30 - 03 - 2014, 02:55 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام - تفسير سفر طوبيت
العودة إلى نينوى (الإصحاحات العاشر والحادى عشر والثاني عشر) الإصحاح العاشرعودة طوبيا إلى نينوى وكانَ طوبيتُ بَحسُبُ يَومً بَعدَ يَومٍ عَدَدَ الأَيَّامِ الَّتي يَتِمُّ فيها الذَّهاب والَّتييَتِمُّ فيها الإِياب. ولَمَّا انقَضَت هذه الأَيَّام ولم يَحضَرِآبنُه،2 قالَ في نَفْسِه: ((لَرُبَّما عاقَهمانِعٌ هُناك، ولَرُبَّما ماتَ جَبَعْئيل ولَيسَ هُناكَ مَنيُسَلِّمُ إِلَيه المال)).3 فوَقَعَ فيقَلَق.4 وكانت حَنَّةُ آمرأَتُه تَقول: ((هَلَكَ آبْني ولَم يَبْقَ بَينَ الأَحْياء!)). وأَخَذَت تَبْكيوتَنوحُ على آبْنِها فتَقول:5 ((الوَيلُ لي،يا وَلَدي، لِأَنِّي تَركك تُسافِر، أَنتَ نورَ عَينَيَّ)).6 وكانَ طوبيتُ يَقولُ لَها: ((اُسْكُتي ودعي عنكِالهَمّ، يا أُخْتي، فهو سالم. لا شَكَّ أَن قد طَرَأَ علَيهما طارِئٌهُناكَ، فالرَّجُلُ الَّذي رافَقَه في السَّفَرِ هو أَمين وهو مِنإِخوَتنا. فلا تَقْلَقي علَيه، يا أُخْتي، فلَن يَلبَثَ أَن يَكونَهُنا)).7 قالَت له: ((دَعْني ولا تَخْدَعْني،فلَقَد هَلَكَ وَلَدي)). وكانَت كُلَّ يَومٍ تَخرُجُ مُسرِعةً فتُراقِبُ الطَّريقَ الَّتي ذَهَبَ فيها آبنُها، ولا تُصَدِّقُ أَحَدً مِن النَّاس. وبَعدَ غِيابِ الشَّمْس، كانَت تَدخلُ فتَنوحُ وتَبْكيطَوالَ اللَّيْل ولا يأخُذُها النُّعاس. من المؤكد أن طوبيا الذي ألف السفر إلى تلك المناطق ويعرف جيدًا كم تستغرق الرحلة في الذهاب والعودة، وإذا كانت المسافة بين نينوى وراجيس تبلغ 360 كم فإنه يمكن قطعها في أسبوع (حوالي 25 كم في اليوم الواحد) ومثلها أسبوع عند العودة، مع بعض أيام إضافية لدى جعبئيل، وربما بدأ طوبيا في القلق من بعد عشرين يومًا من سفر ابنه. و لم يكن طوبيا يضع في الحسبان مسألة زواج ابنه، بل إنه لم يشر إليها أساسًا في حديثه مع ابنه قبل سفره، وهكذا لم يكن يتوقع أن تسير الأمور على النحو الذي سارت عليه. و طوبيا الشيخ والذي لم يقابل جعبئيل منذ مدة طويلة، جعلته لا يعرف أخباره، فقد توقع أن يكون قد مات وأن مشكلة ما قد واجهت طوبيا مع ورثة غابليوس!! أما حنة زوجته فقد صارت نهبًا للهواجس بسبب غياب ابنها، فها هي تبكى بحرقة وتبكتّ نفسها لأنها وافقت على السفر، فقد خسرت الحياة الناعمة عندما كان زوجها مؤثرًا، ثم فقد زوجها بصره ومن ثم فقد اضطرّت للعمل لتقوت الأسرة، وها هو الابن الوحيد المتبقي لها في الحياة يتعرض للضياع بل ظنت أنه مات، فبكت وأبت أن تتعزى (تَغْرِسِينَ بَعْدُ كُرُومً فِي جِبَالِ السَّامِرَةِ. يَغْرِسُ الْغَارِسُونَ وَيَبْتَكِرُونَ. أر 31: 5، «صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ». مت 2: 18). إنه الضعف البشرى وعاطفة الأمومة الجارفة نحو الأولاد، لقد وصفت ابنها بأنه ] نور بصرهما وعكازه شيخوختها وعزاء معيشتهما ورجاء عقبهما - راجع الترجمة اللاتينية [ إذ في طوبيا يمتد نسلهما بزواجه وإنجابه، وهكذا فهو لهما كل شيء وكل ما يملكانه وكل ما بقى لهما. فكانت تصعد كل يوم إلى سطح منزلها لترقب الطريق من بعيد، لعلها تراه قادمًا من بعيد فتهدأ نفسها ويطمئن قلبها، ولكن أيامًا كثيرة مضت دون أن تراه قادمًا وفي نهاية كل يوم كانت تعود بالحسرة إلى فراشها وتبكى وترفض أن تتعزى. وقد حاول طوبيا الشيخ نفسه أن يخفف عنها في حين أنه لم يكن بأقل قلق منها على وحيدهما (راجع حالة الأم عند سفر طوبيا الإصحاح الخامس). ولَمَّا آنقَضَت أَيَّامُالعُرْسِ الأَربَعَةَ عَشَرَ الَّتي حَلَفَ رَعوئيلُ بِأَن يُقيمَهالِآبنَتِه، دَخَلَ علَيه طوبِيَّا فقالَ لَه: ((دَعْني أرحَل، فأَناأَعلَمُ بِأَن أَبي وأَمِّي لا يَظُنَّانِ أَنَّهما سيَرانَني بَعدَاليَوم. والآن فأَرجو، يا أَبَتِ، أَن تَدَعَني أَرحَلُ وأَعودُ إِلىأَبي. سبَقَ أَن أَخبَرتُكَ بِأَيِّ حالٍ تَرَكتُه)).8 قالَ رَعوئيلُ لِطوبِيَّا: ((اِبْقَ، با بُنَيَّ،اِبْقَ معي، وأَنا أُرسِلُ رُسُلً إِلى طوبيتَ أَبيكَ فأُخبِرُه عَنكَ)).9 قالَ له: ((لا أَبَدً ، أَرْجو أنتَدَعَني أَرحَلُ مِن هُنا إِلى أَبي)). 10 فقامَ رَعوئيلُ وسلَّمَ إِلَيه سارةَ آمرأَتَه ونِصْفَ أَمْوالِهكُلِّها من خُدَّامٍ وجَوارٍ وبَقَرٍ وخِرافٍ وحَميرٍ وجِمالٍ وثيابٍوفِضّةٍ وأَمتِعة. 11 فتَرَكَهما يَرحَلانِسالِمَين، وسَلَّم على طوبِيَّا فقالَ لَه: ((كُنْ سالِمً ، يابُنَيَّ، رافَقَتكَ السَّلامة! ووفَّقكا رَبُّ السَّماءَ أَنتَ وسارةَآمرأَتَكَ، عسى أَن أَرى أَولادكما قَبلَ أَن أَموت!)). 12 وقالَ لِسارةَ آبنَتِه: ((اِذْهَبي إِلىحَمْويكِ، فهُما مُنذُ الآنَ والِداكِ كاللَّذَين وَلَداكِ. إِذْهَبيبِسَلام، يا آبنَتي، ولَيتَني أَسمَعُ عَنكِ خَيْرً ما دُمتُ حَيًّ )). ثُمَّ سَلَّمَ علَيهِما وترَكَهما يَرحَلان. في وسط هذا المحفل البهيج وبعد نجاح المهمة في إسترداد الوديعة المالية، لم ينسى طوبيا أن والديه يترقبان عودته بقلق بالغ، وهو يرفض عرض رعوئيل في إرسال من يخبر أبيه بكل تلك الطائفة من الأنباء السارة .! لاشك في أن حلول طوبيا في ذلك البيت، قد جلب إليه السعادة، وأدخل البهجة على كل من فيه، من بعد طول وحشة وإجترار للآلام النفسية، ومن هنا كان عذر رعوئيل في محاولة الإبقاء على طوبيا عدة أيام أخرى، وهكذا فإن حفاوة رعوئيل وكرمه، لم تنس طوبيا مشاعر والديه وقلقهما، ويتوسل إلى رعوئيل ليطلقه بسلام، هكذا ألح ألعازر الدمشقى على بتوئيل في أن يطلقه ليفرح سيده إبراهيم بنجاح مهمته قائلًا : " لا تُعَوِّقُونِي وَالرَّبُّ قَدْ انْجَحَ طَرِيقِي. اصْرِفُونِي لاذْهَبَ الَى سَيِّدِي" (تك 24: 56). وكذلك أبينا يعقوب، إذ أنّت أحشاؤه إلى أرضه فطلب إلى لابان أن يصرفه مع زوجتيه وأولادهما قائلًا : " اصْرِفْنِي لاذْهَبَ الَى مَكَانِي وَالَى ارْضِي". ولكن لابان الذي شعر ببركة يعقوب يستعفى قائلًا : " لَيْتَنِي اجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ. قَدْ تَفَاءَلْتُ فَبَارَكَنِي الرَّبُّ بِسَبَبِكَ " (تك 30: 25 - 27). و من هدايا رعوئيل لطوبيا وسارة بمناسبة زواجهما، يتضح أن الرجل كان ثريًا جدًا ً ، له أملاك واسعة، غير إنه استهان بكل ذلك في سبيل سعادة إبنته، لاسيما مع شخص موثوق به كطوبيا، ويعود بنا مشهد القطيع الذي خرج مع طوبيا وسارة، بركب إبراهيم وهو راجع من مصر وركب يعقوب وهو عائد من عند خاله لابان. لا تكمل سعادة الكنيسة بعريسها إلا في مجد الآب وعن يمينه.. ]خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ الآبِ وَقَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ وَأَيْضًا أَتْرُكُ الْعَالَمَ وَأَذْهَبُ إِلَى الآبِ (يو 16: 28) [. وقالَت عَدْناءُلِطوبِيَّا: ((يا وَلَدي وأَخي الحَبيب، أَعادَكَ الرَّبّ، ولَيتَنيأَعيشُ حتَّى أَرى أَولادَكُما أَنتَ وسارةَ آبنَتي قَبلَ أَن أَموت،أَمامَ اللهِ أُسَلِّمُ إِلَيكَ آبنَتي وَديعةً ، فلا تُحْزِنْها جَميعَاَيَام حَياتِكَ. رافَقَتكَ السلامة، يا بُنَيِّ. مُنذ الآنَ أَناأُمُّكَ وسارةُ أُختُكَ. لَيتَنا نَتَنعَّمُ جَميعً كُلَّ يَومٍ مِنأَيَّامِ حَياتِنا)). ثُمَّ قَبَّلَتهُما وترَكَتهُما يَرْحلانِسالِمَين. 13 وآنصَرَفَ طوبِيَّا مِن عِندِرَعوئيلَ سالِمً مَسْرورً وهو يُسبِّحُ رَبَّ السَّماءَ والأَرضومَلِكَ كُلِّ شَيء، لِأَنَّه أَنجَحَ سَفَرَهُ. وباركَ رَعوئيلَوعَدْناءَ قائلا: ((أَسعَدَني اللهُ بإِكرامِكُما جَميعَ أَيَّامَحَياتي((.!. و هذه هي عَدْناءُ (حنة) زوجة رَعوئيلَ، توصى طوبيا وقد صار في منزلة ابنها بسارة كوديعة وأمانة لديه، بكثير من المشاعر المفعمة بالود والمحبة النقية، وقد صاروا جميعًا عائلة واحدة لها علاقات حميمة وذلك خلال أيام معدودة. لَيتَنا نَتَنعَّمُ جَميعً كُلَّ يَومٍ مِن أَيَّامِ حَياتِنا، المقصود هنا تقديس الحاضر، فهو الذي نملكه فالأمس قد ذهب بكل ما فيه والغد لا نملكه لأنه في يد الله وحده.. ولكننا أمام واجب اليوم وواجب اللحظة الحاضرة.. وفي تقديس الحاضر تقديس للحياة كلها، واليوم هو أجمل وأروع من الأمس والغد، ليتنا نفرح بكل ما في اليوم من خير، لئلا تتبدد طاقتنا بين التفكير في الأمس والقلق على لغد. 1 ها قد نجحت المهمة، والرب أنجح طريق طوبيا، وصار للملاك دور ريادى في نجاح الرحلة، وها طوبيا يغادر البلاد وهو مشيع بأحر المشاعر والود، وكثير من البركة والدعاء الصالح، فالكل سعداء طوبيا الذي إسترد المال وإقتنى زوجة من عند الرب، وسارة التي تخلصت من الشيطان الرديء ووجدت الزوج الصالح، ورعوئيل وحنة اللذان إطمئنا على مستقبل إبنتهما وأموالهما، ثم الملاك روفائيل الذي سعد بسعادة الكل. |
||||
30 - 03 - 2014, 02:56 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام - تفسير سفر طوبيت
طوبيا الابن يعود وطوبيا الأب يشفى، واحتفال العرس يمتدّ ولَمَّا قَربُوا مِن قَصْرِينَ، الَّتي تُجاهَ نينَوى،2 قالَ رافائيل: ((أَنتَ تَعلَمُ كَيفَ تَرَكْناأَباكَ.3 فلنسبِقِ آمرأَتَكَ لِنُعِدَّ البَيت،رَيثَما يَصِلُ الآخَرون)).4 فسارا كِلاهُمامعً (وكان رافائيلُ قد أَوصى طوبِيَّا بِأَن يأخُذَ المَرارة)،والكَلْبُ يَتبَعُهما. 5 وكانَت حَنَّةُجالِسةً تُراقِبُ طَريقَ عَودةِ آبْنِها.6 فشَعَرَت بأَنَّه قادمٌ فقالت لِأَبيه: ((هُوَذا آبنُكَ قادِمٌ ومعهالرَّجُلُ الَّذي رافَقَه)).7 وقالَ رافائيلُلِطوبِيَّا قَبلَ أَن يَصيرَ بِالقُرْبِ مِن أَبيه: ((إِنِّي أَعلَمُبِأَنَّ عَينَيه ستَنفَتِحان.8 فآطْلِ عَينَيهبِمَرارةِ الحوت، والدَّواءُ يَشُقُّ البُقَعَ البيضاءَ وُيقشِّرُها عنعَينَيه، فيُبصِرُ أَبوكَ وَيرى النور. ها قد قاربت الكربة أن تزول، وكما نزع عن برعوئيل وشاح الحزن وطرد شبح اليأس، ها مسيرة الخلاص تقترب من البيت الثاني ليكمل الفرح وتبدأ حياة جديدة. وقد استغرقت الرحلة حوالي أحدى عشر يومًا في الرجوع (حسبما ورد في الترجمة اللاتينية) وهو وقت أطول بالقياس لرحلة الذهاب، ربما بسبب وجود سارة ومعها القافلة والقطعان. قَصْرِينَ وهي حاران، إذ وردت في طبعة كنج جيمس K.J.V. على هذا النحو Cherren وKaserein وعلى الرغم من أن حاران تقع غرب نينوى وليس شرقها، إلا أن ذلك يعنى أن حاران كانت إحدى محطات المسافرين القادمين من مادي إلى نينوى (أنظر تفاصيل أكثر في مقدمة السفر / الرد على الاعتراضات). و قد كان اقتراحًا حسنًا من الملاك، أن يسبق هو وطوبيا إلى بيت طوبيا بينما ترافق