منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 14 - 07 - 2014, 04:13 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي

اليقظة
المنارة الذهبية
السبعة سرج والأنابيب
الزيتونتان
قوانين الكنيسة
روح الرب
الجبل
الحجر
العذراء والدة الإله
السبعة عيون
الحواشي والمراجع
تفسير العلامة القديس ديديموس  تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي
فَرَجَعَ الْمَلاَكُ الَّذِي كَلَّمَنِي وَأَيْقَظَنِي كَرَجُل أُوقِظَ مِنْ نَوْمِهِ.
وَقَالَ لِي: «مَاذَا تَرَى؟» فَقُلْتُ: «قَدْ نَظَرْتُ وَإِذَا بِمَنَارَةٍ كُلُّهَا ذَهَبٌ، وَكُوزُهَا عَلَى رَأْسِهَا، وَسَبْعَةُ سُرُجٍ عَلَيْهَا، وَسَبْعُ أَنَابِيبَ لِلسُّرْجِ الَّتِي عَلَى رَأْسِهَا.
وَعِنْدَهَا زَيْتُونَتَانِ، إِحْدَاهُمَا عَنْ يَمِينِ الْكُوزِ، وَالأُخْرَى عَنْ يَسَارِهِ».
فَأَجَبْتُ وَقُلْتُ لِلْمَلاَكِ الَّذِي كَلَّمَنِي قَائِلًا: «مَا هذِهِ يَا سَيِّدِي؟»
فَأَجَابَ الْمَلاَكُ الَّذِي كَلَّمَنِي وَقَالَ لِي: «أَمَا تَعْلَمُ مَا هذِهِ؟» فَقُلْتُ: «لاَ يَا سَيِّدِي».
فَأَجَابَ وَكَلَّمَنِي قَائِلًا: «هذِهِ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَى زَرُبَّابِلَ قَائِلًا: لاَ بِالْقُدْرَةِ وَلاَ بِالْقُوَّةِ، بَلْ بِرُوحِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ.
مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الْجَبَلُ الْعَظِيمُ؟ أَمَامَ زَرُبَّابِلَ تَصِيرُ سَهْلًا! فَيُخْرِجُ حَجَرَ الزَّاوِيَةِ بَيْنَ الْهَاتِفِينَ: كَرَامَةً، كَرَامَةً لَهُ».
وَكَانَتْ إِلَيَّ كَلِمَةُ الرَّبِّ قَائِلًا:
«إِنَّ يَدَيْ زَرُبَّابِلَ قَدْ أَسَّسَتَا هذَا الْبَيْتَ، فَيَدَاهُ تُتَمِّمَانِهِ، فَتَعْلَمُ أَنَّ رَبَّ الْجُنُودِ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ».
لأَنَّهُ مَنِ ازْدَرَى بِيَوْمِ الأُمُورِ الصَّغِيرَةِ. فَتَفْرَحُ أُولئِكَ السَّبْعُ، وَيَرَوْنَ الزِّيجَ بِيَدِ زَرُبَّابِلَ. إِنَّمَا هِيَ أَعْيُنُ الرَّبِّ الْجَائِلَةُ فِي الأَرْضِ كُلِّهَا.
فَأَجَبْتُ وَقُلْتُ لَهُ: «مَا هَاتَانِ الزَّيْتُونَتَانِ عَنْ يَمِينِ الْمَنَارَةِ وَعَنْ يَسَارِهَا؟»
وَأَجَبْتُ ثَانِيَةً وَقُلْتُ لَهُ: «مَا فَرْعَا الزَّيْتُونِ اللَّذَانِ بِجَانِبِ الأَنَابِيبِ مِنْ ذَهَبٍ، الْمُفْرِغَانِ مِنْ أَنْفُسِهِمَا الذَّهَبِيَّ؟»
فَأَجَابَنِي قَائِلًا: «أَمَا تَعْلَمُ مَا هَاتَانِ؟» فَقُلْتُ: «لاَ يَا سَيِّدِي».
فَقَالَ: «هَاتَانِ هُمَا ابْنَا الزَّيْتِ الْوَاقِفَانِ عِنْدَ سَيِّدِ الأَرْضِ كُلِّهَا». (زك: ص4)
فَرَجَعَ الْمَلاَكُ الَّذِي كَلَّمَنِي وَأَيْقَظَنِي كَرَجُل أُوقِظَ مِنْ نَوْمِهِ.
وَقَالَ لِي: «مَاذَا تَرَى؟» فَقُلْتُ: «قَدْ نَظَرْتُ وَإِذَا بِمَنَارَةٍ كُلُّهَا ذَهَبٌ، وَكُوزُهَا عَلَى رَأْسِهَا، وَسَبْعَةُ سُرُجٍ عَلَيْهَا، وَسَبْعُ أَنَابِيبَ لِلسُّرْجِ الَّتِي عَلَى رَأْسِهَا.
وَعِنْدَهَا زَيْتُونَتَانِ، إِحْدَاهُمَا عَنْ يَمِينِ الْكُوزِ، وَالأُخْرَى عَنْ يَسَارِهِ».
(زك 4:1-3)
تفسير العلامة القديس ديديموس  تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي
اليقظة

