رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام تفسير سفر يهوديت تفسير سفر يهوديت - المقدمة تمثل يهوديت النفس البشرية الغيورة، التي تغير لمجد الرب، وتستمد منه القوة والحكمة لمواجهة قوى الشر، فقد قطعت رأس الشر وهزمت الشيطان في عقر داره. كما يمثل سفر يهوديت الانتماء، انتماء العضو لبقية الجسد، وانتماء الشخص للوطن والكنيسة وشعوره بالمسئولية من نحو الآخرين والوطن.. فالسفر مملوء بالحماس الديني والوطني ومليء بالمشاعر الروحية الجياشة. أما يهوديت نفسها فهي امرأة ذات صفات يندر وجودها مجتمعة في شخصية واحدة - فقد تحلت بالفضائل الروحية والمقومات الهامة للشخصية الروحية والوطنية.. فقد جمعت بين الحكمة واللياقة وبين الغنى والنسك وبين الشجاعة والاتضاع.. والجمال الجسدي والعفة. إنه سفر مملوء بالكثير من التعاليم الروحية والفضائل (المسيحية) وقد حان الوقت لكي تأخذ هذه الأسفار مكانها بين بقية الأسفار في دراستنا الكتابية من خلال العظات والكتب والمسابقات وبرامج مدارس الأحد.. وأقترح أن نقدم هذه الأسفار في صور تراتيل وقصص مبسطة للأطفال تحت سن العاشرة حتى تختلط بوجدانهم منذ الصغر. 1. محور السفر نبوخذ نصر الملك الأشوري، بعدما أخضع بلاد مادي شرقًا، أرسل يطلب تأييد بلاد الغرب ومساندتهم، ولكن الأخيرين سخروا من رسله، ورفعوا راية العصيان، فما كان منه إلاَ لأن حمل عليهم بجيش كالجراد، وعتاد لا قبل لهم بمثله فانتقم منهم شر نقمة، وذلك عن طريق أليفانا قائد جيوشه، الذي حصد الرجال بالسيوف وأحرق محصولات الأرض، وفرض الجزية عينية ومادية. و من ثم فقد أرسل إليه قواد المدن التي لم يصل إليها بعد بجيشه، يترضَون وجهه معلنين طاعتهم وخضوعهم مقدمين المؤونة لجيش الجرار. إلاّ اليهود الذين رفضوا أن يندرجوا ضمن الخاضعين، فلم يرسلوا معتذرين مستسلمين كالباقين، فلما علم قائد الجيوش بعصيانهم وعدم خضوعهم، تعجب وعقد "مجلس حرب" استحضر فيه قواد عمون وموآب يستفسر منهم عن طبيعة شعب اليهود ومن عساهم أن يكونوا حتى يتمردّوا، ولكن على الرغم من أن العمونيين والموآبيين هم الأعداء التقليديين لليهود، فقد حذّر أحيور قائد بنى عمون، أليفانا من خطر الاصطدام باليهود ناصحًا إياه بالتحول عنهم لأن إله السماء يحارب عنهم، وقد عرض أحيور ذلك في شرح مطول. غير أن القائد لم يقنّع بشيء من هذا وإنما هدد أحيور بالقتل في حالة هزيمة اليهود ومن ثم أرسله اليهود ليلقى نفس مصيرهم، وكانت (بيت فلوى) هي الخط الأمامي لليهودية، وكان أهلها قد تلقوا تعليمات من رئيس الكهنة في أورشليم بأن يسدوا كل المنافذ التي يحتمل أن يتسلل العدو من خلالها، كذلك فقد كانت جغرافية الأرض تجعل من اقتحام الأعداء للمدينة، نوعًا من المغامرة والمقامرة، مما جعل أليفانا يقبل نصيحة الناصحين باللجوء إلى الحصار وقطع موارد الماء عن المدينة وذلك بغية تحقيق هدفين أشار إليهما مشيرو أليفانا من جيران اليهود: أولهما: تعُرض الشعب للجوع والعطش مما يدفعهم إلى الضغط على قادتهم بتسليم المدينة. و ثانيهما: إجبارهم على استهلاك نصيب الله من العشور والبكور مما يجلب غضبه عليهم فيسلمهم ليد أعدائهم. و قد حدث بالفعل بعد مرور خمسة أسابيع من بدء الحصار، أن نفذ الماء من المدينة ولاحت المجاعة بوجهها القاسي الكريه، فلما هاج السكان على قادتهم الثلاثة هناك وعدوهم بتسليم المدينة. هنا وتخترق يهوديت أحداث السفر، وهي أرملة جميلة وغنية ومشهود لها بالتقوى من الجميع، فقد سمعت بعزم الرؤساء على تسليم المدينة، فجاءت توبخهم على تقلص ثقتهم في الله، وتطلب إليهم مهلة يصنع فيها الله خلاصًا على يديها فوافقوها دون أن يعلموا خطتها ودون أن تطلب هي بدورها مساعدة من أحد، ومن ثم فقد قدمت صلاة طويلة في مكان تعبدها في علّية بيتها، وبعد ذلك تزينت بكل ما تملك من مجوهرات كانت قد ألقتها جانبًا منذ موت زوجها منسى، وانطلقت إلى باب المدينة ففتح لها الحراس الباب فخرجت مع جاريتها متجهة إلى معسكر الأعداء الذين بهرهم جمالها فأرسلوها إلى قائدهم كطلبها. هناك سلبت عقل أليفانا لاسيما وقد خدعته بأن الشعب منهزم لا محالة وأنها إنما قد هربت إليه لتنجو من الهلاك المحقق، وتشير عليه بما يجب أن يعمل، وعليه أن ينتظر منها إشارة البدء والتي سوف تأخذها من الله، لذلك فعليه أن يسمح لها بالخروج للصلاة ليلًا والاغتسال في الماء. و بعد ثلاثة أيام دعاها أليفانا إلى وليمته، وبينما هو يفكر فيها بالشهوة كان الله يعد خلاصًا لشعبه في تلك الليلة، حيث تثقّل بالشراب فسكر مثل الميت، ولما تركه جنوده معها وخرجوا، وجدت يهوديت أن اللحظة الحاسمة قد جاءت، فاستنجدت بالله وجمعت أطراف شجاعتها ثم هوت بخنجر على عنقه مرتين فانفصل رأسه عنه، فأخذتها مرتجفة ووضعتها في مذود طعامها وحملتها مع جاريتها وخرجت من المعسكر كعادتها في كل ليلة فلم يعترضها أحد، ولما وصلت إلى سور المدينة نادت على الحراس ففتحوا لها، وصرخت فيهم معلنة أخبار النصرة، فانطلق الكل مرتجفين واجتمع الرؤساء والشعب.. وعلموا بالخبر فعلقوا الرأس على السور مقابل معسكر الأعداء، وفي الصبح أطلقوا أبواب الحرب، فقام الأشوريون مستخفين غاضبين ليوقظوا قائدهم ليصدر لهم الأمر بسحق أولئك الجسورين فوجدوه قتيلًا بلا رأس، وفي تلك اللحظة وقفوا على الأمر كله، وتجمعت أمامهم الفصول الكاملة للحيلة التي حبكتها امرأة عبرانية جريئة. فانزعج الجيش وهرب الجنود بطريقة عشوائية، أتاحت لليهود مطاردتهم وتشتيتهم على الرغم من عددهم الذي كان يقدر وقتها بحوالي المائتي ألف مابين جندي وفارس، ومن ثم فقد استولوا على أمتعتهم ومحتويات خيامهم، وصار بيهوديت سلام لإسرائيل طوال أيام حياتها وبعدها أيضًا لفترة طويلة. كذلك فإن هناك محورًا هامًا أيضًا في السفر وهو قانون (معادلة) النصر والهزيمة في لاهوت العهد القديم، حيث يلقى السفر الضوء على موازين الله في الحروب. 2. كاتب السفر قام بكتابة السفر كاتب يهودي يجمع بين الملاحظة الدقيقة للناموس مع الروح الوطنية القومية، والكاتب غير معروف، ولكن يحسن بنا أن نتخيلّ أن يهوديت نفسها قد دونت ما حدث ما حدث ووضعته ضمن الهدايا التي أوقفتها على الهيكل وكانت قد تلقتها كهدايا تذكارية من متاع أليفانا وصاحب هذا الرأي هو القديس إيرونيموس 1. ثم جاء بعد ذلك كاتب يهودي أعدّ مذكرات يهوديت هذه لتدرج ضمن الأسفار القانونية، على أن ذلك الكاتب لم يحذف ولم يضيف وإنما أضفى أسلوبه وشخصيته على الكتاب، حيث يتضح جليًا أن السفر قد كتب بيد واحدة كما استنتج ذلك العالم تشارلز R. H. Charles 2 وعلى الرغم من أن الكاتبة (يهوديت) أثبتت في الكتاب ثقافتها اليهودية، وعكست محبتها للشريعة، ووطنيتها وبعدها الروحي، فإن المترجم في القرن الثاني قد ظهر عليه التأثير الهيليني. (في الترجمة السبعينية). هذا وقد اقترح الكاتب J. E. Bruns في عام 1954 م. أن الكاتب قد نشأ في مصر ولكن هذا الرأي لم ينل تأييدًا ما، وكذلك اقترح كاتب آخر نفس الرأي سنة 1965 م، ولعلّ السبب الذي دفعهم إلى اقتراح مصر كموطن للكاتب هو انتشار السفر في مصر بين يهود الإسكندرية، ولكن يجب أن نعرف أن يهود الإسكندرية كانوا في القرون الثلاثة الأخيرة قبل الميلاد يفوقون يهود أورشليم عددًا، كما كان السفر مستخدمًا بينهم لاتساع أفقهم اللاهوتي بالنسبة ليهود أورشليم. 3 أما العالم فولف فينسب كتابة السفر إلى أحيور العموني ربما بسبب الوصف التفصيلي للحوار الذي بينه وبين نبوخذ نصر 4، أما العالم كلمت فينسبه إلى يشوع بن يوصاداق رفيق زربابل عند العودة من السبي 5. و لكن المرجح أن السفر كتب في زمن الأحداث وبالقرب منها نظرًا لما فيه من تفاصيل. و ربما أيضًا يكون كاتب السفر هو ألياقيم رئيس الكهنة نفسه، بسبب تركيزه على عمل الصلاة والتسبيح وبعض تفاصيل تجدر في معرفتها بشخص عالم ديني مطلع على الدقائق والناموس أكثر من الباقين، كما أنه كان وقتها هو الممثل الديني والسياسي في اليهودية. و السفر حيوى من حيث الأسلوب، ترتفع بعض مقاطعه إلى مستوى الشعر الحقيقي، وقد جعل الكاتب الرد والأحداث والجمل، مرتبة ترتيبًا تصاعديًا فاتجهت القصة ببطء إلى الصورة المعرابية (صورة بلاغية تكون فيها العبارات والجمل مرتبة تصاعديًا) حتى يبلغ أثرها البلاغي بقوة في نفس المطالع. و ظهرت الصلوات والتسابيح في السفر، مثل عربات! على طول السفر تنقل التعليم والعظات والنصح، وقد رأى بعض العلماء أن أسلوب السفر يشبه في جماله مؤلفات الأديب اليوناني Parthenius فيما بعد، وقد ظهرت اللمسات الروائية في شرح التفاصيل والإثارة في العرض. و من هنا فهو سفر إلى جانب أنه مسياني، فهو يثقف ومسّلى ومهذّب، ويرى بعض الشرَّاح أن هناك أوجه كثيرة للشبه بينه وبين أعمال الرسل، كما يتفوق على طوبيا في أسلوبه المفعم بالحيوية. و يصف العالم Charles ، كاتب السفر بأنه له موهبة في التعليم، ويتَّسم أسلوبه في الكتابة بالواقعية وعدم التضخيم وأنه على دراية واسعة بآداب شعبه وعاداتهم، وكذلك فهو مطّلع على أسفار العهد القديم حتى دانيال وأستير، كما أنه متأثر بقصة إبراهيم كما وردت في المدراش، راجع (يهو 5: 6 - 9). و مرة أخرى نقول أن هناك شخصًا أعد السفر للنشر، من خلال صورته الأولى التي يحتمل جدًا أن تكون قد تمت على يد يهوديت نفسها. 3. تاريخ كتابة السفر حدد العلماء الفترة التي لابد وأن السفر كتب خلالها، وهي الفترة من القرن السابع قبل الميلاد، ولهم في كل قرن من تلك القرون الستة دلائل يستندون عليها 1. و يرجع العالم R. H Charles زمن ما بعد السبي مباشرة كوقت كتابة السفر حيث لا يوجد ملك للبلاد، وحيث يعمل الشيوخ مع السنهدريم gerusia (جيروسيا)، وهو كذلك يقول أن القصة دارت أحداثها في وقت غير الوقت الذي نشرت فيه. و لكي نستطيع أن نحدد تاريخ كتابة السفر حتى في صورته الأولى، لابد لنا أن نحدد الوقت الذي عاشت فيه يهوديت وجرت أحداث السفر فيه، وهناك ثلاث نظريات في هذا الصدد. فالنظرية الأولى تقترح الفترة التي كان فيها منسّى الملك مأسورًا في بلاد مابين النهرين، حيث لا يوجد ملك في البلاد، في ذلك الحين يقوم ملك الشمال بحملة 2نحو الجنوب مارًا باليهودية، ووقتها جرت أحداث بيت فلوى (و هذا هو الأرجح في نظرنا). و النظرية الثانية تقترح فترة ملك سنحاريب الأشوري حيث قام بحملة تأديب بعد هزيمته الشهيرة في فجر القرن السابع قبل الميلاد، منتقمًا أولًا من أرفكشاد صديق اليهود ثم متجهًا نحو اليهودية جنوبًا. و أما النظرية الثالثة فتقترح القرن الرابع قبل الميلاد، في عصر أرتحتشتا الثالث وحملته الجنوبية والتي توقفت في اليهودية عند بيت فلوى.. أما السبب في ترجيح القرن السابع زمنًا لكتابة السفر، فهو أن أرفكشاد المذكور هنا كملك لميديا، بنى مدينة أحمتا، ومعروف أن هذه المدينة بنيت في سنة 700 ق. م، مما يعنى أنه عاش في القرن السابع وأن أحداث تاسفر بالتالي قد وقعت في ذلك الوقت، وعليه فمن غير المنطقي أن يكتب السفر بهذه التفاصيل الدقيقة بعد مرور ثلاثة قرون على أحداثه!! كما أن السفر لا يذكر سبى بابل وهو حدث كبير لا يمكن لكاتب أي سفر إهماله، كما أن الأسفار التي جاءت بعد السبي ذكرت مثل المكابيين، مما يعنى أن السفر كتب في نفس القرن الذي وقعت فيه الأحداث. 4.3. النسخ الأصلية للسفر ولغته يجمع كل العلماء حاليًا على أن النسخة الأصلية للسفر وجدت في لغة سامية والأرجح أنها عبرية وليست أرامية كما ظن البعض، حيث يشير القديس جيروم إلى نسخة سامية مفقودة [1] حيث تعتبر النسخة السريانية للسفر، أكثر تمثيلًا للأصل السامي 2فقد وجدت النسخةاليونانية التي عثر عليها للسفر، غير متطابقة مع لغة كتابة العهد الجديد كما وردت في المخطوطات اليونانية، وحتى إذا كانت خالية من المصطلحات السامية، فإنها حرفية جدًا، حتى أنه يمكن ردها بسهولة إلى أصلها العبري، كذلك فإن استخدام الكاتب للتعبيرات العبرية كثيرًا جدًا، وبطريقة غير مألوفة في اليونانية 3 و على سبيل المثال فإن الاسم أحيور وفي العبرية ومعناها (أخي النور) قد كتبت في بعض المخطوطات اليونانية أخيود وذلك بسبب التشابه الكبير بين حرفي الدال في العبري والراء في أخيود فإنها تغير المعنى يصبح رمزًا لا اسمًا لشخص، إذا أن أخيود تعني (أخي اليهود وصديق اليهود) ويصبح حل هذه المشكلة في الرجوع إلى الأصل العبري، ويرد في الموسوعة اليهودية أن السفر كتب أولًا بالعبرية وأن الترجمة اليونانية تحمل علامات لا تخطئ، بأنها ترجمت عن العبرية، كما أن اللهجة في السفر هي لهجة نابعة عن اليهودية الكلاسيكية وأنها لهجة حية. وقد أيد هذا الرأي كثير من العلماء، أمثال (Fabricius & John & Eichhorn ) كذلك فإن الاقتباسات هي من النسخة اليونانية من العهد القديم، وقد جاءت متفقة مع الترجمة السبعينية للعهد القديم، كما أن الكثير من الغموض في النسخة اليونانية لا يمكن كشفه إلا بالرجوع إلى الأصل العبري. 4كما أشرنا. و يردد في مقدمة السفر باللغة العبرية والتي نشرها العالم أفراهام كاهانا أم السفر ترجم عن أصل عبري، بل إنه ترجم كلمة بكلمة تقريبًا، فإذا ما نجحنا في ترجمة النسخة اليونانية كلمة كلمة إلى العبرية سنحصل على الأصل العبري (أنظر النص العبري في نهاية الكتاب). أما أول إشارة إلى النسخة اليونانية الأولى للسفر، جاءت عن طريق القديس إكليمندس الروماني وذلك في سنة 90 م.، حيث يلمّح إليها باعتبارها معروفة لدى اليهود اليونانيين (يهود الشتات) مثلما يتحدث عن سفر إستر كسفر معروف لدى قرائه 5وحيث الأصل العبراني للسفر مفقود، فإن أقدم صورة وصلت إلينا فيها هي ترجمته اليونانية وهذه وصلت إلينا في ثلاثة أشكال: 1. الشكل المعتاد وهو الأكثر أصالة تمثله المخطوطات (النسخة السينائية). 2. الشكل الموجود في المخطوطتين رقم (19 و108). 3. الشكل الموجود في المخطوط رقم (58) وهو متفق مع النسختين اللاتينية والسريانية بصورة ملحوظة. و مع ذلك فإن هذه الأشكال الثلاثة تمثل نفس النسخة، وترجع إلى نفس الأصل وهي متفقة فيما بينها، عدا خلافات طفيفة ترجع إلى فوارق شخصية بين المترجمين أنفسهم 6. هذا وتعتبر النسخ اليونانية المختلفة لسفر يهوديت أكثر تطابقًا فيما بينها، بالنسبة لنسخ سفر طوبيا. و قد قام القديس جيروم بعمل ترجمته للسفر ضمن ترجمته المعروفة باسم الفولجاتا أي الشعبية في سنة 398 م. عن نص كلدانى وجده، ولم يبذل مجهودًا كبيرًا فيها، إذ قام بترجمة السفر كله في ليلة واحدة، وقد قال جيروم في المقدمة: (أنه غير راضى تمامًا عن عمله هذا). و بقدر ما هي عبارة غامضة إلاّ أنه يود ولو يعثر على النسخة العبرية ليترجم منها 7، كذلك فإنه استعان بنسخة مدراش أرامية تعرض القصة بتصرف 8(أنظر النص العبري في نهاية الكتاب). 5. نسخ أخرى للسفر إن اليهود ولو أنهم لا يعترفون بقانونية سفر يهوديت، إلاّ أن القصة معروفة لديهم ويذكر في ليتورجية عيد الحانوكا، وهو عيد تجديد الهيكل بواسطة يهوذا المكابي في 25 كسلو (ديسمبر) وتظهر القصة عندهم في أشكال متعددة في نصوص مدراشيم صغيرة بالعبرية وقد تم طبع بعضها. و هناك ثلاثة أشكال أخرى للسفر بالعبرية موجودة في مكتبة البودليان بإكسفورد، كذلك يوجد نص آخر مترجم إلى العبرية عن الفولجاتا (اللاتينية) يتفق مع النصوص السابق ذكرها، حيث نشر في فينسيا تحت عنوان (معشاه يهوديت)، ولكن يبدو أن تلك النسخ عبارة عن صياغة حرة للسفر وليست ترجمة عن اليونانية ومن ثم فهي نسخ لا يعتمد عليها. و لكن بعض الترجمات عن اليونانية نشرت تحت عنوان Hanukka (حانوكا) وهو كما ذكرنا الاسم العبري لعيد التجديد لدى اليهود، وقد نشؤت بمعرفة (مايير بن أشير) وذلك في برلين سنة 1766 م. Benseb في سنة 1819 م، وكذلك ضمن بقية كتب الأبوكريفا بمعرفة فرانك في ليبزج وذلك سنة 1830 م، كذلك فقد ظهرت في فرانكفورت ترجمة يهودية ألمانية للسفر بواسطة S. Landau وذلك في سنة 1715، ثم ظهرت نسخة فارسية منقولة عن الفولجاتا، كتبت سنة 1600 وبدون توقيع. أما النسخة السريانية فقد طبعت في Walton’s Plygot وذلك عن مخطوطتين حديثتين للسفر موجودتان الآن في مكتبة بودليان، ترجع إحداهما إلى سنة 1614 م. والثانية إلى سنة 1627 م، حيث قامت عليهما دراسة مقارنة مع نسخة موجودة في كامبردج كما وجدت مخطوطة للسفر بالمتحف البريطاني، ترجع إلى القرن العاشر، ويملك نفس المتحف مخطوطتين أخريتين ترجع إلى القرن الثاني عشر، بينما ترجع الأخرى إلى القرن السابع عشر. أما النصوص العبرية فقد قام العالم (دو بارل) بعمل ثلاث ترجمات بلغات مختلفة في القرن السادس عشر، أما دار النشر المعروفة (S.B) في لندن، فقد قامت بنشر السفر ضمن الأسفار القانونية الثانية في طبعتها للعهد القديم، وذلك باللغتين اليونانية والإنجليزية وقد صدرت آخر طبعة منها في 1986 م. و أخيرًا ومع ازدياد الاهتمام بالسفر مضطردًا في الآونة الأخيرة ليحتل مكانة بين بقية الأسفار، قامت دار الكتاب المقدس بعمل طبعة جديدة للكتاب المقدس تتضمن هذه الأسفار (راجع مقدمة سفر طوبيا). 6. قانونية السفر على الرغم من خلو قائمة الكتب المقدسة العبرية من السفر، إلا أنه كان مستخدمًا في العبادة اليهودية الجماعية، مثلما كان يحدث في احتفال الحانوكا Hanukka وهو عيد التجديد المذكور في (يو 10) أي أنه كان معروفًا في الأوساطا الشعبية، حيث يظهر كذلك في المدراش اليهودي، ويشير القديس كليمندس الروماني إلى السفر في رسالته إلى أهل كورنثوس باعتباره معروفًا. و يحتج اليهود على السفر، بسبب أنه لم يكن موجودًا في عصر عزرا الكاتب، وكذلك لأن يوسيفوس المؤرخ اليهودي لم يورده في قائمة الأسفار التي ذكرها، ولكن يجب الانتباه هنا إلى أن بعض الأسفار القديمة لم يعثر عليها عزرا عندما جمع الأسفار المقدسة، ربما بسبب الشتات، كما أن البعض الأخر لم يكن قد كتب بعد مثل سفر يشوع بن سيراخ وسفريّ المكابيين، وأما يوسيفوس فقد أشار إلى أن هذه الأسفار (مثل يهوديت) كان موقرًا عند اليهود وإن كانت ليست بمرتبة الأسفار الأخرى، مع ملاحظة أن من بين الأسباب التي جعلت اليهود ينظرون إلى الأسفار التي ظهرت بعد عزرا: نظرة شك، هو عدم ثقتهم في الكتبة في تلك الحقبة (ك 1 ضد إييون رأس 8) 1. و أما عن سبب قبول اليهود لسفر أستير دون يهوديت، أن قصة يهوديت حدثت في مكان ضيق، في حين جرت أحداث سفر أستير في وسط العالم المعروف عندئذ (البلاط الملكي) كما أن سفر أستير مصحوب بعيد سنوي في التقويم العبري. و هكذا أيضًا كان معروفًا لدى الكتاب المسيحيين الأوائل بما فيهم أولئك الذين كانوا يعارضون قانونيته معارضه نظرية فقط 2، هذا وقد وجد السفر مكانًا له في الترجمة السبعينية التي أصبحت تمثل العهد القديم بالنسبة للمسيحيين، وزاد مع تأثيره في وجدان الشعب حتى شاعت صور بطلته مع أحداث السفر في الفن الديني 3. ويرد في الموسوعة اليهودية أن وجد اهتمامًا في العالم اليهودي المسيحي. هذا وقد اعتاد اليهود قراءة بعض الأسفار في أعيادهم، مثل: 1. عيد الفصح: سفر نشيد الأناشيد. 2. عيد الحصاد والأسابيع: سفر راعوث. 3. عيد المظال: سفر الجامعة. 4. عيد الفوريم: سفر أستير. 5. ذكرى خراب الهيكل (9 أغسطس): مراثى أرميا. 