سارة الركب مع العبيد والقطعان - على مهل - لكي يحمل طوبيا البشرى لأبيه ويرى في العدد (16) أن طوبيا الشيخ خرج إلى باب نينوى للقاء كنته. و في هذا مثال للمسيح الذي بعد أن خلص كنيسته وقام من الموت وكسر شوكة الموت، صعد إلى السماء (المكان الذي جاء منه) ليعد للكنيسة مكانًا ] أَنَا أَمْضِي لِأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانً (يو 14: 2) [. و الكاتب الحاذق - الملهم بالروح القدس - يسلطّ كاميرته مرة على مشهد الموكب وهو في الطريق وأخرى على أسرة طوبيا المتلهف، ويصعّد في الوصف قليلًا قليلًا حتى يصل إلى الذروة في العدد (9) حين ألقت أمه بنفسها على عنقه وبكت. إِنِّي أَعلَمُ بِأَنَّ عَينَيه ستَنفَتِحان هذا دليل على أن طوبيا الشيخ سيبرأ بالتأكيد، ولكت هناك ضرورة لأن يتم هذا الشفاء تحت أعراض الدهن بمرارة السمكة، وطوبيا يحتاج أن يتقوى بالإيمان في أن أبيه سيشفى. و ذكر الكلب هنا يجيء من قبيل لمسة إنسانية رقيقة من الكاتب، يعبرّ بها عن حسه المرهف، ويجعل للكلب دورًا ما، يلائم طبيعته (يرد في الترجمة اللاتينية أن الكلب كان يبدى مسرته بتحريك ذيله !). اللقاء وأَسرَعَت حَنَّةُ وأَلقَت بِنَفْسِها على عُنُقِ آبنِها وقالَت لَه: ((رأَيتُكَ، يا وَلَدي. فلي بَعدَ الآنَ أَن أَموت))، وبَكَت.10 وقامَ طوبيتُ ومَشى متَعَثِّرً وخَرَجَ مِن بابِالدَّار، وسارَ طوبِيَّا إِلى لِقائِه 11 وبِيَدِه مَرارةُ الحوت. ونَفَخَ في عَينَيه وأَمسَكَ بِه فقالَ لَه: ((تشَجع، يا أَبَتِ)). ثُمَّ طَلى عَينَيه بِالدَّواءِ وآنتَظَر. 12 وجَعَلَ بِكِلْتَي يَدَيه يُخرِجُ قِشْرَةً من أَطرافِ عَينَيه. 13 فأَلْقى أَبوهبِنَفْسِه على عُنُقِه 14 وبَكى ثُمَّ قال: ((إِنِّي أَراكَ يا وَلَدي ونورَ عَينَيَّ)). وأَضاف: ((مُبارَكٌ اللهومبارَكٌ أسمُه العَظيم! مُباركةٌ جَميعُ مَلائكتِه القِدّيسين! مُباركٌ آسمُه العَظيم أَبَدَ الدُّهور! 15 لأَنَّه ضَرَبَني فَرحِمَني ولِأَنِّي أَرى طوبِيَّا آبْني)). يعود بنا هذا اللقاء، بشكله الدرامى الرائع، إلى بيئة الآباء الأولين إبراهيم وإسحق ويعقوب، حيث نجد شبيهًا له في ملاقاة يعقوب بابنه المحبوب يوسف ] فَارْسَلَ يَهُوذَا امَامَهُ الَى يُوسُفَ لِيُرِيَ الطَّرِيقَ امَامَهُ الَى جَاسَانَ ثُمَّ جَاءُوا الَى ارْضِ جَاسَانَ، وَلَمَّا ظَهَرَ لَهُ وَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَبَكَى عَلَى عُنُقِهِ زَمَانا، فَقَالَ اسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ: «امُوتُ الْانَ بَعْدَ مَا رَايْتُ وَجْهَكَ انَّكَ حَيٌّ (تك 46: 8 - 30) [. لقد بكى الأبوان عند إفتراق إبنهما عنهما، ولكنهما يبكيان هنا كتعبير عن شدة الفرح، فالدموع - وكما سبق - هي أروع تعبير عن الفرح، عندما لا يقدر الإنسان أن يحتمل فيض مشاعر السرور في داخله فيجد في الدموع متنفسًا لتلك المشاعر. شفاء طوبيا أكدت روايات المؤرخين القدامى، وجود موسوعات طبية قديمة، عثر عليها في المعابد الفرعونية، فقد ألفّ آثوتيس ابن مينا الملك الفرعونى موحد القطرين،، كتبّا في الطب، كذلك فقد كانت مكتبة منف تذخر بالكتب الطبية، وذلك في عهد أمنحوتب (سنة 3000 ق.م.) كذلك فقد روى القديس كليمندس السكندرى عن موسوعة علمية تقع في اثنين وأربعين جزءًا في كافة العلوم، ستة منها في الطب فقط، وكانت هذه الموسوعة محفوظة في معبد فرعونى. و قد تم العثور على ثمانى برديات طبية في تلك المعابد، هي لفائف (إدوين - سميث - إيبرس - كاهون - هرست - برلين - شيستر بيتي - لندن - كارلسبرج) وتعتبر بردية إيبرس، أضخم بردية تم العثور عليها حتى اليوم، إذ يبلغ طولها واحدًا وعشرون مترًا ويبلغ عرضها ثمانين سنتيمترًا ، وترجع إلى السنة التاسعة من حكم أمنوفيس الأول (1550 ق.م.) وقد عثر عليها في مدينة طيبة سنة 1872 م، وقد أكمل ترجمتها بعد إيبرس، العالم يواكيم، وهي محفوظة الآن في مكتبة ليبرنح، وتحتوى هذه البردية على ثمانية مجالات طبية، العيون إحداهما، حيث ورد فيه مائة وصفة طبية للعيون، وتنسب إحداهما، حيث ورد فيه مائة وصفة طبية للعيون، وتنسب إحداها إلى شخص أسيوى من بيلوس. أما المواد التي استخدموها في علاج العيون - كما ذكر في البردية، فهى: 1.الكبد حيث يحتوى على كميات كبيرة من فيتامين (أ) 2.مرارة الثور وكبده والعجل والخنزير لإحتوائها على نفس الفيتامين. 3.الأسماك وصفراءها وشحمها. 4.القرطم والششم (مازال مستخدمًا في ريف مصر والسودان). 5.شحم الأفاعى (بخلطة مع دهن الورد). 1 و يروى التاريخ أن قورش الملك احتاج إلى طبيب مصري، يعالجه من مرض في عينيه، فشل الأطباء في علاجه، فلما وصل الطبيب إلى هناك وعالجه، طلب إليه أن يعّلم أطباءه الوسائل الحديثة في علاج العيون.2 هذا ويعدّ (نى عنخ داود) هو أشهر طبيب فرعونى تخصص في علاج أمراض العيون، وهو يرجع إلى الأسرة الخامسة. 3 هذا وقد عاد علماء الطب يرجحون بعض الوصفات الشعبية في العلاج ويعطوا مكانًا للعلاج بالأعشاب الطبية، لاسيما وبعد أن ثبت ما للعقاقير المحضرة كيميائيًا ، أضرارًا جانبية، وكان هناك اعتقاد قديم بأن الكبد يستخدم في علاج مرض العمى الليلى Night Blindness، وكذلك المرارة Gall في نزع الرقائق البيضاء White Filns. 4 و لكن العامل الكبير في شفاء مرض مثل مرض طوبيا هنا، هو الإيمان، وقد شفى السيد المسيح، عيني المولود أعمى بطلائها بالطين! الطين الذي من شأنه - إن وضع في عين سليمة - أن يتلفها .!، ومع أن السيد المسيح هو الإله الخالق، وكان قادرًا أن يشفيه بمجرد الرغبة في ذلك، وحتى بكلمة واحدة تخرج من فمه، كما فعل عند شفاء عبد قائد المائة (فَأَجَابَ قَائِدُ الْمِئَةِ: «يَا سَيِّدُ لَسْتُ مُسْتَحِقًّ أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي لَكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَقَطْ فَيَبْرَأَ غُلاَمِي. مت 8: 8، لأَنِّي أَنَا أَيْضًا إِنْسَانٌ مُرَتَّبٌ تَحْتَ سُلْطَانٍ لِي جُنْدٌ تَحْتَ يَدِي. وَأَقُولُ لِهَذَا: اذْهَبْ فَيَذْهَبُ وَلِآخَرَ: ائْتِ فَيَأْتِي وَلِعَبْدِي: افْعَلْ هَذَا فَيَفْعَلُ لو 7: 8) يقول القديس مرقس ] فَأَخَذَ بِيَدِ الأَعْمَى وَأَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجِ الْقَرْيَةِ وَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ (مر 8: 23) [ أما القديس يوحنا فيقول ] قَالَ هَذَا وَتَفَلَ عَلَى الأَرْضِ وَصَنَعَ مِنَ التُّفْلِ طِينً وَطَلَى بِالطِّينِ عَيْنَيِ الأَعْمَى. (يو 9: 6) [. أما عن القشور البيضاء التي تكونت على عيني طوبيا عندما فقد بصره، فنحن نقرأ عن مثل ذلك في قصة شاول الطرسوسي، فقد فقد بصره، ولكن وبعد أن صلى عليه حنانيا وعمده، سقطت القشور من عينيه وشفى ] فَلِلْوَقْتِ وَقَعَ مِنْ عَيْنَيْهِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ قُشُورٌ فَأَبْصَرَ فِي الْحَالِ. (أع 9: 18) [. و في أيامنا هذه، وعلى الرغم من التقدم المذهل الذي وصل إليه الطب، إلاّ أنه ما يزال هناك أمراض، لا يعرف سببها وعلاجها، وإنما نسمع كل يوم عن معجزات شفاء أمراض، عجز الطب عن معالجتها وأقرّ أنه لا شفاء منها. شفاء طوبيا وسرّ مسحة المرضى: يشير الدهن بمرارة السمكة، هنا، إلى سر مسحة المرضى اليوم في الكنيسة، حيث يستخدم الزيت في الرشم للمريض، ويتوقف شفاؤه على الدهن والإيمان كلاهما معًا ، وكما لم يكن ممكنًا أن يستخدم طوبيا الابن دهنًا أخرًا في طلاء عيني أبيه، وإنما الدهن الذي عينّه الملاك، وحمله معه طوبيا محفوظًا في كيسه، هكذا الزيت الذي قدسه الله في طقس سرّ مسحة المرضى، تمامًا كما قصد الملاك روفائيل المرارة التي مع طوبيا في الكيس ذاتها، بينما لا تصلح مرارة أخرى من سمكة أخرى !، وهكذا فإن طوبيا هو الذي يدهن، لا غيره ! تمامًا كما يدهن الأسقف والكاهن دون غيرهما من عامة الناس، فهم وكلاء سرائرالله على الأرض. بركة التجربة: و نزلت القشور من عيني طوبيا فأبصر ومجد الله، وهو الذي له الإيمان البسيط والقوى، يدرك أن الله الذي سمح له بهذه التجربة لتنقيته ثم شفاه (لأَنَّهُ هُوَ يَجْرَحُ وَيَعْصِبُ. يَسْحَقُ وَيَدَاهُ تَشْفِيَانِ. أي 5: 18) وقد نجح طوبيا في الاختبار مثلما نجح أيوب وانهزم الشيطان في الموقعتين ] اُنْظُرُوا الآنَ! أَنَا أَنَا هُوَ وَليْسَ إِلهٌ مَعِي. أَنَا أُمِيتُ وَأُحْيِي. سَحَقْتُ وَإِنِّي أَشْفِي وَليْسَ مِنْ يَدِي مُخَلِّصٌ. (تث 32: 39) [. و الآن تصمت أفواه المعيّرين، والألسنة التي أطلقت الشماتة، اليوم خليق بها أن ترسل البركة والتسبيح. اليوم تحلّ الكرامة محلّ الهوان، وعوض التوبيخ يثار العجب الممزوج بالشكر، اليوم يعلو الله.. ويهبط كل شموخ المتكبرين، فقد انتصر الله لطوبيا وأرسل على قلبه مسحة السلام وليس والبهجة والفرح. و قد كانت المدة التي قضاها طوبيا في عماه، هي أربعة سنوات، إذ تعرض لتجربته هذه وهو في سن الثانية والستين واليوم يبلغ السادسو والستين (وكانَ آبنَ آثنَتَينِ وسِتِّينَ سنَةً حينَ فَقَدَت عَيناه البَصَر. وبَعدَ أَنِ آستَعادَ البَصَر، عاشَ في البُحْبوحِة وصَنَعَ الصَّدَقات، وما زالَ يُبارِكُ اللهَ وُيسَبِّحُ عَظَمَته طو 14: 2). ودَخَلَطوبِيَّا إِلى البَيتِ مَسْرورً يُسبِّحُ اللهَ بِأَعلى صَوتِه،وأَخبَرَ أَباه بأَنَّ سَفَرَه قد نجَحَ وبِأَنَّه قدِ آستَرَدَّالمالَ وآتَّخَذَ سارةَ آبنَةَ رَعوئيلَ آمرأَةً ، وأَنَّها واصِلة وقَدصارت بِالقُرْبِ مِن بابِ نينَوى. 16 فخَرَجَطوبيتُ يُسَبِّحُ اللهَ مَسْرورً إِلى لِقاءَ كَنَّتِه عِندَ بابِنينَوى. ولَمَّا رآه أَهْلُ نينَوى يَمْشي وَيجولُ بِكامِلِ عافِيَتِهومِن دونِ أَن يَقودَه أَحَدٌ مِنَ النَّاس، تَعَجَّبوا 17 فآعتَرَفَ طوبيتُ أَمامَهم بِأَنَّ اللهَ قدأَنعَمَ علَيه بِرَحمَتِه ففَتَحَ عَينَيه. ودَنا طوبيتُ مِن سارةَامرَأةِ آبنِه طوبِيَّا وبارَكَها وقالَ لَها: ((أَهْلً بِكِسالِمةً ، يا آبنَتي، ومُباركٌ إِلهُكِ الَّذي أَتى بِكِ إِلَينا، ياآبنَتي. ومَبارك أَبوكِ، ومُبارَكٌ طوبِيَّا آبْني، ومُباركةٌ أَنتِ،يا آبْنَتي. أُدخُلي إِلى بَيتِكِ سالِمةً بِالبَركةِ والفَرَح،اُدخُلي، يا أبْنَتي)). وفي ذلك اليَومِ عَمَّ الفَرَحُ جَميعَاليَهودِ الَّذينَ في نينَوى. 18 وقَدِمَأَخيكارُ ونادابُ اَبْنا عَمِّه يُشارِكانِ طوبيت في الفَرَح. خرج طوبيا الشيخ للقاء سارة وإستقبالها، وقد كان ودودًا ، مثلما كان رعوئيل عطوفًا على طوبيا، وكما دعا كل من رعوئيل حنة وحنة، طوبيا بأنه إبنهم وأخيهم، هكذا فعل طوبيت وحنة مع سارة زوجة إبنهما، إنها صورة رائعة للزواج التقليدي فيما يختص بموقف ودور العائلتين اللتين جمعتهما العقيدة الواحدة والظروف الواحدة.. والتقوى ومخافة الله. و قد عمّ الفرح كل اليهود الذين في نينوى، مما يعنى أنهم جميعًا قد حزنوا لتجربة طوبيا وأنهم كانوا يتابعون أخباره وأخبار ابنه، ولاشك أننا جميعًا جسد واحد نتألم معًا ونفرح معًا . و هكذا يكمل فرح سارة (الكنيسة) مع المسيح (طوبيا) في السماء بعد أن بدأته في الغربة. الآن أتم طوبيا المهمة التي كلفه بها أبوه، ونجحت الإرسالية، هنا يفرح الأب ويفرح الابن بسبب كمال العمل ] الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ. (يو 14: 4) [. ولا شك أن الملاك روفائيل القائم بدور الخادم سوف يتمجد أيضًا مع الابن في ملكوته بسبب تعبه. مرة أخرى يظهر أخيكار وناداب بعد أن عال طوبيا مدة سنتين وها هو يعود بعد سنتين أيضًا عندما سمع بتلك الأخبار المفرحة ]وسنعود للحديث بأكثر تفصيل عنهما في الإصحاح الرابع عشر[. |