إنها ليقظة جميلة تجعل من يتوقعها يصبح بعزم: (أنا أستيقظ سحرًا) مز 8:57 وعندما يتم ذلك وتكمل النبوة، فأنه يصبح شاكرًا: (أنا أضطجعت ونمت. استيقظت لأن الرب يعضدني) مز5:3.
ولكن هذه العبارة هي عن الرب مخلصنا الذي قام من الأموات لأن قيامته من الأموات بعد ثلاثة أيام في بطن الأرض كانت كاليقظة بعد النوم.
تفسير العلامة القديس ديديموس  تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي
المنارة الذهبية

عندما يقول أن المنارة كانت كلها ذهب، يبين أن المنارة المشتعلة بالنور برمتها هي منارة روحانية وليست مادية.
وقد تمثل هذه المنارة الذهبية مسكن الله وهيكلة الروحي كما هو مكتوب في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي: (سر السبعة الكواكب إلى رأيت على يميني والسبع المناير الذهبية. السبعة الكواكب هي ملائكة السبع الكنائس والمناير السبع التي رأيتها هي السبع الكنائس) رؤ 20:1.
وفوق المنارة الذهبية، (كوز)، أن التعليم النوراني للثالوث الأقدس. أشعلت العذارى الحكيمات مصابيحهن، وهن اللواتي اخترن أن يتقدمن نحو عريسهن الإلهي حاملات الشعلات (أنظر مت 25: 1-12). أنفسهن مستنيرة بنور للمعرفة، ونصيبهن الله النور الحقيقي الذي (ليس فيه ظلمه البتة) 1يو 5:1.
تفسير العلامة القديس ديديموس  تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي
السبعة سرج والأنابيب

كما ان الكون فوق المنارة، كذلك أيضًا تظهر السبعة سرج، فوقه، فيكون الضوء مضاعفًا سبعة أضعاف. لأنه كما أن للمعرفة الكاملة النورانية شبهت بسبعة عيون، وكما تحمل السبعة الأعمدة مسكن الحكمة (الحكمة بنت بيتها نحتت أعمدتها السبعة) أم 1:9 هكذا تحمل المنارة السبعة السرج.
وتمثل المنارة الرب مخلصنا، فالمنارة كلها ذهب لأن الرب (لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر) 1بط 22:2، ويستقر عليه مثل سبعة سرج روح الحكمة والفهم، روح المشورة الإلهية والقوة والمعرفة، والتقوى ومخافة الله: (ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب) أش 2:11.
هذه القوة النورانية المضاعفة سبع مرات التي للسرج السبعة فوق المنارة، تتغذى وتزداد، لأن الزيت يسيل عن طريق السبعة الأنابيب التي تأتى به لحفظ النور. وما هذا الزيت إلا دراسة معرفة الحق، لأننا نقتطف منها ذكرى وتأملًا أقوى.
تفسير العلامة القديس ديديموس  تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي
الزيتونتان

وبالإضافة إلى كل ما رأينا عن المنارة والكون والسبعة السرج والسبع الأنابيب، تظهر أيضاَ زيتونتان فوق المنارة، الواحدة عن اليمين والأخرى عن اليسار. بل نفسك أن لم تكن دراسة الأمور الروحية ومواهب الروح القدس، هي الزيت الذي نستخرجه من الزيتونة التي على اليمين، بينما دراسة العالم ونظامه وتدبير العناية الإلهية له، هي الزيت المستخرج من زيتونة اليسار.
تفسير العلامة القديس ديديموس  تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي
قوانين الكنيسة

يقول الرب يسوع في الإنجيل: (وليس أحد يوقد سراجًا ويغطيه بإناء أو يضعه تحت السرير بل يضعه على منارة لينظر الداخلون النور) لو 16:8 وليس أحد يوقد سراجًا ويضعه في خفية ولا تحت المكيال بل على المنارة لكي ينظر الداخلون النور) لو 33:11.

