يتحد الأقنوم الثاني (الكلمة) بجسد يميل للخطية!

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
هؤلاء حرمتهم الكنيسة وحرمت كل مَنْ يتبع كلامهم لأنهم أساءوا فهم عقيدة التجسد وأنكروها.. بل تعاملوا مع الجسد على أنه شيء مظلم يميل للخطية، بل هو السبب في كل خطية والبُعد عن الله.
ولكن فكرنا المسيحي السليم عن الجسد نجده يتمثل في أننا نمقت ونقاوم أعمال الجسد الشريرة، وليس الجسد نفسه.. ونقصد بها هنا الخطايا والشهوات الدنسة والأعمال الدنيئة التي يميل إليها الجسد، وهذا ما وضحه مُعلِّمنا بولس الرسول عندما قال:"وأعمالُ الجَسَدِ ظاهِرَةٌ، التي هي: زِنىً، عَهارَةٌ، نَجاسَةٌ، دَعارَةٌ، عِبادَةُ الأوثانِ، سِحرٌ، عَداوَةٌ، خِصامٌ، غَيرَةٌ، سخَطٌ، تحَزُّبٌ، شِقاقٌ، بدعَةٌ، حَسَدٌ، قَتلٌ، سُكرٌ، بَطَرٌ، وأمثالُ هذِهِ" (غل5: 19-21).
هذة الأعمال الرديئة التي تصدر من الجسد ذكرها مُعلِّمنا بولس قبل أن يذكر ثمر الروح الذي ذكره في نفس الاصحاح:"وأمّا ثَمَرُ الرّوحِ فهو: مَحَبَّةٌ، فرَحٌ، سلامٌ، طولُ أناةٍ، لُطفٌ، صَلاحٌ، إيمانٌ، وداعَةٌ، تعَفُّفٌ" (غل5: 22-23).
فقد ذكر لنا على سبيل المثال 17 عملًا رديئًا من أعمال الجسد، في حين ذكر 9 ثمرات من ثمار الروح، وهذا يوضح لنا أن خطايا الجسد كثيرة لأنه يميل إلى الخطية.
ومن هنا يتضح لنا أن جهادنا ضد أعمال الجسد يكون مستمر، ويحتاج إلى يقظة مستمرة وجدية في الحياة الروحية.
فمَنْ يهتم بروحه ويهمل جسده يكون مثل إنسانًا ساعيًا نحو السراب في الصحراء.. لأن هيهات أن ينمو روحيًا دون أن يجاهد ضد أعمال الجسد.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
مثال على ذلك:
إنسانًا يُصلي باستمرار وينتظم على حضور القداسات والتناول من سر الإفخارستيا،ومع هذا يأكل كثيرًا جدًا، فيجد نفسه باستمرار خاملًا كسولًا، لا يريد الاستيقاظ، ففي ذلك الوقت يقوى الجسد على الروح، ويهمل هذا الإنسان صلاته وحضوره القداسات مؤجلًا من يوم لآخر، لأنه يشعر بالحاجة إلى النوم الكثير، ويجد صعوبة في استيقاظه لحضوره القداسات، ويتراخى في حياته الروحية.. وبمرور الوقت يجد نفسه ترك الصلاة والقداسات والتناول، وأصبح يهتم فيما للجسد وليس فيما للروح.
وباستمراره في هذا الفِعل يجلب على نفسه حرب الفكر الدنس والشهوة، وتتلوث أفكاره بالأفكار السمجة الشريرة، ويشكوا أنه مُحارب بأفكار دنسة كثيرة وخيالات مثيرة للشهوة، ويعتبرها حرب روحية موجهة له بسبب جهاده وصلاته، وهو غير مستيقظ أنه هو الذي يجلب على نفسه هذه الحرب بسبب عدم يقظته بأنه يجب أن يضبط جسده في الأكل والشرب وكل احتياجاته.
ولذلك عاش آباءنا القديسين مجاهدين باستمرار ضد أعمال الجسد الشريرة، متيقظين في إعطاء الجسد احتياجه الضروري الذي يعيش به، ولا يعطوه كل ما يطلبه لكي تنمو الروح وتتحرر من قيود الجسد الأرضية، فانطلقت أرواحهم محلقة في السماء والسماويات، متمتعين بالسيد المسيح وهم على الأرض.. فلا يوجد عائق يمنعهم عن ممارساتهم الروحية وجهادهم اليومي المستمر.
وهذا الجهاد مطلوب من الكل.. ليس آباء الصحراء فقط، ولكن من كل إنسان يحيا على الأرض لكي يصل إلى السماء، متذكرين كلمات مُعلِّمنا بولس الرسول:"كُلُّ مَنْ يُجاهِدُ يَضبُطُ نَفسَهُ في كُل شَيءٍ" (1كو9: 25).
ولإلهنا كل المجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 06 - 2014, 06:35 PM   رقم المشاركة : ( 13 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,463

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

المسيحية والعفة
أخي الحبيب.. أختي المباركة..
*هل تعلموا أننا أولاد الله بالحقيقة وليس بالاسم فقط؟
*وهل تعوا جيدًا أننا أصبحنا هيكلًا للروح القدس وروح الله ساكن فينا؟
"أما تعلَمونَ أنَّكُمْ هيكلُ اللهِ، وروحُ اللهِ يَسكُنُ فيكُم؟
إنْ كانَ أحَدٌ يُفسِدُ هيكلَ اللهِ فسَيُفسِدُهُ اللهُ،
لأنَّ هيكلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الذي أنتُمْ هو"
(1كو3: 16-17).
هذا الهيكل المقدس الذي يسكن فيه روح الله القدوس يجب أن يكون طاهرًا نقيًا.. فكل آنيته (أعضاءه) مقدسة، ولا يوجد شيء فيه للشيطان.
فنحن نلنا فِعل التقديس والتدشين والتخصيص لله، لنصبح هياكل مقدسة له يوم المعمودية، عندما خرج كل منَّا من جرن المعمودية إنسانًا جديدًا طاهرًا، لا يحمل أي خطية.. فتقدست أعضاءنا كلها بزيت الميرون، وأصبحنا هياكل مقدسة برشمنا به 36 رشمًا:
*1 : عند المخ : لتقديس الفكر.
*2 : الأذنين : لتقديس الحواس.
*2 : العينين : لتقديس الحواس.
*2 : المنخارين : لتقديس الحواس.
*1 : الفم : لتقديس الحواس.
*2 : القلب والسُرة : لتقديس القلب.