||||
30 - 03 - 2014, 02:59 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام - تفسير سفر طوبيت
الملاك روفائيل يكشف عن هويته ولَمَّا تَمَّ العُرْس، دَعا طوبيتُ طوبِيَّا آبنَهوقالَ لَه: ((إِهتَمَّ، يا بُنَيَّ، بِدَفعِ الأُجرَةِ لِلرَّجُلِالَّذي رافَقَكَ وبِالإضافةِ علَيها)).2 قالَلَه: ((يا أَبتِ، أَيَّ أُجرَةٍ أَدفَعُ لَه؟ لن أَكونَ خَاسِرً حتَّى لو دَفَعتُ لَه نِصْفَ الأَموالِ الَّتي عادَ بِها معي.3 إِنَّه رَجَعَ بي سالِمً وأَبْرأَ آمرأَتي وعادَبِالمالِ معي وشَفاكَ. فأَيَّ أُجرَةٍ أَدفَعُ له لِهذا أيضً؟)).4 قالَ لَه طوبيت: ((مِنَ العَدْلِ، يابُنَيَّ، أَن يأخُذَ نِصْفَ كُلِّ ما عادَ بِه)).5 فدَعاه طوبِيَّا وقالَ لَه: ((خُذْ نِصْفَ ماعُدْتَ بِه أُجرَةً لَكَ وآمضِ سالِمً . امتد عرس طوبيا وسارة أسبوعًا آخرًا (بحسب الترجمة اللاتينية) حيث أراد طوبيا أن يشترك أهل نينوى في العرس الذي تم في راجيس بعيدًا عنهم، وقد كان القانون اليهودي يمنح اليهودي المتزوج حديثً ، أن يعفى من أية إلتزامات وطنية وقومية لمدة سنة كاملة (إذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً جَدِيدَةً فَلا يَخْرُجْ فِي الجُنْدِ وَلا يُحْمَل عَليْهِ أَمْرٌ مَا. حُرًّ يَكُونُ فِي بَيْتِهِ سَنَةً وَاحِدَةً وَيَسُرُّ امْرَأَتَهُ التِي أَخَذَهَا. تث 24: 5). الرفيق يكشف عن هويته: و في غمرة تلك الأفراح التي سبح فيها كل من طوبيا وأهله وأصدقائه، لم ينسى هو وإبنه، ذلك الرجل القديس الذي ساهم فيما نالهم من تعزية وبهجة، فقد قام روفائيل بدور الحارس الشخصي للإبن طوال الرحلة، ثم قام بالتوسط في زواجه من سارة، وهو الذي قام به الرسل والأنبياء والرعاة للإشارة إلى إتحاد المسيح بالكنيسة وإلى أن رأس الكنيسة هو المسيح، وهو بذلك يقوم بدور الكارز، كما قام الملاك بدور جندي الرب، حيث قبض على الشيطان وقيدّه وساعد طوبيا في إصطياد السمكة وإسترد له الوديعة من غابليوس وكطبيب شفى عيني طوبيا الشيخ. و عن الملاك روفائيل يقول القديس يوحنا ذهبي الفم (في ميمر عنه): ] هو ملاك وهو وكيل العريس لأنه اتفق مع طوبيا وأقام العرس، إنه لا جسد له لأنه لم يذق شيئًا طوال الأيام التي صار فيها معه، إنه شفيع فقد توسل إلى السيد الرب صاحب كنوز الرأفة لأجل طوبيت وطوبيا ابنه ولأجل سارة، هو نشيط لأنه عندما كان طوبيا في العرس أخذ جملًا إلى راجيس وأحضر الفضة، هو طبيب لأنه أبرأ عيني طوبيا الرجل الرحوم ثم أوصى ابن طوبيا أن يعمل الرحمة من ماله لأن الصدقة تنقذ الإنسان من الموت، هو قائد لأنه قيدّ أزموداوس (الشيطان) هو متطوّع لأنه لم يأخذ أجرًا إتفقوا عليه معه، إنه خادم نشيط لأنه قام بكل ما احتاجوا إليه، أنه خدوم لأنه وقف معه وخدم كعبد أمين فيالعظم رأفة الله ويالطاعة رئيس الملائكة الواقف في حضرة رب الجنود، وقد وقف أما إنسان يخدمه [. و تعكس رغبة طوبيا في إكرام الملاك هنا، وفاء الكنيسة تجاه قديسيها وخدامها، فتحتفل بهم في ذكراهم وتكرّم أجسادهم وأيقوناتهم وتطلب شفاعتهم المستمرة أمام عرش النعمة (اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ. عب 13: 7). لقد كان الرفيق بحسب الإتفاق المبدئى يستحق مبلغ خمسة وثلاثين درهمًا فقط .!!! وأما رغبتهم في إعطائه نصف ما عاد به طوبيا تعكس شعورهم بالامتنان تجاهه وتؤكد تقديرهم للدور الكبير الذي قام به ] الانَّكَ اخِي تَخْدِمُنِي مَجَّانا؟ اخْبِرْنِي مَا اجْرَتُكَ (تك 29: 15) [ لقد تضاءل أمامهم المال والمقتنيات مقابل الفرح والسرور الذي تحقق لهم. 6 حينئذٍ آنفَرَدَ بِهِمَا رافائيلُ فقالَ لَهما: ((بارِكا اللهَوسَبِّحاه أَمامَ جَميعِ الأَحياءَ لِكُلِّ ما أَحسَنَ بِه اليكُما. بارِكا وعَظِّما آسمَه. أَخبِرا جَميعَ النَّاسِ بِأَعْمالِ اللهِ بمايَجِبُ مِنَ الإِكْرام، ولا تَتَوانَيا في تَسْبيحِه.7 خَيرٌ أَن يُكتَمَ سِرُّ المَلِك، أَمَّا أعْمالُالله فلا بُدَّ مِن كَشْفِها والآعتِرافِ اِللَّائِقِ بِها. إِصْنَعاالخَير، لا يُصِبْكُما سُوء.8 الصَّلاةُ معالصَّومِ والصَّدَقةُ مع البِرِّ خَيرٌ مِنَ الغِنى مع الإِثْم،التَّصَدُّقُ خَيرٌ مِنِ آذِّخارِ الذَّهَب.9 الصَّدَقةُ تُنَجِّي مِنَ المَوت وهي تُطَهِّرُ مِن كُلِّ خَطيئة. الَّذينَ يَتَصَدَّقونَ يَشبَعونَ مِنَ الحَياة. 10 أَمَّا الَّذينَ يرتَكِبونَ الخطيئةَ والإِثْمفهُم أَعْداءُ أَنْفُسِهِم. هنا أخذهما الملاك منفردًا، ليعلن لهما الأسرار، فقد يستوعبان هنا هذه الأسرار بينما لا يقدر الآخرين على إدراكها، وربما كان في ذلك تفسير لما قاله لهما بعد ذلك من أنه خير أن يكتم سر الملك .! خَيرٌ أَن يُكتَمَ سِرُّ المَلِك، أَمَّا أعْمالُ الله فلا بُدَّ مِن كَشْفِها والآعتِرافِ اِللَّائِقِ بِها: رأى كثير من القديسين الأول، أن المقصود بالشق الأول من هذه الآية، هو نفس مضمون الآية ] لاَ تُعْطُوا الْمُقَدَّسَ لِلْكِلاَبِ (مت 7: 6) [ فقد اقتبس آباء مجمع نيقية آية سفر طوبيا هذه في ردهم على أريانوس، بخصوص عدم إعطاء القدس للكلاب، موضحين اختيار ما يلائم عند الحديث مع الأشخاص الذين يسمعون 1. كذلك فقد اعتمد القديس أثناسيوس الرسولي عليها، في دفاعه ضد الآريوسيين، عندما اتهموه بكسر كأس التناول التي كان يستخدمها القس مكاريوس الآريوسى، إذ تعجب القديس من كون القس يكشف الكأس أمام الناس، وهي التي تحمل السر المقدس، فقال إنه لم يرها وإذا أتيح لإنسان أن يراها فهذا أهمال من القس المذكور. 2 و قد أوردها أيضًا يوسابيوس القيصري عند حديثه عن اضطهاد فالريان.3 و قد تعني الآية أيضًا : أن سر الملك هو العلاقة الشخصية السرية بين المؤمن ومسيحه (ملكه) والتي لا يليق بنا كشفها أمام الآخرين ] أُخْتِي الْعَرُوسُ جَنَّةٌ مُغْلَقَةٌ عَيْنٌ مُقْفَلَةٌ يَنْبُوعٌ مَخْتُومٌ. (نش 4: 12) [ ولكن الله هو الذي يتولى الكشف عنها، وأما أعمال الله التي تعلن فهي السلوك والأعمال التي يراها الناس فيمجدوا أباهم الذي في السموات، وبذلك تكون علاقتنا لعلاقتنا بالله شقان، جذور وثمار، فالجذور هي التفاعل مع محبة الله (سر الملك) وأما الثمار فهي أعمال الله معنا وفينا والتي يجدر بنا التحدث عنها بالكلمة والسلوك. و قد تعني أيضًا أن هناك بعض الأمور مما يعجز الآخرون عن فهمها وإدراكها والتي يجب أن تكتم عنهم، لئلا يجدف على الأسم القدوس، وعدم التحدث في أمور لاهوتية عالية أمام غير الروحيين وإنما يناسبهم أعمال المحبة والبذل، نقدمها لهم. الصلاة والصوم والصدقة ً : و هي أركان العبادة الثلاثة، وهي ترتبط ببعضها البعض ارتباطًا وثيقًا ، فالصوم يحلنا من رباط الجسد والمادة، ويمهد للإتحاد مع الله على مذبح الصلاة وأمّا الصدقة فتجعل لنا دالة أمام الله. قال أحد القديسين: (إذا أردت أن تصعد صلاتك إلى السماء فإقرنها بجناحي الصوم والصدقة) الصَّدَقةُ تُنَجِّي مِنَ المَوت: لاشك أن الذي يرحم الفقير، يستدّر مراحم الله له ] طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ. (مت 5: 7) [. فإذا قارننا النوعين من الرحمة، سنجد أننا سنرحم الفقير بمال قليل في حين يرحمنا الله من خطايانا، ولاشك أن الشخص المتصدق والمحب للصدقة، هو إنسان شاخص باستمرار إلى فوق حيث يوجد مقره السمائي، هناك كنوز الرحمة والمجد، فتصلى الكنيسة في أوشية القرابين قائلة بتوسل عن مقدمى القرابين ] إعطهم الباقيات عوض الفانيات، السمائيات عوض الأرضيات، الأبديات عوض الزمنيات، وكما ذكروا اسمك القدوس على الأرض (تصدقوا لإجل اسمك) أذكرهم هم أيضًا في ملكوتك [. و يرى القديس الأنبا زوسيما نقلًا عن الأب تادرس، أنه كان في مدينة الأسكندرية في أيام الأسقف يوحنا النيقاوى، فتاة وثنية ثرية، حدث أنها بينما كانت في نزهة رأت شابًا يريد الانتحار بسبب ثقل ديونه، فوعدته بسداد ديونه حتى لو تكلفت في ذلك كل ثروتها، وقد حدث ذلك بافعل، فافتقرت ثم باعت نفسها للخطية، وعند موتها توسلت إلى جيرانها أن يبلغوا البابا برغبتها في العماد، ولكنهم رفضوا لكونها خاطئة، فحزنت ولكن ملاك الرب وقف بها في صورة ذلك الشاب الذي أنقذته من الموت، وعرفها أنه هو نفسه، فطلبت منه أن يعينها في قبول العماد، فأحضر ملاكين آخرين، واتخذوا ثلاثتهم شبه ثلاثة أراخنة المدينة وحملوها إلى البابا الذي عمدها بناءا ً على تزكيتهم لها، ولمّا، عرف أمر عمادها من ملابسها البيضاء ووصل الخبر إلى أولئك الأراخنة، وذهلوا لعدم علمهم بهذا الأمر، فرجعوا إلى الفتاة حيث عرفوا منها حقيقة الأمر، فمجدّ البابا البطريرك، الرب قائلًا عادل أنت يا رب وأحكامك عظيمة جدً جدًا 4 وتظهر من الرواية أهمية عمل الرحمة في خلاص النفس والنجاة من الخطر. و في تعليقه على هذه الية يقول القديس الذهبي الفم أن الصدقة أنقذت امرأة صرفة صيدا وإبنها من الموت وكذلك طابيثا] 1 مل 17، وَكَانَ فِي يَافَا تِلْمِيذَةٌ اسْمُهَا طَابِيثَا الَّذِي تَرْجَمَتُهُ غَزَالَةُ. هَذِهِ كَانَتْ مُمْتَلِئَةً أَعْمَالً صَالِحَةً وَإِحْسَانَاتٍ كَانَتْ تَعْمَلُهَا.وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَنَّهَا مَرِضَتْ وَمَاتَتْ فَغَسَّلُوهَا وَوَضَعُوهَا فِي عِلِّيَّةٍ. وَإِذْ كَانَتْ لُدَّةُ قَرِيبَةً مِنْ يَافَا وَسَمِعَ التَّلاَمِيذُ أَنَّ بُطْرُسَ فِيهَا أَرْسَلُوا رَجُلَيْنِ يَطْلُبَانِ إِلَيْهِ أَنْ لاَ يَتَوَانَى عَنْ أَنْ يَجْتَازَ إِلَيْهِمْ. فَقَامَ بُطْرُسُ وَجَاءَ مَعَهُمَا. فَلَمَّا وَصَلَ صَعِدُوا بِهِ إِلَى الْعِلِّيَّةِ فَوَقَفَتْ لَدَيْهِ جَمِيعُ الأَرَامِلِ يَبْكِينَ وَيُرِينَ أَقْمِصَةً وَثِيَابً مِمَّا كَانَتْ تَعْمَلُ غَزَالَةُ وَهِيَ مَعَهُنَّ. فَأَخْرَجَ بُطْرُسُ الْجَمِيعَ خَارِجً وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْجَسَدِ وَقَالَ: «يَا طَابِيثَا قُومِي!» فَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا. وَلَمَّا أَبْصَرَتْ بُطْرُسَ جَلَسَتْ فَنَاوَلَهَا يَدَهُ وَأَقَامَهَا. ثُمَّ نَادَى الْقِدِّيسِينَ وَالأَرَامِلَ وَأَحْضَرَهَا حَيَّةً . فَصَارَ ذَلِكَ مَعْلُومً فِي يَافَا كُلِّهَا فَآمَنَ كَثِيرُونَ بِالرَّبِّ. أع 9: 36 - 42 [. 5 و تمحو الخطايا: و الصدقة المقصودة هنا، هي تلك التي تبذل عن حب وأفضل منها، تلك التي تقدم مع التوبة، ومن هنا فقد ركزت الكنيسة في تعاليمها عن الصدقة، أن تلازم فترات الصوم والتي فيها يعيش المؤمن حياة التوبة، وقد إستند القديس أمبرويسيوس على هذه الأية في حديثه عن التوبة وقبول الله لها قائلًا : ] موسى استلم الوصايا عندما كان صائمًا ، وكذلك بطرس تعلّم نعمة العهد الجديد من خلال الصوم، وكذلك دانيال أنقذه صومه من أفواه الأسود ورأى الأحداث المستقبلية، والنجاة لنا أيضًا إذا إغتسلنا من خطايانا بالصوم لأنه مكتوب أن الصوم والصدقة تغسل الخطايا (الصَّدَقةُ تُنَجِّي مِنَ المَوت وهي تُطَهِّرُ مِن كُلِّ خَطيئة. الَّذينَ يَتَصَدَّقونَ يَشبَعونَ مِنَ الحَياة طو 12: 9) [.6 و قد وردت قصة أخرى في بستان الرهبان، 7عن رجل سورى، وجد ذات مرة وهو في طريقه رجلًا ميتًا ، فخلع ثوبه وغطاه به، وبعد أيام وبينما كان في طريقه، وقع عن دابته وانكسرت رجله وفشل العلاج فيها، وأقر الأطباء أخيرًا قطعها، فبكى في تلك الليلة كثيرًا ، وفي نصف الليل دخل عليه شخص من الكوة وسأله عن سبب حزنه، ثم مسح له بيده على رجله وأمره أن يمشى، فقام مستندًا عليه ومشى سليمًا ، ثم أردف ذلك الضيف قائلًا (إن الرب قال في إنجيله طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ فلمّا أراد الانصراف، استحلفه قائلًا : من أجل خاطر الذي أرسلك أمّا تعرفني من أنت؟ فأشار بيده إلى الثوب الذي عليه قائلًا أتعرفه هذا، فقال نعم كان لي، فقال له: أنا ذلك الميت الذي كان ملقى على الطريق، أرسلني الله لشفائك فإشكره وإعمل الرحمة فتخلصك من الآفات وتغفر الخطايا، ثم انصرف عنه (راجع تعليقنا على الصدقة في الإصحاح الرابع). الخصومة مع التنفس: الذين يعملون الخطية يدخلون في خصومة مع النفس ويحزنون روح الله الساكن فيهم ويعطلون مسيرة خلاصهم، ولعّل في هذه الآية تعليم عن أن الخطية تهين الإنسان وحده وتسىء إليه، فإن الذين يخطئون بإرادتهم وعن معرفة، يتسببون في هلاك نفوسهم، وهم في ذلك يخطئون بكامل حريتهم وإرادتهم، يقول القديس مار إسحق اصطلح أنت مع نفسك فتصطلح معك السماء والأرض. 11 سأُخبِرُكُمابِالحَقيقةِ كُلِّها ولَن اخفِيَ علَيكا أَيَّ شيءٍ كان. سَبَقَ أَنأَعلَنتُ فقلتُ لَكُما: ((خَيرٌ أَن يُكتَمَ سِرُّ المَلِك، أَمَّاأَعْمالُ الله فلا بُدَّ مِنَ الِآعتِرافِ بِها بما يَجِبُ مِنَالتَّمْجيد. 12 فحينَ كُنتَ تُصَلِّي أَنتَوسارة، كُنتُ أَنا أَرفعُ ذِكْرَ صَلاتِكُما إِلى حَضرَةِ مَجْدِالرَّبّ، وكذلك حينَ كُنتَ تَدفِنُ المَوتى. 13 وحينَما لم تَتَوانَ في القِيامِ وتَرْكِ المائِدةِ والذَّهابِلِدَفْنِ المَيْت، أُرسِلْتُ حينَئِذٍ اليكَ لِأَمتَحِنَكَ. 14 وفي الوَقْتِ نَفْسِه أَرسَلَني اللهُ لِأَشفِيَكَوأُبرِئَ سارةَ كنَّتَكَ. 15 أَنا رافائيل،أَحَدُ المَلائِكةِ السَّبعةِ الواقِفينَ والدَّاخِلينَ في حَضرَةِمَجْدِ الرَب. في إعلان الملاك عن حقيقتهلكل من طوبيا الشيخ وطوبيا الابن، تعزية لهما ولكل من يعمل الصلاح، فإن الله لم ينس لطوبيا، حتى تركه المائدة وذهابه ليهتم بجثة اليهودي ملقاه على الطريق، وأن كل تعب الإنسان وجهاده لهو مصرور في زق عنده (اجْعَلْ أَنْتَ دُمُوعِي فِي زِقِّكَ. مز 56: 8) وقد لا يقابل بر الإنسان وإحسانه بالشكر من الناس، ولكن الله الذي يرى في الخفاء هو يجازى علانية (لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً . مت 6: 4). وأنه كل من كان مقبولًا عند الله لكي يزاد ماله، لأن الذي له يعطى له فيزداد ](لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. مت 25: 29) مت 13: 2 [ كما يسمح لهم الله بالضيقات لئلا ينتفخوا بقلوبهم، ومع ذلك فهو يعطى مع التجربة المنفذ (لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلَكِنَّ اللهَ أَمِينٌ الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضًا الْمَنْفَذَ لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا.1 كو 10: 13). و أن للملائكة دورًا كبيرًا في خدمة البشر، حيث يرسلهم الله لخدمة العتيدين أن يرثوا الخلاص، وهم يرفعون صلوات ودموع المجاهدين إلى حضرة مجد الرب (لَمَّا شَخَصَ إِلَيْهِ وَدَخَلَهُ الْخَوْفُ قَالَ: «مَاذَا يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ لَهُ: «صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَارً أَمَامَ اللهِ. أع 10: 4). و في هذه الفقرة إشارة إلى الملائكة السبعة باعتبار روفائيل أحدهم، وقد وصفه كثير من القديسين الأول برئيس الملائكة، مثل القديس أمبروسيوس في حديثه عن الإيمان المسيحي 8 وكذلك القديس يوحنا ذهبي الفم في ميمره عن الملاك روفائيل 9 وأمّا رؤساء الملائكة الستة الآُخر فهم: ميخائيل (قوة الله) وهو المتقدم على جميع الملائكة (وَرَئِيسُ مَمْلَكَةِ فَارِسَ وَقَفَ مُقَابِلِي وَاحِدً وَعِشْرِينَ يَوْمً وَهُوَذَا مِيخَائِيلُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ الأَوَّلِينَ جَاءَ لِإِعَانَتِي وَأَنَا أُبْقِيتُ هُنَاكَ عِنْدَ مُلُوكِ فَارِسَ.وَلَكِنِّي أُخْبِرُكَ بِالْمَرْسُومِ فِي كِتَابِ الْحَقِّ. وَلاَ أَحَدٌ يَتَمَسَّكُ مَعِي عَلَى هَؤُلاَءِ إِلاَّ مِيخَائِيلُ رَئِيسُكُمْ دا 10: 13، 21، وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَقُومُ مِيخَائِيلُ الرَّئِيسُ الْعَظِيمُ الْقَائِمُ لِبَنِي شَعْبِكَ وَيَكُونُ زَمَانُ ضِيقٍ لَمْ يَكُنْ مُنْذُ كَانَتْ أُمَّةٌ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يُنَجَّى شَعْبُكَ كُلُّ مَنْ يُوجَدُ مَكْتُوبً فِي السِّفْرِ. 12: 1) غبريال (بطل الله) سوريال (الله صخرة) سداكيئيل (عدل الله). سراسيئيل (الله غلب). آنانيئيل (حنان الله). 10 فآرتاعَ الِآثْنانِوسَقَطا على وَجهَيهِمَا مُرتَعِدَين. 17 فقاللَهُما: ((لا تَخافا، علَيكا السَّلام. بارِكا اللهَ لِلأَبَد. 18 لَمَّا كُنتُ معكما، لم أَكُنْ بِفَضْلي أَنا، بلبمَشيئَةِ الله. فبارِكاه هو طَوالَ الأَيَّامِ وسَبِّحاه. 19 كُنتُما تَرَونَني آكُل، ولم يَكُنْ ذلك إِلاَّرُؤيةً تَرَيانَّها. 20 والآنَ فبارِكاالرَّبَّ على الأَرضِ وآحمَدا الله. ها إِنِّي صاعِدٌ إِلى الَّذيأَرسَلَني. فدَوِّنا جَميعَ ما جَرى لَكُما)). ثُمَّ صَعِدَ، 21 وأَمَّا هُمَا فنَهَضا ولم يَعُدْ بِإِمكانِهِماأَن يَرَياه. فكانا يُبارِكانِ اللهَ ويُسَبِّحاَنَّه ويَحمَدانِه علىجَميعِ تلكَ الأُمورِ العَظيمةِ الَّتي عَمِلَها، فقَد تَراءَى لَهُمامَلاكٌ من مَلائِكَةِ الله. حتى ذلك الوقت لم يكن كل من طوبيا وإبنه يتوقعان أن يكون رفيق الرحلة هو ملاك بالفعل، فلم يبدُ عليه خلال تلك المدة الت ى قضاها معهم ما يشكك في كونه إنسانًا ً عاديًا يتحلى بالفضل والتقوى، لقد كان لهما اعتقاد راسخ في شأنهم في ذلك شأن جميع اليهود، بأن ملاك السلامة سوف يرافق كل مسافر وكل طفل. و قد أفادت تعاليم الرابيين اليهود بأنه لكل إقليم ملاك يحرسه، ولكل قرية كذلك بل ولكل عائلة وكل فرد ملاك خاص به، سواء أكان رجلًا وامرأة وطفل، وبالإضافة إلى ذلك فقد اعتبر اليهود أن أكبر شخصيتين اعتباريتين لديهم هما الملاك والنبى. غير أن طوبيا وإبنه لم يكونا بالطبع يتوقعان أن يظهر الملاك الحارس على هذه الهيئة، ولذلك لم يحتملا هذا الإعلان، وقديمًا حدث نفس الأمر مع يشوع إذ إرتعد عندما أعلن له رئيس الملائكة ميخائيل عن نفسه (فَقَالَ: «كَلاَّ، بَلْ أَنَا رَئِيسُ جُنْدِ الرَّبِّ. الآنَ أَتَيْتُ». فَسَقَطَ يَشُوعُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ، وَقَالَ لَهُ: «بِمَاذَا يُكَلِّمُ سَيِّدِي عَبْدَهُ؟» يش 5: 14) وكذلك منوح وزوجته، حيث يرد في سفر القضاة ]فَقَالَ مَنُوحُ لِمَلاَكِ الرَّبِّ: «دَعْنَا نُعَّوِقْكَ وَنَعْمَلْ لَكَ جَدْيَ مِعْزىً ». فَقَالَ مَلاَكُ الرَّبِّ لِمَنُوحَ: «وَلَوْ عَّوَقْتَنِي لاَ آكُلُ مِنْ خُبْزِكَ، وَإِنْ عَمِلْتَ مُحْرَقَةً فَلِلرَّبِّ أَصْعِدْهَا». (لأَنَّ مَنُوحَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَلاَكُ الرَّبِّ). فَقَالَ مَنُوحُ لِمَلاَكِ الرَّبِّ: «مَا اسْمُكَ حَتَّى إِذَا جَاءَ كَلاَمُكَ نُكْرِمُكَ؟» فَقَالَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ: «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي وَهُوَ عَجِيبٌ؟» فَأَخَذَ مَنُوحُ جَدْيَ الْمِعْزَى وَالتَّقْدِمَةَ وَأَصْعَدَهُمَا عَلَى الصَّخْرَةِ لِلرَّبِّ. فَعَمِلَ عَمَلً عَجِيبً وَمَنُوحُ وَامْرَأَتُهُ يَنْظُرَانِ. فَكَانَ عِنْدَ صُعُودِ اللَّهِيبِ عَنِ الْمَذْبَحِ نَحْوَ السَّمَاءِ أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ صَعِدَ فِي لَهِيبِ الْمَذْبَحِ وَمَنُوحُ وَامْرَأَتُهُ يَنْظُرَانِ. فَسَقَطَا عَلَى وَجْهَيْهِمَا إِلَى الأَرْضِ. وَلَمْ يَعُدْ مَلاَكُ الرَّبِّ يَتَرَاءَى لِمَنُوحَ وَامْرَأَتِهِ. حِينَئِذٍ عَرَفَ مَنُوحُ أَنَّهُ مَلاَكُ الرَّبِّ. فَقَالَ مَنُوحُ لاِمْرَأَتِهِ: «نَمُوتُ مَوْتً لأَنَّنَا قَدْ رَأَيْنَا اللَّهَ!» (قض 13: 15 - 22) [. و هو نفس الأمر الذي تكرر مع طوبيا الشيخ وابنه، وقد أوضح لهما الملاك إنه إنما كان في مهمة مكلف بها من قبل الله، ومنذ ذلك الحين، والملاك روفائيل له شعبية كبيرة، ودُعى بحق مفرح القلوب. و قد لفت الملاك انتباههما إلى تمجيد الله وتسبيحه، لأنه هو الذي أرسله وهو مستحق لكل سجود وكرامة. الملاك لا يأكل ولا يشرب: تظاهر الملاك بالأكل والشرب والنوم والسفر، بطريقة بشرية لا يتطرق إليها الشك، كما كان السيد المسيح يظهر آكلًا وشاربًا بعد قيامته (ثُمَّ جَاءَ يَسُوعُ وَأَخَذَ الْخُبْزَ وَأَعْطَاهُمْ وَكَذَلِكَ السَّمَكَ. يو 21: 13، 43) وقد خفيت على طوبيا الابن بالطبع القوة الخفية للملاك الذي معه، فلم يعرف أن الملاك هو الذي أوثق الشيطان بعد طرده، وإنما رأى فقط أن الشيطان قد هرب نتيجة إحراق كبد الحوت وقلبه كنصيحة الرفيق .! إذن، فقد كان الملاك في نظر إثنيهما عبارة عن شخص حكيم.. مختبر.. أمين شهم ونبيل، أي أنه من طراز جيد من الناس فحسب ..! وقد قصد الملاك بقوله أن أكله وشربه إنما كان رؤية لهما، أي أنه تظاهر بذلك فقط. ها إِنِّي صاعِدٌ إِلى الَّذي أَرسَلَني: الآن انتهت المهمة التي أُرسل ليتممها، وها هو يعود مرة أخرى ليمثل بين يدي رب الصاباؤوت، ليُرسل إلى مهمة أخرى في مكان آخر، وهو بذلك يؤكد أنه ملاك وأنه يسكن حيث مجد الرب وعندئذ تخلى عن الهيئة التي ظهر بها لهما. حدّثا... وأكتبا: الآن يجب عليهما أن يحدثا بكل ما صنع الله معهما بعدما تمّت فصول القصة الرائعة (اذهب وحدث بكم صنع بك الرب) بل يضع الملاك على كاهليهما تدوين ما حدث، وهو الأمر الذي يؤكد أن كاتب السفر هو طوبيا الابن على الأرجح (راجع المقدمة). |