تفسير العلامة القديس ديديموس  تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي
ويمكننا أن نفهم ههنا أن البيت هو الكنيسة الله الحيّ وساكنيه الذين يعيشون باستعداد يتفق وتعاليم الله يستنيرون بالسراج الموضوع فوق المنارة، والسراج يشعله الذي يؤتى العلم لمن يعيشون في بيت الله بحسب تعاليم الإيمان في الكنيسة وقوانينها، فيضئ الرب لهم عندما يرفع عقولهم، مثل السراج لا يخبأ تحت السرير أو تحت إناء، بل يظهره على لافته خارجية وهى المرموز إليها بالمنارة: "أَعْطَانِي السَّيِّدُ الرَّبُّ لِسَانَ الْمُتَعَلِّمِينَ لأَعْرِفَ أَنْ أُغِيثَ الْمُعْيِيَ بِكَلِمَةٍ" (سفر إشعياء 50: 4).
ويمكننا أيضًا أن نقول أن المنارة هي الحياة العملية يوحيها الروح المستنير لمن أنار نفسه بنور المعرفة.
ومن يهمه التفسير الحالي لنص النبوة الذي نعرضه، يفحص إن كان يلزم أن يقبله أو يلزم أن يبحث عن تفسير آخر عند ذوى الرأي(1)، لأنه بهذه الطريقة نتوصل إلى التفسير الدقيق تمامًا.
"فَأَجَبْتُ وَقُلْتُ لِلْمَلاَكِ الَّذِي كَلَّمَنِي قَائِلًا: «مَا هذِهِ يَا سَيِّدِي؟» فَأَجَابَ الْمَلاَكُ الَّذِي كَلَّمَنِي وَقَالَ لِي: «أَمَا تَعْلَمُ مَا هذِهِ؟» فَقُلْتُ: «لاَ يَا سَيِّدِي». فَأَجَابَ وَكَلَّمَنِي قَائِلًا: «هذِهِ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَى زَرُبَّابِلَ قَائِلًا: لاَ بِالْقُدْرَةِ وَلاَ بِالْقُوَّةِ، بَلْ بِرُوحِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ.) زك 4: 4-6
عندما سئل الملاك عن الأمور غير المحسوسة التي في الرؤيا، رد في الحال أنها (كلمة الرب إلى زربابل).
يمكننا أن نستنتج أن الرؤى التي أظهرت كانت رؤى روحانية لقد كانت الإعلانات إلى النبي في الوقت الذي فيه كان لا يزال في بابل حيث لم يكن بيت الله قد شيد بعد ومن ضمن أثاثه المنارة وما يعلوها.
تفسير العلامة القديس ديديموس  تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي
روح الرب

إن كلمة الملاك إلى زكريا النبي لم تقل بقدرة الإنسان ولا مخلوق آخر، بل قيلت بروح الرب وأظهرت.
ويذكر الكتاب المقدس الروح القدس في فصول كثيرة خلاف الفصل الذي نفسه هنا. هكذا قيل عنه: (روح السيد الرب على الآن الرب مسحني) أش 1:61 ويقول بولس الرسول في رسالته إلى الكورنثيين: (لأن الرب يفحص كل شيء حتى أعماق الله. لأن كمن من الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيه. هكذا أيضًا أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله) ا كو2 10-11.
بهذا الروح ظهرت الرؤى لزربابل وليس بقدرة مخلوق.
(مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الْجَبَلُ الْعَظِيمُ؟ أَمَامَ زَرُبَّابِلَ تَصِيرُ سَهْلًا! فَيُخْرِجُ حَجَرَ الزَّاوِيَةِ بَيْنَ الْهَاتِفِينَ: كَرَامَةً، كَرَامَةً لَهُ». زك 7:4.
يتعلق هذين الاسمين بالرب مخلصنا الذي آتى إلينا على الأرض فإن كثيرًا من فصول الكتاب المقدس تسميه الجبل أو الحجر.
تفسير العلامة القديس ديديموس  تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي
الجبل