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
*2 : الظهر والعمود الفقري : لتقديس الإرادة.
*6 : مفاصل اليد اليمني : لتقديس الأعمال.
*6 : مفاصل اليد اليسري : لتقديس الأعمال.
*6 : مفاصل الرجل اليمني : لتقديس الخطوات.
*6 : مفاصل الرجل اليسري : لتقديس الخطوات.
فأصبح الإنسان كله هيكلًا مدشنًا مخصصًا مقدسًا للرب.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
هذه الحياة (حياة العفة والطهارة) مطلوبة من الجميع.. من المتزوج والمتبتل والراهب وكل البشر.. لأنها تحافظ على طهارة الجسد من أي سلوك رديء دنس يدنس الجسد كله.
ولذلك صرخ مُعلِّمنا بولس الرسول قائلًا:"لأنَّ هذِهِ هي إرادَةُ اللهِ: قَداسَتُكُمْ. أنْ تمتَنِعوا عن الزنا، أنْ يَعرِفَ كُلُّ واحِدٍ مِنكُمْ أنْ يَقتَنيَ إناءَهُ بقَداسَةٍ وكرامَةٍ، لا في هَوَى شَهوةٍ كالأُمَمِ الذينَ لا يَعرِفونَ اللهَ، أنْ لا يتطاوَلَ أحَدٌ ويَطمَعَ علَى أخيهِ في هذا الأمرِ، لأنَّ الرَّبَّ مُنتَقِمٌ لهذِهِ كُلها كما قُلنا لكُمْ قَبلًا وشَهِدنا. لأنَّ اللهَ لم يَدعُنا للنَّجاسَةِ بل في القَداسَةِ" (1تس4: 3-7).
فالقداسة هنا توجد في العفة والطهارة التي هي ضد الزنا والنجاسة.. فهي تشبه حياة الملائكة في السماء، كقول السيد المسيح له المجد:"لأنَّهُمْ في القيامَةِ لا يُزَوجونَ ولا يتزَوَّجونَ، بل يكونونَ كمَلائكَةِ اللهِ في السماءِ" (مت22: 30).
وعن هذه الحياة الملائكية تحدث آباء الكنيسة بغزارة وعمق..
*فيقول الأب يوحنا كسيان: (أنه لن توجد فضيلة تعادل تشبه البشر بالملائكة مثل فضيلة العفة.. لأن البشر يعيشون بواسطة العفة وهم في الجسد كمَنْ لا جسد لهم وكأنهم أرواح مجردة.. كقول الرسول بولس:"وأمّا أنتُمْ فلستُمْ في الجَسَدِ بل في الرّوحِ"(رو8: 9)..بل أن البشر الذين يحيّون في العفة والطهارة يسمون عن الملائكة الذين ليس لهم أجساد تشتهي ضد أرواحهم).
هذه الحياة الطاهرة حافظ عليها آباءنا القديسين، مما اضطر بعضهم أن ينالوا إكليل الشهادة من أجل حفاظهم على عفتهم وطهارتهم.
وها هي قصة الفتاة الصغيرة (أجنس) بطلة الإيمان.. من أجل حفاظها على عفتها تحملّت الكثير، فتعالوا نرى قصتها معًا:
وُلدت بروما في أواخر القرن الثالث الميلادي.. شريفة بالمولد ومسيحية الوالدين، بارعة الجمال.. وما أن بلغت عامها الثاني عشر حتى اتجهت بكل أشواقها نحو الرب.
تعلق بها قلب شخص يدعى "بروكوبيوس"، وكان أبوه حاكم مدينة روما، فعزم على الزواج بها،وافقه أبوه على ذلك، وطلب الفتاة من أبويها. ولما تأخر ردهما نفذ صبر الشاب، فحاول أن يكلمها مُظهرًا عواطفه نحوها.
التقى بها في الطريق، واقترب منها ليكلمها.. لكنها رجعت إلى الخلف كما لو أبصرت حيَّة.. وقالت له: "ابعد عني يا حجر العثرة.. أنا لا يمكنني أن أنكث بعهدي وأخون عريسي الإله الذي لا أحيا إلاَّ بحبه".. ثم أفاضت في إظهار مشاعرها وعواطفها نحو هذا العريس الإلهي.. ورفضت أخذ هدايا كان يقدمها لها.
وكشاب وثني لم يفهم بروكوبيوس حقيقة كلامها، وظن أنها تحب شخصًا آخر غيره، وأنها لفرط حبها اتخذته معبوًد لها.. ومن فرط هيامه وتعلقه بالفتاة مرض.
قلق عليه والده واستدعى "أجنس"، وفاتحها في الأمر.. لكنها شرحت له في أدب نذر بتوليتها.. ولأن هذا الأمر لا مثيل له في الوثنية لم يستطيع أن يفهم كلامها على حقيقته.
تدخل أحد الحاضرين وأفهمه أن الفتاة مسيحية، وما أن سمع ذلك حتى خيّرها بين أمرين: إما أن تعبد الآلهة الوثنية وتتزوج بابنه، وإما أن تُعذب حتى الموت.
وأعطاها مُهلة للتفكير حتى اليوم التالي، لتعطيه جوابًا.. لكن الفتاة رفضت هذه المهلة للتفكير، وقالت له إن الأمر لا يحتاج إلى تفكير، لأنها قد انتهت من اختيار الطريق.. كانت إجابتها هذه بداية آلامها.
أمر الحاكم أن تُقيد بالأغلال الحديدية، وسحبوها إلى هيكل للأصنام لتسجد لها.. أما هي فرشمت ذاتها بعلامة الصليب، ولم تنظر نحو الأصنام.. ولما فشل في إرهابها، هددها بإرسالها إلى أحد بيوت الدعارة. أما هي فقالت له: لا أخاف بيت الفساد، لأن معي ملاكًا يحفظني من كل سوء.
شرع الجنود يعرونها من ثيابها وهم يدخلونها ذلك البيت، لكن شعرها غطى كل جسمها بطريقة معجزية حتى تعجب الجميع، وما أن دخلت ذلك البيت حتى أضاء نور من السماء، فتعزت وشكرت الرب.
أما بعض الأشرار ممَنْ أتوا خصيصًا لارتكاب الفِعل الردئ مع هذه العذراء، لما رأوا المنزل مضيئًا بنور لا مثيل له ارتعبوا ولم يجسروا أن يتقدموا.
غير أن "بروكوبيوس" ابن حاكم روما الذي كان يود أن يتزوجها تجاسر ودخل ذلك البيت ليفسد طهارتها.. وحينما اقترب منها ضربه ملاك الرب فخر ميتًا.. وما أن رأى الحاضرون ذلك حتى هربوا، وأذاعوا الخبر في كل المدينة، فأسرع الحاكم والد "بروكوبيوس" وعنفها.. وبعد أن عنفها عاد يتذلل إليها طالبًا منها أن تُقيم ابنه الميت.. فصلّت "أجنس" إلى الله ، فقام الشاب وهو يصيح: "ليس إله حق إلاَّ الذي يعبده المسيحيون".
انتشر خبر هذه المعجزة في كل روما، ولكن كهنة الأوثان هيجوا الناس، وقالوا: "لتمت أجنس الساحرة".
أما الحاكم والد بروكوبيوس فجبن إزاء صخب الناس، وترك الأمر لوكيله.. وهذا استحضر "أجنس"، وأمر أن تلتقى في النار.. لكن النار لم تؤذها، بل شوهدت وسطها واقفة تصلي. فلما رأى ذلك أمر بأن تقطع رأسها بالسيف.. فاقترب منها الجندي لينفذ الحكم، لكنه ارتعد وتراجع.. أما هي فشجعته، وقالت له: "هلم اقتل هذا الجسد الذي أعثر غير العريس السماوي"، وكان استشهادها في الاضطهاد الذي أثاره "دقلديانوس"، وكان لها من العمر 12 أو 13 سنة.
هذه شهيدة من ضمن آلاف استشهدوا من أجل حفاظهم على عفتهم وطهارتهم.. فهل نحن لنا فكر آباءنا، أو نسعى نحوه ونقترب إليهم لكي نُعطى قوة من التمثل بهم.. أم نترك أنفسنا لتيار العالم المنحرف الذي يقدم لنا العثرات والرذائل التي إذا سار فيها الإنسان يكون سائرًا في طريق النجاسة والرذيلة والضياع الروحي؟!
فهلموا بنا ننظر إلى آباءنا الشهداء والقديسين..
لنتمثل بهم ونسير على دربهم..
لنصل إلى السماء،
وإلى عريسنا السمائي ربنا يسوع المسيح..
الذي لهالمجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 06 - 2014, 06:36 PM   رقم المشاركة : ( 14 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,463

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

المسيحية والنُسك

معني كلمة نُسك:

*إن كلمة نُسك في اللغة العربية تأتي من الفعل (نُسك نُسكًا) - أي تعني: (تزهد أو تقشف أو تعبد)، وكلمة نُسك تعني في مفهومها الأوضح: (العبادة)، ومنها لقب الشخص الزاهد أو المتعبد بلقب الناسك.
*أما من الناحية الكنسية أو المعنى الكنسي لكلمة نُسك فهي تعبِّر عن كل أنواع إماتات الجسد.. أي الزهد في العالم وملذاته وشهواته الزائلة.. وهذه الكلمة أطلقت على الرهبان الذين تركوا العالم وكل ما فيه من مُغريات، وعاشوا في تجرد وتقشف وزهد وبتولية، وضاعفوا في صلواتهم وأصوامهم.. وذلك بقصد تقديم الجسد ذبيحة حيَّة مرضية للرب يسوع المسيح.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
النُسك في المفهوم الكنسي:

يوجد فرق جوهري واضح جدًا بين النُسك في المفهوم المسيحي والتنسُك بالمفهوم الغير كنسي..
*فالاول (المفهوم المسيحي): يرتبط بحياة الروح، وهدفه هو انعاش الروح وانطلاقها لكي تتحرر من رباطات الجسد الأرضية وتتغلب على معوقاتها.
*أما الثاني (المفهوم الغير مسيحي): ترتبط ممارسته بفكرة خاطئة عن الجسد باعتبار الجسد شر وهو شيء مُعطل للإنسان، فتنصب ممارسة النُسك على تعذيب الجسد وإزلاله بطريقة خاطئة.
وهذا خطأ فادح.. فنحن في فكرنا المسيحي لا ننظر للجسد على أنه شرًا، أو سبب للخطية التي يرتكبها الإنسان، أو هو معطل للإنسان الذي يريد الحياة مع الله.. ولكن الجسد هو وزنة أعطاها الله لنا، ويريد من كل واحد منَّا استثمارها.. فيوجد مَنْ يربح خمس وزنات ويوجد مَنْ يطمر وزنته في التراب..

