وعندما يمتنع الشَّريكان عن إتمامِ الفعلِ الجنسيّ خارج الزواج ويؤجلاه إلى لحظةِ الاعترافِ به من كلِّ الجماعةِ، فهذا يعني أنَّ حبهما هو من حبَّ الله، ذاك الحبَّ الذي يُعطي الكمالَ للجنسِ. وبذلك يقبل الجنسُ مبدأَ الحبِّ الفعَّالِ، فيتمَّ الانتقالُ بفضلِ ذلك مِن جنسٍ قائمٍ على الهوى ومقتصر على الجسدِ، إلى جنسٍ بين جسدين يُعبِّران، مِن خلالِ انتظارهما للاتحاد معاً، عن القيمةِ الفريدةِ التي يراها الواحدُ في الآخر. والكنيسةُ في ذلك كلِّه تعمل على المحافظةِ على معنى الفعلِ الجنسيّ عندما تصون الحبِّ. فعندما يتمُّ اختبارُ الحبِّ في أوضاعِ كثيرةٍ في الحياةِ اليوميّةِ، والتَّحقَّقُ منه أيضاً مِن خلالِ الآخرين وبواسطةِ العَلاقة في الجماعة، وعندما يُعترف بقيمةِ التَّضحيّةِ في سبيلِ الحبِّ تفضيلِ الآخر عِن الذَّاتِ -على الأقلِ بدرجةٍ مُعيّنةٍ- فسيتحد الشَّخصان معاً جنسيّاً ويتذوقان ثمرةَ ذلك الحبِّ القادرِ على الاتحاد. بعد ذلك مهما يحدث، فإنَّ الشَّخصين يكونا قد توحدا معاً حقاً ويمكنهما الآن إتمامَ الفعلِ الزَّوجيّ على ضوء القيامةِ كيقينٍ بالثِّقةِ المُستعادةِ من خلال العَلاقةِ.
إنَّ الفعلَ الزَّوجيّ نفسه سينقل الزوجين إلى اختبارِ حبَّ الله، الذي في شخصهما يحبُّ الإنسانيّةَ كلها. لقد جعلتْ الخطيئةُ الأصليّةُ من الجنسَ وسيلةٍ مطبوعةٍ بالأنانيّةِ، ولذلك فإنَّ القدرةَ على التخلّي عن الانجراف وراءِ الأهواءِ هو أحدٌ البراهينِ الأكثرِ قوةٍ للشخصِ المحبوبِ، الذي يدرك بدوره أنَّ الآخرَ يحبه بشكلٍ كاملٍ وأنَّه مُستعدٌ مِن أجله للتَّخلّي عن أي شيء؛ إنَّ هذا البرهانَ هو برهانُ الأمانةِ أو الإخلاصِ، التي هي الخاصيّةُ الأساسيّةُ المُميزة لحبِّ الله.
ينبغي أنْ تكون الأمانةُ الزَّوجيّةُ حقيقةً فريدةً وثمينةً بوفاءِ الشَّريكين لبعضهما؛ إذ يربط القديسُ بولس بين أمانةِ الزَّوجين نحو بعضهما وأمانةُ المسيحِ نحو كنيسته، فيقول إنَّه "سرٌّ عظيمٌ"؛ فالحديثُ هنا يدور حول سرٌّ حقيقيّ: حيث يتشابه حبُّ الرَّجلِ والمرأةِ مع حبِّ المسيحِ لكنيسته[32]. فكما وُلدتْ حواء مِن ضلعِ آدم، هكذا وُلدتْ الكنيسةِ مِن جنبِ المسيحِ المفتوحِ.