منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 13 - 06 - 2014, 03:12 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,350,253

تسبحة 7 و 4 والأربعة هوسات
إن تسبحة كيهك التي تُصلى ليالي الآحاد الكيهكية هي تسبحة كل أحد على مدار السنة.. لأنه هو يوم القيامة، الذي تحتفل فيه الكنيسة بهذه الذكرى أسبوعيًا، بسهرها حتى طلوع الفجر الذي قام فيه السيد المسيح.
وعند طلوع الفجر كانت البُشرى الملائكية بدحرجة الحجر، وإعلان القيامة المجيدة.
*فبعد أن تُصلى صلوات مزامير نصف الليل بخدماتها الثلاثة.. يُقرأ في أول خدمة: إنجيل لقاء العريس مع العذارى اللواتي استعددن بإيقادهن مصابيحهن.. (مت25: 1-13).
"حِينَئِذٍ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى، أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ الْعَرِيسِ. وَكَانَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ، وَخَمْسٌ جَاهِلاَتٍ. أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا، وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتًا فِي آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ. وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ. فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ! فَقَامَتْ جَمِيعُ أُولئِكَ الْعَذَارَى وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ. فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ: أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ. فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ قَائِلاتٍ: لَعَلَّهُ لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ، بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ. وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ، وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ. أَخِيرًا جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضًا قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا! فَأَجَابَ وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ. فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ" (مت25: 1-13).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
*وفي الخدمة الثانية نصلي إنجيل التوبة "المرأة الخاطئة"، ولقاء المحبة مع السيد المسيح في بيت الفريسي، فنشتم رائحة طيب عطرة (هي أصلًا رائحة دموع المرأة الخاطئة وليست رائحة الطيب المسكوب).. فدموعها التي بللت بها قدمي المُخلّص هي أقصر قيمة وأريجًا من رائحة الطيب المسكوب.. (لو7: 36-50).
"وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ الْفَرِّيسِيِّ وَاتَّكَأَ. وَإِذَا امْرَأَةٌ فِي الْمَدِينَةِ كَانَتْ خَاطِئَةً، إِذْ عَلِمَتْ أَنَّهُ مُتَّكِئٌ فِي بَيْتِ الْفَرِّيسِيِّ، جَاءَتْ بِقَارُورَةِ طِيبٍ وَوَقَفَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ بَاكِيَةً، وَابْتَدَأَتْ تَبُلُّ قَدَمَيْهِ بِالدُّمُوعِ، وَكَانَتْ تَمْسَحُهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا، وَتُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ وَتَدْهَنُهُمَا بِالطِّيبِ. فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذلِكَ، تَكَلَّمَ فِي نَفْسِهِ قِائِلًا: "لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الامَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ". فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: "يَا سِمْعَانُ، عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ". فَقَالَ: "قُلْ، يَا مُعَلِّمُ". "كَانَ لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى الْوَاحِدِ خَمْسُمِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُونَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعًا. فَقُلْ: أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟" فَأَجَابَ سِمْعَانُ وَقَالَ:"أَظُنُّ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَرِ". فَقَالَ لَهُ: "بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ". ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْمَرْأَةِ وَقَالَ لِسِمْعَانَ: "أَتَنْظُرُ هذِهِ الْمَرْأَةَ؟ إِنِّي دَخَلْتُ بَيْتَكَ، وَمَاءً لأَجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ. وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا. قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي، وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ. بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي، وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ، لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلًا". ثُمَّ قَالَ لَهَا: "مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ". فَابْتَدَأَ الْمُتَّكِئُونَ مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: "مَنْ هذَا الَّذِي يَغْفِرُ خَطَايَا أَيْضًا؟". فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ" (لو7: 36-50).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
*ونختم صلوات الخدمة الثالثة بوعد الراعي لقطيعه بعدم الخوف من أي شيء.. هذا القطيع ولو أنه صغير ومفروز من العالم، لكنه بإطاعته لراعيه أصبح الرب من نصيبه ومن حقه أن يرث الملكوت.. (لو 12: 32-40).

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
"لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ. بِيعُوا مَا لَكُمْ وَأَعْطُوا صَدَقَةً. اِعْمَلُوا لَكُمْ أَكْيَاسًا لاَ تَفْنَى وَكَنْزًا لاَ يَنْفَدُ فِي السَّمَاوَاتِ، حَيْثُ لاَ يَقْرَبُ سَارِقٌ وَلاَ يُبْلِي سُوسٌ، لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكُمْ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكُمْ أَيْضًا. "لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً وَسُرُجُكُمْ مُوقَدَةً، وَأَنْتُمْ مِثْلُ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ سَيِّدَهُمْ مَتَى يَرْجعُ مِنَ الْعُرْسِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ وَقَرَعَ يَفْتَحُونَ لَهُ لِلْوَقْتِ. طُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ الَّذِينَ إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُمْ يَجِدُهُمْ سَاهِرِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدُمُهُمْ. وَإِنْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّانِي أَوْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّالِثِ وَوَجَدَهُمْ هكَذَا، فَطُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ. وَإِنَّمَا اعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي السَّارِقُ لَسَهِرَ، وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. فَكُونُوا أَنْتُمْ إِذًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ" (لو 12: 32-40).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
*وتبدأ التسبحة بلحن نُصليه يوميًا.. وهو لحن (تين ثينو)، ومعناه:"قوموا يا بني النور لنسبح رب القوات".. وهنا نجد الكنيسة تحثنا على السهر، الذي هو تعبير عن الوقوف في نور السيد المسيح، لنسبح رب القوات، لأن بنوره نعاين النور.. وهنا ينطبق قول بولس الرسول: "جَمِيعُكُمْ أَبْنَاءُ نُورٍ وَأَبْنَاءُ نَهَارٍ. لَسْنَا مِنْ لَيْل وَلاَ ظُلْمَةٍ. فَلاَ نَنَمْ إِذًا كَالْبَاقِينَ، بَلْ لِنَسْهَرْ وَنَصْحُ... فَلْنَصْحُ لاَبِسِينَ دِرْعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ، وَخُوذَةً هِيَ رَجَاءُ الْخَلاَصِ" (1تس5: 4-8).
*وكلمة "اسهروا" نجدها من أكثر الكلمات التي تكررت في الأناجيل، لأنها هي متعة روحية تنعش الروح، وتجدد النفس، وتقوي العلاقة بين الإنسان والله.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
فالسهر في تسبيح رب القوات خالق الكل هو:

- اشتراك في تمجيد مع القديسين والملائكة في تمجيد الرب.
- وتدريب على الوجود مع الله باستمرار.
- وأيضًا استعداد للقاء العريس السماوي.. فهو تصريح واضح لأصحاب المصابيح الموقدة للدخول مع العريس السماوي عندما يأتي الصوت الصارخ: "هوذا العَريسُ مُقبِلٌ، فاخرُجنَ للِقائهِ!" (مت25: 6).
*ولاشك أن السهر في بدايته يكون عبئًا على الإنسان وشيئًا ثقيلًا عليه، ولكن مع جهاد الإنسان وتخطيه هذه المرحلة بالتغصب (يبدأ بالتغصب.. أي تغصب الذات على السهر، وينتهي بالحب).. تنتهي هذه المرحلة بالمحبة الغير محدودة، والانطلاقة الروحية التي لا يساويها شيء، وهي أن يقضي الإنسان ليلة في التسبيح والشكر وتقديم صلوات يشتمها ضابط الكل رائحة بخور عطرة، فيتحول السهر داخل الإنسان من شيء ثقيل إلى عادة شهية لذيذة، يتمتع بها، ولا يستطع فيما بعد أن يتخلى عنها أو يفضل النوم عنها.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
أقسام تسبحة 7 و 4

تسمى التسبحة الكيهكية (7 و 4) لأنها تتكون من أربع هوسات، ويعقبها سبع إبصاليات، ثم سبع ثيؤطوكيات، مرتبة على سبعة أيام الأسبوع،وكل يوم من أيام الأسبوع له "إبصالية" و"ثيؤطوكية" الخاصة به، وهذا بخلاف المدائح العربية والابصاليات القبطية المرتبة على الأربع هوسات.. والهدف من ذلك هو إطالة وقت التسبيح الذي نتمتع به في تسبيح رب القوات وخالق الكل.. وأيضًا الطروحات المترتبة على الهوسات والمَجمَع والثيؤطوكيات، التي تفسر لنا مع تذكرة ما نركز عليه في هذا اليوم. وإليك فكرة بسيطة عن ترتيب التسبحة:


(1) الهوس الأول

هو عبارة عن تسبحة موسى النبي والشعب كله عندما عبروا البحر الأحمر، وهى المسجلة بالتفصيل فيسف الخروج (خر 15)..
"حِينَئِذٍ رَنَّمَ مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيلَ هذِهِ التَّسْبِيحَةَ لِلرَّبِّ وَقَالُوا: "أُرَنِّمُ لِلرَّبِّ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَظَّمَ. الْفَرَسَ وَرَاكِبَهُ طَرَحَهُمَا فِي الْبَحْرِ. الرَّبُّ قُوَّتِي وَنَشِيدِي، وَقَدْ صَارَ خَلاَصِي. هذَا إِلهِي فَأُمَجِّدُهُ، إِلهُ أَبِي فَأُرَفِّعُهُ. الرَّبُّ رَجُلُ الْحَرْبِ. الرَّبُّ اسْمُهُ. مَرْكَبَاتُ فِرْعَوْنَ وَجَيْشُهُ أَلْقَاهُمَا فِي الْبَحْرِ، فَغَرِقَ أَفْضَلُ جُنُودِهِ الْمَرْكَبِيَّةِ فِي بَحْرِ سُوفَ، تُغَطِّيهِمُ اللُّجَجُ. قَدْ هَبَطُوا فِي الأَعْمَاقِ كَحَجَرٍ. يَمِينُكَ يَا رَبُّ مُعْتَزَّةٌ بِالْقُدْرَةِ. يَمِينُكَ يَا رَبُّ تُحَطِّمُ الْعَدُوَّ. وَبِكَثْرَةِ عَظَمَتِكَ تَهْدِمُ مُقَاوِمِيكَ. تُرْسِلُ سَخَطَكَ فَيَأْكُلُهُمْ كَالْقَشِّ، وَبِرِيحِ أَنْفِكَ تَرَاكَمَتِ الْمِيَاهُ. انْتَصَبَتِ الْمَجَارِيَ كَرَابِيَةٍ. تَجَمَّدَتِ اللُّجَجُ فِي قَلْبِ الْبَحْرِ. قَالَ الْعَدُوُّ: أَتْبَعُ، أُدْرِكُ، أُقَسِّمُ غَنِيمَةً. تَمْتَلِئُ مِنْهُمْ نَفْسِي. أُجَرِّدُ سَيْفِي. تُفْنِيهِمْ يَدِي. نَفَخْتَ بِرِيحِكَ فَغَطَّاهُمُ الْبَحْرُ. غَاصُوا كَالرَّصَاصِ فِي مِيَاهٍ غَامِرَةٍ. مَنْ مِثْلُكَ بَيْنَ الآلِهَةِ يَا رَبُّ؟ مَنْ مِثْلُكَ مُعْتَزًّا فِي الْقَدَاسَةِ، مَخُوفًا بِالتَّسَابِيحِ، صَانِعًا عَجَائِبَ؟ تَمُدُّ يَمِينَكَ فَتَبْتَلِعُهُمُ الأَرْضُ. تُرْشِدُ بِرَأْفَتِكَ الشَّعْبَ الَّذِي فَدَيْتَهُ. تَهْدِيهِ بِقُوَّتِكَ إِلَى مَسْكَنِ قُدْسِكَ. يَسْمَعُ الشُّعُوبُ فَيَرْتَعِدُونَ. تَأْخُذُ الرَّعْدَةُ سُكَّانَ فِلِسْطِينَ. حِينَئِذٍ يَنْدَهِشُ أُمَرَاءُ أَدُومَ. أَقْوِيَاءُ مُوآبَ تَأْخُذُهُمُ الرَّجْفَةُ. يَذُوبُ جَمِيعُ سُكَّانِ كَنْعَانَ. تَقَعُ عَلَيْهِمِ الْهَيْبَةُ وَالرُّعْبُ. بِعَظَمَةِ ذِرَاعِكَ يَصْمُتُونَ كَالْحَجَرِ حَتَّى يَعْبُرَ شَعْبُكَ يَا رَبُّ. حَتَّى يَعْبُرَ الشَّعْبُ الَّذِي اقْتَنَيْتَهُ. تَجِيءُ بِهِمْ وَتَغْرِسُهُمْ فِي جَبَلِ مِيرَاثِكَ، الْمَكَانِ الَّذِي صَنَعْتَهُ يَا رَبُّ لِسَكَنِكَ الْمَقْدِسِ الَّذِي هَيَّأَتْهُ يَدَاكَ يَا رَبُّ. الرَّبُّ يَمْلِكُ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ". فَإِنَّ خَيْلَ فِرْعَوْنَ دَخَلَتْ بِمَرْكَبَاتِهِ وَفُرْسَانِهِ إِلَى الْبَحْرِ، وَرَدَّ الرَّبُّ عَلَيْهِمْ مَاءَ الْبَحْرِ. وَأَمَّا بَنُو إِسْرَائِيلَ فَمَشَوْا عَلَى الْيَابِسَةِ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ. فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ النَّبِيَّةُ أُخْتُ هَارُونَ الدُّفَّ بِيَدِهَا، وَخَرَجَتْ جَمِيعُ النِّسَاءِ وَرَاءَهَا بِدُفُوفٍ وَرَقْصٍ. وَأَجَابَتْهُمْ مَرْيَمُ: "رَنِّمُوا لِلرَّبِّ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَظَّمَ. الْفَرَسَ وَرَاكِبَهُ طَرَحَهُمَا فِي الْبَحْرِ..." (خر 15: 1-21).
*والبحر الأحمر هنا يذكرنا أنه كان رمزًا للمعمودية، التي تُعتبر حدًا فاصلًا بين فرعون وجنوده، وبين الشعب الماشي في البرية مع إلهه.
فالكنيسة بعبور أولادها في مياه المعمودية.. هي الآن في برية العالم، وترنم تسبحة الغلبة والخلاص (ترنيمة موسى).. فهي تُرتلها كل يوم إلى أن تُرتلها في تمام الغلبة والنُصرة في الأبدية.. كما ذكر ذلك مُعلمنا يوحنا الرائي..
"ثُمَّ رَأَيْتُ آيَةً أُخْرَى فِي السَّمَاءِ، عَظِيمَةً وَعَجِيبَةً: سَبْعَةَ مَلاَئِكَةٍ مَعَهُمُ السَّبْعُ الضَّرَبَاتُ الأَخِيرَةُ، لأَنْ بِهَا أُكْمِلَ غَضَبُ اللهِ. وَرَأَيْتُ كَبَحْرٍ مِنْ زُجَاجٍ مُخْتَلِطٍ بِنَارٍ، وَالْغَالِبِينَ عَلَى الْوَحْشِ وَصُورَتِهِ وَعَلَى سِمَتِهِ وَعَدَدِ اسْمِهِ، وَاقِفِينَ عَلَى الْبَحْرِ الزُّجَاجِيِّ، مَعَهُمْ قِيثَارَاتُ اللهِ، وَهُمْ يُرَتِّلُونَ تَرْنِيمَةَ مُوسَى عَبْدِ اللهِ، وَتَرْنِيمَةَ الْخَرُوفِ قَائِلِينَ: "عَظِيمَةٌ وَعَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ! عَادِلَةٌ وَحَق هِيَ طُرُقُكَ يَا مَلِكَ الْقِدِّيسِينَ! مَنْ لاَ يَخَافُكَ يَارَبُّ وَيُمَجِّدُ اسْمَكَ؟ لأَنَّكَ وَحْدَكَ قُدُّوسٌ، لأَنَّ جَمِيعَ الأُمَمِ سَيَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَكَ، لأَنَّ أَحْكَامَكَ قَدْ أُظْهِرَتْ" (رؤ15 : 1–4).
*ومن هنا نجد ارتباطًا قويًا بين كنيسة العهد القديم في رموزها، وبين كنيسة العهد الجديد.. كنيسة تحقيق الرموز.
إن الكنيسة اليوم ترتل ترنيمة الغلبة وهي عابرة بحر هذا العالم، لتؤكد لنا نصرتنا على العالم وشهواته، ولترفع من أرواحنا المعنوية في جهادنا وحربنا الغير منظورة مع قوات الشر الروحية، وأيضا تأكيدًا لقوة الله وروحه القدوس الذي يعمل فيها.. فهي سر نصرتنا.. فهي تؤكد لنا أن الشيطان قد ذُل وهو يغوص مثل الرصاص في بحر ليس له قرار.. أي جرن المعمودية).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(2) الهوس الثاني

هو عبارة عن المزمور (135):
"هَلِّلُويَا. سَبِّحُوا اسْمَ الرَّبِّ. سَبِّحُوا يَا عَبِيدَ الرَّبِّ، الْوَاقِفِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ، فِي دِيَارِ بَيْتِ إِلهِنَا. سَبِّحُوا الرَّبَّ لأَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ. رَنِّمُوا لاسْمِهِ لأَنَّ ذَاكَ حُلْوٌ. لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَ يَعْقُوبَ لِذَاتِهِ، وَإِسْرَائِيلَ لِخَاصَّتِهِ. لأَنِّي أَنَا قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ الرَّبَّ عَظِيمٌ، وَرَبَّنَا فَوْقَ جَمِيعِ الآلِهَةِ. كُلَّ مَا شَاءَ الرَّبُّ صَنَعَ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ، فِي الْبِحَارِ وَفِي كُلِّ اللُّجَجِ. الْمُصْعِدُ السَّحَابَ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ. الصَّانِعُ بُرُوقًا لِلْمَطَرِ. الْمُخْرِجُ الرِّيحِ مِنْ خَزَائِنِهِ. الَّذِي ضَرَبَ أَبْكَارَ مِصْرَ مِنَ النَّاسِ إِلَى الْبَهَائِمِ. أَرْسَلَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ فِي وَسَطِكِ يَا مِصْرُ، عَلَى فِرْعَوْنَ وَعَلَى كُلِّ عَبِيدِهِ. الَّذِي ضَرَبَ أُمَمًا كَثِيرَةً، وَقَتَلَ مُلُوكًا أَعِزَّاءَ: سِيحُونَ مَلِكَ الأَمُورِيِّينَ، وَعُوجَ مَلِكَ بَاشَانَ، وَكُلَّ مَمَالِكِ كَنْعَانَ. وَأَعْطَى أَرْضَهُمْ مِيرَاثًا، مِيرَاثًا لإِسْرَائِيلَ شَعْبِهِ. يَا رَبُّ، اسْمُكَ إِلَى الدَّهْرِ. يَا رَبُّ، ذِكْرُكَ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. لأَنَّ الرَّبَّ يَدِينُ شَعْبَهُ، وَعَلَى عَبِيدِهِ يُشْفِقُ. أَصْنَامُ الأُمَمِ فِضَّةٌ وَذَهَبٌ، عَمَلُ أَيْدِي النَّاسِ. لَهَا أَفْوَاهٌ وَلاَ تَتَكَلَّمُ. لَهَا أَعْيُنٌ وَلاَ تُبْصِرُ. لَهَا آذَانٌ وَلاَ تَسْمَعُ. كَذلِكَ لَيْسَ فِي أَفْوَاهِهَا نَفَسٌ! مِثْلَهَا يَكُونُ صَانِعُوهَا، وَكُلُّ مَنْ يَتَّكِلُ عَلَيْهَا. يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ، بَارِكُوا الرَّبَّ. يَا بَيْتَ هَارُونَ، بَارِكُوا الرَّبَّ. يَا بَيْتَ لاَوِي، بَارِكُوا الرَّبَّ. يَا خَائِفِي الرَّبِّ، بَارِكُوا الرَّبَّ. مُبَارَكٌ الرَّبُّ مِنْ صِهْيَوْنَ، السَّاكِنُ فِي أُورُشَلِيمَ. هَلِّلُويَا".
فهذا المزمور هو تسبحة شكر خالص لله.. وهذا الشكر هو الذي تُقدمهُ الكنيسة لله خالقها ومدبرها وراعيها من أجل محبته لها ولنا.. (فالكنيسة هي نحن).. فهو الذي أنقذها عندما عبر بنا بحر الموت، وقد أعالنا في البرية، ويعولنا حتى اليوم في برية العالم، ويقوتنا بجسده ودمه الأقدسين، كما أعال الشعب في البرية أربعين سنة.. وثيابه لم تُبلى، ونِعال رجليه لم تتهرأ، وأعطاهم المَن من السماء.. فهو أعطانا اليوم المَن السماوي الذي يأكل منه لا يموت إلى الأبد.
إن الشكر هو طبيعة الكنيسة المجاهدة كل يوم.. فكما قال مار إسحق:"ليست موهبة (عطية) بلا زيادة إلاَّ التي بلا شكر".. فنحن نشكره لأنه يحتمل ضعفاتنا البشرية، ويستر ضعف طبيعتنا الساقطة، ويغسل أرجلنا التي اتسخت بخطايا وأقذار العالم بالتوبة والاعتراف، ويجدد طبيعتنا، ويعطينا الحياة بدل الموت بالإفخارستيا أي جسده ودمه الحاضرين كل يوم على المذبح.. فهو يقودنا في موكب نصرته من مجد إلى مجد.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(3) الهوس الثالث

هو عبارة عن تسبحة الثلاثة فتية القديسين (وهذه التسبحة مدونة في الكتاب المقدس وقد حذفها البروتستانت في طبعة بيروت).. وملخص هذه التسبحة هو أن الملك أمر بإلقاء الثلاثة فتية القديسين في أتون النار المتقدة.. فرغم أن النار لم تنطفئ لكنها لم تمسهم بأي أذى، ثم بعد ذلك اكتشف الملك وجود شخص رابع (شبيه بابن الآلهة) يتمشى معهم وسط الآتون.. وهذا الهوس ترتله الكنيسة بنغمة الابتهاج والفرح، لتعلن لنا هذه المعاني الروحية السامية وهي:
*أن السلام الداخلي لا يُعني زوال التجارب والآلام عنا.. لكنه يعني وجود الله معنا في وسط نيران العالم.. فمفهوم التجربة في المسيحية هي أنها لا تحل بزوالها، ولكن باجتياز الرب معنا في هذه التجربة، وبحمله الصليب معنا.. أي الوجود الدائم معنا.
فالشهيد اسطفانوس كان يُرجم بالحجارة وعظامه تتفتت، ولحم جسمه يتهرأ من الحجارة.. ولكنه كان يرى ابن الإنسان قائمًا عن يمين العظمة.. فكان شاخصًا للسماء، ولا يبالي بالحجارة ولا الراجمين.
*أن نار العالم لازمة لتجربة الكنيسة.. (الكنيسة كجماعة ونحن كأشخاص في هذه الجماعة)، ولكن الله الرؤوف الحنون واقف في وسط هذا الأتون (التجارب القاسية)، فيحول النار إلى ندى بارد.
*هذه التسبحة تجمع في مشهد واحد وجودها في الحاضر الزمني المؤلم (الأتون)، ووجودها في الأبدية السعيدة (ابن الآلهة الموجود في الآتون).."الخَروفَ الذي في وسطِ العَرشِ يَرعاهُمْ" (رؤ7: 17).. فهي في نار العالم وهى في حضرة الله والسعادة الأبدية.
*أن هذه التسبحة تحمل معنى الغلبة بقوة الصليب، بسر الرابع، الشبيه بابن الآلهة فنهتف كلنا بصوت الفرح والتهليل: "سبحوه مجدوه زيده علوًا"، وهو المَرَد المتكرر في كل أرباع الهوس الثالث.
*وهو اللحن الرائع الذي نتغنى به على مدار ما يقرب من الخمسة عشر دقيقة في تناغم ليس له مثيل في لحن (هوس ايروف)، وهو يقال في آخر ربع من أرباع هذا الهوس.. لنعبر عن فرحتنا بإلهنا الذي لا يتركنا حتى ونحن في آتون النار.
ولعل هذا ما يجعلنا نجد أن الهوس الثالث هو أكبر جزء في التسبحة اليومية بألحانها العديدة والجميلة والرائعة.. فنحن في ختام الهوس الثالث نقول الألحان الآتية:

(1)ازمو ابشويس
(2)هوس ايروف
(3)آري هواؤ تشاسف
(4)أربسالين
(5)تنين ولحنه الممتع الرائع
(6)تين أويه انسوك

كل هذا كختام للهوس الثالث.. ولنلاحظ أن إبصالية أربسالين نجدها تبدأ بـ
"رتلوا للذي صلب عنا وقبر وقام وأبطل الموت وأهانه سبحوه وزيده علوا".. ونعقبها بعد ذلك بلحن تينين، وهى القطعة اليونانية التي تقال للثلاثة فتية القديسين، ونقول فيها: "فمن ثم تقدم الذبيحة والعبادة العقلية. ونرسل لك في هذا اليوم التسابيح لدى مجدك يا مخلصنا.. حنانيا وعزاريا وميصائيل.... يسبحون ويباركون الله كل حين".
*ثم نتبعها بلحن للثلاثة فتية القديسين أيضًا هو (تين اويه انسوك) بلحنه الكيهكي الرائع الذي نقول فيه: "نتبعك بكل قلوبنا ونخافك ونطلب وجهك يا الله لا تحزنا...".
*وأخيرًا نقول بعد هذه الألحان الجميلة (مجمع الآباء القديسين)، الذي هو امتداد للثلاثة فتية.. فكما شهدوا هؤلاء الثلاثة أمام الملك نبوخذ نصر، كذلك هؤلاء الشهداء والقديسين شهدوا أمام الولاة وأمام الكل بحياتهم حسب المسيح.
*فكمثل إحساس الكنيسة بوجود الله مع الثلاثة فتية القديسين في أتون نار هذا العالم.. هكذا يتدرج بإحساس المجاهدين والعابدين بعمق الشركة والعلاقة القوية التي تربط بين الكنيسة المجاهدة والكنيسة المنتصرة.. يجمعها هدف واحد وروح واحدة.
*فالعضوية هي جسد واحد يقرب بينهما اشتياق لا مثيل له، لملاقاة الرب على السحاب حيث نكون مع الرب كل حين.. "ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ" (1تس4: 17).
*فنجد المجمع يبدأ بشفاعة السيدة العذراء كلية الطهر والقداسة مريم والدة الإله، ثم رؤساء الملائكة وبقية رتب السمائيين، والأربعة وعشرون قسيسًا ويوحنا المعمدان، ثم طلب صلوات القديسين ابتداء من البطاركة الأولين (إبراهيم وإسحق ويعقوب)، ثم الآباء الرسل والأنبياء والشهداء والنساك والرهبان.. إلى أن نصل إلى طلب صلوات البابا البطريرك اعترافًا منا أننا كنيسة آباء وكنيسة رسولية.. هؤلاء أجدادنا والأحياء الآن آباءنا ونخضع لهم بكل ترتيب ونظام.
*فنحن نطلب صلوات الآباء الرسل والأنبياء والشهداء والقديسين.. فهم بمثابة سحابة الشهود التي لنا في السماء تطلب من أجلنا ليلًا نهارًا.. وكل منهم يتطلع لنظيره متمثلًا بسيرته طالبًا معونته.. هؤلاء هم الموجودون تحت المذبح في السماء يصلون من أجل المضطهدين والمتضايقين من اجل المسيح.
وأيضا المئة والأربعة والأربعون ألفًا البتوليون يطلبون من أجل الذين اشتهوا بحياة البتولية والقداسة في السيد المسيح، وأيضًا الغالبون عند البحر البلوري يطلبون من أجل شبابنا المسيحي العفيف المجاهد حتى الدم ضد الخطية.
فالمجتمع يعتبر لحظة من لحظات التجلي على قمة جبل الرب العالي (وهو الكنيسة)، حيث يشمخ الرب يسوع المسيح بين موسى وإيليا (أبطال العهد القديم)، والتجلي ما هو إلا حالة الصلاة التي يجتمع فيها الرب يسوع مع قديسيه.. فلا فارق بينهما في عنصري الزمان والمكان.. إنها الأبدية الجميلة.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(4) الهوس الرابع