6. عيد الحانوكا (التجديد): سفر يهوديت. و على الرغم من انتشار قصة أستير أكثر من يهوديت، فإن السفرين متساويان في القيمة والمضمون، ولكن أحداث سفر أستير وقعت في البلاط الإمبراطوري بينما وقعت أحداث يهوديت في مدينة صغيرة غير مشهورة. و قد ظل السفر مستخدمًا في العبادة المسيحية وبين يهود الشتات، حتى جاء عصر الإصلاح فرفضه مارتن لوثر ضمن أسفار أخرى لم ترق له، وعمومًا فقد استند أعداء قانونية السفر على أمرين، أولهما الأخطاء التاريخية في السفر والثاني مسلك يهوديت بما فيه من خداع وكذب وقتل، ولكن ما يبدو أنها أخطاء تاريخية، لا يعيب السفر كان سفر دانيال مشكوكًا في تاريخيته حتى وقت قريب حيث أثبتت بعض الحفريات الحديثة سلامته وصحته، ومع ذلك فقد ظلّ معتبرًا سفرًا قانونيًا موحى به، وذلك من جميع الكنائس، وأما بخصوص الاعتراض الثاني فإن اليهود كانوا في حالة حرب حيث يسمح باستخدام كل الطرق، ومع ذلك فقد حفظت يهوديت نفسها من الدنس، ولها في تصرفها هذا، أسوة بـ(ياعيل) وأستير، وسوف نعود إلى دفع مثل ذلك الاعتراضات في حينه. و قد اعترض البعض على السفر بقولهم أن مليتون أسقف سرديس من الجيل الثاني، عندما استلم من يهود فلسطين قائمة الأسفار القانونية لم يكن السفر من بينها، ولكن يجب ألا يؤخذ برأي واحد فقط، لاسيما إذا كان أولئك الذين سلموه القائمة لم يكونوا أمناءً موثوق بهم، كما أن سفر يهوديت انتشر بين يهود الشتات أكثر من يهود أورشليم الذين خلت مجلداتهم منها بعض الوقت، كما أن اليهود أنفسهم قد رفضوا بعض الأسفار من تلك التي يقرونها حاليًا - لبعض الوقت قبل أن يدرجونها ثانية ضمن كتبهم المقدسة. كما قال البعض أن إيرونيموس في تعليقه على أسفار سليمان قال: كما تتلو الكنيسة أسفار يهوديت وطوبيا والمكابيين، دون أن تنظمها ضمن الأسفار القانونية، وللرد على ذلك نقول أن إيرونيموس كان يعبر عن رأى بعض المسيحيين في عصره وليس جميعهم. و على الرغم من موقف البروتستانت المعادي للسفر، فإنهم قد أقروا بصلاحيته للتعليم 3، بل أن الناقد البروتستانتي O. Walff قد دافع عن السفر وتاريخه 4 كذلك فقد دافع عنه العالم G.L. Bauer، وكذلك بعض علماء اليهود، ويزداد تأييدًا بين البروتستانت مع الوقت 5. و لكن الذي يجب الإشارة إليه هنا، هو أن كنيسة الإسكندرية كانت على مر التاريخ بعيدة عن الصراع حول قانونية السفر، حيث قبلته منذ البداية مستندة في ذلك على قوانين الآباء الرسل وتعاليمهم 6وكذلك على المجامع المقدسة وقديسيها الأوائل. و فيما يلي قائمة بالمجامع التي أقرت قانونية السفر: 1. مجمع نيقية سنة 325 م. 2. مجمع هيبو سنة 393 م. 3. مجمع قرطاجنة الأول سنة 397 م. 4. مجمع قرطاجنة الثاني سنة 419 م7 و من مجامع الكنيسة الكاثوليكية: 5. مجمع فلورنسا سنة 1124 م. 6. مجمع ترنت سنة 1546 م. (و اعتبر الفولجاتا هي الترجمة المعتمدة لدى الروم والكاثوليك) 7. مجمع القسطنطينية سنة 1642 م (مجمع الروم) 8. مجمع الفاتيكان الأول سنة 1870 م. و ورد السفر كذلك في قوانين الآباء الرسل (هيبوليتس). كما ضمن لائحة الكتب القانونية التي وضعها البابا (إينوشنسيوس) بابا روما في سنة 405 م. أما القديسين والعلماء الذين أقروا قانونية السفر واقتبسوا منه في تعاليمهم وكتاباتهم، فإليك قائمة بأسماء بعضهم: 1. القديس كليمندس الروماني تنيح سنة 90 / 100 م. في رسالته إلى أهل كورنثوس (فصل 55 / عدد 4، 5) 2. القديس كليمندس السكندري تنيح سنة 155 - 220 م. في كتاب المربى (2: 7، 4: 9) 3. العلامة ترتليانوس 4. العلامة أوريجانوس تنيح سنة 254 م. تفسير إنجيل يوحنا وكتاب الصلاة (فضل 13، 29) 5. القديس أثناسيوس الرسولي 296 - 373 م. في خطبته الثانية لأريوس (2: 35) 6. القديس أمبروسيوس 319 - 397 م. 7. القديس جيروم (إيرونيموس) 354 - 419 م. في أغلب رسائله (و قام أيضًا بعمل ترجمة للسفر نفسه) 8. القديس أغسطينوس في كتابه مدينة الله 9. القديس باسيليوس الكبير 329 - 379 م. في تعليمه عن الروح 10. البابا غريغوريوس الكبير 329 - 389 م. 11. القديس يوحنا ذهبي الفم 347 - 407 م. كما وردت هذه الأسفار ومن بينها سفر يهوديت في قوانين الشيخ الصفي بن العسال في مصر وقوانين العلامة شمس الرياسة المعروف بابن كبر. أما بخصوص بقية الكنائس، فقد عقدت الكنيسة اليونانية مجمعًا في أورشليم سنة 1672 م. برئاسة البطريرك دوسيناوس، حيث أيد قرارات المجامع السابقة عليه في الاعتراف بالسفر، أما الكنيسة الهندية والحبشية والأنجليكانية في إنجلترا فهي تقرها بطبيعة الحال. 7. القيمة اللاهوتية للسفر يصور السفر الجهاد المستمر للنفس في العالم، وتربص الشيطان المخيف المرعب لها، هو وجنوده الكثير، إنه رابض أمامها في انتظار اللحظة المناسبة للانقضاض عليها وسحقها (أر 5: 6) ولكن النفس المجاهدة، تتسلح بالصلاة وتلجأ إلى كل الوسائل المتاحة، والنتيجة أن يهلك الشيطان بشره في حين تنجو النفس، وبعد أن انتظر الشيطان طويلًا فاغرًا فاه لابتلاعها، فإذا به هو يصبح فريسة وتنزعج قواته ويفروا مهزومين (سحق أعداءنا في هذه الليلة يهو 13: 15) ومن ثم يعظم الرب وحده وله يقدم كل التسبيح، كما يظهر السفر عمل الله العجيب مع شعبه، والخلاص الذي أتمه. صفات الله المذكورة في السفر: على العكس من سفر إستير، فإن سفر يهوديت مغموس في اسم الله، ومرادفات ذلك الاسم المبارك وصفاته، حيث يظهر الله في السفر على النحو التالي: 1. الرب هو اسمك (9: 8). 2. سرمدي (أنت صنعت أحداث الماضي والحاضر والمستقبل 9: 5). 3. السيد المطلق (ما قدرته كان وما أردته كان فقال هاءنذا 9: 5، 6، 16: 14). 4. نصير الضعفاء والمظلومين (إله الرضعاء ومغيث الصغار، نصير الضعفاء، حامى المُهملين، مخلص اليائسين 9: 11). 5. الخالق (رب السموات والأرض وخالق المياه ولك خليقتك كلها 9: 12)، (خلق السموات والأرض 16: 2). 6. قوى (إله كل قدرة وكل قوة 9: 14)، (إله كل قوة 13: 4) (عظيم أنت وممجد عجيب في القوة 16: 13)، (لا يقوى عليك أحد 16: 12)، ليس من يقاوم صوتك 16: 14) راجع أيضًا (16: 15). 7. يدافع عن شعبه (الرب الإله يمحق الحروب 16: 2)، (المحطم الحروب 9: 7) (حامى إسرائيل ليس لنسل إسرائيل حام سواك 9: 14). 8. ديان (ينتقم... في يوم الدينونة (.......) يجعل النار والدود في لحومهم فيبكون ألمًا للأبد 16: 17). 9. معبود (إياك تعبد الخليقة بأسرها 16: 14). قيم إيمانية أخرى: في السفر تعليم عن الحياة الأبدية، مثله في ذلك مثل سفر طوبيا، ويظهر هذا التأثير الاسخاطولوجي في (16: 17) حيث يشير السفر إلى المصير الأبدي الذي ينتظر الأشرار، وهو نفس المصير الذي أشار إليه السيد المسيح في العهد الجديد، ومن حيث النار التي لا تطفأ والدود الذي لا يموت، والخلود في العذاب (راجع أيضًا أش 66: 24). و على الرغم من أن السفر يخلو من المعجزات في صورتها التقليدية، وإنما يركز على التعليم بأن الحكمة والخير ينتج عنها الخلاص والبر، بينما تتسبب الخطية في الشر والهلاك. و تبرز في السفر أيضًا قيمة الشفاعة، حين يطلب الشعب من الله أن ينقذهم ناظرًا إلى وجوه قديسيه (أنظر في هذا اليوم إلى وجه المقدسين لك 6: 19) وكذلك حين يطلب الشعب من يهوديت الصلاة لأجلهم بمن فيهم شيوخ الشعب قائلين لها (و الآن فصلى لأجلنا فإنك امرأة تقية 9: 31) كما أن يهوديت وبصفة عامة قد عملت كشفيعة عن الشعب عمومًا لدى الله. و أخيرًا فهو سفر مسياني السمة، يركز بصورة خفية غير واضحة على تفوق إله إسرائيل على آلهة الأمم الأخرى وعمله الخلاصي مع شعبه على مر التاريخ (راجع خطاب أحيور العموني ص 5) واحتجاج نبوخذ نصر على اعتبار إله إسرائيل إلهًا قويًا... (ص 6). 8. القيمة الليتورجية للسفر تظهر يهوديت في السفر كمثال للورع اليهودي، كما تمثل الولاء والطاعة للناموس، فهي تستمد قوتها وشجاعتها - في مواجهة العدو - من أمانتها في العلاقة بالله، ولذلك فهي تستعد للمعركة بالاختلاء مصلية وهي صائمة. يهوديت كذلك تعطى مثالًا حيًّا لما يجب أن يكون عليه الخادم، فهي مثال للتكريس، فالعفة في ترملها تعتبر علامة مميزة لها، فقد نحت جمالها وغناها وشبابها جانبًا، وانقطعت للعبادة في علية بيتها، فيما يشبه القلاية، غير أنها تركت وحدتها عندما دعتها الضرورة إلى ذلك، حيث تعرض شعبها للخطر، وهي بذلك تعطى تأكيدًا على أن الراهب والمتوحد، هو شخص عضو في جسد المسيح الذي هو الكنيسة، مثلما ترك الأنبا أنطونيوس مغارته، ليشترك مع الكنيسة في محاربة الأريوسية. و قد حافظت يهوديت على وصايا الناموس من حيث مراعاتها للسبوت والأعياد، متحفظة تجاه ما يتعلق بالطعام الطاهر غير النجس، متشددة في ذلك حتى في الوقت الذي يمكن فيه تجاوز القانون (وجودها في معسكر الأعداء) كذلك محافظتها على الصلاة في مواعيدها والاغتسال للصلاة كما يقضى التقليد. و قد سجل التلمود اليهودي عن القديسين أمثال يهوديت، قائلًا: " النسل المثقف بالتوراة، الواحد القدوس، سر أن يأخذهم تحت أجنحة الشاكيناه " 1ويرد في صلاة يهوديت إلى الله (إنك إله الوضعاء ومغيث الصغار ونصير الضعفاء وحامى المهملين ومخلص البائسين 9: 11) والحقيقة أن هذه الآية هي نفس مضمون أوشية المرضى، ونصلى نحن بذات الشعور ولنا نفس الرجاء في الله الذي ينظر إلى ضعفنا ويعين مسكنتنا ويهوديت تعبر عن فرحتها بالرب ونصرتها فيه، عن طريق التسبيح والإنشاد حيث تنسب النصرة لله، لقد انتصر الرب لها.. ووضع النصرة في رصيدها، شأنها في ذلك شأن جميع رجال الله في تعبيرهم عن النصرة. كما يظهر السفر، اليهود وقد اتسع أفقهم اللاهوتي وخرجوا قليلًا عن (الجيتو) 2فعلى الرغم من أن السفر مصطبغ بصفة وطنية، حيث يظهر فيه الله كإله وطني، بينما تظهر فيه الوثنية كخطية قومية، إلا أن الباب قد فتح أمام الأمم، متمثلًا في قبول أحيور الدخيل العموني إلى اليهودية (تهوّده) في جو من الترحاب والبهجة، وعلى الرغم من أن ذلك كان أيضًا بطريقة استثنائية بسبب إيمانه الشديد بيهوه، كما هو الحال بالنسبة لراعوث، وكان القانون اليهودي يمنع دخول الدخلاء إلى جماعة الرب إلا في الجيل العاشر خوفًا من التأثير الوثني لهم على اليهود. و يركز السفر على العبادة الجماعية، فالخطيئة هنا هي خطيئة قومية، فيها هلاك للكل، ومن هنا فإن توبتهم وبرهم سيكون سببًا في خلاصهم راجع (يهو 5: 20، 21) ويظهر الشعب من ثم في ثوب رائع من الورع متمثلا ُ في الصلوات الكثيرة المقرونة بالصوم والمسوح والدموع، لاستدرار مراحم الله: (وغَطَّوا مَذبَحَ الرَّبِّ بِمِسْح وصَرَخوا صُراخًا حارًّا إِلى إِلهِ إِسْرائيلَ بِصوتٍ واحِد، أَلاَّ يُسلِمَ أَطْفالَهم إِلى النَّهْبِ ونِساءَهم إِلى السَّبْيِ ومُدُنَ ميراثِهم إِلى الدَّمار والمكانَ المُقَدَّسَ إِلى التَّدْنيس وإِلى شَماتِ الأمَمِ المُهين. 13 فسَمِعَ الرَّبُّ أَصْواتَهم ونَظَرَ إِلى شِدَّتِهِم) يهوديت 4: 12 - 13 و هكذا تظهر بوضوح المساحة الكبيرة في السفر للنسك، حيث يرد كثيرًا، دموعهم وانطراحهم على الأرض وتغطية المذبح بالمسوح، وتطلب يهوديت من الشعب أن يلتمس الغفران من الله بدموع، ويستدر مراحم الله. الصلاة: و يركز السفر على الصلاة كسبيل، ووسيلة للتخلص من ضيقاتنا.. وطرح متاعبنا عند قدميّ الله، بينما نسكب ذواتنا أمامه. * وصرخ جميع رجال إسرائيل إلى الرب صراخًا حارًا جدًا... بكل قوتهم (4: 9، 15) * فارتمى الشعب وسجد لله وصرخ قائلًا... ارحم تذلل نسلنا... (6: 18، 19) * وخارت عزيمة بنى إسرائيل فصرخوا إلى الرب إلههم * وارتفع في وسط الجماعة كلها نحيب شديد كنحيب رجل واحد وصرخوا إلى الرب الإله بصوت عظيم (7: 29) * وسقطت يهوديت على وجهها... وصرخت صراخًا عظيمًا إلى الرب (9: 1) * ... وبعد صعودها كانت تتضرع إلى الرب إله إسرائيل.. (12: 8) * وخرجتا كلتاهما على عادتهما للصلاة... والآية السابقة تشير إلى عادة خروجهما للصلاة في الأيام السابقة (13: 10) التسبيح: التسبيح في السفر هو التعبير الروحي والترجمة اللائقة في السفر، للفرح بالرب، والاحتفال بالنصر، إن الاحتفالات هنا هي روحية أيضًا... الأغاني روحية.. والتحدث هو بأعمال الله فيهم.. هذا ويحتل التسبيح مساحة كبيرة من النص في السفر على هذا النحو: يهوديت تدعو الشعب للتسبيح 8: 25 - 27 يهوديت تسبح الله في صلاتها 9: 1 - إلخ عزيا يبارك يهوديت 13: 18 - 20 الشعب يقدم الشكر لله ويباركون يهوديت 15: 9، 10 نشيد الخلاص 16: 1 - 17 هذا ويعد التسبيح أرقى أشكال الصلاة، إذ يصلى الإنسان بما لله، فينسب إليه كل مجد وكل بركة وكل خير ويمتدح كل صفة من صفاته. العفّة: امتدح السفر كثيرًا عفة يهوديت، وأقام وزنًا كبيرًا لحياة الطهارة، فقد أشاد شيوخ اليهود بطهارة يهوديت، ويرد في السفر أنه رغم شهرتها قبل الخلاص من جيش الأشوريين وهي تزال في عليتها، وبعد النصر تزايدت شهرتها وكرامتها، ورغب كثيرين في التزوج منها ولكنها آثرت حياة العفة منذ وفاة زوجها منسىّ (راجع 16: 21، 22). الصوم: ورد في السفر أن يهوديت كانت تصوم جميع أيام ترمّلها ما خلا أيام السبوت والأعياد والاحتفالات (يهو 8: 6) شأنها في ذلك شأن الكثير من النساك الذين عرفناهم في تراث الآباء بالبرية، على الرغم من أن الناموس يحدد أوقاتًا معينة للصوم في السنة. كما أن الصوم هنا لم يكن انقطاع عن الطعام فقط ولكنه شمل أيضًا الامتناع عن بعض الأطعمة (10: 5)، (12: 1 - 2، 19) كما صام الشعب نفسه ليستدروا مراحم الله (4: 13) بل أن الصوم - وكما هو الحال في نينوى قد شمل النساء والأولاد والعبيد والإماء والبهائم والطيور (4: 9). 9. اقتباسات العهد الجديد من السفر و كانت يهوديت مترملة في بيتها منذ " ويوحنا هذا كان لباسه من وبر ثلاث سنوات وأربعة أشهر وكانت الإبل وعلى حقويه منطقة من جلد و قد هيأت لنفسها عليه على سطح بيتها كان طعامه جرادًا وعسلًا بريًا " وكانت تضع مسحًا على وسطها و (متى 3: 4) ترتدي ثياب ترملها وكانت تصوم جميع وكانت بنية حننه بنت فنوئيل... أيام ترملها عاشت مع زوج سبع سنين بعد (يهو 8: 5) (16: 21، 22) بكوريتها وهي أرملة نحو أربع و ثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابد بأصوام وطلبات ليلًا ونهارًا (لو 2: 36، 37) لأنكم لن تكتشفوا أعماق قلب الإنسان و " ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه لن تدركوا أفكار ذهنه فكيف تهتدون إلى عن الاستقصاء لأنه من عرف فكر الله الذي صنع كل ذلك وتفهمون فكره الرب ومن صار له مشيرًا " و تدركون تدبيره يهو 8: 14 (رو 11: 33، 34) " لأن من من الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيه هكذا أيضًا أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله" (1 كو 2: 11) فلنشكر الرب إلهنا الذي يمتحننا كما " احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما امتحن آباءنا اذكروا كل ما صنعه إله تقعون في تجارب متنوعة عالمين إبراهيم وكم امتحن اسحق وكل ما أن امتحان إيمانكم ينشئ صبرًا و جرى ليعقوب... فكما أنه امتحنهم أما الصبر فليكن له عمل تام لكي ليسير (يفحص) قلوبهم كذلك لن ينتقم تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين منا بل الرب يؤدب الذين يقتربون منه في شيء. إنذارًا لهم (يع 1: 2 - 4) (8: 25 - 27) باركك يا بنية الإله العلى فوق جميع مباركة أنت في النساء... (لو 1: النساء اللواتي على الأرض وتبارك 28، 42) فقالت مريم... فهوذا الرب الإله الذي خلق السموات والأرض منذ الآن جميع الأجيال تطوبني لأن و الذي هداك لضرب رأس قائد أعدائنا القدير صنع به عظائم واسمه فإن رجاءك لن يفارق قلوب الناس الذين قدوس يذكرون قوة الله للأبد عسى الله أن يرفع (لو 1: 46 - 49) شأنك للأبد وأن تفتقدي بإحساناته 13: 18 - 20 10. أوجه الاعتراض على السفر ومناقشتها و فيما يلي عرض لبعض التساؤلات التي تدور حول السفر: 1. يقول البعض أن اسم السفر والمستمد من الشخصية الرئيسية فيه وهي "يهوديت" إنما هو اسم رمزي (معناه يهوديت: مؤنث يهودي) وبالتالي فالقصة رمزية تمثل الشعب اليهودي كله؟ ج - عنوان السفر في اللغة اليونانية هو يهوديت أما في العبرية فقد جاء (يهوديت) مسبوقًا بكلمة تعني "سفر" و"عمل" ومن المعاني المحتملة أيضًا لاسم يهوديت هو يهودية Jewess (و بالتالي فإن العالم جروتيوسGrotius وآخرون، يشرحون القصة بطريقة رمزية فيجعلها تمثل الشعب اليهودي بأسره، ولكن هذا الأسلوب، فضلًا عن أنه مفتعل وغير مقنع، فلا حاجة بنا أن نفترض أن الاسم يوحى بهذا المعنى لأن اللفظة قد وردت في الكتاب المقدس كاسم لزوجة عيسو، وهي من أصل حثي (تك 26: 34) والاسم في هذه الحالة لا يمكن أن يعنى يهودية Jewess . 2. يقولون أن هناك مشاكل تاريخية وجغرافية في السفر. ج - الالتباس الشكلي الوارد في السفر فيما يختص ببعض الأسماء التاريخية والجغرافية، يعود إلى الترجمات المختلفة واستخدام بعض ألفاظ لاتينية ويونانية دون غيرها على حد تعبير القديس أغسطينوس 1 تاريخية السفر: المعروف أن نبوخذ نصر لم يكن ملكًا أشوريًا بل ملكًا بابليًا، وأنه لم يملك على نينوى، بل ملك سنة 605 ق.م. أي بعد هرب نينوى الذي تم في سنة 612 ق.م.، وأن ميديا لم تكن ذات قوة حربية يُخشى منها، وفي وقت العودة من السبي سنة 536 ق.م.، كانت بابل قد ضمت إلى فارس. وهناك ثلاث نظريات تفسيرية لحل مشكلة التاريخ في السفر: أ- النظرية الأولى: تقول هذه النظرية، أن زمن حدوث وقائع السفر، سابق على زمن نبوخذ نصر الملك البابلي المعروف (605 - 562 ق.م.) حيث أن المقصود بنبوخذ نصر في السفر هو أسرحدون ابن سنحاريب الملك الأشوري، فلما هُزم سنحاريب في حملته المشهورة على اليهودية، فقد انتقم ابنه من جميع الأمم المذكورة في السفر، لاسيما من أرفكشاد ملك ميديا، الذي عرف عنه محبته لليهود وتعاطفه معهم، ثم اتجه جنوبًا نحو اليهودية، حيث توقف عند بيت فلوى، مسرح أحداث السفر. 1 كما أن وجود نبوخذ نصر كاسم لملك بابل لا يلغى استخدام الاسم بين شعوب أخرى وفترات زمنية مختلفة. ويرد في (1: 1) أن أرفكشاد الذي حارب نبوخذ نصر بنى مدينة أحمتا والمعروف أنها بنيت سنة 700 ق.م. مما يعنى أنه كان يحيا في القرن السابع الميلادي وبالتالي فقد حدثت القصة في ذلك الوقت كما أن السفر لم يشر إلى السبي البابلي وإنما السبي الذي كان قد وقع قبل زمن السفر. و يرد في الآثار الآشورية ما يؤكد أن أحداث السفر قد وقعت في عهد آشور بانيبال، والسبب أن اسمه في السفر نبوخذ نصر يحتمل أن يكون قد غير اسمه بعد استيلائه على بابل، فإن آثار بانيبال (هانيبال) المسمارية قد دلتنا على الكثير مما ورد في السفر، حيث يرد أنه أخضع مصر وصور، وأدى له الجزية 22 ملكًا في سوريا وقبرص وأن أخاه (سما سو موقين) ملك بابل قد عصاه وأثار عليه القبائل الخاضعة له فقهرهم بنفسه وقواد جيشه، وهو ما ينطبق على السفر من عظمته، ومن رد رسله خائبين فينيقية ودمشق ولبنان وفلسطين، حيث ساعدوا أخوه الذي كان مشغولًا بمحاربة الماديين، حيث ذكر هذا في اسطوانته الأولى عامود 3، 4 حيث يقول أنه قام بحملته الرابعة على ملك الحيثين (أحسارى) من العيلاميين كثيرة، وهو يطابق ما ورد في السفر عن ظفره ب أرفكشاد في أرض عيلام 2. ب - النظرية الثانية: رأى الكثير من العلماء والناقدين أن أحداث السفر قد وقعت في القرن الرابع قبل الميلاد، حيث أن أرتحتشتا أوكوس الثالث (358 - 338 ق.م.) قد شن حملة على الساحل الفينيقى سنة 353 ق.م.، حيث كان هولوفرانس (أليفانا) أحد قواد جيشه، والذي هو شقيق أرياراطيس ملك كبادوكية الذي تولى الإغارة على مصر، في حين كان بوغا، أحد جنرالات الجيش، فلما استسلم الساحل الفينيقى، اتجهت الحملة جنوبًا مرورًا بمنطقة بزرعيل، حيث توجد بيت فلوى، مسرح أحداث السفر، ويبرر عدم وجود هذه الحادثة في سجلات الأشوريين، كونها مجلية للخزي، بما لا يتفق مع عظمة الأشوريين 1. ج - النظرية الثالثة: تفترض النظرية الثالثة، أن تكون أحداث السفر قد دارت بعد القرن الثاني قبل الميلاد، حيث يرى العالم بول Ball ، أن نبوخذ نصر هو أنطيوخس أبيفانيوس الرابع الملك السلوقى، أشهر مضطهدى اليهود، لاسيما وأنه قد أعتبر أنه المقصود ب (نبوخذ نصر) وذلك في سفر دانيال النبي (12: 6، 7) وأن الأشوريين المعنيين هم السوريين، وأن نينوى هي أنطاكية، وأما أرفكشاد هو أرساكيس الفارس ملك ميديا، والذي قام أنطيوخس بحملة ضده 1 المسألة الجغرافية في السفر: تتمثل المشكلة الجغرافية للسفر، في أن الكثير من المدن المذكورة، أسماءها ليست مألوفة لدى قارئ العهد القديم، كذلك تحرك الجيش الجرار للأعداء، بسرعة كبيرة فوق المألوف. و لكن وإن لم تكن جميع البلاد والحصون المذكورة في السفر معروفة ومحددة على خريطة العهد القديم، فإن أغلبها يمكن التعرف عليه، وإن احتاج الأمر إلى مجهود قليل، لاسيما بالنسبة إلى بلاد غرب آسيا، وسوف نتعرض لكل من تلك البلاد بالشرح والتحقيق في حينه (أنظر التفسير) . أما فيما يختص بمعدل تحرك الحملة العسكرية، فيجب الانتباه إلى أن الجيوش الجرارة، تسير مسافة طولية كبيرة جدًا، حيث يمكن أن تكون بداية الحملة في مدينة بينما مازالت مؤخرتها في مدينة أخرى بعيدة، والدليل على ذلك أن نبوخذ نصر وأليفانا رئيس جيوشه، احتاج إلى شهر كامل مكثه في منطقة جبع ليجمع أطراف الجيش ويعيد تنظيمه (3: 10). و يعترض البعض قائلين، كيف تكون " بيت فلوى " فوق قمة جبل وهي محاطة بالجبال؟،و لكن المعروف أن تلك المنطقة عبارة عن مجموعة من المرتفعات وفوق أحدها تقع بيت فلوى. بقية الاعتراضات: 3. كيف يتحدث الكاتب عن الرجوع من السبي، إذا كان لم يحدث بعد.؟ ج - المقصود هنا السبي الذي حدث في عهد الملك منسى الملك (2 أخ 33: 13) وذلك في منتصف القرن السابع قبل الميلاد، أثناء حملة أشور بانيبال ملك أشور، والذي ساعد اليهود على الرجوع هو (فرارتس) الذي لقب بلقب (الملك الحليم) لهذا السبب، مما جلب عليه نقمة أسرحدون المدعو في السفر نبوكد نصر. 4. كيف يكون رئيس الكهنة هو المتولى أمور البلاد، حيث لا ذكر لملك هناك؟ كما أن الياقيم المذكور هنا لا وجود له في التي سجلها يوسيفوس؟ ج - في فترات كثيرة سمح الملوك الشماليون لليهود، بإدارة شئونهم، عن طريق وجهاء اليهود، فإن النظام القبلي كان ما يزال موجودًا، مع وجود الأسباط والعشائر، ذلك في وجود الملوك أيضًا أما أن يوسيفوس لم يذكره في سجلات فإن ذلك لا يعتد به كثيرًا، بل بالكتاب المقدس الذي ورد فيه أن ذلك الكاهن كان في عهد سنحاريب ملك أشور وحزقيا ملك يهوذا (2 مل 18: 18) وكان ذا منزلة رفيعة وقد تنبأ النبي ببلوغه إلى مرتبة سامية بقوله (و يكون في ذلك اليوم أنى أدعو عبدي ألياقيم بن ملقيا.... فيكون أبًا لساكن أورشليم ولبيت يهوذا (إش 22: 20) وربما لقب باسم أبيه (2 مل 4) 1 5. يقولون أنه لا ذكر في التاريخ، لأرفكشاد ولا لحملته، وأن الذي بنى أحمتا هو ديوجس؟ ج - الذي بنى (أحمتا) أكبتانا وحصنها هو بالفعل، ديوجس الملك في القرن السابع ق.م ولكن أرفكشاد وهو ابنه، قد أكمل بناءها وقام بتوسيعها، ومعروف في التاريخ أن بناء مدينة واحدة، قد ينسب إلى شخصيتين وأكثر. أما عن عدم ورود هذه الحملة في التاريخ، فقد أهمل التاريخ ذكر أحداث ووقائع كثيرة، وردت وتأكدت فيما بعد من خلال الحفائر التي قام - ومازال يقوم - بها العلماء، إضافة إلى أنه من البديهي أن يهمل الملوك تسجيل أخبار هزائمهم. أما أرفكشاد نفسه، فهو الذي يسميه بعض المؤرخين (فرا) كما يسميه هيرودتس المؤرخ (فرارتس) ومعناها الملك العظيم حيث أن فرا اسم علم للملك وأرتس لفظة فارسية معناها العظيم وكتب كثيرًا (أرفا). وأضيفت مع الوقت إلى الاسم كلمة (كشاد) ومعناها الحليم، وهكذا فقد صار معنى الاسم الملك الحليم العظيم، وقد عرف عنه محبته لليهود والإحسان إليهم، حينما كانوا أسرى في مملكته 1 6. يعترضون على مدح يهودست لشمعون، مع أن شمعون قد سلك مع بنى عمون بالغدر وكدّر نفس يعقوب أبيه، وعليه فإن عمل يهوديت غير مقبول، لأنها سلكت بالغش والخداع والقتل؟! ج - يهوديت والتي تنتمي إلى سبط شمعون، امتدحت فيه غيرته على شعبه وعلى عفة أخته وشرفها (تك 34) كذلك فإن بيت فلوى (مسرح الأحداث الحالية) هي نفسها شكيم، وبالقرب منها، كما يظن بعض الشراح، وهي كانت مسرح أحداث قصة شمعون قديما. 