||||
30 - 03 - 2014, 03:04 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام - تفسير سفر طوبيت
مزمور لطوبيا، وخطاب نبوي إلى أورشليم 7. الخاتمة]انتظار خلاص الرب [ (الإصحاحان الثالث عشر والرابع عشر) الإصحاح الثالث عشرمزمور طوبيا: وتكتمل فيه كل مقومات المزمور، من موسيقى ونبوة إلى تعبيرات مسيانية، وفيه يعبر عن فرحته بالخلاص الذي ناله، وعن خبرته الشخصية في عمل الله مع البشر. وقالَ طوبيت. ((مُبارَكٌ اللهُ الَّذي يَحْيالِلأَبَد ومُبارَكٌ مُلْكُه! 2لأَِنَّهيُؤَدَّبُ وَيرحَم يُنزِلُ إلى الجَحيمِ إِلى إِسافِلِ الأَرض ويُصعِدُمِنَ الهَلاكِ الجَسيم فما مِن أَحدٍ يُفلِتُ من يَدِه. مُبارَكٌ الرب: يبارك الرب أي ينسب لله البركة، أي يعلن أن الله هو مصدر البركة التي هو فيها، وترد هذه البركة كمطلع لجميع صلوات اليهود (وَبَارَكَ دَاوُدُ الرَّبَّ أَمَامَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ، وَقَالَ: «مُبَارَكٌ أَنْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ أَبِينَا مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ. 1 أخ 29: 10، مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ لو 1: 68) كما تظهر هذه العبارة كثيرًا في ليتورجيات الكنيسة (مثل نسبحك نباركك.. نشكرك.. نتضرع إليك). يُؤَدَّبُ وَيرحَم: ساد اعتقاد لدى اليهود، ولمدة طويلة من الزمان، بأن هناك إله للخير وآخر للشر .!، وأن الصراع بينهما مستمرّ .!، وقد جاء هذا الاعتقاد بسبب التأثير الوثني على اليهود عن طريق الوثنين الذين سكن اليهود بينهم، وأما منبعه فهو بلاد فارس وعلى وجه التحديد مدينة (راجيس) 1حيث يرد اسم إله الخير (أرما زد) وإله الشر فهو (أهريمان) هذه وقد تحدث الله إلى قورش الملك الفارسى في هذا الصدد قائلًا ] مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هَذِهِ. (مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هَذِهِ. أش 45: 7) [. و قد قصد الله بذلك أن ينفى عن الأذهان فكرة وجود إله آخر، لأنه هو صانع الخير.. وهو أيضًا الذي يسمح بالشر، لغايات لا نعرفها نحن. ]الرَّبُّ يُمِيتُ وَيُحْيِي. يُهْبِطُ إِلَى الْهَاوِيَةِ وَيُصْعِدُ. الرَّبُّ يُفْقِرُ وَيُغْنِي. يَضَعُ وَيَرْفَعُ. يُقِيمُ الْمِسْكِينَ مِنَ التُّرَابِ. يَرْفَعُ الْفَقِيرَ مِنَ الْمَزْبَلَةِ لِلْجُلُوسِ مَعَ الشُّرَفَاءِ وَيُمَلِّكُهُمْ كُرْسِيَّ الْمَجْدِ. لأَنَّ لِلرَّبِّ (1 صم 2: 6 - 8).[ 3 سَبِّحوه أَمامَ الأُمَم، يا بَني إِسرائيل فهوالَّذي شتَّتنا بَينَهم 4 وهُناكَ أَراناعَظَمَتَه. أَشيدوا بِه أَمامَ كُلِّ حَيّ فهو رَبُّنا وهو إِلهُنا وهوأَبونا وهو الإِلهُ أَبَدَ الدُّهور. 5 يُؤَدِّبُكم بِسَبَبِ آثامِكُم ولكِنَّه يَرحَمُكم جَميعً ويَجمَعُكممِن بَينِ جَميعِ الأُمَم حَيثُ تَشَتَّتُّم فيما بَينَها. 6 حينَ تَرجِعونَ إِليه من كُلِّ قُلوبِكُم ومِنكُلِّ نُفوسِكُم لِتَعْمَلوا بِالحَقِّ أمامَه عِندَئِذٍ يَرجعُ اليكُمولا يَعودُ يَحجُبُ وَجهَه عَنكُم. والآَن فآعتَبِروا ما صَنَعَإِلَيكُم وسَبِّحوه مِن كُلِّ أَفْواهِكُم. بارِكوا رَبَّ البِرّوأَشيدوا بِمَلِكِ الدُّهور. يجب أن نكرز بالله أمام الجميع حتى غير المؤمنين، لاسيما بالأعمال الحسنة التي نقدمها أمامهم، ونعمل بذلك كسفراء عن الله وهذا وقد أدت كرازة الآباء والأنبياء بالله، بين الأمم إلى قبولهم الله (كإله واحد حى) يجمع في ذاته جميع الصفات ويمسك بيمينه كل الخليقة، مثلما فعل دانيال النبي، راجع أيضًا (صَانِعُ النَّعْشِ وَالْجَبَّارِ وَالثُّرَيَّا وَمَخَادِعِ الْجَنُوبِ. أي 9: 8، يَحُلُّ مَنَاطِقَ الْمُلُوكِ وَيَشُدُّ أَحْقَاءَهُمْ بِوِثَاقٍ. 12: 18 ؛ كُلُّ الأُمَمِ الَّذِينَ صَنَعْتَهُمْ يَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَكَ يَا رَبُّ وَيُمَجِّدُونَ اسْمَكَ. مز 86: 10، الصَّانِعَ الْعَجَائِبَ الْعِظَامَ وَحْدَهُ لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ. 136: 4). التأديب والرحمة: الله يدافع عن أولاده.. وإذا سلمهم لأيدي مضايقيهم بسبب آثامهم، فهو أيضًا سيعاقب الأمم التي استعبدهم وينتقم لأولاده، حتى في تأديبه يظهر الله محبًا لطيفًا حنونًا يرجع سريعًا عن حمو غضبه. أَمَّا أَنا فَني أَرْضِ الجَلاءَأُسَبِّحُه وأُخبِرُ أُمَّةَ الخاطِئينَ بِقُوَّته وعَظَمَتِه. إِرْجِعوا، أَيُّها الخاطِئون وآعمَلوا البِرَّ أَمامَه. من يَدْري؟فلَعَلَّه يَرْضى عَنكُم وَيرأَفُ بِكُم. 7 أُشيدُ بِإِلهي وتَبتَهِجُ نَفْسي بِمَلِكِ السَّماء 8 وَليخبِروا بِعَظَمَتِه وَلْيُسَبِّحوه فيأُورَشَليم. هكذا كان غرض الله من سبى اليهود، وهو تأديب اليهود ودعوة الأمم. ولم يهزم الآشوريون اليهود، ولكن اليهود إنهزموا لهم ! أي أنه لا لأجل بر الأمم هُزم اليهود وإنما لأجل خطايا اليهود انتصر الآشوريون .!! و لم تقف خطايا اليهود حائلًا ، دون وصول معونة الله وعطفه لهم، فقد أظهر الله قوته في الأمة اليهودية الخاطئة بعمل العجائب معهم وحراستهم وحمايتهم في غربتهم. إِرْجِعوا.. الله دائمًا هو أمسًا واليوم وإلى الأبد، لا يتغيّر موقفه ولا موقعه، ولكننا نحن الذين نتركه، وعند التوبة نرجع إليه فنجده في انتظارنا بالحب والرحمة ]يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ فَأَرْجِعَ إِلَيْكُمْ. زك 1: 3، مل 3: 7[ . أُشيدُ بِإِلهي: لا يوجد ما يسر قلب طوبيا الشيخ ويبهجه سوى الله، فقد كان شاكرًا في زمن الضيق أيضًا ، إن نصيبه هو الرب.. فهو يشيد به أمام الكل ويدعوهم هم أيضًا للابتهاج به. إلى هنا ينتهي مزمور طوبيا الشيخ والذي يسمى أيضًا ب (صلاة الابتهاج) ويُعتبر إحدى (القمم) الصغيرة في العهد القديم. خطاب طوبيا النبوي إلى أورشليم يا أُورَشَليمُ، المَدينةُالمُقَدَّسة يؤَدِّبُكِ اللهُ على أَعْمالِ أَبْنائِكِ ولَكِنَّهسَيَرحَمُ أَيضً أَبْناءَ الأَبْرار. 10 أُشكُرِي الرَّبَّ شُكرً صالِحً وباركي مَلِكَ الدُّهور لِكَيَيُعادَ فيكِ نَصْبُ خَيمَتِه في الفَرَح ويُفرِحَ فيكِ المَجلُوِّينويُحِبَّ فيكِ البائسين مدى الأَجْيالَ والدُّهور. في هذا الجزء من الإصحاح ينطق طوبيا ببعض نبواته الخاصة بالسبى والرجوع منه، وتهدُّم الهيكل وإعادة بنائه، فيصرِّح هنا بأن الدمار الذي لحق بأورشليم وبالأحرى الذي سيلحق بأورشليم في سنة 585 ق.م. على عهد نبوخذنصر فيما عُرف اصطلاحًا بين اليهود ببداية عهد السبي البابلى، سيحدث نتيجة عصيان أولادها (أي أورشليم) وطوبيا هنا شأنه شأن جميع الأنبياء الذين يحذرون ويتنبأون للشعب بما سيحدث إن هم أعطوا القفا لا الوجه وصلّبوا وجوههم أكثر من الصخر (أر 5). و لكن الله يعود فيردّ الأسرى ويبنى ما تهدم.. ويُعيد إلى المساكين الأرض بهجتهم، وهي ذات النبوة أيضًا التي تنبأ بها العديد من الأنبياء مطمئنة الشعب الرازح تحت ثقل الاضطهاد الوثني في السبي ]وَلَكِنْ لاَ يَكُونُ ظَلاَمٌ لِلَّتِي عَلَيْهَا ضِيقٌ. كَمَا أَهَانَ الزَّمَانُ الأَوَّلُ أَرْضَ زَبُولُونَ وَأَرْضَ نَفْتَالِي يُكْرِمُ الأَخِيرُ طَرِيقَ الْبَحْرِ عَبْرَ الأُرْدُنِّ جَلِيلَ الأُمَمِ. (أش 9: 1) [ . راجع أيضًا ]وَرَجَعْتَ إِلى الرَّبِّ إِلهِكَ وَسَمِعْتَ لِصَوْتِهِ حَسَبَ كُلِّ مَا أَنَا أُوصِيكَ بِهِ اليَوْمَ أَنْتَ وَبَنُوكَ بِكُلِّ قَلبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ.يَرُدُّ الرَّبُّ إِلهُكَ سَبْيَكَ وَيَرْحَمُكَ وَيَعُودُ فَيَجْمَعُكَ مِنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الذِينَ بَدَّدَكَ إِليْهِمِ الرَّبُّ إِلهُكَ. تث 30: 2، 3 ؛ اِحْمَدُوا الرَّبَّ لأَنَّهُ صَالِحٌ لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ. لِيَقُلْ مَفْدِيُّو الرَّبِّ الَّذِينَ فَدَاهُمْ مِنْ يَدِ الْعَدُوِّ. وَمِنَ الْبُلْدَانِ جَمَعَهُمْ مِنَ الْمَشْرِقِ وَمِنَ الْمَغْرِبِ مِنَ الشِّمَالِ وَمِنَ الْبَحْرِ. مز 107: 1 - 3 ؛ هُمْ أَمْوَاتٌ لاَ يَحْيُونَ. أَخْيِلَةٌ لاَ تَقُومُ. لِذَلِكَ عَاقَبْتَ وَأَهْلَكْتَهُمْ وَأَبَدْتَ كُلَّ ذِكْرِهِمْ. أش 26: 14، 28 ؛ الإصحاح الستون ؛ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أُقِيمُ مَظَلَّةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ وَأُحَصِّنُ شُقُوقَهَا وَأُقِيمُ رَدْمَهَا وَأَبْنِيهَا كَأَيَّامِ الدَّهْرِ. عا 11: 9 ؛ لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: قَدْ رَجَعْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ بِالْمَرَاحِمِ فَبَيْتِي يُبْنَى فِيهَا يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ وَيُمَدُّ الْمِطْمَارُ عَلَى أُورُشَلِيمَ. زك 16: 1 [ . 11 نورٌ ساطِعٌ يَسطَعُ إِلى أَقاصي الأَرض أُمَمٌكثيرةٌ يأتون مِن بَعيد مِن جَميعِ أَقاصي الأَرض ويَسكُنون بِالقُرْبِمِنَ آسمَ الرَّبِّ الإِلهِ القُدُّوس وفي أَيديهِم هَدايا لِمَلِكِالسَّماء. أَجْيالُ أَجْيالً فيكِ يَبتَهجون وآسْمُ المُخْتارةِ يَدومُلِلَأَبد. يرد في التاريخ أن الملوك الفاتحين لليهودية، كانوا يذهبون أولًا إلى الهيكل ليقدموا ذبائح شكر وذبائح سلامة لله الذي سمح لهم بالدخول إلى أورشليم ! فقد ذهب الإسكندر الأكبر إلى الهيكل، عقب الأستيلاء على أورشليم سنة 331 ق.