من سيفصلنا عن محبة الله؟ (3)

[tito227]

من سيفصلنا عن محبة الله؟ (3)



الاثنين 31 مارس 2014
القمص داود لمعي راعي كنيسة مارمرقس كليوباترا
من سيفصلنا عن محبة المسيح؟ أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف؟ كما هو مكتوب: "إننا من أجلك نمات كل النهار. قد حسبنا مثل غنم للذبح".

ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا. فإني متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلية.. ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا. (رو 8 : 35 ، 39)
قد يكون أصعب سؤال يواجهنا في الحياة...

لماذا كل هذا يا رب؟
في هذه جميعها.. اضطهاد، ضيق، شدة، مشاكل، فشل، أمراض، فقر، أحزان بكل أشكالها، وحدة، اكتئاب، خسارة، ظلم، اهانات، وجع....
ما هذا؟ كيف؟ ولماذا؟
للإجابة على هذا السؤال الصعب فالنتخيله لغزا مركبا.. نفك أجزاؤه واحدة واحدة كما في لعبة تركيب الصور puzzle التي تتكون من قطعا مختلفة الأحجام والأشكال ولكنها تتكامل مع بعضها حتى تتضح الصورة مشرقة.


(3) الجزء الثالث من اللغز: لنتشكل To shape us
إن هدف الحياة المسيحية على الأرض هو أن نتشبه بالمسيح فى كل شئ.. فيعمل الروح القدس فينا ليشكلنا على شبه المسيح كالطينة فى يد الفخارى.. وأحياناً تكون هذه الطينة ناشفة وغير مرنة فتتفتفت فى يده رافضة التكوين والتشكيل.. لذلك يضطر أن يبلها بالماء وأن يضغط بشدة لتتشكل بين يديه.
هكذا نحن فى يد الله طبيعتنا جافة وجامدة بلا مرونة فلا نتشكل بسهولة..! لذلك يوجعنا ويدوس بشدة ليعمل بنا الشكل الذى يريده.
المسيح وحده صاحب الملكوت.. والذين هم شبهه هم وحدهم من لهم الحق فى الدخول إلى الملكوت. لكنك قد ترفض التشكيل..
والوصية الإلهية تحاول تشكيلك لكنك ترفض أن تطيع الوصية.. والقديسون أيضاً يعلمونك.. لكنك ترفض أن تسير وراءهم...! هنا يضطر إلهنا الطيب إلى أن يشكلك رغماً عنك بالتعب (بالألم) والوجع حتى تدخل السماء.
لقد بدأ يعقوب حياته كاذباً، يتعب كل من حوله ويأخذ كل ما يجده. لكن الله قام بتشكيله بآلام وأوجاع متتالية.. بداية من ترك بيت أبيه وذهابه لخاله لا بأن لمدة عشرين سنة خدع فيها مرات، إلى موت راحيل الغالية وهى تلد بنيامين، ثم فقدان ابنه الحبيب يوسف حتى أنه فقد بصره من شدة البكاء عليه..
وفى الآخر مجاعة، حتى قال: اعدمتمونى الاولاد يوسف مفقود شمعون مفقود وبنيامين تاخذونه صار كل هذا على. (تك42: 36).
ربنا يدخل يعقوب المحبوب معصرة الألم لتشكيله.. لكى يخرج منه أفضل إناء، فتجده يتغير فى فترة الآلام.. وتغير اسمه من يعقوب إلى إسرائيل.. تحول من يعقوب الذى يتعقب الدنيا إلى إسرائيل.. أى (رجل الله أو إسرائيل).
لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت (تك32: 28).
استطاع الله أن يغيره ويشكله وضبطه حتى أصبحنا نتشفع به فى الصلاة.. من أجل ابراهيم حبيبك واسحق عبدك وإسرائيل قديسك (دا3: 35)... ونسينا يعقوب القديم، لكن هذا الأسم والشكل الجديد كلف أبينا يعقوب الكثير فى حياته من وجع وتعب، حتى قال.. قليلة وردية كانت أيام سنى حياتى ولم تبلغ إلى أيام سنى حياة ابائى فى أيام غربتهم (تك47: 9).
والتشكل هنا معناه أن: تكسر الأنا والذات داخلك فتصل أن تقول لله: لا أنا بل نعمد الله، (1كو 15: 10) ينبغى أن ذاك يزيد وانى أنا أنقص. (يو3: 30). فيكبر المسيح فى داخلك وذاتك أنت تصغر وتتراجع.
التشكيل هو رحلة تنقلنا من يوم الجمعة (الصليب) إلى يوم الأحد (القيامة).. فلن تفرح فرح القيامة إلا بعد أن تعبر بآلام الصليب، وكلما تألمت مصلوباً فى الجمعة كلما استحققت الفرح الأبدى فى الأحد.. كلما تتألم على الأرض كلما تتمجد ةتفرح فى السماء.. فى ما بعد لا يجلب أحد على اتعابا لانى حامل فى جسدى سمات الرب يسوع (غل6: 17).
بمعنى أن كل جزء فى جسدى مليئ بجراحات الرب يسوع. كل جزء قد تشكل بآلامه وجروحاته فأصبح يحمل سماته ويعبر عنه ويشبهه.
إلهي الحنان
إلهي الحنان.. لا تتركني نائما غافلا للنهاية..
افعل بي ما تشاء لكن إلى الهلاك لا تسلمني..
أيقظني بصوتك الحاني أو حتى بوغزة من عصاك..
أغلق في وجهي كل باب مفتوح للشر وافتح أمامي الباب الضيق واسعا.. إجعلني لا أرى إلا الطريق الكرب المؤدي إلى الحياة واجعلني احبه وأمشي فيه راضيا شاكرا.
إلهي الطيب.. شكلني بيديك حسب إرادتك.. لا ترمي طينتي عنك أيها الفخاري الأعظم يائسا مني، لكن أعمل في ومن حولي لكي أتشكل كإناء للكرامة كما تشاء.. ادخلني فرن عنايتك واحرق مني كل الشوائب..
ساعدني كي أرى آلام الآخرين كما تراها أنت.. بعين الرحمة والحب والشركة.. هبني يا رب أن أثق فيك مهما حدث لي.. وأن أقبل من يدك كل ما يأتي على، مؤمنا أنك أنت أبي الذي يحبني وإلهي الذي لا يخطئ أبدا.

[Mary Naeem]

ربنا يبارك حياتك