7. كيف يكون سفرًا موحى به من الله، ذاك الذي تستخدم فيه بطلته طبيعتها كامرأة، في الإغراء والخداع والكذب والشهوة والقتل؟ ج - اليهود كانوا في حالة حرب، حيث يُسمح باستخدام كافة السبل المتاحة، كذلك فإن يهوديت لم تغو شخصًا قديسًا ليسقط في الدنس، وعلى الرغم من أن اليهود كانوا في حالة دفاع عن النفس، فإن يهوديت لم تفرط في أي شيء، بداية من عفتها وطهارتها حتى طعامها اليهودي وصلواتها، كما أن سفر أستير، والذي يقره اليهود قبل المسيحيين، قد جاء الخلاص فيه على يدي امرأة استخدمت تأثيرها مثل يهوديت. 8. الضمير المسيحي لا يوافق على أن الغاية تبرر الوسيلة، بل يجب أن تكون الغاية شريفة والوسيلة كذلك، فكيف يبرر السفر وسيلة كهذه للتخلص من الهزيمة؟ ج - أبطال القصة يهود، محدودوا الأفق اللاهوتي، ولم يكونوا قد نعموا بعد، بالعمق الروحي في المسيحية في ظل بركات تجسد ابن الله، ولقد رأينا كيف أن المكابيين اضطروا إلى التعامل مع السبت بمرونة، بعد أن تعرضوا لخطر الإبادة، في حرب شنها العدو عليهم في يوم السبت، ولكن ذلك كان في منتصف القرن الثاني قبل الميلاد، أي في الوقت الذي كانوا فيه قد ارتقوا فكريًا وروحيًا من ناحية ومن ناحية أخرى فقد أقدموا على تلك التضحية في الوقت الذي كان الأمر فيه يتعلق بحياتهم، وحقيقي أن (القتل السياسي ممنوع) ولكن الدفاع عن النفس مشروع ومسموح به في مثل هذه الحالات حيث لا توجد بدائل أخرى له، ونذكر هنا تجسس أرض كنعان، وحيلة يعقوب لأخذ البكورية والبركة... إلخ. 9. قال البعض أن السفر هو مؤلف إغريقي، يمكن أن يحتل مكانًا بين مجموعة مؤلفات الكاتب الإغريقي بارثينوس Barthinius (Parthinius) لأنها تحمل نفس سمات الأسلوب الإغريقي؟ ج - لا أساس لهذا الكلام من الصحة، والمعترض لم يرى في السفر سوى قصة إغراء فقط، ولكن سمات القصة الإغريقية مُغايرة تمامًا لأسلوب السفر، من حيث ظهور الله كبطل للقصة، ثم التركيز على بر الناموس، والحديث عن الفضيلة، مما يخلو منه النمط الأدبي اليوناني، ويقول بعض العلماء أن هذا الاتهام غير صحيح، وأن أحداث السفر حقيقية ظلت محفوظة بالتقليد الشفاهي إلى أن سجلت كتابة في زمن متأخر عن وقت حدوثها. 10. يدعّى البعض أن نشيد يهوديت، في الإصحاح الأخير من السفر، هو نشيد قديم، يشبه نشيد دبورة وأن السفر قد بنى أساسًا على النشيد!؟ ج -صاحب هذا الرأي هو العالم Reuss ، وقد أثبتت الدراسات التي قامت على السفر، أن كاتب السفر هو شخص واحد، ولا مانع من وجود تشابه بين نشيد يهوديت ونشيد دبورة النبية، تمامًا مثل التشابه الموجود بين نشيد مريم أخت موسى بعد عبور البحر الأحمر ونشيد دبورة نفسها، فإن موضوع النشيد في الحالات الثلاث، هو الخلاص الآتي من الرب بالنصرة على العدو، وقد اعترض نفس الاعتراض - العالم Ander في كتابه Apocryphes ، لأن المزمور لا يذكر أن المديانيين أعداء نبوخذ نصر، بينما يذكرها السفر، ولكن المزمور نشيد خلاص، وليس ملخصًا للسفر! 11. يقول البعض أن القديس جيروم والذي قام بترجمة السفر ضمن بقية الأسفار المعروفة بالفولجاتا، اعترف بأنه لم يبذل فيه مجهودًا كبيرًا، مثل بقية الأسفار؟ ج - عندما قام جيروم بترجمة السفر إلى اللاتينية سنة 398 م.، لم يستطيع العثور على الأصل العبري، بل أن النسخة الكلدانية التي قام بترجمتها (مستعينًا بالترجمة القديمة) كانت قديمة مستهلكة ولم تكن عباراتها واضحة، فلم يحاول ترجمتها بدقة، وإنما أن ينقل معانيها فقط، وقد كتب في مقدمة السفر: (أنه ترجمة في ليلة واحدة) ولكن يجب ألا نفهم من هذه العبارة، أن السفر في نظره أقل من باقي الأسفار، وإنما يعبر عن رغبته في العثور على النسخة العبرية 1، كذلك فقد قال القديس جيروم أنه تشكك قليلًا في السفر ولكنه قبله لأن مجمع نيقية في سنة 325 م. قد أقر قانونيته، كما يشير هو ذاته في موضع آخر إلى أن السفر كان متداولًا بين أفراد الشعب ويهود الشتات اليونانيين، مستخدمًا في العبادة الجماعية، مثلما كان يحدث في عيد الحانوكا أي التجديد، حين يدخل السفر ضمن الاحتفالات في ذلك اليوم. 12. يعترض البعض بأن السفر كتب من قبل الحسيديين Hasideans (كلمة عبرية معناها التقاة)، في القرن الثاني قبل الميلاد لإثارة حمية اليهود ضد السلوقيين الذين اضطهدوهم ليتركوا عنهم التمسك بالشريعة؟ ج - الحسيديون يرفضون أن يكون للمرأة دور بارز كهذا، الذي ليهوديت، كما أنهم قوم يؤثرون الحياة في الجبال، ويرفضون حمل السلاح، بخلاف التعليم الذي يقدمه سفر يهوديت. كما أن التركيز على الاهتمام بالأعياد والطقوس سمة يهودية عامة وليست فريسية (لأن الفريسيين هم خلفاء الحسيديين). التعديل الأخير تم بواسطة Mary Naeem ; 31 - 03 - 2014 الساعة 04:24 PM |
31 - 03 - 2014, 04:27 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام - تفسير سفر يهوديت
يهوديت 1 - تفسير سفر يهوديت القسم الأول حملة نبوخذ نصر الإصحاح الأول: انتصار نبوخذ نصر على أرفكشاد ومراسلته لجميع الأمم والبلاد لجمع تأييدهم له ضد أرفكشاد ثم رفض تلك الممالك التحالف معه. الإصحاح الثاني: نبوخذ نصر يعلن الحرب على تلك الممالك فيكتسح أغلبها بجيش جرار وينزل الرعب بقلوبهم. الإصحاح الثالث: بقية البلاد ترسل إليه طالبة السلام فيفتحها ويتزود منها بالجنود والمؤن والعتاد. الإصحاح الأول انتصار نبوخذ نصر على أرفكشاد ورفض الممالك التحالف معه 1 كانَ ما كانَ في السَّنَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ مِن مُلْكِ نَبوكَدْنَصَّر الَّذي مَلَلثَ على الأَشّورِيَينَ في نينَوى المَدينةِ العَظيمة، وفي أَيَّامِ أَرْفَكْشادَ الَّذي مَلَكَ على الميدِيِّينَ في أَحْمَتا2 فبَنى حَولَها أَسْوارًا مِن حِجارةٍ مَنحوتةٍ عَرضُها ثَلاثةُ أَذرُع وطوُلها سِتَّة، وجَعَلَ آرتفاعَ السُّور سَبْعينَ ذِراعًا وعَرضَه خَمْسين،3 وشَيَّدَ على أَبْوابِها أَبْراِجًا بِمِائَةِ ذِراع، وأَرْسى أُسُسًا في عَرْضِ سِتِّينَ ذِراعًا،4 وجَعَلَ أَبْوابَها أَبْوابًا يَبلُغُ آرتفاعُها سَبْعينَ ذِراعًا وعَرْضُها أَرْبَعين، لِخُروجِ مُعظَمِ قُوَّاتِه وآستِعْراضِ مُشاتِه. المقصود هنا بنبوخذ نصر، هو أسرحدون بن سنحاريب، فقد تعهد بالانتقام من كل اليهود، بعد أن ذاق أبوه سنحاريب مرارة الهزيمة أمامهم، في الواقعة التي قتل منها مائة وخمس وثمانين ألفًا من جنوده، والانتقام من أرفكشاد المذكور، باعتباره صديق لليهود وعونهم. إن المبالغة في تجهيز الأسوار والقلاع والأبراج، هي من عادة ملوك الأشوريين والبابليين وقدماء الملوك في العهد القديم، ويبدو حجم الحجارة هنا كبير جدًا، وقد حذر الله بنى إسرائيل من استخدام الحجارة المنحوتة في أعمال البناء لاسيما المذابح، إذ يعد ذلك اشتراك مع الوثنيين الذين اعتادوا صنع التماثيل ورسم آلهتهم على حجارة مبانيهم (راجع حز 20: 25، 26، تث 27: 5، 6 يش 8: 31). و يسمى التحصين Fortification وفي اللغة العبرية (ميبار) ثم تطور المعنى ليصبح Inaccessible بمعنى(متعذر بلوغه) وفي اليونانية يأتي بمعنى (أكرا) أي قلعة Citadel، هذا وقد عثر في الحفائر الحديثة على بعض حوائط لحصون بلغ عرضها سبعة أمتار ونصف المتر، ومازال باقيًا من ارتفاعها اثني عشر مترًا، مقواة بدعامات سميكة 1وإذا كان الذراع المستخدم 2في تلك البلاد في ذلك الوقت يساوى 6، 17 من البوصة، أي حوالي 45 سم، فإن ارتفاع سور المدينة يصل إلى الثلاثين مترًا. أَبْراِجًا: قد يظن أيضًا أن الأرقام - فيما يتعلق بالأبراج - مبالغ فيها، حيث يصل ارتفاع البرج الواحد إلى مائة ذراع، أي يعادل خمسة وأربعون مترًا، ولكن هذه الأبعاد سوف تبدو مقبولة، إذا علمنا أنه قد عثر في الحفائر الحديثة التي تمت على أماكن كباني هيرودس الكبير على قاعدة لأحد أبراجه يبلغ طول الضلع فيها إلى ثمانية عشر مترًا، ومازال باقيًا من ارتفاع البرج، مسافة عشرين مترًا، بينما بلغ قطر برج آخر من الخارج خمسة وخمسين مترًا، ومن الداخل خمسة وأربعين مترًا، كما كان داخل البرج مقسمًا إلى حجرات واسعة حيث دفن هيرودس هناك. أما بالنسبة لأبراج أرفكشاد، فقد كانت مساحة قاعدة البرج تصل إلى سبعة أمتار، وقد أقيمت حول الأبواب الرئيسية للمدينة، وكانت تلك الأبواب من السعة والضخامة بحيث تصلح كأقواس النصر ومرور استعراضات الجيش والغنائم، هذا ويمكننا، نعتبر هذه الأبعاد، رقمًا قياسيًا جديدًا في التحصينات المذكورة في الكتاب المقدس، بدلًا من أن ننظر إليها بعين الشك. كان من شأن كل ذلك بما فيه من حصون وعظمة، أن يجعل أرفكشاد سعيدًا في ملكه فخورًا بعتاده، قبل أن يُذل وينزع منه أسباب فخره ويذبح على يدي نبوخذ نصر، ولكن من هو أرفكشاد هذا؟ أَرْفَكْشادَ: الاسم على هذه الصورة غير مألوف، ولكنه صيغة للاسم فرارتس Phraortes ملك مادي في القرن السابع قبل الميلاد، وقد أضيفت إلى الاسم بعض الصفات (راجع مقدمة السفر: الرد على الاعتراضات) وقد نسب إليه السفر، بناء مدينة أحمتا وتحصينها، وهي مدينة "حمدان" الحالية في إيران، وعلى الرغم من المؤرخ هيرودتس 1ينسب بناءها إلى ديوسيسDeioces الذي جعل منها عاصمة لمادي سنة 700 ق.م. في المنطقة الواقعة شرق أشور، إلا أنه وكما ذكرنا في المقدمة فإن أرفكشاد (فرارتس) هو ابن ديوسيس هذا، وقد أكمل بناء المدينة وتحصينها بعد موت أبيه، وهكذا فقد نسب بناء المدينة إلى كليهما. 5 في تِلكَ الأَيَّامِ شَنَّ نَبوكَدْنَصَّرُ المَلِكُ حَرْبًا على أَرْفَكْشادَ المَلِكِ في السَّهْلِ الكَبير وهو السَّهْلُ الَّذي في أَرضِ رَعاوى.6 فآنضَمَّ إِلَيه جَميعُ سُكَّانِ النَّاحِيَةِ الجَبَلِيَّة وجَميعُ السَّاكِنينَ على الفُراتِ ودِجلةَ ويادَسون وفي سُهولِ أَرْيوكَ مَلِكِ عَليم. فآجتَمَعَت أُمَمٌ كَثيرةٌ لِمُحاربةِ بَني كَلْعود. 7 فأَوفَدَ نَبوكَدْنصَّر، مَلِكُ أَشّور، إِلى جَميعِ سُكَّانِ بلادِ فارِس وجَميعِ سُكَّانِ النَّاحِيَةِ الغَربِيَّة وَسُكَّانِ قيِليقية ودِمَشْقَ ولُبْنان ولُبْنانَ الشَّرقِيِّ وجَميعِ سُكَّانِ السَّاحِل8 والَّذينَ مِن أُمَمِ الكَرمَلِ وجِلْعاد والجَليلِ الأَعْلى وسَهْلِ يِزرَعيلَ الواسعِ.9 وجَميعَ الَّذينَ مِنَ السَّامِرَةِ ومُدُنِها وعِبْرِ الأُردُنِّ إِلى أُورَشَليمِ وبَيت عَنوت وكِلُّود وقادِش ونَهْرِ مِصْرَ وتَحْفَنْحيس ورَمْسيس وأَرضِ جاسانَ كُلِّها، 10 إلى ما وَراءَ صوعَن ونُوف وجَميعِ سُكَّانِ مِصْرَ إِلى حُدودِ الحَبَشة. ليس معروفًا على وجه الدقة السبب الذي دفع نبوخذ نصر إلى التحرش بأرفكشاد، سوى أن تلك كانت عادة ملوك القدماء لاسيما في تلك الحقبة وفي تلك المنطقة التي سادها القلق والقلاقل، وقد أعد أرفكشاد العدة لتلك الحرب المنتظرة فجمع الجيوش من منطقتيّ مادي وبلاد ما بين النهرين والسكان بجوار نهر يادسون أريوك ملك عليم وتكتب أيضًا أريوخ، وهي كلمة مأخوذة عن اللفظة السومرية (أرى كو) ومعناها (عبد إله القمر) وهو اسم ملك ورد في (تك 14: 1 - 9) حيث كانت مملكته تقع في الإقليم الشرقي لفارس، أي المنطقة التي دارت فيها رحى المعركة، وكاتب السفر يصف الميدان ناسبًا إياه إلى أريوخ هذا نظرًا لشهرته. و قد ظهر الاسم في فترة الألف الثاني قبل الميلاد، في صور أخرى مثل (Arriwuk ) و(Ar - ri - uk - ki) كما وجد الإسم في مخطوطة ترجع إلى عام 1750 ق.م. على أنه الابن الخامس لـ(زمرى / ليم) Zimri - lim أما عليم فهي عيلام أي المايسى، وهي الأسماء التي أطلقت على هذه البقعة (راجع 1 مكا 6: 1). و أما بنى كلعود المذكورين هنا فهم الكلدانيين، الذين ذكروا في الكتاب المقدس وفي التاريخ باعتبارهم البابليين وسكان المنطقة المعروفة بـ(بابل). شَنَّ نَبوكَدْنَصَّرُ المَلِكُ حَرْبًا: راسل نبوخذ نصرالكثير من البلاد للتحالف معه ضد أرفكشاد، معزيًا إياهم بالغنائم التي سيغنمونها بنصرتهم معه على أرفكشاد، فأرسل إلى البلاد الواقعة إلى الغرب وإلى الجنوب وحتى حدود الحبشة، ومن هذه البلاد التي طلب منها المساعدة: قيِليقية: وهي مقاطعة تقع جنوب شرق آسيا الصغرى وكانت تسمى وقتها (من قويه) وقد ورد في آثار آشور بانيبال، الاسطوانة الأولى عامود 2 ما يلي: (سودا رزمى: ملك قيلقية أتى إليَّ ومعه ابنته لتكون لي زوجة وسجد لي وقبل قدميّ، وقدم لي هدايا كثيرة مع أنه لم يخضع لآبائي). ودِمَشْقَ: وهي أكبر مدن سوريا وتقع شرق البحر المتوسط وشمال أورشليم، وهي مدينة قديمة جدًا ذكرت أيام أبينا إبراهيم (تك 14: 15) وتعرضت للغزو من الأشوريين سنة 824 ق.م. ثم سنة 734 ثم تحولت إلى الكلدانيين ثم إلى الفرس. ولُبْنان: اسم سامي معناه (أبيض) و(لبان) وهو بلد سياحي جميل تنتشر فيه قمم الجبال العالية، وقد راسل نبوخذ نصر جميع الذين حوله أيضًا. الكَرمَلِ: اسم عبري معناه (مثمر) وهو عبارة عن سلسلة من الجبال يبلغ طولها خمسة عشر ميلًا، كانت أهله بالسكان في ذلك الزمان. وجِلْعاد: اسم عبري معناه (صلب وخشن) والجَليلِ: اسم عبري معناه (دائرة) سكنته أغلبية من الوثنيين، لاسيما الكنعانيين، وفي العصر الأشوري امتد الاسم ليشمل كل منطقة يزرعيل. السَّامِرَةِ: الاسم مأخوذ عن شامر وسامر ومعناه (حارس)، وكانت السامرة مدينة محصنة جدًا، ذات أبراج عالية وإلى وقت السبي كانت عاصمة للمملكة الشمالية. وعِبْرِ الأُردُنِّ إِلى أُورَشَليمِ: وتسمى أيضًا أرض يسى (النسخة اللاتينية - الفولجاتا) وهي المساحة التي شملت كل الأرض التي استولى داود عليها وترد في بعض النسخ للتعبير عن شمال مصر. وبَيت عَنوت: وهي بيت عنيا أي بيت العناء، وتقع على بعد 4 كيلومترات جنوب شرق أورشليم وهي القرية التي كان ينزل فيها المسيح ليستريح في بيت لعازر وتسمى حاليًا (ألعازرية) نسبة إلى لعازر. كلود Chellus: 1 وكِلُّود وقادِش: موقع في جنوب فلسطين وردت في الترجوم تحت اسم (هلوصة) وكانت على الطريق الجنوبي من أورشليم بين غزة وأدوم وربما تكون هي شور المذكورة في تك 7: 6، خروج 15: 22. قادش: اسم سامي معناه (مقدس) وهي البقعة التي تمركز عندها بنو إسرائيل في خروجهم من مصر، وخاصموا فيها موسى لأجل الماء، وتقع بالقرب من أدوم وعلى مسافة 80 كم جنوب بئر سبع. وتَحْفَنْحيس: مدينة تقع على الحدود الشرقية لمصر من جهة مدينة القنطرة، وكانت مدينة قوية ذكرها أرميا في (2: 16) وتسمى حاليًا (تل دفنة). ورَمْسيس وأَرضِ جاسانَ: ورعمسيس وأرض جاسان المنطقة التي سكن فيها بنو إسرائيل بالقرب من فاقوس في الشرقية حاليًا وكانت عاصمة ملك رمسيس الثاني في الدلتا. صوعَن ونُوف: صوعن هي المدينة التي أطلق رمسيس عليها اسمه فيما بعد في المنطقة السابق ذكرها، أما نوف وتكتب أيضًا (موف) هي مدينة مصرية قديمة على الضفة الغربية لنهر النيل، بناها (ينيس) أول ملوك مصر وهي الآن (ميت رهينة). هكذا راسل نبوخذ نصر جميع تلك البلاد، وهي بلاد كان لها اسمًا وتمتلك جيوشًا وعتادًا علّها تسانده ضد أرفكشاد حتى يظفر به. 11وآستَهانَ جَميعُ سُكَّانِ الأَرضِ كُلِّها بِأَوامِرِ نَبوكَدْنَصَّرَ مَلِكِ أَشُّور ولم يَنضَمُّوا إِلَيه لِلقِتال، لِأنّهم لم يَكونوا يَخافونَه، بل قاوَموه مُقاوَمةَ رَجُلٍ واحِد، ورَدُّوا الرُّسُلَ فارِغي الأَيدي خَزايا الوُجوه .12 فغضبَ نَبوكَدْنَصَّرُ غَضَبًا شديدًا على تِلكَ الأَرضِ كُلِّها وحَلَفَ بِعَرْشِه ومُلكِه ليَنْتَقِمَنَّ من جَميعِ بِلادِ قيليقية والشَّامِ وسورية وُيهلِكَنَّ أَيضًا بِسَيفِه جَميعَ السَّاكِنينَ في أَرضِ موآب وبَني عَمُّون وكُلِّ اليَهودِيَّة وجَميعَ الَّذينَ في مِصْرَ إلى حدودِ البَحْرَين. و لكن حكام وشعوب تلك البلاد، لم يستجيبوا لا لتوسله ولا لتهديده، وردوا رسله خائبين، إما لأن علاقتهم به لم تكن على ما يرام، وإنما لأنهم شعروا أنهم بذلك سوف ينطوون تحت لوائه، لتتسع إمبراطوريته من راجيس شرقًا إلى البحر المتوسط غربًا ومن بلاده وحتى حدود الحبشة جنوبًا، وهكذا رفضوا جميعهم والأرجح أن ذلك كان باتفاق سابق فيما بينهم. و قد عبروا عن رفضهم لمقترحاته بإهانتهم لرسله، وهي الطريقة المألوفة في التعبير عن الاستياء من الرسالة، والنتيجة بالتالي كانت واحدة، وهي انتقام المرسل من المناهضين له (راجع 2 صم 10: 4، 5). فإزاء هذا الرفض أقسم بعرشه وملكه أن ينتقم منهم، وكأنه ملك عرشه واستحق ملكه! لم تسعه الأرض، ولكنه ذهب فيما بعد وكرامته معه، وحفنات قليلة من التراب غطت جسده، لقد سعى في إذلال الآخرين ليصبح إلهًا للأرض، ولكن إله السماء والأرض أذله وكسر شوكة كبريائه، لقد حاول أن يصبح إلهًا ولكن الله غار على مجده. 13وصَفَّ جَيشَه لِمُحاربةِ أَرفَكْشادَ المَلِكِ في السَّنةِ السَّابِعةَ عَشرَةَ، فغَلَبَه في القِتال ودَحَرَ جَيشَ أَرْفَكْشادَ كُلُّه وجَميعَ فُرْسانِه وجَميعَ مَركَباتِه، 14وأَخضَعَ مُدُنَه وزحَفَ على أَحْمَتا فآستَولى على أَبْراجِها ونَهَبَ ساحاتِها وحَوَّلَ زينَتَها إلى عار، 15وقَبَضَ على أَرْفَكْشادَ في جِبالِ رَعاوى وطَعَنَه بِرِماحِه وأَبادَه لِلأبَد 16ثُمَّ عادَ مع جَيشِه الخَليطِ الغَفيرِ جِدًّا مِنَ المُحارِبينَ الَّذينَ آنضَمُّوا إلَيه، وأَقامَ هُناكَ مِائةً وعِشْربنَ يَومًا لا يُبالي بِشَيء وَيتَنَعَّمُ بِالمَآكِلِ هو وجَيشُه استمرت التهديدات بين نبوخذ نصر وأرفكشاد مدة خمس سنوات (قارن 1: 1 مع 1: 13) وهي المدة التي تمت فيها الاتصالات بين نبوخذ نصر والبلاد السابق ذكرها لتعضيده والتحالف معه.. ولكنه قرر أخيرًا مواجهة أوفكشاد بجيشه وحده. و قد التحم الجيشان في منطقة رعاوى وهي راجيس (راجع عدد 5، 6) والتي تقع شرق ميديا وجنوب بحر قزوين Caspian sea بالقرب من طهران الحالية، وقد انضم إلى أرفكشاد جيوش من الهضبة الإيرانية الساكنين في سهل وادي النهر، وأخرى من منطقة نهرى دجلة والفرات، ونهر يادوسون Hydaspes وهو الاسم اليوناني لبحى جيلوم Gelum (في غرب باكستان الحالية، وربما هو نهر كوسبس Choaspes أي الكرخ، وهو أشهر نهر في عيلام (شرق بابل). |
||||
31 - 03 - 2014, 04:28 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام - تفسير سفر يهوديت