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
"وكأنَّما إنسانٌ مُسافِرٌ دَعا عَبيدَهُ وسلَّمَهُمْ أموالهُ، فأعطَى واحِدًا خَمسَ وزَناتٍ، وآخَرَ وزنَتَينِ، وآخَرَ وزنَةً. كُلَّ واحِدٍ علَى قَدرِ طاقَتِهِ. وسافَرَ للوقتِ. فمَضَى الذي أخَذَ الخَمسَ وزَناتٍ وتاجَرَ بها، فرَبِحَ خَمسَ وزَناتٍ أُخَرَ. وهكذا الذي أخَذَ الوَزنَتَينِ، رَبِحَ أيضًا وزنَتَينِ أُخرَيَينِ. وأمّا الذي أخَذَ الوَزنَةَ فمَضَى وحَفَرَ في الأرضِ وأخفَى فِضَّةَ سيدِهِ. وبَعدَ زَمانٍ طَويلٍ أتى سيدُ أولئكَ العَبيدِ وحاسَبَهُمْ. فجاءَ الذي أخَذَ الخَمسَ وزَناتٍ وقَدَّمَ خَمسَ وزَناتٍ أُخَرَ قائلًا: يا سيدُ، خَمسَ وزَناتٍ سلَّمتَني. هوذا خَمسُ وزَناتٍ أُخَرُ رَبِحتُها فوقَها. فقالَ لهُ سيدُهُ: نِعِمّا أيُّها العَبدُ الصّالِحُ والأمينُ! كُنتَ أمينًا في القَليلِ فأُقيمُكَ علَى الكَثيرِ. اُدخُلْ إلَى فرَحِ سيدِكَ. ثُمَّ جاءَ الذي أخَذَ الوَزنَتَينِ وقالَ: يا سيدُ، وزنَتَينِ سلَّمتَني. هوذا وزنَتانِ أُخرَيانِ رَبِحتُهُما فوقَهُما. قالَ لهُ سيدُهُ: نِعِمّا أيُّها العَبدُ الصّالِحُ الأمينُ! كُنتَ أمينًا في القَليلِ فأُقيمُكَ علَى الكَثيرِ. اُدخُلْ إلَى فرَحِ سيدِكَ. ثُمَّ جاءَ أيضًا الذي أخَذَ الوَزنَةَ الواحِدَةَ وقالَ: يا سيدُ، عَرَفتُ أنَّكَ إنسانٌ قاسٍ، تحصُدُ حَيثُ لم تزرَعْ، وتجمَعُ مِنْ حَيثُ لم تبذُرْ. فخِفتُ ومَضَيتُ وأخفَيتُ وزنَتَكَ في الأرضِ. هوذا الذي لكَ. فأجابَ سيدُهُ وقالَ لهُ: أيُّها العَبدُ الشريرُ والكَسلانُ، عَرَفتَ أني أحصُدُ حَيثُ لم أزرَعْ، وأجمَعُ مِنْ حَيثُ لم أبذُرْ، فكانَ يَنبَغي أنْ تضَعَ فِضَّتي عِندَ الصَّيارِفَةِ، فعِندَ مَجيئي كُنتُ آخُذُ الذي لي مع رِبًا. فخُذوا مِنهُ الوَزنَةَ وأعطوها للذي لهُ العَشرُ وزَناتٍ. لأنَّ كُلَّ مَنْ لهُ يُعطَى فيَزدادُ، ومَنْ ليس لهُ فالذي عِندَهُ يؤخَذُ مِنهُ. والعَبدُ البَطّالُ اطرَحوهُ إلَى الظُّلمَةِ الخارِجيَّةِ، هناكَ يكونُ البُكاءُ وصَريرُ الأسنانِ" (مت25: 14-30).
فالهدف الأساسي في كل الممارسات النسكية من (صوم، صلاة، ميطانيات، سهر....) في المسيحية هو إذلال الجسد (أي إخضاعه لسلطان الروح)، وليس إذلاله بطريقة خاطئة.. أي إهانته وتعذيبه وإهماله حتى يكون معوق لممارسة هذه الممارسات فيضعفه أكثر من اللازم.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
وعلى سبيل المثال:

*إنسانًا يفهم الصوم بطريقة خاطئة، فيفرض على نفسه أصوامًا كثيرة ومتلاحقة بدون تدبير أو تمييز أو إرشاد من أب اعترافه.. فيقع في حصار الصوم، ويعتبر نفسه من الآباء الصوّامين، فيؤدي ذلك إلى ضعف الجسد، ويصل إلى حد الأنيميا الحادة والدوخة والغثيان حتى لا يقدر أن يقف ليصلي أو يضرب الميطانيات أو حضور القداسات أو السهر أو... فيكون حَكَم على نفسه بالإنقطاع عن هذه الممارسات النسكية كلها باقي عمره بسبب سوء فهمه وتصرفه الخاطئ.
*إنسانًا آخر يتوسم في نفسه أنه إنسان مُصلي، فيقف يُصلي ساعات طويلة، ويترك على أثر ذلك عمله.. (هذا إذا كان علمانيًا أو راهبًا في الدير)، وبذلك يكون قد ترك جزء من برنامجه أو قانونه اليومي.. فمن أين يأكل ما لم يعمل؟!
* ولعل ذلك يذكرني بالقصة المذكورة في بستان الرهبان.. عن أحد الآباء الرهبان الذي توسم في نفسه أنه رجل صلاة، فعندما ذهب لدير آخر دخل قلاية وحبس نفسه فيها للصلاة، ولم يخرج مع أخوته للعمل.. فأخذ يصلي، وحينما جاء ميعاد المائدة للأكل انتظر مَنْ يقرع بابه ليدعوه لتناول الطعام مع باقي الآباء.. وطال انتظاره ولم يذهب إليه أحد.. وأخيرًا خرج من قلايته ذاهبًا للأب مدبر الدير وخاطبه قائلًا: أما أكل الأخوة اليوم يا أبي؟ قال له الرئيس: لقد أكل الأخوة في ميعادهم. فقال له: ولماذا لم يدعوني أحد لتناول الطعام معهم؟ فاجابه الرئيس قائلًا: أنت رجل صلاة، ولا تحتاج إلى طعام.. فطعامك هو العمل الروحي والغذاء الروحي، ولا تحتاج إلى الطعام الجسدي الذي نعمل من أجله لأن "مَنْ لا يعمل لا يأكل"!! فشعر هذا الراهب بخطأه، وضرب ميطانية للأب المدبر قائلًا له: أخطأت ومنذ اليوم سوف أعمل مع أخوتي وأصلي باقي الوقت.. وانصرف عنه.
* إنسانًا آخر يسئ فهم الميطانيات وفوائدها، فيكثر منها بإرادته وتدبيره الشخصي،فيضع لنفسه عددًا لا يحصى مع أن إمكانياته الجسدية لا تساعده على ذلك فيؤدي به إلى أمراض في العظام، وخشونة في الركب، وانزلاق غضروفي في العمود الفقري، ويصبح طريح الفراش يحتاج إلى عمليات جراحية كثيرة.. وبسبب ملازمته للفراش وتقرير الاطباء الذي يحذرة بلهجة شديدة بعدم الحركة يفقد حرارته الروحية وصلواته وأصوامه.. ويكون قد أساء إلى جسده الذي هو وزنة مؤتمن عليها.
فلنلاحظ أنه إذا ضعف الجسد ومرض.. لا يستطيع الإنسان أن يؤدي واجباته الروحية على الوجه الأمثل.. فالنُسك يحتاج إلى إفراز وتدبير من أب الاعتراف وليس حسب هوى كل انسان.
فلنتحلي بفضيلة الإفراز فهي أهم الفضائل..
ولإلهنا كل المجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 06 - 2014, 06:37 PM   رقم المشاركة : ( 15 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,463

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

المسيحية وحياة التوبة
نصف دائمًا الخطية بأنها انفصال عن الله.. وما دام الإنسان يحيا حياة الخطية فهو دائمًا بعيد عن الله يحيا في كورة بعيدة، فلا يتمتع بوجوده مع الله إلاَّ إذا ترك هذه الكورة البعيدة ورجع إلي بيت أبيه مرة أخرى وقدّم توبة.. إذًا فالتوبة هي رجوع وعودة إلى حضن الآب السماوي.
فعندما ننظر إلى الابن الأصغر.. (لو15: 11-32):
*نجدة تمرد على أبيه.. وأخذ ما يحق له من الميراث.
*وأراد أن يعيش بعيش مُسرف، ويبدد هذه الأموال (هذا هو الميول والتفكير في ارتكاب الخطية).
*ثم نفذ ذلك.. بأن صمم على أخذ ماله بعد أن نصحه أبوه، ولم يسمع النصيحة (وهذا هو التصميم على فِعل الخطية).
*وذهب فعلًا إلى كورة بعيدة، وهناك عاش العيشة المُسرفة، فتبددت أمواله (وهذا هو فِعل الخطية نفسه).
*ثم بعد ذلك ضاعت ثروته ونضارته، وفقد الجميع (وهذا هو تخلي النعمة الإلهية عن مَنْ يسلك في الخطية بعناد وتصميم).
*ثم احتاج أن يأكل مما يأكلة الخنازير فلم يجد (وهذا ما تفعله الخطية في الإنسان.. أن تنزله من مرتبته الإنسانية الجميلة) التي خلقت على صورة الله ومثاله.. "فخَلَقَ اللهُ الإنسانَ علَى صورَتِهِ. علَى صورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وأُنثَى خَلَقَهُمْ" (تك1: 27).
*وأخيرًا فكّر في العودة إلى بيت أبيه عندما جلس مع نفسه وقال: ماذا فعلت إنني أُهلك جوعًا!! (وبالطبع سوف يهلك الإنسان المنغمس في الخطية جوعًا، ليس جسديًا فقط بل روحيًا) لأنه ابتعد عن الخبز السماوي.. "خُبزَ اللهِ هو النّازِلُ مِنَ السماءِ الواهِبُ حياةً للعالَمِ" (يو6: 33).
*ولكن هذا الابن الشاطر وقف مع نفسه، وأخذ قرارًا جديًا بأن يترك الخطية، ويرجع إلى أبيه.."أقومُ وأذهَبُ إلَى أبي" (لو15: 18)، وهذا ما يفعله الإنسان عندما يفيق ويعود إلى نفسه، ويحاسب نفسه عن خطأه والخطايا التي وقع فيها، ويقول لنفسه: لماذا فعلت هذا الجُرم العظيم وأخطأت إلى الله؟
*فقام الابن مسرعًا نحو أبيه ليعتذر عما صدر منه، ويستسمح أبوه لكي يغفر له، وقدم ندمًا على فِعله.. "أخطأتُ إلَى السماءِ وقُدّامَكَ" (لو15: 18)، (وهذا ما يفعله الانسان في الاعتراف أمام الأب الكاهن).
وهذا ما يميز مسيحيتنا ومسيحنا الحنون.. فهو يقف من بعيد فاتحًا ذراعيه لكل إنسان يعود ويندم على فِعل الخطية، ويقدم توبة فيقبله لأنه هو القائل:"مَنْ يُقبِلْ إلَيَّ لا أُخرِجهُ خارِجًا" (يو6: 37). ولأن الله"يُريدُ أنَّ جميعَ الناسِ يَخلُصونَ، وإلَى مَعرِفَةِ الحَق يُقبِلونَ" (1تي2: 4)
ونلاحظ أن الله عندما خلق الإنسان طاهرًا قديسًا.. خلقه على صورته ومثاله، لكنه بعصيانه لخالقه سقط في الخطية، فتغيرت طبيعته، وسقط من رتبته، وفَقَدَ أشياء كثيرة..