الهوس الرابع يتكون من ثلاثة مزامير هم: (مز148، 149، 150)..
"هَلِّلُويَا. سَبِّحُوا الرَّبَّ مِنَ السَّمَاوَاتِ. سَبِّحُوهُ فِي الأَعَالِي. سَبِّحُوهُ يَا جَمِيعَ مَلاَئِكَتِهِ. سَبِّحُوهُ يَا كُلَّ جُنُودِهِ. سَبِّحِيهِ يَا أَيَّتُهَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. سَبِّحِيهِ يَا جَمِيعَ كَوَاكِبِ النُّورِ. سَبِّحِيهِ يَا سَمَاءَ السَّمَاوَاتِ، وَيَا أَيَّتُهَا الْمِيَاهُ الَّتِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ. لِتُسَبِّحِ اسْمَ الرَّبِّ لأَنَّهُ أَمَرَ فَخُلِقَتْ، وَثَبَّتَهَا إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ، وَضَعَ لَهَا حَدًّا فَلَنْ تَتَعَدَّاهُ. سَبِّحِي الرَّبَّ مِنَ الأَرْضِ، يَا أَيَّتُهَا التَّنَانِينُ وَكُلَّ اللُّجَجِ. النَّارُ وَالْبَرَدُ، الثَّلْجُ وَالضَّبَابُ، الرِّيحُ الْعَاصِفَةُ الصَّانِعَةُ كَلِمَتَهُ، الْجِبَالُ وَكُلُّ الآكَامِ، الشَّجَرُ الْمُثْمِرُ وَكُلُّ الأَرْزِ، الْوُحُوشُ وَكُلُّ الْبَهَائِمِ، الدَّبَّابَاتُ وَالطُّيُورُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ، مُلُوكُ الأَرْضِ وَكُلُّ الشُّعُوبِ، الرُّؤَسَاءُ وَكُلُّ قُضَاةِ الأَرْضِ، الأَحْدَاثُ وَالْعَذَارَى أَيْضًا، الشُّيُوخُ مَعَ الْفِتْيَانِ، لِيُسَبِّحُوا اسْمَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ قَدْ تَعَالَى اسْمُهُ وَحْدَهُ. مَجْدُهُ فَوْقَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ. وَيَنْصِبُ قَرْنًا لِشَعْبِهِ، فَخْرًا لِجَمِيعِ أَتْقِيَائِهِ، لِبَنِي إِسْرَائِيلَ الشَّعْبِ الْقَرِيبِ إِلَيْهِ. هَلِّلُويَا" (مز 148).
"هَلِّلُويَا. غَنُّوا لِلرَّبِّ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً، تَسْبِيحَتَهُ فِي جَمَاعَةِ الأَتْقِيَاءِ. لِيَفْرَحْ إِسْرَائِيلُ بِخَالِقِهِ. لِيَبْتَهِجْ بَنُو صِهْيَوْنَ بِمَلِكِهِمْ. لِيُسَبِّحُوا اسْمَهُ بِرَقْصٍ. بِدُفّ وَعُودٍ لِيُرَنِّمُوا لَهُ. لأَنَّ الرَّبَّ رَاضٍ عَنْ شَعْبِهِ. يُجَمِّلُ الْوُدَعَاءَ بِالْخَلاَصِ. لِيَبْتَهِجِ الأَتْقِيَاءُ بِمَجْدٍ. لِيُرَنِّمُوا عَلَى مَضَاجِعِهِمْ. تَنْوِيهَاتُ اللهِ فِي أَفْوَاهِهِمْ، وَسَيْفٌ ذُو حَدَّيْنِ فِي يَدِهِمْ. لِيَصْنَعُوا نَقْمَةً فِي الأُمَمِ، وَتَأْدِيبَاتٍ فِي الشُّعُوبِ. لأَسْرِ مُلُوكِهِمْ بِقُيُودٍ، وَشُرَفَائِهِمْ بِكُبُول مِنْ حَدِيدٍ. لِيُجْرُوا بِهِمُِ الْحُكْمَ الْمَكْتُوبَ. كَرَامَةٌ هذَا لِجَمِيعِ أَتْقِيَائِهِ. هَلِّلُويَا" (مز 149).
"هَلِّلُويَا. سَبِّحُوا اللهَ فِي قُدْسِهِ. سَبِّحُوهُ فِي فَلَكِ قُوَّتِهِ. سَبِّحُوهُ عَلَى قُوَّاتِهِ. سَبِّحُوهُ حَسَبَ كَثْرَةِ عَظَمَتِهِ. سَبِّحُوهُ بِصَوْتِ الصُّورِ. سَبِّحُوهُ بِرَبَابٍ وَعُودٍ. سَبِّحُوهُ بِدُفّ وَرَقْصٍ. سَبِّحُوهُ بِأَوْتَارٍ وَمِزْمَارٍ. سَبِّحُوهُ بِصُنُوجِ التَّصْوِيتِ. سَبِّحُوهُ بِصُنُوجِ الْهُتَافِ. كُلُّ نَسَمَةٍ فَلْتُسَبِّحِ الرَّبَّ. هَلِّلُويَا" (مز 150).
هذه المزامير كلها عبارة عن تسبيح، وهذا التسبيح هو عمل الملائكة، وهو عمل الكنيسة الدائم في السماء، وعمل القديسين وكل الخليقة أيًا كانت.. إنسان أم حيوان أم نبات أم جماد.. الكل يمجد الله في صورة منقطعة النظير.
فأتركك أيها الفادي العزيز لنتمعن في كلمات الهوس الرابع الرائعة، وأذكرك أنك الآن تعرفت على معنى أربعة.. وبقي أن نتعرف عن جمال سبعة في التسبحة الكيهكية (سبعة وأربعة) وهذا ما سوف نلتقي به في المقال القادم إن شاء الله.
لإلهنا كل المجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين.
رد مع اقتباس
قديم 13 - 06 - 2014, 03:15 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,350,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

السبع ثيؤطوكيات في تسبحة سبعة وأربعة
رموز العذراء
عندما نتحدث عن التسبحة الكيهيكة وخاصة في كلامنا عن الثيؤطوكيات.. لابد أن نذكر السيدة العذراء والدة الإله (الثيؤطوكوس)، والتي جاءت منها كلمة ثيؤطوكية (أي تمجيد لوالدة الإله).
وهنا لابد أن نذكر سر التجسد الإلهي، الذي تم من خلال السيدة العذراء كُلية الطُهر والنقاء.
*فشخصية السيدة العذراء لها أهمية عظمى في سر التجسد.. فسر التجسد الإلهي لا يمكن أن نلمسه أو نحسه، ونأخذ بركته في حياتنا.. إلا بعد إدراك فهم الاتحاد الإلهي بين الطبيعة الإلهية والطبيعة الإنسانية، وهذا الاتحاد هو الذي حدث في المعمل الإلهي (أي بطن السيدة العذراء).
*ولأن سر التجسد هو أساس كل الأسرار المسيحية، فعيد البشارة نسميه "بكر الأعياد" – لذلك تفنن أنبياء العهد القديم بوحي الروح القدس لهم في إلقاء وتسليط الضوء على هذا السر العجيب، وذلك من خلال وصفهم للسيدة العذراء "السماء الثانية".
*وهذا ما نجده واضحًا جدًا في ثيؤطوكيات التسبحة اليومية (السبع ثيؤطوكيات أي ثيؤطوكية لكل يوم من أيام الأسبوع).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
رموز السيدة العذراء في الثيؤطوكيات

(1) التابوت المصفح بالذهب من كل ناحية: (ثيؤطوكية الأحد)

هذا التابوت كان مصنوعًا من خشب لا يسوس، ومصفح بالذهب من كل ناحية.. فهذا الخشب الذي لا يسوس يرمز لطهارة السيدة العذراء، والذهب هو رمز لللاهوت.. وهذا يرمز إلى أن كل العطايا السماوية هي ليست من طبعنا الخشبي (الذي يمكن أن يسوس ويفسد)، ولكنها هي هبة سماوية من الذهب الذي يغطي طبيعتنا الفاسدة، وهذا ما قيل في بشارة الملاك: "الرّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ علَيكِ، وقوَّةُ العَلي تُظَلّلُكِ" (لو1: 35).. ومن هنا نستطيع أن نضع أمام أعيننا كل حين أن: الطهارة نعمة إلهية مرتبطة بوجود الله معنا كل حين.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(2) المجمرة الذهبية: (ثيؤطوكية الأحد)

هذه المجمرة هي رمز للسيدة العذراء.. فالذهب يرمز لطهارتها، والمجمرة نفسها حاملة جمر اللاهوت.

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
هذه المجمرة لم تحترق بوضع الجمر المحمى بالنار داخلها – مثال: لأن بطن السيدة العذراء لم تحترق عندما حل اللاهوت داخل بطنها وقدسها، وأخذ الإله منها جسدًا.
والمجمرة أيضًا نستخدمها في كل الصلوات الليتورجية.. هكذا يعطينا السيدة العذراء مثالًا لأن طريق العلاقة القوية مع الله هي الصلاة.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(3) السلم الذي رآه يعقوب: (ثيؤطوكية الأربعاء ، السبت)

هذا السلم الذي رآه يعقوب كان ثابتًا على الأرض، ومرتفع حتى السماء، والملائكة نازلة عليه.. "وَرَأَى حُلْمًا، وَإِذَا سُلَّمٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الأَرْضِوَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ، وَهُوَذَا مَلاَئِكَةُ اللهِ صَاعِدَةٌوَنَازِلَةٌعَلَيْهَا" (تك28: 12).
كان السلم رمزًا للسيدة العذراء الذي استخدمه الله لينزل من السماء من طبيعته اللاهوتية، ثم بعد ذك أصعد طبيعتنا البشرية الساقطة إلى السماء عندما فتح لنا باب الفردوس، وأعطانا الملكوت "لا تخَفْ، أيُّها القَطيعُ الصَّغيرُ، لأنَّ أباكُمْ قد سُرَّ أنْ يُعطيَكُمُ الملكوتَ" (لو12: 32).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(4) باب حزقيال: (لبش ثيؤطوكية الأربعاء)

لقد رأى حزقيال بابًا مغلقًا لم يفتحه إنسان، ولم يدخل منه أحد قط.. "لأنَّ الرَّبَّ إلهَ إسرائيلَ دَخَلَ مِنهُ فيكونُ مُغلَقًا" (حز44: 2).
هذا الباب كان رمزًا لبتولية السيدة العذراء.. فلم يعرفها رجل في حبلها للسيد المسيح، وفي ميلادها المعجزي لم يفتح هذا الباب بل ظلت بتوليتها محفوظة ومصانة، كما نقول في صلاة قسمة صوم الميلاد:"وبتوليتها مختومة". فهي العذراء الدائمة البتولية مثل هذا الباب المغلق الذي لم يقترب إليه أي إنسان.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(5) عليقة موسى: (ثيؤطوكية الخميس)

هذه العليقة التي رآها موسى.. "وظَهَرَ لهُ مَلاكُ الرَّب بلهيبِ نارٍ مِنْ وسطِ عُلَّيقَةٍ. فنَظَرَ وإذا العُلَّيقَةُ تتوَقَّدُ بالنّارِ، والعُلَّيقَةُ لم تكُنْ تحتَرِقُ. فقالَ موسَى:"أميلُ الآنَ لأنظُرَ هذا المَنظَرَ العظيمَ. لماذا لا تحتَرِقُ العُلَّيقَةُ؟". فلَمّا رأَى الرَّبُّ أنَّهُ مالَ ليَنظُرَ، ناداهُ اللهُ مِنْ وسطِ العُلَّيقَةِ وقالَ:"موسَى، موسَى!". فقالَ: "هأنذا". فقالَ: "لا تقتَرِبْ إلَى ههنا. اخلَعْ حِذاءَكَ مِنْ رِجلَيكَ، لأنَّ المَوْضِعَ الذي أنتَ واقِفٌ علَيهِ أرضٌ مُقَدَّسَةٌ"(خر3: 2-5).
لقد كانت رمزًا للسيدة العذراء التي حل عليها الروح القدس، وامتلأت من نار اللاهوت ولم تحترق كمثال العليقة. وأصبحت بطن السيدة العذراء أرض مقدسة (مكانًا مقدسًا)، لأن الإله المالئ الكون كله ساكنًا في أحشائها وأخذ منها جسدًا إنسانيًا.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(6) المنارة الذهب: (ثيؤطوكية الأحد)

نحن نقول في مقدمة قانون الإيمان يوميًا: "نعظمك يا أم النور الحقيقي..."، لأن هذه المنارة الذهبية كانت رمزًا للسيدة العذراء، لأنها هي حاملة النور الحقيقي الذي يضيء لكل إنسان آتٍ إلى العالم.. فالمنائر رمز لها في سفر الرؤيا بالكنائس.. "والسَّبعِ المَنايِرِ الذَّهَبيَّةِ: السَّبعَةُ الكَواكِبُ هي مَلائكَةُ السَّبعِ الكَنائسِ، والمَنايِرُ السَّبعُ التي رأيتَها هي السَّبعُ الكَنائسِ" (رؤ1: 20).
لذلك شبهت السيدة العذراء بالمنارة الذهبية، لأنها حملت نور العالم وشمس البر هو ربنا يسوع المسيح.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(7) قدس الأقداس: (ثيؤطوكية الأحد)

قدس الأقداس هو جزء منفصل عن باقي الهيكل، وهذا الجزء ممسوح ومكرس لحلول الله فيه، فرُمز به للسيدة العذراء، لأنها أصبحت نموذجًا حيًا للطريق الذي يجعلنا شركاء للطبيعة الإلهية، وذلك بانعزالنا عن الخطية والشر، فتصبح حياتنا منعزلة عن شر العالم وملذاته، كما كان قدس الأقداس منعزل عن باقي الهيكل ولكنه جزء من الهيكل كما نحن جزء من العالم.
فننعزل عن العالم وشروره بتقديس القلب والحياة، وتكريس الحياة كلها لله، ولتمجيد اسمه القدوس.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(8) عجينة البشرية: (ثيؤطوكية الخميس)

"وجبلت منه امرأة. كل عجينة البشرية أعطتها بالكمال لله الخالق وكلمة الآب".. هذا تعبير عن أن السيدة العذراء بطاعتها قدمت ذاتها للسيد المسيح ليأخذ منها جسدًا بشريًا، فهي ممثلة للبشرية كلها التي قدمت عجينة جسدها التي خلقها الله قديمًا عند خلقة البشرية الممثلة في آدم وحواء.. فهي قدمت هذه العجينة له ليأخذ منها نفس الجسد البشري، ليتحد ويتأنس (أي يأخذ جسد إنسان) من السيدة العذراء.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(9) عرش الله: (ثيؤطوكية الأربعاء)

نقول في القطعة السادسة من ثيؤطوكية الأربعاء: "من تخافه الملائكة حملته العذراء في بطنها. هي أرفع من الشاروبيم وأجَلّ من السارافيملأنها صارت هيكلًا للواحد من الثالوث. هذه هي أورشليم مدينة إلهنا وفرح جميع القديسين كائن فيها".
فلقد صارت السيدة العذراء أعلى من الشاروبيم وارتفعت أيضًا فوق السارافيم لأنها صارت عرشًا لله محمولًا بهؤلاء الطغمات السمائية العالية.. كل هذا يبين عِظم كرامة السيدة العذراء.. فصارت أعلى من الطغمات السمائية. لذلك نذكرها في مجمع التسبحة قبل رؤساء الملائكة.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(10) غطاء التابوت: (ثيؤطوكية الأحد)

*نقول في القطعة الخامسة عشر من ثيؤطوكية الأحد: "شبهوا الغطاء بالعذراء وكاروبا المجد يظللان عليها". فهذا التعبير يتقارب لفهم الآية: "قوَّةُ العَلي تُظَللُكِ" (لو1: 35).
فهذا الرمز يبين لنا عمق اهتمام الله بنا، فهو يظللنا برعايته ويسترنا بستر جناحيه. لذلك لا تحرقنا الشمس بالنهار ولا القمر بالليل،"إنَّهُ لا يَنعَسُ ولا يَنامُ حافِظُ إسرائيلَ. الرَّبُّ حافِظُكَ. الرَّبُّ ظِلٌّ لكَ عن يَدِكَ اليُمنَى. لا تضرِبُكَ الشَّمسُ في النَّهارِ، ولا القَمَرُ في اللَّيلِ. الرَّبُّ يَحفَظُكَ مِنْ كُل شَر. يَحفَظُ نَفسَكَ. الرَّبُّ يَحفَظُ خُروجَكَ ودُخولكَ مِنَ الآنَ وإلَى الدَّهرِ" (مز121: 4-8).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(11) جبل دانيال: (ثيؤطوكية الثلاثاء)

*في القطعة الخامسة من ثيؤطوكية الثلاثاء نقول: "لأن هذا هو الحجر الذي رآه دانيال قد قُطع من جبل لم تلمسه يد إنسان البتة هو الكلمة الذي من الآب. أتى وتجسد من العذراء بغير زرع بشر حتى خلصنا".
فقطع هذا الحجر من الجبل بدون يد إنسان كان رمزًا للسيدة العذراء التي أخذ منها السيد المسيح جسدًا بدون زرع بشر ولا معرفة رجل.. فكما لم يلمس الجبل يد إنسان هكذا لم يقترب أي رجل من السيدة العذراء.. فحبلها بالسيد المسيح كان بالروح القدس.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(12) سماء ثانية جديدة: (ثيؤطوكية الأربعاء، الخميس، السبت)

*في القطعة الأولى من ثيؤطوكية الأربعاء نقول: "كل الطغمات السمائية ينطقون بطوباويتك لأنك أنتِ هي السماء الثانية الكائنة على الأرض".
*وفي ثيؤطوكية الخميس نقول: "الاثنا عشر كوكبًا تكلل رأسها وهي حبلى".
*وفي القطعة الخامسة من ثيؤطوكية السبت نقول: "صرت سماءً ثانية على الأرض يا والدة الإله لأنه أشرق لنا منكِ شمس البر".
هذه السماء الثانية الجديدة هي التي تحدث عنها ملاخي النبي قائلًا: "ولكُمْ أيُّها المُتَّقونَ اسمي تُشرِقُ شَمسُ البِر والشفاءُ في أجنِحَتِها، فتخرُجونَ وتنشأونَ كعُجولِ الصيرَةِ" (ملا4: 2).. فقد أشرق لنا منها شمس البر ربنا يسوع المسيح النور الحقيقي.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(13) المرأة المتسربلة بالشمس: (ثيؤطوكية الخميس)

*نقول في القطعة التاسعة من ثيؤطوكية الخميس: "هي مريم السماء الجديدة التي على الأرض المشرقة لنا منها شمس البر. لأن الشمس المتسربلة بها هي ربنا يسوع المسيح والقمر الذي تحت رجليها هو يوحنا المعمدان والاثنى عشر كوكبًا المكللة رأسها هي الاثنى عشر رسولًا يحيطون بها ويكرمونها".
وهذا الكلام نفسه هو ما ذكر في سفر الرؤيا: "وظَهَرَتْ آيَةٌ عظيمَةٌ في السماءِ: امرأةٌ مُتَسَربِلَةٌ بالشَّمسِ، والقَمَرُ تحتَ رِجلَيها، وعلَى رأسِها إكليلٌ مِنِ اثنَيْ عشَرَ كوكَبًا، وهي حُبلَى تصرُخُ مُتَمَخضَةً ومُتَوَجعَةً لتلِدَ" (رؤ12: 1-2).
هذه التشبيهات كلها تدلنا على أن السيدة العذراء هي المرأة المتسربلة بالشمس والقمر الذي تحت رجليها هو يوحنا المعمدان.. فتدلنا على عظمة السيدة العذراء.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(14) قسط الذهب والمن المُخفى داخله: (ثيؤطوكية الأحد)

*في القطعة الرابعة عشر من ثيؤطوكية الأحد نقول: "كان في القبة قسط ذهبي وكيل منٍ مخفى فيه".
*وفي القطعة الخامسة عشر نقول: "شبهوا التابوت بالعذراء وذهبه المختار بطهارتها شبهوا القسط الذهبي بالعذراء وكيلة المن بمخلصنا".
وهنا نقول إذا كان القسط الذهبي الذي كان رمزًا للسيدة العذراء نال كرامة هذه مقدارها في العهد القديم بوضع المن فيه.. فكم بالعذراء بإعطائها جسدًا للمسيح.. قد نالت كرامة لا توصف فهي التي حملت المن الحقيقي الذي "إنْ أكلَ أحَدٌ مِنْ هذا الخُبزِ يَحيا إلَى الأبدِ" (يو6: 51). وقدمته لنا، فالذي يأكل منه لا يموت إلى الأبد وتكون له حياة أبدية.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(15) مدينة الله: (ثيؤطوكية الأربعاء)

*تتحدث ثيؤطوكية الأربعاء في قطعتيها الثانية والسادسة عن العذراء وتشبهها بأنها مدينة الله فنقول: "تكلموا بكرامات من أجلك يا مدينة الله لأنك أنت مسكن جميع الفرحين. كل ملوك الأرض يسيرون في نورك والأمم في ضيائك يا مريم أم الله"، "هي أرفع من الشاروبيم وأجل من السارافيم لأنها صارت هيكلًا للواحد من الثالوث. هذه هي أورشليم مدينة إلهنا وفرح جميع القديسين كائن فيها".
وهذا ما ذكره معلمنا داود في (مز87: 7) "لأن سكنى الفرحين جميعهم فيك" – حسب ترجمة الأجبية.
هذه التشبيهات التي اتصفت بها السيدة العذراء على سبيل المثال وليس الحصر.. فيوجد العديد منها لم نذكره في ثيؤطوكية الأحد – حرصًا على وقتكم الثمين.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
وهنا نذكر لك أيها القارئ العزيز بعض العبارات المهمة التي ذكرت في الثيؤطوكيات:

*"تطلع الآب من السماء فلم يجد من يشبهك أرسل وحيده أتى وتجسد منك" (الأربعاء).
*"غير المتجسد تجسد - والكلمة تجسمت – وغير المبتدئ ابتدأ – وغير الزمني صار زمنيًا – وغير المدرك لمسوه – وغير المرئي رأوه" (الأربعاء)
*"البطن الواقع تحت الحكم وولد الأولاد بوجع القلب. صار ينبوعًا لعدم الموت" (الجمعة)
*"لم يزل إلهًا أتى وصار ابن بشر لكنه هو الإله الحقيقي أتى وخلصنا" (الجمعة)
*"السلام للقديسة أم جميع الأحياء" (الثلاثاء)
*"هذه الصنارة العقلية التي تصطاد المسيحيين" (لبش الجمعة)
ويضاف في تسبحة كيهك العديد من الإبصاليات التي تقال على الهوسات والثيؤطوكيات (وكلمة إبصالية معناها ترنيمة ينتهي المرد بها في كل ربع باسم يسوع).
وبهذا نرى أن الترنيم القبطي يمثل حوار مع اسم المخلص وهو اسم السيد المسيح.. فهو ليس مجرد ترنيم عادي كما نرى في ترانيم هذه الأيام.
فنجد الآباء أبرزوا بحق قيمة ترديد اسم يسوع المسيح وهو اسم الخلاص حتى صار هو محور عبادتهم بل صاروا يتنفسونه لأنه "وليس بأحَدٍ غَيرِهِ الخَلاصُ. لأنْ ليس اسمٌ آخَرُ تحتَ السماءِ، قد أُعطيَ بَينَ الناسِ، بهِ يَنبَغي أنْ نَخلُصَ" (أع4: 12).
فهذا موجز سريع وبسيط أردنا به أن نتعرف على معنى (7 و 4)، وهي التسبحة التي نصليها في شهر كيهك، لكي نكون على دراية كافية بسر التجسد الإلهي وعظمة والدة الإله التي من خلالها تم هذا التجسد. وبذلك تتحول السهرة إلى ليلة نقضيها في السماء حول موضوع التجسد الإلهي عن طريق السيدة العذراء.
ونختم هنا كلامنا بما قاله القديس غريغوريوس النزينزي عن السيدة العذراء فيقول: "من لا يؤمن أن القديسة مريم والدة الإله فهو غريب عن الله".
ربنا يبارك حياتكم ولإلهنا المجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 06 - 2014, 03:19 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,350,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

عُمق قراءات الأحد الأول من شهر كيهك
بشارة الملاك لزكريا الكاهن



مزمور العشية

يُشير مزمور عشية الأحد الأول من كيهك إلى شيخوخة زكريا وأليصابات زوجته العاقر.. التي مضى زمان حَملِها بكثير، وأصبحت عارًا بين جيرانها.
فزكريا المُداوم على الصلاة للرب لكي يرزقه نسلًا.. لم يكِّل من هذه الطِلبة، حتى شاخ وتقدم في الأيام.. لأن من عادة بني إسرائيل أن يعيِّروا كل مَنْ لم يرزق بنسلًا، مُعتبرين إياه معدوم البركة (أي بركة الله).. "وبارَكَهُمُ اللهُ وقالَ لهُمْ: أثمِروا واكثُروا واملأُوا الأرضَ" (تك1: 28).
وكان لسان حاله يصرخ دائمًا: "إلَى مَتَى يارَبُّ تنساني كُلَّ النسيانِ؟ إلَى مَتَى تحجُبُ وجهَكَ عَني؟ إلَى مَتَى أجعَلُ هُمومًا في نَفسي وحُزنًا في قَلبي كُلَّ يومٍ؟ إلَى مَتَى يَرتَفِعُ عَدوي علَيَّ؟ انظُرْ واستَجِبْ لي يارَبُّ إلهي" (مز13: 1-3).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
إنجيل العشية (مر14: 3-9)

"وفيما هو في بَيتِ عنيا في بَيتِ سِمعانَ الأبرَصِ، وهو مُتَّكِئٌ، جاءَتِ امرأةٌ معها قارورَةُ طيبِ نارِدينٍ خالِصٍ كثيرِ الثَّمَنِ. فكسَرَتِ القارورَةَ وسكَبَتهُ علَى رأسِهِ. وكانَ قَوْمٌ مُغتاظينَ في أنفُسِهِمْ، فقالوا: "لماذا كانَ تلَفُ الطيبِ هذا؟ لأنَّهُ كانَ يُمكِنُ أنْ يُباعَ هذا بأكثَرَ مِنْ ثَلاثِمِئَةِ دينارٍ ويُعطَى للفُقَراءِ". وكانوا يؤَنّبونَها. أمّا يَسوعُ فقالَ: "اترُكوها! لماذا تُزعِجونَها؟ قد عَمِلَتْ بي عَمَلًا حَسَنًا! لأنَّ الفُقَراءَ معكُمْ في كُل حينٍ، ومَتَى أرَدتُمْ تقدِرونَ أنْ تعمَلوا بهِمْ خَيرًا. وأمّا أنا فلستُ معكُمْ في كُل حينٍ. عَمِلَتْ ما عِندَها. قد سبَقَتْ ودَهَنَتْ بالطيبِ جَسَدي للتَّكفينِ. الحَقَّ أقولُ لكُمْ: حَيثُما يُكرَزْ بهذا الإنجيلِ في كُل العالَمِ، يُخبَرْ أيضًا بما فعَلَتهُ هذِهِ، تذكارًا لها".
يتحدث إنجيل العشية عن المرأة التي دهنت رأس السيد المسيح بالطيب الخالص الكثير الثمن.. فبينما كان السيد المسيح في طريقه ذاهبًا إلى أورشليم.. دخل أريحا، فزار زكا العشار، وأنعم عليه بالخلاص.. وبعدها ألقى على الشعب مَثَل العشر أمناء، وذهب بعدها إلى أورشليم حيث دخل بيت عنيا (بيت الحزن)، ودخل بيت سمعان الأبرص.. فجاءت المرأة ومعها قارورة طيب ناردين خالص كثير الثمن، فكسرت القارورة، وسكبت الطيب على رأس الخالق.
والناردين الذي سكبته المرأة على رأس المُخلِّص.. معناه: "السنبل"، وهو النبات الذي كانوا يستخرجون منه الطيب الغالي الثمن ذو الرائحة الذكية، وكانوا يستحضروه من بلاد الهند بعد استخراجه واستخلاصه.
فعندما كسرت المرأة قارورة الطيب، امتلأ البيت من أريج الطيب لكثرته وانتشار رائحته الذكية.. كانت النتيجة أن اغتاظ التلاميذ، وانتهروها وقالوا: "لماذا كانَ تلَفُ الطيبِ هذا؟" (مر14: 4).. وكان على رأسهم يهوذا الإسخريوطي (سارق الصندوق)، فهو كان يريد المال وليس المحبة، وهذا هو نفس قصد الأشرار السيئ في أنهم يخفوا مقاصدهم السيئة تحت ستار التقوى والخوف على الفقراء!!
وأخذ التلاميذ يعنفونالمرأة على فِعلها هذا وأنه إتلافًا... وكيف يكون ذلك!! هل ما تقدمهللسيد المسيح يعتبر إتلافًا؟ هل مَنْ يكرسون حياتهم كلها للسيد المسيح يكونوا قد أضاعوا عمرهم هباء وأتلفوا حياتهم؟
هنا يرد علينا مُعلِّمنا بولس الرسول: "بل إني أحسِبُ كُلَّ شَيءٍ أيضًا خَسارَةً مِنْ أجلِ فضلِ مَعرِفَةِ المَسيحِ يَسوعَ رَبي، الذي مِنْ أجلِهِ خَسِرتُ كُلَّ الأشياءِ، وأنا أحسِبُها نُفايَةً لكَيْ أربَحَ المَسيحَ" (في3: 8)..لكن السيد المسيح لم يتركها، بل طلب منهم أن يكفوا عن إزعاجها، بل وأشاد بما فعلته قائلًا لهم: "قد عَمِلَتْ بي عَمَلًا حَسَنًا!" (مر14: 6).
فكان الواجب عليهم أن يشكروهابدلًا من أن يعنفوها، وقد برّر السيد المسيح رضاه على سكب الطيب وشكرهلمريم على إيمانها هذا بأن قال لهم: "لأنَّ الفُقَراءَ معكُمْ في كُل حينٍ، ومَتَى أرَدتُمْ تقدِرونَ أنْ تعمَلوا بهِمْ خَيرًا. وأمّا أنا فلستُ معكُمْ في كُل حينٍ" (مر14: 7).
وأوضح مُخلِّصنا الصالحللتلاميذ شرف عملها هذا بأن قال لهم: إنها فعلت ذلك لأجل تكفيني.. "عَمِلَتْ ما عِندَها. قد سبَقَتْ ودَهَنَتْ بالطيبِ جَسَدي للتَّكفين" (مر14: 8).