يهوديت 2 - تفسير سفر يهوديت نبوخذ نصر يعلن الحرب على البلاد التي رفضت التحالف معه، فيكتسحها بجيش جرار وينزل الرعب بسكانها1 وفي السَّنةِ الثَّامِنةَ عَشْرَةَ واليَومِ الثَّاني والعِشْرينَ مِنَ الشَّهرِ الأَوَّل دارَ الكَلامُ في بَيتِ نَبوكَدْنَصَّرَ مَلِكِ أَشّورَ على الِآنتِقامٍ مِنَ الأَرضِ كُلِّها، كما كانَ قد قال.2 فآستدْعى جَميعَ ضُبَّاطِه وجَميعَ عُظَمائِه وعَقَدَ مَعَهُم مَشورةً سِرَيَّة وعَزَمَ بلِسانِه على الشَّرِّ التَّامِّ في الأَرض،3 فحَكَمَوا بِإِهلاكِ جَميعِ الَّذينَ لم يُطيعوا أَوامِرَ فَمِه. إجتمع نبوخذ نصر مع ضباطه ومشيريه، فيما يشبه غرفة العمليات ومجلس حرب، والشهر هنا هو شهر نيسان (أبريل)، باعتباره الشهر الأول في السنة البابلية، وأما اليوم فقد كان عقب الأجازة الأسبوعية في تلك البلاد، حيث تتوقف جميع الأعمال أيام 7، 14، 21، 28، بغض النظر عن اسم اليوم (سبت وأحد..) وعَزَمَ بلِسانِه على الشَّرِّ: وتأتى في الفولجاتا تمت الكلمة وهو ما يوازى في لغتنا: صدر القرار، وقد قرر نبوخذ نصر الانتقام من تلك البلاد الواقعة إلى الغرب والجنوب منه، وعلى الرغم من أن بعض الملوك والفاتحين كانت لهم أغراضًا شخصية في فتوحاتهم، ولعب تشامخ القلب دورًا كبيرًا في أعمال القتل والسلب والنهب إلا أن البعض الآخر كانت له أهدافًا سامية، مثل الإسكندر الأكبر الذي يردى عنه التاريخ أنه أراد بفتوحاته هناك لغة واحدة ومعتقد واحد وثقافة واحدة.. إلخ كما يروى عنه أنه تعامل مع الخاضعين من رعاياه بالرحمة والنبل (و إن كانت له أيضًا بعض الأخطاء الفادحة)، ولكن نبوخذ نصر أراد أن يصبح إلهًا لكل الأرض (سيد الأرض كلها 2: 5) وهو اللقب الرسمي لملوك آشور وبابل وفارس، ولكن الله أذل كبريائه وأهبط تشامخه قلبه. 4 وكانَ أنَّ نَبوكَدْنَصَّرَ، مَلِكَ أَشئُور، لَمَّا آتمَّ مَشورَتَه، اِستَدْعى أَليفانا، قائِدَ جَيشِه وثانِيَ رَجُل بَعدَه، وقالَ لَه: 5((هذا ما يَقولُه المَلِكُ العَظيم، سَيِّدُ الأَرضِ كُلِّها: اِذهَبْ مِن عِنْدي وخذْ مَعَكَ رِجالًا واثِقينَ مِن قُوَّتِهِم، نَحوَ مِائةٍ وعِشْربنَ أَلْفًا مِنَ المُشاةِ وعَدَدًا كَبيرًا مِنَ الأَفْراس معَ آثنَي عَشَرَ أَلفًا مِنَ الفُرْسان،6 وآخرُجْ على الأَرضِ كُلِّها غَرْبًا، لِأَنَّهم لم يُطيعوا أَوامِرَ فمي،7 وأَخبِرْهم بِأَن يُعِدُّوا الأَرضَ والماء، فإني سأَخرُجُ علَيهِم في غَضَبي وسأُغَطِّي كُلًّ وَجْهِ الأَرضِ بِأَقْدامِ جَيْشي وأُسلِمُهم إِلَيه لِلنَّهْب.8 وجَرحاهم تَملأُ الأَودِيَة، وكُلُّ سَيلٍ ونَهْرٍ يَمتَلِئُ فيَفيضُ بِجُثَثِهِم.9 وأَسوقُ أَسْراهم إِلى أَقاصي الأَرضِ كُلِّها. 10 أَمَّا أَنتَ فآمضِ واحتَلَّ لي كُلَّ أَرضِهِم، فيُسلِمونَ أَنفُسَهم إِلَيك فَتحفَظُهم لي إِلى يَومِ آتِّهامِهم. 11 أَمَّا العُصاة، فلا تُشْفِقْ علَيهم، بل أَسلِمْهُم إِلى القَتْلِ والنَّهْبِ في كُلِّ أرضِكَ. 12 بِحَياتي وبِعِزَّةِ مُلْكي، لقد تَكلَمتُ وسأَفعَلُ ذلك بِيَدي. 13 وأَنتَ فَلا تُخالِفْ أيَّ أَمْرٍ مِن أَوامِرِ سَيِّدِكَ، بل نَفِّذْها تَنْفيذًا كما أَوصَيتُكَ بِه، ولا تُرجِىءِ القِيامَ به. الآن راقت له الفكرة وأيد قادة الجيش، ووجدت خطته قبولًا واستحسانًا ووجّه الأمر إلى أليفانا لكي يحول الأمر السياسي إلى عمليات عسكرية. أَليفانا Holofrence إسم فارسى معناه (الله أظهر) و(الله ظهر) وقد ورد الأسم في التاريخ لقائد جيوش أرتحتشتا الثالث في القرن الرابع قبل الميلاد ولكن ذلك لا يمنع أن يكون الأسم مستخدمًا قبل ذلك التاريخ وبين شعوب مختلفة، وقد ظهر أليفانا في السفر، كشخص متعجرف شهواني لا موضع للشفقة في قلبه أخبرهم أن يعدوا الأرض والماء: Prepare Earth and Water تعتبر فارسى مشهور، يستخدم للدلالة على الاستسلام، وقد ورد هذا الأصطلاح كثيرًا في كتابات هيرودتس المؤرخ، ويعنى التعبير سيادة الفاتح على الأراضى والماء وبسط سلطانه عليها، وربما كان ذلك هو المقصود في مز 110: 6، 7 (ملأ جثثًا أرضًا واسعة سحق رؤوسها، من النهر يشرب في الطريق، لذلك يرفع الرأس). إن لهجة نبوخذ نصر فيها كثير من التعالى والكبرياء، ولعل كاتب السفر يصفها هنا بدقة لكي يقارن فيما بعد ما بين تعاليمه وشموخه من جهة وبين كسرته ودمار جيشه من جهة أخرى لاسيما أن ذلك يتم بيد أرملة مسكينة أيدتها يد الله، فإن تعبير بحياتي وبعزة ملكي هو تأليه.. وتألّه، إن نبوخذ نصر هنا يأخذ مما لله من صفات ليضيفها على شخصه، إن يهوه فقط هو الذي له السلطان (بما أن الرب حيّ As the lord lives ) راجع عدد 14: 21، 28)، وقد غار الله على مجده. 14 وخَرَجَ أَليفانا من أَمام سَيِّدِه ودَعا جَميعَ الرُّؤَساءِ والقُوَّادِ والضُّبَّاطِ في جَيشِ أَشّور 15 وأَحْصىِ نُخبَةَ الرِّجالِ لِلقِتال، كما أَمَرَه سَيِّدُه، نحوَ مِائَةٍ وعِشْرينَ أَلْفَ رَجُلٍ وآثنَي عَشَرَ أَلفَ فارِسٍ نَبَّال، 16 وصَفَّهم كَما يُصَفُّ الجُنودُ لِلقِتال. 17وأَخَذَ عَدَدًا كَبيرًا جِدًّا مِنَ الجِمالِ والحَميرِ والبِغالِ لِحَمْلِ أَمتِعَتِهم وعَدَدًا لا يُحْصى مِنَ الخِرافِ والبَقَرِ والمَعَزِ لِإِعاشَتِهم 18 وأُعْطِيَ كُلُّ رَجُلٍ مَؤُونةً كثيرةً وقَدْرًا وافِرًا جِدًّا مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ مِن بَيتِ المَلِك. 19 ثُمَّ خَرَجَ هو وكُلُّ جَيشِه في حَملَةٍ لِيَسبِقوا نَبوكَدْنَصَّرَ المَلِك ويُغَطّوا كُلَّ وَجهِ الأَرضِ إِلى الغَرْبِ بِمَركَباتِهم وفُرْسانِهم ونُخْبَةِ مُشاتِهم. 20 ورافَقَهم خَليطٌ منَ النَّاسِ كثيرٌ كالجَرادِ وكَرَمْلِ الأَرض، لا يُحْصى عَدَدُهم لِكَثرَتِهم قد يبدو أن هذا العدد من الجنود والفرسان، هو مبالغ فيه، مما حدا ببعض الشراح أن يضعوا احتمال أن تكون لفظة ألف قد أستخدمت في مثل هذه الحالات لتعنى فرقة حربية عدد أقل، ومن ثم فقد وضعوا في هذا الأطار من الاحتمالات، العدد الهائل الذي هلك من جيش سنحاريب أبو أسرحدون والذي وصل إلى مائة وخمس وثمانون ألفًا. 1 و قد أحتاج هذا العدد الهائل إلى قطعان كبيرة من الجمال والحمير والبغال لنقل الأمتعة والذخائر، وقطعانًا أخرى من الخراف والبقر والماعز، نظير طعامهم في سفرتهم الطويلة، وقد أعطى أليفانا لجنوده وضباطه رواتبًا عالية، فقد كان من الضروري الإهتمام بإعاشة الجنود والتوجيه المعنوى لهم حتى يمكنهم مواصلة فتوحاتهم والعمل في ساحة القتال بروح حربية جيدة، حيث واجه الكثير من الفاتحين نكبات كبيرة بسبب تزمر الجنود عند جوعهم وتأخر رواتبهم. و كان مثل ذلك العدد الهائل، يحتاج إلى حوالي أربعة آلاف كبش في اليوم الواحد كطعام، إضافة إلى حوالي أربعين طنًا من القمح، كما يحتاج إلى حوالي ألف ومائتين متر مكعب من الماء للشرب فقط، وقد تقرر الحصول على القمح من حقول دمشق لما اشتهرت به سوريا في ذلك الوقت من انتاج القمح والشعير (راجع النص اللاتيني 2: 7 - 11). ويُغَطّوا كُلَّ وَجهِ الأَرضِ.. كالجَرادِ وكَرَمْلِ الأَرض: وتشبه الجيوش الجرارة بالجراد نظرًا لهجوم أسراب هائلة من الجراد على الحقول والمدن محدثة دمارًا هائلًا في الزروع وكانت ومازالت بعض أسراب الجراد تغطى مساحة عدة كيلومترات في بعض هجماتها في تشكيل مرعب يكاد يحجب نور الشمس، وتسبب رعبًا كبيرًا للبلاد التي تهاجمها، وقد أستعير هذا التشبيه في الأدب الكتابي للإشارة إلى الحملات الكبيرة كهذه الحملة(راجع أيضًا قض 7: 12، أر 46: 23) كما استخدمت تشبيهات أخرى في الكتاب المقدس من هذا القبيل أيضًا مثل الزنابير (خر 23: 27، 28) والذباب والنمل كرمز للقوات الحربية لمصر وآشور (أش 7: 18). و بالإضافة إلى رغبة كاتب السفر إلى جعل هزيمة الأشوريين. فيما بعد - كبيرة وخسارتهم فادحة، فهو يشير أيضًا من طرف خفي إلى عدم التكافؤ بين إمكانيات العدو وإمكانيات اليهود، وكيف أن قوة الله عندما تضاف إلى قوة الإنسان فهي تقدر أن تهزم أشر الجيوش وأعتى الأعداء. 21وخَرَجوا مِن نِينَوى وساروا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مُتَّجِهينَ إِلى سَهْلِ بَكْتيلة. وغادَروا بَكْتيلة وعَسكَروا بِالقُرْبِ مِنَ الجَبَلِ الَّذي إِلى شَمالِ قيليقيَةَ العُلْيا. 22 وأَخَذَ كُلَّ جَيشِه، مِن مُشاةٍ وفُرْسانٍ ومَركَبات، ومَضى مِن هُناكَ إِلى النَّاحِيةِ الجَبَلِيَّة. 23 كسَرَ فودَ ولُود ونَهَبَ جَميعَ بَني رَشيشَ وبَني إِسماعيلَ الَّذينَ حِيالَ البَرِّيَّة وجِهَةَ جَنوبِ كِلُّون. 24 ثُمَّ سارَ بِجانِبِ الفُرات وآجتازَ ما بَينَ النَّهرَينِ ودَمَّرَ جَميعَ المُدُنِ المُحَصَّنةِ الَّتي على سَيلِ عَبْرونة ووَصَلَ إِلى البَحر. 25 وآحتَلَّ بِلادَ قيليقِية وسَحَقَ جَميعَ الَّذينَ يُقاوِمونَه وجاءَ إِلى حُدودِ يافَثَ الَّتي إِلى الجَنوبِ حِيالَ دِيارِ العَرَب، 26 وطَوَّقَ جَميعَ بَني مِدْيَن وأَحرَقَ مُخَيَّماتِهِم ونَهَبَ حَظائِرَهم، 27 ونَزَلَ بعدَ ذلك إِلى سُهولِ دِمَشقَ قي أَيَّامِ حِصادِ الحِنطَة فأَحرَقَ جَميعَ حُقولهِم وأَسلَمَ قُطْعانَ الخِرافِ والبَقَرِ إِلى الإِبادة، ونَهَبَ مُدُنَهم وأَتلَفَ سُهولَهم وضَرَبَ جَميعَ شُبَّانِهم بحَدِّ السَّيف. 28 فوقَعَ الخَوفُ والرِّعدَةُ على سُكَّانِ الشَّاطِئِ الَّذينَ في صَيدا وصور، وسُكَّانِ صورَ وعُكِّينا وجَميعِ سُكَّانِ يِمْناعِ، وخافَه السَّاكِنونَ في أَشدودَ وأَشْقَلونَ خَوفًا شديدًا. يلاحظ هنا أن قائمة المدن والبلاد، تختلف قليلًا عن قائمة البلاد التي ذكر أنها رفضت التحالف مع نبوخذ نصر، ولكن يجب الانتباه أيضًا إلى أن القائمة في الحالتين تمثل مسح شامل لكل المنطقة غربًا وجنوبًا، مع استبدال بعض الأسماء بأخرى مرة بحسب شهرتها وأخرى حسب مساحتها، كما أن أليفانا لم يدمر كل البلاد، حيث أرسلت له بعضها تطلب الأمان بعد بطشه ببلاد أخرى (راجع 3: 1 - 3) بَكْتيلة:Bectileth وهي كلمة أرامية تعني (بيت القتل) وهو موقع في شمال قيليقية وبالقرب منه، وتبلغ المسافة بينه وبين نينوى 300 ميل مما جعل بعض المؤرخين والجغرافيين يظنون أن هذا السهل يقع في شمال أنطاكية، إذ يرون أنها مسافة كبيرة ليقطعها جيش جرار في ثلاثة أيام. قيليقيَةَ العُلْيا: مقاطعة تقع شمال البحر المتوسط وجنوب جبل طوروس، والمقصود هنا هو القسم الجبلى وهو الغربي، إذ تنقسم قيليقية إلى قسمين، الآخر شرقى ويدعى سهل قيليقية، وكان يسكن قيليقية أغلبية يهودية. كسَرَ فودَ ولُود: phud، lud شعب من نسل سام، ويقع الموقعين في غربى آسيا الصغرى (راجع تك 10: 13، أر 46: 9) وربما يكون الموقع هو المذكور (في اللاتينية) تحت اسم ملوطة. رَشيشَ: وترشيش، الأسم فينيقى معناه معمل التكرار، وربما يكون منسوبًا إلى قبيلة (تيراس) التي سكنت قديمًا نواحي كيليكية وجبال طوروس، وهي مدينة على البحر المتوسط جنوب أسبانيا بقرب جبل طارق، وهي أشهر البلاد التي عملت في التجارة البحرية، ولعل أليفانا قد استولى على سفنها ومواردها التجارية. وبَني إِسماعيلَ:إسماعيل (عبري = الله يسمع) قبائل متفرقة في شبهالجزيرة العربية وسوريا وقرب ترشيش في الشمال، ويحتمل أن يكون قد حصل أليفانا منها على مزيد من قطعان الماشية بعد أن أحرق خيامها (مساكنها). كِلُّون:chelleaus، مدينة غرب الأردن تطل على أحد الطرق الرئيسية بين مصر وأورشليم، بينما يرجح آخرون أن يكون موقعها في شبه الجزيرة العربية. شمال مسكني الإسماعليين، ولكن المؤكد أنه موضع بالقرب من ترشيشن أيضًا في الشمال.. إذ لايزال أليفانا وجيشه حتى ذلك الوقت يعيث فسادًا في بلاد ما بين النهرين وحولها.. ولم يصل بعد إلى شبه الجزيرة العربية. سَيلِ عَبْرونة: Arbonai نهر يقع بين الفرات والبحر المتوسط، وإلى هناك وصل أليفانا في طريقه إلى البحر المتوسط، وقد دمر جميع المدن الواقعة على ساحل هذا النهر. يلادَ قيليقِية وسَحَقَ جَميعَ الَّذينَ يُقاوِمونَه وجاءَ إِلى حُدودِ يافَثَ الَّتي إِلى الجَنوبِ حِيالَ دِيارِ العَرَب: يافث اسم سامى معناه (يفتح) وتقع تخوم يافث في جنوب بحر قزوين والبحر الأسود وحتى البحر المتوسط، وأما ديار العرب، فهي مساكن الإسماعليين على النحو الذي أوردناه. بَني مِدْيَن: هم سكان بلاد مديان (مديان اسم سامى معناه محكمة) وكانت تخومهم من خليج العقبة إلى موآب وحتى سيناء في شمال مصر، وقد اختلط شعبهم وأرضهم بشعب وأرض الإسماعيليين، وتوجد حاليًا منطقة تقع شرق خليج العقبة، وهم شعب بسبب تجارته الواسعة، وقد قاموا أليفانا كثيرًا مما حدا به إلى احراق ضياقهم وحظائرهم وسلب مواشيهم. و قد كتب آشور بانيبال في آشور بانيبال في آثاره (إسطوانة 1 عامود 6): في حملتى التاسعة سيرة جنودى على فيتح (فاتح) ملك العرب لأنه كف عن آداء الجزية، وسير جيشًا مع بقية أعداءنا لإنجاد سما سوموقين أخى الثائر عليَّ وسار معه رجال بلاد العرب، فيأمر آشور أدخلة جيوش إلى بلاد عزران وحيره تكازا (في بلاد الغرب) وإلى آدوم وجوار بيرور وبين عمون وحوران وموآب والصحارى وصوبة وكتب في العامود 7: قتلة عددًا لا حصر له من محاربيه وأكملت كسر الجنود وأهلكت رجال العرب فإنهزم إلى خيام البنطيين فأحرقتها، وكتب في عامود 8: فأكمل جنودى قهر رجال العرب وأبادوا كل من ناحرهم بحد السيف وأحرقوا خيالهم ومنازلهم وأخذوا من البقر والغنم والجمال والحمير والرجال ودمروا كل بلادهم. و في وصفه لتلك الحملة، يقول أن جيشه عانى أعظم المشاق في أرض العطش والموت حتى بلغوا بلاد ماس البعيدة على مسافة 100 كسبو كطارو عن نينوى وهي جوار دمشق، ويقول ربواسون العالم، أن بلاد ماس هي بلاد باساق، حيث تمتد هذه البلاد إلى جبل حرمون وهو جبل الشيخ القريب من دمشق وأنها كانت من مساكن النبطيين خلفاء ملك العرب ومن أن كسبو كطارو يراد به مقياس الأرض وأن كل كسبو عبارة عن 6 كم فيكون مجموع الـ100 كسبو ستمائة كيلو متر، والمسافة من نينوى في الطريق الذي سار فيه الآشوريون وبين أطراف بلاد باسان، إنما هو نحو 660 كم وهو قريب مما ذكر في الأثر، كما ذكر ربواسون عن هذا الأثر أن جيش الآشوريين حل في كوراستى وكيدارى وكوراستى هي كرسا وجرسا القديمة على ضفة بحيرة طبرية حيث سميت بسببها تلك البحيرة (بحيرة جنيسارت) وأما كيرارى فهي كرارا وكدارا وهي الآن أم قيس وتبعد عن طرف بحيرة طبرية من جهة الجنوب، ثم جيوش آشور بانيبال في جانب بحيرة طبرية عند مهاجمتهم وتضييقهم على بنى إسرائيل طبقًا لما جاء في سفر يهوديت. و وصل إلى دمشق وجعل منها على ما استطاعته من الحنطة وأحرق بقية الحقول (ربما حقول البلاد التي قاومته) ويتضح من النص هنا أن سوريا هي أكثر البلاد التي نالها الدمار والقتل، ربما بسبب مقاومتها الشديدة له، ولكونها أقوى تلك المناطق وقتها.. وربما لأن أليفانا كان قد حصل على ما أراد من مؤن وإنتشى بكثرة انتصاراته هذا ويرد في الاسطوانة الأولى من آثار أشور بانيبال، عامو 5، البلاد التي خضعت لسلطانه (رجال أكد والكلدان والأراميون والسوريون) كما يذكر القتل والنهب والحرق. ثم اتجه إلى صور وصيدا في جنوب لبنان، ثم عكينا Acina وتقع جنوب صور، على المدن الفينيقية الفلسطينية ويعتبرها البعض عكا. ثم يِمْناعِ،emnaan وتسمى (يبنة) وتقع على مسافة 7 كم من البحر المتوسط، و15 كم شمال شرق أشور. هكذا تحرك أليفانا في جميع الاتجاهات ولم يتخذ خط سير واحد، مثل من يقصد هدفًا (بلدًا) بذاته.. هذا وقد استغرقت الرحلة حوالي خمسة عشر شهرًا وليش ثلاثة أشهر كما يظن بعض المؤرخين، معتبرين الأمر حملة خاطفة!، فقد صدر الأمر بالتحرك في شهر إبريل (كما مر) في حين وصلت الحملة إلى حقول دمشق في موعد حصاد القمح وهو عادة شهر مايو، ومن المنطقي أنه كان شهر مايو من السنة التالية، إضافة إلى شهر واثنين حمل فيها على بقية البلاد الواقعة جنوب سوريا. و قد كانت معظم البلاد التي فتحها أليفانا من غالبية وثنية باستثناء بعض البلاد التي سكنها أغلبية يهودية.. وقد وصلت إلى مسامع بقية البلاد في الجنوب أخبار تلك الحملة المخيفة مما سبب لها اضطرابًا شديدًا ورعبًا كبيرًا، لاسيما سكان أشور وأشتالون، وهما ضمن المدن الفلسطيمية حيث توقف جيش نبوخذ نصر بالقرب منها. |
||||
31 - 03 - 2014, 04:30 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام - تفسير سفر يهوديت
يهوديت 3 - تفسير سفر يهوديت بقية البلاد ترسل إلى أليفانا تطلب الأمان، فيدخلها ويتزود منها بالجنود والمؤن والعتاد1 وأَرسَلوا إِلَيه رُسُلًا يَحمِلونَ كلامَ سَلامٍ2 وَيقولون: ((ها إِنَّنا عَبيدُ نَبوكَدْنَصَّرَ المَلِكً العَظيمِ بَينَ يَدَيكَ. فآعمَلْ بِنا كَما يَحسُنُ لَدَيكَ،3 وها إِنَّ حَظائِرَنا وكُلَّ أَرضِنا وجَميعَ حُقولِ قَمحِنا وقُطْعانَ خِرافِنا وبَقَرِنا ومَرابِضَ مُخَيَّماتِنا بَينَ يَدَيكَ، فآعمَلْ بِها كَما يَطيبُ لَكَ.4 وها إِنَّ مُدُنَنا أَيضًا والسَّاكِنينَ فيها عَبيدٌ لَكَ، فتَعالَ وآدخُلْها كَما يَروقُ في عَينَيكَ)).5 ووَصَلَ الرِّجالُ إِلى أَليفانا وبَلَّغوهُ بِحَسَبِ هذا الكَلام يصور لنا السفر هنا، في عرض شيق بخبره يهودي وطنى، كيف إرتجت الأمم والممالك خوفًا من الدمار والخراب المتعجل في طريقه إليها، فقد وصلت أنباء الحملة الكاسحة إليهم، فأرسلوا يسترضون وجه العدو! لقد أرسلوا يصطلحوا مع قوى الشر في العالم، ولكن أولاد الله لهم ثقة به، إنه قادر على تخليصهم من العدو مهما بلغت سطوته وجبروته، ومادام الذين أرسلوا إلى نبوخذ نصر يطلبون الآن منه هم عبدة البعل والتنين وعشتاروت، فليخضعوا الآن لإنسان قد ألّه نفسه (نبوكد نصر تثيوس) أي نبوخذ نصر المؤله، إنهم بذلك يقبلونه إلهًا لهم.!! و الكاتب هنا يصور لنا عمق مذلة تلك الأمم، والمهانة الكبرى الواضحة من طريقة عرض الاستسلام والخضوع، حيث يضعون أولادهم وممتلكاتهم تحت تصرفه. . 6 ثُمَّ نَزَلَ هو وجَيشُه إِلى الشَّاطِئ وأَقامَ حَرَسًا في المُدُنِ المُحَصَّنة وجَنَّدَ نُخبَةً مِنَ الرِّجالِ يساعِدونَه.7 فآستَقبَلَه هؤُلاءِ وكُلُّ النَّاحِيَةِ المُجاوِرَة لَهُم بِالأَكَاليلِ وأَجْواقِ الرَّقْصِ والدُّفوف.8 فدَمَّرَ جَميعَ مَعابِدِهم وقَطَّعَ غاباتِهِمِ المُقَدَّسة، فقَد عُهِدَ إلَيهِ بأَن يُبيدَ جَميعَ آِلهَةِ الأَرض لِكَي تَعبُدَ الأُمَمُ جَميعًا نَبوكَدْنَصَّرَ وَحدَه وتَدعُوَه إِلهًا جَميعُ أَلسِنَتِهم وأَجْناسِهِم. 9 ووَصَلَ أَمامَ يِزْرَعيل بِالقُرْبِ مِن دُوتائينَ الَّتي قَبلَ سِلسِلَةِ جِبالِ اليَهودِيَّةِ الكَبيرة 10 وعَسكَروا ما بَينَ جَبْعَ وبَيتَ شان، وأَقامَ هُناكَ طَوالَ شَهر لِيَجمَعَ أَمتِعةَ جَيشِه كُلِّها. إزداد بذلك تشامخ قلب أليفانا، فانطلق بجيوشه في سعادة غامرة، فلن يتكلف في بقية الحملة قتيلًا وجريحًا واحدًا من جنوده، فقد تحققت آمال سيده وإنصهرت الأمم بين يديه بلا قيد وشرط، فمسح تلك المنطقة وتزود بكل ما يحتاجه من الرجال والعتاد والمؤن. و قد حرص أليفانا على تدمير معابد تلك البلاد وقطع الغابات المقدسة وربما يقصد بالغابات المقدسة المساحات الخضراء التي يقام فيها بعض العبادات مثل العبادات التي كانت بين الوثنيين تحت الشجر وبجواره، وقد كان قاسيًا في ذلك حيث أن الكثير من الفاتحين حرصوا على استرضاء آلهة البلاد التي يفتتحونها، وقيل عن الإسكندر الأكبر أنه كان يذهب من فوره عقب إفتتاحه لبلد من البلاد، إلى معبد تلك البلد لكي يقدم شكر لذلك الإله لأنه سمح له بدخول بلاده.!! عند هذا الحد كان أليفانا قد وصل إلى سهل يزرعيل (عبري = الله يزرع) ويوجد أكثر من موضع سمى بهذا الأسم، ولكن يرزعيل المقصود هنا، هو سهل كبير على شكل مثلث يقع بين البحر المتوسط والأردن، ومن الكرمل وجبال السارة إلى جبال الجليل، ومن حيفا الحالية إلى بيت شأن (بيعان) وقد سمى يوسيفوس هذا السهل بالسهل الكبير كما ورد في بعض المواضع سهل مجدو ويوجد بهذا السهل أودية كثيرة، كما أن أغلب الطرق الهامة متصلة به، لاسيما الطرق الرئيسية بين فينيقية ومصر، حيث كان الغزاة يتسللون عبره إلى أورشليم ومصر جنوبًا، ويعتبر وادى يزرعيل مفتاح أورشليم ومدخلها حيث يشمل: 1.الوادى الواقع بين سهل شارون وجبل الكرمل من الجنوب الشرقي. 2.طريق السامرة المار بمجدو. 3.سهل دوثان العريض. و السهل الأخير معناه (آبار) ويسمى هنا دوثائين، وهو قرية تقع بالقرب من السامرة وشكيم بجوار البئر الذي وهبه يعقوب ليوسف. و هكذا فقد كانت هذه الإصحاحات الثلاثة عبارة عن تمهيد للمجابهة بين اليهود والأشوريين، والكاتب يعرض فيها بشيء من الإسهاب: 1)قوة جيش الأعداء بمراكبهم وفرسانهم وجنودهم التي خرجت من بلادهم مضاف إليها ما إنضم من البلاد التي سقطت في قبضتهم. 2)رعب تلك البلاد وسقوطها الواحدة تلو الأخرى ودمارها وقتلاها واستسلام البلاد الأخرى. 3)سقوط معابد وآلهة تلك الأمم ببساطة تحت أقدام خيول أليفانا وسمو نبوخذ نصر كإله وسيد للأرض! كل ذلك ذكر عن قصد، كأرضية للنصر الهائل لليهود على أعدائهم وهم الأقوياء، ولكي يظهر (الله) إلهًا للآلهة، ولإسرائيل إله وطنى قومى. |
||||
31 - 03 - 2014, 04:31 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام - تفسير سفر يهوديت
