عن كتاب زاد الأرثوذكسية
ما إن سقط الانسان حتى بدأ مغامرته الكبرى فالمحبة التي كانت تربطه بالله وبسائر الخليقة انفصمت وانقسم كل شيء في داخلها والانسان نفسه تجزأ وبعدم رجوعه الى الله صار كائناً أنانياً فالطفل الصغير يجلب الآلام لأمه عند ولادته والمرأة تخضع كلياً لسلطة لزوجها
( تك 3 : 6)
والملفت في الأمر هو تبرير آدم لنفسه واتهامه لحواء متنصلاً من مسؤوليته عنها كأنها غريبة عنه تماماً : ((والمرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الثمر فأكلت)) (تك 3 :12)
كم يختلف هذا الكلام عما قاله آدم نفسه لما رأى حواء للمرة الأولى قبل السقوط: ((هذه عظم من عظامي ولحم من لحمي هذه تسمى امرأة لأنها من امرئ أخذت )) (تك 2 :23)
انفصمت الوحدة الكاملة التي سادت بين البشر قبل السقوط والتي كانت صورة حياة اقانيم الثالوث القدوس الثلاثة وماعاد آدم يعترف بأن حواء ((عظم من عظامي ولحم من لحمي)).
وأخيراً وصلت الغربة بالإنسان إلى حد قتل أخيه كما يظهر من حديث الله مع قايين.
فعندما سأله: ((أين أخوك؟)) كان يريد أن يذكره بانقطاع الرباط الأخوي وتدمير المحبة لكن قايين لم يستعد رشده ولم يسع إلى البحث مجدداً عن العيش في رباط المحبة الأخوية,
بل أظهر غربته الكاملة عن أخيه وكأنها أمر مفروغ منه فأجاب :
((لا أدري وهل أنا حارس لأخي؟)) ( تك 4 :9)
لا شك أن كل شيء أساسي في الانسان قد تغير بعد السقوط
فأخذ الرجل يرى في المرأة كياناً مناقضأ له
وراح الأخ يرى في أخيه كياناً غريباً عنه ومعادياً له.