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
*فَقَدَ الفردوس الذي كان يتنعم فيه بوجوده في حضرة الله المستمرة.
*فَقَدَ سلامه وفرحه وسلطانه كتاج للخليقة.. لأن لله سلطان على كل شيء.
*فَقَدَ أشياء كثيرة لا تقدّر قيمتها، ولا يُقيّم ثمنها، وبقيت الخطية لاصقة به بآثارها.. يتلوى من آلام أشواكها، ويعاني من مرارة مذاقها، ويسري سُمها في جسده.
*لقد نقض بيده خيمة مسكنه السمائي، فعصفت به رياح الشهوات، وتعرى بإرادته من ثوب البر، فعانى من برودة الإثم، ونأى بنفسه عن شمس البر.. فلم يتمتع بالشمس، ولا استدفئ بحرارتها.. بل أصبح في برودة مستمرة وهي برودة الخطية لبعده عن شمس البر.
وليكن معلومًا عندنا أن الخطية التي نستخف بها –حتى ما يبدو لنا منها تافهًا– هي العصيان ضد الله، وهي تعدي عليه: "كُلُّ مَنْ يَفعَلُ الخَطيَّةَ يَفعَلُ التَّعَديَ أيضًا. والخَطيَّةُ هي التَّعَدي" (1يو3: 4).
والخطية أيضًا هي انفصال عن الله، لذلك تصبح موت للإنسان،"ابني هذا كانَ مَيّتًا فعاشَ، وكانَ ضالاًّ فوُجِدَ" (لو15: 24)، "وأنتُمْ إذ كنتُم أمواتًا بالذُّنوبِ والخطايا" (أف2: 1).
فإذا كانت الخطية هي (موت روحي وانفصال عن الله)..
إذًا فالتوبة هي انتقال من الموت إلى الحياة.
*وذلك كما قال لنا مُعلِّمنا يوحنا: "نَحنُ نَعلَمُ أنَّنا قد انتَقَلنا مِنَ الموتِ إلَى الحياةِ" (1يو3: 14).
*وهكذا أوضح لنا مُعلِّمنا بولس قوله: "استَيقِظْ أيُّها النّائمُ وقُمْ مِنَ الأمواتِ فيُضيءَ لكَ المَسيحُ" (أف5: 14).
*ويوضحها أكثر مُعلِّمنا يعقوب: "فليَعلَمْ أنَّ مَنْ رَدَّ خاطِئًا عن ضَلالِ طريقِهِ، يُخَلّصُ نَفسًا مِنَ الموتِ، ويَستُرُ كثرَةً مِنَ الخطايا" (يع5: 20).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
والتوبة أيضًا هي:

*عودة إلى الله وإلى محبته.. فهي ليست مجرد امتناع عن الخطية.. لأنه من الممكن أن يمتنع الإنسان عن الخطية خجلًا أو خوفًا أو عجزًا عن فِعلها، ولكن لا يدل ذلك الامتناع عن محبة الإنسان لله.. لكن العلامة الواضحة على محبة الإنسان لله هي بُعده عن حياة الخطية والجهاد المستمر ضدها.
*تجديد للطبيعة.. أي طبيعة الإنسان الساقطة.. وذلك يتم في المعمودية.
*تجديد للذهن.. وذلك يتم في التوبة والاعتراف.. "تغَيَّروا عن شَكلِكُمْ بتجديدِ أذهانِكُمْ، لتختَبِروا ما هي إرادَةُ اللهِ: الصّالِحَةُ المَرضيَّةُ الكامِلَةُ" (رو2:12). ولذلك دعيت التوبة معمودية ثانية.
فإذا كانت المعمودية الأولى لا تتكرر ولكنها تُمارس مرة واحدة في العمر.. فإن المعمودية الثانية التوبة تتكرر يوميًا بل أكثر من مرة كل يوم.. لكي يصل الإنسان إلى حياة النقاوة والبر والقداسة التي دعي إليها كل إنسان.. "كونوا قِدّيسينَ لأني أنا قُدّوسٌ" (1بط1: 16).
فلنسعى في حياتنا.. ولنجاهد ضد الخطية..
ولنرجع ونتوب عن كل ما اقترفناه خطأ في حق الله..
ولنقدم توبة من كل القلب..
طالبين من إلهنا الصالح أن يقبلها،
ويغفر لنا خطايانا التي صنعناها بإرادتنا وبغير إرادتنا..
التي فعلناها بمعرفة وبغير معرفة.. الخفية والظاهرة.
لكي نتمتع معه بالعِشرة السمائية، ونوجد معه في ملكوته الأبدي.
الذي له كل المجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 06 - 2014, 03:02 PM   رقم المشاركة : ( 16 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,463

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

اتركها هذه السنة أيضًا
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
"فأجابَ وقالَ لهُ: يا سيدُ، اترُكها هذِهِ السَّنَةَ أيضًا، حتَّى أنقُبَ حَوْلها وأضَعَ زِبلًا. فإنْ صَنَعَتْ ثَمَرًا، وإلاَّ ففيما بَعدُ تقطَعُها" (لو13: 8-9).
إنها دعوة إلى التوبة..
إذا طلبنا من إلهنا الحنون أن يترك هذه الكرمة، لنحاول ونجاهد.. لكي تثمر ولا يقتلعها، فيعطيها فرصة أخرى.. فيجب أن تثمر الثمر المطلوب.
فالله محب البشر بدافع محبته لأولاده يدعونا للتوبة.. ذلك لأنه "يُريدُ أنَّ جميعَ الناسِ يَخلُصونَ، وإلَى مَعرِفَةِ الحَق يُقبِلونَ" (1تي2: 4). فهو من محبته لا يشاء أن يهلك أحدًا.. بل أن يقبل الجميع إلى التوبة ليتذوقوا حلاوتها.. "لا يتباطأُ الرَّبُّ عن وعدِهِ كما يَحسِبُ قَوْمٌ التَّباطؤَ، لكنهُ يتأنَّى علَينا، وهو لا يَشاءُ أنْ يَهلِكَ أُناسٌ، بل أنْ يُقبِلَ الجميعُ إلَى التَّوْبَةِ" (2بط3: 9).
وهو أن من أجل خلاصنا مستعد أن يتغاضى عن أزمنة الجهل.. "فاللهُ الآنَ يأمُرُ جميعَ الناسِ في كُل مَكانٍ أنْ يتوبوا، مُتَغاضيًا عن أزمِنَةِ الجَهلِ" (أع17: 30).
فمن محبته الغير متناهية نجده يقول في سفر حزقيال.. "هل مَسَرَّةً أُسَرُّ بموتِ الشريرِ؟.. ألا برُجوعِهِ عن طُرُقِهِ فيَحيا؟" (حز18: 23).
فهو يحبنا جميعًا..
ولذلك يريدنا بالتوبة أن نتمتع بمحبته