يهوديت 4 - تفسير سفر يهوديت القسم الثاني الحملة على اليهود الإصحاح الرابع: أنباء الحملة تصل إلى اليهود. الإصحاح الخامس: أحيور العمونى يشهد لإله إسرائيل. الإصحاح السادس: طرد أحيور وتوعد أليفانا بالانتقام منه. الإصحاح السابع: حصار بيت فلوى. الإصحاح الرابع بنو إسرائيل تصلهم أنباء الحملة ويعلمون بأن المواجهة حتمية فيتجهون إلى الله بالإبتهال ويستعدون للحرب 1وسَمِعَ بَنو إِسْرائيلَ المُقيمونَ في اليَهودِيَّةِ بِكُلِّ ما صَنَعَه أَليفانا، رَئيسُ قُوَّادِ نَبوكَدْنَصَّر مَلِكِ أَشُّور، بالأُمَمِ وبِالطَّريقةِ الَّتي نَهَبَ بِها جَميعَ مَعابِدِها وأَسلَمَها إِلى الإفْناء،2 فخافوا خَوْفًا شَديدًا جدًّا مِن وَجِهه وآضطَرَبوا لِأَمرِ أُورَشَليم وهَيكَلِ الرَّبِّ إِلهِهِم.3 ذلك بِأَنَّهم صَعِدوا مِن جَلائِهم مُنذ عَهْدٍ قَريب، وآجتَمَعَ مُنذُ قَليل شَعبُ اليَهودِيَّةِ كلُّه وطُهِّرَتِ الأَدواتُ والمَذبَحُ وَالبَيتُ بَعدَ تَدْنيسِها. وصلت أنباء الحملة إلى سكان أورشليم وبقية اليهودية فخافوا هم أيضًا حيث تلعب الطبيعة البشرية دورًا كبيرًا في مثل تلك الظروف، ولأول وهلة عند ظهور الخطر فإن الإنسان يفكر في إمكانياته هو وقد ينتابه الذعر، ناسيًا عجائب الله السابقة معه، والمواقف التي انتصر الله له فيها، ويعود الصوت الحنون ليداعبه " يا قليل الإيمان لماذا شككت " مت (14: 31) " لا تخف" (تك 15: 1، 26: 24، أش 41: 10، 13: 50، لو 12: 32). فقد خشى اليهود أن يصنع بهمأليفانا كما صنع ببقية الشعوب، ليس ذلك فقط وإنما لئلا يدمر الهيكل كما دمر معابد وهياكل بقية الشعوب، والسبى المشار إليه هنا هو بلا شك سبى منسىّ. و هو منسىّ به حَزقيا وخليفته في مملكة يهوذا، ملك سنة 693 ق.م. وهو ما يزال حديث السن (12 سنة) وقد أضل الشعب وعبد الوثنيين (2 مل 21: 2 - 9) حاول التحالف مع بابل ضد أشور، أسره الأشوريين، ولكنهم عادوا فأطلقوه فعاد إلى ملكه ومات هناك سنة 639 ق.م. و قد جرت أحداث السفر خلال تلك المرة التي فيها منسى بعيدًا عن اليهودية، ومن الدلائل التاريخية على ذلك أن منسى دفع الجزية لكل من أسر حدون وأشور بانيبال (راجع الرد على الاعتراضات في المقدمة) وفي مثل تلك الحالات كان رئيس الكهنة مسئلًا عن الشئون الإدارية أيضًا، والمرجع لأمراء البلاد عند الضرورة. 4 فأرسَلوا رُسُلًا إِلى جَميعِ أَراضي السَّامِرة وكونا وبَيتَ حُورون وبَلْمائين وأَريحا وكُوبا وعَزورا ووادي شَليم.5 وآحتَلُّوا جَميعَ رُؤُوسِ الجِبالِ العالية وسَوَّروا القُرى الَّتى فيها وتَزَوَّدوا استِعْدادًا لِلقِتال، لِأَنَّ حُقولَهم حُصِدَت مُنذُ عَهْدٍ قَريب.6 وكانَ يُواكيمُ عَظيمَ الكَهَنَةِ في أُورَشليم! في تِلكَ الأَيَّام، فكَتَبَ إِلى سُكَّانِ بَيتَ فَلْوى وبَيتَ مُسْتَئيمَ اللّتَين حيالَ يزْرَعيل وقُبالةَ. السَّهلِ القَريبِ مِن دوتائين،7 طَالِبًا إِلَيهم أَن يَضبِطوا مَسالِكَ الجَبل، لِأَنَّ بِها يَتِمُّ الوُصولُ إِلى اليَهودِيَّة ولِأَنَّه مِنَ السهْلِ صدُّ المُتَقَدِّمين، إِذ إِنَّ ضيقَ المَمَرِّ يَفرِضُ التَّقَدُّمَ آثنَينِ آثنَين فقط.8 ففَعَلَ بنو إِسْرائيلَ كَما رَسَمَ لَهم يُواكيمُ، عَظيمُ الكَهَنَة، ومَجلِسُ شُيوخِ شَعْبِ إِسرائيلَ كلِّه الَّذي كانَ يَعقُدُ جَلَسَاتِه في أُورَشليم. أصدر ألياقيم رئيس الكهنة في أورشليم تعليماته إلى جميع أمراء وسكان المناطق الجبلية في اليهودية ليضبطوا مداخل الجبال، ومن المعروف أن اليهودية عبارة عن سلاسل من الجبال وبعض مداخلها لا يسع إلا لمرور جندي واثنين، مما يجعل إصطيادهم سهلًا من قبل الجنود المحليين، وقد احتاج نبوخذ نصر عند حصاره لأورشليم إلى مساعدة الآدوميين في معرفة مداخل البلاد وقد قام الآدوميين بهذا الدور جيدًا وشتموا في كسرة اليهود (راجع 136) واما البلاد المشار إليها فهى: كونا: وتأتى في الترممات الأخرى Villages وهي مجموعة المداخل والقرى التي بين السامرة وأورشليم. وبَيتَ حُورون: إسم عبري معناه (بيت المغلرة) وتقع شمال أورشليم بمسافة 21 كم، وكانت هناك بيت حورون العليا بنيت فوق تله والأخرى السفلية وبنيت أسفل وتسمى حاليًا بيت حور الفوقة وبيت حور التحتة. بَلْمائين: Belmen ويسمى أيضًا (بلمان) وربما كان هو بلما المذكور في 7: 3 وبلمون المذكور في 8: 3، وهي موقع يقع على بعد 35 كم من سور. ويقول العالم ربواسون في مجلة الأراضى المقدسة، أن بلمائين هي (آيل بيت معكة) وأنها لم تكن في نواحي (بانياس) وإنما بالقرب من بحيرة طبرية (عدد 15 / 8 / 1894).و أما العالم كاران في كتابه (الجغرافيا مجلد السامرة) فيقول أن بلما هي اليوم خربة بلعمة على مقربة من دوثان. وأَريحا: وتعنى (مدينة القمر) و(مكان الروائح العطرية) وتقع على مسافة 8 كم غرب نهر الأردن ومسافة 30 كم شمال شرق أورشليم. وكُوبا choba: احدى القرى الواقعة إلى الشمال من فلسطين، وكانت عندئذ ضمن الحصون، وقد ذكرت مرة أخرى في 15: 4، 5 ضمن البلاد التي أرسل إليها رئيس الكهنة لتعقب الغزاة الأشوريين بعد هربهم بمقتل أليفانا. وعَزورا: Esora وربما كانت حاصور Hazor وهو اسم عبري معناه (حظيرة) وكانت ضمن المدن التي حصنها سليمان والتي سبى تفلث فلاس سكانها إلى أشور، وتقع شمال فلسطين (راجع قض 4: 1 - 21) ووادي شَليم: salem وربما كان saleim وهو وادى يقع على مسافة حوالي 10 كم شمال شرق أورشليم بالقرب من وادى فرعة 1. واستعد بنى إسرائيل لذلك الخطر وجمعوا القمح وقاموا بتخزينه تحسبًا للحصار الذي قد يطول.. أمّا الموقع الذي كان في الصدارة تجاه قوات الأشوريين فهو بيت فلوى وبيت مستيئم. بَيتَ فَلْوى Bethulia: مدينة صغيرة تقع على حافة منجرف صخري عالى، يقع أسفله وادى سحيق يجرى فيه مجرى مائى، وقد ورد الإسم في العبرية في صيغة Bethliya ومعناه المكان المرتفع، وتقع بيت فلوى في وادى يزرعيل بالقرب من تل دوثان (دوثائين) وقد رأى أحد العلماء أن الموقع كان تلًا بركانيًا يعرف بأسم هتين ويقع على مسافة 7 كم غرب بحر الجليل، ويرى بعض العلماء أن الموقع حاليًا هو (سنور) و(البريد) و(سيج سبيل) و(مصيلح) الذي يبعد 12 كم جينين الحالية، كما ظن البعض الآخر، أن الموقع هو قمة جبيل المسماه الأسىّ، وأما الشراح الذين مالوا إلى التفسير الرمزي، فقد رأوا أن بيت فلوى هو، إما الإسم المستعار ل (شكيم) و(بيت الله) حيث ورد في اللغة العبرية في صيغة. وسميت أيضًا (مدينة جبل أفرايم) 1 و لكن العالم ربواسون يقول أن (بيت فلوى) كانت في المحلّ المسمىّ اليوم (المدينة الطويلة) على مقربة من (حطّين) و(قرن حطّين) في غربى بحيرة طبرية (راجع مجلة الأراضى المقدسة عدد 15 / 6 / 1894) وأما العالم كاران فيرى أن بيت فلوى هي المسماه الآن سانور (الجغرافيا / السامرة - جزء 1 ص 346). وبَيتَ مُسْتَئيمَ:Betomestham وربما جاء من الإسم Beth، Masthama ومعناه (بيت الحفوقة وبيت الشيطان) ولا يذكر هذا الموضع إلا في هذا السفر، ويقع مقابل سهل يزرعيل بجوار تل دوتان، ومن هنا فإن له أهمية خاصة في الاستعداد لمواجهة جيش الأشوريين. يُواكيمُ، عَظيمُ الكَهَنَة، ومَجلِسُ شُيوخِ:يواكيم ألياقين يهوياكن كلها أسماء تعني (يهوه يقيم) و(من يثبته الله) وقد خوّل رئيس الكهنة صلاحيات كبيرة في كثير من الفترات، ومع أن مجلس السنهدريم قد تأسس بعد ذلك التاريخ بكثير، إلا أنه كان هناك مجالس من المشيرين يشتركون مع رئيس الكهنة في إدارة بعض الشئون الدينية وأحيانًا المدنية، في أيام المسيح كانت هناك مجالسًا صغيرة في المدن والقرى في حين كان المجلس الأعظم في أورشليم 2،وبينما كانت المجالس الصغيرة تضم من ثمانية إلى ثلاثة وعشرين شيخًا، فقد كان السنهدريم الأعظم يتكون من سبعين شيخًا عالمًا بقيادة الكهنة، كانوا يعملون في السياسة في غياب الملك مثلما حدث بعد عصر المكابيين وفي فترة الإحتلال اليوناني. و كما سبق، فإن الملك هنا وهو منسى، وقد كان في ذلك الوقت مأسورًا من الأشوريين بسبب تحالف مع البابليين ضدهم، وقد عاد فيما بعد، بعد توبته، حيث حاول القيام بإصلاحات دينية، بعد أن أضل الشعب وجرهم إلى الوثنية في بداية ملكه. 9 وصرَخَ جَميعُ رِجالِ إِسْرائيلَ إِلى الرَّبِّ صُراخًا حارًّا جِدًّا. وذلَلوا أَنفُسَهم تَذليلًا شَديدًا، 10 هُم ونساؤُهم وأَولادُهم وقُطْعانُهم وجَميعُ النُّزلاءِ مِن أُجَراءَ وعَبيد. 11 وجَميع رجالِ إِسْرائيلَ والنِّساءُ والأَولادُ المُقيمونَ في أُوَرَشليم سَجَدوا أَمامَ الهَيكَل وعَفَّروا رؤوسَهم بِالرَّماد وبَسَطوا مُسوحَهم أَمامَ الرَّبّ، 12 وغَطَّوا مَذبَحَ الرَّبِّ بِمِسْح وصَرَخوا صُراخًا حارًّا إِلى إِلهِ إِسْرائيلَ بِصوتٍ واحِد، أَلاَّ يُسلِمَ أَطْفالَهم إِلى النَّهْبِ ونِساءَهم إِلى السَّبْيِ ومُدُنَ ميراثِهم إِلى الدَّمار والمكانَ المُقَدَّسَ إِلى التَّدْنيس وإِلى شَماتِ الأمَمِ المُهين. 13 فسَمِعَ الرَّبُّ أَصْواتَهم ونَظَرَ إِلى شِدَّتِهِم. لم ينهج بنو إسرائيل نهج سائر الأمم الذين لجأوا إلى أليفانا، يستجدون منه السلام والأمان، ليعفيهم من بطش الجنود وإكتساح السيف، ولكنهم لجأوا إلى الله، إله الآلهة ورب الأرباب، ففي إطار يهودي ضيق وبتقييم وطنى للموقف أصبح الأمر في نظرهم يتعلق بالآلهة!! لقد اعتبروها حرب آلهة.. ولكن الله يبيد جميع آلهة الأمم، وأما أليفانا ونبوخذ نصر سيده فهم بشر تخرج روحهم فيعودون إلى ترابهم (مز 146)، وقد إستدر اليهود عطف الله بالصلاة والصوم والصراخ ولبس المسوح وحسو التراب، فسمع أنينهم ونزل لتخليصهم. مُسوحَهم Sackcloth المسح: ويسمى في العبرية (ساكّْْ) وهو لباس خشن ذو لون قاتم (أسود وبنى) كما ورد في (أش 50: 3، رؤ 6: 12) ذلك لأنه كان يُصنع من وبر الإبل، وأستخدم المسح في التعبير عن الحزن ومرارة النفس، ويرتبط بالجلوس في الرماد مثلما فعل يعقوب عندما فقد إنه يوسف (تك 37: 34) وعندما فعلت رصفة عندما صلب الجبعونيون إنيها (2 صم 21: 10) كما استخدم المسح في استدرار العطف مثلما سلك الجبعونيون مع يشوع (يش 9: 14). وبنهدد ملك أرام ليحظى بعفو ملك إسرائيل (1 مل 20: 31 - 34). واستخدم المسح لطلب مراحم الله مثلما سلك شعب نينوى (يون 3) وأيوب الصديق (أي 16: 15) ومدينتى صورا وصيدا (مت 11: 21، لو 10: 13) كما استخدم كسلوك نسكى شخصي مثل يوحنا المعمدان والأنبياء (رؤ 11: 3) وقد سلك اليهود ذات المسلك فيما بعد عندما أهانهم السلوقيون ودنس أنطيوخس أبيفانيوس المذبح (1 مكا 3: 17) وغَطَّوا مَذبَحَ الرَّبِّ بِمِسْح:هذه هي المرة الأولى التي يذكر فيها، تغطية المذبح بمسح، ربما كان المقصود بذلك أن المشكلة تتعلق أيضًا بالمذبح، فإذا كان المذبح هو نقطة تلاقى الشعب مع الله، فإن الانسحاق والتذلل هنا يبلغ أقصاه متجاوزًا بذلك مجرد الزهد الشخصي في المخادع، كما أن اليهود هنا يطرحون أطفالهم عند المذبح يستدرون بهم حنو الله ورأفاته ويعرضون حالتهم الخطرة، وهي المرة الأولى في العهد القديم أيضًا التي يسلك فيها اليهود هذا المسلك. عمومًا.. وعلى الرغم من أن الله يظهر في السفر كإله خاص قومى، فإن اليهود هنا لم يعتبروا حماية الله لهم حقًا مشروعًا وواجبًا، وإنما يلتمسون ذلك بالدموع والتذلل على هذا النحو، فهم يدركون أن حماية الله لهم، ليس بسبب برهم وإنما بسبب حنوه ورأفته. وكانَ الشَّعبُ يَصومُ أَيَّامًا كثيرةً في كُلِّ اليَهوديَّةِ وأُورَشليم أمامَ المَكانِ المُقَدَّس، مَكانِ الرَّبِّ القَدير. 14 وكانَ يُواكيم، عظيمُ الكَهَنة، وجَميعُ القائِمينَ أمامَ الرَّبّ، وأَوساطُهم مشْدودة بِالمُسوح، يُقرِّبونَ المُحرَقَةَ الدَّائِمة ونُذورَ الشَّعبِ وتَبَرُّعاتِه.15 وكان الرَّمادُ على عَمائِمِهم، وكانوا يَصرُخونَ إِلى الرَّبِّ بِكُلِّ قوَّتِهم أَن يَفتَقِدَ بَيتَ إِسْرائيلَ بِأَجمَعِه. يعتبر هذا الصوم وهذا المسح والصراخ، عن الذكريات المريرة، والتي مازالت راسخة في أذهانهم، فقد أذلهم المصريون وبعض الأمم الوثنية، وكيف أسلمهم الله لأيدي تلك الأمم بين آن وآخر، لاسيما الفلسطينيين والآراميين، وكيف أخذ تابوت عهد الرب إلى محلة الفلسطينيين (1 صم 4: 11) وكيف طلب ناحاش العمونى أن يقلع العين اليمنى لكل يهودي!! (راجع 1 صم 11: 2) وكيف أهان ربشاقى قائد جيش الآشوريين (2 مل 18). كان اليهود واثقين، ما لم يسلمهم الله إلى أليفانا، فلن يتمكن أليفانا من مسّهم بأي أذى، ولذلك فهم يطلبون الغفران من الله لعلهم أخطأوا إليه فيستحقوا بذلك الهوان، فإنه من الثابت أن الله كان يسلمهم لأيدي معانديهم لا لبر الأعداء ولكن بسبب شر وخيانة اليهود (راجع تثنية 32) وهو نفس المعنى الذي ورد في حديث أحيور العمونى مع أليفانا (راجع الإصحاح الخامس). و نحن نؤمن بأن الله لا يترك مصير وحياة شعبه في أيدي أي أشخاص آخرون وقوى أخرى، بل يسخر كل القوى في سبيل تحقيق مشيئته الصالحة لأولاده، فهو ضابط الكل ومدبرهم، يسوس الكل في سيمفونية رائعة. و في جولة تفقدية، راح رئيس الكهنة يشدد الشعب ويقويهم ويتفقد الحصون والأبواب والمؤن.. وكان المشهد مؤثرًا ورهيبًا مثيرًا للشفقة من قبل الله الذي يتعاطف مع المنسحقين وفي النسخة اللاتينية يرد أن رئيس الكهنة قد حثهم على الاستمرار في الطلبة مذكرًا إياهم بموقعة رفيديم التي هزم فيها موسى النبي العمالقة برغم قوة بطشهم وكثرة عدتهم، حيث تشتت العمالقة وانهزموا أمام بنى إسرائيل (راجع خر 17: 8 - 16، تث 25: 17 - 19) فإن الحرب للرب ومسيحه وهو سوف يغلب بالكثير وبالقليل. و اللجاجة هنا لا تعني رغبة الله في إذلال أولاده ولكنها تعني يقينية إستجابة الله.. وتأتى اللجاجة في اللغة اليونانية بمعنى (الاستمرار الذي لا يخجل) ومن هنا فإن الإنصاف والأستجابة من قبل الله تعني النتيجة الطبيعية الحتمية، لأناس وضعوا رجائهم فيه. المُسوح و في تصعيد لمظاهر التذلل والانسحاق، نجد رئيس الكهنة هنا يتمنطقون بالمسوح وينثرون الرماد على عمائمهم وهم يقدمون الذبائح ويتقبلون نذور الشعب وعطاياهم، فإذا كانت ملابس الكهنة ورئيس الكهنة أثناء الخدمة بيضاء وعظيمة ومبهجة، فإن لبس المسوح والشعر فوقها يجسد خطورة الأمر وأهميته. و يسمى المسوح Sackcloth وفي العبرانية ساك Saq وفي اللغة الأكادية Saqqu وفي اليونانية فهو ساكوس Sakkos وأما الأنجليزي الحديث فيرد بمعنى نفس جنائزى! Funeral. و يُصنع المسح إما من وبر الإبل ومن شعر الماعز، وكان يلبس إما تحت الملابس العادية كنوع من الإذلال للجسد، وإما من فوق الملابس بصورة رمزية تعبر عن الخطب إما لشخص، مثل رثاء العروس لزوجها (يؤ 1: 8) والحزن على الموت عمومًا مثلما فعلت سرية شاول عندما لم يدفن حسنًا بعد موته (2 صم 21: 10). وعند المصائب الوطنية كما في السفر هنا، وكما فعل بعد ذلك - في عصر المكابيين - حين لبس متنيا وأولاده (1 مكا 2: 14، 3: 47) و استخدم المسح في بعض الأحيان مثل (شوال) فوق الملابس، وأحيانًا يلبس فوق اسم السفر؟! الحقوين لإخفاء العورة (راجع 15: 3، 22: 12) ويعبر عمومًا عن الآلام النفسية والشدة المعنوية (2 صم 3: 31، 2 مل 6: 30). كان لبس المسوح معروفًا لدى جميع الشرق الأدنى القديم، بما في ذلك المصريين القدماء حيث يظهر ذلك في الرسوم الموجودة على جدران معابدهم، وكانت تلك الممارسات تتم عند موت أحدهم، كذلك عند الكوارث الطبيعية والمشاكل الوطنية، وكان التعبير عن الحزن، يشمل أيضًا البهائم (كما يرد في سفر يونان 3: 8) والملوك مثل آخاب (1 مل 21: 27). أما فيما يختص بالكهنة، فقد كان كهنة الأوثان، يلبسون المسوح في فصل الجفاف من كل عام لاعتقادهم في موت معبودهم في هذا الفصل، وقد جاءت الوثية في (لا 21: 1 - 12) لتحدد مظاهر الحزن بالنسبة للكهنة، في حين تمنعها على رئيس الكهنة مهما كان السبب، أما وأن يتقدم الكهنة هنا إلى المذبح وهم لابسون مسوحًا، فإن هذا قد يشير إلى التطور في الطقس اليهودي، متأثرًا في ذلك بالتطور السياسي والجغرافي لهم من أن لآخر، ومع ذلك فقد وردت إشارة في الكتاب المقدس إلى ارتداء الكهنة للمسوح (راجع يؤ 1: 13). هذا وقد درجت الكنيسة على مدار تاريخها وحتى اليوم في الاستعانة بالصوم والانسحاق عندما يحيق بها الخطر ويحيط بها الأعداء (مثل الصوم ثلاثة أيام قبل معجزة نقل جبل المقطم وغيرها) وقد استلمت هذا التدبير من الأسفار المقدسة: + فهوذا حنة أم صموئيل تصلى صائمة علَّ الرب ينزع العار عنها (1 صم 2: 34). + وها هو داود النبي يصوم عن مرض ابنه "من بتشبع" (2 صم 12: 16 - 23). + وقديمًا عندما صار اليهود مهددين من بنى بنيامين (قض 20) كيف صاموا مجتمعين في بيت إيل. + ثم إجتمعوا أيضًا على النحو ذاته في المصفاة عند حربهم مع الفلسطينيين (1 صم 7: 6). |
||||
31 - 03 - 2014, 04:33 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام - تفسير سفر يهوديت
يهوديت 5 - تفسير سفر يهوديت أليفانا يجمع الأخبار عن شعب وإله اليهود، وأحيور العمونى يسرد له تاريخهم1 أُخبِرَ أَليفانا، رَئيسُ قُوَّادِ جَيشِ أَشُّور، بِأَنَّ بني إِسْرائيلَ يستَعِدُّونَ لِلحَرْب وبِأَنَّهم سَدُّوا مَسالِكَ الجَبَل وسَوَّروا كُلَّ رَأسِ جَبلٍ عالٍ ووَضَعوا الحَواجِزَ في السُّهول. 2 فغَضِبَ غَضَبًا شَديدًا وآستَدْعى جَميعَ رُؤَساء مُوآب وقُوَّادِ عَمُّون وجَميعَ رُؤَساءِ السَّاحِل،3 وقالَ لهم: ((أَخبِروني، يا بَني كَنْعان، مَن هو؟ ذلك الشَّعبُ المُقيمُ في النَّاحِيَةِ الجَبَلِيَّة، وما هي المُدُنُ الَّتي يَسكُنُها، وما هو عَدَدُ جَيشِهم، وعلى أَيِّ شيءٍ تَقومُ قُدرَتُهم وقوَّتُهم، ومَن هو المَلِكُ القائِمُ علَيهِم والقائِدُ لِقُوَّاتِهم،4 ولماذا آسْتَهانوا بِالمَجيءِ لِمُلاقاقي على خِلافِ ما صَنَعَ سُكَّانُ المَنطِقةِ الغَربيَّة؟ وصلت أنباء الاستعدادات اليهودية والإستحكامات إلى أسماع أليفانا، فقد قاموا بالفعل بضبط مداخل ومضايق الجبال، وأقاموا الحواجز عند السهول فثار محتقرًا إياهم، ثم استدعى إليه بعضًا من قواد الأمم التي إنضوت تحت لوائه ليستفسر منهم ما عسى أن يكون أمر أولئك المتجاسرين، وما عسى أن يكون حجم قدرتهم العسكرية. عَمُّون: إسم عبري من (عمى) أي شعبي وبلاد موآب هي منطقة جبلية تقع شرقى نهر الأردن وتمتد من نهر الأردن وحتى (يبوق) ومع أنه كان صلح في البداية فيما بينهم وبين اليهود (تث 2) إلا أنهم صاروا يمثلون مع العمونيين، الأعداء التقليديين لليهود (قض 13: 11، 1 صم 11: 1 - 10، 2 صم 12: 26 - 31، 2 اخ 20، 2 مل 24، 25، أر 40، 49، نح 4: 3، 7) وهو شعب قاسي الطباع يعبد الإله مولك (كموش). مُوآب: إسم سامى معناه (من أبوه) وكانت أرضهم تقع في القسم الشرقي للبحر الميت، وقد إنضموا إلى إسرائيل منذ أيام داود (2 صم 8: 2) ولكنهم انقلبوا عليها وهاجموها في أيام يهوشافاط غير أنهم فشلوا (2 مل 3) وتأرجحت بلادهم ما بين الأنتحاء إلى اليهود والاستقلال عنهم، وقد شمتوا في اليهود عند سبيهم ولكن الله أنذرهم بالعقاب (حز 25: 8 - 11، صف 2: 8 - 10) ويعد (ميشع) أشهر ملوكهم، وهو الذي أحرق ابنه على السور، بعد يأسه من النجاة من اليهود وقد ساعد الموآبيون نبوخذ نصر في الإستيلاء على أورشليم بعد ذلك (2 مل 24: 2). 5 فأَجابَه أَحْيور، رَئيسُ بَني عَمّونَ جَميعًا: ((لِيَسْمَعْ سَيَدي كَلامًا من فَمِ عَبدِكَ فأُخبِرَكَ بِالحَقيقةِ عن ذلك الشَّعبِ السَّاكِنِ في تِلكَ النَّاحِيَةِ الجَبَلِيّة والمُقيمِ بِالقُربِ مِنكَ، ولا يَخرُجُ كَذِبٌ مِن فَم عَبدِكَ.6 إِنَّ هذا الشَّعبَ هو مِن نِسْلِ الكَلْدانِيِّين.7 أَقاموا أَوَّلًا فيما بَينَ النَّهْرَين، لِأَنَّهم أَبَوُا آتِّباِعَ آِلهَةِ آبائِهمِ المُقيمينَ بِأَرضِ الكَلْدانِيِّين.8 وخَرَجوا عن طَريقِ آبائِهم وسَجَدوا لِإِلهِ السَّماء، لِلإِلهِ الَّذي عَرَفوه. فطُرِدوا مِن وَجهِ آلهتهِم وهَرَبوا إِلى ما بَينَ النَّهرَين وأَقاموا هُناكَ أيََّامًا كَثيرة.9 وأَمَرَهُم إِلهُهم أَن يَخرُجوا مِن مُقامِهِم ويَذْهَبوا إِلى أَرضِ كَنْعان، فسَكَنوا هُناكَ وآمتَلأوا ذَهَبًا وفِضَّةً وكثُرَت قُطْعانُهم جِدًّا، 10 ونَزَلوا إِلى مِصْر، لِأَنَّ المَجاعةَ عَمَّت وَجهَ أَرضِ كَنْعان، وأَقاموا هُناكَ فظَلُُّوا على قَيدِ الحَياة وصاروا جُمْهورًا كبيرًا وكانَ نَسلُهمِ لا يُحْصى. 11 فقاوَمَهم مَلِكُ مِصْر وخَدَعَهم بِتسْخيرِهم لِعَمَلِ اللَّبِن وأَذَلُّوهم وآستَعبَدوهم. 12 فصَرَخوا إِلى إِلهِهم، فضَرَبَ كُلَّ أَرضِ مِصْرَ ضَرَباتٍ لا عِلاجَ لَها. وطَرَدَهمُ المِصرُّيونَ مِن وَجهِهم، 13 فجفَّفَ اللهُ البَحرَ الأَحمَرَ أَمامَهم 14 وقادَهم في طَريقِ سيناءَ وقادِشَ بَرْنِيع. فطَرَدوا جَميعَ سُكَّانِ البَرِّيَّة 15 وأَقاموا في أَرضِ الأَمورِيِّين وأَبادوا جَميعَ الحَشْبونِيِّينَ بِقُوَّتِهم. وبَعدَ أَن عَبَروا الأُردُنّ، اِستَولَوا على كُلِّ النَّاحِيَةِ الجَبَلِيَّة 16 وطَرَدوا مِن وَجهِهِمِ الكَنْعانِيَينَ والفَرِزِّيَينَ واليَبوسِيِّينَ وشَكيمَ وجَميعَ الجِرْجاشِيِّين وأَقاموا هُناكَ أَيَّامًا كثيرة. 17 وما داموا لا يَخطَأَونَ إِلى إِلهِهم، كانَتِ الخَيراتُ مَعَهم، لِأَنَّه كان معَهم إِلهٌ يُبغِضُ الإِثم. 18 ولَمَّا حادوا عنِ الطَّريقِ الَّذي رَسَمَه لَهم، أُبيدوا إِلى حَدٍّ بَعيدٍ في حُروب عَديدة، وتَمَّ جلاؤُهم إِلى أَرضٍ غير أَرضِهم. ولم يَبقَ مِن هَيكَلِ إِلهِهم إِلاًّ الأَساس، وسَقَطَت مُدُنُهم في أَيدي خُصومِهِم. 19 والآن فقَد تابوا إِلى إِلهِهم وصَعِدوا مِنَ الشَّتاتِ الَّذي تشتَّتوا فيه وآستَعادوا أُورَشليم حَيثُ مَقدِسُهم وأَقاموا في النَّاحِيَةِ الجَبَلِيَّة، فقَد كانَت غيرَ مأهولة. 20 والآن، فإن كانَت في هذا الشَّعبِ جَهالة وأَخطَأَوا إِلى إِلهِهم ورَأَينا أَنَّ عِندَهم سَبَبَ الضُّعْفِ هذا، نَصعَدُ ونُحارِبُهم. 21 وإِن ا يكُنْ إِثْمٌ في أُمَّتِهم، فلْيَعدِلْ سيِّدي، لِئَلاَّ يُدافِعَ عَنهُم رَبّهُم وإِلهُهم، فنَكونَ عُرضَةً لِتَعْييرِ الأَرضِ كُلِّها أَحْيور: ويكتب أحيانًا (أخيكار) والكلمتين لهما معنى واحد هو (أخى النور) وقد ظن البعض أن الإسم هو (أخيود) ومعناها في العبرية (أخى اليهود) وصديق اليهود، معتبرين بذلك أن القصة رمزية، ولكن أصحاب هذا الرأي وقعوا في إلتباس لغوى حيث يتشابه حرف (د) وحرف (ر) في اللغة العبرية (راجع المقدمة) و قد نظر اليهود إلى أحيور قائد العمونيين نظرة ملؤها الامتنان، واعتبروه: الوثني الصالح. خطاب أحيور المطول يعتبر خطاب أحيور، عرض وتلخيص لتاريخ اليهود وقد تم عرض هذا التاريخ في الكتاب المقدس في أكثر من موضع، مثل (مز 78، 105، 106، حز 16، 20، حك 10) وورد كذلك في العهد الجديد (أع 7) وبالرغم من أن التاريخ والشعب معروفان، إلا أن أليفانا الأشورى لم يكن قد سمع عنه، ذلك لأن التاريخ المدني قد أغفل تاريخ هذه الحملة الأشورية أيضًا، مثلما أغفل الكثير من وقائع الكتاب المقدس، ولكن الحفريات مازالت تضطلع بهذه المهمة، هذا وقد أبرز أحيور في خطابه عدة نقاط هامة مثل: 1.ترك اليهود لعبادة الأوثان منذ أيام إبراهيم، وبعد أن كانوا يعبدون نانار إله القمر وننجال زوجته فوق مرتفعة زاجوراه في (كلديا) ذلك لكي يعبدوا إله السماء، وتعبير إله السماء كان معروفًا عند الوثنيين، حيث استخدموه للإشارة إله اليهود (1)،وقد أطاع إبراهيم دعوه الله وصار نواة لأمة اليهود، ويرد في أقوال أحيور أن اليهود أبوا إتباع آلهة آبائهم، أي أنهم عندما قبلوا أن يتبعوا الله (إله السماء) 1تخلواعن ماضهم، وقد أشار القديس أغسطينوس في كتابه (مدينة الله) إلى تصريح أحيور العمونى في التدليل على أن اليهود هم من نسل الكلدانيين أي نشأتهم كانت في أرض الكلدانيين 2وكذلك القديس غريغوريوس النيصصى يستشهد بهذه الفقرة في تدليله على أن شعب الله من أصل كلدانى 3 2.أنهم لم يهزموا ماداموا أمناء في علاقتهم بإلههم، أي أن هزيمة أليفانا لهم لن تتوقف على قوة جيشه، ولكن على شكل علاقتهم بالله، وقد أوضح له أنهم أسلموا للنهب والسلب مرارًا بسبب تركهم لله. 3.أنه خلال الظروف الطبيعية يغدق الله الخير عليهم ماداموا لا يخطئون لأن لهم إله يبغض الإثم، وأحيور بذلك يشير إلى مفتاح أورشليم وواضح أنه ليس في يد أليفانا، وهنا شعر أليفانا أن هناك إلهًا آخرًا وأن المسألة أصبحت حرب آلهة!!، كما أحس أليفانا، أحيور يشير من طرف خفي إلى أن اليهود لن يهزموا لأنهم واثقين من سلامة العلاقة فيما بينهم وبين الله ولاسيما وأنهم للتو قد عتقوا من الشتات (سبى منسى). 4.حمل أحيور في خطابه، تحذير لأليفانا من مواجهة اليهود، بسبب العار المحتمل أن يلحق بالآشوريين، لاسيما وأن أحيور قد قلل من أهمية عدد جيش أليفانا وكثرة أسلحته، إذ أن لإله اليهود جنود خفيين (ملائكة) يحاربون الجنود المنظورين. و بهذا يكون صدر التحذير لجيش الأعداء علهم يحجمون عن مهاجمة اليهود. أحيور وبلعام: هنا نتذكر بلعام بن بعور، النبي الشهير في بلاد ما بين النهرين، والذي طلب إليه بالاق ملك المديانيين أن يلعن بنى إسرائيل لكي يهزمهم، حيث علم بالاق أيضًا أن هذا الشعب، ما لم يتخلى عنه الله فلن يهزم، ولكن بلعام رفض في بداية الأمر أن يلعن الشعب بل على العكس باركه (راجع سفر العدد ص 22، 23، 24). ولكن بلعام بحسب ما ورد في (يهو 11) فقد استجاب لإغراء المال والهدايا التي وعده بها بالاق، فأشار عليه مشورة رديئة وهي أن يرسل بعض من الفتيات المستهترات إلى خيام إسرائيل ليقعوا في شراكهن ومتى سقطوا في الدنس، فإن الله سوف يتخلى عنهم، ولكن بنى إسرائيل هزموا المديانيين وقتلوا بلعام انتقامًا (عد 31). بعكس أحيور الذي فتح اليهود أمامه أبواب العضوية في اليهودية على مصراعيه، بعد انكسار جيش الأشوريين. و في حين يخشى بالاق شعب اليهود ويسعى في تخلى الله عنهم لكي يكسرهم، نجد أن أليفانا يحتقر الشعب، بينما يحذره أحيور ويؤكد له أن الله لن يتركهم وأليفانا لن يهزمهم! 22 فلمَّا آنتَهْى أَحْيورُ مِن هذا الكَلام، تذَمَّرَ كُلُّ الشَّعبِ المُتَحَلِّقِ حَولَ الخَيمة، وهَمَّ بِتَمزيقِه عُظَمَاءُ أَليفانا وجَميعُ سُكَّانِ السَّاحِلِ وموآب، 23 ((لِأَنَّنا لا نَخافُ مِن بَني إِسْرائيل، فهذا شَعبٌ لا قُوَّةَ لَه ولا قُدرَةَ على قِتالٍ عَنيف. 24 سنَصعَدُ إِذًا، وستَلتَهِمُهم قُوَّاتُكَ ألتِهامًا، أيُّها السَّيِّدُ أَليفانا((. أثار حديث غضب سامعيه من الأشوريين والموآبيين، لاسيما لشعورهم بأنه مُرشد من اليهود للقيام بهذه المهمة، فلم يسمحوا لأنفسهم بأن يهددهم شخص وشعب وجيش وإله.. مهما يكن، هكذا بلغ بهم الكبرياء والعناد وقسوة القلب على الرغم من أن بنى إسرائيل في وضع دفاع وليس هجوم. |