م. لزيارته وتقديم ذبائح شكر، وهناك أطلعه الكهنة على نبوءة دانيال، باعتبار الإسكندر هو الكبش ذو القرنين المذكور في النبوة وهو الأمر الذي أسعد الإسكندر وجعله يقوم بسك عملة تحمل صورة رأسه مركب فيها قرنان، ومن ثم فقد دعى الإسكندر بذى القرنين .! كذلك فقد جاء ملوك كثيرون إلى الهيكل لزيارته من أماكن كثيرة مقدمين هداياهم الثمينة، بل إن المؤرخين يقدرون عدد الزائرين في موسم الفصح، من اليهود والوثنيين بحوالي المليونين زائر، كما يقدرون الذبائح التي كانت تقدم في هذا الموسم بحوالي ستمائة ألف ذبيحة، وذلك في أواخر القرن الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادى. هذا ولأورشليم في الكتاب المقدس عشرة أسماء هي: 1.أورشليم. 2.ساليم ( تك 14: 8 كَانَتْ فِي سَالِيمَ مَظَلَّتُهُ وَمَسْكَنُهُ فِي صِهْيَوْنَ. مز 76: 2). 3.يبوس (فَلَمْ يُرِدِ الرَّجُلُ أَنْ يَبِيتَ بَلْ قَامَ وَذَهَبَ وَجَاءَ إِلَى مُقَابِلِ يَبُوسَ. هِيَ أُورُشَلِيمُ. وَمَعَهُ حِمَارَانِ مَشْدُودَانِ وَسُرِّيَتَهُ مَعَهُ. قض 19: 10). 4.مدينة داود (وَأَقَامَ دَاوُدُ فِي الْحِصْنِ وَسَمَّاهُ «مَدِينَةَ دَاوُدَ». 2 صم 5: 9). 5.صهيون (وَأَخَذَ دَاوُدُ حِصْنَ صِهْيَوْنَ "هِيَ مَدِينَةُ دَاوُدَ". 2 صم 5: 7). 6.الموريا (وَشَرَعَ سُلَيْمَانُ فِي بِنَاءِ بَيْتِ الرَّبِّ فِي أُورُشَلِيمَ فِي جَبَلِ الْمُرِيَّا حَيْثُ تَرَاءَى لِدَاوُدَ أَبِيهِ حَيْثُ هَيَّأَ دَاوُدُ مَكَانً فِي بَيْدَرِ أُرْنَانَ الْيَبُوسِيِّ. 2 أخ 3: 1). 7.المدينة (هَا الْمَتَارِسُ! قَدْ أَتُوا إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَأْخُذُوهَا وَقَدْ دُفِعَتِ الْمَدِينَةُ لِيَدِ الْكِلْدَانِيِّينَ الَّذِينَ يُحَارِبُونَهَا بِسَبَبِ السَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْوَبَإِ وَمَا تَكَلَّمْتَ بِهِ فَقَدْ حَدَثَ وَهَا أَنْتَ نَاظِرٌ. أر 32: 24). 8.أريئيل (حز 43: 15). 9.أورشليم الجديدة (وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا. رؤ 21: 2). 10.القدس. ]وَيُحْضِرُونَ كُلَّ إِخْوَتِكُمْ مِنْ كُلِّ الأُمَمِ تَقْدِمَةً لِلرَّبِّ عَلَى خَيْلٍ وَبِمَرْكَبَاتٍ وَبِهَوَادِجَ وَبِغَالٍ وَهُجُنٍ إِلَى جَبَلِ قُدْسِي أُورُشَلِيمَ قَالَ الرَّبُّ كَمَا يُحْضِرُ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَقْدِمَةً فِي إِنَاءٍ طَاهِرٍ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ. (أش 66: 20) [. ] فَتَأْتِي شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ وَأُمَمٌ قَوِيَّةٌ لِيَطْلُبُوا رَبَّ الْجُنُودِ فِي أُورُشَلِيمَ وَلْيَتَرَضُّوا وَجْهَ الرَّبِّ. (زك 8: 22) [ راجع أيضًا ] أش 60: 1 ؛ يون 3: 9 ؛ يؤ 2: 14 ؛ ملا 1: 10 ؛ رؤ 21: 24 - 26 [. 12 مَلْعونونَ جَميعُ الَّذينَيَفوهونَ بِكَلام قاسٍ ! مَلعونونَ جَميعُ الَّذينَ يُدَمِّرونَكِويَدُكُّونَ أَسْوارِكِ! جَميعُ الَّذينَ يقَوِّضونَ أَبْراجَكِويُحْرِقونَ مَنازِلَكِ! ومُبارَكونَ لِلأَبَدِ جَميعُ الَّذينَيَبْنونَكِ! 13 حينَئِذٍ آذْهَبي فآبتَهِجيبِأَبْناءِ الأَبْرار لِأَنَّهم جميعً يَحتَشِدونَ وُيباكونَ رَبَّالدُّهور. 14 طوبى لِلَّذينَ يُحِبُّونَكِ! وطوبى لِلَّذينَ يَفرَحونَ بِسَلامِكِ! طوبى لِجَميعِ النَّاسِالَّذينَ يَحزَنونَ علَيكِ لِجَميعِ عُقوباتِكِ! لِأَنَّهم سيَفرَحونَبِكِ وُيشاهِدونَ فَرَحَكِ كُلُّه لِلأَبد! دارت دورة الزمن، وذاق أعداء اليهود الذل والهوان ورد لهم الله المكيال سبعة أضعاف، وانتقم الله لأولاده ولهيكله، ورد على الذين تجبروا عليها، شرهم وعتوّهم. لقد كان حكام نينوى يتسلون بجدع إنوف الأسرى وفقأ عيونهم وقطع إيديهم وآذانهم وحملها إلى العاصفة لعرضها على الشعب ! ولكنها قليلًا قليلًا ضعفت وتقهقرت حتى أعلن نبوبلاسر ملك بابل إستيلائه عليها سنة 625 ق.م. وقد دمرها مع بعض المتحالفين معه سنة 612 ق.م. وقد ساعده في ذلك، فيضان قوى إجتاح المنطقة وتحولت المدينة إلى خراب، وإلى أثر بعد عين - وصارت منسية .!! ولم تكتشف بقاياها إلا في القرن الماضي. لقد أخطأ إسرائيل، هذا حق وو لكن الله أدان أولئك الذين أذلوا اليهود ]لامَّةُ الَّتِي يُسْتَعْبَدُونَ لَهَا انَا ادِينُهَا يَقُولُ اللهُ (تك 15: 14 ؛ أع 7: 7) [ وقد صرح الله لإبراهيم أبارك مباركيك ولاعنك ألعنه. كذلك فقد بارك الله كل من ساهم في بناء الهيكل مثل حيرام ملك صور، كذلك فقد صار أعداء اليهود الشامتون بسقوط أورشليم، ملعونين (با 4: 31، 32). اسْأَلُوا سَلاَمَةَ أُورُشَلِيمَ. لِيَسْتَرِحْ مُحِبُّوكِ. (مز 122: 6) 15 تُبارِكُ نَفْسِيَ الرَّبَّ، المَلِكَ العَظيم 16 لِأنَّ أُورَشَليمَ سيُعادُ بِناؤُها وبَيتُهلِدَهْرِ الدهور. طوبى لي إِن بَقِيَ مِن ذُرِّيَّتي مَن يَرى مَجدَكِويُسَبِّحُ مَلِكَ السَّماء! سَتُبْنى أَبْوابُ أُورَشَليمَ مِنالياقوتِ والزُّمُرُّد وجَميعُ أَسْورِكِ من الحَجَرِ الكَريم. ستُبْنىأَبْراجُ أُورَشَليمَ مِنَ الذَّهَب وتَحْصيناتُها مِن الذَّهَبِالخالِص. 17 ستُفرَشُ شَوارِعُ أُورَشَليمَبِالياقوتِ الأَحمَرِ وحَجَرِ أُوفير. ستُنشِدُ أَبْوابُ أُورَشَليمَأَناشيدَ آبتِهاج وستَقولُ جَميعُ مَنازِلها: هَلِّيلويا! مُبارَكٌإِلهُ إِسْرائيل! وسيُبارِكُ المُبارِكونَ الاِسْمَ القُدُّوس لِدَهْرِالدُّهور)). ذاق اليهود على يد الذين سبوهم، صنوف الإهانة والاضطهاد و سمعوا بآذانهم تجديف الأمم على إلههم، إضافة إلى الحزن الشديد الذي ينتابهم كلما حلت ذكرى الأعياد الثلاثة الكبرى(الحصاد / الفصح / الأسابيع) دون أن يتمكنوا من الذهاب إلى الهيكل في أورشليم للسجود وتقديم الهدايا، وقد تضاعف حزنهم وحسرتهم عندما تم السبى الثاني والأكبر على يد نبوخذنصر، حيث تهدم الهيكل وأحرقت المدينة. و لقد دافع اليهود سنة 70 م. حتى الموت، وعندما أضرم جنود تيطس القائد الروماني، النار في الهيكل انتقامًا من عناد اليهود، زج الأخيرون بأنفسهم فيها مفضلين الموت مع الهيكل كآخر أمل تبقى لهم، لا يقدرون على الحياة بدونه. لقد كانت أورشليم (مدينة الملك العظيم 9 والهيكل بالنسبة لهم، هي نقطة تلاقيهم مع الله ومحور إهتمامهم، إض إلى ذلك ما يحوى الهيكل من نقوش ونفائس مما كان يفوق وصفهم الناظر وبراعة الكاتب مما أثار دهشة جميع الملوك الذين شاهدوه. و من هنا صارت عودة الهيكل إلى حالته الأولى وأعظم آمال اليهود (ومازالت !) وطوبيا هنا يرى بعين النبوة، اليهود وقد عانوا من الشتات، ثم يرى زربابل وهو يبنى هيكلًا أكبر من الذي تهدم. و هو أيضًا يأمل أن يمتد نسله حتى يعاين ذلك البناء، وإنما يرجو أن يمتد هذا النسل إلى أكثر من مائة عام، فقد كانت نبوة طوبيا هذه في حوالي سنة 630 ق.م.، في حين قد أعيد بناء الهيكل في سنة 515 ق.م. فإن المسافة بين التاريخين تبلغ 115 سنة. و قد رأى أشعياء النبي أورشليم وقد عاد إليها بهاؤها فقال ]أَيَّتُهَا الذَّلِيلَةُ الْمُضْطَرِبَةُ غَيْرُ الْمُتَعَزِّيَةِ هَئَنَذَا أَبْنِي بِالأُثْمُدِ حِجَارَتَكِ وَبِالْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ أُؤَسِّسُكِ.وَأَجْعَلُ شُرَفَكِ يَاقُوتً وَأَبْوَابَكِ حِجَارَةً بَهْرَمَانِيَّةً وَكُلَّ تُخُومِكِ حِجَارَةً كَرِيمَةً . (أش 54: 11 - 12) [ راجع أيضًا ]أش 60: 5 - 7 ؛ 17 ؛ 62: 1 - 2 ؛ 65: 18 ؛ حجى 2: 7 ؛ رؤ 21 [. يَاقُوتِ: ويسمى في العبرية (بطدحت) وهو الحجر الثاني من الصف الأول في صدرة هارون الكاهن، والحجر التاسع في أساسات أورشليم، كما وردت في سفر الرؤيا بالاسم اليوناني وهو (توبازيون) وهو نفس الإسم الذي وردت في السبعينية والفولجاتا وروايات المؤرخين وو هو حجر شفاف يعتز به العبرانيون، ويقول أيوب الصديق، أنهم كانوا يستوردونه من بلاد الحبشة (لاَ يُعَادِلُهَا يَاقُوتُ كُوشَ الأَصْفَرُ وَلاَ تُوزَنُ بِالذَّهَبِ الْخَالِصِ. أي 28: 19) وهو يرمز إلى الصبر والصلابة لأنه يتنقى بالنار، 2 وهذه هي صفة بنى الملكوت، الذين تكللوا بعد كثرة تمحيص. زمرد: ويسمى في العبرية (برقيت) واليونانية (بيرولّوس) وهو الحجر الثالث في الصف الأول من الاثني عشر حجرًا التي كانت على صدرة هارون رئيس الكهنة، وهو كذلك في السبعينية والفولجاتا وروايات المؤرخين ويصفه بلينى (وهو أشهر من كتب عن الأحجار الكريمة) بأنه أكثر الأحجار خضرة وهو لذلك يرمز إلى دوام الحياة، والذي هو صفة الحياة الأبدية مع الله. أوفير: هي مكان في بلاد اليمن كان يستورد منه أنقى أنواع الذهب وقد جلب سليمان من هناك كميات كبيرة استخدمها في تزيين الهيكل، وطوبيا هنا يرى شوارع أورشليم مكسوة بالذهب الخالص، ويصف المدينة عمومًا بأجمل صورة وأبهى لوحة مما لا يقدر أعظم فنان على وضعها في لوحة وسيعم الفرح وتعلو أصوات التهليل والابتهاج يسبحون ويباركون ويمجدون الإسم القدوس. |
||||
30 - 03 - 2014, 03:08 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام - تفسير سفر طوبيت
