الثواب والمكافأة والمجازاة
إن الرب عندما يرى عدم جدوى جميع أنواع العلاج لشفائهم، يرثى عدم إنتفاعهم بنار التجارب المطهرة لنفوس الذين عصوا وزاغوا، فالرب كطبيب ماهر جرب كل وسائل الشفاء، ورأى أنه لم يترك علاجًا إلا واستخدمه لأجل أمراضهم، لذا كف عن تأديبه النافع هذا وسلمهم للعقاب الأبدي ليتعظ الآخرون ويتأكدوا أن الله يرى ويجازي كل واحد كأعماله.
"أَنه يجازى لذلك قبل أن يجازينا يَمْتَحِنُكُمْ لِكَيْ يَعْلَمَ هَلْ نِحبّ مِنْ كُلِّ قُلُوبِنا وَنْفُوسِنا" (تث13: 3) فكما "تمتحن الفرن أواني الخزف والأبرار تمتحنهم تجربة البلايا" (ابن سيراخ 2: 5) وبطرس الرسول يوضح ذلك قائلًا: "أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ" (1بط4: 12).
لنثق أن عناية الله بنا أعظم من كل ضيق فالذي فينا أعظم من الذي في العالم (1يو4: 4) ولا يوجد أعظم من وعد الرب لنا بالأمان والحماية والمعونة (أش43: 1، مت10: 19، لو21: 15) ولا أعظم من المكافأة "وبعد تأديب يصير لهم ثواب عظيم لأن الله امتحنهم فوجدهم أهلا له، محصهم كالذهب في البوتقة وقبلهم كذبيحة محرقة، وهي في وقت افتقادهم يتلألأون ويسمعون سعي الأشرار بين القضب ويدينون الأمم" (حك3: 4).
من أجل هذا الثواب والمكافأة يجتهد كل متضايق أن يخضع للفحص والإختبار أثناء التجربة عالمًا أنه بسماح من الله وبرضا مشيئته يُسلم لكي يُجرب كي يتزكى بمعونة روح الله القدوس الذي يجعل مع التجربة أيضًا المنفذ (1كو10: 13) حتى لا نتجرب فوق ما نستطيع.
فالغاية من تأديبنا هي أن نكون غيورين وتائبين "إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُورًا وَتُبْ" (رؤ3: 19) "ومن يهرب من التأديب لا يكون ابنًا" (عب12: 8)، وكل محبوب للرب تكون محبته خاصة بإعزاز إذا كان يُوبخ ويُؤدب لأجل خلاصه، فالطبيب الذي يمسك بالأورام الناتجة عن الجروح بيد رقيقة لا يكون طبيبًا ماهرًا، فهو يزيد من السم المترسب في الجسم، إذ يجب أن يفتح الورم ويقطع ويعالج بعقاقير قوية ويقطع الأجزاء الفاسدة، فرغم أن المريض يصرخ ويشكي من الألم إلا أنه سيشكر الطبيب بعد ذلك عندما يشعر بصحة جسده.