في قوله: (ويكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون ثابتاُ في رأس الجبال ويرتفع فوق التلال وتجرى إليه الشعوب) ميخا 1:4 يعنى ابن الله الذي يقول عنه بولس الرسول: (الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديمًا بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه) عب 1 2:1.
وعنه أيضًا قيل: (على جبل عال اصعدي يا مبشرة صهيون) أش 9:40.
وتختص به شهادات أخرى كثيرة جدًا. ولكنا نتوقف عن ذكرها، والكتاب لن ينتهي لأنه ليس لها حدود ولاسيما أننا سبق فسرنا رمز الجبل إلى المخلص في مواضع كثيرة في تفسير سفر المزامير وتفسير رؤيا أشعياء الأخيرة(2).
تفسير العلامة القديس ديديموس  تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي
الحجر

والرب مخلصنا الذي يسمى جبلا يسمى أيضًا حجرًا في الفصل الآتي: (الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية) مز 22:118.
وفى سفر أعمال الرسل، يقول بطر الرسول مؤنباُ الفريسيين والكتبة والصدوقيين: (هذا هو الحجر الذي احتقرتموه أيها البناؤون الذي صار رأس الزاوية) أع 11:4.
وليس فقط في قمة البناء الإلهي، بل أيضاَ في الأساس، فإنه هو المشار إليه بالقول: (لذلك هكذا يقول السيد الرب. هأنذا أؤسس في صهيون حجرًا حجر امتحان حجر زاوية كريمًا أساسًا مؤسسًا.من آمن لا يهرب) أش 16:28.
(لذلك يتضمن أيضًا في الكتاب هاأنذا أضع في صهيون حجر زاوية مختارًا كريمًا والذي يؤمن به لن يخزى) 1بط 6:2.
ويقول بطرس الرسول أيضًا: (الذي إذ تأتون إليه حجرًا حيًا مرفوضًا من الناس ولكن مختار من الله كريم كونوا أنتم أيضًا مبنيين كحجارة حية بيتًا روحيًا كهنوتا مقدسًا لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح) 1بط 2: 4-5.
تفسير العلامة القديس ديديموس  تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي
العذراء والدة الإله