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
لذلك نرى في دعوته لنا للتوبة تعبير عملي عن مشاعر المحبة التي يكنها لنا.. فيقول: "ارجِعوا إلَيَّ بكُل قُلوبِكُمْ.. ارجِعوا إلَى الرَّب إلهِكُمْ لأنَّهُ رَؤوفٌ رحيمٌ، بَطيءُ الغَضَبِ وكثيرُ الرّأفَةِ ويَندَمُ علَى الشَّر" (يوئيل2: 12-13).
*"ارجِعوا إلَيَّ أرجِعْ إلَيكُمْ" (ملا3: 7).
*".. أجعَلُ شَريعَتي في داخِلِهِمْ وأكتُبُها علَى قُلوبِهِمْ، وأكونُ لهُمْ إلهًا وهُم يكونونَ لي شَعبًا.. أصفَحُ عن إثمِهِمْ، ولا أذكُرُ خَطيَّتَهُمْ بَعدُ" (إر31: 33-34).
فإلهنا الحنون يدعونا للتوبة.. لأننا نحتاج إليها فيقول:
*"لم آتِ لأدينَ العالَمَ بل لأُخَلّصَ العالَمَ" (يو12: 47).
*"لا يَحتاجُ الأصِحّاءُ إلَى طَبيبٍ بل المَرضَى. لم آتِ لأدعوَ أبرارًا بل خُطاةً إلَى التَّوْبَةِ" (مر2: 17).
ففي وعده لنا بالتوبة.. وعد بالتطهير والاغتسال.. لينقينا من الخطايا التي تسيطر علينا، لأنه يقول:
*"اِغتَسِلوا. تنَقَّوْا. اعزِلوا شَرَّ أفعالِكُمْ.. هَلُمَّ نتحاجَجْ، يقولُ الرَّبُّ إنْ كانَتْ خطاياكُمْ كالقِرمِزِ تبيَضُّ كالثَّلجِ.." (إش1: 16، 18).
*ويقول في سفر حزقيال.."أرُشُّ علَيكُمْ ماءً طاهِرًا فتُطَهَّرونَ. مِنْ كُل نَجاسَتِكُمْ ومِنْ كُل أصنامِكُمْ أُطَهّرُكُمْ. وأُعطيكُمْ قَلبًا جديدًا، وأجعَلُ روحًا جديدَةً في داخِلِكُمْ، وأنزِعُ قَلبَ الحَجَرِ مِنْ لَحمِكُمْ وأُعطيكُمْ قَلبَ لَحمٍ" (حز36: 25-26).
إذا فالتوبة نافعة ومفيدة لنا مهما كان أسلوبها.. إن كانت باللين أو بالشدة، ولذلك يقول مُعلمنا القديس يهوذا الرسول في رسالته: "ارحَموا البَعضَ مُمَيزينَ، وخَلّصوا البَعضَ بالخَوْفِ، مُختَطِفينَ مِنَ النّارِ، مُبغِضينَ حتَّى الثَّوْبَ المُدَنَّسَ مِنَ الجَسَدِ" (يه22-23).
ولأهمية التوبة نجدها هي أهم موضوع في الكتاب المقدس، وذلك لتنقي الإنسان لكي يخلص.. من أجل هذا أرسل الله الملاك الذي يهيئ الطريق قدامه: "يوحنا المعمدان"، بالمناداة بالتوبة قائلًا:"توبوا، لأنَّهُ قد اقتَرَبَ ملكوتُ السماواتِ" (مت3: 2).
فهذا الملكوت لا يمكن أن نناله إلاَّ بالتوبة
ومن أهمية التوبة أيضًا.. نجدها تحتل المركز الأول في خدمة السيد المسيح، ففي بداية كرازته يقول الإنجيلي:"مِنْ ذلكَ الزَّمانِ ابتَدأَ يَسوعُ يَكرِزُ ويقولُ: "توبوا لأنَّهُ قد اقتَرَبَ ملكوتُ السماواتِ" (مت4: 17)، وأيضًا كان يقول:"قد كمَلَ الزَّمانُ واقتَرَبَ ملكوتُ اللهِ، فتوبوا وآمِنوا بالإنجيلِ" (مر1: 15)، وقبل صعوده أمر أن "يُكرَزَ باسمِهِ بالتَّوْبَةِ ومَغفِرَةِ الخطايا لجميعِ الأُمَمِ، مُبتَدأً مِنْ أورُشَليمَ" (لو24: 47).

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
ومن أهمية التوبة فقد عاشها الآباء القديسين طوال حياتهم، وتغنوا ببعض الأقوال التي تعبّر عن ما عاشوه وتمتعوا به فنجد:
*مار اسحق يقول: "في كل وقت من هذه الأربع والعشرين ساعة من اليوم نحن محتاجون إلى التوبة". "كل يوم لا تجلس فيه ساعة بينك وبين نفسك, وتفتكر بأي الأشياء أخطأت, وبأي أمر سقطت وتقوم ذاتك فيه لا تحسبه من عدد أيام حياتك".
*القديس باسيليوس الكبير يقول: "جيد ألا تخطيء، وإن أخطأت فجيد ألا تؤخر التوبة.. وإن تُبت فجيد ألا تعود إلى الخطية.. وإن لم تعد فجيد أن تعرف أن هذا بمعونة من الله.. وإن عرفت فجيد أن تشكره على ما أنت عليه".
فدعوة الله بالتوبة لكل واحد منّا تحمل مشاعر الإشفاق والحنان على أولاده.. فهو يريد كل مَنْ ضلّ عنه أن يرجع إليه ليكون له نصيب في الملكوت وفي ميراث القديسين، وفي شركة الكنيسة الجامعة.
فالسلوك الخاطئ يمنع شركتنا مع الله وشركتنا أيضًا بعضنا مع بعض.. "ولكن إنْ سلكنا في النّورِ كما هو في النّورِ، فلنا شَرِكَةٌ بَعضِنا مع بَعضٍ، ودَمُ يَسوعَ المَسيحِ ابنِهِ يُطَهرُنا مِنْ كُل خَطيَّةٍ" (1يو1: 7).
فالله لا يخرج إلى خارج مَنْ يقبل إليه.."كُلُّ ما يُعطيني الآبُ فإلَيَّ يُقبِلُ، ومَنْ يُقبِلْ إلَيَّ لا أُخرِجهُ خارِجًا" (يو6: 37). لكن الأكثر من ذلك أن الرب هو الذي يقف على الباب ويقرع بدون ملل منتظرًا مَنْ يفتح له.."هأنذا واقِفٌ علَى البابِ وأقرَعُ. إنْ سمِعَ أحَدٌ صوتي وفَتَحَ البابَ، أدخُلُ إليهِ وأتَعَشَّى معهُ وهو مَعي" (رؤ3: 20). فإذا كان بنفسه يعمل ذلك فبالأحرى هو يفتح لمَنْ يقرع أبواب رحمته الإلهية.
فمراحم الله هي أقوى من كل دنس الخطية
قال أحد الآباء: "إن أبشع الخطايا وأكثرها -بالنسبة إلى مراحم الرب- هي بمثابة قطعة طين قد ألقيت في المحيط.. فهذه القطعة لا تعكر المحيط، بل يأخذها ويفترشها في أعماقه, ويقدم لك ماءً رائقًا".
قبول الله للتوبة إنما يكشف ويعبّر عن أعماق محبته الإلهية للبشرية
لذلك لا تيأس..
لأن حرب اليأس قد يتعرّض لها البعض ويتعب منها الكثيرين.. لا تقل إنني يئست ولا فائدة مني.. فالشيطان يريدك أن تيأس من التوبة سواء من إمكانياتها أو من قبول الله لها، حتى تشعر من داخلك أنه لا فائدة من التوبة بتكرار الخطية، وبالتالي لا فائدة من الجهاد ضد الخطية.. فتستسلم للخطية وتستمر فيها فتهلك نفسك.
فلا تنصت للشيطان في أي شيء يقوله لك، وكلما حاربتك الأفكار الشيطانيةباليأس يكون ردّك الواضح عليها بما قاله ميخا النبي:"لا تشمَتي بي يا عَدوَّتي، إذا سقَطتُ أقومُ. إذا جَلستُ في الظُّلمَةِ فالرَّبُّ نورٌ لي" (مي7: 8).
فاليأس من التوبة هو أكثر خطورة على الإنسان من السقوط في الخطية نفسها. فهذا اليأس هو الذي أدى بيهوذا إلى أن شنق نفسه ومات هالكًا.
وأكثر من ذلك قد يؤدى اليأس إلى أن الإنسان يندمج في الخطية أكثر وأكثر، حتى تتكبل رجليه بسلاسل الخطية الحديدية، وينغمس فيها، ويمارسها بشراهة وشراسة، لأن الشيطان يغرس في فكره أنه لا أمل في الإقلاع عن هذه الخطية.. فيندرج الإنسان من سيء إلى أسوا، ويبتعد عن أب اعترافه قائلًا لنفسه: لماذا أذهب للاعتراف وأنا أفعل الخطية كثيرًا وأمارسها وأكررها أكثر وأكثر، عندما أتوب سأذهب لأب اعترافي. وهذا يكون هروب من المواجهة، وذلك لأنه لا يستطيع أن يسمع كلام توبيخ أو توجيه. فالإنسان قد يصل إلى مرحلة التلذذ بالخطية بسبب حرب اليأس التي وقع فيها.