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
ولم يكتفي السيد المسيح بذلك، بل قال لهم مُخلدًا ذكراها إلى الأبد:"الحَقَّ أقولُ لكُمْ: حَيثُما يُكرَزْ بهذا الإنجيلِ في كُل العالَمِ، يُخبَرْ أيضًا بما فعَلَتهُ هذِهِ، تذكارًا لها" (مر14: 9).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
إنجيل باكر (مر12: 41-44)

"وجَلَسَ يَسوعُ تُجاهَ الخِزانَةِ، ونَظَرَ كيفَ يُلقي الجَمعُ نُحاسًا في الخِزانَةِ. وكانَ أغنياءُ كثيرونَ يُلقونَ كثيرًا. فجاءَتْ أرمَلَةٌ فقيرَةٌ وألقَتْ فلسَينِ، قيمَتُهُما رُبعٌ. فدَعا تلاميذَهُ وقالَ لهُمُ: "الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّ هذِهِ الأرمَلَةَ الفَقيرَةَ قد ألقَتْ أكثَرَ مِنْ جميعِ الذينَ ألقَوْا في الخِزانَةِ، لأنَّ الجميعَ مِنْ فضلَتِهِمْ ألقَوْا، وأمّا هذِهِ فمِنْ إعوازِها ألقَتْ كُلَّ ما عِندَها، كُلَّ مَعيشَتِها".
*يتحدث إنجيل باكر عن الأرملة التي ألقت فلسين في الخزانة، فبعدما أجاب السيد المسيح عن أسئلة رؤساء اليهود المختصة بالزواج بعد القيامة، وما هي الوصية العظمى في الناموس، ولمَنْ تُعطى الجزية... وغيرها من الأسئلة.. أخذ يحذر الناس من الكتبة والفريسيين ورياؤهم، ونطق عليهم بالويلات للمرة الثانية في (مت23: 13-26).
*وبعد ذلك جلس السيد المسيح تجاه الخزانة لكي يعلّمهم درسًا لم يعوه ولم يدركوه.. فكثير من الأغنياء جاءوا وألقوا نقودًا كثيرة، ولكنها لم تكن من احتياجهم.. بل من فضلتهم، ولذلك فهم ليس لهم فضل فيما يعطونه لله، فهم يعطون من الزائد وليس من الاحتياج.
*ولكن كان من بين الذين ألقوا في هذه الخزانة أرملة فقيرة جدًا.. جاءت لتقدم للرب من احتياجها، قدمت له فلسين قيمتها ربع (أي نصف مليم) (أي ما يعادل اليوم خمسة قروش).
*فامتدح السيد المسيح هذه المرأة التي أعطت من احتياجها وليس من الفائض، كما ستفعل فيما بعد أم يوحنا المعمدان (أليصابات) العاقر.. فحينما فتح الرب رحمها، وأعطاها نسل لم تبخل به على الله، فهو وحيدها، ولكنها أعطته لله.. فتركها وذهب للبرية ليُعد طريق الرب.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
الرسائل

الرسائل هنا تشير كلها إلى موضوع واحد، وهو: "طلبة أليصابات العاقر"، التي لم تكّل أن تطلب إلى الله أن يرزقها نسلًا، لكي ينزع عارها من بين الجميع.
البولس (رو1: 1-17)

"بولُسُ، عَبدٌ ليَسوعَ المَسيحِ، المَدعوُّ رَسولًا، المُفرَزُ لإنجيلِ اللهِ، الذي سبَقَ فوَعَدَ بهِ بأنبيائهِ في الكُتُبِ المُقَدَّسَةِ، عن ابنِهِ. الذي صارَ مِنْ نَسلِ داوُدَ مِنْ جِهَةِ الجَسَدِ، وتعَيَّنَ ابنَ اللهِ بقوَّةٍ مِنْ جِهَةِ روحِ القَداسَةِ، بالقيامَةِ مِنَ الأمواتِ: يَسوعَ المَسيحِ رَبنا. الذي بهِ، لأجلِ اسمِهِ، قَبِلنا نِعمَةً ورِسالَةً، لإطاعَةِ الإيمانِ في جميعِ الأُمَمِ، الذينَ بَينَهُمْ أنتُمْ أيضًا مَدعوّو يَسوعَ المَسيحِ. إلَى جميعِ المَوْجودينَ في روميَةَ، أحِبّاءَ اللهِ، مَدعوّينَ قِدّيسينَ: نِعمَةٌ لكُمْ وسلامٌ مِنَ اللهِ أبينا والرَّب يَسوعَ المَسيحِ. أوَّلًا، أشكُرُ إلهي بيَسوعَ المَسيحِ مِنْ جِهَةِ جميعِكُمْ، أنَّ إيمانَكُمْ يُنادَى بهِ في كُل العالَمِ. فإنَّ اللهَ الذي أعبُدُهُ بروحي، في إنجيلِ ابنِهِ، شاهِدٌ لي كيفَ بلا انقِطاعٍ أذكُرُكُمْ، مُتَضَرعًا دائمًا في صَلَواتي عَسَى الآنَ أنْ يتيَسَّرَ لي مَرَّةً بمَشيئَةِ اللهِ أنْ آتيَ إلَيكُمْ. لأني مُشتاقٌ أنْ أراكُمْ، لكَيْ أمنَحَكُمْ هِبَةً روحيَّةً لثَباتِكُمْ، أيْ لنتعَزَّى بَينَكُمْ بالإيمانِ الذي فينا جميعًا، إيمانِكُمْ وإيماني. ثُمَّ لستُ أُريدُ أنْ تجهَلوا أيُّها الإخوَةُ أنَّني مِرارًا كثيرَةً قَصَدتُ أنْ آتيَ إلَيكُمْ، ومُنِعتُ حتَّى الآنَ، ليكونَ لي ثَمَرٌ فيكُم أيضًا كما في سائرِ الأُمَمِ. إني مَديونٌ لليونانيينَ والبَرابِرَةِ، للحُكَماءِ والجُهَلاءِ. فهكذا ما هو لي مُستَعَدٌّ لتبشيرِكُمْ أنتُمُ الذينَ في روميَةَ أيضًا، لأني لستُ أستَحي بإنجيلِ المَسيحِ، لأنَّهُ قوَّةُ اللهِ للخَلاصِ لكُل مَنْ يؤمِنُ: لليَهودي أوَّلًا ثُمَّ لليوناني. لأنْ فيهِ مُعلَنٌ برُّ اللهِ بإيمانٍ لإيمانٍ، كما هو مَكتوبٌ: "أمّا البارُّ فبالإيمانِ يَحيا".
*يوضح هنا إيمانها، فمُعلِّمنا بولس الرسول يُخاطب أهل رومية قائلًا: "أوَّلًا، أشكُرُ إلهي بيَسوعَ المَسيحِ مِنْ جِهَةِ جميعِكُمْ، أنَّ إيمانَكُمْ يُنادَى بهِ في كُل العالَمِ. فإنَّ اللهَ الذي أعبُدُهُ بروحي، في إنجيلِ ابنِهِ، شاهِدٌ لي كيفَ بلا انقِطاعٍ أذكُرُكُمْ، مُتَضَرعًا دائمًا في صَلَواتي عَسَى الآنَ أنْ يتيَسَّرَ لي مَرَّةً بمَشيئَةِ اللهِ أنْ آتيَ إلَيكُمْ. لأني مُشتاقٌ أنْ أراكُمْ، لكَيْ أمنَحَكُمْ هِبَةً روحيَّةً لثَباتِكُمْ، أيْ لنتعَزَّى بَينَكُمْ بالإيمانِ الذي فينا جميعًا، إيمانِكُمْ وإيماني" (رو1: 8-12).
*مُعلِّمنا بولس الرسول يؤكد هنا على الإيمان.. موضحًا إيمان أليصابات في قوله: "لأنْ فيهِ مُعلَنٌ برُّ اللهِ بإيمانٍ لإيمانٍ، كما هو مَكتوبٌ: "أمّا البارُّ فبالإيمانِ يَحيا" (رو1: 17).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
الكاثوليكون (يع1: 1-18)

"يعقوبُ، عَبدُ اللهِ والرَّب يَسوعَ المَسيحِ، يُهدي السَّلامَ إلَى الاِثنَيْ عشَرَ سِبطًا الذينَ في الشَّتاتِ. اِحسِبوهُ كُلَّ فرَحٍ يا إخوَتي حينَما تقَعونَ في تجارِبَ مُتَنَوّعَةٍ، عالِمينَ أنَّ امتِحانَ إيمانِكُمْ يُنشِئُ صَبرًا. وأمّا الصَّبرُ فليَكُنْ لهُ عَمَلٌ تامٌّ، لكَيْ تكونوا تامينَ وكامِلينَ غَيرَ ناقِصينَ في شَيءٍ. وإنَّما إنْ كانَ أحَدُكُمْ تُعوِزُهُ حِكمَةٌ، فليَطلُبْ مِنَ اللهِ الذي يُعطي الجميعَ بسَخاءٍ ولا يُعَيّرُ، فسَيُعطَى لهُ. ولكن ليَطلُبْ بإيمانٍ غَيرَ مُرتابٍ البَتَّةَ، لأنَّ المُرتابَ يُشبِهُ مَوْجًا مِنَ البحرِ تخبِطُهُ الريحُ وتدفَعُهُ. فلا يَظُنَّ ذلكَ الإنسانُ أنَّهُ يَنالُ شَيئًا مِنْ عِندِ الرَّب. رَجُلٌ ذو رأيَينِ هو مُتَقَلقِلٌ في جميعِ طُرُقِهِ. وليَفتَخِرِ الأخُ المُتَّضِعُ بارتِفاعِهِ، وأمّا الغَنيُّ فباتضاعِهِ، لأنَّهُ كزَهرِ العُشبِ يَزولُ. لأنَّ الشَّمسَ أشرَقَتْ بالحَر، فيَبَّسَتِ العُشبَ، فسَقَطَ زَهرُهُ وفَنيَ جَمالُ مَنظَرِهِ. هكذا يَذبُلُ الغَنيُّ أيضًا في طُرُقِهِ. طوبَى للرَّجُلِ الذي يَحتَمِلُ التَّجرِبَةَ، لأنَّهُ إذا تزَكَّى يَنالُ "إكليلَ الحياةِ" الذي وعَدَ بهِ الرَّبُّ للذينَ يُحِبّونَهُ. لا يَقُلْ أحَدٌ إذا جُرّبَ: "إني أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ"، لأنَّ اللهَ غَيرُ مُجَرَّبٍ بالشُّرورِ، وهو لا يُجَرّبُ أحَدًا. ولكن كُلَّ واحِدٍ يُجَرَّبُ إذا انجَذَبَ وانخَدَعَ مِنْ شَهوتِهِ. ثُمَّ الشَّهوةُ إذا حَبِلَتْ تلِدُ خَطيَّةً، والخَطيَّةُ إذا كمَلَتْ تُنتِجُ موتًا. لا تضِلّوا يا إخوَتي الأحِبّاءَ. كُلُّ عَطيَّةٍ صالِحَةٍ وكُلُّ مَوْهِبَةٍ تامَّةٍ هي مِنْ فوقُ، نازِلَةٌ مِنْ عِندِ أبي الأنوارِ، الذي ليس عِندَهُ تغييرٌ ولا ظِلُّ دَوَرانٍ. شاءَ فوَلَدَنا بكلِمَةِ الحَق لكَيْ نَكونَ باكورَةً مِنْ خَلائقِهِ".
*يوضح هنا صبرها في وصية مُعلِّمنا يعقوب الرسول للشعب أن يصبروا على كل ما يصيبهم من تجارب قائلًا: "عالِمينَ أنَّ امتِحانَ إيمانِكُمْ يُنشِئُ صَبرًا" (يع1: 3).
*فالعُقر الذي كانت تعاني منه أليصابات كان امتحان لها، لتزكية إيمانها وصبرها،"ليَنزِعَ عاري بَينَ الناسِ" (لو1: 25).
*لذلك يطوّب الذين يحتملون التجربة فيقول: "طوبَى للرَّجُلِ الذي يَحتَمِلُ التَّجرِبَةَ، لأنَّهُ إذا تزَكَّى يَنالُ "إكليلَ الحياةِ" الذي وعَدَ بهِ الرَّبُّ للذينَ يُحِبّونَهُ" (يع1: 12).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
الإبركسيس (أع1: 1-14)

"الكلامُ الأوَّلُ أنشأتُهُ يا ثاوُفيلُسُ، عن جميعِ ما ابتَدأَ يَسوعُ يَفعَلُهُ ويُعَلمُ بهِ، إلَى اليومِ الذي ارتَفَعَ فيهِ، بَعدَ ما أوصَى بالرّوحِ القُدُسِ الرُّسُلَ الذينَ اختارَهُمْ. الذينَ أراهُمْ أيضًا نَفسَهُ حَيًّا ببَراهينَ كثيرَةٍ، بَعدَ ما تألَّمَ، وهو يَظهَرُ لهُمْ أربَعينَ يومًا، ويتكلَّمُ عن الأُمورِ المُختَصَّةِ بملكوتِ اللهِ. وفيما هو مُجتَمِعٌ معهُمْ أوصاهُمْ أنْ لا يَبرَحوا مِنْ أورُشَليمَ، بل يَنتَظِروا "مَوْعِدَ الآبِ الذي سمِعتُموهُ مِني، لأنَّ يوحَنا عَمَّدَ بالماءِ، وأمّا أنتُمْ فسَتَتَعَمَّدونَ بالرّوحِ القُدُسِ، ليس بَعدَ هذِهِ الأيّامِ بكَثيرٍ". أمّا هُمُ المُجتَمِعونَ فسألوهُ قائلينَ: "يارَبُّ، هل في هذا الوقتِ ترُدُّ المُلكَ إلَى إسرائيلَ؟". فقالَ لهُمْ: "ليس لكُمْ أنْ تعرِفوا الأزمِنَةَ والأوقاتَ التي جَعَلها الآبُ في سُلطانِهِ، لكنكُمْ ستَنالونَ قوَّةً مَتَى حَلَّ الرّوحُ القُدُسُ علَيكُمْ، وتكونونَ لي شُهودًا في أورُشَليمَ وفي كُل اليَهوديَّةِ والسّامِرَةِ وإلَى أقصَى الأرضِ". ولَمّا قالَ هذا ارتَفَعَ وهُم يَنظُرونَ. وأخَذَتهُ سحابَةٌ عن أعيُنِهِمْ. وفيما كانوا يَشخَصونَ إلَى السماءِ وهو مُنطَلِقٌ، إذا رَجُلانِ قد وقَفا بهِمْ بلِباسٍ أبيَضَ، وقالا: "أيُّها الرجالُ الجليليّونَ، ما بالُكُمْ واقِفينَ تنظُرونَ إلَى السماءِ؟ إنَّ يَسوعَ هذا الذي ارتَفَعَ عنكُمْ إلَى السماءِ سيأتي هكذا كما رأيتُموهُ مُنطَلِقًا إلَى السماءِ". حينَئذٍ رَجَعوا إلَى أورُشَليمَ مِنَ الجَبَلِ الذي يُدعَى جَبَلَ الزَّيتونِ، الذي هو بالقُربِ مِنْ أورُشَليمَ علَى سفَرِ سبتٍ. ولَمّا دَخَلوا صَعِدوا إلَى العِلّيَّةِ التي كانوا يُقيمونَ فيها: بُطرُسُ ويعقوبُ ويوحَنا وأندَراوُسُ وفيلُبُّسُ وتوما وبَرثولَماوُسُ ومَتَّى ويعقوبُ بنُ حَلفَى وسِمعانُ الغَيورُ ويَهوذا أخو يعقوبَ. هؤُلاءِ كُلُّهُمْ كانوا يواظِبونَ بنَفسٍ واحِدَةٍ علَى الصَّلاةِ والطلبَةِ، مع النساءِ، ومَريَمَ أُم يَسوعَ، ومع إخوَتِهِ".
*يتكلم عن انتظار الرسل في أورشليم، حتى يحل عليهم الروح القدس.. فهم "كانوا يواظِبونَ بنَفسٍ واحِدَةٍ علَى الصَّلاةِ والطلبَةِ، مع النساءِ، ومَريَمَ أُم يَسوعَ، ومع إخوَتِهِ" (أع1: 14).
*فهو يشير هنا إلى مواظبة زكريا على الصلاة والطلبة من أجل أن يرزقه الله نسلًا.. وبالفعل حدث ذلك كما سنرى في الإنجيل.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
إنجيل القداس (لو1: 1-25)

"إذ كانَ كثيرونَ قد أخَذوا بتأليفِ قِصَّةٍ في الأُمورِ المُتَيَقَّنَةِ عِندَنا، كما سلَّمَها إلَينا الذينَ كانوا منذُ البَدءِ مُعايِنينَ وخُدّامًا للكلِمَةِ، رأيتُ أنا أيضًا إذ قد تتبَّعتُ كُلَّ شَيءٍ مِنَ الأوَّلِ بتدقيقٍ، أنْ أكتُبَ علَى التَّوالي إلَيكَ أيُّها العَزيزُ ثاوُفيلُسُ، لتعرِفَ صِحَّةَ الكلامِ الذي عُلمتَ بهِ. كانَ في أيّامِ هيرودُسَ مَلِكِ اليَهوديَّةِ كاهِنٌ اسمُهُ زَكَريّا مِنْ فِرقَةِ أبيّا، وامرأتُهُ مِنْ بَناتِ هارونَ واسمُها أليصاباتُ. وكانا كِلاهُما بارَّينِ أمامَ اللهِ، سالِكَينِ في جميعِ وصايا الرَّب وأحكامِهِ بلا لومٍ. ولم يَكُنْ لهُما ولَدٌ، إذ كانَتْ أليصاباتُ عاقِرًا. وكانا كِلاهُما مُتَقَدمَينِ في أيّامِهِما. فبَينَما هو يَكهَنُ في نَوْبَةِ فِرقَتِهِ أمامَ اللهِ، حَسَبَ عادَةِ الكَهَنوتِ، أصابَتهُ القُرعَةُ أنْ يَدخُلَ إلَى هيكلِ الرَّب ويُبَخرَ. وكانَ كُلُّ جُمهورِ الشَّعبِ يُصَلّونَ خارِجًا وقتَ البَخورِ. فظَهَرَ لهُ مَلاكُ الرَّب واقِفًا عن يَمينِ مَذبَحِ البَخورِ. فلَمّا رَآهُ زَكَريّا اضطَرَبَ ووَقَعَ علَيهِ خَوْفٌ. فقالَ لهُ المَلاكُ: "لا تخَفْ يا زَكَريّا، لأنَّ طِلبَتَكَ قد سُمِعَتْ، وامرأتُكَ أليصاباتُ ستَلِدُ لكَ ابنًا وتُسَميهِ يوحَنا. ويكونُ لكَ فرَحٌ وابتِهاجٌ، وكثيرونَ سيَفرَحونَ بوِلادَتِهِ، لأنَّهُ يكونُ عظيمًا أمامَ الرَّب، وخمرًا ومُسكِرًا لا يَشرَبُ، ومِنْ بَطنِ أُمهِ يَمتَلِئُ مِنَ الرّوحِ القُدُسِ. ويَرُدُّ كثيرينَ مِنْ بَني إسرائيلَ إلَى الرَّب إلهِهِمْ. ويَتَقَدَّمُ أمامَهُ بروحِ إيليّا وقوَّتِهِ، ليَرُدَّ قُلوبَ الآباءِ إلَى الأبناءِ، والعُصاةَ إلَى فِكرِ الأبرارِ، لكَيْ يُهَيئَ للرَّب شَعبًا مُستَعِدًّا". فقالَ زَكَريّا للمَلاكِ: "كيفَ أعلَمُ هذا، لأني أنا شَيخٌ وامرأتي مُتَقَدمَةٌ في أيّامِها؟". فأجابَ المَلاكُ وقالَ لهُ: "أنا جِبرائيلُ الواقِفُ قُدّامَ اللهِ، وأُرسِلتُ لأُكلمَكَ وأُبَشرَكَ بهذا. وها أنتَ تكونُ صامِتًا ولا تقدِرُ أنْ تتكلَّمَ، إلَى اليومِ الذي يكونُ فيهِ هذا، لأنَّكَ لم تُصَدقْ كلامي الذي سيَتِمُّ في وقتِهِ". وكانَ الشَّعبُ مُنتَظِرينَ زَكَريّا ومُتَعّجبينَ مِنْ إبطائهِ في الهيكلِ. فلَمّا خرجَ لم يَستَطِعْ أنْ يُكلمَهُمْ، ففَهِموا أنَّهُ قد رأَى رؤيا في الهيكلِ. فكانَ يومِئُ إليهِمْ وبَقيَ صامِتًا. ولَمّا كمِلَتْ أيّامُ خِدمَتِهِ مَضَى إلَى بَيتِهِ. وبَعدَ تِلكَ الأيّامِ حَبِلَتْ أليصاباتُ امرأتُهُ، وأخفَتْ نَفسَها خَمسَةَ أشهُرٍ قائلَةً: "هكذا قد فعَلَ بيَ الرَّبُّ في الأيّامِ التي فيها نَظَرَ إلَيَّ، ليَنزِعَ عاري بَينَ الناسِ".
*الهدف من قراءة هذا الفصل اليوم هو الاحتفال برحمة الله المتحنن على البشر، وهي تتجلى اليوم في البشارة بميلاد يوحنا المعمدان، الذي سبق السيد المسيح ليُعد له شعبًا مبررًا، ويُعد له الطريق.
*فميلاد يوحنا المعمدان هو أول خطوة بدأت بها رحلة خلاص البشرية، بتجسد السيد المسيح، وهي أول مظهر من مظاهر هذه الرحمة التي أنعم الله بها على البشرية.
*ففصل الإنجيل يُشير إلى البُشرى التي زفها الملاك لزكريا الكاهن عن قرب الموعد.. لتحقيق أمنيته التي كان يتمناها طوال عمره.. فبينما كان زكريا يقوم بخدمته الكهنوتية في نوبة فرقته، أصابته القرعة أن يدخل إلى الهيكل ليبخّر، فظهر له الملاك ليُبشره بميلاد يوحنا.
*وظهور ملاك وقت البخور لزكريا لهمغزاه.. فيوحنا المعمدان ملاك.. "ها أنا أُرسِلُ أمامَ وجهِكَ مَلاكي، الذي يُهَيئُ طريقَكَ قُدّامَكَ" (مر1: 2).. لذلك اقتضى أن الذي يبشره هو ملاك.. وظهور الملاكعن يمين المذبح إشارة إلى أن يوحنا المعمدان سوف يضع يده اليمنى علىرأس المُخلِّص وقت العماد، فبشر الملاك زكريا أولًا بقبول طلبته وسماعالله لها، وكذلك صلوات امرأته، وأنها سوف تلد ابنًا وتسميه يوحنا.. وهذا المولود سيكون سبب فرح لزكريا وابتهاج له وسيفرح بولادته كثيرين.
*واستكمل الملاك كلامه معزكريا عن المولود العتيد قائلًا: "يكونُ عظيمًا".. فعظمته ترجع إلىامتلائه من الروح القدس وهوفي بطن أمه، وهو الذي فاز بشرف تعميدالسيد المسيح، ووضع يده عليه، وهو الذي فتح باب التوبة أمام الجميع.. "توبوا، لأنَّهُ قد اقتَرَبَ ملكوتُ السماواتِ" (مت3: 2).. واستكمل الملاك كلامه عنيوحنا قائلًا: "ويَتَقَدَّمُ أمامَهُ بروحِ إيليّا وقوَّتِهِ" (لو1: 17).
*فالضمير في كلمة "أمامه" يعود على الرب إلههم في الآية السابقة.. "ويَرُدُّ كثيرينَ مِنْ بَني إسرائيلَ إلَى الرَّب إلهِهِمْ" (لو1: 16).. فيكون ذلك واضحًا على أن السيد المسيح هو "الله الذي معنا"، وهو "الله الذي ظهر في الجسد".. "عظيمٌ هو سِرُّ التَّقوَى: اللهُ ظَهَرَ في الجَسَدِ" (1تي3: 16)، وروحإيليا هي الأمور المشتركة بينهم، وهي البتولية والتقشف ولبس الصوف، والقوة.. فكما وبخ إيليا أخاب وإيزابل بكل قوة وشجاعة (1مل21).. هكذا سوف يوبخ في المستقبل القريب يوحناهيرودس وهيروديا.. "فإنَّ هيرودُسَ كانَ قد أمسَكَ يوحَنا وأوثَقَهُ وطَرَحَهُ في سِجنٍ مِنْ أجلِ هيروديّا امرأةِ فيلُبُّسَ أخيهِ، لأنَّ يوحَنا كانَ يقولُ لهُ: "لا يَحِلُّ أنْ تكونَ لكَ" (مت14: 3-4).
*كان على زكريا الكاهن الرجل صاحب الوقار أن تصدمه بشارة الملاك، ولكن حدث العكس.. فقد شك فيالكلام ولم يصدقه، ونسى قصة ولادة اسحق من سارة العاقر وإبراهيم الشيخ، ونسى أن الله قادر على كل شيء، ونسى ولادة شمشون من أم عاقر، وصموئيلالذي ولد من حنة العاقر.. كل ذلك لم يتذكره، وشك في كلام الملاك ولميصدقه، وطالب الملاك بعلامة ظاهرة يستطيع من خلالها أن يصدق هذه البشرى.
*فأراد الملاك أن يعطيه علامة على صدق البُشرى، بأن يعرفه بنفسه.. "فأجابَ المَلاكُ وقالَ لهُ: "أنا جِبرائيلُ الواقِفُ قُدّامَ اللهِ، وأُرسِلتُ لأُكلمَكَ وأُبَشرَكَ بهذا" (لو1: 19).. فعندما تأكد الملاك من شك زكريا أنذره بالعقاب جزاءً لعدم إيمانه فقال له:"وها أنتَ تكونُ صامِتًا ولا تقدِرُ أنْ تتكلَّمَ، إلَى اليومِ الذي يكونُ فيهِ هذا، لأنَّكَ لم تُصَدقْ كلامي الذي سيَتِمُّ في وقتِهِ" (لو1: 20).
*ولاشك أن الصمت الذي حدث لزكريا كان مصحوبًابأصم (عدم السمع)، بدليل أن الناس كانوا يخاطبونه بالإشارة حين أرادوا أنيعرفوا الاسم الذي يتسمى به المولود.. وقد حدد الملاك لزكريا موعد انتهاء فترة صمته، وهو اليوم الذي يتحقق فيه كل ما أنبأه به.
وقد أثار إبطاء زكريا فيالهيكل عن المعتاد استغراب الشعب.. لماذا تأخر؟! ماذا حدث؟! فخرجلهم صامتًا يُومئ لهم برأسه، فأدركوا أنه رأى رؤيا، وأكد ذلك لسانه الذيانعقد وأذنيه اللتين أصيبتا بالصمم.
*واستكمل زكريا خدمته رغمما حدث له.. وحبلت أليصابات، وأخفت نفسها خمسة أشهر خوفًا من تعييرات الجيران، وكانت تردد القول بإن الله فتح رحمها.. إذ نزع عنها عارها، لأن شعب إسرائيل كانوا يعتقدون أن العقم هو علامة على غضب الله على الشخص،فكانوا يعيرونه بذلك.. فهم كما حسبوا الولادة رضى من الله، إذ سلكوابوصايا الله.. "وألتَفِتُ إلَيكُمْ وأُثمِرُكُمْ وأُكَثرُكُمْ وأفي ميثاقي معكُمْ" (لا26: 9). وقوله لنوح وبنيه:"أثمِروا واكثُروا واملأَُوا الأرضَ" (تك9: 1).. لذلككانوا يعيرون العاقر بعدم تمتعها بالثمر والإكثار الذي من عند الرب.
من هنا نرى الخطالمشترك الواضح في قراءات الأحد الأول هو:"البشارة المفرحة".. واستجابةالله للصلوات المستمرة التي كان يقدمها زكريا وامرأته أليصابات..وبدأت الكنيسة شهر كيهك بهذه البشارة لتهيئ ذهننا لولادة المُخلِّص الذييأتي ويُخلِّص الجميع من سلطان الخطية وأسر الشيطان.
ليعطينا الرب روح الصلاة والطلبة المستمرة،
والإيمان بمواعيده الصادقة..
ولإلهنا المجد في كنيسته المقدسة..
من الآن وإلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 06 - 2014, 03:28 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,350,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

عُمق قراءات الأحد الثاني من شهر كيهك
بشارة الملاك جبرائيل للسيدة العذراء



مزمور عشية (مز144: 5، 7)


يتحدث مزمور إنجيل العشية عن طلب نزول السيد المسيح من السماء.."يارَبُّ، طأطِئْ سماواتِكَ وانزِلِ. المِسِ الجِبالَ فتُدَخنَ... أرسِلْ يَدَكَ مِنَ العَلاءِ. أنقِذني ونَجني مِنَ المياهِ الكَثيرَةِ، مِنْ أيدي الغُرَباءِ". وكأن البشر يستغيثون بالمُخلص.. بسرعة النزول حتى لو اضطر الأمر أن تدخن الجبال عندما ينزل!! فحلول لاهوت السيد المسيح في أحشاء السيدة العذراء.. سوف يحدث عن قريب عندما يبشرها الملاك بحلول ابن الله في أحشائها.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
إنجيل العشية (لو7: 36-50)


"وسألهُ واحِدٌ مِنَ الفَريسيينَ أنْ يأكُلَ معهُ، فدَخَلَ بَيتَ الفَريسي واتَّكأَ. وإذا امرأةٌ في المدينةِ كانَتْ خاطِئَةً، إذ عَلِمَتْ أنَّهُ مُتَّكِئٌ في بَيتِ الفَريسي، جاءَتْ بقارورَةِ طيبٍ، ووَقَفَتْ عِندَ قَدَمَيهِ مِنْ ورائهِ باكيَةً، وابتَدأتْ تبُلُّ قَدَمَيهِ بالدُّموعِ، وكانَتْ تمسَحُهُما بشَعرِ رأسِها، وتُقَبلُ قَدَمَيهِ وتدهَنُهُما بالطيبِ. فلَمّا رأَى الفَريسيُّ الذي دَعاهُ ذلكَ، تكلَّمَ في نَفسِهِ قائلًا: "لو كانَ هذا نَبيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الاِمرأةُ التي تلمِسُهُ وما هي! إنَّها خاطِئَةٌ". فأجابَ يَسوعُ وقالَ لهُ: "يا سِمعانُ، عِندي شَيءٌ أقولُهُ لكَ". فقالَ: "قُلْ، يا مُعَلمُ". "كانَ لمُدايِنٍ مَديونانِ. علَى الواحِدِ خَمسُمِئَةِ دينارٍ وعلَى الآخَرِ خَمسونَ. وإذ لم يَكُنْ لهُما ما يوفيانِ سامَحَهُما جميعًا. فقُلْ: أيُّهُما يكونُ أكثَرَ حُبًّا لهُ؟". فأجابَ سِمعانُ وقالَ: "أظُنُّ الذي سامَحَهُ بالأكثَرِ". فقالَ لهُ: "بالصَّوابِ حَكَمتَ". ثُمَّ التفَتَ إلَى المَرأةِ وقالَ لسِمعانَ: "أتَنظُرُ هذِهِ المَرأةَ؟ إني دَخَلتُ بَيتَكَ، وماءً لأجلِ رِجلَيَّ لم تُعطِ. وأمّا هي فقد غَسَلَتْ رِجلَيَّ بالدُّموعِ ومَسَحَتهُما بشَعرِ رأسِها. قُبلَةً لم تُقَبلني، وأمّا هي فمنذُ دَخَلتُ لم تكُفَّ عن تقبيلِ رِجلَيَّ. بزَيتٍ لم تدهُنْ رأسي، وأمّا هي فقد دَهَنَتْ بالطيبِ رِجلَيَّ. مِنْ أجلِ ذلكَ أقولُ لكَ: قد غُفِرَتْ خطاياها الكثيرَةُ، لأنَّها أحَبَّتْ كثيرًا. والذي يُغفَرُ لهُ قَليلٌ يُحِبُّ قَليلًا". ثُمَّ قالَ لها: "مَغفورَةٌ لكِ خطاياكِ". فابتَدأَ المُتَّكِئونَ معهُ يقولونَ في أنفُسِهِمْ: "مَنْ هذا الذي يَغفِرُ خطايا أيضًا؟". فقالَ للمَرأةِ: "إيمانُكِ قد خَلَّصَكِ، اِذهَبي بسَلامٍ".
*يتحدث إنجيل العشية عن المرأة الخاطئة التي دخلت بيت الفريسي، ودهنت قدمي مخلصنا الصالح بالطيب، واقفة من ورائه باكية، وأخذت تقبل قدميه وتدهنهما بالطيب، وتمسحهما بشعر رأسها.