||||
31 - 03 - 2014, 04:35 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام - تفسير سفر يهوديت
يهوديت 6 - تفسير سفر يهوديت أليفانا يسخر من كلام أحيور العمونى ويأمر بأن يوضع في صفوف بنى إسرائيل ليلقى نفس مصيرهم1 ولَمَّا هَدَأَ ضَجيجُ الرِّجالِ المُتحلِّقينَ حَولَ المَجلِس، قالَ أليفانا، رئيسُ قُوَّادِ جَيشِ أَشُّور، لِأَحْيورَ أَمامَ جُمْهور الغُرَباء ولجَميعِ بَني موآب:2 ((مَن أَنتَ، يا أَحْيور، ويا مُرتَزِقَةَ أَفرائيم، حَتَّى تنبَّأتَ لَنا كَما فَعلتَ اليَوم ورَدَدتَنا عن مُحارَبةِ نَسْل إِسْرائيلِ، لأِنَّ إِلهَهم يُدافِعُ عَنهُم؟ مَن هو إِلهٌ إِلاَّ نبوكَدْنَصَّر؟ فهو الَّذي يُرسِلُ قُوَّتَه ويُبيدُهم مِنِ وَجهِ الأرض، ولا يُنَجِّيهِم إِلهُهم،3 بل نحنُ عبيدَه نَضرِبُهم ضَربَنا لِرَجُلٍ واحد ولا يقاوِمونَ قُوَّةَ أَفْراسِنا.4 فإِنَّنا نُحرِقُهم بَعضَهم بِبَعض، فتَسكَرُ جِبالُهم مِن دِمائِهم وتَمتَلِى سُهولُهم من أَمْواتِهم. لا تَثبُتُ أَمامَنا أَخامِضُ أَقدامِهم، بل يَهلِكونَ هَلاكًا، يَقولُ نَبوكَدْنَصَّرُ المَلِك، رَبُّ الأَرضِ كُلِّها. فإِنَّه قال، وكلِماتُ أَقْوالِهِ لن تكونَ باطلة. هكذا تكلم الله في (أحيور) القائد الأممي، لخير إسرائيل، وللشهادة لشعب الله، وهكذا يستخدم الله كل القوى (بشرية وطبيعية) حتى ولو كانت بعض تلك القوى معادية، فقد تكلم الله في بلعام بن بعور ليبارك إسرائيل (عدد 22) وشهد الشيطان مرغمًا وصارخًا بلاهوت السيد المسيح (مت 8: 29) وفي سيرة القديس مكاريوس أقر بغير إرادته، كاشفًا عن حيله الرديئة. غير أننا لا نقصد أن نضع أحيور في مرتبة واحدة مع بلعام والشيطان ولكننا نتذكر فقط العداء المستحفل والمستحكم بين اليهود والعمونيين (راجع نح 13: 2) حيث يوصى نحميا بعدم قبول العمونى والموآبى في جماعة الرب، لأنهم لم يلاقوا بنى إسرائيل بالخبز والماء، بل استأجروا عليهم بلعام بن بعور لكي يلعنهم ولكن الله حول اللعنة إلى بركة، ويرد كذلك في (1 صم 11: 2) أن ناحاش الملك العمونى أراد تقوير العين اليمنى لكل يهودي، علامة عهد مهينة ومخزية، ويرد كذلك في (أر 40: 14) أن بعليش ملك عمون قد أرسل إسماعيل بن نثنيا ليقتل جدليا بن أخيقام. إن كلمات أحيور هذه والتي تحمل عرضًا متأخرًا لعمل إله السماء مع بنى إسرائيل على مدار الثلاث آلاف سنة (منذ دعوة إبراهيم حتى ذلك الوقت) قد هزت قواد أليفانا واوقعت الإضراب في قلوبهم، حيث يظهر ذلك في رد الفعل المسعور من جانبهم تجاه أحيور، كما سنرى. مُرتَزِقَةَ أَفرائيم: هكذا يهين أليفانا أحيور بأنه مأجور من اليهود ليقول مثل هذا الكلام، وأما وصف أليفانا لليهود ب (إفرائين) فلا شك أنه عرف من حديث جيران اليهود معه، أن المنطقة التي هم فيها تسمى أفرايم حيث وقع نصيب سبط أفرايم فيها، حيث ملك إفرايم المنطقة الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الأردن، وكانت أهم مدن إفرايم شكيم (راجع يش 16: 5 - 10، 21: 20) وقد لعب افرايم دورًا كبيرًا في تاريخ بنى إسرائيل، مما جعل بعض الأنبياء يطلقون اسم إفرايم على المملكة الشمالية بكاملها (أش 7: 2، أر 31: 18، هو 4: 17). إِلهَهم يُدافِعُ عَنهُم: نعم يدافع عنهم، لقد تجاسر أليفانا على الله، ولم يعرف ماذا صنع الله معهم على مدار تاريخهم معه، ولم يسمع عن شمشون ويفتاح وداود! كيف يعير الآشوريون صفوف الله الحى، إن الله لم يتخلى عن شعبه، حتى في الأوقات التي أخطأوا فيها وتحولوا إلى عبادات غريبة وأسلمهم إلى أعدائهم، عاد الله فانتقم لهم من أعدائهم (ثم الأمة التي يستعبدون لها أنا أدينها تك 15: 14، أع 7: 7) مَن هو إِلهٌ إِلاَّ نبوكَدْنَصَّر؟ على مدار التاريخ، جعل الملوك من أنفسهم آلهة، أوجبوا التعبد لها، سواء أكان ذلك في الجنوب حيث الفراعنة ثم البطالمة، وفي الشمال حيث الأشوريين ومن بعدهم البابليين والفرس، وصنعت لهم التماثيل في كل مدينة وأمر الناس بتقديم البخور والذبائح لها (راجع تشامخ قلب نبوكدنصر البابلى (دا 3: 13 - 18). و في عصور الاضطهاد، كان المطلوب من كل مسيحي، إلقاء حفنة من البخور، يتلقاها من يد كاهن الوثن، أمام تمثال القيصر وهو يقول (كيريوس سيزاروس) أي الرب هو القيصر! في حين كان المسيحيون يقولون (كيريوس خرستوس) غير أن الشهداء بما فيهم الأطفال الصغلر، كان يصرخون في وجوه الولاة والملوك باسم الإله الواحد دون خشية من الموت. و فكرة تأليه الحكان قديمة جدًا، فقد ظهرت في اللاهوت اليهودي عبارة إله الآلهة ورب الأرباب، لكي تنفى عن أذهان الشعب أية فكرة لوجود آلهة أخرى (أشكروا إله الآلهة.. أشكروا رب الأرباب لأن إلى الأبد رحمته مز 136: 2، 3) وفي كل من المزمور 136 وتسبحة الفتية الثلاثة، يظهر بوضوح معالجة إجتراء البشر على تأليه ذواتهم، حيث ينسب الوحي كل الخلائق (العاقلة وغير العاقلة) إلى الله الواحد، وينسب كل ما يحدث، إلى مشيئته تعالى وسلطانه وحده. 5 أَمَّا أَنتَ، يا أَحْيور، يا مُرتَزِقَ عَمُّون، يا مَن فاهَ بِهذا الكَلام في يَومِ ذَنْبِه، لن تَرى وَجْهي بَعدَ اليَوم، حَتَّىَ أَنتَقِمَ مِن نَسْلِ الآتينَ مِن مِصْر.6 وحينَئِذٍ سَيفُ جَيشي ورُمْحُ خُدَّامي يَختَرِقانِ جَنبَيكَ، فتَسقُطُ بَينَ جَرْحاهُم متى أَعود.7 وسيَذهَبُ بِكَ رِجالي إِلى النَّاحِيَةِ الجَبَلِيَّة وَيجعَلونَكَ في إِحْدى مُدُنِ المُنحَدَرات،8 ولن تَهلِكَ قَبلَ أَن تُستَأصَلَ معَهم.9 وبِما أَنَّكَ تَرْجو في قَلبِكَ أَلاَّ يُقبَضَ علَيهم، فلا يَسقُطْ وَجهكَ. تَكلَّمتُ ولَن تَسقُطَ كلِمةٌ مِن كَلماتي. مرة أخرى يتهم أليفانا، أحيور، بأنه مرتزق بنى عمون، في المرة الأولى يتهمه بالعمل لحساب بنى إسرائيل وأما في هذه المرة فإنه ينسبه كمرتزق، لبنى عمون أصله، وفي قانون الحرب القديم، إذا أسر أحد الجنود من المرتزقة، فإنه يقتل ولا يعاد حتى في تبادل الأسرى. يا مَن فاهَ بِهذا الكَلام في يَومِ ذَنْبِه: المقصود بيوم ذنبه، يوم اتهامه وإدانته وربما الحكم عليه. سَيفُ جَيشي ورُمْحُ خُدَّامي يَختَرِقانِ جَنبَيكَ: إن عادة إنقاذ السيف في جانبى العدو، هي عادة قديمة في التعذيب والقتل، استخدمها الوثنيون واقتبسها اليهود منهم فيما بعد، فقد إقتتل أربعة وعشرون رجلًا بتلك الطريقة حتى سمى المكان حلقت هصوريم Helkath Hazzurim ومعناها في العبرية (حقل حدود السيف) و(أسنان الصوان)، (2 صم 2: 16)، وقد استخدمت نفس الطريقة في المبارزة والتمثيل بالمجرمين أيام الرومان، وربما يفسر لنا هذا، لماذا طعن الجندي الروماني السيد المسيح بالحربة في جنبه. و في حين تتعالى لغة الثقة من جهة الأشوريين بأن نصرهم على اليهود أمر مؤكد وأن أحيور سيرهن مصيره بمصيرهم ويهلك معهم، نجد أن شهادة أحيور ترتفع إلى مستوى النبوة بهلاك الأشوريين، ولكن أليفانا يتحدى أحيور ويتحدى نبوته. إن أليفانا هنا يوقع وثيقة هلاكه واستحقاق جيشه للهزيمة! إن أرملة ضعيفة سيكون النصر على يديها. 10 وأَمَرَ أَليفانا خُدَّامَه القائمينَ في خَيمَتِه.بِأَن يُمسِكوا أَحْيور ويَذهَبوا بِه إلى بَيتَ فَلْوى ويُسلِموه إلى أَيدي بَني إسْرائيل. 11 فأَمسَكَه خُدَّامُه وقادوه خارِجَ المُعَسكَرِ إِلى السَّهْل، وذَهَبوا مِن وَسَطِ السَّهل نَحوَ النَّاحِيَةِ الجَبَلِيَّة، ووَصَلوا إلى اليَنابيعِ الَّتي كانَت إِلى أَسفَلِ بَيتَ فَلْوى. 12 ولَمَّا رآهُم رِجالُ المَدينةِ الواقِعَةِ على رأسِ الجَبَل، أَخَذوا أَسلِحَتَهم وخَرَجوا مِنَ المَدينةِ إِلى رأسِ الجَبَل، وجَميعُ الرِّجالِ الَّذينَ مَعَهم مَقاليعُ كانوا يَرْمونَهم بالحِجارة لِمَنعِهم مِنَ الصُّعود. 13 فتَسَلَّلوا في أَسفَلِ الجَبَلِ ورَبَطوا أَحْيور وتَركوه طَريحًا عند سَفحِ الجبَل، ورَجَعوا إِلى سَيِّدِهم. كما ورد في المقدمة، فإن بيت فلوى في ذلك الوقت كانت مدخلًا لليهودية من جهة الشمال، والخط الأمامي لليهودية، ونقطة المواجهة الأولى بين اليهود وجيوش الغزاة. و عندما ربض الأشوريين هناك، كان يفصل بين معسكرهم، وادٍ عريض، قطعه رسل الملك ومعهم أحيور مقيدًا، وعند صعودهم في اتجاه بيت فلوى، هاجمهم الرعاة بالقلاع من أعلى السور كما يقدم بعض رجال المدينة بسلاحهم، ظانين أنها طلائع جيش الأشوريين وأن الحرب قد بدأت.. ولما لم تكن لدى جنود أليفانا أمرٌ بالإشتباك مع اليهود، كما أن مهمتهم ليست قتالية فقد انحرفوا إلى أسفل، ليقيدوا أحيور في شجرة (حسبما ورد في النسخة اللاتينية) وتركوه هناك، فقد خشوا أن يهرب أحيور، في حين كانوا يشعرون بأن هجومهم على اليهود سيتم خلال ساعات فيدركون أحيور معهم! 14 فنَزَلَ بَنو إِسْرائيلَ مِن مَدينتِهم وأَتَوه وحَلُّوه وقادوه إلى بَيتَ فَلْوى وقَدَّموه إِلى رُؤَساءَ مَدينَتِهم، 15 وكانوا في تِلكَ الأَيَّام عُزَيَّا بنَ مِيخا مِن سِبطِ شِمْعون وكَبْري بنَ عُتْنيئيل وكَرْمي بنَ مَلْكيئيل. 16 فدَعَوا جَميعَ شُيوخِ المَدينة، وأَسرَعَ جَميعُ الشُّبَّانِ والنِّساءَ إِلى المَجلِس. وأَقاموا أَحْيورَ في وَسْطِ شَعبِهِم كُلِّه، فسَأَلَه عُزَيَّا عَمَّا جَرى. 17 فأَجابَ وأَخبَرَهم بِما قيلَ في مَجلِسِ أَليفانا وبِكُلِّ ما قالَه في رُؤَساءِ بَني أَشُّور وبِمَا فاهَ بِه أَليفانا مِن كَلامِ تَبَجُّحٍ على بَيتِ إِسْرائيل. 18 فأرتَمى الشَّعبُ وسَجَدَ للِه وصَرَخَ قائلًا: 19 ((أَيُّها الرَّبّ، إِلهُ السَّماء، اُنظُرْ إلى كِبرِيائِهم، وآرحَمْ تَذَلُّلَ نَسْلِنا، وآنظُرْ قي هذا اليَومِ إِلى وَجهِ المقَدَّسين لَك)). 20 وشدَّدوا عَزيمةَ أَحْيور وأَثنَوا علَيه ثَناءً عَظيمًا. 21 وذَهَبَ بِه عُزَيَّا مِنَ المَجلِسِ إلى بَيتِه وأَقامَ مأدُبةً لِلشُّيوخ. وآستَغاثوا بإِلهِ إِسْرائيلَ ذلكَ اللَّيلَ كُلَّه. نزل بعض رجال اليهود إلى حيث يوجد أحيور، فلما وقفوا منه على ما حدث، حلوه وأصعدوه معهم إذ حسبوه صديقًا لهم، ويبدو أن أحيور أوعز إليهم بأن لديه ما يود أن يخبرهم به، فأحضروه إلى أمام شيوخ الشعب. و كان لكل مدينة وقرية يهودية شيوخ يدبرون أمور الشعب ويقضون لهم ويفضون منازعتهم ويفتون لهم، لاسيما في الأوقات التي كانت فيها البلاد تخضع للإحتلال الأجنبى، وفي الشتات كان اليهود يختارون من بينهم عددًا من الشيوخ الفضلاء، ليجعلوا منهم قضاه دينيين ومدنيين، مثل الشيخين المذكورين في قصة سوسنة (في تتمة سفر دانيال) وكانت أول إشارة إلى مثل أولئك الشيوخ في أيام موسى النبي، حسب نصيحة حميه يثرون (عد 11) إضافة إلى أن كلمة شيخ أطلقت أيضًا على بكر كبار السن، وكذلك على رب الأسرة. عُزَيَّا بنَ مِيخا: عزيا كلمة عبرية معناها قوة الرب وأما ميخا من الكلمة العبرية ومعناها من يشبه يهوه مى خا إيل، ومثلها ميصائيل أي قوة الله ومن مثل الله. سِبطِ شِمْعون: وهو السبط الذي ينتمي وهو السبط الذي ينتمي إليه كل من عزيا ويهوديت نفسها ولهذا السبط دور في السفر كما سنرى في الإصحاحات التالية. وكَبْري بنَ عُتْنيئيل: كبرى ربما جاءت من الأسم جبرى أي جبرائيل، وهو اسم عبري معناه (رجل الله) وأما عتنيئيل فهي كلمة عبرية معناها (الله قوة). وكَرْمي بنَ مَلْكيئيل: كرمى كلمة عبرية معناها (عامل في الكروم) وأما ملكيئيل فهو اسم عبري معناه (الله ملك). و على الرغم من وجود هؤلاء الثلاثة كمسئولين وقادة عن الشعب إلا أن عزيا كان متقدمًا عليهم، مسئولًا أمام رئيس الكهنة يواقيم، وهو الذي أخذ أحيور إلى بيته وصنع له مأدبة إحتفاء به (عدد 21) وعلى عزيا اجتمع الشعب محتجين (7: 24) وهو الذي وعد الشعب بالأستجابة لمطالبهم إذ لم يتدخل الرب خلال خمسة أيام (7: 30) وهو الذي بارك يهوديت بعد النصر (13: 18). و عندما سمع تعيير الأشوريين ونيتهم في إهلاك اليهود، وإستعطفوا الله بأن ينظر إلى انسحاقهم وإلى كبرياء العدو. معادلة (قانون) النصر والهزيمة: في لاهوت العهد القديم يظهر قانون الحرب أن للنصر والهزيمة قانون! فانسحاق شعب ما واعتماده على ذراع الله القوية وعزة يمينه تجلب له نصر لا محالة، وفي المقابل فإن تصلف الشعب الآخر وكبرياءه واعتماده على ذراعه البشرى وقوة ملوك آخرين تمنيه بهزيمة مخزية. و عند تدشين هيكل سليمان صرح الرب ذاته قائلًا (فإذا تواضع شعبي الذين دعى عليهم وصلوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الردية فإننى اسمع من السماء واغفر خطيتهم وأبرىء أرضهم (2 أخ 7: 14) ولما إتضع شعب إسرائيل بعد تهديد ربشاقى قائد جيش سنحاريب، خلعهم الرب من أعدائهم وقتل من الأشوريين 185 ألفًا (2 مل 21: 29) حتى حكم الموت الذي الذي صدر ضد حزقيا الملك تراجع أمام بكائه وانسحاقه وتأجل إلى خمسة عشر سنة أخرى (2 أخ 32: 29) ولما إتضع منسى الملك وصلى صلاة طويلة معبقة بالتذلل والتوبة سمع الله صلاته واعاده من سبيه إلى أورشليم (2 أخ 33: 12 - 22) (راجع أيضًا صلاة منسى، ضمن الأسفار القانونية الثانية). كذلك فقد أشار الله إلى أنه قد يسلم شعبه لأيدي أعدائه، عندما يخطئوا فقط لا بسبب بر أعدائهم، كذلك عندما ينصرهم على أيدي أعدائهم، يكون نصرهم بسبب خطية أعدائهم لا بسبب برهم هم، أي أن الخاطئ هو الذي يهزم! فقد هزم بنو إسرائيل بسبب خطية عخان بن كرمى في عاى (يش 7). غير أن تسليم الخاطئ من قبل الله إلى أيدي أعدائه لا يعنى رفضه وعقابه وإنما يعنى تمحيصه وتأديبه وتخليصه من خطيته. و هكذا تعمل أحشاء رأفة الله لحساب الخاطئ، فحتى أولئك الذين أسلمهم الله لأيدي مضايقيهم، تضايق هو نفسه لأجلهم (في كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم أش 63: 9). تروى بعض الأساطير أن الله بعد الطوفان رؤى حزينًا مهمومًا، فلما سأله نوح عن السبب أخبره بأنه متألم بسبب الذين هلكوا في الطوفان. ولما تعجب نوح لأن الله هو الذي أبادهم، فأجاب الله قائلًا لقد أخطأوا إليَّ بالفعل واستحقوا الهلاك ولكن لا تنسى أنهم خليقتي وعمل يدى! و هكذا كل من تعرض للظلم، إذا رفع دعواه إلى الله من خلال الصلاة الدائمة والسجود المتواتر وذرف الدمع وقرع الصدر، فإن الله ذاته سوف يتولى الدفاع عنه، أما إذا لجأ إلى الذراع البشرى والوسائل البشرية فقد يخسر القضية، وقد استطاع بنو إسرائيل أن يستجدوا الله ببراءتهم مسلمين له قضيتهم.. مقابل أعدائهم الوثنيين. و بينما كان الآشوريون يمنون أنفسهم بنصر ساحق وغنائم وافرة واثقين بأنفسهم، كان اليهود على الجانب الآخر يرفعون قضيتهم إلى الله من خلال اتضاعهم وثقتهم في قدرته، فعما قريب سوف تهتز السماء لدموعهم وصراخهم ذاك الذي يخرج كما من قلب واحد. و قد صاغ الكاتب قانون النصر والهزيمة هذا، في صورة شعرية لغوية غاية في الجمال فيقول: أنظر إلى كبريائهم وارحم تذلل نسلنا، وأما في اللاتينية فقد ورد: أنظر إلى عتوهم وإلتفق إلى تذللنا إنك لم تترك المتوكلين عليك أنك تذل المتوكلين على أنفسهم والمفتخرين بقوتهم وآنظُرْ قي هذا اليَومِ إِلى وَجهِ المقَدَّسين لَك: صورة رائعة من صور الشفاعة، حتى وإن كان يوجد في الشعب شر وشبه شر، إلا أنه من أجل قديسيه يجب أن يرحمهم، سواء أكان هؤلاء القديسيون هم الأبرار الساكنين بينهم، والأبرار الذين سبقوهم 1. و هكذا صار أحيور منذ ذلك الوقت صديقًا لليهود، ولذلك فقد أعتقد بعض العلماء الذين أرادوا أن يجعلوا من السفر قصة رمزية تزكى الشعور الوطنى القومى، أن كلمة أحيور الواردة في السفر هي صيغة للكلمة (أخيود) والتي تعني (أخى اليهود وصديق اليهود) متعللين في ذلك بسهولة الخلط بين حرفي / (6) ود (T) في اللغة العبرية. و ليس من الإنصاف أن نعاقد بأن أحيور قد تورط في الشهادة لإسرائيل والدفاع عن اليهود فقد كان من السهل عليه الرجوع في شهادته والاعتذار لأليفانا وتملق الآشوريين، ولكنه كان يتكلم (كما سبق) بوازع داخلي مسوق به للشهادة للحق، لقد قاده الروح القدس بقناعة داخلية بأن يشهد ليهوة، كما كان يعرف أي مصير ينتظره في حالة ثبوت كذبه، وحتى صدقه فقد كان من الممكن أن يبطش به جنود أليفانا للتو دون انتظار للتأكد.! لذلك يجب الإشادة هنا بشجاعته كأممي، تلك الشجاعة التي يندر وجودها في ظروف كثيرة مرت بها امتهم بين اليهود أنفسهم، فكثيرًا ما تقرأ عن الخيانة، واستعداء ملوك الأمم على ملوك إسرائيل. وأَقامَ مأدُبةً لِلشُّيوخ (الوليمة): و تعبيرًا عن إحتفائهم بأحيور، ومحاولة منهم للتخفيف عنه، بعد معاناته وإضرابه الواضحين، بل كان قبولهم إياه على مائدة الشركة اليهودية أول إشارة لقبوله كأممي في مجمعهم، فقد كان من المستحيل إشراك الوثني في مائدة اليهودي! و يرد في الترجمة اللاتينية أن الشعب الذي كان صائمًا أكل بفرح في هذه الوليمة، وأنهم كانوا يجتمعون طوال اليوم في مكان الاجتماع (الكنيسة والمجمع) ثم يعودون إلى بيوتهم في المساء. لقد اهتزت السماء لأنينهم، وشق صوتهم الواحد وقلبهم الواحد، عنان السماء وصعد إلى عرش الله، فكانت الأستجابة هي النتيجة الحتمية، عندما جعل الله كفة هؤلاء الطالبين وجهه ترجح مقابل كفة أولئك المفتخرين بقوتهم. |
||||
31 - 03 - 2014, 04:38 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام - تفسير سفر يهوديت
