اساسيات الايمان المسيحي
ايماننا المسيحي مبني على اساسيات متينة وهي:-
أولاً: الله ووجوده
هل الله موجود؟ هذا السؤال حير وما زال يحير الكثيرين، حتى الفلاسفة والمفكرين قال بعضهم أن الكون أوجد نفسه، والبعض الآخر قال أن المادة هي أصل الوجود، ولكن الغالبية منهم تقول: لا يمكننا أن ننكر أنه يوجد خالق عظيم لهذا الكون، يمكن أن نسميه القوة العظمى ( حسب زعمهم )، وقالوا عنه إنه كائن أعلى لا حدود لقدراته وعلمه، وهو أصل كل الوجود. والحقيقة أن الله موجود. ويخبرنا الكتاب المقدس " قال الجاهل في قلبه ليس إله" (مزمور1:14)
وهذه بعض الشهادات التي تشهد عن وجود الله:
1-شهادة الطبيعة:
يقول الكتاب المقدس " السماوات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه" (مزمور1:19) ، ويقول أيضاً "أموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته" (روميه20:1) وعندما سُـئل الفلكي الشهير لابلاس لماذا لم يذكر الله في أبحاثه العظيمة في الفلك قال: لست في حاجة لأن أذكر هذا، فالله خلف كل ظاهرة في الكون والطبيعة والحياة.
2- شهادة التاريخ:
قال المؤرخ كروميل: ليس التاريخ إلا يد الله في إقامة الممالك وإسقاطها، هكذا قال دانيآل "ليكن اسم الله مباركا من الأزل وإلى الأبد لأن له الحكمة والجبروت وهو يغير الأوقات والأزمنة يعزل ملوكا وينصب ملوكا" (دانيال 20:2-21) انظر كيف أن يد الله تغير الممالك (دانيال7:2) ، وزوال بعض المدن وعدم بنائها من جديد (إشعياء13: 19-21) (حزقيال26).
3- شهادة العلم:
قال بعض الملحدين إن ازدياد العلم سيهز إيمان البشر بالله، ولكن لم تكن أقوالهم سوى "مخالفات العلم الكاذب الاسم" (1تيموثاوس20:6) أما الواقع فإن العلم لا يتعارض أبداً مع الإيمان بالله، فقد قال عمانوئيل كنت: من المحال أن تتأمل في صنع هذا العالم دون أن ترى يد الله العظيمة، وقال لورد كلفن وهو من أبرع العلماء المحدثين في محاضرة له عام 1903 أن العلم يؤكد عن يقين وجود الله الخالق فنحن لا نحيا ونتحرك ونوجد بالمادة الميتة.
4- شهادة الوجدان:
ينفرد الإنسان دون المخلوقات بالشعور الداخلي القوي الذي يدعوه إلى التدين. قال بلوتارك قديما: تجول في كل العالم فقد تجد مدن دون عملات أو مسارح أو مدارس لكن لن ترى مدينة دون مكان أو هيكل للعبادة، قال الجامعة "جعل الأبدية في قلبهم التي بلاها لا يدرك الإنسان العمل الذي يعمله الله من البداية إلى النهاية" (جامعه 11:3) .
5- شهادة الظهورات:
كان الله أو ملاك الرب يظهر بصورة متكررة في العهد القديم لفرد أو مجموعة أو كل الشعب. فمن ظهوره لأخنوخ وإبراهيم وأيوب وإسحاق ويعقوب وموسى ويشوع وجدعون ومنوح وداود وسليمان وإرميا وإشعياء -وهم قديسين- إلى ظهوره لفرعون وأبيمالك وبلعام ونبوخذنصر -وهم من الأمم- والحديث المباشر معهم الذي دُون في الكتاب المقدس. فمن المستحيل أن يكون كل هؤلاء مصابون بأوهام أو هواجس أو خيالات … إنه الله الذي "..كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة" (عبرانيين1:1) .
6- شهادة التجسد:
قال المسيح " قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (يوحنا 58:8) ، وهكذا شهد توما: "ربي وإلهي" (يوحنا 28:20) ، شهد الوحي: "الله ظهر في الجسد" (1تيموثاوس16:3) ، (فيلبي 5:2-7) التجسد دليل على وجود الله ثم ظهوره في الجسد.
7- شهادة الكتاب المقدس:
الكتاب المقدس المُوحى به من الله هو أنفاس الله (2تيموثاوس16:3) ، وكُتب بالروح القدس (2بطرس19:1-21) ، وأول آية في الكتاب المقدس تشهد عن الله "في البدء خلق الله السموات والأرض" (تكوين1:1) . فالكتاب المقدس هو أقوال الله ويشهد عن وجوده.