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
*وفي هذا البيت أعلن السيد المسيح الخلاص للمرأة الخاطئة قائلًا لها: "مَغفورَةٌ لكِ خطاياكِ".
*فإعلان المخلص للمرأة بالخلاص هو إشارة اليوم لنا بإعلانه لنا بالخلاص، وذلك عن طريق بشارة الملاك جبرائيل للسيدة العذراء.. فكما أعلن للمرأة خلاصها بمغفرة خطاياها.. هكذا أعلن لنا كلنا الخلاص ببشارة والدته بميلاده منها.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
مزمور باكر (مز72: 6-7)


"يَنزِلُ مِثلَ المَطَرِ علَى الجُزازِ، ومِثلَ الغُيوثِ الذّارِفَةِ علَى الأرضِ. يُشرِقُ في أيّامِهِ الصديقُ، وكثرَةُ السَّلامِ إلَى أنْ يَضمَحِلَّ القَمَرُ".
يوضح لنا مزمور باكر حلول مخلصنا الصالح في بطن السيدة العذراء.. بنزوله المملوء سلامًا، وليس كالدخان الذي يصدر من الجبال، عندما يحل عليها.. كما في مزمور العشية، ولكنه يحل بهدوء وسلام.. "يَنزِلُ مِثلَ المَطَرِ علَى الجُزازِ، ومِثلَ الغُيوثِ الذّارِفَةِ علَى الأرضِ. يُشرِقُ في أيّامِهِ الصديقُ، وكثرَةُ السَّلامِ إلَى أنْ يَضمَحِلَّ القَمَرُ".
فهو ملك السلام الذي حل السلام على الأرض بواسطته، كما ترنمت الملائكة عند ميلاده: "المَجدُ للهِ في الأعالي، وعلَى الأرضِ السَّلامُ، وبالناسِ المَسَرَّةُ" (لو2: 14)..فهو الذي يعطى السلام لكل نفس متعبة كما سنرى في إنجيل باكر.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
إنجيل باكر (لو11: 20-28)


"ولكن إنْ كُنتُ بأصبِعِ اللهِ أُخرِجُ الشَّياطينَ، فقد أقبَلَ علَيكُمْ ملكوتُ اللهِ. حينَما يَحفَظُ القَويُّ دارَهُ مُتَسَلحًا،تَكونُ أموالُهُ في أمانٍ. ولكن مَتَى جاءَ مَنْ هو أقوَى مِنهُ فإنَّهُ يَغلِبُهُ، ويَنزِعُ سِلاحَهُ الكامِلَ الذي اتَّكلَ علَيهِ، ويوَزعُ غَنائمَهُ. مَنْ ليس مَعي فهو علَيَّ، ومَنْ لا يَجمَعُ مَعي فهو يُفَرقُ. مَتَى خرجَ الرّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإنسانِ، يَجتازُ في أماكِنَ ليس فيها ماءٌ يَطلُبُ راحَةً، وإذ لا يَجِدُ يقولُ: أرجِعُ إلَى بَيتي الذي خرجتُ مِنهُ. فيأتي ويَجِدُهُ مَكنوسًا مُزَيَّنًا. ثُمَّ يَذهَبُ ويأخُذُ سبعَةَ أرواحٍ أُخَرَ أشَرَّ مِنهُ، فتدخُلُ وتسكُنُ هناكَ، فتصيرُ أواخِرُ ذلكَ الإنسانِ أشَرَّ مِنْ أوائلِهِ!". وفيما هو يتكلَّمُ بهذا، رَفَعَتِ امرأةٌ صوتها مِنَ الجَمعِ وقالَتْ لهُ: "طوبَى للبَطنِ الذي حَمَلكَ والثَّديَينِ اللذَينِ رَضِعتَهُما". أمّا هو فقالَ: "بل طوبَى للذينَ يَسمَعونَ كلامَ اللهِ ويَحفَظونَهُ".
يتحدث إنجيل باكر عن شفاء السيد المسيح للإنسان الأخرس الذي كان يسكنه الشيطان.. فعندما أخرج السيد المسيح الشيطان.. تكلم الأخرس. فالسيد المسيح ملك السلام جاء ليعطي السلام لكل نفس متعبة.. جاء يشفي كل مَنْ تسلط عليهم إبليس.. فحلول ونزول الإله المتجسد سوف يكون مثل المطر على الجزة ومثل قطرات تقطر على الأرض.. فهو الذي يشرق في أيامه العدل وكثرة السلامة.
*ففي إنجيل العشية أعلن خلاص المسيح للكل.
*وفي إنجيل باكر أعلن سلام المُخلِّص.
*وفي إنجيل القداس أعلنت البشارة بمولده من السيدة العذراء.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
البولس (رو3: 1 - 4: 1-3)


"إذًا ما هو فضلُ اليَهودي، أو ما هو نَفعُ الخِتانِ؟ كثيرٌ علَى كُل وجهٍ! أمّا أوَّلًا فلأنَّهُمُ استؤمِنوا علَى أقوالِ اللهِ. فماذا إنْ كانَ قَوْمٌ لم يكونوا أُمَناءَ؟ أفَلَعَلَّ عَدَمَ أمانَتِهِمْ يُبطِلُ أمانَةَ اللهِ؟ حاشا! بل ليَكُنِ اللهُ صادِقًا وكُلُّ إنسانٍ كاذِبًا. كما هو مَكتوبٌ: "لكَيْ تتبَرَّرَ في كلامِكَ، وتغلِبَ مَتَى حوكِمتَ". ولكن إنْ كانَ إثمُنا يُبَينُ برَّ اللهِ، فماذا نَقولُ؟ ألَعَلَّ اللهَ الذي يَجلِبُ الغَضَبَ ظالِمٌ؟ أتكلَّمُ بحَسَبِ الإنسانِ. حاشا! فكيفَ يَدينُ اللهُ العالَمَ إذ ذاكَ؟ فإنَّهُ إنْ كانَ صِدقُ اللهِ قد ازدادَ بكَذِبي لمَجدِهِ، فلماذا أُدانُ أنا بَعدُ كخاطِئٍ؟ أما كما يُفتَرَى علَينا، وكما يَزعُمُ قَوْمٌ أنَّنا نَقولُ: "لنَفعَلِ السَّيآتِ لكَيْ تأتيَ الخَيراتُ"؟ الذينَ دَينونَتُهُمْ عادِلَةٌ. فماذا إذًا؟ أنَحنُ أفضَلُ؟ كلاَّ البَتَّةَ! لأنَّنا قد شَكَوْنا أنَّ اليَهودَ واليونانيينَ أجمَعينَ تحتَ الخَطيَّةِ، كما هو مَكتوبٌ: "أنَّهُ ليس بارٌّ ولا واحِدٌ. ليس مَنْ يَفهَمُ. ليس مَنْ يَطلُبُ اللهَ. الجميعُ زاغوا وفَسَدوا مَعًا. ليس مَنْ يَعمَلُ صَلاحًا ليس ولا واحِدٌ. حَنجَرَتُهُمْ قَبرٌ مَفتوحٌ. بألسِنَتِهِمْ قد مَكَروا. سِمُّ الأصلالِ تحتَ شِفاهِهِمْ. وفَمُهُمْ مَملوءٌ لَعنَةً ومَرارَةً. أرجُلُهُمْ سريعَةٌ إلَى سفكِ الدَّمِ. في طُرُقِهِمِ اغتِصابٌ وسُحقٌ. وطَريقُ السَّلامِ لم يَعرِفوهُ. ليس خَوْفُ اللهِ قُدّامَ عُيونِهِمْ". ونَحنُ نَعلَمُ أنَّ كُلَّ ما يقولُهُ النّاموسُ فهو يُكلمُ بهِ الذينَ في النّاموسِ، لكَيْ يَستَدَّ كُلُّ فمٍ، ويَصيرَ كُلُّ العالَمِ تحتَ قِصاصٍ مِنَ اللهِ. لأنَّهُ بأعمالِ النّاموسِ كُلُّ ذي جَسَدٍ لا يتبَرَّرُ أمامَهُ. لأنَّ بالنّاموسِ مَعرِفَةَ الخَطيَّةِ. وأمّا الآنَ فقد ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بدونِ النّاموسِ، مَشهودًا لهُ مِنَ النّاموسِ والأنبياءِ، بِرُّ اللهِ بالإيمانِ بيَسوعَ المَسيحِ، إلَى كُل وعلَى كُل الذينَ يؤمِنونَ. لأنَّهُ لا فرقَ. إذ الجميعُ أخطأوا وأعوَزَهُمْ مَجدُ اللهِ، مُتَبَررينَ مَجّانًا بنِعمَتِهِ بالفِداءِ الذي بيَسوعَ المَسيحِ، الذي قَدَّمَهُ اللهُ كفّارَةً بالإيمانِ بدَمِهِ، لإظهارِ بِرهِ، مِنْ أجلِ الصَّفحِ عن الخطايا السّالِفَةِ بإمهالِ اللهِ، لإظهارِ بِرهِ في الزَّمانِ الحاضِرِ، ليكونَ بارًّا ويُبَررَ مَنْ هو مِنَ الإيمانِ بيَسوعَ. فأينَ الافتِخارُ؟ قد انتَفَى. بأي ناموسٍ؟ أبناموسِ الأعمالِ؟ كلاَّ. بل بناموسِ الإيمانِ. إذًا نَحسِبُ أنَّ الإنسانَ يتبَرَّرُ بالإيمانِ بدونِ أعمالِ النّاموسِ. أمِ اللهُ لليَهودِ فقط؟ أليس للأُمَمِ أيضًا؟ بَلَى، للأُمَمِ أيضًا لأنَّ اللهَ واحِدٌ، هو الذي سيُبَررُ الخِتانَ بالإيمانِ والغُرلَةَ بالإيمانِ. أفَنُبطِلُ النّاموسَ بالإيمانِ؟ حاشا! بل نُثَبتُ النّاموسَ. فماذا نَقولُ إنَّ أبانا إبراهيمَ قد وجَدَ حَسَبَ الجَسَدِ؟ لأنَّهُ إنْ كانَ إبراهيمُ قد تبَرَّرَ بالأعمالِ فلهُ فخرٌ، ولكن ليس لَدَى اللهِ. لأنَّهُ ماذا يقولُ الكِتابُ؟ "فآمَنَ إبراهيمُ باللهِ فحُسِبَ لهُ بِرًّا".
يتكلم مُعلمنا بولس الرسول في هذا الفصل أنه بأعمال الناموس لا يتبرر أحد أمام الله.. بل الكل يتبررون بالإيمان بيسوع المسيح، وذلك يبطل الإفخارستيا، ويثبت الناموس.. "لأنَّهُ بأعمالِ النّاموسِ كُلُّ ذي جَسَدٍ لا يتبَرَّرُ أمامَهُ. لأنَّ بالنّاموسِ مَعرِفَةَ الخَطيَّةِ. وأمّا الآنَ فقد ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بدونِ النّاموسِ، مَشهودًا لهُ مِنَ النّاموسِ والأنبياءِ، بِرُّ اللهِ بالإيمانِ بيَسوعَ المَسيحِ" (رو3: 20-22).
"مُتَبَررينَ مَجّانًا بنِعمَتِهِ بالفِداءِ الذي بيَسوعَ المَسيحِ، الذي قَدَّمَهُ اللهُ كفّارَةً بالإيمانِ بدَمِهِ، لإظهارِ بِرهِ، مِنْ أجلِ الصَّفحِ عن الخطايا السّالِفَةِ بإمهالِ اللهِ، لإظهارِ بِرهِ في الزَّمانِ الحاضِرِ، ليكونَ بارًّا ويُبَررَ مَنْ هو مِنَ الإيمانِ بيَسوعَ" (رو3: 24-26).
ويظهر هذا الفصل.. إيمان السيدة العذراء ببشارة الملاك لها، عندما قال: "وأمّا الآنَ فقد ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بدونِ النّاموسِ، مَشهودًا لهُ مِنَ النّاموسِ والأنبياءِ، بِرُّ اللهِ بالإيمانِ بيَسوعَ المَسيحِ، إلَى كُل وعلَى كُل الذينَ يؤمِنونَ".
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
الكاثوليكون (1يو1: 1-10 ، 2: 2)


"الذي كانَ مِنَ البَدءِ، الذي سمِعناهُ، الذي رأيناهُ بعُيونِنا، الذي شاهَدناهُ، ولَمَسَتهُ أيدينا، مِنْ جِهَةِ كلِمَةِ الحياةِ. فإنَّ الحياةَ أُظهِرَتْ، وقد رأينا ونَشهَدُ ونُخبِرُكُمْ بالحياةِ الأبديَّةِ التي كانَتْ عِندَ الآبِ وأُظهِرَتْ لنا. الذي رأيناهُ وسمِعناهُ نُخبِرُكُمْ بهِ، لكَيْ يكونَ لكُمْ أيضًا شَرِكَةٌ معنا. وأمّا شَرِكَتُنا نَحنُ فهي مع الآبِ ومع ابنِهِ يَسوعَ المَسيحِ. ونَكتُبُ إلَيكُمْ هذا لكَيْ يكونَ فرَحُكُمْ كامِلًا. وهذا هو الخَبَرُ الذي سمِعناهُ مِنهُ ونُخبِرُكُمْ بهِ: إنَّ اللهَ نورٌ وليس فيهِ ظُلمَةٌ البَتَّةَ. إنْ قُلنا: إنَّ لنا شَرِكَةً معهُ وسلكنا في الظُّلمَةِ، نَكذِبُ ولسنا نَعمَلُ الحَقَّ. ولكن إنْ سلكنا في النّورِ كما هو في النّورِ، فلنا شَرِكَةٌ بَعضِنا مع بَعضٍ، ودَمُ يَسوعَ المَسيحِ ابنِهِ يُطَهرُنا مِنْ كُل خَطيَّةٍ. إنْ قُلنا: إنَّهُ ليس لنا خَطيَّةٌ نُضِلُّ أنفُسَنا وليس الحَقُّ فينا. إنِ اعتَرَفنا بخطايانا فهو أمينٌ وعادِلٌ، حتَّى يَغفِرَ لنا خطايانا ويُطَهرَنا مِنْ كُل إثمٍ. إنْ قُلنا: إنَّنا لم نُخطِئْ نَجعَلهُ كاذِبًا، وكلِمَتُهُ ليستْ فينا".. "وهو كفّارَةٌ لخطايانا. ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كُل العالَمِ أيضًا".
يتحدث هنا يوحنا الرسول عن ظهور السيد المسيح "الذي كانَ مِنَ البَدءِ، الذي سمِعناهُ، الذي رأيناهُ بعُيونِنا، الذي شاهَدناهُ، ولَمَسَتهُ أيدينا، مِنْ جِهَةِ كلِمَةِ الحياةِ. فإنَّ الحياةَ أُظهِرَتْ".
فهو هنا يعلن ظهور المخلص بدءًا بالبشارة بميلاده العجيب، الذي بشر به اليوم الملاك جبرائيل والدة الإلهفهو يعلن أن "اللهَ نورٌ وليس فيهِ ظُلمَةٌ البَتَّةَ" (1يو1: 5).. وأنه يجب أن تكون شركتنا معه في النور فإن كانت "لنا شَرِكَةً معهُ وسلكنا في الظُّلمَةِ، نَكذِبُ ولسنا نَعمَلُ الحَقَّ. ولكن إنْ سلكنا في النّورِ كما هو في النّورِ، فلنا شَرِكَةٌ بَعضِنا مع بَعضٍ" (1يو1: 6-7).
وأخيرًا.. يعلن لنا أن الذي بُشر به اليوم هو شفيعنا عند الآب الذي هو المُخلص يسوع المسيح، وهو أيضًا كفارة لخطايانا وليس لخطايانا نحن فقط بل لخطايا كل العالم.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
الإبركسيس (أع7: 30-34)


"ولَمّا كمِلَتْ أربَعونَ سنَةً، ظَهَرَ لهُ مَلاكُ الرَّب في بَريَّةِ جَبَلِ سيناءَ في لهيبِ نارِ عُلَّيقَةٍ. فلَمّا رأَى موسَى ذلكَ تعَجَّبَ مِنَ المَنظَرِ. وفيما هو يتقَدَّمُ ليَتَطَلَّعَ، صارَ إليهِ صوتُ الرَّب: أنا إلهُ آبائكَ، إلهُ إبراهيمَ وإلهُ إسحاقَ وإلهُ يعقوبَ. فارتَعَدَ موسَى ولم يَجسُرْ أنْ يتطَلَّعَ. فقالَ لهُ الرَّبُّ: اخلَعْ نَعلَ رِجلَيكَ، لأنَّ المَوْضِعَ الذي أنتَ واقِفٌ علَيهِ أرضٌ مُقَدَّسَةٌ. إني لقد رأيتُ مَشَقَّةَ شَعبي الذينَ في مِصرَ، وسمِعتُ أنينَهُمْ ونَزَلتُ لأُنقِذَهُمْ. فهَلُمَّ الآنَ أُرسِلُكَ إلَى مِصرَ".
يتحدث هنا سفر الأعمال.. عن ظهور الرب لموسى النبي في برية سيناء، في لهيب النار، في العليقة المضطرمة بالنار.. "ولَمّا كمِلَتْ أربَعونَ سنَةً، ظَهَرَ لهُ مَلاكُ الرَّب في بَريَّةِ جَبَلِ سيناءَ في لهيبِ نارِ عُلَّيقَةٍ. فلَمّا رأَى موسَى ذلكَ تعَجَّبَ مِنَ المَنظَرِ. وفيما هو يتقَدَّمُ ليَتَطَلَّعَ، صارَ إليهِ صوتُ الرَّب: أنا إلهُ آبائكَ، إلهُ إبراهيمَ وإلهُ إسحاقَ وإلهُ يعقوبَ. فارتَعَدَ موسَى ولم يَجسُرْ أنْ يتطَلَّعَ. فقالَ لهُ الرَّبُّ: اخلَعْ نَعلَ رِجلَيكَ، لأنَّ المَوْضِعَ الذي أنتَ واقِفٌ علَيهِ أرضٌ مُقَدَّسَةٌ" (أع7: 30-33).
وظهور الرب لموسى النبي في برية جبل سيناء في لهيب نار والعليقة يرمز إلى حَبَل السيدة العذراء بالسيد المسيح بدون رجل، أي بدون زرع بشر.. وهو إشارة واضحة لحلول اللاهوت في أحشاء السيدة العذراء، وخروج الإله المتجسد من بطنها الطاهرة، واتخاذ السيد المسيح جسدًا من جسدها الطاهر.. ثم يختم الفصل بقول الرب: "إني لقد رأيتُ مَشَقَّةَ شَعبي الذينَ في مِصرَ، وسمِعتُ أنينَهُمْ ونَزَلتُ لأُنقِذَهُمْ. فهَلُمَّ الآنَ أُرسِلُكَ إلَى مِصرَ" (أع7: 34).
فنزول الرب إلى مصر أرض العبودية لشعب الله هي مثلما نزل السيد المسيح إلى أرض الشقاء لكي يخلص البشر من سلطان الخطية وقبضة الشيطان.. ومصر هنا تشير إلى العبودية لشعب إسرائيل كما الأرض كلها تشير إلى عبودية الجنس البشري.
فنزل السيد المسيح إلى الأرض لكي يخلص كل من يؤمن به. فالفصل كله يحكى لنا مغزى روحي وهو نزول السيد المسيح إلى الأرض في بطن السيدة العذراء واتخاذه جسدًا منها يولد به لكي يخلص جنس البشر من عبودية العدو الشيطان.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
مزمور إنجيل القداس (مز45: 10-11)


"اِسمَعي يا بنتُ وانظُري، وأميلي أُذُنَكِ، وانسَيْ شَعبَكِ وبَيتَ أبيكِ، فيَشتَهيَ المَلِكُ حُسنَكِ، لأنَّهُ هو سيدُكِ فاسجُدي لهُ".. فهو هنا يخاطب السيدة العذراء.. لمَنْ تسمع قول الملاك بالبشارة المفرحة لها ولكل البشرية "بتجسده منها".. أي أن يأخذ جسدًا منها، وأن تنصت لقول الرب.. وبالفعل فعلت السيدة العذراء هذا.. عندما قالت: "هوذا أنا أمة للرب ليكن لي كقولك". ويقول لها أن الملك بل ملك الملوك قد اشتهى حُسنِك، لأنه هو سيدك وربك.. وبالفعل اشتهى الملك حُسن السيدة العذراء، فنقول: "تطلع الآب من السماء.. فلم يجد مَنْ يُشبهك.. أرسل وحيده.. أتى وتجسد منكِ".
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
إنجيل القداس (لو1: 26-38)


"وفي الشَّهرِ السّادِسِ أُرسِلَ جِبرائيلُ المَلاكُ مِنَ اللهِ إلَى مدينةٍ مِنَ الجليلِ اسمُها ناصِرَةُ، إلَى عَذراءَ مَخطوبَةٍ لرَجُلٍ مِنْ بَيتِ داوُدَ اسمُهُ يوسُفُ. واسمُ العَذراءِ مَريَمُ. فدَخَلَ إليها المَلاكُ وقالَ: سلامٌ لكِ أيَّتُها الممتلئة نعمة! الرَّبُّ معكِ. مُبارَكَةٌ أنتِ في النساءِ". فلَمّا رأتهُ اضطَرَبَتْ مِنْ كلامِهِ، وفَكَّرَتْ: "ما عَسَى أنْ تكونَ هذِهِ التَّحيَّةُ!". فقالَ لها المَلاكُ:"لا تخافي يا مَريَمُ، لأنَّكِ قد وجَدتِ نِعمَةً عِندَ اللهِ. وها أنتِ ستَحبَلينَ وتلِدينَ ابنًا وتُسَمينَهُ يَسوعَ. هذا يكونُ عظيمًا، وابنَ العَلي يُدعَى، ويُعطيهِ الرَّبُّ الإلهُ كُرسيَّ داوُدَ أبيهِ، ويَملِكُ علَى بَيتِ يعقوبَ إلَى الأبدِ، ولا يكونُ لمُلكِهِ نِهايَةٌ". فقالَتْ مَريَمُ للمَلاكِ: "كيفَ يكونُ هذا وأنا لستُ أعرِفُ رَجُلًا؟". فأجابَ المَلاكُ وقالَ لها: "الرّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ علَيكِ، وقوَّةُ العَلي تُظَللُكِ، فلذلكََ أيضًا القُدّوسُ المَوْلودُ مِنكِ يُدعَى ابنَ اللهِ. وهوذا أليصاباتُ نَسيبَتُكِ هي أيضًا حُبلَى بابنٍ في شَيخوخَتِها، وهذا هو الشَّهرُ السّادِسُ لتِلكَ المَدعوَّةِ عاقِرًا، لأنَّهُ ليس شَيءٌ غَيرَ مُمكِنٍ لَدَى اللهِ". فقالَتْ مَريَمُ: "هوذا أنا أَمَةُ الرَّب. ليَكُنْ لي كقَوْلِكَ". فمَضَى مِنْ عِندِها المَلاكُ".
عندما نرجع بخاطرنا إلى إنجيل الأحد الماضي الأحد الأول.. فنجده كان يتكلم عن رحمة الله للأمم التي تجلت في البشارة بميلاد يوحنا المعمدان السابق للسيد المسيح.
أما إنجيل اليوم فهو يتكلم عن البشارة بميلاد المُخلص نفسه.. فقد أرسل الله ملاكه المبشر جبرائيل للسيدة العذراء في الشهر السادس لحبل القديسة أليصابات بيوحنا المعمدان ليزف لها البشرى المفرحة بميلاد مخلص العالم منها وهذا ما اتضح في قوله: "وهذا هو الشَّهرُ السّادِسُ لتِلكَ المَدعوَّةِ عاقِرًا" (لو1: 36).
*والحكمة في اختيار العدد السادس (الشهر السادس) دون غيره هو أن في اليوم السادس تمت الخليقة بخلقة الإنسان وسقوطه في الخطية.فوجب أن يوجد فيه مجددًا فائزًا بالغفران وبالصفح عن خطاياه.وتبشيره بالخلاص الآتي وخروجه من تحت قبضة الشيطان.
*وأراد الله أن يبشر السيدة العذراء بالحبل حتى إذا رأت نفسها حبلى لا تستغرب ولا تضطرب، فمن الممكن أن تفكر في التخلص من الجنين أو الانتحار لكي تخفى عارها فدخل إليها الملاك وقال لها: "سلامٌ لكِ أيَّتُها الممتلئة نعمة! الرَّبُّ معكِ" (لو1: 28).
*وقد ابتدأ الملاك كلامه بالسلام لمريم لينزع منها الخوف، وأيضًا لأنه سوف يبشرها بمولد ملك السلام الذي ستتهلل الملائكة بميلاده، وهو الذي سيقيم الصلح والسلام بين السمائيين والأرضيين وبين النفس والجسد، وقد وصفها بعد ذلك بـ "الممتلئة نعمة" وذلك لتجسد كلمة الله منها.
*واستكمل الملاك كلامه معها قائلًا: "مباركة أنتِ في النساء" أي أنها اختصت بركة خاصة تنفرد بها دون سائر النساء لأنها ستدعى والدة الإله. وأن اللعنة التي حلت بالعالم بسبب حواء الأولى سوف ترفع عن الجنس البشرى بسبب حواء الثانية لأن المولود منها قدوس وسوف تتبارك به جميع شعوب الأرض.
*اضطربت السيدة العذراء عندما رأت الملاك وخافت من هيبته ومن كلامه الغريب الذي تسمعه لأول مرة وهى غير مدركة ماذا يحدث.. فاستغربت وخاصة أنها كانت تحيا حياة عادية وسط بنات فقيرات من عشيرتها.. فكيف يدعوها الملاك "مباركة أنتِ في النساء" وهى أحقرهن وأقلهن!! فهدأ الملاك من روعها بقوله لها: "لا تخافي ولا تضطربي"، فدخل السرور في قلبها وتشجعت.
*ومضى بعد ذلك الملاك مسترسلًا الكلام معها قائلًا: "وها أنتِ ستَحبَلينَ وتلِدينَ ابنًا وتُسَمينَهُ يَسوعَ" (لو1: 31).وبهذا تمت نبوة إشعياء النبي القائلة: "ها العَذراءُ تحبَلُ وتلِدُ ابنًا وتدعو اسمَهُ عِمّانوئيلَ" (إش7: 14).
*واستكمل الملاك كلامه مع السيدة العذراء موضحًا لها مَنْ هو الذي سيولد منها قائلًا لها:"ويُعطيهِ الرَّبُّ الإلهُ كُرسيَّ داوُدَ أبيهِ" (لو1: 32). وكان ذلك إتمامًا للوعد الصادر لداود قديمًا والمذكور في المزمور القائل: "أقسَمَ الرَّبُّ لداوُدَ بالحَق لا يَرجِعُ عنهُ:"مِنْ ثَمَرَةِ بَطنِكَ أجعَلُ علَى كُرسيكَ" (مز131: 11).
وكذلك ما ذكر في سفر صموئيل النبي حيث قال: "مَتَى كمُلَتْ أيّامُكَ واضطَجَعتَ مع آبائكَ، أُقيمُ بَعدَكَ نَسلكَ الذي يَخرُجُ مِنْ أحشائكَ وأُثَبتُ مَملكَتَهُ" (2صم7: 12).
وأما عن قول الملاك: "ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد": فالمقصود به هو جميع الذين يؤمنون به أي أولاد إبراهيم بالإيمان وهو اليهود والأمم. وأما عن تخصيصه بيت يعقوب بالذات هو لأن بداية ملك المسيح سوف يكون من بيت يعقوب وهذا الملك لا انقضاء له لأنه روحاني وليس حسب التسلسل الجسدي الذي ينقضي بمرور الزمن، فالسيد المسيح يملك على المؤمنين بالنعمة وعلى القديسين في السماء بالمجد وذلك تحقيقًا لنبوءة دانيال النبي: "وفي أيّامِ هؤُلاءِ المُلوكِ، يُقيمُ إلهُ السماواتِ مَملكَةً لن تنقَرِضَ أبدًا، ومَلِكُها لا يُترَكُ لشَعبٍ آخَرَ، وتسحَقُ وتُفني كُلَّ هذِهِ المَمالِكِ، وهي تثبُتُ إلَى الأبدِ" (دا2: 44).
*تساءلت السيدة العذراء: "كيفَ يكونُ هذا وأنا لستُ أعرِفُ رَجُلًا؟" (لو1: 34). وهذا التساؤل كان طبيعيًا لأن مَن مِن البشر يعقل هذا الكلام ولأول مرة في تاريخ البشرية يسمع مثل هذا وهذه البشرى؟ ولمَنْ؟ لعذراء حقيرة لا تتوقع هذا.
ولم يكن سؤالها هذا نابع عن شك في صحة الوعد كما فعل قبل ذلك زكريا ولم يصدق لذلك أخذ عقوبة أنه يبقى صامتًا حتى يرى بعينيه ما سوف يحدث.
ولكن سؤالها كان بسبب أنها تريد معرفة الكيفية التي سوف يتم بها هذا الكلام وهنا أوضح لها الملاك كيف يتم ذلك بأنه: "الرّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ علَيكِ، وقوَّةُ العَلي تُظَللُكِ". فحلول الروح القدس عليك سوف يطهرك ويقدسك من الخطية الجدية ثم يأخذ من جسمك جسدًا يتحد به ويخرج منك الإله المتحد بالجسد الإله المتجسد.
*ثم تحول الملاك بعد ذلك إلى المولود فكلمها عنه لكي تعرف قدر وشرف المولود "فلذلك المولود منك يدعى ابن الله" وكلمة قدوس تدل على لاهوت السيد المسيح وهى من الأدلة القاطعة على لاهوته.
ولكي يؤكد الملاك بشارته للسيدة العذراء ذكر لها خبر حبل أليصابات نسيبتها وهى متقدمة في الأيام ليثبت لها أنه ليس شيء صعب وعسير عند الله.
فما كان من السيدة العذراء إلا أن قالت للملاك: "هوذا أنا أَمَةُ الرَّب. ليَكُنْ لي كقَوْلِكَ. فمَضَى مِنْ عِندِها المَلاكُ".
أخيرًا اقتنعت السيدة العذراء بكلام الملاك وببشارته المفرحة فسلمت نفسها لإرادة الله بإيمان وليس بشك كما فعل زكريا فدل ذلك على منتهى التواضع الذي تعيش به السيدة العذراء وفى تلك اللحظة عندما أسلمت إرادتها لله قائلة: "هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك".. حملت السيدة العذراء بالسيد المسيح من الروح القدس عندما حل عليها.
*وعندما نتأمل الخط الروحي الموجود في قراءات الأحد الثاني نجد أناجيل عشية وباكر تعلن الخلاص والسلام الذي سيحل على البشر بتجسد الابن الوحيد وفى الرسائل نجد إعلانًا واضحًا لإيمان السيدة العذراء وظهور السيد المسيح كما ظهر في العليقة.
وفى إنجيل القداس نجد الملاك يزف هذه البشارة المفرحة للسيدة العذراء بل للبشر جميعًا ولسان حاله يقول: "افرحوا وتهللوا يا جنس البشر لأنه هكذا أحب الله العالم فأرسل ابنه الوحيد مولود من امرأة لكي يخلصكم من عبودية العدو".
نسأل إلهنا الصالح أن يجعلنا مستحقين أن ننال وننعم بخلاصه..
الذي قدمه لنا بتجسده من السيدة العذراء.
ولإلهنا المجد في كنيسته المقدسة من الآن وإلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 06 - 2014, 03:31 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,350,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