يهوديت 7 - تفسير سفر يهوديت (ثورة الشيطان على أولاد الله)أليفانا يحاصر فلوى ويقطع عنها الماء. وبنى إسرائيل يعتريهم الضعف والاستسلام 1 وفي الغَدِ أَمَرَ أَليفانا جَميعَ قُوَّاتِه وكُلَّ شَعبه الَّذي آنضِمَّ إِليه لِمُناصَرَته بِالرَّحيلِ والزًّحْفِ على بَيتَ فَلْوى وبآحتِلالِ مُنحَدَراتِ النَّاحِيَةِ الجَبَلِيَّة وبِشَنِّ المَعركَةِ على بَني إِسْرائيل.2 وفي ذلك اليَومِ نَفسِه، رَحَلَ مِنهُم كُلُّ رَجُلِ حَرْب. وكانَ جَيشُ رِجالِ الحَرْبِ مِائةً وعِشْرينَ أَلفًا مِنَ المُشاة وآثَني عَشَرَ أَلفًا مِنَ الفُرْسان، ما عَدا الأَمتِعةَ والرِّجالَ المُتَرَجِّلينَ المُنضمِّينَ إِلَيهم، فكانوا جَمْعًا غَفيرًا جِدًّا.3 فعَسكَروا في الوَهدَةِ المُجاوِرةِ لِبَيتَ فَلْوى عِندَ عَينِ الماء، وآنتَشَروا في العُمْقِ مِن دوتانَ إِلى بَلْما، وفي الطُّولِ مِن بَيتَ فَلْوى إِلى قَليمونَ الَّتي قُبالةَ يِزْرَعيل. في تطور طبيعي للحملة على اليهود، يأمر أليفانا جنوده باتخاذ مواقع الاستعداد، في انتظار إشارة البدء للهجوم، وقد كان عدد الجنود الأشوريين بالنسبة لعدد الجنود كبيرًا جدًا بما لا يدع معه مجالًا للمقارنة، فبالأضافة إلى المائة والعشرين ألفًا من الجنود والأثنى عشر ألفًا من الفرسان، انضم إلى الآشوريين جنودًا لا حصر لهم من المدن التي افتتحوها، في حين أن جنود مدينة بيت فلوى لا يتعدى عددهم الألف جندي إذا اعتبرنا أن تعداد سكان بيت فلوى لا يتعدى بضع عشرات من الألوف بل وأقل من ذلك. إن من شأن هذا التفاوت الكبير وعدم التكافؤ بين القوتين، أن يجعل من نصر اليهود عليهم نوعًا من الإعجاز والعمل الإلهي المباشر، وإعطاء التأكيد على أن النصرة هي من الله (لا بالقدرة ة لا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود من أنت أيها الجبل العظيم. أمام رزبابل تصير سهلًا زك 4: 7) لأن الله يغلب بالكثير وبالقليل، وقد رأينا في سفر القضاه، كيف أن الله قد أمر بتخفيض عدد الجنود الذين سيحاربون مع جدعون حتى ثلثمائة جندي فقط حتى لا يظن اليهود أنهم غلبوا بقوتهم (راجع قض 7، 2 كو 4: 7) ونلاحظ أيضًا كيف هزم شمجر بن عناه، ستمائة رجل بمنساس بقر 1وبذلك هزم اليهود الغزاة الفلسطينيين (راجع قض 3: 31). بَلْما Balbaim: / Belmaim وهي مدينة تقع بالقرب من تل دوثان (دوتائين) على طريق للقوافل وبالقرب من السامرة ، وربما هي المدينة المذكورة في (8: 3) وتدعى بلمون والتي كان يقع بالقرب منها، الحقل الذي مات فيه منسى زوج يهوديت، وربما كانت هي أيضًا بيباى التي ذكرت في (15: 4) من بين المدن التي أرسل إليها عزيا لمطاردة الأعداء. و يظن بعض الشراح أنها أبل بيت معكة المذكورة في (2 صم 20: 14) وتقع شمال فلسطين التي طارد إليها يوآب شبع بن بكرى، ويظن العالم كروث أنها كانت مملكة صغيرة، ذكرت في سجلات تختمس الثالث للمدن التي غزاها 2 إِلى قَليمونَ Cyamon: وهو الأسم اليوناني للكلمة Okneam (، وقد وردت في (1 مل 4: 12، 1 أخ 6: 68) تحت إسم (يقمعام) وهي كلمة عبرية معناها (يقيم الشعب) 3وتحت اسم قرتان (يش 21: 22) وقد أحذت هذا الإسم قليمون في العصر الهيلينى 4، وتقع على مسافة 10 كم شمال موقع عسكري على طريق عكا، وعلى مسافة 12 كم شمال غرب مجدو، أمام وادى يزرعيل وبالقرب من سهل شارون في طرف مرج ابن عامر على طريق عكا ومكانها اليوم كفر كاما وردت قليمون في قائمة المدن التي استولى عليها تحتمس الثالث الفرعون المصري، حيث ترد في اللغة العبرية تحت اسم (يقنعام) وتسمى حاليًا (تل قليمون) و(تل يوكنيم) بجانب عين كيمون، وقد كانت قليمون تحتل موقعًا إسترلتيجيًا، حارسة بذلك أهم الطرق المؤدية إلى سهل يزرعيل 1وقد انتشر جنود أليفانا حتى عبر الأردن في المحل المعروف ب (جسر بنات يعقوب) وتعتبر تلك المدن بين صفر شمالًا وطبرية جنوبًا بلما بيت فلوى قليمون دوثان 4 أَمَّا بنو إِسْرائيل، فلَمَّا رَأَوا كَثرَتَهم اِرتَعَدوا آرتِعادًا شَديدًا وقالَ كُلُّ واحِدٍ لِقَريبِه: ((والآن سيَجتَزُّ هؤلاءَ وَجهَ الأَرضِ كُلِّها، فلا الجِبالُ العالِية ولا الوِهادُ ولا الرَّوابي تَقِفُ أَمامَ قُوَّتِهم)).5 ثُمَّ أَخَذَ كُلُّ واحِدٍ عُدَّتَه الحَربِيَّة وأَشعَلوا النِّيرانَ على أَبْراجِهم وظَلُّوا يَحرِسونَ طَوالَ تلكَ اللَّيلة. لاشك أن منظر الجنود وهم يغطون وجه الأرض كالجراد، قد أوقع الرعب في قلوب أولئك الذين كانوا آمنين في ديارهم مع نسائهم وأولادهم، لاسيما وأن التحركات من جانب الأشوريين، كانت تمثل أولى العمليات العسكرية فصلوا إلى الله بصراخ وتوسل (حسبما ورد في الترجمة اللاتينية) ليظهر الله رحمته على شعبه. الجِبالُ العالِية ولا الوِهادُ ولا الرَّوابي: كلها تعبيرات تشير إلى أنه ليس هناك من عقبات تقدر أن تعترض طريق الأعداء. و أخذ اليهود أسلحتهم وأستعدوا - قدر طاقتهم - فهم في حالة دفاع عن النفس ولم يحملوا السيف ظلمًا ورغبة في الأستعمار، وقد كانت أسلحة جنود اليهود تقليدية لا ترقى إلى مستوى التطور العسكري للأشوريين، ولكن عددهم القليل قادر على حراسة مداخل ومضايق المدينة، أما اشعالهم النار فوق الأبراج فيعنى يقظتهم وسهرهم ومراقبتهم للموقف. 6 وفي اليَوم الثَّاني أَخرَجَ أَليفانا جَميعِ فُرسانِه في وَجهِ بَني إِسرائيلَ الَّذينَ كانوا في بَيت فَلْوِى.7 وفَحَصَ المُنحدَرَاتِ المُؤَدِّيةَ إِلى مَدينتِهم وتفَقَّدَ كُلَّ عَينِ ماء وآحتَلَّها وجَعَلَ فيها مَواقِعَ مُقاتِلين ورَجَعَ هو إِلى جَيشِه.8 فدَنا إِلَيه جَميعُ رُؤَساءِ بَني عيسو وجَميعُ قُوَّادِ شَعبِ موآب وقُوَّادُ السَّاحِلِ وقالوا:9 ((لِيَسمَعْ سَيِّدُنا كَلِمةً، لِئَلاَّ نَقَعَ خَسائِرُ في جَيشِكَ. 10 فإِنَّ شَعبَ بَني إِسْرائيلَ هذا لا يتَّكِلُ على رِماحِه، بل على عُلُوِّ الجبالِ الَّتي يُقيمُ فيها. ولَيسَ مِنَ السَّهْلِ الصُّعودُ إِلىُ رُؤُوسِ جِبالِه. 11 والآن، يا سيِّد، فلا تُقاتِلْهم كما يُقاتَلُ في مَعرَكةٍ مُنَظَّمة، فلا يَسقُطَ مِن جَيشِكَ ولا رَجُلٌ واحِد. 12 إِبْقَ في مُعَسكَرِكَ مُحافِظًا على جَميعِ رِجالِ جَيشِكَ، ولْيَستَولِ رِجالُكَ على عَينِ الماء الخارِجِ مِن سَفْحِ الجَبَل، 13 فمِن هُناكَ يَستَقي جَميعُ سُكَّانِ بَيتَ فَلْوى. والعَطَشُ يُهلِكُهم فيُسلِمون مَدينَتَهم. ونَحنُ وجَيشُنا نَصعَدُ إِلى رُؤُوسِ الجِبالِ القَريبة ونُعَسكِرُ فيها كما في مَوقِعٍ أَماميّ، لِئَلاَّ يَخرُجَ أَيُّ رَجُلٍ مِنَ المَدينة. 14 فيَذوبونَ جوعًا هُم ونِساؤُهم وأَولادُهم، وقَيلَ أَن يُدرِكَهُمُ السَّيفُ يُصرَعونَ في شَوارعِ مدينَتِهم. 15 فتُكافِئُهم شَرَّ مُكافأَةٍ على عِصْيانِهم وعلى عَدَمِ الذَّهابِ لِمُلاقاةِ وَجهِكَ في سَلام. حيث لم يكن المطر يسقط طوال العام، فقد كان سكان فلسطين يعتمدون على عيون الماء وخزانات الماء، تحسبًا لأيام القحط والجدب، وقد كان في فلسطين عدد لا يحصى من عيون الماء (الينابيع) ولذلك فقد سماها الكتاب المقدس بأرض أنهار من عيون وغمار تنبع من البقاع والجبال (تث 8: 7). و يفهم من النص أن العين الرئيسية هي التي شُق لها مجرى إلى داخل المدينة كما يتضح من (العدد 12) بينما لم تكن كمية الماء التي تدرها الينابيع الصغيرة بكافية بتوصيلها إلى داخل المدينة، وكان الماء في المجرى كان يجرى ليتجمع في جب بئر عميق يقوم السكان برفعه عن طريق الشادوف والسواقى، وكانوا يخزنون الماء في أحواض معدة لذلك، ومن هنا فقد قرر أليفانا الضغط على اليهود عن طريق قطع الماء عنهم.. وكان ملوك اليهود قد سقوا الكثير من قنوات الماء من خارج المدن إلى داخلها تحسبًا للخصار المحتمل من قبل الأعداء بين آن وآخر، مثلما فعل حزقيا الملك حين شق مجرى الماء من نبع جيحون وحتى بركة سلوام. و يبرز هنا مرة أخرى رؤساء أدوم (بنى عيسو) وموآب وقواد الساحل (ربما صور وصيدًا والمدن الساحلية التي إنضمت إلى الأشوريين) ليظهروا حقدهم على بنى إسرائيل، لقد كانت مشورة منافقة، وكما قلنا سابقًا فهم أعداء تقليديون لليهود (و يسمون أيضًا الأعداء المحليون لليهود)، وقد استمرت العداوة مستحكمة بين الوثنيين واليهود إلى ما بعد الميلاد، فقد تأمروا على اليهود عندما رمموا سور أورشليم (نح 4: 7، 8) وفي عصر المكابيين تأمروا مع الحكام السلوقيون ضد اليهود وكان ذلك في سنة 170 ق.م.، وأخيرًا يكتب يوسيفوس المؤرخ: (إنهم يكرهوننا جدًا!). راجع أيضًا (عد 20: 14 - 22، 1 مكا 5: 6، 2 مكا 4: 26، 5: 7) و هكذا بقدر ما كانت لبيت فلوى امتيازات بسبب الجبال التي تحيطها وتحميها وتجعل من الوصول إليها أمرًا عسيرًا، فقد كانت نقطة الضعف هناك قلة المياة وصعوبة الحصول عليها، ويرد في النص اللاتيني، أن اليهود بعد تشديد الحراسة على عيون الماء من قبل الأعداء، كانوا يتخفون تحت جنح الظلام للحصول على كميات اضافية من الماء خارج المدينة. هذا وقد لعب الماء دومًادورًا كبيرًا (كسلاح سلبي في الحصار) فقد استخدم الآشوريون هذا السلاح في حصار السامرة سنة 722 ق.م.، وغيرها من المدن التي سقطت خلال أيام معدودة، لاسيما وإذا كانت تعتمد فقط على مياه الأنهار، ومن الينابيع وبالتالي فإن الجيوش الغفيرة المحاصرة لم تزعجهم بقدر ما عمل فيهم العطش، مما دفعهم في كثير من الأحوال إلى الاستسلام، كما سنرى. و قد كان هناك اعتقاد بين الوثنيين، بأن إله إسرائيل هو إله جبال وليس سهول! وبعبارة أخرى إن إلههم هو إله التلال والجبال، وبالتالي فقد رأوا أن آلهة الماء أقوى من آلهة الجبال! حيث ظن الأراميون كذلك قديمًا ولكن كل أعداء إسرائيل الذين هزموا، لم يهزمهم إله الجبال، وإنما الله خالق الكون كله (مز 136) ولأن الحرب للرب ومسيحه وعليه فإن اليهود لم يعتمدوا على حصونهم وجبالهم في حروبهم، بقدر ما اعتمدوا على الله الذي وضعوا فيه ثقتهم، فهو الذي يحميهم وأنه لا قدرة للأشوريين على كسرهم ما لم يسلم الله اليهود لأيديهم. 16 فحَسُنَ كلامُهم عِندَ أَليفانا وعِندَ جَميعِ ضُبَّاطِه، وأَمَرَ بِالعَمَلِ بحَسَبِ قَولهم. 17 فتَحَرَّكَ جَيشٌ مِن بَني عَمُّوَن ومَعَهم خَمْسَةُ آلافٍ مِن بَني أَشُّور وعَسكَروا في الوَهدَة وآحتَلُّوا عُيونَ ماءِ بَني إِسْرائيلَ وينابيعَهم. 18 وصَعِدَ بَنو عِيسو وبَنو عَمُّون وعَسكَروا في النَّاحيةِ الجَبَلِيَّة قُبالةَ دوتائين وأَرسَلوا أُناسًا مِنهُم نَحوَ الجَنوبِ والشَّرقِ قُبالةَ أَغرَبيلَ الَّتي بِالقُربِ مِن خُوس عِندَ سَيلِ مُخْمور. وعَسكَرَت بَقِيَّةُ قُوَّاتِ الأَشّوريينَ في السَّهْل فغَطَّت وَجهَ الأَرضِ كلَّه، وعَسكَرَت خِيَمُهم وأَمتِعَتُهم في كُتلَةٍ ضَخْمة، فقد كانوا جَمعًا غفيرًا جِدًّا. كانت عادة الملوك القدماء استخدام الجنود الحلفاء في محاربة وحصار الجيوش التي هناك عداوة فيما بينها وبين أولئك الجنود، مثل أن يستخدم البابليون والآشوريون الجنود الوثنيين في محاربة اليهود، مثل استخدام بيلاطس البنطى لفرق من الجنود السامريين في إخماد ثورات اليهود، ومن هنا فقد استعان أليفانا بجنود العمونيين وهم كثيرون كما يتضح من (عددى 17، 18) لكي يقوموا بحراسة عيون الماء، واشترك معهم الأدوميون واحتلوا المنطقة جميعها فيما يشبه الحصار الكامل.. أَغرَبيلَ EKREBEL: وترد في EGREBEL NEB وهو موقع في جنوب شرق دوثان بجوار خوس يصل بينهما جدول مخمور، وقد رفض أهلها وهم عمونيون وموآبيون، أن يمدوا بنى إسرائيل بالخبز والماء عند عبورهما من هناك، وفيما بعد تحالفت مع آشور ضد إسرائيل، وربما كانت هي AKRABEH الواقعة على بعد 40 كم شمال أورشليم 1 خُوس: CHUSI وتقع إلى الغرب من أغريبيل السابقة، وبالقرب من شكيم، وجنوب نابلس الحديثة. سَيلِ مُخْمور: MOCHMUR جدول مياه يقع جنوب شرق دوتان، وربما كان هو وادى مخفورية جنوب نابلس، ويرد في اللاتينية القديمة: ماخور MACHUR. و قد يرى البعض أن خمسة آلاف جندي هو عدد كبير بالنسبة لمهمة بسيطة مثل هذه، ولكته ليس بكثير بالنسبة لتعداد الأشوريين مع حلفائهم، ويرد في الترجمة اللاتينية أن أليفانا وضع على كل عين فرقة من مائة جندي. 19 وخارَت عَزيمَةُ بَني إِسْرائيل فصَرَخوا إِلى الرَّبِّ إلهِهم، لِأَنَّ جَميعَ أَعْدائِهم طَوَّقوهم، ولم يكُن هُناكَ سَبيلٌ إِلى الإفْلاتِ مِن وَسْطِهم. 20 وظَلَّ حَولَهم كُلُّ مُعَسكَرِ أَشُّور، مِنِ مُشاةٍ ومَركَباتٍ وفُرْسان، مُدَّةَ أَربَعةٍ وثَلاثين يَومًا. فنَفِدَت لدى جَميعِ سُكَّانِ بَيتَ فَلْوى آنِيَةُ الماءَ جَميعُها، 21 وجَفَّتِ الآبار ولم يكُنْ عِندَهم مِنَ الماءِ ما يُرْويهِم يَومًا واحِدًا، لِأَنَّ ماءَ الشّرْبِ كانَ يُقَنَّنُ علَيهم. 22 وكانَ أَطفالُهم خائِرِي القِوى، وكانَ النِّساءُ والشُّبَّانُ مَنْهوكينَ مِنَ العَطَش وكانوا يَسقُطونَ في شَوارِعِ المَدينة وفي مَمَرَّاتِ الأَبْواب، فم تَعُدْ فيهِم أَيَّةُ عَزيمة. عانى اليهود كثيرًا على مدار تاريخهم، من حصار الأعداء لهم، ومن المجاعات الشديدة التي تعرضوا لها إثر ذلك، وقد ثبتوا في بعض الأحيان وخاروا في الأخرى ولعل أشد حصار تعرض له اليهود هو حصار أورشليم (66 - 70 م) والذي اشتد لدرجة أن ذبحت إحدى النساء طفلها وأكلته (راجع تاريخ يوسيفوس) و تنبأ حزقيال النبي على أورليم بأن الخبز سيكون بالوزن والماء بالكيل وبالحيرة بسبب تضييق أعدائهم عليهم (حز 4: 16، 17) و قد استمر الحصار مدة أربعة وثلاثين يومًا وهي مدة كبيرة بالنظر إلى ندرة المياه، وقد جفت الآبار (الخزانات الأرضية) التي كان يتجمع فيها الماء، وذلك نتيجة قطع الماء من الخارج عنها، وكان المنظر مأسويًا، وقد اضطر يومًا المحاصرون في أورشليم إلى أكل لحوم البشر (2 مل 6: 28) وفي أيام حزقيا الملك. عندما كانت أورشليم محاصرة، اضطر الجنود إلى فتح ثغرة في السور ليهربوا من الهلاك الذي ينتظر المدينة (2 مل 25: 3). هكذا لاح الموت لسكان بيت فلوى (بخيال قبيح) وبدأ اليأس في التطرق إلى قلوبهم لاسيما وهم يرون أطفالهم قد قاربوا الموت عطشًا. 23 فآجتَمَعَ كُلُّ الشَّعبِ، مِن شُبَّان ونِساءٍ وأَولاد، على عُزَيَّا وعلى رُؤَساءَ المَدينة وصَرَخوا بِصَوتٍ عَظيمٍ فقالوا أَمامَ جَميعِ الشُّيوخ: 24 ((لِيَحكُمِ اللهُ بَينَكم وبَينَنا، فقد أَلْحَقْتُم بِنا ضَرَرًا جَسيمًا، إِذ لِم تُكَلِّموا بَني أَشُّورَ كَلامَ سَلام. 25 والآن، فإِنَّه لَيسَ لَنا مِن نَصير، بل باعَنا اللهُ إِلى أَيديهِم لِنُصرَعَ أَمامَهم في عَطَشٍ وهَلاكٍ عَطيمَين. 26 والآن فآدْعوهم وأَسلِموا المَدينةَ كُلَّها لِلنَّهْبِ إِلى شَعبِ أَليفانا وكُلِّ جَيشِه. 27 فخَيرٌ لَنا أَن نَكونَ غنيمَتَهم، لأَنَّنا نَصيرُ عَبيدًا وتَحْيا نُفوسُنا ولا نَرى بِأَعيُننا أَطْفالَنا يَموتون ونِساءَنا وأَولادَنا يَلفِظونَ أَرْواحَهم. 28 نَستَحلِفُكم بِالسَّماءِ والأَرضِ وبإِلهِنا ورَبِّ آبائِنا، الَّذي يُعاقِبُنا بِسَبَبِ خطايانا وخطايا آبائِنا، أَن تَعمَلوا بِهذا الكَلامِ في هذا اليَومِ نَفسِه)). 29 وآرتَفَعَ في وَسْطِ الجَماعَةِ كُلِّها نَحيبٌ شَديدٌ كنَحيبِ رَجُلٍ واحِد وصَرَخوا إِلى الرَّبِّ الإِلهِ بِصوتٍ عَظيم. 30 فقالَ لَهم عُزَيَّا: ((تَشَجَّعوا، يا إِخوَتي، لِنَصمُدْ خَمسةَ أَيَّامٍ أَيضًا يُحَوِّلُ فيها الرَّبُّ إِلهُنا رَحمَتَه إِلَينا، فإِنَّه لن يَترُكَنا حتَّى النَهاية. 31 وإِن مَضَت تِلكَ الأَيَّامُ ولم تأتِنا الإِغاثة، عَمِلتُ بِقَولِكم)). 32 وفَرَّقَ الشَّعبَ كُلَّ واحِدٍ إِلى مَركَزِه، فآنصَرَفوا إلى أَسْوارِ مَدينَتِهم وأَبراجِها، وأَرسَلوا النِّساءَ والأَولادَ إلى بُيوتهم. وكانوا بالمَدينةِ في آنهِيارٍ شديد. ما أبشع الموت عندما يأتي بطيئًا.. سواء أكان بالعطش والمرض، وكم كانت قاسية على اليهود أن يروا أطفالهم وشيوخهم يتهاوون في الشوارع أمام عيونهم، ومن هنا فقد حدث كثيرًا على مدار التارخ أن قتل الآباء والأمهات أطفالهم بأيديهم بدلًا من أن يموتوا جوعًا أمام أعينهم. أما عن تذمر بنى إسرائيل هنا، فهو الضعف البشرى، فقد تذمر بنو إسرائيل قبل ذلك واجتمعوا على موسى وهرون باكين ونائحين بسبب خوفهم من العمالقة ولكن الله طمئن قلوبهم ونصرهم على العمالقة (عد 14) ولكنهم الآن يذكرون أيضًا كيف تركهم الله عدة مرات قبل ذلك بسبب قساوة قلوبهم ودفعهم إلى أيدي ناهبيهم (قض 2: 14) فقد أسلمهم إلى يد كوشان رشتعايم ملك آرام (قض 3: 8) وباعهم بعد ذلك إلى يد يابين ملك كنعان (قض 4: 2) ثم إلى الفلسطينيين (قض 10: 7). و لكن اقتناع بنى إسرائيل هنا بأن ذلك بسبب خطاياهم وخطايا آبائهم، هو تعبير عن اعتقادهم الراسخ بأن الله مازال يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء (خر 20: 5، مرا 5: 7) ولكن الله صرح لهم بأن الذي يأكل الحصرم هو الذي تضرس أسنانه وليس أولاده هو (راجع را 31: 30). أما عن طلبهم تسليم المدينة لأليفانا، فمرجعه إلى عادة الغزاة عند اقتحام الحصون بعد الحصار، التمثيل بسكانها والانتقام منهم، وعدم الأكتفاء بقتلهم، مثلما فعل الأسكندر الأكبر في سكان كل من صور وغزة حيث صلب منهم ألافًا على طول الطريق هناك، كما عذب قائد غزة الفارسى عذابًا مروعًا. ومن هنا فقد عرضوا الأستعباد لأليفانا خوفًا من ذلك المصير المجهول الذي ينتظرهم، ما لم يسعفهم الله، مرددين بذلك ما قاله أجدادهم لموسى بعد خروجهم من أرض مصر (كف عنا لنخدم المصريين لأنه خير لنا أن نخدم المصريين من أن نموت في البرية " عطشًا وجوعا " خر 14: 12) و لكن الله يأتي دائمًا في الوقت المناسب ولا يسلم ميراثه للعار. فحين يرجع الإنسان بالملامة على نفسه في كل شيء (كما يقول القديس بفنوتيس أب جبل شيهات) عندئذ يحنو الله عليه ويرحمه، وقد استطاع اليهود بصراخهم إلى الرب - على مدار تاريخهم - أن يستجلبوا رحمته ويغيروا من أحكامه ويحملونه على الندم! (راجع خر 14: 10، قض 3: 9، 15، 4: 3، 6: 6، 7، 10: 10) يقول أحد القديسين (إن كنت تخلص البار فليس هذا بعجيب ولكن في أنا الخاطئ الضعيف أظهر رحمتك) خَمسةَ أَيَّامٍ: ربما لم تكن في نية عزيا تسليم المدينة ولا بعد خمسة أيام، وقد يكون ذلك من أجل تهدئة مشاعر الشعب المضطربة، وإعطاء فرصة أطول للتماسك والتمسك بالله، وربما كانوا في يوم الأثنين وأقنعهم هزيا بالانتظار حتى ينتهي يوم السبت!، وربما كانت المؤن والماء الذي عندهم لا يكفى إلا لهذه المدة فقط (عزوا عزوا شعبي يقول إلهكم طيبوا قلب أورشليم ونادوا بأن جهادها قد كمل أن إثمها قد عفى عنه أنها قد قبلت من يد الرب ضعفين عن كل خطاياها أش 40: 1، 2). يقول القديس كليمندس الروماني: (يهوديت المطوبة لما حوصرت مدينتها، إلتمست المواعيد القديمة لتذهب صاعدة إلى معسكر الأعداء معرضة نفسها للخطر. ذهبت من أجل الحب الذي تحمله لبلدها وشعبها المحاصر فوضع الله أليفانا في يج امرأة) 1 |
||||
31 - 03 - 2014, 04:40 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام - تفسير سفر يهوديت
يهوديت 8 - تفسير سفر يهوديت القسم الثالث استعدادات يهوديت ص 8: 1 إلى ص 10: 10 الإصحاح الثامنيهوديت الأرملة التقية تغير غيرة الرب وتوبخ الشعب على ضعف إيمانه وتطمئنهم بأن الله سوف يعمل في ضعفها ويخلصهم 1وفي تِلكَ الأَيَّام بَلَغ الخبَرُ يَهوديت، بِنتَ مَرارِيَ بنِ أَخْسَ بن يوسفَ بنِ عُزِّيئيلَ بنِ حِلْقِيَّا بنِ حَنَنْيا بن جِدعَونَ بنِ رافائيمَ بنِ أَحيطوبَ بنِ إِيليَّا بنِ حِلْقِيَّا بنِ أَليآبَ بنِ نَتَنائيلَ بنِ شَلوميئيلِ بنِ صورِشَدَّايَ بنِ إِسْرائيل.2 وكان مَنَسَّى زَوجُها مِن سِبْطِها وعَشيرتها، وقد ماتَ في أَيَّامِ حِصادِ الشَّعير،3 فإِنَّه كانَ يُراقِبُ رابِطي الحُزَمِ في السَّهْل، فَوقَعَ الحَرُّ الحارِقُ على رأسِه فلازمَ الفِراشَ وماتَ في بَيتَ فَلْوى مَدينتِه. فدَفَنوه مع آبائِه في الحَقْلِ الَّذي بَينَ دوتائينَ وبَلَمون. مَرارِيَ: إسم عبري معناه (مر) أَخْسَ:ox / oks وربما كان الأسم صيغة للإسم عوص المذكور في (تك 22: 21) وورد في الفولجاتا أبدوس. يوسفَ: (عبري = زيادة) عُزِّيئيلَ: من عزيا ozil ومعناه (يهوه قوة) حِلْقِيَّا: (عبري = يهوه قسمى) وفي الفولجاتا جاء في صيغة آلاى. حَنَنْيا: (عبري = يهوه حنان) وفي الفولجاتا جاء في صيغة يمنور. جِدعَونَ: (عبري = حطاب ومصارع). رافائيمَ: صيغة للأسم العبري رافائيل ومعناه (الله شفى وشفاء الله). أَحيطوبَ: (عبري = أخى الصلاح والأخ الطيب). إِيليَّا: (عبري = إلهي يهوه). أَليآبَ: (عبري = الله أب). نَتَنائيلَ: من الإسم نثنئيل (عبري = قد أعطى الله). شَلوميئيلِ: (عبري = الله سلام). ويكتب أحيانًا في صيغة شألتيئيل. صورِشَدَّايَ: (عبري = القادر على كل شيء صخرة). و قد ورد في الترجمة اللاتينية للسفر، انتساب يهوديت إلى سبط شمعون ولكن ذلك ورد هنا في (9: 2) وقد اهتم كاتب السفر بأن يورد سلسلة نسب يهوديت لخمسة عشر جيلًا فهي يهودية مثل كل اليهود الذين يحرصون على هذه الأنساب، وكانوا يلقونها لأطفالهم، فما أن تسأل طفل يهودي عن إسمه حتى يسرد قائمة طويلة من الآباء والأجداد ينتسب إليهم. و أما زوجها منسى (اسم عبري معناه: الرب رايتى) فقد كان غنيًا موسرًا، كما يتضح مع الثروة التي تركها لها (8: 7) وقد أصيب بضربة شمس بينما كان يحفز العمال الحصادين في شهر مايو (موعد حصاد الشعير) وكانت الإصابة لضربة الشمس كثيرًا ما تحدث في مثل هذه الظروف في فلسطين (راجع، 2 مل 4: 18 - 20). 4 وكانت يَهوديتُ مُتَرمِّلةً في بَيتِها مُنذُ ثَلاثِ سَنواتٍ وأَربَعةِ أَشهُر.5 وكانَت قد هَيَّأَت لِنَفسِها عُلِّيَّةً على سَطحِ بَيتها، وكانَت تَضَعُ مِسْحًا على وَسْطِها وتَرتَدي ثِيابَ تَرَمُّلِها.6 وكانَت تَصومُ جَميعَ أَيَّامِ تَرَمُّلِها، ما خَلا السُّبوتَ وعَشِيَّتَها ورُؤُوسَ الشهورِ وعَشِيَّتَها وأَعيادَ بَيتِ إِسْرائيلَ وأَفْراحَهم.7 وكانَت جَميلةَ الطَّلعَةِ ظَريفَةَ الهَيئَةِ جِدًّا، وقد تَرَكَ لَها مَنَسَّى زَوجُها ذَهَبًا وفِضَّةً وخُدَّامًا وجَواريَ وقُطْعانًا وحُقولًا، وكانَت تُقيمُ في أَمْلاكِها.8 ولم يكُنْ هُناكَ أَحَدٌ يَقولُ علَيها كلِمةَ سُوء، لأَنَّها كانت تتَّقي اللهَ كَثيرًا. أحاط الله من خلال كلمته المقدسة، الأرملة بكثير من الإهتمام، وحث شعبه على العطف عليها والقضاء في احتياجاتها وعدم ظلمها (تث 10: 18، 27: 19، أي 24: 21، 29: 13) وارتبط اسم الأرملة في العهد القديم كثيرًا باليتيم، وكان ترتيب أولئك المحتاجين ئإلى الشفقة والإهتمام في العهد القديم كالتالي (اليتيم والأرملة والغريب والضيف) في حين تغير هذا الترتيب في العهد الجديد ليصبح - كما ورد في القداس الإلهي (الأرملة واليتيم والغريب والضيف) مقدمًا بذلك الأرملة على اليتيم، ولعل أشهر الأرامل المذكورات في الكتاب المقدس هما راعوث الموآبية (سفر راعوث) وأرملة صرفة صيدا (1 مل 17) وفي العهد الجديد حنة النبية (لو 2: 36: 37). و قد ترملت يهوديت وهي ما تزال صبية، حيث لم يرد لها ذكر ولد وبنت، ومع ذلك لم تتزوج مرة أخرى رغم أن ذلك مباح وطبيعي لاسيما إذا تزوجت شقيق زوجها لتقيم له نسلًا، ولكنها كمن كانت ترغب في حياة البتولية، انقطعت للعبادة فيما يشبه القلاية، مرتدية ملابس الترمل وهي ثياب تخلو من الزينة وتميل إلى الأزرق والأسود (راجع تك 38 ك: 14). ومع أن الترمل بالنسبة للمرأة اليهودية لا يلزمها بالصوم فإنها قد صامت طوال الثلاث سنوات والثلث و لم تطبق على يهوديت شريعة اليبوم (شريعة الزوج المتوفى) حيث لم تلزم بأن تتزوج زوج أخيها لتقيم له نسلًا (حيث لم يذكر السفر أنه كلن لها أولاد) مثلما الحال مع حنة البنية، وقد إهتمت بأن تؤدى واجبها نحو الهيكل من جهة التقدمات (و تسمى في العبري تروماه) وعاشت تبحث عن الإلهيات، وكانت متحدثة لبقة ومتعلمة ويندر أن توجد امرأة بمثل هذه المواصفات مجتمع في نساء العهد القديم. و يرد في تعاليم الرسل الاثني عشر، الكتاب الخامس، ما يلى: (و بواسطة الصوم هرب كل من راعوث وإستير ومردخاى ويهوديت من تنفيذ حكم الموت وكما يوقل داود ركبتاي ضعفتا من الصوم ولحمى هزل عن الزيت (مز 109: 24) 1. و مما يزيد عن قدرها هو تلك الثروة التي تركها لها زوجها والتي لم تجعل قلبها يتشامخ، بل تحلت بكثير من الفضائل جعلتها أهلًا لتقدير أهالي المدينة، فقد كانت سبب بركة ومجدت الله بحياتها، فإن كانت يهوديت كأي إمراه يهودية ومسيحية لها ضعفاتها، قد آثرت الحياة مترملة عابدة، فكيف ينكرون على كلية الطهر السيدة العذراء أنها بقيت عذراء لم تتزوج وينكرون عليها لقب دائمة البتولية.! 