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
فيا أخي الحبيب وأختي المباركة.. إن كنت قد يئست من نفسك فالله الحنون الذي لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا.. لم ييأس من خلاصك.
لقد خلّص القديسة بائيسة, ومريم القبطية، وأغسطينوس، وموسى الأسود.. وأصبح لقبهم بعد ذلك "القديسة" و"القديس"، وتحولت حياتهم إلى شموع مضيئة للكل نطلب صلواتهم وشفاعتهم.
فأنت لست أصعب من هؤلاء.. بل الله قادر على كل شيء.. وقادر أن يخلصك أنت أيضًا طالما أنت تريد ذلك.
فالقديس أغطسينوس يقول: "الله الذي خلقك بدونك لا يستطيع أن يخلصك بدونك". فلازم عليك أن تشترك مع الله في خلاص نفسك في أن تقدم توبة، وتوبة نقية من كل القلب.
أصرخ إلى إلهك مع بداية العام الجديد وقل مع ارميا النبي.."توّبني فأتوبَ، لأنَّكَ أنتَ الرَّبُّ إلهي" (إر31: 8).. فإن كنت أنت عاجز عن أن تقيم نفسك من سقطة الخطية.. فالله قادر أن يقيمك منها.. فهو "عاضِدٌ كُلَّ السّاقِطينَ، ومُقَوّمٌ كُلَّ المُنحَنينَ" (مز145: 14)، وكما نقول في أوشية المرضى: "رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين".
تمثل بالجريح الذي كان ملقى على الطريق، لا يستطيع أن يقوم، وجاء إليه الرجل السامري فأقامه وضمد له جروحه.. (لو10: 30-37).
فتعالوا بنا نصرخ لإلهنا ونقول:
"اجعلنا يا رب أن نبدأ بدءًا حسنًا..
وامسك بيميننا في بداية هذا العالم..
واترك هذه الشجرة هذه السنة أيضًا لكي تثمر بروحك القدوس.
ولإلهنا كل المجد والإكرام من الآن والى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 06 - 2014, 03:04 PM   رقم المشاركة : ( 17 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,463

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

ما بين الروح والجسد


الكثير منَّا يكون اهتمامه الأول وشغله الشاغل هو (الجسد)، وكل متطلباته واحتياجاته.. يغذي الجسد ويربيه، ويهتم به، ويهتم بالحالة الصحية، والمظهر العام... وغيره.
وفي وسط المشغولية ننسي الروح..
تبدأ المعادلة العكسية في الوضوح..
الجسد يقوى ويقوى.. والروح تضعف وتضعف.
الجسد يزدهر والروح تذبل.
الجسد يكون صحيحًا.. والروح تصبح مريضة..
ويصبح كل اهتمامنا بالجسد وتُهمَل الروح نهائيًا.
في حين أننا نجد مُعلِّمنا بولس الرسول يتكلم كلامًا صريحًا عن الروح والجسد فيقول:
*"فإنَّكُمْ إنَّما دُعيتُمْ للحُريَّةِ أيُّها الإخوَةُ. غَيرَ أنَّهُ لا تُصَيروا الحُريَّةَ فُرصَةً للجَسَدِ، بل بالمَحَبَّةِ اخدِموا بَعضُكُمْ بَعضًا" (غل5: 13).
*ثم يقول أيضًا: "وإنَّما أقولُ: اسلُكوا بالرّوحِ فلا تُكَملوا شَهوةَ الجَسَدِ. لأنَّ الجَسَدَ يَشتَهي ضِدَّ الرّوحِ والرّوحُ ضِدَّ الجَسَدِ، وهذانِ يُقاوِمُ أحَدُهُما الآخَرَ، حتَّى تفعَلونَ ما لا تُريدونَ" (غل5: 16-17).
دائمًا الجسد يشتهي ضد الروح.. خذوا مثلًا:
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
الصوم

حينما يأتي علينا وقت الصوم.. نجد الجسد يشتكي باستمرار.. وإذا كنَّا لم نستطيع أن نلّجمه من قبل.. يشتكي ويعترض على الصوم.. ويبدأ الجسد بأعراض الضعف والهزل وعدم التركيز!! وذلك لأنه لا يريد أن يصوم.. لا يريد أي ممارسات روحية.. يهمه الأكل الكثير.. فهو في صراع مع الروح.. يريد أن يقوى على الروح لأنه إذا قويت الروح فسوف تقوده وهو لا يريد ذلك.
نجد الإنسان يعترض على الصوم ويقول إن أصوامنا كثيرة جدًا.. هذه الأصوام سوف تضعف جسدنا.. سوف لا يقدر على تأدية رسالته.. أنا محتاج أن يكون جسدي قوي لكي أستطيع أن أحيا وأتحرك وأمارس كل متطلبات الحياة.
هذه هي النظرة البشرية العادية التي تشفق على الجسد!!
ولكن الإنسان الذي يسلك حسب الروح لا يهمه الجسد.. هذا الجسد هو صورة لكي نعيش بها فترة على الأرض، وهذه الفترة يكون هدفنا هو نمو الروح، لكي نصل للعِشرة مع الله، ونعمل أعمال تزكيتنا للملكوت.. وليس أن يصبح بالنسبة لنا معطل أساسي للروح وللحياة الروحية كلها.
إذا اهتممنا بالجسد بطريقة زائدة عن المطلوب.. فسوف تضعف الروح، ونصبح أناسًا جسدانيين لا روح لهم.. فمُعلِّمنا بولس الرسول تيقظ لهذه النقطة وقال:

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
*"أقمَعُ جَسَدي وأستَعبِدُهُ، حتَّى بَعدَ ما كرَزتُ للآخَرينَ لا أصيرُ أنا نَفسي مَرفوضًا" (1كو9: 27).
وعاد وقال لنا أيضًا في رسالة غلاطية:
*"وأعمالُ الجَسَدِ ظاهِرَةٌ، التي هي: زِنىً، عَهارَةٌ، نَجاسَةٌ، دَعارَةٌ، عِبادَةُ الأوثانِ، سِحرٌ، عَداوَةٌ، خِصامٌ، غَيرَةٌ، سخَطٌ، تحَزُّبٌ، شِقاقٌ، بدعَةٌ، حَسَدٌ، قَتلٌ، سُكرٌ، بَطَرٌ، وأمثالُ هذِهِ التي أسبِقُ فأقولُ لكُمْ عنها كما سبَقتُ فقُلتُ أيضًا: إنَّ الذينَ يَفعَلونَ مِثلَ هذِهِ لا يَرِثونَ ملكوتَ اللهِ" (غل5: 19-21).
نلاحظ أن مُعلِّمنا بولس الرسول ذكر لنا ستة عشر عمل (خطية) من أعمال الجسد..
وقال: "وأمثال هذه".. أي أن أعمال مسيئة للجسد أخرى يعملها الجسد.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
من منَّا مستيقظ لهذه الخطايا؟

وهل كل منَّا يحرص أن تكون روحه هي التي تقود جسده..
أم العكس؟
إذا كان العكس.. فسوف نجني ثمرة مُرّة.. وهي أعمال الجسد هذه التي سوف تبعدنا عن الله وعن العِشرة معه لأنه (لا يجتمع النور مع الظلمة).
إن تقييمنا للروح هو الذي يُحدد طريقنا في الحياة.. "لأنَّ الجَسَدَ يَشتَهي ضِدَّ الرّوحِ والرّوحُ ضِدَّ الجَسَدِ، وهذانِ يُقاوِمُ أحَدُهُما الآخَرَ" (غل5: 17)
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
من منَّا يريد أن يحيا في سلاسل الجسد وظلمة الحياة،

ولا يريد أن يسلك في النور؟

نحن كلنا نتفق في مبدأ أن: "إذا قوي الجسد ضعفت الروح".. فماذا يكون اهتمامنا بالجسد؟ هو الاهتمام الأول (كيف يأكل.. كيف يشرب.. كيف يعالج.. كيف يلبس....)، نوفي له كل رغباته، وكأنه شخص آخر يقف أمامنا،ودائمًا يطالب بجميع حقوقه ونحن لا نملك إلاَّ أن نقول في كل طلب: "حاضر سوف أوفيك إياه.. إنني لا أستطيع أن أمنع عنك أي طلب تطلبه".
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
إذا وصلنا إلى هذه المرحلة..

فسوف نحيا كجسديين وليس كروحين.

تعالوا بنا نسمع مُعلِّمنا بولس الرسول وهو يقول لنا:
*"اسلُكوا بالرّوحِ فلا تُكَمّلوا شَهوةَ الجَسَدِ" (غل5: 16).
*"ولكن الذينَ هُم للمَسيحِ قد صَلَبوا الجَسَدَ مع الأهواءِ والشَّهَواتِ" (غل5: 24).
*"إنْ كُنّا نَعيشُ بالرّوحِ، فلنَسلُكْ أيضًا بحَسَبِ الرّوحِ" (غل5: 25).
*"لأنَّ مَنْ يَزرَعُ لجَسَدِهِ فمِنَ الجَسَدِ يَحصُدُ فسادًا، ومَنْ يَزرَعُ للرّوحِ فمِنَ الرّوحِ يَحصُدُ حياةً أبديَّةً" (غل 6: 8).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
هيا بنا نراجع أنفسنا جميعًا..