عُمق قراءات الأحد الثالث من شهر كيهك
زيارة السيدة العذراء للقديسة أليصابات

مزمور العشية (مز132: 13، 14)

"لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَ صِهْيَوْنَ. اشْتَهَاهَا مَسْكَنًا لَهُ: هذِهِ هِيَ رَاحَتِي إلى الأَبَدِ. ههُنَا أَسْكُنُ لأَنِّي اشْتَهَيْتُهَا".
يتكلم هذا المزمور عن صهيون، وهو يشير هنا بصهيون إلى السيدة العذراء التي يحل فيها كلمة الآب، وهي التي اشتهاها أن يحل فيها وتكون له مسكنًا.. لأن راحة الآب فيها إلى الأبد، ولذلك سينزل الابن ويسكن فيها، لأنه هو اشتهى حسنها وجمالها.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
إنجيل العشية (مر1: 23-31)

"وَكَانَ فِي مَجْمَعِهِمْ رَجُلٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ، فَصَرَخَ قَائِلًا: «آهِ! مَا لَنَا وَلَكَيَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ؟ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَمَنْ أَنْتَ: قُدُّوسُ اللهِ! فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلًا: «اخْرَسْ! وَاخْرُجْ مِنْهُ!» فَصَرَعَهُ الرُّوحُ النَّجِسُ وَصَاحَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَخَرَجَ مِنْهُ. فَتَحَيَّرُوا كُلُّهُمْ، حَتَّى سَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ:«مَا هذَا؟ مَا هُوَ هذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ؟ لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ يَأْمُرُ حَتَّى الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتُطِيعُهُ!» فَخَرَجَ خَبَرُهُ لِلْوَقْتِ فِي كُلِّ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالْجَلِيلِ. وَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْمَجْمَعِ جَاءُوا لِلْوَقْتِ إِلَى بَيْتِ سِمْعَانَ وَأَنْدَرَاوُسَ مَعَ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، وَكَانَتْ حَمَاةُ سِمْعَانَ مُضْطَجِعَةً مَحْمُومَةً، فَلِلْوَقْتِ أَخْبَرُوهُ عَنْهَا".
هذا الفصل من الإنجيـل يتحدث عن تطهيـر السيد المسيح للشـعب الإسرائيلي من الأمراض ومن الأرواح النجسة، وهذا الشعب مُمثَّل في الرجل الذي به روح نجس، وكذلك عندما نسمع قصة شفاء حماة سمعان من الحمى.
جاء المسيح مخلص العالم ليُطهر الكل، ويشفي كل مـرض وكل ضعف في الشعب.. جاء ليُقيم الطبيعة الساقطة، ويُحيي الطبيعة الفاسدة التي تسلَّط عليها إبليس.
ووضع هذا الفصل من الإنجيل في عشية الأحد الثالث.. هو إعلان بـأن الذي بُشِّرت به السيدة العذراء هو الله الشافـي الأمـراض بكل أنواعها.
هذا الطفل الذي لم يكتمل نمـوه بعد وهو مازال في بطن أمــه، والذي سوف يسجد له يوحنا المعمدان وهو في بطن أمه.. أيضًا هو الله القـادر على كل شيء.. الذي جاء ليُخلص ويُطهر الشعب من كل شيء.

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
مزمور باكر (مز 85: 7، 8)

"أَرِنَا يَا رَبُّ رَحْمَتَكَ، وَأَعْطِنَا خَلاَصَكَ. إِنِّي أَسْمَعُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ اللهُ الرَّبُّ، لأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِالسَّلاَمِ لِشَعْبِهِ وَلأَتْقِيَائِهِ، فَلاَ يَرْجِعُنَّ إِلَى الْحَمَاقَةِ".
فهو يطلب هنا من الرب أن يرينا الخلاص الذي دبره للبشرية.. اشتياقـًا لرؤيتنا للمخلص المسيح الرب.. الخليقة كلها مشتاقـة لخـلاص إلهنـا، فتطلب أن يعطيها الخلاص، ويريها الرحمـة.. لأن إلهنا إله السلام سيعطي كل أتقائيه وشعبه السلام.. كما قالت الملائكة في بشارتها المفرحة بالميـلاد "الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ" (لو 2: 14). فالله هو المتكلم لشعبه وأتقيائه.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
إنجيل باكر (مت 15: 21-31)

"ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً:«ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا». فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي!» فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب». فَقَالَتْ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!». حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. ثُمَّ انْتَقَلَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى جَانِب بَحْرِ الْجَلِيلِ، وَصَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَجَلَسَ هُنَاكَ. فَجَاءَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، مَعَهُمْ عُرْجٌ وَعُمْيٌ وَخُرْسٌ وَشُل وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ، وَطَرَحُوهُمْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ. فَشَفَاهُمْ حَتَّى تَعَجَّبَ الْجُمُوعُ إِذْ رَأَوْا الْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ، وَالشُّلَّ يَصِحُّونَ، وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ، وَالْعُمْيَ يُبْصِرُونَ. وَمَجَّدُوا إِلهَ إِسْرَائِيلَ".
يتكلم هذا الفصل عن المرأة الكنعانية التي ذهبت للسيد المسيح صارخة له وقائلة "ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا". فهذا الفصل يوضح إبراء المخلص لمرضى شعبه.. بدليل ذلك عندما قال لها: لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب. فَقَالَتْ: نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!
ولأن الكلب من الحيوانات النجسة فكان اليهود يعتبرون الكنعانيين نجسين مثل الكلاب لأنهم ليسوا من شعب إسرائيل.. فأراد السيد المسيح أن يُذكرها بفكر اليهود عنهم بما أنه يهودي، وليوبخ اليهود أيضًا على مفاهيمهم الخاطئة والمعاملات السيئة التي كانوا يُعاملون بها الشعوب الأخرى، وليذكرها أيضًا بوضعها بالنسبة لليهود.
لم تُجادل المرأة في هذه المعاملة السيئة التي كانوا يُعَامَلون بها اليهود بل قالت: "وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!" فأوضحت للكل خضوعها واتضاعها وقبولها أنها تُعامل معاملة الكلاب.
مع كل ذلك آمنت أن السيد المسيح هو شافي الأمراض، وهو الذي سيشفي ابنتها المجنونة.. فمدح السيد المسيح إيمانها، وتسليمها الكامل، وخضوعها، وأعطاها سؤالها بعد أن مدحها قائلًا "عَظِيمٌ إِيمَانُكِ!"، ولم يكتفي بذلك بل قال لها "لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ"
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
البولس (رو 4: 4-24)

"أَمَّا الَّذِي يَعْمَلُ فَلاَ تُحْسَبُ لَهُ الأُجْرَةُ عَلَى سَبِيلِ نِعْمَةٍ، بَلْ عَلَى سَبِيلِ دَيْنٍ. وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ، وَلكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ، فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرًّا. كَمَا يَقُولُ دَاوُدُ أَيْضًا فِي تَطْوِيبِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَحْسِبُ لَهُ اللهُ بِرًّا بِدُونِ أَعْمَال: «طُوبَى لِلَّذِينَ غُفِرَتْ آثَامُهُمْ وَسُتِرَتْ خَطَايَاهُمْ. طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً». أَفَهذَا التَّطْوِيبُ هُوَ عَلَى الْخِتَانِ فَقَطْ أَمْ عَلَى الْغُرْلَةِ أَيْضًا؟ لأَنَّنَا نَقُولُ: إِنَّهُ حُسِبَ لإِبْرَاهِيمَ الإِيمَانُ بِرًّا. فَكَيْفَ حُسِبَ؟ أَوَهُوَ فِي الْخِتَانِ أَمْ فِي الْغُرْلَةِ؟ لَيْسَ فِي الْخِتَانِ، بَلْ فِي الْغُرْلَةِ! وَأَخَذَ عَلاَمَةَ الْخِتَانِ خَتْمًا لِبِرِّ الإِيمَانِ الَّذِي كَانَ فِي الْغُرْلَةِ، لِيَكُونَ أَبًا لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ وَهُمْ فِي الْغُرْلَةِ، كَيْ يُحْسَبَ لَهُمْ أَيْضًا الْبِرُّ. وَأَبًا لِلْخِتَانِ لِلَّذِينَ لَيْسُوا مِنَ الْخِتَانِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا يَسْلُكُونَ فِي خُطُوَاتِ إِيمَانِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي كَانَ وَهُوَ فِي الْغُرْلَةِ. فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالنَّامُوسِ كَانَ الْوَعْدُ لإِبْرَاهِيمَ أَوْ لِنَسْلِهِ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا لِلْعَالَمِ، بَلْ بِبِرِّ الإِيمَانِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الَّذِينَ مِنَ النَّامُوسِ هُمْ وَرَثَةً، فَقَدْ تَعَطَّلَ الإِيمَانُ وَبَطَلَ الْوَعْدُ: لأَنَّ النّاموسَ يُنْشِئُ غَضَبًا، إِذْ حَيْثُ لَيْسَ نَامُوسٌ لَيْسَ أَيْضًا تَعَدٍّ. لِهذَا هُوَ مِنَ الإِيمَانِ، كَيْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ النِّعْمَةِ، لِيَكُونَ الْوَعْدُ وَطِيدًا لِجَمِيعِ النَّسْلِ. لَيْسَ لِمَنْ هُوَ مِنَ النَّامُوسِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا لِمَنْ هُوَ مِنْ إِيمَانِ إِبْرَاهِيمَ، الَّذِي هُوَ أَبٌ لِجَمِيعِنَا. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:«إِنِّي قَدْ جَعَلْتُكَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ». أَمَامَ اللهِ الَّذِي آمَنَ بِهِ، الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى، وَيَدْعُو الأَشْيَاءَ غَيْرَ الْمَوْجُودَةِ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ. فَهُوَ عَلَى خِلاَفِ الرَّجَاءِ، آمَنَ عَلَى الرَّجَاءِ، لِكَيْ يَصِيرَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ، كَمَا قِيلَ:«هكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ». وَإِذْ لَمْ يَكُنْ ضَعِيفًا فِي الإِيمَانِ لَمْ يَعْتَبِرْ جَسَدَهُ ­ وَهُوَ قَدْ صَارَ مُمَاتًا، إِذْ كَانَ ابْنَ نَحْوِ مِئَةِ سَنَةٍ ­ وَلاَ مُمَاتِيَّةَ مُسْتَوْدَعِ سَارَةَ. وَلاَ بِعَدَمِ إِيمَانٍ ارْتَابَ فِي وَعْدِ اللهِ، بَلْ تَقَوَّى بِالإِيمَانِ مُعْطِيًا مَجْدًا ِللهِ. وَتَيَقَّنَ أَنَّ مَا وَعَدَ بِهِ هُوَ قَادِرٌ أَنْ يَفْعَلَهُ أَيْضًا. لِذلِكَ أَيْضًا: حُسِبَ لَهُ بِرًّا». وَلكِنْ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ أَجْلِهِ وَحْدَهُ أَنَّهُ حُسِبَ لَهُ، بَلْ مِنْ أَجْلِنَا نَحْنُ أَيْضًا، الَّذِينَ سَيُحْسَبُ لَنَا، الَّذِينَ نُؤْمِنُ بِمَنْ أَقَامَ يَسُوعَ رَبَّنَا مِنَ الأَمْوَاتِ".
يتحدث البولس عن إيمان إبراهيم بالله واحتساب هذا الإيمان برًا، فيوضح هنا الإيمان بما سيتم في المستقبل.. كمثل إبراهيم الذي آمن بمواعيد الله.
وهذا ما حدث مع السيدة العذراء حينما آمنت بكلام الله المبعوث لها عن طريق الملاك في بشارته لها "اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ" (لو 1: 35)فأجابت السيدة العذراء الملاك قائلة "لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ"(لو 1: 38).
وهذا ما حدث مع أبونا إبراهيم إذ يقول "فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالنَّامُوسِ كَانَ الْوَعْدُ لإِبْرَاهِيمَ أَوْ لِنَسْلِهِ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا لِلْعَالَمِ، بَلْ بِبِرِّ الإِيمَانِ" (رو 4: 13)، "فَهُوَ عَلَى خِلاَفِ الرَّجَاءِ، آمَنَ عَلَى الرَّجَاءِ، لِكَيْ يَصِيرَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ، كَمَا قِيلَ: هكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ" (رو 4: 18).
ويستكمل مُعلمنا بولس الرسول موضحًا إيمان إبراهيم"وَلاَ بِعَدَمِ إِيمَانٍ ارْتَابَ فِي وَعْدِ اللهِ، بَلْ تَقَوَّى بِالإِيمَانِ مُعْطِيًا مَجْدًا ِللهِ. وَتَيَقَّنَ أَنَّ مَا وَعَدَ بِهِ هُوَ قَادِرٌ أَنْ يَفْعَلَهُ أَيْضًا. لِذلِكَ أَيْضًا: حُسِبَ لَهُ بِرًّا" (رو 4: 20-22).
ويقصد هنا بهذا الفصل أن يربط بين إيمان إبراهيم بنسله الذي سوف يأتي منه السيد المسيح، وبين إيمان السيدة العذراء التي منها سيأتي نسل المرأة الذي يسحق رأس الحية "وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ" (تك 3: 15).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
الكاثوليكون (1يو 2: 7-17)

"أَيُّهَا الإِخْوَةُ، لَسْتُ أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلْ وَصِيَّةً قَدِيمَةً كَانَتْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ. الْوَصِيَّةُ الْقَدِيمَةُ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي سَمِعْتُمُوهَا مِنَ الْبَدْءِ. أَيْضًا وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ، مَا هُوَ حَق فِيهِ وَفِيكُمْ: أَنَّ الظُّلْمَةَ قَدْ مَضَتْ، وَالنُّورَ الْحَقِيقِيَّ الآنَ يُضِيءُ. مَنْ قَالَ: إِنَّهُ فِي النُّورِ وَهُوَ يُبْغِضُ أَخَاهُ، فَهُوَ إِلَى الآنَ فِي الظُّلْمَةِ. مَنْ يُحِبُّ أَخَاهُ يَثْبُتُ فِي النُّورِ وَلَيْسَ فِيهِ عَثْرَةٌ. وَأَمَّا مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ فِي الظُّلْمَةِ، وَفِي الظُّلْمَةِ يَسْلُكُ، وَلاَ يَعْلَمُ أَيْنَ يَمْضِي، لأَنَّ الظُّلْمَةَ أَعْمَتْ عَيْنَيْهِ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لأَنَّهُ قَدْ غُفِرَتْ لَكُمُ الْخَطَايَا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي مِنَ الْبَدْءِ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، لأَنَّكُمْ قَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الآبَ. كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي مِنَ الْبَدْءِ. كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، لأَنَّكُمْ أَقْوِيَاءُ، وَكَلِمَةُ اللهِ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَقَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ. لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ. لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ. وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ".
هنا يعطي يوحنا الرسول وصية جديدة للشعب وهي "أَنَّ الظُّلْمَةَ قَدْ مَضَتْ، وَالنُّورَ الْحَقِيقِيَّ الآنَ يُضِيءُ" (ع 8).
ثم يستكمل كلامه معهم قائلًا "مَنْ قَالَ: إِنَّهُ فِي النُّورِ وَهُوَ يُبْغِضُ أَخَاهُ، فَهُوَ إِلَى الآنَ فِي الظُّلْمَةِ. مَنْ يُحِبُّ أَخَاهُ يَثْبُتُ فِي النُّورِ وَلَيْسَ فِيهِ عَثْرَةٌ" (ع 9، 10)،بهذه الوصية يوضح لهم الفرق بين النور والظلمة.. لأن نور العالم سوف يأتي ليُبدد الظلمة التي يحيا فيها الشعب، ويبدد الظلام الذي تحيا فيه البشرية.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
الأبركسيس (أع 7: 35-50)

"هذَا مُوسَى الَّذِي أَنْكَرُوهُ قَائِلِينَ: مَنْ أَقَامَكَ رَئِيسًا وَقَاضِيًا؟ هذَا أَرْسَلَهُ اللهُ رَئِيسًا وَفَادِيًا بِيَدِ الْمَلاَكِ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ فِي الْعُلَّيْقَةِ. هذَا أَخْرَجَهُمْ صَانِعًا عَجَائِبَ وَآيَاتٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَفِي الْبَحْرِ الأَحْمَرِ، وَفِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً. هذَا هُوَ مُوسَى الَّذِي قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ. هذَا هُوَ الَّذِي كَانَ فِي الْكَنِيسَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ، مَعَ الْمَلاَكِ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُ فِي جَبَلِ سِينَاءَ، وَمَعَ آبَائِنَا. الَّذِي قَبِلَ أَقْوَالًا حَيَّةً لِيُعْطِيَنَا إِيَّاهَا. الَّذِي لَمْ يَشَأْ آبَاؤُنَا أَنْ يَكُونُوا طَائِعِينَ لَهُ، بَلْ دَفَعُوهُ وَرَجَعُوا بِقُلُوبِهِمْ إِلَى مِصْرَ قَائِلِينَ لِهَارُونَ: اعْمَلْ لَنَا آلِهَةً تَتَقَدَّمُ أَمَامَنَا، لأَنَّ هذَا مُوسَى الَّذِي أَخْرَجَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ! فَعَمِلُوا عِجْلًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَأَصْعَدُوا ذَبِيحَةً لِلصَّنَمِ، وَفَرِحُوا بِأَعْمَالِ أَيْدِيهِمْ. فَرَجَعَ اللهُ وَأَسْلَمَهُمْ لِيَعْبُدُوا جُنْدَ السَّمَاءِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الأَنْبِيَاءِ: هَلْ قَرَّبْتُمْ لِي ذَبَائِحَ وَقَرَابِينَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي الْبَرِّيَّةِ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ بَلْ حَمَلْتُمْ خَيْمَةَ مُولُوكَ، وَنَجْمَ إِلهِكُمْ رَمْفَانَ، التَّمَاثِيلَ الَّتِي صَنَعْتُمُوهَا لِتَسْجُدُوا لَهَا. فَأَنْقُلُكُمْ إِلَى مَا وَرَاءَ بَابِلَ. وَأَمَّا خَيْمَةُ الشَّهَادَةِ فَكَانَتْ مَعَ آبَائِنَا فِي الْبَرِّيَّةِ، كَمَا أَمَرَ الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى أَنْ يَعْمَلَهَا عَلَى الْمِثَالِ الَّذِي كَانَ قَدْ رَآهُ، الَّتِي أَدْخَلَهَا أَيْضًا آبَاؤُنَا إِذْ تَخَلَّفُوا عَلَيْهَا مَعَ يَشُوعَ فِي مُلْكِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ اللهُ مِنْ وَجْهِ آبَائِنَا، إِلَى أَيَّامِ دَاوُدَ الَّذِي وَجَدَ نِعْمَةً أَمَامَ اللهِ، وَالْتَمَسَ أَنْ يَجِدَ مَسْكَنًا لإِلهِ يَعْقُوبَ. وَلكِنَّ سُلَيْمَانَ بَنَى لَهُ بَيْتًا. لكِنَّ الْعَلِيَّ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَاتِ الأَيَادِي، كَمَا يَقُولُ النَّبِيُّ: السَّمَاءُ كُرْسِيٌّ لِي، وَالأَرْضُ مَوْطِئٌ لِقَدَمَيَّ. أَيَّ بَيْتٍ تَبْنُونَ لِي؟ يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَيٌّ هُوَ مَكَانُ رَاحَتِي؟ أَلَيْسَتْ يَدِي صَنَعَتْ هذِهِ الأَشْيَاءَ كُلَّهَا؟".
يتكلم سفر الأعمال في هذا الفصل عن موسى والعليقة قائلًا "هذَا مُوسَى الَّذِي أَنْكَرُوهُ قَائِلِينَ: مَنْ أَقَامَكَ رَئِيسًا وَقَاضِيًا؟ هذَا أَرْسَلَهُ اللهُ رَئِيسًا وَفَادِيًا بِيَدِ الْمَلاَكِ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ فِي الْعُلَّيْقَةِ" (ع 35) فموسى كان يرمز للسيد المسيح، والعليقة هي رمز للسيدة العذراء.
ويقول أيضًا "هذَا أَخْرَجَهُمْ صَانِعًا عَجَائِبَ وَآيَاتٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَفِي الْبَحْرِ الأَحْمَرِ، وَفِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً. هذَا هُوَ مُوسَى الَّذِي قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ" (ع 36، 37). فهو هنا يشير إلى مجيء السيد المسيح. وبعدها تكلم عن خيمة الشهادة التي كانت معهم في البرية والتي صنعها موسى كقول الرب.
هذه الخيمة كانت ترمز للسيدة العذراء فقد حَل الله بلاهوته في بطن السيدة العذراء كما كان يحل مجده على الخيمة.
وهو يختم حديثه قائلًا"لكِنَّ الْعَلِيَّ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَاتِ الأَيَادِي" (ع48) فالسيد المسيح استراح في بطن السيدة العذراء وتجسد منها.. لأنه كما نقول في ثيئوطوكية يوم الأربعاء qeotokia"تطلع الآب من السماء فلم يجد من يشبهكِ أرسل وحيده أتى وتجسد منكِ".
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
مزمور إنجيل القداس (مز 85: 10، 11)

"الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ الْتَقَيَا. الْبِرُّ وَالسَّلاَمُ تَلاَثَمَا. الْحَقُّ مِنَ الأَرْضِ يَنْبُتُ، وَالْبِرُّ مِنَ السَّمَاءِ يَطَّلِعُ".
هذا المزمور يوضح تجسد السيد المسيح في كونه بتجسده.. صالح الكل السمائيين مع الأرضيين.. في أن الرحمة والحق التقيا.
عدل الله (الحق) تقابل مع الرحمة في تجسده، وعندما صُلب على الصليب تلاقى الكل.. فالحق هو السيد المسيح "أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ" (يو 14: 6)، خرج من الأرض (أخذ جسدًا من السيدة العذراء) والبر الذي هو عدل الله تطلع من السماء.. فهو يُعلن خلاص البشرية بتجسد السيد المسيح.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
إنجيل القداس (لو 1: 39-56)

"فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا، وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ. فَقَالَتْ مَرْيَمُ: تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ. فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا".
يتحدث إنجيل قداس اليوم (الأحد الثالث من شهر كيهك) عن زيارة السيدة العذراء لأليصابات نسيبتها بمجرد سماع خبر حبلها بالقديس يوحنا المعمدان.. فعندما بشَّر الملاك جبرائيل الواقف أمام الله والدة الإله بالحبل المقدس وأراد أن يثبت لها صدق ما يقول بقوة الحجة والبرهان لكي تصدقهُ ولا تشك فيما يقول لها.. قال لها "وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ" (لو 1: 36، 37).
لذلك بعدما انصرف من عندها الملاك ذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا لكي ترى الأمر ماذا يحدث؟ ولتقوم أيضًا بواجب التهنئة ومشاركة أليصابات فرحتها بحبلها بعد أن كانت عاقرًا.
فلما دخلت السيدة العذراء بيت زكريا سلَّمت على أليصابات "فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (ع 41).
فلم يكن ابتهاج الطفل يوحنا في بطن أمه من طبيعته أو من نفسه لأن لم يكن في مقدرته أن يفكر في أن يبتهج أم لا.. بل حدث هذا من فعل الروح القدس الذي ملأه وهو في بطن أمه عندما سمع صوت سلام السيدة العذراء لأمه.
فأليصابات نفسها فهمت معنى ارتكض الجنين في بطنها وأن التي أتت إليها ليست قريبتها فقط وإنما هي أصبحت أم ربها لذلك صرخت "فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي" (ع 43، 44).
وعندما أحست أليصابات بالروح القدس.. بأن الطفل الذي حبلت به القديسة مريم هو رب الكل، وأن الذي في بطنها هي هو عبده ورسوله كما سبق وقيل في البشارة به.. صرخت قائلة "فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟" (ع 43)، وكأنها تسأل كيف تستحق أن تأتي أم ربها إليها، وصرخت بعد ذلك بأن مجرد سماع صوت سَلاَم مريم إليها تحرك الجنين بِابْتِهَاج في بَطْنها.
وختمت أليصابات بالقول "فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ" (ع 45)، فهي بهذه العبارة تعطي الطوبى للسيدة العذراء التي آمنت بكلام الملاك ولم تشُك فيه.. وهي هنا كأنها تؤكد على حقيقة الإيمان وهي "وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى" (عب 11: 1).
بعد أن أعطت أليصابات الطوبى لمريم رأت السيدة العذراء أن ترد هذا المديح لمستحقه، وينبوعه، ومصدره وهو الرب "تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ" (ع 47) فهي تُسبح وتعظم الرب لأنه أعطاها كرامة لا تستحقها، لأنه رفع مقامها لأن تصبح أم الرب.
ولم تقتصر مريم على إظهار شكرها لربها بشفتيها بل عبرت أيضًا في ابتهاجها بالروح أيضًا إذ قالت "َتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي" (ع 47)فدعت الله مخلصها فهو الرب الذي يُخلص شعبه من خطاياهم ومن الموت المحكوم عليهم به، وأوضحت بذلك سبب شكرها لله إذ قالت"لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ" (ع 47) فهي تقصد هنا أن الله نظر إلى ذلها ورفعها من مكانها الوضيع لكي تصبح أن للرب (أي جعلها والدة لابنه) وهكذا نسبت كل ما نالته من نِعَم إلى فضيلة الاتضاع.
ثم بعد ذلك تنبأت السيدة العذراء عن تقدير وتكريم جميع الشعوب لها بما استحقت أن تناله من نِعَم فقالت "فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" (ع 48)، وهذه الطوبى حدثت بالفعل عندما طوبتها المرأة التي سمعت تعاليم السيد المسيح المحيية بعدما أخرج الشيطان من الرجُل الأعمى الأخرس صرخت المرأة قائلة "طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَالثَّدْيَيْنِ اللَّذَيْنِ رَضِعْتَهُمَا" (لو 11: 27).
واستكملت السيدة العذراء كلامها في تمجيد الله بتعداد أعمال قوته فقالت أنه "صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ" (ع 51). فالزراع هنا كناية عن القدرة في العمل.. يمين الرب صنعت قوة يمين الرب رفعتني "يَمِينُ الرَّبِّ مُرْتَفِعَةٌ. يَمِينُ الرَّبِّ صَانِعَةٌ بِبَأْسٍ" (مز 118: 16)، وكما قال إشعياء "هُوَذَا السَّيِّدُ الرَّبُّ بِقُوَّةٍ يَأْتِي وَذِرَاعُهُ تَحْكُمُ لَهُ" (إش 40: 10).
فالرب هو الذي شتت المستكبرين بفكر قلوبهم وأذلهم.. فالله يقاوم المستكبرين ويعطي المتواضعين قوة "اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً" (1بط 5: 5).
فالإنسان عندما يعتمد على قوته وذراعه البشري ويستكبر ويستبد بالله ويتجاسر على الله كما فعل فرعون مصر ولذلك قالت السيدة العذراء"أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ" (ع 52)، وهذه العبارة هي نفس المعنى الذي جاء في سفر صموئيل "الرَّبُّ يُفْقِرُ وَيُغْنِي. يَضَعُ وَيَرْفَعُ. يُقِيمُ الْمِسْكِينَ مِنَ التُّرَابِ. يَرْفَعُ الْفَقِيرَ مِنَ الْمَزْبَلَةِ لِلْجُلُوسِ مَعَ الشُّرَفَاءِ وَيُمَلِّكُهُمْ كُرْسِيَّ الْمَجْدِ" (1صم 2: 7، 8)، وكذلك ما قاله داود المرنم "الْمُقِيمِ الْمَسْكِينَ مِنَ التُّرَابِ، الرَّافِعِ الْبَائِسَ مِنَ الْمَزْبَلَةِ لِيُجْلِسَهُ مَعَ أَشْرَافٍ، مَعَ أَشْرَافِ شَعْبِهِ" (مز 113: 7، 8).
أخيرًا قالت السيدة العذراء في ختام تسبحتها "عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً" (ع)، أي أنه أعانهُ بكل الطرق في كل زمان وفي أي مكان..فقد دبَّر حياته وهو في البرية أربعين سنة حين أعال شعب إسرائيل بعد خروجه من مصر، والآن أيضًا تعهده بالخلاص عن طريق المُخلص الذي وعدهم به وهو الإله الذي سيتجسد منها.
ثم أقمات السيدة العذراء في بيت أليصابات ثلاثة أشهر الفترة المتبقية لها في حملها لكي تلد يوحنا المعمدان.. وذلك لخجمتها وإكرامًا لها لأنها كانت امرأة عجوز.. ثم عادت بعد ذلك إلى بيتها قبل أن تلد أليصابات حتى لا يخدم سيد الكل يوحنا في مولده.
وعندما نتأمل الخط الروحي الذي يربط القراءات الخاصة بهذه المناسبة نجد أن مزمور العشية يتحدث عن اختيار المخلص للسيدة العذراء أن يحل في أحشائها "لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَ صِهْيَوْنَ. اشْتَهَاهَا مَسْكَنًا لَهُ" (مز 132: 13).
ثم يحدثنا إنجيل العشية عن تطهير المخلص للشعب من الأرواح النجسة والأمراض ليعد له شعبًا مبررًا.
وفي مزمور باكر يتحدث على لسان المرأة الكنعانية التي سيتحدث عنها الإنجيل قائلًا "أَرِنَا يَا رَبُّ رَحْمَتَكَ، وَأَعْطِنَا خَلاَصَكَ" (مز 85: 7).
فهي التي صرخت له في إنجيل باكر قائلة "وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!" (مت 15: 27)، فاستحقت أن تسمع "يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ!" (مت 15: 28)فتحدث الإنجيل عن إبراء المخلص لمرض شعبه.
ثم تحدث البولس عن الإيمان (إيمان إبراهيم) "فَهُوَ عَلَى خِلاَفِ الرَّجَاءِ، آمَنَ عَلَى الرَّجَاءِ وَلاَ بِعَدَمِ إِيمَانٍ ارْتَابَ فِي وَعْدِ اللهِ، بَلْ تَقَوَّى بِالإِيمَانِ مُعْطِيًا مَجْدًا ِللهِ. وَتَيَقَّنَ أَنَّ مَا وَعَدَ بِهِ هُوَ قَادِرٌ أَنْ يَفْعَلَهُ أَيْضًا. لِذلِكَ أَيْضًا: حُسِبَ لَهُ بِرًّا" (رو 4: 18، 20-22)، وهذا ما حدث بالفعل مع السيدة العذراء "فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ" (لو 1: 45).
ويأتي الكاثوليكون ليوضح لنا أن "أَنَّ الظُّلْمَةَ قَدْ مَضَتْ، وَالنُّورَ الْحَقِيقِيَّ الآنَ يُضِيءُ" (1يو 2: 8) فيوجه نظرنا إلى قرب مجيء نور العالم، وبطلوع النور تنقشع الظلمة وتتبدد.
ثم يحدثنا سفر أعمال الرسل (الإبركسيس) عن موسى وأمر العليقة التي تشير إلى السيدة العذراء وكلامه عن المسيح "هذَا أَرْسَلَهُ اللهُ رَئِيسًا وَفَادِيًا بِيَدِ الْمَلاَكِ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ فِي الْعُلَّيْقَةِ" (أع 7 : 35).
وأخيرًا يُحدثنا إنجيل القداس عن زيارة السيدة العذراء لأليصابات، وإعطائها الطوبى "فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ" (لو 1: 45)، وتسبحتها المشهورة "تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي" (لو 1: 46، 47).
فليعطنا الرب أن نتمتع بخلاصُه المُقدَّم لنا.
ولإلهنا المجد في كنيسته المقدسة من الآن وإلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 06 - 2014, 03:36 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,350,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

عُمق قراءات الأحد الرابع من شهر كيهك

ولادة يوحنا المعمدان

مزمور العشية (مز 87: 5)

"وَلِصِهْيَوْنَ يُقَالُ: هذَا الإِنْسَانُ، وَهذَا الإِنْسَانُ وُلِدَ فِيهَا، وَهِيَ الْعَلِيُّ يُثَبِّتُهَا".
ويتحدث هذا المزمور بلسان السيدة العذراء.. المرموز لها بصهيون فهي مدينة الملك العظيم الذي أحبها واشتهى أنيسكن فيها..فهو يشير إلى حبلها بمخلص العالم في أحشائها الطاهرة، وأن إلهها الذي في بطنها هو الذييقول ويتحدث في هذا المزمور "الأم صهيون تقول أن إنسان وإنسان صار فيها وهو العلىالذي أسسها إلى الأبد".
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
إنجيل العشية (لو 8: 1-3)

"وَعَلَى أَثَرِ ذلِكَ كَانَ يَسِيرُ فِي مَدِينَةٍ وَقَرْيَةٍ يَكْرِزُ وَيُبَشِّرُ بِمَلَكُوتِ اللهِ، وَمَعَهُ الاثْنَا عَشَرَ. وَبَعْضُ النِّسَاءِ كُنَّ قَدْ شُفِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ وَأَمْرَاضٍ: مَرْيَمُ الَّتِي تُدْعَى الْمَجْدَلِيَّةَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا سَبْعَةُ شَيَاطِينَ، وَيُوَنَّا امْرَأَةُ خُوزِي وَكِيلِ هِيرُودُسَ، وَسُوسَنَّةُ، وَأُخَرُ كَثِيرَاتٌ كُنَّ يَخْدِمْنَهُ مِنْ أَمْوَالِهِنَّ".
يتكلم إنجيل العشية عن مَنْ كان يعول السيد المسيح أثناء حياته وهى ضمنيًا يأخذ معهم السيدةالعذراء التي حملته في بطنها أثناء الحبل به.. ثم ولدته وقمطته وأخذت تعوله وتُعلمه الفضيلة..فأخذ ينمو قليلًا قليلًا بشبه البشر ما خلا الخطية وحدها، وأخذ ينمو في القامة والحكمة عند الله والناس..
ومِنْ ضمن مَنْ كان يعوله أثناء كرازته وبشارته بالملكوت.. بعض النساء التي كن قدشفين من بعض الأمراض والأرواح الشريرة.. ومن ضمن هؤلاء النساء مريم المجدلية التيأخرج السيد المسيح منها سبعة شياطين.. وهنا يوضح أن السيد المسيح جاء شافيًا للأمراضمطلقًا للأسرى الذين تسلط عليهم إبليس مُحررًا للأجساد التي سكنها الشيطان.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
مزمور باكر (10:96-12)

"قُولُوا بَيْنَ الأُمَمِ: الرَّبُّ قَدْ مَلَكَ. أَيْضًا تَثَبَّتَتِ الْمَسْكُونَةُ فَلاَ تَتَزَعْزَعُ. يَدِينُ الشُّعُوبَ بِالاسْتِقَامَةِ. لِتَفْرَحِ السَّمَاوَاتُ وَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ، لِيَعِجَّ الْبَحْرُ وَمِلْؤُهُ. لِيَجْذَلِ الْحَقْلُ وَكُلُّ مَا فِيهِ، لِتَتَرَنَّمْ حِينَئِذٍ كُلُّ أَشْجَارِ الْوَعْرِ".
يتحدث المزمور عن فرحة الخليقة كلها بقرب مجيء المخلص.. الكل يستعد لهذا الحدث العظيم الذي تنتظره الخليقة منذ زمن بعيد.. الكل ينتظر زمن الخلاص.. السموات متهللة بفرحة مجيء المخلص والأرض مبتهجة بنزوله إليها.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
إنجيل باكر (مر 3: 28-35)

"اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ جَمِيعَ الْخَطَايَا تُغْفَرُ لِبَنِي الْبَشَرِ، وَالتَّجَادِيفَ الَّتِي يُجَدِّفُونَهَا. وَلكِنْ مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَيْسَ لَهُ مَغْفِرَةٌ إِلَى الأَبَدِ، بَلْ هُوَ مُسْتَوْجِبٌ دَيْنُونَةً أَبَدِيَّةً. لأَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ مَعَهُ رُوحًا نَجِسًا. فَجَاءَتْ حِينَئِذٍ إِخْوَتُهُ وَأُمُّهُ وَوَقَفُوا خَارِجًا وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَدْعُونَهُ. وَكَانَ الْجَمْعُ جَالِسًا حَوْلَهُ، فَقَالُوا لَهُ: هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ خَارِجًا يَطْلُبُونَكَ. فَأَجَابَهُمْ قِائِلًا: مَنْ أُمِّي وَإِخْوَتِي؟ ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى الْجَالِسِينَ وَقَالَ: هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي، لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي".

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
يتحدث إنجيل باكر عن مغفرة السيد المسيح لخطايا البشر حتى مَنْ يُجدف عليه نفسه، ولكن مَنْ يجدف على الروح القدس فليس له مغفرة إلى الأبد بل هو مستوجب دينونة أبدية "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ جَمِيعَ الْخَطَايَا تُغْفَرُ لِبَنِي الْبَشَرِ، وَالتَّجَادِيفَ الَّتِي يُجَدِّفُونَهَا. وَلكِنْ مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَيْسَ لَهُ مَغْفِرَةٌ إِلَى الأَبَدِ، بَلْ هُوَ مُسْتَوْجِبٌ دَيْنُونَةً أَبَدِيَّةً" (ع 28، 29).
وهنا أوضح لهم السيد المسيح مبدأين مهمين في إيمان المسيحية عامة هما:
*أنه لا توجد خطية في العالم غير قابلة للغفران متى تاب عنها الشخص واعترف بها أو متى أعقبت الخطية توبة صادقة من القلب وذلك في رجائنا الثابت بالسيد المسيح.
*أن الخطايا التي لا تُغفر هي الخطايا التي تعاند الروح القدس..وقررها آباء الكنيسة وحصروها في ثلاثة وهي ليأس - الإصرار على الخطايا حتى الموت - التجديف على الروح القدس).
فالشخص الذي يُجدف على الروح القدس يفقد رجاؤه في السيد المسيح في الحياة الأبدية والدهر الآتي.. والذي لا ينتبه لتنبيهات الروح القدس وتوبيخاته ويزدري بفعل الروح القدس في تغيير القلوب ويستمر في شروره وأفعاله الرديئة حتى لحظة الموت.
وأيضًا الشخص الذي يُجدف على روح الله القدوس فهذا لا تغفر له خطيئته.. والتجديف على الروح القدس أننا ننسب المعجزات التي يصنعها السيد المسيح بقوة روحه القدوس إلى الشيطان، وذلك كما فعل الفريسييون "إِنَّهُ بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ" (ع 22).
والسبب في عدم مغفرة خطية التجديف على الروح القدس هو أن الذي يأتي بالخاطئ إلى التوبة هو الروح القدس.. فمَنْ أغاظ الروح القدس عمدًا بمقاومته فارقه ومات المسكين في خطيته.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
البولس (رو 9: 6-33)

"وَلكِنْ لَيْسَ هكَذَا حَتَّى إِنَّ كَلِمَةَ اللهِ قَدْ سَقَطَتْ. لأَنْ لَيْسَ جَمِيعُ الَّذِينَ مِنْ إِسْرَائِيلَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ، وَلاَ لأَنَّهُمْ مِنْ نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ هُمْ جَمِيعًا أَوْلاَدٌ. بَلْ «بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ». أَيْ لَيْسَ أَوْلاَدُ الْجَسَدِ هُمْ أَوْلاَدَ اللهِ، بَلْ أَوْلاَدُ الْمَوْعِدِ يُحْسَبُونَ نَسْلًا. لأَنَّ كَلِمَةَ الْمَوْعِدِ هِيَ هذِهِ: «أَنَا آتِي نَحْوَ هذَا الْوَقْتِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ ابْنٌ». وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ رِفْقَةُ أَيْضًا، وَهِيَ حُبْلَى مِنْ وَاحِدٍ وَهُوَ إِسْحَاقُ أَبُونَا. لأَنَّهُ وَهُمَا لَمْ يُولَدَا بَعْدُ، وَلاَ فَعَلاَ خَيْرًا أَوْ شَرًّا، لِكَيْ يَثْبُتَ قَصْدُ اللهِ حَسَبَ الاخْتِيَارِ، لَيْسَ مِنَ الأَعْمَالِ بَلْ مِنَ الَّذِي يَدْعُو، قِيلَ لَهَا: «إِنَّ الْكَبِيرَ يُسْتَعْبَدُ لِلصَّغِيرِ». كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «أَحْبَبْتُ يَعْقُوبَ وَأَبْغَضْتُ عِيسُوَ» فَمَاذَا نَقُولُ؟ أَلَعَلَّ عِنْدَ اللهِ ظُلْمًا؟ حَاشَا! لأَنَّهُ يَقُولُ لِمُوسَى: «إِنِّي أَرْحَمُ مَنْ أَرْحَمُ، وَأَتَرَاءَفُ عَلَى مَنْ أَتَرَاءَفُ». فَإِذًا لَيْسَ لِمَنْ يَشَاءُ وَلاَ لِمَنْ يَسْعَى، بَلْ ِللهِ الَّذِي يَرْحَمُ. لأَنَّهُ يَقُولُ الْكِتَابُ لِفِرْعَوْنَ: «إِنِّي لِهذَا بِعَيْنِهِ أَقَمْتُكَ، لِكَيْ أُظْهِرَ فِيكَ قُوَّتِي، وَلِكَيْ يُنَادَى بِاسْمِي فِي كُلِّ الأَرْضِ». فَإِذًا هُوَ يَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ، وَيُقَسِّي مَنْ يَشَاءُ. فَسَتَقُولُ لِي:«لِمَاذَا يَلُومُ بَعْدُ؟ لأَنْ مَنْ يُقَاوِمُ مَشِيئَتَهُ؟» بَلْ مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تُجَاوِبُ اللهَ؟ أَلَعَلَّ الْجِبْلَةَ تَقُولُ لِجَابِلِهَا: «لِمَاذَا صَنَعْتَنِي هكَذَا؟» أَمْ لَيْسَ لِلْخَزَّافِ سُلْطَانٌ عَلَى الطِّينِ، أَنْ يَصْنَعَ مِنْ كُتْلَةٍ وَاحِدَةٍ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ وَآخَرَ لِلْهَوَانِ؟ فَمَاذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُظْهِرَ غَضَبَهُ وَيُبَيِّنَ قُوَّتَهُ، احْتَمَلَ بِأَنَاةٍ كَثِيرَةٍ آنِيَةَ غَضَبٍ مُهَيَّأَةً لِلْهَلاَكِ. وَلِكَيْ يُبَيِّنَ غِنَى مَجْدِهِ عَلَى آنِيَةِ رَحْمَةٍ قَدْ سَبَقَ فَأَعَدَّهَا لِلْمَجْدِ، الَّتِي أَيْضًا دَعَانَا نَحْنُ إِيَّاهَا، لَيْسَ مِنَ الْيَهُودِ فَقَطْ بَلْ مِنَ الأُمَمِ أَيْضًا. كَمَا يَقُولُ فِي هُوشَعَ أَيْضًا:«سَأَدْعُو الَّذِي لَيْسَ شَعْبِي شَعْبِي، وَالَّتِي لَيْسَتْ مَحْبُوبَةً مَحْبُوبَةً. وَيَكُونُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فِيهِ: لَسْتُمْ شَعْبِي، أَنَّهُ هُنَاكَ يُدْعَوْنَ أَبْنَاءَ اللهِ الْحَيِّ». وَإِشَعْيَاءُ يَصْرُخُ مِنْ جِهَةِ إِسْرَائِيلَ: «وَإِنْ كَانَ عَدَدُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ، فَالْبَقِيَّةُ سَتَخْلُصُ. لأَنَّهُ مُتَمِّمُ أَمْرٍ وَقَاضٍ بِالْبِرِّ. لأَنَّ الرَّبَّ يَصْنَعُ أَمْرًا مَقْضِيًّا بِهِ عَلَى الأَرْضِ». وَكَمَا سَبَقَ إِشَعْيَاءُ فَقَالَ: «لَوْلاَ أَنَّ رَبَّ الْجُنُودِ أَبْقَى لَنَا نَسْلًا، لَصِرْنَا مِثْلَ سَدُومَ وَشَابَهْنَا عَمُورَةَ». فَمَاذَا نَقُولُ؟ إِنَّ الأُمَمَ الَّذِينَ لَمْ يَسْعَوْا فِي أَثَرِ الْبِرِّ أَدْرَكُوا الْبِرَّ، الْبِرَّ الَّذِي بِالإِيمَانِ. وَلكِنَّ إِسْرَائِيلَ، وَهُوَ يَسْعَى فِي أَثَرِ نَامُوسِ الْبِرِّ، لَمْ يُدْرِكْ نَامُوسَ الْبِرِّ! لِمَاذَا؟ لأَنَّهُ فَعَلَ ذلِكَ لَيْسَ بِالإِيمَانِ، بَلْ كَأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. فَإِنَّهُمُ اصْطَدَمُوا بِحَجَرِ الصَّدْمَةِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَا أَنَا أَضَعُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ، وَكُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى".
يتكلم مُعلمنا بولس الرسول هنا في هذا الفصل عن نسل إبراهيم، وأنه ليس جميع الذين مِنْ نسل إبراهيم هم أولادًا.. بل أولاد الموعد فقط هم النسل، وهو إسحق.. وهنا يرمز بولادة اسحق أنه ابن الموعد "لأَنَّ كَلِمَةَ الْمَوْعِدِ هِيَ هذِهِ: أَنَا آتِي نَحْوَ هذَا الْوَقْتِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ ابْنٌ"(ع 9).
ويستكمل معلمنا بولس كلامه موضحًا أن اسحق ابن الموعد وهو ابن الحرة الذي يرث "وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ رِفْقَةُ أَيْضًا، وَهِيَ حُبْلَى مِنْ وَاحِدٍ وَهُوَ إِسْحَاقُ أَبُونَا. قِيلَ لَهَا: إِنَّ الْكَبِيرَ يُسْتَعْبَدُ لِلصَّغِيرِ"(ع 10، 12).
ثم يقول أن هذه مسرة الله إذ هو يرحم مَنْ يشاء ويقسى مَنْ يشاء.. ويوضح ذلك فيقول "فَمَاذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُظْهِرَ غَضَبَهُ وَيُبَيِّنَ قُوَّتَهُ، احْتَمَلَ بِأَنَاةٍ كَثِيرَةٍ آنِيَةَ غَضَبٍ مُهَيَّأَةً لِلْهَلاَكِ. وَلِكَيْ يُبَيِّنَ غِنَى مَجْدِهِ عَلَى آنِيَةِ رَحْمَةٍ قَدْ سَبَقَ فَأَعَدَّهَا لِلْمَجْدِ، الَّتِي أَيْضًا دَعَانَا نَحْنُ إِيَّاهَا، لَيْسَ مِنَ الْيَهُودِ فَقَطْ بَلْ مِنَ الأُمَمِ أَيْضًا" (ع22 -24).
ثم يختم بعد ذلك كلامه بقوله "فَمَاذَا نَقُولُ؟ إِنَّ الأُمَمَ الَّذِينَ لَمْ يَسْعَوْا فِي أَثَرِ الْبِرِّ أَدْرَكُوا الْبِرَّ، الْبِرَّ الَّذِي بِالإِيمَانِ. وَلكِنَّ إِسْرَائِيلَ، وَهُوَ يَسْعَى فِي أَثَرِ نَامُوسِ الْبِرِّ، لَمْ يُدْرِكْ نَامُوسَ الْبِرِّ! لِمَاذَا؟ لأَنَّهُ فَعَلَ ذلِكَ لَيْسَ بِالإِيمَانِ، بَلْ كَأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ"(ع 30، 31، 32).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
الكاثوليكون (1يو 2: 24-29 ، 3: 1-3)

"أَمَّا أَنْتُمْ فَمَا سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ فَلْيَثْبُتْ إِذًا فِيكُمْ. إِنْ ثَبَتَ فِيكُمْ مَا سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ، فَأَنْتُمْ أَيْضًا تَثْبُتُونَ فِي الابْنِ وَفِي الآبِ. وَهذَا هُوَ الْوَعْدُ الَّذِي وَعَدَنَا هُوَ بِهِ: الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ هذَا عَنِ الَّذِينَ يُضِلُّونَكُمْ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ، بَلْ كَمَا تُعَلِّمُكُمْ هذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ حَق وَلَيْسَتْ كَذِبًا. كَمَا عَلَّمَتْكُمْ تَثْبُتُونَ فِيهِ. وَالآنَ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، اثْبُتُوا فِيهِ، حَتَّى إِذَا أُظْهِرَ يَكُونُ لَنَا ثِقَةٌ، وَلاَ نَخْجَلُ مِنْهُ فِي مَجِيئِهِ. إِنْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ بَارٌّ هُوَ، فَاعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ مَنْ يَصْنَعُ الْبِرَّ مَوْلُودٌ مِنْهُ" (1يو 2: 24-29).
"اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ. أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ. وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هذَا الرَّجَاءُ بِهِ، يُطَهِّرُ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِرٌ. كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أَيْضًا. وَالْخَطِيَّةُ هِيَ التَّعَدِّي" (1يو 3: 1- 3).
يتحدث هنا يوحنا الحبيب عن الوعد الذي وعدنا هو به وهو الحياة الأبدية فيثبت المؤمنين على هذا الوعد.. الحياة الأبدية، ويقول لهم "وَالآنَ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، اثْبُتُوا فِيهِ، حَتَّى إِذَا أُظْهِرَ يَكُونُ لَنَا ثِقَةٌ، وَلاَ نَخْجَلُ مِنْهُ فِي مَجِيئِهِ" (ع28).
فهو يُهيئ ذهننا إلى مجيء المخلص له المجد الذي سيولد بعد قليل.. فأغلب القراءات اليوم تهيئ الأذهان إلى قرب مجيء الموعد والموعود به،مجيء المخلص ثم يستكمل معلمنا يوحنا قائلًا "أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ" (ع 2).
فهو يتحدث هنا عن ظهور المخلص في جسد بشري كما نحن، ومتى يظهر.. سوف نراه بالجسد فهو يهيئ هنا الأذهان لولادة الإله المتجسد (سنراه كما هو) فنحن نكون مثله.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
الإبركسيس (أع 7: 8-22)