9 وسَمِعَت كَلِماتِ الشَّعبِ السَّيِّئَةَ على الرَّئيس، لأِنَّ عَزيمَتَهم خارَت بِسَبَبِ قِلَّةِ المِياه، وسَمِعَت أَيضًا يَهوديتُ جَميعَ الكلامِ الَّذي كَلَّمَهم بِه عُزَيَّا، إِذ أَقسَمَ لَهم بِتَسْليم المَدينةِ بَعدَ خَمسةِ أَيَّامٍ إِلى الأَشُّوريِّين. 10 فأرسَلَت وَصيفَتَها القَيِّمةََ على جَميعِ أَمْوالِها ودَعَت شُيوخَ مَدينتِها عُزَيَّا وكَرْبى وكَرْمي، 11 فأَتَوا إلَيها فقالَت لَهم: ((اِسمَعوا لي، يا رُؤَوساءَ السُّكَّانِ في بَيتَ فَلْوى، لَيسَ صائبًا كَلامُكمُ الذي تَكلَّمتُم بِه أَمامَ الشَّعبِ في هذا اليَوم، فأَقسَمتُم ذلك اليَمينَ الَّذي أَدَّيتُموه بَينَ اللهِ وبَينَكم، فوَعَدتُم بِتَسْليمِ المَدينةِ إِلى أَعدائِنا، إِن لم يُغِثْنا الرَّبُّ في الأَيَّامِ الخَمْسة. 12 والآن فمَن أَنتُم حتَّى جَرَّبتُمُ اللهَ في هذا اليَوم وأَقَمتُم أَنفُسَكم فَوقَ اللهِ في وَسْطِ البَشَر؟ 13 والآن فإِنَّكم تَمتَحِنونَ الرَّبَّ القَدير، فلَن تَفهَموا شيَئًا لِلأَبَد، 14 لِأَنَّكم لن تَكتَشِفوا أَعْماقَ قَلبِ الإِنسان ولن تُدكوا أَفكارَ ذِهنِه. فكَيفَ تَهتَدونَ إِلى اللهِ الَّذي صَنَعَ كُلَّ ذلك وتَفهَمونَ فِكرَه وتُدركونَ تَدبيرَه؟ لا، يا إِخْوَتي، لا تُثيروا غَضَبَ الرَّبِّ إِلهِنا. 15 فإِن لم يَشَأْ أَن يُغيثَنا في الأَيَّام الخَمسَة، فلَه سُلْطانٌ به يَحمِينا في الأَيَّامِ الَّتي يَشاء ويُبيدُنا أَمامَ أَعدائِنا. 16 أَمَّا أَنتُم فَلا تَرتَهِنوا تَدابيرَ الرَّبِّ إِلهِنا، فإِنَّ اللهَ لَيسَ كالإِنْسانِ فيُهَدَّد ولا كآبنِ الإِنسانِ فيُحتَكَم. 17 ولذلك فَلْنَنتَظِرْ مِن لَدُنِه الخَلاص ولنستَغثْ به فيُصغِيَ إِلى صَوتِنا، إِن حَسُنَ لَدَيه. بروح المحبة والغيرة المقدسة، ومثل نبية أرسلت لرؤساء الشعب فحضروا إليها لكي تناقش معهم هذه القضية، مما يعكس مكانتها الكبيرة حتى لدى الرؤساء، فلم تكن مجرد واحدة من الأراخنة في المدينة. و إنما كإنسانة لها ثقل روحي كبيرة.. فعاتبتهم بروح المحبة، فاليد العليا هنا والكلمة الأخيرة، هي: للحق الإلهي. إن تحديد موعد لتدخل الله هو نوع من الشك ومن ممارسة الضغط وتجربة الله، فعلى مدار تاريخ اليهود مع الله، لم يسر الله بمحاولاتهم تجربته (راجع خر 17: 2 - 7، عد 14: 22، تث 6: 16، أي 28: 2، 40: 20، 42: 3، مز 78: 18، 95: 9، 106: 11، أش 7: 12، مت 4: 7، أع 15: 10، 1 كو 10: 9). لقد أشارت يهوديت إلى أن ذلك من شأنه أن يهيج سخط الله، فقد لا يستجيب الله في هذه الفترة وقد يأتي في الهزيع الرابع، على أنه من المؤكد أنه لن يتخلى عنهم، بل يسرع إلى نجدتهم، لا بسبب إلحاحهم فحسب وإنما لأنهم أولاده ولن يسلمهم لأيدي مضطهديهم، إلا إذا كان في ذلك منفعة لهم وبالتالي فقد طلبت يهوديت منهم الاعتذار لله والتماس المغفرة. فكر الله وإدراك تدبيره: إن كان الإنسان لا يستطيع إدراك أعماق إنسان أخرً، فكيف يدرك مشيئة الله ويتعامل معه كإنه إنسان يمكن أن يخضع للضغط والمساومة!، أما في اللجاجة التي تصاحب الصلاة فما هي إلا تعبير عن تمسكنا بالله دون غيره، وأننا لن نلجأ إلى الذراع البشرية والطرق العالمية لحل مشاكلنا، ومن هنا فقد كان معنى اللجاجة في الأصل اليوناني هو الاستمرار الذي لا يخجل.! إن علينا إلا نشطرب بسبب كبرياء الأعداء واحتقارهم لنا وتلويحهم بذراع القوة، وإنما علينا أن نتمسك بتواضعنا الذي سيجلب لنا رأفة إلهنا. 18 فإنَّه لم يَقُمْ في أَجْيالِنا ولا في أَيَّامِنا سِبطٌ وعَشيرةٌ وأَرضٌ ومَدينةٌ مِن عِندِنا تَسجُدُ لِآلِهَةٍ مِن صُنعَ الأَيدي، كما جَرى في الأَيَّامِ القَديمة، 19 فأُسلِمَ آباؤنا إِلى السَّيفِ والنَّهْب وسَقَطوا سُقوطًا عَظيمًا أَمامَ أَعدائِنا. 20 أَمَّا نحنُ فلم نَعرِفْ إِلهًا غيرَه. ولذلك فإِنَّنا نَرْجو أَنَّه لن يَزْدَرِيَنا ولَن يُعرِضَ عن نَسْلِنا. " 21 فإِن قُبِضَ علَينا قُبِضَ كذلك على اليَهودِيَّةِ كُلِّها ونُهِبَ مَكانُنا المُقَدَّس وطالَبَ اللهُ دَمَنا بِتَدنيسِه 22 وأَوقَعَ علىُ رُؤُوسِنا بَينَ الأُمَم حَيثُ نَصيرُ عَبيدًا مَقتَلَ إِخوَتِنا وجَلاءَ الأَرضِ ودَمارَ ميراثِنا، وأَصبَحْنا مَعثَرةً وعارًا أَمامَ مُمتَلِكينا. 23 فإنَّ عُبودِيَّتَنا لن تؤُولَ إِلى الحُظْوَة، بل إِنَّ الرَّبَّ إِلهَنا يُحوِّلُها إِلى هَوان. 24 والآن، يا إِخوَتي، لِنُظهِرْ إِلى إِخوَتِنا أَنَّ نُفوسَهم مَنوطةٌ بِنا وأَنَّ المكانَ المُقَدَّسَ والمَقدِسَ والمَذبَحَ مُعتَمِدَةٌ علَيكم. 25 وما عدا ذلك كلَّه، فلْنَشكُرِ الرَّبَّ إِلهَنا الَّذي يَمتَحِنُنا كَما آمتَحَنَ آباءَنا. 26 اُذكُروا كُلَّ ما صَنَعَه إِلى إِبْراهيم وكمِ آمتَحَنَ إِسحق وكُلَّ ما جَرى لِيَعْقوبَ في ما بَينَ النَّهرَين في سورِية، حينَ كانَ يَرْعى خِرافَ لابانَ أَخي أُمِّه. 27 فكَما أَنَّه آمتَحَنَهم بِالنّار لِيَسبِرَ قُلوبَهم؟ كذلك لن يَنتَقِمَ مِنَّا، بلَ الرَّبُّ يُؤَدِّبُ الَّذينَ يَقتَرِبونَ مِنه إِنْذارًا لَهم. عزاء اليهود هنا فيما قالته يهوديت، من أنهم لم يشتركوا في خطايا آبائهم الذين تركوا الله وعبدوا آلهة غريبة، حيث غضب الله منهم، فقد استوعبوا الدرس ويرجونه كإله واحد لا يعرفون غيره، أن يؤدبهم دون أن يسلمهم لأعدائهم فلنسقط في يد الرب لأن مراحمه كثيرة ولا أسقط في يد إنسان 2 صم 24: 14 و قد طلبت يهوديت من الشيوخ باعتبارهم مسئولين عن الشعب، أن يطمئنوا السكان ويشددوا عزائمهم، لأن الله إنما يمتحنهم فقط كما امتحن أبائهم (مثل إبراهيم تك 22: 1 - 19) على أن يعرف الشعب أن الأمر لا يخصهم وحدهم فقط وإنما هي قضية وطنية تخص اليهود بأجمعهم، وأن الله لن يسلك ميراثه وهيكله وأقداسه للغرباء فيصبح اليهود عارًا بين الأمم، ولهم في أبائنا الأول مثالًا وخبرة كيف أن الله امتحنهم لتزكيتهم وصقلهم، وقد وردت تجربة اسحق في (تك 25: 21، 27: 1 - 4) وأما تجربة يعقوب فقد وردت في (تك 29: 31). و نقرأ في سفر المكابيين الأول، أنه عندما جتء سارون القائد السلوقى ليحارب اليهود، كان على رأس جيش كبير جدًا ومسلح جيدًا، مقابل جيش اليهود المتواضع عددًا، فلما أبصلا الجنود اليهود ذلك خارت عزائمهم واستولى عليهم الخوف، وهنا حل روح الرب على يهوذا المكابى فقال: (ما اسهل أن يقفل على الكثيرين في ايدي القليلين وسواء عند السماء أن تخلص بالكثيرين وبالقليلين فانه ليس الظفر في الحرب بكثرة الجنود وانما القوة من السماء. اولئك ياتوننا بفيض من التعجرف والأثم ليبيدونا نحن ونساءنا وأولادنا ويسلبونا. واما نحن فنحارب عن نفوسنا وسنننا. وهو يكسرهم أمام وجوهنا فلا تخافوهم (1 مكا 3: 18 - 22). كذلك فإن يهوديت هنا تقوم بدور النبية فكل ما قالته تحقق حيث تمجد الله معهم. 28 فقالَ لَها عُزَيَّا: ((كُلُّ ما قُلْتِه تَكَلَّمتِ بِه بقَلْبٍ طَيِّب، وما مِن أَحَدٍ يُعارِضُ كَلامَكِ، 29 لِأَنَّ حِكمَتَكِ لم تَظْهَرْ في هذا اليَوم فَقَط، بل مُنذُ أَوَّلِ أَيَّامِكِ عَرَفَ الشَّعبُ كُلُّه ذَكاءَكِ وحُسنَ ما يَتصَوَّرُه قَلبُكِ. 30 لكِنَّ الشَّعبَ عَطِشَ عَطَشًا شَديدًا وأَرغَمَنا على العَمَلِ بِمَا وَعَدْنا به وعلى إلْزامِ أَنْفُسِنا بِقَسَمٍ لن نَنقُضَه. 31 والآن فصَلِّي لِأَجلِنا، فإِنَّكِ آمرَأَةٌ تَقِيَّة، فيُرسِلَ الرَّبُّ مَطَرًا يَملأُ آبارَنا، فلا تَخورَ عَزائِمُنا بَعدَ اليَوم)). 32 فقالَت لَهم يَهوديت: ((اِسمَعوا لي، سأَصنعُ عَمَلًا يَبلغٌ ذِكرُه بَني نَسلِنا مِن جيلٍ إِلى جيل. 33 في هذه اللَّيلَة، أَنتُم تَقِفونَ على الباب وأَنا أَخرُجُ مع وَصيفَتي، وقَبلَ الأَيَّامِ الَّتي وَعَدتُم فيها بِتَسْليمِ المَدينةِ إِلى أَعْدائِنا، يَفتَقدُ الرَّبُّ إِسْرائيلَ عن يَدي. 34 لا تَفحَصوا أَنتُم عن تَصَرُّفي، لِأَنِّي لن أَقولَ لَكم شَيئًا قَبلَ أَن يَيمَّ ما أَنا فاعِلَتُه)). 35 فقالَ لَها عُزَيَّا والشَّيخان: ((اِذْهَبي بِسَلام والرَّبُّ الإلهُ يَتقدَّمُكِ في الِانتِقامِ مِن أَعدائِنا)). 36 ثُمًّ غادَروا العُلِّيَّة وآنصَرَفوا إِلى مَرا كِزِهم. مسحة الروح القدس التي كانت في أقوال يهوديت، أعطت الاقتناع والراحة للشيوخ، وأشاعت السلام في قلوبهم، لقد وضع الله في قلبها مسبقًا مشورته الصالحة ووضع في قلبها أيضًا ماذا تصنع لأجل هذا الشعب، لقد طلب منها الشيوخ أن تصلى عنهم إذ سوف يسمع الله لصلاتها لأنها تقية وقديسة. و قد إتضح لرؤساء بيت فلوى، أن يهوديت قد أرسلت من قبل الله ليتم على يدها خلاص هذا الشعب من البلية التي أحدقت بهم، وتبادر إلى أذهانهم خلدة النبية، ودبورة واستير وياعيل، هاته النسوة اللائى كان لهن دور في قيادة بنى إسرائيل في مثل تلك الحالات الحرجة. و قد طلبت يهوديت من الشيوخ ألا يفصحوا عما ستفعله، فإن السرية هامة جدًا في مثل تلك الخطط وتلك الظروف، ونلاحظ أن يهوديت لم تطلع عامة الشعب على دورها الريادى هذا، ولكنها أوقفت شيوخ الشعب على عزمها فقط على تحقيق خطة الله لخلاصهم، وقد باركها الشيوخ هنا لتبدأ في عملها، ويرد في الترجمة اللاتينية أنها طلبت منهم الصلاة عنها (8: 31) وهو اتضاع منها وتقدير منها لدور الكهنوت، فهي تعمل هنا أيضًا من خلال الكنيسة وتحت مظلتها.. إن كل عنل خارج مظلة الكنيسة وترتيبها مشكوك فيه. تهللوا ايها الامم شعبه لانه ينتقم بدم عبيده ويرد نقمة على اضداده ويصفح عن ارضه عن شعبه. (تث 32: 43). من هنا وفي هذا الإصحاح يبزغ النور الإلهي، ويظهر المخلص، وهوذا تدبير الله الهادئ وسط ثورة الشيطان وأعوانه. |
||||
31 - 03 - 2014, 04:41 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام - تفسير سفر يهوديت
يهوديت 9 - تفسير سفر يهوديت صلاة يهوديت وتواضعها أمام الله ليؤكد خطوتها1 سَقَطَت يَهوديتُ على وَجهِها وأَلْقَت رَمادًا على رأسِها وخَلَعتِ المِسْحَ الَّذي كانَت تَرتَديه، وكانتِ السَّاعةُ ساعةَ تَقدِمةِ بَخورِ ذلك المساءِ في بَيتِ اللهِ في أُورَشليم. وصَرَخَت يَهوديتُ صُراخًا عَظيمًا إِلى الرَّبِّ وقالَت: 2 أَيُّها الرَّبُّ، إِلهُ شِمْعونَ أَبي يا مَن سَلَّمَ إِلى يَدِه سَيفًا لِيَنتَقِمَ مِن غُرَباءَ حَلُّوا إِزارَ عَذْراءَ لِعارِها وعَرَّوا فَخذَها لِخِزْيِها ودَنَّسوا بَطنَها لِهَوانِها. لِأَنَّكَ قُلتَ: لا يَكونُ كذلك. ولكِنَّهم فَعَلوا. 3 لِذلكَ أَسلَمتَ رُؤَساءَهم إِلى القَتْل ومَضجَعُهمُ المَفْضوحُ بِخِداعِهِم خُدِعَ حتَّى الدَّم. وضَرَبتَ العَبيدَ إلى جانِبِ المُقتَدِرين واِلمُقتَدِرينَ مع عَبيدِهم 4واُسلَمتَ نِساءَهم إِلى السَّبْيِ وبَناتِهم إِلى الجَلاء وجَميع أَسْلابِهم إِلى اَقتِسامِ البَنينَ المَحْبوبينَ اليكَ الَّذينَ غارُوا غَيرَتَكَ ومَقَتوا نَجاسةَ دَمِهم واَستَغاثوا بِكَ. اللَّهُمَّ، يا إِلهي آستَجِبْني أَنا الأَرْمَلة)). كانت يهوديت قد عزفت عن العالم، وأدارت ظهرها لمباهجه ولذاته، مختلية بنفسها مع الله، تصرف وقتها في الصلاة والتأمل المقرون بالصوم، كانت يهوديت جميلة الصورة جيدة الفهم (مثل سوسنة وابيجايل) على جانب كبير من الثراء، ولكنها اختارت حياة تشبه الرهبنة، ذلك في علية تشبه قلالى الرهبان، فوق سطح منزلها، تستمتع من خلالها بالتأمل والنظر إلى الأفق الممتد في مساحة جبلية وأخرى خضراء، كما يتسنى لها التطلع إلى الهيكل في اتجاهه - عن بعد. و كانت العلية كحجرة مستقلة فوق أسطح المنازل اليهودية، أمر مألوف، كما يتضح ذلك من (1 مل 17: 19، 2 مل 4: 10، قض 3: 20). و أما بخصوص النسك فقد اعتاد اليهود أن يصوموا يوم الكفارة بصفة إلزامية دائمة إضافة إلى الأصوام الاختيارية، فقد كانوا يصومون مثلًا من أجل سقوط الأمطار 1، كما كان اليهود الأتقياء يصومون يومى الأثنين والخميس من كل أسبوع حتى الساعة السادسة مساءًا 2. كان ذلك وقت تقديم البخور في الهيكل (راجع خر 30: 8) حين ألقيت يهوديت بنفسها على الأرض، تستمد معونة من الله، فقد اقتربت مهمتها، وكأنها بذلك تأخذ من الله إشارة البدء (راجع 2 صم 13: 19، أش 61: 3) لقد غارت غيرة الرب وكأنها ورثت هذه الغيرة عن شمعون جدها حيث تنتمي إلى سبطه. إِلهُ شِمْعونَ: شمعون هو ابن يعقوب بن ليئة (تك 9: 33) وكان سبط شمعون هو أصغر الأسباط عند امتلاك الأرض (عد 1: 22، 26: 12 - 14) وقد قام شمعون بالأشتراك مع لاوي أخيه بالانتقام من بنى شكيم بسبب إهانتهم دينة أختهم مما تسبب عنه غضب يعقوب أبيهم (تك 34: 30، 49: 5 - 7) كذلك لم يرد موسى النبي أن يبارك سبط شمعون وسبط لاوي عند خروجهم من مصر (تث 33). و مع أنه كان سبطًا صغير الشأن هكذا، إلا أنه ينال اهتمامًا خصًا في سفر يهوديت، وعندما امتدحت يهوديت شمعون (المنحدرة من سبطه) فهي لم تمتدح أعمال القتل والغدر التي قام بها، ولكنها امتدحت غيرته على شعبه كما هو الحال معها هنا في أمر الأعداء الأشوريين (ص 9) وللعلامة أوريجانوس تعليق على ذكر سبط شمعون في سلسلة أنساب يهوديت، وهو أن الله أراد أيضًا أن يظهر أنه إله شمعون أيضًا وليس إله إبراهيم وإسحق ويعقوب فقط 3 تعرض يهوديت هنا للحادث المأسوى في شكيم، فعند مدينة شكيم خرجت ابنة يعقوب الوحيدة دينة (لتنتظر بنات الأرض) فرآها أمير المدينة ويدعى شكيم بن حمور، فأذلها وأفسد عفتها وطلب من يعقوب وأولاده أن يتزوجها فوافق إخواتها على ذلك بمكر، غير أنهم إشترطوا لكي يتم هذا الزواج أن يختتن كل رجال شكيم حتى يمكن مصاهرتهم (لأنهم لا يصاهرون الغُلف) فوافقوا، وانتهز كل من شمعون لاوي الفرصة وهجموا على المدينة في اليوم الثالث وقتلوا كل ذكر فيها وأيضًا حمور وشكيم إبنه (إذ كان الجميع مازالوا متوجعين) ثم استعادوا اختهما بعد أن نهبوا المدينة، ولكن يعقوب إستاء من مسلكهم هذا (تك 34: 1 - 30، 49: 5 - 7). و قد عرضت قضيتها في صورة شعرية رائعة، وهي هنا تضع اليهودية في المقارنة مقابل دينه، وتتذكر غيرة شمعون على دينة وتخليصه لها، إنها نفس الروح التي تحركت فيها الآن. 5 فأَنت صَنَعتَ أَحْداثَ الماضي والحاضِرِ والمُستَقبَل وقَدَّرتَ الحاضِرَ والمُسْتَقبَل وما قَدَّرتَه كان 6 وما أَرَدتَه كانَ فقال: ((هاءَنذا)). فإنَّ طُرُقَكَ جَميعَها مُهَيَّأة وحُكْمَكَ حُكم بصير. 7 ها إِنَّ الاشُّورِيينَ قد تَباهَوا بِجَيشِهم وآفتَخَروا بِأَفراسِهم وفُرْسانِهم وتَبهروا بِذِراعِ مُشاتِهم وتَوكَّلوا على التُرسِ والرُّمْحِ والقَوسِ والمِقْلاع ولم يَعلَموا أَنَّكَ أَنتَ الرَّبُّ المُحَطِّمُ الحُروب. 8 الرَّبُّ هو آسمُكَ أَنتَ إِسحَقْ عُنفَهم بِقُدرَتكَ وحَطِّمْ قُوَّتَهم بِغَضَبِكَ لِأَنَّهم أَرادوا أَن يُدَنِّسوا مَكانَكَ المُقَدَّس ويُنَجِّسوا خَيمَةَ راحةِ آسمِكَ المَجيد ويَهدِموا بِالحَديدِ قَرنَ مَذبَحِكَ. 9 أُنظُرْ إِلى كِبرِيائِهِم وأَنزِلْ غَضَبَكَ على رُؤُوسِهِم وآمنَحْ يَدي أَنا الأَرملَةَ القُوَّةَ الَّتي أَرتَقِبُها. 10 إِضرِبْ بِشَفَتَيَّ الخادِعَتَينِ العَبدَ إِلى جانِبِ الرَّئيس والرَّئيسَ إِلى جانِبِ خادِمِه وآسحَق تَعَجرُفَهم بِيَدِ أمْرَأَة. 11 لِأَنَّها لَيسَت قُوَّتُكَ بِالكَثرَة ولا قُدرَتُكَ بِالأَقوِياء بل إِنَّكَ إِلهُ الوُضَعاء ومُغيثُ الصِّغار ونَصيرُ الضُّعَفاء وحامي المُهمَلين ومُخلِّصُ اليائسين. من بين المواضع المتعددة في السفر، توضح هذه الفقرة إحدى صفات الله وهي السرمدية، صنع الماضي والحاضر والمستقبل، والقدرة المطلقة على كل شيء، مما يؤكد أن الله هو الذي رتب هذا الأمر وسمح لليهود بهذه الضيقة، وأن الأشوريين هم في يد الله ولن يدعهم الله يؤذون بنى إسرائيل إلا بسماحه (راجع أي 38: 3 - 5، مز 33: 11، 135: 6، أش 42: 9، 44: 7، 8، 46: 10، 48: 3، 49: 9 - 13). و قد اقتبس القديس باسيليوس الكبير، هذه الآيات ليؤيد حديثه عن قدرة الله الفائقة على كل الخليقة العاقلة منها وغير العاقلة 1. و لقد كانت القوة العسكرية للوثنيين على مدار التاريخ، سبب بركة لليهود، تدفعهم كثيرًا إلى اللجوء لله، متأكدين من خلاصه لهم رغم ضعفهم (مز 33: 16) وأحيانًا تتسبب في بعدهم عن الله، لعدم إيمانهم ورجوعهم إليه. و قد اعتبر اليهود على مر تاريخهم، أن الهيكل هو أغلى ما يملكون.. فحاربوا عنه إلى النهاية ولما أيقنوا باحتراقه زجوا بأنفسهم في النار فيه (مثلما حدث في سنة 70 م) ومثلما كانوا يصلون لأجل أولادهم ونسائهم إلا يهلكوا كانوا يتضرعون من أجل الهيكل والأقداس لئلا تتدنس، كما كان الشهداء المسيحيون يتمسكون حتى الموت بعفتهم، ومن هنا فقد عرف الأعداء مفتاح الضغط عليهم وإضعافهم، ففي القديم لجأ الوثنيون إلى تدنيس الهيكل حتى لا يكون هناك لدى اليهود ما يستبسلون لأجله (راجع 1 مكا 7: 35، 2 مكا 14: 33) كذلك في عصور الاستشهاد حاول المضطهدون تهديد عفة الشهداء والشهيدات، حتى يسهل بذلك إنكارهم للإيمان، إذ عرفوا مسبقًا أن قوة المسيحي في عفته، وقداسة هيكله! (جسده) ثم تستعرض يهوديت هنا أسلحة العدو، من تروس ومقاليع وأفراس وفرسان ورماح وأقواس، ولكن الله هو محطم الحروب كما في سائر حروبهم السابقة، إن قوة رب الجنود كانت أقوى من سيف جليات وجبروته (إن هؤلاء إنما يتوكلون على سلاحهم وجسارتهم أما نحن فنتوكل على الله القدير الذي يستطيع في لمحة أن يبيد الثائرين علينا بل العالم بأسره، (2 مكا 8: 18) راجع أيضًا (2 مل 19: 23، 24، مز 7، 8). إِضرِبْ بِشَفَتَيَّ الخادِعَتَينِ: حرفيًا (مكر شفتى) و(شفتاى التي للمكر) وهو تعبير عبري شائع 1. و قد تعجب النقاد من كيفية طلب يهوديت للبركة من الله على هذا المكر وعلى كونها ستعتبر عثرة لأليفانا، ولكن يجب الانتباه هنا، إلى أن هذه هي الوسيلة الوحيدةالمتاحة لخلاص شعبها ونفسها، ذلك في وقت كان معمولًا فيه بمبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) كذلك فهي تعمل بتوكيل من الله (8: 33). والصورة المألوفة في العهد القديم، تدخل الله من خلال الحرب. و في النهاية تعتبر يهوديت، هلاك أليفانا وخلاص إسرائيل بيد امرأة لهو عمل يتمجد به الله، حيث سيكون للنصر قيمة كبيرة في ظل ظروف غير متكافئة (راجع أيضًا قض 4: 9، 17 - 22، 9: 53، 54) لأن الرب نصير الضعفاء أش 25: 4) قوتك ليست بالكثرة 1 صم 14: 6، 1 مكا 3: 18، 19) 12 نَعَم، نَعَم، يا إِلهَ أَبي وإِلهَ ميراثِ إِسْرائيل رَبَّ السَّمَواتِ والأَرض وخالِقَ المِياه ومَلِكَ خَليقتِكَ كُلِّها اِستَجِبْ لِصَلاتي. 13 وهَبْ لِكلامي الخادِعِ أَن يَجرَحَ وُيؤلِمَ أُولئكَ الَّذينَ دَبروا المُؤامراتِ القاسِية على عَهدِكَ وبَيتِكَ المُقدَّس وقِمَّةِ صِهْيون والبَيتِ الَّذي يَملِكُه أَبناؤُكَ. 14 وهَبْ لِكُلِّ أُمَّةٍ وكُلِّ عَشيرةٍ أَن تَعرِفَ أَنَّكَ أَنتَ الإِله إِلهُ كُلِّ قُدرَةٍ وكُلِّ قُوَّة وأَن لَيسَ لِنَسْلِ إِسْرائيلَ مِن حامٍ سِواكَ)). إله السموات وخالق المياه: إشارة واضحة إلى نقص المياه وقدرة الله على أن يجعل السماء تمطر، من أجل الشعب الذي يعانى، أي أن سلاح الماء الذي يستخدمه الأعداء، هو في يد الله أيضًا. إن يهوديت أرادت هنا أيضًا، التبشير بيهوه بين الأمم من خلال النصر المزمع أن يجريه الله على يديها، حتى يعرف جميع الوثنيين أن الرب هو الإله وليس سواه. أخيرًا أرادت يهوديت أن تقول للرب، أنها اتكلت على رحمته، وأنه ليس لها قدرة شخصية ولا سلاح ولا معين سواه، ليعطها ما تقوله وشجاعة في خطواتها، وإقدامها على ما يجب أن تفعله. و عن الأرامل يرد في تعاليم الرسل عن يهوديت: (لذا كانت يهوديت مشهورة جدًا بحكمتها وقولها الشهير: الصلاة نهارًا وليلًا لأجل إسرائيل، هذه الأرملة التي كانت بمشيئتها تود أن تقدم وساطتها بدون انقطاع لهيكل الرب لأن عقلها ثابت في هذه الأشياء وحدها ولا يميل إلى النهم ولا النجاسة ولا الشهوات والأشياء الغالية الثمن وذلك لنقاوة عينيها ونظافة سمعها وطهارة يديها وهدوء قدميها ولأنها لم تكن تتكلم في التفاهات بل عن الأشياء المفيدة التي تساعد على البنيان وأيضًا كانت شجاعة غير مضطربة وهي دائمًا تطلب من الله أي شيء وتأتى إليها عطاياه وهباته) 1 |
||||
|