نبوة طوبيت بخراب أورشليم ونياحته اِنتَهَت أَقوالُ تَسْبيحِطوبيت.. خرابُ نينَوى وماتَ طوبيتُ بِسَلامٍ عن مِائةٍ وآثنَتَيعَشرَةَ سنَةً ، فدُفِنَ بِإِكرامٍ في نينَوى. وكانَآبنَ آثنَتَينِ وسِتِّينَ سنَةً حينَ فَقَدَت عَيناه البَصَر. وبَعدَأَنِ آستَعادَ البَصَر، عاشَ في البُحْبوحِة وصَنَعَ الصَّدَقات، ومازالَ يُبارِكُ اللهَ وُيسَبِّحُ عَظَمَته.3 ولَمَّا أَشرَفَ على المَوت، دعا طوبِيَّا آبنَه وأَوصاه قائلً : ((يابُنَيَّ، خُذْ أَولادَكَ4 وأَسرع إِلى ميدِيِا،فإِنِّي أُومِنُ بِكَلمةِ اللهِ الَّتي قالَها نَحومُ في نينَوى، مِنأَنَّ كُلَّ شيءٍ سيَكونُ ويَحدُثُ في شأنِ أَشُّورَ ونينَوى، وكُلَّما قالَه أَنْبِياءُ إِسْرائيل، الَّذينَ أَرسَلَهمُ الله، كُلَّ ذلكسيَحدُث. ولَن يُحذَفَ شَيءٌ من جَميعِ أَقْوالِهِم، بل تَتِمُّكُلُّها في أَوانِها. وسيَكونُ أَمانٌ في ميدِيا أَكثَرَ مِمَّا فيبلادِ أَشُّورَ وبابِل. ولذلك فأَنا أَعلَمُ وأُومِنُ بِأَنًّ كُلَّ ماقالَه اللهُ سيَتِمُّ ويَكون، ولَن تَسقُطَ كَلِمَةٌ مِنَ النبوَّات. و عاش طوبيا بعد هذه الأحداث ستة وأربعون عامًا ، فقد فقدَ بصره وهو في الثانية والستين من عمره، وظل في تجربته أربعة سنوات ومات عن مائة واثنتى عشرة سنة، في شيخوخة صالحة، وقد رأى أحفاده وأسعده الله بذلك ] وَتَرَى بَنِي بَنِيكَ. (مز 128: 6) [ ويرد في الترجمة اللاتينية أنه رأى بنى حفدته وو أنه أصبح لطوبيا الابن سبعة أولاد. و كان من عادة الآباء عند نياحتهم أن يجمعوا حولهم أبناءهم ’ ليباركوهم ويوصوهم ويحذروهم، ولاشك أن الإنسان عند انتقاله يكون أصدق ما يكون بحيث لا يقدر على اختيار ما يقوله، وإخفاء الأسرار، فيضع أمام أولاده ومحبيه كل عصارة خبرته، وقد فعل إسحق ذلك مع ابنه يعقوب (ثُمَّ رَجَعَ الَى اخْوَتِهِ وَقَالَ: «الْوَلَدُ لَيْسَ مَوْجُودا وَانَا الَى ايْنَ اذْهَبُ. تك 37: 30) وكذلك فعل يعقوب الأمر نفسه مع بنيه الاثني عشر (وَلَمَّا فَرَغَ يَعْقُوبُ مِنْ تَوْصِيَةِ بَنِيهِ ضَمَّ رِجْلَيْهِ الَى السَّرِيرِ وَاسْلَمَ الرُّوحَ وَانْضَمَّ الَى قَوْمِهِ. تك 49: 33). و نحن نقرأ في سير الآباء، أنه عند نياحة أحدهم، وكان يجتمع حوله بقية الآباء يسألونه لينتفعوا، ويتمتعوا بما قد يكشفه لهم من أسرار، وبظهور بعض القديسين له. و طوبيا هنا ينصح عائلته بالاتجاه إلى ميديا شرقًا ، حيث من المؤكد أن دمار نينوى قد أوشك، بحسب نبوة ناحوم النبي، حيث يعتبر سفر ناحوم هو أكثر النبؤات صراحة ووضوحًا ، فيما يتعلق بخراب نينوى وتحولها إلى ركام.. وظهور انتقام الله لليهود الذين ذاقوا فيها الذل والاضطهاد. أما عن بلاد مادي في ذلك الوقت: فقد صارت مادي قوة عظيمة في الفترة من 674 إلى 653 ق.م. وحتى انتهت أشور كإمبراطورية، كانت بلاد مادي ما تزال آمنة قوية وغنية فإِخوَتُنا السَّاكِنونَ في أَرضِ إِسْرائيلَ سيُحصَون جَميعً ويُجلَونَ عن الأَرضِ الطَّيِّبة، وستُصبِحُ أَرضُ إِسْرائيلَ كلُّهاقَفْرً ، وستُصبِحُ السَّامِرةُ وأُورَشَليمُ قَفْرً ، وسيَحزَنُ بَيتُالرَّبِّ ويُحرَقُ إِلى حين.5 ثُمَّيَرحَمُهُمُ اللهُ ثانِيةً فيُعيدُهم إِلى أَرضِ إِسْرائيل، وَيبْنونبَيتَه ثانِيَةً ، ولكِن لا كالأَوَّل، إِلى الوَقتِ الَّذي تَتِمُّ فيهالأَزمِنةُ المُحَدَّدة. وبَعدَ ذلك يَعودونَ جميعً من جَلائِهِموَيبْنونَ أُورَشَليمَ بِناءً فَخْمً ، وفيها يُعادُ بِناءُ بَيتِالله، كما أَنْبَأَ به أَنْبِياءُ إِسْرائيل.6 وجَميعُ الأُمَمِ الَّتي على الً رضِ تَتوبُ كُلُّها وتَتَّقي اللهَحَقًّ وتُعرِضُ عن جَميعِ أَصْنامِها الكاذِبةِ الَّتي تُضِلُّها فيضَلالِهِا،7 وتُبارِكُ إِلهَ الدُّهورِبِالبِرّ. جَميعُ بَني إِسْرائيلَ الَّذينَ يَنالونَ الخَلاصَ في تِلكَالأَيَّام، لِأَنَّهم يَذكُرونَ اللهَ بِالحَقّ، يَجتَمِعونَ ويأتونَإِلى أُورَشَليم ويَسكُنونَ لِلأَبَدِ في أَرضِ إِبْراهيمَ بِأَمان،فيُعطَونَ إِيَّاها. وبَفرَحُ الَّذينَ يُحِبّونَ اللهَ بِالحَقّ. وأَمَّا الَّذينَ يَرتَكِبونَ الخطيئَةَ والإِثْم، فإِنَّهم يَزولونَعن الأَرضِ كُلِّها. و قد تم هذا السبي الذي يقصده طوبيا، وهو السبي الثاني ويسمى سبى يهوذا، حيث تنبأ عنه أيضًا أشعياء النبي (فَسَأَلْتُ: «إِلَى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ؟» فَقَالَ: «إِلَى أَنْ تَصِيرَ الْمُدُنُ خَرِبَةً بِلاَ سَاكِنٍ وَالْبُيُوتُ بِلاَ إِنْسَانٍ وَتَخْرَبَ الأَرْضُ وَتُقْفِرَ.وَيُبْعِدَ الرَّبُّ الإِنْسَانَ وَيَكْثُرُ الْخَرَابُ فِي وَسَطِ الأَرْضِ. 6: 11 - 12)، وميخا النبي (لاَ تُخْبِرُوا فِي جَتَّ لاَ تَبْكُوا فِي عَكَّاءَ. تَمَرَّغِي فِي التُّرَابِ فِي بَيْتِ عَفْرَةَ. 4: 10)، وكذلك أرميا النبي حيث صرح بأنه سيكون سبعين عامًا (اَلْكَلاَمُ الَّذِي صَارَ إِلَى إِرْمِيَا عَنْ كُلِّ شَعْبِ يَهُوذَا فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لِيَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا (هِيَ السَّنَةُ الأُولَى لِنَبُوخَذْنَصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ).وَتَصِيرُ كُلُّ هَذِهِ الأَرْضِ خَرَابً وَدَهَشً وَتَخْدِمُ هَذِهِ الشُّعُوبُ مَلِكَ بَابِلَ سَبْعِينَ سَنَةً . وَيَكُونُ عِنْدَ تَمَامِ السَّبْعِينَ سَنَةً أَنِّي أُعَاقِبُ مَلِكَ بَابِلَ وَتِلْكَ الأُمَّةَ يَقُولُ الرَّبُّ عَلَى إِثْمِهِمْ وَأَرْضَ الْكِلْدَانِيِّينَ وَأَجْعَلُهَا خِرَبً أَبَدِيَّةً . أر 25: 1، 11، 12) و قد تم سبى يهوذا على يد نبوخذنصر على أربعة مراحل، في سنة 605 ق.م.، وسنة 597 ق.م.، وسنة 587 ق.م.، وسنة 582 ق.م. (كَانَ يَهُوآحَازُ ابْنَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي أُورُشَلِيمَ وَعَزَلَهُ مَلِكُ مِصْرَ فِي أُورُشَلِيمَ وَغَرَّمَ الأَرْضَ بِمِئَةِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ وَبِوَزْنَةٍ مِنَ الذَّهَبِ. وَمَلَّكَ مَلِكُ مِصْرَ أَلِيَاقِيمَ أَخَاهُ عَلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ وَغَيَّرَ اسْمَهُ إِلَى يَهُويَاقِيمَ. وَأَمَّا يَهُوآحَازُ أَخُوهُ فَأَخَذَهُ نَخُو وَأَتَى بِهِ إِلَى مِصْرَ. كَانَ يَهُويَاقِيمُ ابْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ إِحْدَى عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلَهِهِ. عَلَيْهِ صَعِدَ نَبُوخَذْنَصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ وَقَيَّدَهُ بِسَلاَسِلِ نُحَاسٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إِلَى بَابِلَ وَأَتَى نَبُوخَذْنَصَّرُ بِبَعْضِ آنِيَةِ بَيْتِ الرَّبِّ إِلَى بَابِلَ وَجَعَلَهَا فِي هَيْكَلِهِ فِي بَابِلَ. 2 أخ 36: 2 - 7) وكان من بين المسبيين دانيال والفتية الثلاثة ووجهاء البلاد، واستمر هذا السبي حتى أصدر كورش الملك الفارسى قرارًا بعودة اليهود من السبي وبناء أورشليم والهيكل، حيث رد لهم جميع ما سلب من الهيكل حين تدميره وسبى اليهود، وقد عاد اليهود سنة 538 ق.م. وشرعوا في إعادة البناء وإعمار البلاد، حيث تم بناء الهيكل في سنة 515 ق.م. وَكَثِيرُونَ مِنَ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ وَرُؤُوسِ الآبَاءِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ رَأَوُا الْبَيْتَ الأَوَّلَ بَكُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ عِنْدَ تَأْسِيسِ هَذَا الْبَيْتِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ. وَكَثِيرُونَ كَانُوا يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِالْهُتَافِ بِفَرَحٍ. وَلَمْ يَكُنِ الشَّعْبُ يُمَيِّزُ هُتَافَ الْفَرَحِ مِنْ صَوْتِ بُكَاءِ الشَّعْبِ لأَنَّ الشَّعْبَ كَانَ يَهْتِفُ هُتَافً عَظِيمً حَتَّى أَنَّ الصَّوْتَ سُمِعَ مِنْ بُعْدٍ. (عز 3: 12 - 13). راجع أيضًا ]فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تُقَدَّمُ هَدِيَّةٌ لِرَبِّ الْجُنُودِ مِنْ شَعْبٍ طَوِيلٍ وَأَجْرَدَ وَمِنْ شَعْبٍ مَخُوفٍ مُنْذُ كَانَ فَصَاعِدً مِنْ أُمَّةٍ ذَاتِ قُوَّةٍ وَشِدَّةٍ وَدَوْسٍ قَدْ خَرَقَتِ الأَنْهَارُ أَرْضَهَا إِلَى مَوْضِعِ اسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ جَبَلِ صِهْيَوْنَ أش 18: 7 ؛ فَيَكُونُ عَلاَمَةً وَشَهَادَةً لِرَبِّ الْجُنُودِ فِي أَرْضِ مِصْرَ. لأَنَّهُمْ يَصْرُخُونَ إِلَى الرَّبِّ بِسَبَبِ الْمُضَايِقِينَ فَيُرْسِلُ لَهُمْ مُخَلِّصً وَمُحَامِيً وَيُنْقِذُهُمْ. 19: 20 ؛ اِرْفَعِي عَيْنَيْكِ حَوَالَيْكِ وَانْظُرِي. قَدِ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ. جَاءُوا إِلَيْكِ. يَأْتِي بَنُوكِ مِنْ بَعِيدٍ وَتُحْمَلُ بَنَاتُكِ عَلَى الأَيْدِي. 60: 4 ؛ هَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ الرَّبُّ وَتُبْنَى الْمَدِينَةُ لِلرَّبِّ مِنْ بُرْجِ حَنَنْئِيلَ إِلَى بَابِ الزَّاوِيَةِ. أر31: 38 ؛ وَآخُذُكُمْ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ وَأَجْمَعُكُمْ مِنْ جَمِيعِ الأَرَاضِي وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِكُمْ. حز 36: 24 ؛ مَنِ الْبَاقِي فِيكُمُ الَّذِي رَأَى هَذَا الْبَيْتَ فِي مَجْدِهِ الأَوَّلِ؟ وَكَيْفَ تَنْظُرُونَهُ الآنَ؟ أَمَا هُوَ فِي أَعْيُنِكُمْ كَلاَ شَيْءٍ.!مَجْدُ هَذَا الْبَيْتِ الأَخِيرِ يَكُونُ أَعْظَمَ مِنْ مَجْدِ الأَوَّلِ قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ. وَفِي هَذَا الْمَكَانِ أُعْطِي السَّلاَمَ يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ. حج 2: 3، 9 [. 8 والآن، يا أَبْنائي،فإِلَيكُم وَصايايَ: إعمَلوا لِلهِ بِالحِقّ وآصنَعوا ما يَروقُ فيعَينَيه. وَلْيُعرَضْ على أَولادِكم عَمَلُ البِرِّ والصَّدقَة،ولْيَذْكُروا اللهَ ويُبارِكوا آسمَه في كُلِّ حين بِالحَقِّ وبكُلِّقُوَّتهِم. 9 والآن، يا بُنَيَّ، فآخرُجْ مِننينَوى ولا تُقِمْ هُنا. 10 وأَيَّ يَومٍتَدفِنُ أُمَّكَ إِلى جانِبي، ففي ذلك اليَومِ لا تَبِتْ في هذهالبِلاد. فإنِّي أَرى أَنَّ فيها إثْمً كَثيرً وأَن خِداعً كَثيرً يُرتكَبُ فيها، ولايَخْجَلون. أُنْظُرْ، يا بُنَيَّ، كُلَّ ما صَنَعَهنادابُ إِلى أَخيكارَ أَبيه الَّذي ربَّاه. ألَم يَكُنْ مُضطَرًّ إِلىالنُّزولِ حيًّ إلى بَطْنِ الأرض؟ لكِنَّ اللهَ رَدَّ التَّشْنيعَ علىوَجهِ فاعِلِه. فَخَرَجَ أَخيكارُ إلى النُّور ودَخَلَ نادابُ فيالظَّلام الابَدِيّ، لِأَنَّه حاوَلَ قَتْلَ أَخيكار. وبالتَّصَدُّقِأَفلَتَ أَخيكارُ مِنَ الفَخِّ القاتِلِ الَّذي نَصَبَه لَه ناداب،ووَقَعَ نادابُ في الفَخِّ القاتِلِ الَّذي أَهلَكَه. 11 والآنَ، يا أَبْنائي، آنْظُروا ماذا تَصنعُالصَّدَقَة وماذا يَفعَلُ الإِثْم: أَنَّه يَقتُل. ولكِن، ها إنَّنَفْسي تَخرُج)). ما يزال طوبيا الشيخ مهتمًا بأولاده، لا يكف عن توصيتهم، حتى وهو على فراش الموت، ففي هذه الجلسة الوداعية Deathbed Councel يوصى نسله، بذات الوصايا التي عاش فيها، وسبق أن أعطاها لطوبيا ابنه، واليوم يعود فيرددها أمام الأحفاد، ثم يرجوهم بأن يدفنوه هو وزوجته حنة معًا في قبر واحد، كعادة الآباء في الإهتمام بعطامهم وضمها جنبًا إلى جنب مع عظام الآباء والأجداد ]هُنَاكَ دَفَنُوا ابْرَاهِيمَ وَسَارَةَ امْرَاتَهُ. هُنَاكَ دَفَنُوا اسْحَاقَ وَرِفْقَةَ امْرَاتَهُ. وَهُنَاكَ دَفَنْتُ لَيْئَةَ. (في مغارة المكفيلة) (هُنَاكَ دَفَنُوا ابْرَاهِيمَ وَسَارَةَ امْرَاتَهُ. هُنَاكَ دَفَنُوا اسْحَاقَ وَرِفْقَةَ امْرَاتَهُ. وَهُنَاكَ دَفَنْتُ لَيْئَةَ. تك 49: 31) [. راجع أيضًا ]الْحَقْلِ الَّذِي اشْتَرَاهُ ابْرَاهِيمُ مِنْ بَنِي حِثٍّ. هُنَاكَ دُفِنَ ابْرَاهِيمُ وَسَارَةُ امْرَاتُهُ. تك 25: 10 ؛ وَلَمَّا قَرُبَتْ ايَّامُ اسْرَائِيلَ انْ يَمُوتَ دَعَا ابْنَهُ يُوسُفَ وَقَالَ لَهُ: «انْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي وَاصْنَعْ مَعِي مَعْرُوفا وَامَانَةً . لا تَدْفِنِّي فِي مِصْرَ. 