8- شهادة الاختبار الشخصي:
إني شخصياً أشهد بعمل نعمة الله وألمسه في حياتي وأراه بالإيمان ويشاركني في الاختبار نفسه ملايين من البشر عبر آلاف السنين فلا يمكن أن يكون كل هذا مجرد وهم.أقول مع يوحنا: "هو الرب" (يوحنا 7:21)
ثانياً : الله ووحـدانيته
إن كان يتعذر على عقولنا أن تفهم كل شيء عن الكون والخليقة، فكيف يمكننا أن نفهم الخالق "أإلى عمق الله تتصل أم إلى نهاية القدير تنتهي؟ هو أعلى من السماوات فماذا عساك أن تفعل أعمق من الهاوية فماذا تدري؟" (أيوب7:11-8) جاء في العهد القديم: "هوذا الله عظيم ولا نعرفه" (أيوب26:36) ، "القدير لا ندركه" (أيوب 23:37) ، وذكر عنه في العهد الجديد أنه "ساكناً في نور لا يدنى منه" (1تيموثاوس 16:6) .إذن لا مفر من أن الله -جل جلاله- يتنازل هو ويعلن عن نفسه ولقد أعلن الله أن [الله واحد] في الكتاب المقدس بعهديه، فأنا كمسيحي بكل تأكيد "موحد بالله" وأؤمن بالله الواحد.وهذه بعض الآيات: "الرب إلهنا رب واحد" (تثنيه 4:6) ، "لا إله غيري" (اشعياء 6:44) ، وفي العهد الجديد "بالحق قلت لأنه الله واحد وليس آخر سواه" (مرقس32:12) ، وأيضاً "أنت تؤمن أن الله واحد حسناً تفعل" (يعقوب 19:2) ، وهذه آيات أخرى تؤكد وحدانية الله في المسيحية: (تثنيه 39:4؛ 39:32) ، (إشعياء21:45؛ 9:46) ، (لوقا 19:18) ، (يوحنا 44:5) ، (روميه30:3) ، (1كورنثوس 4:8-6، 5:12-6) ، (غلاطيه 20:3) ، (أفسس5:4-6) ، (يهوذا 25).
ثالثاً : نوع وحدانية الله
نعم نؤمن أن الله واحد. ولكن ما هو نوع هذه الوحدانية؟ هل هي وحدانية مجردة أو مطلقة؟ لو كان هكذا سيظل السؤال الذي حير الفلاسفة دون إجابة وهو: ماذا كان يقول أو يفعل الله الأزلي قبل خلق الكون والملائكة والبشر إذ لم يكن سواه؟ هل كان يتكلم ويسمع ويحب أم كان في حالة صمت مطبق -حاشا لله جل جلاله-دون إظهار أي من صفاته وطبيعته قبل خلق الملائكة والبشر، فمع من كان يتكلم أو يسمع أو يحب أو يمارس صفاته أو طبيعته؟ أعلن الكتاب المقدس الحل الأوحد لهذه المعضلة وهي أن وحدانية الله ليست مجردة مطلقة بل هي وحدانية جامعة مانعة. جامعة لكل ما يلزم لها ومانعة لكل ما عداها. وبناء على هذه الوحدانية الجامعة المانعة فالله منذ الأزل وإلى الأبد هو كليم وسميع ومحب ومحبوب دون حاجة إلى شيء أو شخص لإظهار طبيعته وصفاته.
رابعاً: أقانيم اللاهوت
أعلن الكتاب المقدس أن الله الواحد مثلث الأقانيم. وكلمة أقنوم كلمة سريانية تدل على من له تميز عن سواه بغير انفصال وبهذا فإن الله المثلث الأقانيم كان يمارس صفاته وطبيعته منذ الأزل مع ذاته قبل الخلق .. وبالطبع هذا أسمى من العقل! ولكنه لا يتعارض مع العقل الذي يخضع لإعلان الله عن ذاته
.
خامساً : الله أعظم من عقل خلائقه
حقيقة وحدانية الله الجامعة للأقانيم الثلاثة والمانعة ما عداها حيرت ذهن القديس أغسطينوس، وبينما يسير على شاطئ البحر، وجد طفل يلعب بالرمال، ولما سأله القديس: ماذا تفعل؟ أجاب الطفل: إني أنقل ماء هذا البحر في هذه الحفرة التي حفرتها على الشاطئ بهذا الجردل. وكانت كلمات الطفل من أقوى ما أقنع القديس بأن الله أعظم من أن ندركه وننقله إلى عقولنا الصغيرة، بل علينا بالإيمان أن نصدق ما أعلنه الله عن ذاته. فالله لا يكون هو الله لو أدركناه بعقولنا المحدودة.