*مَنْ الذي يغلب علينا: الروح أم الجسد؟!
*كيف نحيا حياتنا الحالية على الأرض؟
*هل نعيش حسب الروح أم حسب الجسد؟
ليتنا جميعًا نسلك بالروح فلا نكمل شهوة الجسد.. نعيش في حياة روحية.. نتمتع بالسيد المسيح.. نمارس الممارسات الروحية عن حب وليس عن تغصب.. يصبح فكرنا روحي وليس جسدي.. ولا يتحول خوفنا على جسدنا أن يأتي وقت يقف الجسد ومتطلباته ضد الروح ويعطلها.. إلى أن نصل إلى أن نهمل الروح ويقوى الجسد بكل ممارسة الخاطئة.
ربنا يعطينا جميعًا أن نحيا حسب الروح وليس حسب الجسد..
ولإلهنا كل المجد والإكرام في كنيسته المقدسة..
من الآن وإلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 06 - 2014, 03:06 PM   رقم المشاركة : ( 18 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,463

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

ما معنى التجسد؟

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

"عظيمٌ هو سِرُّ التَّقوَى: اللهُ ظَهَرَ في الجَسَدِ" (1تي3: 16)

التجسد الإلهي:

* يعني أن الله وهو ملك السموات والأرض قد تنازل وأخذ جسدًا إنسانيًا، فاتحد بطبيعتنا، وظهر بيننا على الأرض.

* وأن الله الغير منظور قد صار منظورًا في جسد الإنسان.

* وأن الله قد تواضع حبًا فينا، وأخلى ذاته وأخذ جسدنا.

- "أخلَى نَفسَهُ، آخِذًا صورَةَ عَبدٍ، صائرًا في شِبهِ الناسِ" (في2: 7).

- "والكلِمَةُ صارَ جَسَدًا وحَلَّ بَينَنا" (يو1: 14).

الله الكلمة

* الله الكلمة "أقنوم الابن" صار إنسانًا وحلّ بيننا.. وكلمة (صار) لا تعني هنا الصيرورة أو التحول.. بل هي تعني حرفيًا (أخذ جسدًا).

* فأقنوم الابن "الله الكلمة" أزلي لا يتغير ولا يتحول بل هو ثابت.. وكل ما حدث هو أنه أخذ جسدًا ليحل بيننا بصورة حسية، فنسمعه ونراه.. ولذا يقول مُعلِّمنا يوحنا الرسول: "الذي سمِعناهُ، الذي رأيناهُ بعُيونِنا، الذي شاهَدناهُ، ولَمَسَتهُ أيدينا" (1يو1: 1).

* أقنوم الابن لم يتجسد فقط ولكنه تجسد وتأنس، وهذا يعني أنه تجسد في جسد إنساني وأخذ الطبيعة الإنسانية كلها.

* التجسد الإلهي لا يعني أن الله قد أخلى السماء من وجوده حين نزل على الأرض، فوجوده يملأ السموات والأرض.. وإنما أخلى ذاته من المجد.

هذا الأمر دخل في دائرة قدرة الله وليس فيه صعوبة أو غرابة، لأن الذي يملك الكل يملك الجزء، والذي يملك الأكثر يملك الأقل.

أليس في قدرة الملك أن يلبس رداء العمال ويجلس بينهم ويتحدث إليهم!!

أليس في قدرة المدرس أن ينزل إلى مستوى التلاميذ ويتحدث إليهم!!

أليس في إمكان الرجل الرفيع الشأن أن يتنازل ويسير بين عامة الناس!!

ولذلك نطرح سؤالًا هامًا ونقول..


هل من قدرة الله أن يتجسد أم ليس في قدرته؟

فإذا قلنا إن الله ليس في قدرته أن يتجسد فإننا ننسب إليه الضعف.. إذ هو لا يستطيع أن يتجسد.

فممكن أن يقول البعض إن التجسد هو ضعف لا يليق بالله، ولكنه هذا ليس من الحق في شيء.. فإن التجسد هو عمل من أعمال القوة وليس عملًا من أعمال الضعف، وهو داخل في قدرة الله اللانهائية وغير المحدودة.

التجسد معناه: شيء كان موجود غير محسوس (لا مرئي)، وليس له كيان جسدي، وبعد ذلك أخذ جسدًا.

مثل "فكرة" في الذهن.. "غير محسوسة وغير مرئية"، ثم أفكر فيها كثيرًا، فتتحول إلى فكرة محسوسة في صورة (ماكيت، شعر، مقالة....) وبذلك تأخذ كيان محسوس.


الله كائن منذ الأزل

* الله كائن منذ الأزل ويملأ الوجود ولكن ليس له جسد، . في ملء الزمان أخذ جسدًا لكي نراه بعيوننا.. فإذا كان لم يأخذ جسدًا كنا لا نراه ولا نتكلم معه ولا نحسه.

* الوحيد الذي تجسد هو السيد المسيح.. لأنه هو الوحيد الذي كان موجودًا قبل ميلاده وليس عنده جسد. وهذا ما يفسر لماذا وُلد من غير أب..

لماذا وُلد من غير أب؟

* لأنه كان موجودًا قبل كل الدهور ولكن ليس له جسدًا.. الأب يعطي الوجود والأم تعطي الجسد، أي كائن حي موجود على الأرض أيًا كان.. حيوان أو إنسان أو نبات.. يحتاج إلى أب وأم.. النبات: "البذرة" (الأب)، "الأرض" (الآم).

ليس له جسد

* الوحيد الذي كان موجودًا وليس له جسد هو الله.. لذلك احتاج أُمًا تعطي له جسدًا، ولكنه كان لا يحتاج إلى أب لأنه كان موجود.. (الأب يعطي الكيان "البذرة" بالنانو جرام، والأم تعطي الجسد).

* كان ممكن أن السيد المسيح يحضر له جسدًا من السماء ولا يحتاج لهذا الجسد.

* كان ممكن ولكنه لو حدث ذلك لأصبح من طبيعة أخرى غير طبيعتنا البشرية، وكان لا يستطيع أن يخلصنا على الصليب لأنه ليس ابن الإنسان.

فالفداء يحدث عن طريق الإنسان..

ليفدي الإنسان الذي أخطأ..

فيلزم نفس الطبيعة.

ربنا يبارك حياتكم ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 06 - 2014, 03:07 PM   رقم المشاركة : ( 19 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,463

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

لماذا التجسد؟


لم يكن تجسد ابن الله هدفًا في ذاته بل كان وسيلة لتحقيق أهداف عظمى وهي:
فداء الإنسان
إذ بذل أقنوم الابن جسده فداءً عن الإنسان الساقط.
تجديد خلقة الإنسان
إذ جاء ابن الله الكلمة المتجسد ليتحد بطبيعتنا الساقطة، ويُقيمها من ضعفها ويجددها.. بل ويُعيد خلقتها لتصير طبيعة مُقدسة.
تعليم الإنسان الفضيلة والكمال،
وتقديم المثل الأعلى
إذ أتى أقنوم الابن وعلّم الإنسان الفضيلة والكمال، ليس بكلامه فقط بل بشخصيته أيضًا، فعاش كاملًا، مُقدمًا مَثلًا وقدوة يسير عليها المؤمنون.
لأن الله غير قابل للموت بلاهوته..
أخذ جسدًا قابلًا للموت،
فيه ذاق الموت من أجل الجميع.
"يا من ذاق الموت بالجسد في وقت الساعة التاسعة من أجلنا نحن الخطاة" (قطع الساعة التاسعة).
إذًا لابد من التجسد لكي يتم الخلاص وفداء الإنسان.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
لماذا يفدينا؟

*خلق الله الإنسان على صورته ومثاله.. "وقالَ اللهُ: "نَعمَلُ الإنسانَ علَى صورَتِنا كشَبَهِنا، فيَتَسَلَّطونَ علَى سمَكِ البحرِ وعلَى طَيرِ السماءِ وعلَى البَهائمِ، وعلَى كُل الأرضِ، وعلَى جميعِ الدَّبّاباتِ التي تدِبُّ علَى الأرضِ" (تك1: 26).
*وبدأ الله يفكر في هذا المخلوق الذي يريد أن يعمله على صورته وشبهه.."وجَبَلَ الرَّبُّ الإلهُ آدَمَ تُرابًا مِنَ الأرضِ، ونَفَخَ في أنفِهِ نَسَمَةَ حياةٍ. فصارَ آدَمُ نَفسًا حَيَّةً" (تك2: 7). بهذه النفخة التي نفخها الله لتعطي الحياة للإنسان.. طبع الله صورته فينا، وسكن فينا بروحه الذي يحبنا ويجعلنا ننمو كل يوم في القداسة على صورة الله.