47: 29 ؛ وبني سمعان علي قبر أبيه واخوته نصبا تذكاريا عاليا بحجارة منحوتة من الخلف ومن الامام.وبني علي القبر سبعة اهرام متواجهة لابيه وامه واخوته الأربعة. وزينها بالنقوش واحاطها باعمدة ضخمة نحت عليها أسلحة ومراكب للذكري وكان في امكان الذين " يبحرون " من هناك أن يشاهدوها. ولا يزال هذا القبر الذي بناه سمعان يمودين باقيا إلي اليوم. 1 مكا 13: 27 - 30 [. أَخيكار: كلمة عمونية معناها (أخى النور). هو ابن اخى طوبيا الشيخ، وقد عمل كوزير ومستشار لكل من الملك سنحاريب ثم الملك أسرحدون، إذ لم يكن له ابن فقد تبنى ابن اخيه واسمه ناداب (كلمة عبرية معناها كريم) ولما كان أخيكار حكيمًا وأديبًا وفيلسوفًا ، فقد لقن ناداب الحكمة وأعده إعدادًا جيدًا ليخلفه في الوظيفة، فلما اشترك معه في وظيفته، انقلب عليه وتنكر لحكمته ونصائحه، فوشى به لدى الملك الذي عذبه ثم ألقاه في السجن، ولكن السجان والذي هو ضمن تلاميذ أخيكار أسدى إليه معروفًا بأن خبأه، ولما تغيرت الأحوال، رد إلى وظيفته، فوجه إلى ناداب سلسلة من عبارات اللوم والتوبيخ ثم ألقاه في السجن حيث بقى فيه حتى مات. 1 و قد صار الأمر معروفًا بين اليهود هناك، لاسيما وأن أخيكار هو يهودي من عائلة طوبيا، ومن هنا فإن طوبيا الشيخ يضع القصة هنا أمام عائلته كعبرة. بأعتبار أن أخيكار كان خيرًا مع ناداب مقابل شر الأخير. و قد شارك أخيكار وناداب ابن أخيه (قبل خيانته) في عرس طوبيا الابن بعد عودته من راجيس (وقَدِمَ أَخيكارُ ونادابُ اَبْنا عَمِّه يُشارِكانِ طوبيت في الفَرَح. طو 11: 18) وكان أخيكار الذي كان يسكن في ألمايس (عيلام) قد لازم طوبيا الشيخ لمدة سنتين متكفلًا بنفقاته وذلك عقب إصابته بالعمى، قبل أن يرجع إلى عمله ومكان سكناه (وغَيرَ عالِم. بِأَنَّ في الحائِطِ عَصافيرَدُورَّيةً فَوقي، فوَقَعَ ذَرقُها في عَينَيَّ وهو سُخْنٌ فأَحدَثَبُقَعً بَيضاءَ، فذهبتُ إِلى الأَطِبَّاءَ لِمُعالَجَتِها. وكُنتُكُلَّما أَكثَروا مِن وَضْعِ المَراهِم، أَزدادُ عَمىً بِسَبَبِالبُقعَ البَيضاء، حَتَّى عَمِيتُ تَمامً . وبَقيتُ أَربَعَ سَنَواتٍلا أُبصِرُ بعَينَيَّ، فاَغتَمِّ جَميعُ إِخَوتي لأَِمْري وأَعالَنيأَخَيكارُ مُدَّةَ سَنتَين، قَبلَ أن يَذهَبَ إِلى أَلِمايِس طو 2: 10). ووَضَعوه على الفِراشِ فاتَ ودُفِنَ بِبِهْرام. 12 ولَمَّا ماتَت أُمُّ طوبِيَّا، دَفَنَها الىجانِبِ أَبيه. ثُمَّ آنصَرَفَ هو وآمرَأَتُه وأَولادُه إِلى ميدِياوأَقامَ في أَحْمَتا عِنْدَ حَميه رَعوئيل. 13 وأَكرَمَ شَيخوخَةَ حَمْوَيه ودَفَنَهما في أَحْمَتا ميدِيا، ووَرِثأَمْوالَهُما، بَعدَ أَن وَرِثَ أَموالَ طوبيتَ أَبيه. 14 وماتَ مُكَرَّمً عن مِائةٍ وسَبعَ عَشرَةَ سنة. 15 وسَمِعَ قَبلَ مَوته بِخَرابِ نينَوى ورأَىالمَجلُوِّينَ مُنْقادينَ إِلى ميدِيا، أُولَئِكَ الَّذينَ جَلاهِمأُوفَخْشَتْرا مَلِكُ ميدِيا. فبارَكَ اللهَ لِكُلِّ ما صَنعَه في بَنينينَوى وأَشُّور. وفَرِحَ قَبلَ مَوته بِمَصيرِ نينَوى وبارَكَالرَّبَّ الإِلهَ لِدَهرِ الدُّهور. آمين. ما أن تنيح طوبيا الشيخ ثم تبعته امرأته حنة لعدة سنوات، حتى عمل الابن بجميع ما أوصاه به الأب فقام وغادر نينوى مع جميع أفراد أسرته وممتلكاته. و نستطيع أن نعطى هنا، على وجه التقريب تاريخًا لعائلة طوبيا. سنة / ق.م.الحدث 730 ميلاد طوبيا الأب. 676 ميلاد طوبيا الابن. 668 طوبيا الأب يفقد بصره (الابن مايزال في سن 16). 664 طوبيا الأب يشفى. طوبيا الابن يتزوج. 618 طوبيا الأب يتنيح. 615 حنة الأم تتنيح. 615 طوبيا وسارة يتركان نينوى إلى راجيس بعد أن أقاما فيها 49 سنة. 612 خراب نينوى. 605 طوبيا يكتب سفره. 600 نياحة رعوئيل وزوجته حنة. 585 سبى نبوخذنصر لبنى إسرائيل إلى بابل. 559 نياحة طوبيا بعد أن عاش مع سارة في راجيس 48 سنة. و قد عاين طوبيا تحقيق نبوءة أبيه، ودمرت نينوى بتحالف نبوبلاسلا مع كيكساريس ملك ميديا، حيث ساعدهما في ذلك فيضان نهر دجلة (كما سبق الشرح) وقد قام ملك ميديا الذي يعطيه هنا السفر اسم (أوفخشترا) بأسر عدد كبير من سكان نينوى إلى ميديا، ومن ثم صارت مملكة مادي قوية إذ إشتملت على فارس وتوابعها. و عاش طوبيا وسارة وأولادهما وأحفادهما في سلام وهم ينتظرون خلاص الرب والعودة إلى أورشليم. |
||||
30 - 03 - 2014, 03:08 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام - تفسير سفر طوبيت
مقدمة في سفر طوبيا " Tobia "
الاختصار: طو= Tb. ** محور السفر: + الحياة العائلية، العطف البشرى، استجابة الله للصلوات المرفوعة. + الحياة العائلية واستجابة الصلوات. ** كاتب السفر:- + طوبيا ("طوبيت" وهو اسم عبري معناه "الله الطيب" أو "المطوّب")، الذي من سبط نفتالي، هو الذي دون السفر كوصيه الملاك روفائيل له (طو12:6،7،20)، وكتبه في القرن السابع قبل الميلاد وبالتحديد بعد خراب نينوى سنه 612 ق.م. بسنوات قليلة، قبل نياحته. + عاش طوبيت في أيام السبي، في نينوى في القرن الثامن ق.م. (2 مل 17: 1 -6)، كان يهتم بتقديم الصدقات ودفن الموتى من بنى شعبه. + أصيب بالعمى وكان أصدقاؤه يعيرونه، وإذ أفتقر جدا أرسل ابنه إلى غابيلوس يطلب منه أن يرد دينا سبق أن استدانه، معطيا إياه صك الدين. + ظهر له الملاك روفائيل (رأفات الله) متظاهرا أنه عازاريا بن حنانياس آي (العون أبن الحنان)، وهما سمة الملاك الذي جاء يقدم عونا، علامة حنان الله عليه، فأودعه طوبيت بين يديه. + في الطريق إذ وقف طوبيا ليغسل قدميه على شاطئ نهر دجلة، قفزت عليه سمكة، لكن الملاك طمأنه، فأصطادها وأكلها محتفظا بقلبها ومرارتها وكبدها. + ذهبا إلى بيت رعوئيل (رعوية الله أو عنايته) حيث التقيا بسارة ابنته التي تزوجها سبعة رجال، وكان الشيطان يقتلهم يوم زفافهم.. وإذ كانت وحيدة ومن عائلة طوبيت سأل الملاك طوبيا أن يتزوجها بعد أن أكد له ولأهلها أن الله يحميه فلا يقدر الشيطان أن يقتله. + أطاع طوبيا الملاك وتزوج سارة، وتمم مشورة الملاك: - وضع كبد وقلب السمكة على جمر نار في حجرة العروسين فهرب الشيطان. - بقى ثلاث أيام يصلى قبل أن يجتمعا معًا. + أصر رعوئيل أن يبقى طوبيا أربعة عشر يومًا ليحتفل كما يليق بزواجه طوال المدة، فسلم طوبيا للملاك الصك وسأله أن يذهب إلى غابيلوس ليحصل له الدين؛ وإذ سمع غابيلوس بأخبار طوبيا عاد مع الملاك يشترك في الاحتفال بزواجه مقدما له محبة صادقة من أجل إحسانات أبيه، وردّ إليه كل الدين. + عاد طوبيا وسارة زوجته إلى طوبيت فرحين، يحملون نصف ممتلكات رعوئيل وزوجته وصكا بالنصف الآخر كميراث لهما، صنع طوبيا لأبنه فرحا 7 أيام بعد أن مسح طوبيا عينيه بمرارة السمكة فانفتحتا.. وسبح طوبيت الله. ** غايته: - + الصدقة تكون لصانعها هدية مقبولة عند الله ألعلي (12:4). + قدسية الزواج بكونه ليس لأجل اللذة الجسدية وإنما خلال الحياة التقوية المباركة. ** مفتاح السفر:- " بارك الله كل حين و استرشده لتقويم سبلك" (20:4) ** سمات السفر:- + تمت أحداث هذا السفر في أشور أثناء السبي، في عصر الملك سنحاريب وعصر خلفه آسرحدون، فقد كان طوبيا الأب قد أخذ مسبيا إلى نينوى في عصر شلمناصر.. وانتشر السفر بين يهود الشتات خاصة في مصر فيما بين القرنين 5،4 ق.م. + يبين أهمية الصلاة ويشير إلى الحياة الآتية (6:3). + فيه بيان صريح لصفات يهوه (ص 13:7 8: 19، 4:13 ،7،11،15) وإشارة إلى سمو الله وعظمته. + حمل السفر رموزا خاصة في الأرقام: - تم الاتحاد الزوجي بين طوبيا وسارة بعد 3 أيام من عقد قرانهما... وتحقق زواج نفوسنا بالعريس السماوي بعد قيامته (3 أيام في القبر)؛ - مات الرجال السبعة لسارة وبقى لها الثامن (رقم 8 يشير إلى ما وراء الزمن أو الأبدية حيث يحوى الأسبوع 7 أيام) ونحن نفقد كل أمر زمني لنوجد مع عريسنا فوق حدود الزمن؛ - بقاء العريس سبعة أيام في أرض نينوى إشارة إلى فرحنا الكامل (7 رقم الكمال وإشارة إلى عمل الروح القدس) بالروح القدس خلال اتحادنا بعريس نفوسنا؛ طوبيت أسترد بصره بعد ثمانية سنوات في الأبدية نعرف كل أسرار الفرح؛ استخدام الملاك ما للسمكة (ما للسيد المسيح) لإخراج الشياطين وتفتيح الأعين وقد أعرف الملاك أن الله هو واهب الشفاء وليس الملاك ذاته " باركا إله السماء واعترفا له أمام جميع الأحياء لما أتاكما من مراحمه" (12:6). + يقرأ هذا السفر ضمن نبوات يوم الجمعة العظيمة من الأسبوع السادس من الصوم المقدس. + السفر رمز للمعمودية، وقد قسمته الكنيسة إلى خمسة أقسام من جهة إشارته للمعمودية كالآتي: - الأشبين ويمثله طوبيا الأب. ** مكان السفر:- يوضع هذا السفر بعد سفر نحميا. ** محتويات السفر:- الحياة التقوية والألم (ص1- ص3) (اقرأ بموقع الأنبا تكلا نص السفر كاملًا). عاش طوبيت التقى -محب العطاء وحافظ الناموس- في سلسلة آلام: + الملك يطلب قتله لحفظه الناموس ص1. + تجربة طوبيا الأب (2: 10-22). . فقدان بصيرته وهو يدفن قتلى شعبه. . امرأته وأصدقائه يعيرونه. + أما هو فكان يصلى ويسبح طالبا من الله المغفرة 3:1 -6. + موت الأزواج السبعة لسارة ص3. . حزن سارة ورجاؤها ص (7:3 - 25). الله وسط الآلام (ص 4 - ص 9). + وصيه طوبيت لابنه وإعطاؤه الصك ليسترد الدين [ الوصية الأولى] ص4. + رافائيل في خدمة ابنه [الله لا ينسى أولاده وسط الآلام] ص5. + رافائيل ينقذ ابنه من السمكة ويرشده إلى الزواج بسارة ص6. + رافائيل الملاك يذهب به إلى رعوئيل (رعاية الله) ويزوجه سارة (إكليل سماوي) ص7 و8. + رافائيل يذهب إلى غابيلوس لحساب طوبيا [خدمة الملائكة خلاصنا] ص9. إنها صورة رائعة لأعمال الله معنا وسط آلامنا في الوقت المناسب... . معونة الملاك روفائيل (25:3،5:6 -12). . الطاعة (10:6 - 12:9). نهاية المتألم (ص10 - 14). + عودة البصر إلى طوبيا الأب ص (10، 11). . طوبيت في سلام داخلي بالرغم من تأخر ابنه ص10. . الله يرد إليه ابنه مملوء بركات.. فرح وغنى.. ص11. + الرحمة تنجى ص (12، 13، 14). . رافائيل يعلن نفسه كشف الأسرار السماوية ص 12. . ينفتح فم طوبيت بالتسبيح ص (13 و14). الرجا الرجوع إلى سفر طوبيا بدوائر المعرفة. ملاحظة: الترجمة المستخدمة هنا هي ترجمة الفولجاتا التي قام بها القديس جيروم وطبعها دار النشر ببني سويف، أما الترجمة السبعينية اليونانية فقد وضعناها تحت عربي بالتشكيل. |
||||
|