وبخلاف التفسير الذي عرضناه، هناك وجهة نظر أخرى تقول أن الجبل يرمز إلى العذراء مريم، والحجر الخارج منه يرمز إلى المسيح الذي ولدته بلا زواج، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.ويعلمنا دانيال النبي هذه الأسرار إذ يقول: "كنت تنظر إلى أن قطع حجر بغير يدين فضرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما" (دا 2: 34).
يقول أن الحجر الذي يضرب الممالك المختلفة والتمثال الذي كونته، قد قطع من الجبل بغير معونة الأيدي، يعني بدون عمل الوالدين. لأن كل الناس نشأوا من والدين، ويحتاجون إلى أيدي أي أعمال الزواج، حتى ينتزعوا وينفصلوا عن الأم؛ فيما عدا المسيح وحده الذي ولد من العذراء.
وأمام زربابل قطع الحجر من الجبل بدون معونة الأيدي لأن نسب المسيح يمر به أيضًا: "وسالتئيل ولد زربابل. وزربابل ولد أبيهود" (مت 1: 12 - 13).
ومعنى اسمه "تغيير المسار" لأن مسار الوالدين العادي قد تغير وتم بواسطة العذراء بدون رجل.
وأن مجيء المسيح مخلصنا على الأرض والخلاص الذي نتج عنه، كل ذلك قد حدث على سبيل النعمة كما يقول الكتاب: "لأنكم بالنعمة مُخَلَّصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله" (أف 2: 8).
تفسير العلامة القديس ديديموس  تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي
"وكانت إلى كلمة الرب قائلا أن يدي زربابل قد أسستا هذا البيت فيداه تُتَممانه فتعلم أن رب الجنود أرسلني إليكم" (زك 4: 8 - 9).
أن هذه النبوة ليست عن البناء المادي لبيت مرئي. وسبق القول أن زكريا النبي كان لا يزال في بابل في السنة السبعين من السبي، عندما أخذ الإعلانات التي نحن بصددها. ولم يبن البيت المادي في بابل بل في أورشليم وبعد السبي. ويتكلم الفصل الذي نُفسره عن البيت مثلما يتكلم عن هيكل قائم إذ يقول "هذا البيت" ولكنه عند النبي ليس هو البيت المبني في أورشليم بعد السبي مادام مقيما في بابل.
إنما يمثل البيت الأرضي المبني بالحجارة المادية البيت الذي أُظهر للنبي زكريا ليس على سبيل المنظر المحسوس، بل على سبيل الرؤيا. فيستطيع زكريا النبي أن يقول مع بولس الرسول الذي يتكلم في المسيح: "فإني آتي إلى مناظر الرب وإعلاناته" (2 كو 12:1).
ويتفق أيضا داود النبي في أن الله في إعلاناته يظهر ذاته للذين لهم بصيرة نافذة، يقول: "حينئذ كلمت برؤيا تقيِّك وقلت جعلت عونا على القوي" (مز 89:19)، لأنه ليس للآذان ولا بالأصوات يتكلم الله مع الذين لهم روح التبني "إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضا للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب" (رو 8: 15).
وبما أنه النور الحقيقي، فهو ينير عقول الذين يريد أن يوصل إليهم تعاليمه الإلهية، فيتكلم بالرؤى أولى من أسماع الآذان. فعندما يكلم الله مثلا أشعياء النبي، فإن كلمات: "رؤيا اشعياء بن آموص الذي رآها" (أش 1: 1). لا تتبعها أشياء مرئية بل كلمات. وإلا فما هي فعلا الرؤيا في الفصل التالي؟ "اسمعي أيتها السموات واصغي أيتها الأرض لأن الرب يتكلم، ربيت بنين ونشأتهم. أما هم فعصوا على" (أش 1: 2).
ونفس الشيء بالنسبة للنبي الخامس من الاثني عشر نبيا فبعد عبارة: "رؤيا عوبديا" لا يوجد منظر مرئي، بل يكمل النبي بهذه الكلمات: "هكذا قال السيد الرب عن أدوم. سمعنا خبرا من قبل الرب وأرسل رسول بين الأمم. قوموا ولنقم عليها للحرب. إني قد جعلتك صغيرا بين الأمم. أنت محتقر جدا" (عوبديا 1: 1-2).
“لأنه من ازدرى بيوم الأمور الصغيرة. فتفرح أولئك السبع ويرون الزيج بيد زربابل. إنما هي أعين الرب الجائلة في الأرض كلها” (زك 4: 10).
أخذ زكريا النبي هذه الإعلانات في السنة السبعين من السبي، كما يقول الرب: "يا رب الجنود إلى متى أنت لا ترحم أورشليم ومدن يهوذا التي غضبت عليها هذه السبعين سنة" (زك 1: 12).
ويقول الرب مخلصنا في الإنجيل: "ولو لم تقصر تلك الأيام لم يخلص جسد" (مت 24: 22).
إن تقصير أيام الشدة يشير إلى أن التجارب لن تدوم، بل تنتهي حالا حتى تكون للذين في المحنة قوة كافية للجهاد الحسن لينل المكافأة والأكاليل.
"ألستم تعلمون أن الذين يركضون في الميدان جميعهم يركضون ولكن واحدا يأخذ الجعالة. هكذا إركضو لكي تنالوا" (1 كو 9: 24).
إن أنوار بداية حياة الإيمان لهى بمثابة يوم الأمور الصغيرة. فمن لا يستهن بها يصل بسهولة إلى أنوار التقدم البهيجة. وعندما يصل إلى هناك يبتهج "بفرح لا ينطق به ومجيد" (1بط 1: 8). هو "ثمر الروح" (غل 5: 22).
وماذا يتبع ذلك بالنسبة لمن يبتهج هكذا؟ أنه يرى "الزيج بيد زربابل" أي حجر القصدير(3) في عمل زربابل، لأن الرب يسوع يحسبه في نسبه.
تفسير العلامة القديس ديديموس  تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي
السبعة عيون