"وَأَعْطَاهُ عَهْدَ الْخِتَانِ، وَهكَذَا وَلَدَ إِسْحَاقَ وَخَتَنَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ. وَإِسْحَاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ، وَيَعْقُوبُ وَلَدَ رُؤَسَاءَ الآبَاءِ الاثْنَيْ عَشَرَ. وَرُؤَسَاءُ الآبَاءِ حَسَدُوا يُوسُفَ وَبَاعُوهُ إِلَى مِصْرَ، وَكَانَ اللهُ مَعَهُ، وَأَنْقَذَهُ مِنْ جَمِيعِ ضِيقَاتِهِ، وَأَعْطَاهُ نِعْمَةً وَحِكْمَةً أَمَامَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، فَأَقَامَهُ مُدَبِّرًا عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُلِّ بَيْتِهِ. «ثُمَّ أَتَى جُوعٌ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ وَكَنْعَانَ، وَضِيقٌ عَظِيمٌ، فَكَانَ آبَاؤُنَا لاَ يَجِدُونَ قُوتًا. وَلَمَّا سَمِعَ يَعْقُوبُ أَنَّ فِي مِصْرَ قَمْحًا، أَرْسَلَ آبَاءَنَا أَوَّلَ مَرَّةٍ. وَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ اسْتَعْرَفَ يُوسُفُ إِلَى إِخْوَتِهِ، وَاسْتَعْلَنَتْ عَشِيرَةُ يُوسُفَ لِفِرْعَوْنَ. فَأَرْسَلَ يُوسُفُ وَاسْتَدْعَى أَبَاهُ يَعْقُوبَ وَجَمِيعَ عَشِيرَتِهِ، خَمْسَةً وَسَبْعِينَ نَفْسًا. فَنَزَلَ يَعْقُوبُ إِلَى مِصْرَ وَمَاتَ هُوَ وَآبَاؤُنَا، وَنُقِلُوا إِلَى شَكِيمَ وَوُضِعُوا فِي الْقَبْرِ الَّذِي اشْتَرَاهُ إِبْرَاهِيمُ بِثَمَنٍ فِضَّةٍ مِنْ بَنِي حَمُورَ أَبِي شَكِيمَ. وَكَمَا كَانَ يَقْرُبُ وَقْتُ الْمَوْعِدِ الَّذِي أَقْسَمَ اللهُ عَلَيْهِ لإِبْرَاهِيمَ، كَانَ يَنْمُو الشَّعْبُ وَيَكْثُرُ فِي مِصْرَ، إِلَى أَنْ قَامَ مَلِكٌ آخَرُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ. فَاحْتَالَ هذَا عَلَى جِنْسِنَا وَأَسَاءَ إِلَى آبَائِنَا، حَتَّى جَعَلُوا أَطْفَالَهُمْ مَنْبُوذِينَ لِكَيْ لاَ يَعِيشُوا. «وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ وُلِدَ مُوسَى وَكَانَ جَمِيلًا جِدًّا، فَرُبِّيَ هذَا ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي بَيْتِ أَبِيهِ. وَلَمَّا نُبِذَ، اتَّخَذَتْهُ ابْنَةُ فِرْعَوْنَ وَرَبَّتْهُ لِنَفْسِهَا ابْنًا. فَتَهَذَّبَ مُوسَى بِكُلِّ حِكْمَةِ الْمِصْرِيِّينَ، وَكَانَ مُقْتَدِرًا فِي الأَقْوَالِ وَالأَعْمَالِ".
في هذا الفصل يتحدث إلينا استفانوس عن ولادة إسحق وختانه "وَأَعْطَاهُ عَهْدَ الْخِتَانِ، وَهكَذَا وَلَدَ إِسْحَاقَ وَخَتَنَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ" (ع 8).
ثم يسترسل في حديثه عن حسد أخوة يوسف له بعد ولادته، وبيعهم له وذهابه إلى مصر (أرض العبودية) ولكن الله كان معه "وَأَنْقَذَهُ مِنْ جَمِيعِ ضِيقَاتِهِ، وَأَعْطَاهُ نِعْمَةً وَحِكْمَةً أَمَامَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، فَأَقَامَهُ مُدَبِّرًا عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُلِّ بَيْتِهِ" (ع 10)، وهنا بذكره نزول يوسف إلى أرض مصر أرض العبودية.. تشبيهًا لنزول السيد المسيح الإله المتجسد إلى أرض الشقاء.
ثم يستكمل حديثه بذكره المجاعة التي جاءت على أرض مصر وكنعان والضيق العظيم الذي أتى على آباءنا حتى أنهم لم يجدوا قوتًا لهم ولمواشيهم.
فعندما سمع يعقوب أن في مصر قمح أرسل أولاده العشرة في أول مرة ثم تعرف عليهم يوسف في المرة الثانية، وسأل عن حال أبيه.. ثم بعث بعد ذلك يوسف إلى أبيه يعقوب وجميع عشيرته وكانوا نحو خمسة وسبعون نفسًا.
ثم نزل يعقوب وعشيرته إلى مصر أرض العبودية ويقول لهم "وَكَمَا كَانَ يَقْرُبُ وَقْتُ الْمَوْعِدِ الَّذِي أَقْسَمَ اللهُ عَلَيْهِ لإِبْرَاهِيمَ، كَانَ يَنْمُو الشَّعْبُ وَيَكْثُرُ فِي مِصْرَ، إِلَى أَنْ قَامَ مَلِكٌ آخَرُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ. فَاحْتَالَ هذَا عَلَى جِنْسِنَا وَأَسَاءَ إِلَى آبَائِنَا، حَتَّى جَعَلُوا أَطْفَالَهُمْ مَنْبُوذِينَ لِكَيْ لاَ يَعِيشُوا. وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ وُلِدَ مُوسَى وَكَانَ جَمِيلًا جِدًّا، فَرُبِّيَ هذَا ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي بَيْتِ أَبِيهِ" (ع 17-20).
فلمَنْ يرمز موسى إلا لمَنْ هو "أَبْرَعُ جَمَالًا مِنْ بَنِي الْبَشَرِ" (مز 45: 2).. فبولادة موسى بدأت قصة خلاص شعب من عبودية فرعون.. وبولادة السيد المسيح بدأت قصة خلاص البشرية كلها من قبضة الشيطان..
ثم يوضح لهم اسطفانوس قصة خلاص موسىلشعب إسرائيل، ويقول لهم "فَتَهَذَّبَ مُوسَى بِكُلِّ حِكْمَةِ الْمِصْرِيِّينَ، وَكَانَ مُقْتَدِرًا فِي الأَقْوَالِ وَالأَعْمَالِ" (ع 22)، وكان السيد المسيح "يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ" (لو 2: 52).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
مزمور القداس (مز80: 1 -3)

يقول مزمور القداس "يَا رَاعِيَ إِسْرَائِيلَ، اصْغَ، يَا قَائِدَ يُوسُفَ كَالضَّأْنِ، يَا جَالِسًا عَلَى الْكَرُوبِيمِ أَشْرِقْ. قُدَّامَ أَفْرَايِمَ وَبِنْيَامِينَ وَمَنَسَّى أَيْقِظْ جَبَرُوتَكَ، وَهَلُمَّ لِخَلاَصِنَا. يَا اَللهُ أَرْجِعْنَا، وَأَنِرْ بِوَجْهِكَ فَنَخْلُصَ".
وهنا يوضح لنا مُناجاة البشرية كلها لراعيها وقائد حياتها.. فنحن هنا نقول لراعينا الحنون.. أشرق قدام أفرايم وبنيامين ومنسي أيقظ جبروتك وهلم لخلاصنا.. فنحن نتوق لخلاص السيد المسيح لنا.. نحن الخطاة نقول له يا الله أرجعنا وأنر بوجهك فنخلص.. فالخلاص آتي عن طريق مخلصنا الصالح.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
إنجيل القداس (لو1: 57-80)

"وَأَمَّا أَلِيصَابَاتُ فَتَمَّ زَمَانُهَا لِتَلِدَ، فَوَلَدَتِ ابْنًا. وَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأَقْرِبَاؤُهَا أَنَّ الرَّبَّ عَظَّمَ رَحْمَتَهُ لَهَا، فَفَرِحُوا مَعَهَا. وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ، وَسَمَّوْهُ بِاسْمِ أَبِيهِ زَكَرِيَّا. فَأَجَابَتْ أمُّهُ وَقَالَتْ: «لاَ! بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا». فَقَالُوا لَهَا:«لَيْسَ أَحَدٌ فِي عَشِيرَتِكِ تَسَمَّى بِهذَا الاسْمِ». ثُمَّ أَوْمَأُوا إِلَى أَبِيهِ، مَاذَا يُرِيدُ أَنْ يُسَمَّى. فَطَلَبَ لَوْحًا وَكَتَبَ قِائِلًا: «اسْمُهُ يُوحَنَّا». فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ. وَفِي الْحَالِ انْفَتَحَ فَمُهُ وَلِسَانُهُ وَتَكَلَّمَ وَبَارَكَ اللهَ. فَوَقَعَ خَوْفٌ عَلَى كُلِّ جِيرَانِهِمْ. وَتُحُدِّثَ بِهذِهِ الأُمُورِ جَمِيعِهَا فِي كُلِّ جِبَالِ الْيَهُودِيَّةِ، فَأَوْدَعَهَا جَمِيعُ السَّامِعِينَ فِي قُلُوبِهِمْ قَائِلِينَ: «أَتَرَى مَاذَا يَكُونُ هذَا الصَّبِيُّ؟» وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُ. وَامْتَلأَ زَكَرِيَّا أَبُوهُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَتَنَبَّأَ قَائِلًا: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ، وَأَقَامَ لَنَا قَرْنَ خَلاَصٍ فِي بَيْتِ دَاوُدَ فَتَاهُ. كَمَا تَكَلَّمَ بِفَمِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِين الَّذِينَ هُمْ مُنْذُ الدَّهْرِ، خَلاَصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ مُبْغِضِينَا. لِيَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا وَيَذْكُرَ عَهْدَهُ الْمُقَدَّسَ، الْقَسَمَ الَّذِي حَلَفَ لإِبْرَاهِيمَ أَبِينَا: أَنْ يُعْطِيَنَا إِنَّنَا بِلاَ خَوْفٍ، مُنْقَذِينَ مِنْ أَيْدِي أَعْدَائِنَا، نَعْبُدُهُ بِقَدَاسَةٍ وَبِرّ قُدَّامَهُ جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِنَا. وَأَنْتَ أَيُّهَا الصَّبِيُّ نَبِيَّ الْعَلِيِّ تُدْعَى، لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ. لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ الْخَلاَصِ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ، بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلهِنَا الَّتِي بِهَا افْتَقَدَنَا الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ. لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلاَمِ». أَمَّا الصَّبِيُّ فَكَانَ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، وَكَانَ فِي الْبَرَارِي إِلَى يَوْمِ ظُهُورِهِ لإِسْرَائِيلَ".
هذا الفصل من الإنجيل يتحدث عن ميلاد يوحنا المعمدان الملاك الذي يهيئ الطريق أمام السيد المسيح.. والكنيسة لم تقصد بهذا الفصل أن تحتفل بميلاد يوحنا المعمدان لأنها خصصت له يوم ثلاثين بؤونة.. ولكن المقصود هنا هو الإشارة إلى تلك النبوة التي تكلَّم بها الوحي على لسان زكريا الكاهن والخاصة بظهور مخلصنا الصالح..
وهذا الجزء من الإنجيل يتكلم عن حدثين هما:ميلاد يوحنا السابق لمخلصنا - التنبؤ بقرب ظهور مخلصنا في الجسد.
أول نقطة يتكلم عنها الإنجيل هي ولادة أليصابات ليوحنا السابق.. فلما تمت شهورها التسعة ولدت ابنها الموعود به، وسرعان ما انتشر الخبر بين جيرانها وأقاربها بأن (الرب عظم رحمته لها), وذلك لأن الرب وهب العاقر ولدًا ففرح الكل لفرحتها بهذا الحدث.. وقد تمت بذلك النبوة التي قالها جبرائيل الملاك لزكريا حين بشرهُ بمولد ابنه وبحبل إمرأته أليصابات "وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ" (لو 1: 14).
وفي اليوم الثامن اختتنوا الصبي كما أمر الله إبراهيم قائلًا: "هذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ، فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ، فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي أَجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ، وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ. يُخْتَنُ خِتَانًا وَلِيدُ بَيْتِكَ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ، فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا. وَأَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي" (تك 17: 10-14)، وكان الختان رمزًا للمعمودية وعلامة للتطهير، وحينما ولد الطفل أطلقوا عليه اسم أبيه زكريا في بادئ الأمر لإحياء اسم الوالد لأن هذا المولود كان الوحيد له وقد ولد له بعد كبر سنه.. ولكن الأم الحكيمة اعترضت متذكره كلام الملاك.. بل يُسمىَ (يوحنا).
ولا شك في أن الروح القدس الذي أعلمها بحبل السيدة العذراء بربها.. هو الذي أعلمها باسم المولود (يوحنا) وذلك لأن زكريا كان منعقد اللسان في هذا الوقت.. فلما اعترض الحاضرون قائلين لم يُسمى أحد في عشيرتك بهذا الاسم من قبل.. تحولوا إلى زكريا لكي يسألوه عن اسم المولود وذلك بالإشارة فطلب منهم لوحًا وكتب (اسمه يوحنا) كما سماه الملاك وكتب عبارة (اسمه يوحنا) ولم يكتب (يوحنا) لكي يوضح لهم أن التسمية هي من الله وليست من عنده لكي لا يعترضوا عليه هو أيضًا.
فكما كان اسم يوحنا غريبًا على الكل وعلى العشيرة.. كان يوحنا غريبًا في حياته وفي رسالته.. جاء يُنادي بكل ما هو غريب بالنسبة لهم كقوله"مَنْ لَهُ ثَوْبَانِ فَلْيُعْطِ مَنْ لَيْسَ لَهُ" (لو 3: 11)،ومناداته بالتوبة لليهود والمعمودية لمغفرة الخطايا "فَجَاءَ إِلَى جَمِيعِ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنِّ يَكْرِزُ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا" (لو 3: 3).
كان من الطبيعي بعد أن رأى الناس العجائب التي حصلت بسبب ميلاد يوحنا.. الاسم الغريب، وانطلاق لسان زكريا أن يتساءلوا قائلين: "أَتَرَى مَاذَا يَكُونُ هذَا الصَّبِيُّ؟" (لو 1: 66) أي إذا كان ذلك حدث في مولده فماذا سيحدث بعد في حياته كلها.. وهذا ما حدث إذ كانت يد الرب مع الصبي فمنحه بركة لجسمه وعقله وروحه ليتقوى بها ويستطيع أن يعيش في البرية لابسًا الشعر محتملًا الحر والبرد مهيئًا نفسه بأن يقوم بعمله الكرازي مُمهدًا ومُعدًا للطريق أمام حمل الله.
وامتلأت أليصابات وزكريا زوجها من الروح القدس وتنبأ زكريا بعد استنارته وفك عقد لسانه مُمجدًا الله قائلًا "مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ" (ع 68)، وكان قاصدًا بالفداء هو ما صنعه المخلص من تحرير اليهود والبشرية كلها من الخطية وسلطان الشيطان عليها.
ثم قال زكريا "وَأَقَامَ لَنَا قَرْنَ خَلاَصٍ" (ع 69)، والخلاص هذا هو ما وعد به الله إبراهيم أن يباركه ويكثر نسله مثل نجوم السماء حيث قيل"بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ، أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هذَا الأَمْرَ، وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً، وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيرًا كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ، وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ، وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي" (تك 22: 16- 18)، وقد تم هذا الكلام كله بظهور السيد المسيح من نسله.
وحينما ينقذنا المسيح من أعدائنا وهم الخطية والشيطان نعبده باطمئنان وبطهارة كاملة وبر كل أيام حياتنا.
ثم بعد ذلك التفت زكريا للطفل وتنبأ عنه قائلًا "وَأَنْتَ أَيُّهَا الصَّبِيُّ نَبِيَّ الْعَلِيِّ تُدْعَى" (ع 76)، وكان يقصد بأنه نبي السيد المسيح الذي يسبقه ليُعد له الطريق.. كما قال إشعياء النبي"صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. قَوِّمُوا فِي الْقَفْرِ سَبِيلًا لإِلَهِنَا" (إش 40: 3).
وقال أيضًا ملاخي "هأَنَذَا أُرْسِلُ مَلاَكِي فَيُهَيِّئُ الطَّرِيقَ أَمَامِي. وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ السَّيِّدُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ، وَمَلاَكُ الْعَهْدِ الَّذِي تُسَرُّونَ بِهِ. هُوَذَا يَأْتِي، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ" (ملا 3: 1)، وقال أيضًا "هأَنَذَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا النَّبِيَّ قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ، الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَالْمَخُوفِ، فَيَرُدُّ قَلْبَ الآبَاءِ عَلَى الأَبْنَاءِ، وَقَلْبَ الأَبْنَاءِ عَلَى آبَائِهِمْ. لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ الأَرْضَ بِلَعْنٍ" (ملا 4: 5، 6).
وأخيرًا يختم لوقا البشير كلامه قائلًا "أَمَّا الصَّبِيُّ فَكَانَ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، وَكَانَ فِي الْبَرَارِي إِلَى يَوْمِ ظُهُورِهِ لإِسْرَائِيلَ" (ع 80).
فبعدما تكلم لوقا البشير عن كل الحوادث التي اقترنت بميلاد يوحنا أخذ يُشير مجملًا إلى نشأته.. فقال أنه مع نموه الجسدي كان ينمو أيضًا ويتقوى بالروح.
وعندما ننظر إلى الخط الروحي في قراءات الأحد الرابع لشهر كيهك نجد..أن مزمور العشية يتحدث عن صهيون التي ترمز إلى السيدة العذراء التي فرحت بسكنى الله فيها وحلوله في بطنها.. ويأتي إنجيل العشية ويُحدثنا عن إعالة السيدة العذراء أثناء حملها له، وحياته على الأرض.. كما كانت مريم المجدلية وأخرى تعوله من أموالهن.. ثم مزمور باكر يتكلم عن فرحة السموات وبهجة الأرض بمجيء المخلص.. وبعده إنجيل باكر يتكلم عن مغفرة السيد المسيح الذي فرحت الأرض به لكل الناس كل خطاياهم ما عدا رفضهم لعمل الروح القدس، فالشخص الذي يفقد رجاؤه هو الذي يجدف على الروح القدس.. فرجائنا الحي هو بالسيد المسيح.
ثم البولس يتحدث عن إبراهيم ونسله والوعد بمجيء الابن (ابن الوعد) وهو الذي يرمز للسيد المسيح (الابن الوحيد الذي في حضن الآب).
وينتقل بنا الكاثوليكون إلى إعلان ظهور الابن "حَتَّى إِذَا أُظْهِرَ يَكُونُ لَنَا ثِقَةٌ، وَلاَ نَخْجَلُ مِنْهُ فِي مَجِيئِهِ" (1يو 2: 28)، فإننا نعلم أنه إذا أظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو.
ويتحدث الإبركسيس ويؤكد فكرة ميلاد اسحق، وعهد الختان الذي أعطاه لإسحق، ويربط لنا حسد أخوة يوسف وبيعهم له.. كما حدث مع السيد المسيح وحسد اليهود له وبيعهم له.. أيضًا بتسليم يهوذا له بثلاثين من الفضة.. ثم يأتي صراخ مزمور الإنجيل قائلًا "يَا رَاعِيَ إِسْرَائِيلَ، اصْغَ، يَا قَائِدَ يُوسُفَ كَالضَّأْنِ" (مز 80: 1)، رابطًا بالإبركسيس الذي كان يتكلم عن يوسف وبيع أخوته له، لكن الله كان قائد حياته وحفظه لكي يكون مصدر حياة لكل العالم..
ويأتي إنجيل القداس ليختم هذه السلسلة.. ليقول لنا قصة ميلاد السابق للمخلص، وكل ما يتعلق بظروف مولده، ونطق زكريا أبوه بالنبوة له..
فليعطنا الرب أن نستقبل مخلصنا الصالح، ونعد له الطريق في حياتنا..
كما أعد يوحنا المعمدان الطريق أمامه.
ولإلهنا المجد في كنيسته المقدسة من الآن وإلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 06 - 2014, 03:40 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,350,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

يليق بنا أن نكمل كل بر



الراهب القس بطرس البراموسي
يليق بنا أن نكمل كل بر



فهرس

أسباب معمودية السيد المسيح من يوحنا المعمدان

(1) يَليقُ بنا أنْ نُكَمّلَ كُلَّ بر

كيف نتمم كل بر.. وهو البار الوحيد.. ونحن الخطاة؟!

تحتفل كنيستنا القبطية الأرثوذكسية يوم 11 طوبة من كل عام بعيد "الثيؤفانيا".. أي عيد الظهور الإلهي.. وقد سمي بهذا الاسم لأن فيه تم إعلان الثالوث القدوس لأول مرة إعلانًا واضحًا كما سنذكر فيما بعد.

وفي فصل الإنجيل الذي نسمعه يوضح لنا مجيء السيد المسيح ليوحنا المعمدان كي يعتمد منه.. ومن المعروف عن معمودية يوحنا أنها معمودية للتوبة.. فكل مَنْ جاء إلى معمودية يوحنا كان يجيء إليها لكي يقدم توبة عن ما فعله.
والسؤال الذي يحضر إلى ذهني هنا الآن هو..

* ما دامت معمودية يوحنا للتوبة فقط.. فلماذا أتى إليها السيد المسيح وهو القدوس الذي بلا شر ولا خطية؟

* هل كان مُحتاج أن يُقدِّم توبة أمام يوحنا المعمدان؟ وما هو احتياج السيد المسيح للمعمودية؟

هناك سبعة أسباب واضحة لنا في معمودية السيد المسيح من يوحنا المعمدان:

(1) يَليقُ بنا أنْ نُكَمّلَ كُلَّ بر

هذه المقولة قالها السيد المسيح بنفسه، عندما أتى ليعتمد من يوحنا المعمدان، فمنعه يوحنا قائلًا: "أنا مُحتاجٌ أنْ أعتَمِدَ مِنكَ، وأنتَ تأتي إلَيَّ!". فأجابَ يَسوعُ وقالَ لهُ: "اسمَحِ الآنَ، لأنَّهُ هكذا يَليقُ بنا أنْ نُكَمّلَ كُلَّ بر". حينَئذٍ سمَحَ لهُ" (مت3: 14-15).

وهنا نقف أمام كلمة (كُلَّ بر).. فالكتاب المقدس يقول: "ليس بارٌّ ولا واحِدٌ.... الجميعُ زاغوا وفَسَدوا مَعًا. ليس مَنْ يَعمَلُ صَلاحًا ليس ولا واحِدٌ" (رو3: 10-12).

فما هو هذا البر المطلوب منَّا،

والذي تكلم عنه السيد المسيح؟


هذا البر هو جميع الأعمال الصالحة التي يفعلها الإنسان في فترة حياته على الأرض..

* كل عمل خير يفعله الإنسان.. فهو يعتبر عبادتنا كلها.. من صلاة وصوم وممارسات روحية.... وغيرها.

* هو كل شيء نفعله في خدمة الآخرين بحب وتفاني.

* محبة الإنسان للكنيسة، والحضور إليها باستمرار مبكرون وفرحون بالتلاقي مع الرب.. "يا اللهُ، إلهي أنتَ. إلَيكَ أُبَكّرُ" (مز63: 1).


* اشتراك الإنسان في الصلوات.. هي "بر".

* اشتراكك في المناسبات الكنسية والاحتفال بها، والتمتع بمعانيها الروحية.. هي "بر".

* التزام الإنسان بحضور القداسات، والتناول من الأسرار المقدسة.. هي "بر".

* الالتزام بقراءة الكتاب المقدس، ودراسة كلمة الله، والجلوس في حضرته الإلهية لسماع صوته.. هو "بر".

والسيد المسيح وضع نفسه مثالًا ونموذجًا حيًا في ذلك كله.. لأنه إذا كان كل البشر مطلوب منهم أن يتمموا كل بر.. فهو بالأولى كان يجب أن يتمم كل بر!!

1. نجده يذهب في صغره إلى المَجمَع، لكي يتعلم ويناقش الكتبة والفريسيين عن الأمور المختصة بملكوت السموات.

2. اشتغل مع (يوسف النجار) حسب الشريعة اليهودية، لكي يأكل ويتعب مثل باقي البشر، ولم يتكل على أحدًا ليعوله.. لكي نعتمد نحن أيضًا على أنفسنا، وبعرق وجهنا نأكل خبزًا، كما قال الله سابقًا لأبينا آدم.. "بعَرَقِ وجهِكَ تأكُلُ خُبزًا حتَّى تعودَ إلَى الأرضِ التي أُخِذتَ مِنها. لأنَّكَ تُرابٌ، وإلَى تُرابٍ تعودُ" (تك3: 19).

3. ذهب للهيكل للصلاة لكي نتعلم منه أن نذهب إلى الكنيسة للصلاة، ولا نهمل ذلك، ونقول سوف نصلى في بيوتنا ولا نُتعب أنفسنا ونذهب للكنيسة.

4. صام أربعين يومًا على الجبل حتى جاع أخيرًا.. هذه الفترة الطويلة التي لا يستطيع أحد أن يصومها، بالتأكيد كانت فترة ألم للجسد لعدم إعطاءه الاحتياجات الطبيعية من الأكل والشرب.

فجرب الجوع والعطش مثلنا،

لكي نسير وراء خطواته ونفعل كما فعل هو.

فعندما نجوع في الصوم وتخور قوانا، فلا نقول: "ما لنا وهذا العذاب وهذه الممارسات"، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.. "سوف نأكل ونشرب ولا نصوم".

فالسيد المسيح بنفسه،

وهو غير محتاج إلى الصوم صام عنَّا أربعين يومًا..

"فبَعدَ ما صامَ أربَعينَ نهارًا وأربَعينَ ليلَةً، جاعَ أخيرًا"

(مت4: 2).

5. صلى في بستان جثماني وهو غير محتاج للصلاة.. فهو يصلي لأبيه، وهو وأبيه واحد في الجوهر.. لقد صلى لكي يعلمنا الصلاة، وقال لنا: "مَتَى صَلَّيتُمْ فقولوا: أبانا الذي في السماواتِ..." (لو11: 2).

لقد مارس السيد المسيح كل الممارسات الروحية والجسدية مثلنا..

لكي نقتضي آثاره.

"شابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها"

(صلاة الصلح – القداس الغريغوري)

فحينما يجيء الشيطان ويهتف في أذنك ويقول لك:

"لماذا تصلي؟"، "لماذا تذهب للكنيسة؟"، "صلى وأنت في المنزل".. "أنت صليت أمس".. "كفاية كده".. "أنت صليت صلاة باكر".. "كفاية لا تصلي صلاة النوم".. "ما هو ربنا عارف قلب كل واحد".. "كفاية صوم".. "كفاية ميطانيات".. "كفاية تناول".. "أنت لك زمان تمارس كل هذه الممارسات الروحية".. "يكفي عليك هذا الجهاد".. "اقضي باقي وقتك متمتعًا به".. "كفاك تعبًا"!!

تصرخ بسرعة في وجهة قائلًا:

"ينبغي لنا أنْ نُكَمّلَ كُلَّ بر".

* وما دام السيد المسيح رئيس خلاصنا (أكمل كل بر).. فـ "يَنبَغي أنَّهُ كما سلكَ ذاكَ هكذا يَسلُكُ هو أيضًا" (1يو2: 6).

* وكما أكمل السيد المسيح (كل بر).. "هكذا يَليقُ بنا أنْ نُكَمّلَ كُلَّ بر" (مت3: 15).

وللحديث بقية..

لإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.

  رد مع اقتباس
قديم 13 - 06 - 2014, 03:43 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,350,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

لكي نعرف السيد المسيح | لكي نعرف الثالوث
نستكمل الحديث في أن هناك سبعة أسباب واضحة لنا في معمودية السيد المسيح من يوحنا المعمدان، وتحدثنا عن السبب الأول وهو أنه:
(1) يَليقُ بنا أنْ نُكَمّلَ كُلَّ بر

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
والسبب الثاني هو:
(2) لكي نعرف السيد المسيح

هذه العبارة قالها يوحنا المعمدان بنفسه في (يو1: 33-34) "وأنا لم أكُنْ أعرِفُهُ، لكن الذي أرسَلَني لأُعَمدَ بالماءِ، ذاكَ قالَ لي: الذي ترَى الرّوحَ نازِلًا ومُستَقِرًّا علَيهِ، فهذا هو الذي يُعَمدُ بالرّوحِ القُدُسِ. وأنا قد رأيتُ وشَهِدتُ أنَّ هذا هو ابنُ اللهِ".
*قبل معمودية السيد المسيح.. كان له المجد في نظر الناس شابًا عاديًا لا يتميز بأي شيء عن غيره.. هذا الشاب يعمل نجارًا (حسب شريعة اليهود)، وكان يمارس حياته شخصًا عاديًا جدًا.. يعمل ليأكل.
*لكن منذ لحظة المعمودية.. عرفوه الناس عن طريق يوحنا المعمدان أنه هو "ابن الله".. وذلك حينما سمعوا صوت الآب من السماء يقول: "أنتَ ابني الحَبيبُ، بكَ سُرِرتُ" (لو3: 22)، ورأوا الروح القدس مستقرًا عليه مثل حمامة.
بذلك آمن يوحنا وكل الحاضرين أن هذا الإنسان هو ابن الله واعترفوا جميعًا بذلك.
*فمن أهم مفاعيل عيد الغطاس (عيد الظهور الإلهي) في حياتنا أنه يثبت فينا عقيدة مهمة جدًا في حياتنا المسيحية، وهي أن السيد المسيح هو "ابن الله الظاهر في الجسد".
*هذا الإيمان الثابت على الصخرة لا يستطيع أحد أن ينزعه من قلوبنا، مهما قدَّم لنا الآخرين تشكيكات في إيماننا المستقيم.. فنحن أبناء الشهداء الذين سفكوا دمائهم من أجل حفاظهم على الإيمان المستقيم المسلّم لنا من القديسين.."أنْ تجتَهِدوا لأجلِ الإيمانِ المُسَلَّمِ مَرَّةً للقِدّيسينَ" (يه1: 3).
*فنحن نؤمن أن السيد المسيح هو "الله الظاهر في الجسد".. لأنه هو الذي يعلمنا ذلك بنفسه..
ومُعلمنا بولس الرسول ذكر لنا: "ليس أحَدٌ يَقدِرُ أنْ يقولَ: "يَسوعُ رَبٌّ" إلاَّ بالرّوحِ القُدُسِ" (1كو12: 3). وهذا الروح القدس الذي يسكن فينا يوم المعمودية.. كما حل على السيد المسيح يوم عماده في شكل حمامة، واستقر عليه وهو لم يكن محتاجًا لهذا الحلول والاستقرار، لأنه هو وأبيه وروحه القدوس موجودين منذ الأزل ومتحدين اتحادًا كاملًا.. هكذا يحل علينا الروح القدس يوم معموديتنا ويستقر فينا فنصير هياكل للروح القدس.
*نحن الآن نواجه تشكيكات كثيرة من ناحية لاهوت السيد المسيح، وهجومًا مستمرًا على ألوهيته.. فالبعض يريد أن يثبت أن السيد المسيح هو إنسان عادي بدليل أنه كان يجوع ويعطش ويتعب وينام ويتألم ويصرخ من الألم إلى أبيه.. "إيلِي، إيلِي، لَما شَبَقتَني؟" أيْ: إلهِي، إلهِي، لِمَاذا ترَكتَني؟" (مت27: 46) ويحزن ويكتئب....
ويُقال: "إذا كان هو الله".. فهل الله:
*يحتاج أن يأكل؟ "في التجربة على الجبل (جاع أخيرًا)".
*يحتاج أن ينام؟ "نام في مؤخرة السفينة".
*يحتاج أن يصوم؟ "صام أربعين يومًا".
*يحتاج أن يستريح؟ "تعب وجلس عند البئر (في قصة المرأة السامرية)".