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
*"ليس جَيدًا أنْ يكونَ آدَمُ وحدَهُ، فأصنَعَ لهُ مُعينًا نَظيرَهُ" (تك2: 18).. استيقظ آدم فوجد حواء بجانبه وشعر بمحبة عظيمة نحوها.
*"هذِهِ الآنَ عَظمٌ مِنْ عِظامي ولَحمٌ مِنْ لَحمي" (تك2: 23).. أعطى الله آدم السلطان على كل الخليقة.. ثم سقط آدم بمخالفته الوصية.
آدم أيها المحبوب..
إنك مخلوق من تراب،
وكان يمكن أن تظل تربًا،
لكنني أردت أن أخلقك لأمتعك بالوجود معي.
لقد خلقت الحيوانات يا آدم بلا عقل أو حرية،
ولكنني أحبك لذلك أعطيتك من عقلي ومن حريتي ومن إرادتي،
لأني خلقتك رجلًا محبوبًا.
*بعد سقوط آدم وحواء.. صنع لهم الله أقمصة من الجلد "ذبح حيوان" "الدم".. فكرة الذبيحة النائبة عن المخطئ وضعت من ذلك الوقت.
*فكر الله في خلاص الإنسان الذي أخطأ وطُرد من الجنة.. كيف ومتى.. لقد أخذ العدل الإلهي مجراه، فطُرد آدم من حضرة الله القدوس، وسرى عليه حكم الموت الأبدي.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
ما هو قدر خطية آدم؟

إنها غير محدودة.
لماذا؟
لأن الخطية تقدر بشخصية المخطئ إليه.
فمثلًا:
*لو أخطأ إنسان في حق ابنه، يكون الخطأ بسيطًا فيمكن إصلاحه بالاعتزاز.
*بينما نفس الخطأ لو حدث مع صديق فيكون الصلح أصعب.
*ولو حدث مع الرئيس في العمل يكون أصعب وأصعب وقد يحتاج تدخل الآخرين.
*ولكن ما رأيك لو حدث نفس الخطأ مع رئيس الدولة؟ بلا شك ستكون هذه الإهانة موجهة للدولة ككل،وقد يقع مرتكب هذا الخطأ تحت حكم السجن مدى الحياة.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
هنا نتأمل خطية أبونا آدم..

كم هي معقدة وغير محدودة!! لأنها موجهة ضد الله الغير محدود. هذه الخطية توارثها جميع أبناء آدم ولم يفلت منها أحد.
وبما أن خطية آدم وجهت لله الغير محدود، أصبحت خطية غير محدودة.. لذلك وجب أن الذي يفي العدل الإلهي ويخلص آدم يكون كائن غير محدود.
ولأن الخطية التي وجهت لله كان المخطئ فيها إنسان له جسد.. أصبح الذي يفي عدل الله لابد أن يكون له جسد.
ولأن الإنسان بطبيعته التي أفسدها أصبح طبيعة خاطئة يحمل الخطية في كل شيء، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه.. فكيف يفي الإنسان الخاطئ أو يفدي الإنسان الخاطئ إنسانًا آخر خاطئ مثله؟
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
فلابد الذي يفديه يكون بلا خطية.

لذا وجب شروط للفادي الذي يفدى الإنسان:
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
شروط الفادي

*كائن ذو طبيعة بشرية... له جسد.
*كائن غير محدود.
*بلا خطية.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
مَنْ يفدي آدم؟

*رئيس ملائكة!!
*نبي أو رئيس أنبياء!!
*إنسان!!
اللاهوت لا يموت..
لذلك لازم يأخذ جسد قابل للموت..
لذلك وجب تجسد الابن الوحيد.
لذلك لزم أن يكون كائنًا غير محدود بلا خطية، ذو طبيعة بشرية وطبيعة قابلة للموت.
مَنْ هذا الكائن غير..
الإله المتجسد.. السيد المسيح!
لذلك وجب نزول الأقنوم الثاني، وحلوله في بطن السيدة العذراء، وتكوين جسد له بحلول الروح القدس فى بطنها، وخروجه من بطنها..
إلهًا متجسدًا..
إلهًا آخذًا صورة إنسان.
ربنا يبارك حياتكم ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 06 - 2014, 03:09 PM   رقم المشاركة : ( 20 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,463

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

كيف حدث التجسد؟

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي


e الله بنفسه (اللوغوس) دخل في أحشاء السيدة العذراء..
e ونقى لنفسه من لحمها وأنسجتها..
e وكوّن لنفسه جسدًا كاملاً..
e وأخذ ينمو نموًا كاملاً تسعة أشهر حتى وُلد ولادة جسدية عادية..
e وأخذ يعيش على الأرض كإنسان حقيقي، وينمو نموًا بشريًا حقيقيًا كإنسان حقيقي وليس تمثيل.

كان إنسانًا..


ولكنه كان يحمل في داخله جوهر اللاهوت.


السيد المسيح هو الوحيد


الذي اختار والدته واختار لنفسه جسده.

"تطلع الآب من السماء فلم يجد مَنْ يشبهك أرسل وحيده أتى وتجسد منكِ" (ثيؤطوكية الأربعاء).
العذراء مريم هي أحسن البنات، ودخل فيها، واختار منها أحسن الصفات الموجودة فيها.. لذلك وُلد.. أبرع جمالاً من بني البشر.

وهذا الجسد أيضًا بلا خطية لأن لا يوجد خطية دخلت للسيدة العذراء عن طريق الزواج كما يحدث مع الجميع.. لذلك قطع هذه القصة.. الخطية.. ووُلد من العذراء بغير زرع بشر.

ولماذا أخذ جسدًا بلا عيب؟


(أي بدون عيوب خلقية)

لأنه لا ينفع أن يكون ذبيحة وبها عيب.. فالذبيحة بلا عيب جسدي.. لا يوجد عند السيد المسيح أي عيوب خلقية.. صفاته الجسدية كانت كلها نموذجية.
"أبرَعُ جَمالاً مِنْ بَني البَشَرِ" (مز45: 2).. السيد المسيح بارك كل مراحل الحياة.. من أول الزيجوت حتى الرجل الكامل.

بركات التجسد

1. الخلاص (الفداء):
لولا أن الله تجسد لم يكن الإنسان قد خلص.. لأن الخلاص بالموت "موت المسيح من أجلنا". عندما جاء الله للأرض جاء ليخلصنا.

2. بارك طبيعتنا البشرية:
"باركت طبيعتي فيك".. نشكر الله أنه لم يتجسد في شكل خروف أو أي حيوان أو ملاك أو نجمة أو غير ذلك.. باتخاذه جسد بشري (إنسان) بارك طبيعة الإنسان فيه، وأعطى كرامة فائقة للجنس البشري.. العذراء مريم ليست غريبة عن البشر.

3. تقديس الحياة اليومية:
بارك كل مراحل الحياة (أكل، شرب، نوم، استيقاظ، تأمل، عمل أيام روحية......) قدّس كل مراحل الحياة التي نعيشها.

4. تقديس الجسد:
أعطى كرامة فائقة للجسد.. "أما تعلَمونَ أنَّكُمْ هيكلُ اللهِ، وروحُ اللهِ يَسكُنُ فيكُم؟" (1كو3: 16). أصبح الجسد له كرامة فائقة بعد تجسد السيد المسيح، كما يحدث مع القديسين.. يخرج من الجسد أنوار، ويخرج منه قوة شفاء حتى بعد موته.
5. شركة الحياة الأبدية:
فتح لنا باب السماء وأعطى للروح كرامة في السماء.. لذلك تصعد الروح للسماء بعد موت الإنسان.

ولأن السيد المسيح بعد موته دخل السماء فاتحًا الباب المغلق.. الملاك ذو السيف الملتهب نار "اِرفَعنَ أيَّتُها الأرتاجُ رؤوسَكُنَّ، وارتَفِعنَ أيَّتُها الأبوابُ الدَّهريّاتُ، فيَدخُلَ مَلِكُ المَجدِ" (مز24: 17).. دخل الإنسان مع السيد المسيح وأصبح باب السماء مفتوح أمامنا.
6. نعمة الإفخارستيا:
أعطانا جسده ودمه في سر الإفخارستيا.. فلو لم يتجسد لم يكن أعطانا جسده نأكله ودمه نشربه.

7. التبني لله الآب:
أصبحنا أبناء الله الآب... بالتبني.

8. معرفة الثالوث:
أوضح لنا الثالوث القدوس بتجسده في المعمودية... وفي التجلي... عرفنا الثالوث القدوس بالفعل في تجسد الابن الوحيد.

  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
بعض مقالات الراهب القمص بطرس البراموسي
كتاب مازال ينزف - الراهب القس سارافيم البراموسى
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي
كتاب نحو الهدف - الراهب القس بطرس البراموسي
مفهوم الصوم الراهب القس بطرس البراموسي


الساعة الآن 02:45 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024