يقول الكتاب توجد سبعة عيون تنظر كل الأرض وتراقبها وإنما يكون ذلك عندما يتعلم سكان الأرض ممارسة العدل، فيسلكون بلا لوم مكملين كل بر.
"لأنه حينما تكون أحكامك في الأرض يتعلم سكان المسكونة العدل" (أش 26: 9).
ويقول داود النبي: "عينا الرب نحو الصديقين وأذناه إلى صراخهم" (مز 34: 15).
وكذلك فإن الشاروبيم حسب رؤيا حزقيال النبي، مملوؤون أعينا. "وكل جسمها وظهورها وأيديها وأجنحتها والبكرات ملآنة عيونا حواليها لبكراتها الأربع" (حز 10: 12). غشينهم العيون لدرجة أن ظهورهم وصدورهم أيضا لها عيون سرية تتأمل المناظر العظيمة التي تفوق الطبيعة. بيد (غير) أن كلمة شاروبيم تعني "كمال المعرفة": فمن ذلك نعلم أنهم يرون ما يعرفون، وينظرون فيما يختصون به.
"فأجبت وقلت له ما هاتان الزيتونتان عن يمين المنارة وعن يسارها. وأجبت ثانية وقلت له ما فرعا الزيتون اللذان بجانب الأنابيب من ذهب المفرغان من أنفسهما الذهبي. فأجابني قائلاً أما تعلم ما هاتان. فقلت لا يا سيدي. فقال هاتان هما ابنا الزيت الواقفان عند سيد الأرض كلها" (زك 4: 11-14).
سأل النبي: "ما هاتان الزيتونتان عن يمين المنارة وعن يسارها؟" وإذ لم يرد عليه سأل: "ما فرعا الزيتون اللذان بجانب الأنابيب من ذهب المفرغان من أنفسهما الذهبي".
فقال له الملاك: "أما تعلم ما هاتان" فقال النبي: "لا يا سيدي" حينئذ قال الملاك: "هاتان هما ابنا الزيت الواقفان عن سيد الأرض كلها".
لا يمكن لمن يتعمق في الأسرار الإلهية أن يعرف ما هي الزيتونتان عن يمين ويسار المنارة؛ لذلك كان السؤال الثاني عن فرعي الزيتون. وثمة (هناك) مواضيع للدراسات اللاهوتية تسمى زيتونات، لأن ثمرها يعطي النور ويصونه وبدأ بتفاصيل الفروع حتى يصل يوما إلى معرفة الزيتونات. ويرى أحد المفسرين(4) إن في الزيتونتين معنى التأمل في الله، وقد تعني فروع هاتين الزيتونتين المعارف التي يمكن للمبتدئ أن يصل إليها.
إن مسحة بيت الله هي معرفة الكتب الإلهية حسب قول المزمور: "فبنو البشر في ظل جناحيك يحتمون يروون من دسم بيتك ومن نهر نعمتك تسقيهم" (مز 36: 7-8).
وكأنهم اثنان، احدهما ابن الختان، والآخر ابن حسب إنجيل المسيح.
ويمكن أن نفهم أيضا أنه قد يكون، ابنا الزيت الواقفان عند سيد الأرض كلها، هما موسى وإيليا، أي كلمة الناموس وكلمة الأنبياء، اللذين ظهرا مع المسيح في التجلي على الجبل.
"وإذا رجلان يتكلمان معه هما موسى وإيليا" (لو 9: 30). لأنه كما أن الناموس الروحاني هو ابن المسحة (ابن الزيت) كذلك أيضا كلمة النبي الروحانية.
_____
الحواشي والمراجع:
(1) أن ديديموس لا يفرض آراءه، فهو يشعر أنه في إمكان الآخرين أن يجتهدوا أكثر مما يفعل.
(2) من أمثال هذه العبارات نعلم كم كانت مؤلفات ديديموس الضرير كثيرة ومهمة.
(3) أن حجر القصدير يقوي ويصلح ويطهر.
(4) ربما كان المقصود به القديس أثناسيوس الرسولي كما يتضح من الدراسة والبحث.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الخامس من سفر زكريا النبي
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثالث من سفر زكريا النبي
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثاني من سفر زكريا النبي
تفسير العلامة القديس ديديموس الأصحاح الأول من سفر زكريا النبي


الساعة الآن 07:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024