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
*يحتاج أن يشرب؟ "على الصليب عندما صرخ: (أنا عطشان)".
*يحتاج أن يرفع أبيه عنه الألم؟ "على الصليب صرخ: (إلهي إلهي لماذا تركتني)".
وغير ذلك من المواقف التي تثبت الاحتياج البشري أو إنسانية السيد المسيح..
هذه الأقوال يرد علينا فيها القديس كيرلس الكبير بقوله: "إننا يجب أن نعرف ونؤمن إيمانًا كاملًا أن السيد المسيح كان إلهًا كاملًا وإنسانًا كاملًا".
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
إلهًا كاملًا يحمل كل صفات الله:

الخلق

1.معجزة عرس قانا الجليل وتحويل الماء إلى خمر (يو2: 1-11).
2.معجزتي إشباع الجموع: الخمس خبزات والسمكتين للخمسة آلاف نفس (مر6: 30-44)،والسبع خبزات وقليل من صغار السمك للأربعة آلاف ما عدا النساء والأولاد (مر8: 5-9).
3.معجزة خلق عينين للمولود أعمى (يو9: 1-34).
إقامة الموتى

1.إقامة ابنة يايرس من على فراش الموت (مر5: 35-43).
2.إقامة ابن أرملة نايين وهم في طريقهم لدفنه (لو7: 11-17).
3.إقامة لعازر من القبر بعد دفنه بأربعة أيام (يو11: 1-44).
شفاء الأمراض المستعصية

1.شفاء نازفة الدم لمدة اثنتي عشر سنة (مر5: 25-34).
2.شفاء الأعمى (مر8: 22-26).
3.شفاء المفلوج (مر2: 3-12).
4.شفاء طريح بركة بيت حسدا (يو5: 1: 47).
5.شفاء حماة سمعان (مر1: 29-30).
6.شفاء صاحب اليد اليابسة (مر3: 1-6).
7.شفاء كل مَنْ فيه داء (مر3: 10).
8.شفاء الأبرص (مر1: 40-45).
9.شفاء الأصم الأعقد (مر7: 32-35).
إخراج الشياطين

1.إخراج شياطين كثيرة (مر1: 34)، (مر1: 39).
2.رجل به روح نجس في المَجمَع (مر1: 23-26).
3.سجود الأرواح النجسة له (مر5: 23-24)، (مر5: 6-7).
4.الإنسان الساكن في القبور (مر5: 2-13).
غفران الخطايا

هذه هي أهم صفة يوصف بها الله وحده..
فالله وحده الذي له حق مغفرة الخطايا.
1.المرأة التي أمسكت في ذات الفعل (يو8: 4).
2.المرأة السامرية (يو4: 7-15).
3.المفلوج (مر2: 5).
4.مغفرة خطايا صالبيه (لو23: 34).
فإذا أمكن لأي أحد من البشر أن يشفي المرضى ويقيم الموتى ويخرج الشياطين ويحول مادة إلى أخرى أو يكثر من الأطعمة... فهل أحدًا من البشر جميعًا يقدر أن يغفر خطية واحد لأي شخص؟!
إذًا فالسيد المسيح هو إلهًا كاملًا يتصف بكل صفات الله..
وإنسانًا كاملًا يتصف بكل صفات الإنسان.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
السبب الثالث الواضح لنا في معمودية السيد المسيح من يوحنا المعمدان:
(3) لكي نعرف الثالوث

*يوم معمودية السيد المسيح هو أول يوم يظهر فيه الثالوث بشكل واضح أمام الكل.. فالثالوث كائنًا منذ الأزل من قبل إنشاء العالم.. فمن بداية سفر التكوين أول أسفار الكتاب المقدس الذي حكى لنا قصة خلق الخليقة كلها.. "في البَدءِ خَلَقَ اللهُ السماواتِ والأرضَ. وكانَتِ الأرضُ خَرِبَةً وخاليَةً، وعلَى وجهِ الغَمرِ ظُلمَةٌ، وروحُ اللهِ يَرِفُّ علَى وجهِ المياهِ" (تك1: 1-2).. سمعنا الله يتكلم بلغة الجمع قائلًا:
*"وقالَ اللهُ: "نَعمَلُ الإنسانَ علَى صورَتِنا كشَبَهِنا" (تك1: 26).. لاحظ هنا لغة الجمع: "نعمل" ، "صورتنا" ، "كشبهنا".
*"وقالَ الرَّبُّ الإلهُ: "هوذا الإنسانُ قد صارَ كواحِدٍ مِنَّا عارِفًا الخَيرَ والشَّرَّ" (تك3: 22).. وهنا أيضًا تظهر صيغة الجمع " كواحد منَّا".
فقبل ميلاد السيد المسيح من السيدة العذراء كان موجود هذا الثالوث (آب، وابن، وروح قدس).. فنحن نؤمن ونعرف أن السيد المسيح له ميلادان... الميلاد الأول من الآب قبل كل الدهور كما نقول في قانون الإيمان: "المولود من الآب قبل كل الدهور"، والميلاد الثاني من السيدة العذراء في ملء الزمان حينما أخذ جسدًا إنسانيًا منها وظهر لنا الإله المتجسد مولودًا من السيدة العذراء.
*أما نحن فلم نرى الثالوث القدوس مجتمعًا مع بعض واضحًا إلاَّ في وقت معمودية السيد المسيح.. لذلك نسمي هذا العيد "عيد الظهور الإلهي"، كما نسمع في cuna[arion سنكسار اليوم: (الآب في السماء يقول: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت"، والابن في نهر الأردن، والروح القدس مستقرًا عليه مثل حمامة).
*الله أراد أن يربط بين الثالوث القدوس والمعمودية.. فلكي نستطيع أن ندخل الإيمان لابد من المعمودية.. فالمعمودية هي "باب الأسرار".. ندخل الإيمان بالمعمودية ونعتمد على اسم الثالوث القدوس.
*فنقول إنه لا يستطيع أحد أن يفهم ما هو الثالوث إلاَّ حينما يعتمد على اسم الثالوث القدوس بالثلاث غطسات.. "ليس أحَدٌ يَقدِرُ أنْ يقولَ: "يَسوعُ رَبٌّ" إلاَّ بالرّوحِ القُدُسِ" (1كو12: 3).. ونحن نأخذ الروح القدس في المعمودية، ويسكن فينا من وقت المعمودية، ونصير هياكل لروح الله القدوس.. ولا يستطيع أحد أن يأخذ الروح القدس ويسكن فيه ويعمل فيه.. وينير في حياته إلاَّ من خلال إيمانه بالسيد المسيح والمعمودية.
نأخذ الروح القدس في المعمودية،
ويثبت فينا ويعمل فينا باستمرار..
ما دام كل منَّا يحافظ عليه داخله،
بالأعمال الصالحة والطهارة الجسدية.
*نحن نعتمد على اسم الثالوث القدوس بثلاث غطسات على اسم "الآب والابن والروح القدس"، ونُدفن مع السيد المسيح ثلاثة أيام كمثال الثلاث غطسات، ونخرج من المعمودية بإيمان ثالوثي على مثال الآب والابن والروح القدس.. وبذلك نستطيع أن نفهم ما هو معنى الثالوث القدوس.
وللحديث بقية..
لإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 06 - 2014, 03:46 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,350,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

عيد الظهور الإلهي


مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي



أن هناك سبعة أسباب واضحة لنا في معمودية السيد المسيح من يوحنا المعمدان، وتحدثنا عن عدة أسباب..
(1) يَليقُ بنا أنْ نُكَمّلَ كُلَّ بر.
(2) لكي نعرف السيد المسيح.
(3) لكي نعرف الثالوث.
والآن نستكمل الحديث..
(4) تأسيس معمودية السيد المسيح
(معمودية الماء والروح)
حينما ذهب السيد المسيح إلى معمودية يوحنا كانت هذه المعمودية للتوبة فقط.. فذهب كل الشعب اليهودي ليوحنا مُقرين بخطاياهم (أي تائبين عنها)، فهي معمودية توبة فقط، لا تستطيع أن تغفر الخطايا، ولا تفيد قصة الخلاص الذي قدمه لنا السيد المسيح بشيء.
فكل مَنْ تعمد من معمودية يوحنا لم تفيده بشيء في خلاصه من حيث مغفرة الخطايا التي ارتكبها، وبذلك كان لابد له أن يمارس معمودية أخرى لكي تغفر له خطاياه وتتمم خلاصه.. ويوحنا المعمدان شهد بنفسه وقال: "يأتي بَعدي مَنْ هو أقوَى مِني، الذي لستُ أهلاً أنْ أنحَنيَ وأحُلَّ سُيورَ حِذائهِ. أنا عَمَّدتُكُمْ بالماءِ، وأمّا هو فسَيُعَمدُكُمْ بالرّوحِ القُدُسِ" (مر1: 7-8).
فالسيد المسيح حينما كان ذاهبًا للمعمودية من يد يوحنا كان يعلم جيدًا أنه ذاهب إلى معمودية لا تفيده بشيء، وليس لها أي قيمة بالنسبة له، وبالنسبة لنا نحن أيضًا الآن.
لكن حينما نزل السيد المسيح إلى ماء الأردن.. حوَّل هذه المعمودية من معمودية يوحنا (التوبة) إلى معموديته هو (مغفرة الخطايا).
وبذلك أسس السيد المسيح معموديته هو،
التي نحتاج لها جميعًا، التي تغفر الخطايا، وتجدد الإنسان، وتجعله خليقة جديدة.
فالسيد المسيح لو إنه لم يعتمد فكيف كان سيؤسس معموديته؟ هل ينادي بمعمودية جديدة (أي معمودية الروح) وهو لم يمارسها أو يؤسسها؟ فإذا حدث ذلك فكان كل منَّا من حقه أن يقول أنا لا أعتمد تشبهًا بسيدي يسوع المسيح، وكان من حقنا جميعًا أن نرفض المعمودية.
لذلك اعتمد السيد المسيح لكي يكون هو قدوة ومثال لنا جميعًا، ولكي يقول لنا أنتم سوف تتعمدوا على رسمي ومثالي وأنا مثلاً حيًا أمامكم.
لذا كل واحد منَّا يعتمد بمعمودية السيد المسيح (معمودية الماء والروح ) يصير شريكًا للسيد المسيح حتى في معموديته وعلى رسمه ومثاله.. ولذلك نسمي جرن المعمودية: (الأردن).. فتوجد صلاة تصلى على مياه المعمودية نجد في مقدمتها: (يطرح الكاهن نفسه أمام الأردن ويصلي).
فكل مَنْ نزل إلى جرن المعمودية يعتبر نزل نهر الأردن نفسه مع السيد المسيح واعتمد معه في نهر الأردن.
ونجد هذه المعمودية التي تعمدها السيد المسيح والتي يعتمد بها كل واحد منا، تأخذ قوتها من يوم الجمعة العظيمة.. تأخذ قوتها من قوة الصليب وذبيحة السيد المسيح ودمه المسفوك على الصليب.. لذلك يقول لنا مُعلمنا بولس الرسول: "مَدفونينَ معهُ في المَعموديَّةِ" (كو2: 12).
وهنا يقصد بالدفن.. كما دفن السيد المسيح في القبر ثلاثة أيام.. هكذا ننزل جرن المعمودية ثلاث مرات على مثال دفنه ثلاثة أيام..
الثلاثة أسباب الأخرى.. لم يكن السيد المسيح محتاج إليهم وهم..
(5) السماء انفتحت.
(6) الآب يقول: "هذا هو ابني الحبيب....".
(7) الروح القدس حل على السيد المسيح مثل حمامة.
السبب الخامس الواضح لنا في معمودية السيد المسيح من يوحنا المعمدان هو أن:
(5) السماء انفتحت
عبارة "السماء انفتحت" معناها أن السموات كانت مغلقة.. فهي بالفعل كانت مغلقة أمامنا نحن وليس أمام السيد المسيح.. فالسيد المسيح ذهب ليعتمد لكي يفتح لنا السماء المغلقة.
إذًا فالسيد المسيح بمعموديته فتح لنا باب السماء.. والذي حدث مع السيد المسيح يحدث مع كل واحد منا لحظة عماده.. تنفتح له السماء.
ومعنى فتح السماء لكل واحد منا هي أن كلاً منا أخذ فرصة الدخول للسماء.. وأنه سوف يدخل السماء ويكتب اسمه فى سفر الحياة.. لذلك وضعت كنيستنا القبطية سجلاً نكتب فيه أسماء المعمدين باسمهم الجديد رمزًا للكتابة في سفر الحياة.
لقد كتبت اسمك في سفر الحياة يوم عمادك على اسم الثالوث القدوس، ويوم دفنت مع السيد المسيح وقمت معه إنسانًا جديدًا لا يحمل أي خطية وفتح أمامك باب السماء المغلق.
فكل منَّا فتح أمامه باب السماء يوم عماده.. ولكن البعض يعودوا يغلقوا هذا الباب المفتوح بيدهم وتصرفاتهم السيئة وسيرهم في تيار الخطية وعدم توبتهم.. بذلك يغلق باب السماء مرة أخرى.. لم يغلق في وجههم ولكنهم هم الذين يغلقونه بيدهم! فيمسحوا اسمهم المكتوب في السموات بيدهم بسبب سيرهم في تيار الخطية والشر وعدم التوبة.
فالسيد المسيح فتح لنا باب السماء الذي كان مغلقًا أمام وجوهنا قبل معموديته، وذلك بسبب غضب الله على البشرية بسبب الخطية التي كانوا يفعلونها ويعيشوا فيها.
السبب السادس الواضح لنا في معمودية السيد المسيح من يوحنا المعمدان:
(6) صوت من السماء يقول:
"هذا هو إبنى الحبيب الذى به سررت"
لقد سمعنا صوتًا من السماء يقول: "هذا هو ابني الحَبيبُ الذي بهِ سُرِرتُ".. فبعد أن كنت عبدًا متمردًا على سيدي بسيري في اتجاه الخطية والمعصية ومطرودًا من أمام وجه سيدي.. اليوم بالمعمودية اسمع صوت سيدي العذب ينادي لي ويقول: "أنت ابني أنا اليوم ولدتك..."، ويشير عليَّ من السماء لحظة خروجي من جرن المعمودية ويقول: "هذا هو ابني الحَبيبُ الذي بهِ سُرِرتُ" (مت3: 17).
فنحن هنا نقول للآب: نحن قد سمعنا أن لك ابن وحيد.. "اللهُ لم يَرَهُ أحَدٌ قَطُّ. الاِبنُ الوَحيدُ الذي هو في حِضنِ الآبِ هو خَبَّرَ" (يو1: 18).. فكيف يكون لك أبناء كثيرين؟!
فيرد الآب علينا ويقول: هذا الابن الوحيد الذي تتكلمون عنه هو ابني بالجوهر "ليس لي ابن آخر غيره"، أما أنتم فأبنائي بالتبني.
ابني الوحيد هذا مثلي في كل شيء كمثال "الرجل يكون ابنه رجل مثله"، فهو مثلي في كل شيء لكن نحن الاثنين واحد وليس اثنان.. نحن الاثنين متحدين اتحادًا كاملاً.. فلذلك فهو ابني الوحيد بالجوهر وأنتم أبنائي بالتبني.
فالسيد المسيح فتح لنا بابًا أن نصير أبناء الله بالتبني،
وذلك بالمعمودية.
فكل واحد منا حين خروجه من جرن المعمودية.. تنفتح له السماء، وكذلك يسمع صوت الآب السماوي قائلاً له: "هذا هو ابني الحَبيبُ الذي بهِ سُرِرتُ"، فيصير الإنسان ابنًا لله.. لذلك يصرخ كل منا حينما يقف يصلى قائلاً: "أبانا الذي في السموات....".
وبما أننا أصبحنا أبناء لله.. لذلك أصبحنا ورثه للملكوت، وورثة لله، ووارثون مع المسيح.. فابن الله الوحيد نزل للأرض وتجسد وتأنس من السيدة العذراء (أي أخذ جسدًا إنسانيًا) وصار ابن الإنسان.. فأصبح يحمل الطبيعيتين "ابن الله وابن الإنسان".
فنحن كلنا أبناء الإنسان والسيد المسيح أصبح واحد منا بأخذه جسدًا إنسانيًا (هو ابن الله وابن الإنسان)، فأصبح واحد منا، فرفعنا ورقانا لكي نصبح أبناء الله، كما قال القديس أثناسيوس الرسولي: "صار ابن الله إنسانًا لكي يصير ابن الإنسان ابنًا لله".
هذا الإله المتجسد هو ابن الإنسان بالتجسد وابنًا لله بالطبيعة.. ونحن صرنا أبناء لله بالتبني.. أخذنا حق التبني يوم المعمودية العظيمة.. لذلك استقبل السيد المسيح يوم معموديته هذا النداء القائل: "هذا هو ابني الحَبيبُ الذي بهِ سُرِرتُ"، لكي يسكب هذا الابن فينا ونصير نحن في السيد المسيح أبناء لله الآب.
السبب السابع الواضح لنا في معمودية السيد المسيح من يوحنا المعمدان:
(7) حلول الروح القدس مثل حمامة
نفس هذا الكلام ينطبق على النقطة الأخيرة وهو حلول الروح القدس مثل حمامة على السيد المسيح.. الروح القدس هو روح الآب وروح الابن.. فالثلاثة متحدين مع بعض وكائنين منذ الأزل.. وهم في وحدة تامة.. فما لنا نحن بالثالوث.. هذا الثالوث مع بعضه فلا دخل لنا به!!
الروح القدس هذا كان في العهد القديم لا يسكن في أحدًا.. فكان لا يستطيع احد من كل أنبياء العهد القديم أن يدعى أنه مسكن للروح القدس أو أن الروح القدس ساكن فيه.
كان الروح القدس في العهد القديم من الممكن أن يمر مرور سريع على الأنبياء لكي يعطيه نبوة، وكان يمر على الملك والكاهن على السواء حينما كانوا يمسحوا بزيت المسحة.. ولكن الروح لم يكن يسكن في أحدًا ما منهم.
ولكن السيد المسيح جاء يفتح لنا باب السماء لكي نصير مسكن للروح القدس، فاستقبل الروح القدس في المعمودية في جسده الإنساني مثلنا.. فهو إنسانًا مثلنا في كل شيء.. "شابهنا فى كل شىء ما خلا الخطية وحدها" (صلاة الصلح – القداس الغريغوري).
السيد المسيح مكث في بطن أمه العذراء مريم تسعة شهور كاملة... ووُلد ولادة طبيعية.. وكان ينمو قليلاً قليلاً مثلنا.. وكان ينمو في القامة والحكمة والنعمة عند الله والناس مثلنا تمامًا.. "وأمّا يَسوعُ فكانَ يتقَدَّمُ في الحِكمَةِ والقامَةِ والنعمَةِ، عِندَ اللهِ والناسِ" (لو2: 52).
فاستقبل في هذا الناسوت (الجسد) الروح القدس، لكي يكون لنا فاتحة خير، أننا سوف ندخل السماء، وأننا نحن البشر نستطيع أن نستقبل في هذا الناسوت الروح القدس.
صار هو سابقًا لنا.. فتح لنا الباب.. وهذا بالفعل يحدث لنا في المعمودية.. ندهن بالميرون فنستقبل الروح القدس فينطبق علينا ما ذكره مُعلمنا بولس الرسول: "أما تعلَمونَ أنَّكُمْ هيكلُ اللهِ، وروحُ اللهِ يَسكُنُ فيكُم؟" (1كو3: 16).
إلهنا الصالح يجعلنا أهلاً أن نكون سكنى للروح القدس..
يعمل فينا وبنا لمجد اسمه القدوس،
الذي له كل المجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 06 - 2014, 03:49 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,350,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي

الصوم لجام قوي للجسد
يحدثنا مُعلِّمنا بولس الرسول ويقول:
"لأني لستُ أفعَلُ الصّالِحَ الذي أُريدُهُ، بل الشَّرَّ الذي لستُ أُريدُهُ فإيّاهُ أفعَلُ. فإنْ كُنتُ ما لستُ أُريدُهُ إيّاهُ أفعَلُ، فلستُ بَعدُ أفعَلُهُ أنا، بل الخَطيَّةُ السّاكِنَةُ فيَّ. إذًا أجِدُ النّاموسَ لي حينَما أُريدُ أنْ أفعَلَ الحُسنَى أنَّ الشَّرَّ حاضِرٌ عِندي. فإني أُسَرُّ بناموسِ اللهِ بحَسَبِ الإنسانِ الباطِنِ. ولكني أرَى ناموسًا آخَرَ في أعضائي يُحارِبُ ناموسَ ذِهني، ويَسبيني إلَى ناموسِ الخَطيَّةِ الكائنِ في أعضائي. ويحي أنا الإنسانُ الشَّقيُّ! مَنْ يُنقِذُني مِنْ جَسَدِ هذا الموتِ؟" (رو7: 19-24).
فالاهتمام بالجسد أكثر من اللازم ليس مطلوبًا لأنه يسبب ضياعه.. بل علينا أن نعي أن الإفراط في الأكل والشرب لا يفيد شيئًا بل يصبح ضرر جسيم للجسم والروح.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
الصوم يلجم الجسد الجامح

فالصوم يلجم الجسد الجامح الذي يريد أن يشرد بعيدًا عن الطريق الروحي المضبوط الذي نسلك فيه.. وجهادنا الروحي كله مرتبط بالصوم.. وكل ممارسة روحية يجب أن يسبقها الصوم لتقديس هذه الممارسة.
*"كل جهاد ضد الخطية وشهواتنا يجب أن يبتدئ بالصوم، خصوصًا إذا كان الجهاد بسبب خطية داخلية" (القديس مار اسحق).
*"ليس لأن الله الرب وخالق الكون يجد منفعة في قعقعة أمعائنا وخلو معدتنا والتهاب رئتنا، ولكن لأن هذه هي الوسيلة لحفظ العفة" (القديس ﭽيروم).
*"الصوم بالنسبة للشهوات كالماء بالنسبة للنار" (القديس يوحنا الأسيوطي).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
فوائد الصوم

(1) الصوم هو بداية الطريق الروحي

فالإنسان مكون من روح وجسد.. فكما نهتم بالجسد ونقوته ونربيه هكذا يجب علينا أن نقوت ونربي الروح بنفس الاهتمام.. فبقدر ما يغلب أحدهما على الآخر هكذا يصبح الإنسان روحانيًا أو جسدانيًا.
*" مُخلِّصنا الصالح حينما أظهر نفسه للعالم عند الأردن ابتدأ من هذه النقطة.. فحينما اعتمد قاده الروح إلى البرية مباشرة، وصام أربعين يومًا وأربعين ليلة، وكل الذين يريدون أن يتبعوا خطواته عليهم أن يضعوا أساس جهادهم على مثال عمله" (القديس مار اسحق).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(2) الصوم يمهد لكل الفضائل والمواهب

كل الفضائل التي يسعى الإنسان في جهاده الروحي لكي يكتسبها ويحيا بها يسبقها الصوم، بل يمهد لها.. مثل الأرض التي تستصلح وتمهّد للزراعة.. فحينما تقع البذرة في هذه الأرض الجيدة الممهدة تنمو وتكثر وتأتي بالثمر المطلوب.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(3) الصوم يسبق أي عمل روحي

مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
لذلك فالصوم يسبق أي عمل روحي.. وكمثال لذلك نجد الصوم يرتبط ارتباط كلى بالصلاة، فهما لا يفترقان.. فالذي يصوم ولا يصلى لا يكتمل عمله الروحي، ولا يتمتع بالصوم الطاهر النقي.
*لذلك نصرخ في قسمة الصوم الكبير ونقول: "الصوم والصلاة هما اللذان عملا بهما الأبرار والصديقون ولباس الصليب، وسكنوا في الجبال والبراري وشقوق الأرض من أجل عِظم محبتهم في الملك المسيح".
*"حينما يبدأ الإنسان بعمل فلاحة البر بذاته، فأول عمل يعمله هو أن يصوم، لأنه بدون النسك جميع فضائل فلاحة الذات مرتخية. فالصلاة لا تكون نقية والأفكار لا تكون متنقية، والذهن لا يصفو والإنسان الخفي لا يتجدد" (القديس مار فيلو كسينوس).
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(4) الصوم يقوى إرادة الإنسان

إن السبب الأساسي في سقوط أبوينا الأولين آدم وحواء في كسر وصية الله هو ضعف الإرادة.. "فأكلت بإرادتي وتركت ناموسك عني.. وتكاسلت عن وصاياك.. أنا اختطفت لي قضية الموت" (القداس الغريغوري).
فبمجرد أن جاءت الحية إلى أمنا حواء وبدأت في تشكيكها في كلام الله.."وكانَتِ الحَيَّةُ أحيَلَ جميعِ حَيَواناتِ البَريَّةِ التي عَمِلها الرَّبُّ الإلهُ، فقالَتْ للمَرأةِ: أحَقًّا قالَ اللهُ لا تأكُلا مِنْ كُل شَجَرِ الجَنَّةِ؟". فقالَتِ المَرأةُ للحَيَّةِ: مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الجَنَّةِ نأكُلُ، وأمّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ التي في وسطِ الجَنَّةِ فقالَ اللهُ: لا تأكُلا مِنهُ ولا تمَسّاهُ لِئلا تموتا. فقالَتِ الحَيَّةُ للمَرأةِ: لن تموتا!" (تك3: 1–4).
خضعت أمنا حواء لكلام الحية لضعف إرادتنا وعدم رفضها لكلام الحية.. وأكلت بل ما هو أعجب من ذلك ذهبت لأبونا آدم وأقنعته بسهولة جدًا، وأكل دون أن يفكر في عاقبة ما سوف يفعله، ووقع في معصية الله.
انتهت القصة بالحكم عليه هو وامرأته وكل بنيه بالموت الأبدي، وطُرد من أمام وجه الله ومن الجنة، وأصبح حزينًا مطرودًا كئيبًا في حسرة على ما عمله.
*"آدم بينما هو حزين سر الرب أن يرده إلى رئاسته" (ثيؤطوكية يوم الاثنين).
*"وعندما خالفنا وصيتك بغواية الحية.. سقطنا من الحياة الأبدية.. ونفينا من فردوس النعيم" (القداس الباسيلى).
فالصوم يقوى الإرادة الضعيفة.. وخاصة الصوم الإنقطاعي.. يتدرب فيه الانسان بأن يقول لنفسه أنا سوف لا أكل نهائيًا حتى الساعة.... وأيضًا حينما آكل سوف أمتنع عن كل المأكولات الشهية المحببة لنفسي... فتبدأ ارادة الإنسان الضعيفة تقوى رويدًا رويدًا حتى يصبح الإنسان قوي الإرادة وله شخصية قوية في كل شئ.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
(5) الصوم مهذب للجسد والحواس

*مُعلِّمنا دواد النبي يقول:"أذلَلتُ بالصَّوْمِ نَفسي" (مز35: 13).
*ومعلمنا بولس الرسول يقول: "أقمَعُ جَسَدي وأستَعبِدُهُ" (1كو9: 27).
فالصوم من أهم فوائده ه تدريب الانسان على كيفية تهذيب الجسد، وقمع كل ثوراته التى تقوم ضد الروح.. فالصوم يضعف الجسد نسبيًا فتقوى الروح بقدر ما يضعف الجسد.
لذلك آباءنا القديسين كانوا يقظين في قمعهم لثورة الجسد.. وكانوا يعطون الجسد حاجاته الضرورية فقط، ضابطين شهواتهم بكل دقة وحرص.. بل كانوا يمنعون عن أجسادهم ليس كل ما هو شهي ولذيذ فقط بل أيضًا حتى الخبز والماء بكثرة.
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
تعالوا بنا نرى ماذا قال آباءنا القديسين عن ذلك:

*القديس يوحنا كسيان:
"لقد جرب آباؤنا الصوم كل يوم فوجدوه نافعًا وموافقًا لنقاوة النفس، ونهونا عن امتلاء البطن من أي طعام كان، حتى من الخبز البسيط أو من الماء أيضًا".
*القديسة سارة:
"إن فمًا تمنع عنه الماء لا يطلب خمرًا، وبطنًا تمنع عنها الخبز لا تطلب لحمًا".
*القديس أمبروسيوس أسقف ميلانو:
"إن مَنْ كان بريئًا من كل خطية (السيد المسيح) صام أربعين يومًا،وأنت أيها الخاطئ تكره هذا الصوم وتأباه. ها هوذا طوفان جديد يدوم مدة 40 يومًا لا تزال السماء فيها هاطلة علينا بأمواه النعم الإلهية. وبه تغرق خطايانا وتحفظ قلوبنا الفضائل والقداسة".
*مار اسحق السرياني:
"الصوم هو بدء طريق الله المقدس. هو يتقدم كل الفضائل، بداية المعركة، جمال البتولية، حفظ العفة، أبو الصلاة، نبع الهدوء، معلم السكوت، بشير الخيرات".
*القديس غريغوريوس رئيس متوحدي قبرص:
"الكبير البطن أحلامه الرديئة تكدر قلبه، والذي ينقص من أكله يصير في كل وقت منتبهًا، لأن مثلما يظلم الجو من الضباب كذلك يظلم العقل إذا امتلأت البطن من المأكولات".
مقالات أبونا الراهب القس بطرس البراموسي
إلهنا الصالح الذي قدّس الصوم بصومه أربعين يومًا..
قادرًا أن يقدس صومنا، ويجعله صومًا روحانيًا..
نسعى فيه لبناء الروح،
ولضبط شهوات الجسد والفكر والحواس..
لكي تتقدس حواسنا وأرواحنا وتتنقى أفكارنا.
ولربنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
بعض مقالات الراهب القمص بطرس البراموسي
كتاب مازال ينزف - الراهب القس سارافيم البراموسى
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي
كتاب نحو الهدف - الراهب القس بطرس البراموسي
مفهوم الصوم الراهب القس بطرس البراموسي


الساعة الآن 07:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025