سادساً: الله الواحد والثالوث الأقدس
يظهر الكتاب المقدس أقانيم اللاهوت الثلاثة؛ فمثلا يسبح السرافيم الله قائلين "قدوس قدوس قدوس" (إشعياء3:6) فالآب قدوس (يوحنا 11:17) ، والابن قدوس (رؤيا 7:3) (لوقا35:1) ، والروح القدس قدوس (1تسالونيكي8:4) (أفسس13:1) ، ونلاحظ أنه في كثير من آيات الكتاب المقدس يرد ذكر الله بالجمع ليؤكد حقيقة الأقانيم الثلاثة في الله الواحد؛ مثلا: "في البدء خلق الله (إلوهيم، بالجمع في العبرية) السموات والأرض" (تكوين1:1) ، "اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد" (تثنيه4:6) ، (مرقس29:12) ، وواحد هنا في العبرية وحدانية جامعة، ففي العبرية كلمتان عن الوحدة:
الأولى: كلمة آخاد التي تستخدم في الوحدة المركبة مثل عنقود العنب وهي المستخدمة هنا.
والثانية : ياخيد وهي التي تدل على الوحدة البسيطة.
والجمع هنا ليس للتعظيم، فاللغة العبرية لا تعرف الجمع للتعظيم، مثلا: أنا فرعون (تكوين 44:41) أنا نبوخذنصر (دانيال 34:4) بالفرد. مثال آخر: قال الله "هوذا الإنسان قد صار كواحد منا" (تكوين 22:3) ، "هلم ننزل ونبلبل" (تكوين7:11) ، "سمعت صوت السيد الرب قائلا من أرسل (بالمفرد) ومن يذهب من أجلنا (الوحدانية الجامعة)" (اشعياء 8:6) ، "أما أنا فقد مسحت ملكي على صهيون (حديث الآب)" (مزمور 6:2) ، ويتحدث الابن "إني أخبر من جهة قضاء الرب قال لي أنت ابني أنا اليوم ولدتك" (مزمور2 :7-9) ، ونجد حديث الروح القدس "اعبدوا الرب بخوف" (مزمور2: 11-12) هنا الأقانيم الثلاثة. "منذ وجوده أنا هناك (الابن) والآن السيد الرب (الآب) أرسلني وروحه (الروح القدس)" (إشعياء 16:48) ، وفي المعمودية نرى الثلاثة أقانيم موجودة (مرقس 1 : 9-11)، وفي المعمودية المسيحية قال الرب "عمدوهم باسم (وليس بأسماء) الآب والابن والروح القدس" (متى 19:28) . ومثل هذا نجده كثيرا في (2كونثوس 14:13) ، (لوقا35:1) ، (يوحنا 14: 12-17)، (أعمال 29:4-31) ، (1كونثوس4:12-6) ، (أفسس4:4-6) ، (عبرانيين9:10-15) ، (يهوذا 20)، (رؤيا4:1-5) .
تذكر أن 1×1×1 = 1 وليس 1+1+1.
قال الرب يسوع "إني أنا في الآب والآب فيّ" (يوحنا 10:14) والروح القدس هو روح الآب (متى20:10) وروح الابن "ثم بما أنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً يا أبا الآبُ" (غلاطيه 6:4) ، وهذا معناه أنه في الآب والابن إذن 1×1×1. وإن كان لا يمكن تشبيه الله "فاحتفظوا جدا لأنفسكم فإنكم لم تروا صورة ما يوم كلمكم الرب... لئلا تفسدوا وتعملوا لأنفسكم تمثالا منحوتا ... ولئلا ترفع عينيك إلى السماء وتنظر الشمس والقمر والنجوم كل جند السماء ... فتغتر وتسجد لها وتعبدها .." (تثنيه 15:4-19) لكن "أموره غير المنظورة تُرى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية و لاهوته" (روميه 20:1)
لهذا فكثير من أوجه الحياة 3×1؛
فمجالات الحياة على الأرض ثلاثة: أرضية وجوية ومائية، وجوهر الأشياء: جماد أو نبات أو حيوان، والمادة: صلبة أو سائلة أو غازية، والزمن: ماضي وحاضر ومستقبل، والحيوان: رأس وبدن وذيل، والنبات: جذر وساق وفرع، والذرة: بروتونات ونيوترونات وإلكترونات، والأبعاد: طول وعرض وارتفاع، والكل في الواحد.
سابعاً : حقيقة التجسد
اتخذ أقنوم الابن الكلمة - من العذراء القديسة مريم - جسداً خالياً تماما من الخطية ليعلن لنا الله الذي لا يمكننا إدراكه بأنفسنا " الله لم يره أحد قط . الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر" (يوحنا 18:1) . وبتجسده لم يتغير لاهوته -حاشا - بأي قيد من قيود الجسد، ولاهوته لم يفارق ناسوته، بل ظل هو اللاهوت المنزه عن الزمان والمكان وعن التأثير بأي عرض لأنه منزه عن أن يتأثر بأي مؤثر. إذن فالرب يسوع هو الله الذي ظهر في الجسد (1تيموثاوس 16:3) .
الموضوع منقول للامانة وللفائدة العامة