ما هو المراد بقولنا أن معرفة الله ممكنة؟
معرفة المراد بهذه العبارة ، أمر واجب ، ولذلك نقول ، على سبيل السلب ، أنه ليس المراد بها
أننا نقدر أن نعرف الله معرفة تامة ، لأنه غير محدود وأزلي ، ونحن لا نقدر أن نستقصي معرفة غير المحدود ، وغير المتناهي
1
ولا أننا نقدر أن ندرك صفاته وأعماله إدراكاً تاماً ( لأن إدراك أمر ما إدراكاً تاماً هو بمثابة معرفة حقيقته ونسبته إلى ما سواه ، فنعرف مثلاً قوة النمو مما نراه من نتيجتها ، ولكن لا نعرف حقيقتها
2
ولا كيفية فعلها). والله هو فوق إدراكنا ، وإلى نهاية القدير لا نقدر أن نتنتهي ( أيوب 11 : 7 )
وعلى سبيل الإيجاب نقول أن معرفتنا بالله جزئية وناقصة . أي لا نعرف كل ما في الله ، وما نعرفه إنما نعرفه بعض المعرفة ، فنعرف أنه تعالى يعلم كل شئ ، ويعمل دائماً دون أن نفهم كيفية علمه وعمله ، ونعرف أنه ذو مشاعر ، أي يحب ويترأف ويرحم ويبغض الخطية . ولكن حقيقة مشاعره تعالى مستترة عنا كأفكاره ومقاصده ، فكيف نعرف طبيعته تماماً ، ونحن لا نعرف إلا قليلاً عن طبيعتنا وعن كيفية علاقة النفس بالجسد ، وتأثير كل منهما على الآخر . على أنه في الحالتين ، لا يقدر أحد أن ينكر هذه المعرفة ، وإن كانت جزئية وناقصة