رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نبوات عن موت المسيح المحيي وقبره الموت المحيي حمل السيد المسيح أحزاننا وأوجاعنا الجسدية التي استحققناها بسبب خطايانا، بل وصل الأمر من تخطى الحزن والوجع إلى الموت الجسدي الذي اجتمعت فيه الأحزان مع الآلام المبرحة والجراحات الجسدية والنزيف الحاد الذي أدّى إلى الموت السريع حينما سلّم روحه في يدي الآب بعد أن أكمل شُرب الكأس إلى النهاية. وبالرغم من أن الموت قد أخذ روحه من الجسد؛ إلا أن روحه المتحد باللاهوت قد هزم الموت. مثلما قال القديس مار أفرام السرياني: {ذبح الموت الحياة العادية، ولكن الحياة فوق العادية ذبحته} وهو يقصد بالحياة العادية أي حياة الجسد، وبالحياة فوق العادية أي الحياة الإلهية التي للسيد المسيح بحسب لاهوته. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ كان السيد المسيح هو الوحيد بين البشر الذي بلا خطية، لذلك قال لليهود: "مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟" (يو8: 46). ولذلك لم يكن من المتوقع أن يموت السيد المسيح لأنه لم يرث حكم الموت ولا الميل الطبيعي للخطية، لأنه لم يرث الخطية الأصلية. وبالرغم من أنه أخذ جسدًا قابلًا للموت إلا أن اتحاد اللاهوت بالناسوت قد منع عنه الفساد بعد الموت، كما أنه قد أعطاه قوة التحرر من الموت بالقيامة من الأموات. ولكن اللاهوت لم يتدخل ليمنع عن السيد المسيح الألم والموت عندما حمل خطايا العالم لأنه كالتدبير قد ذاق بنعمة الله الموت لأجل كل أحد ليوفى دين جميع الذين مات من أجلهم. لذلك يقول إشعياء النبى: "وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ" (إش53: 8) أي أنه كان فوق تصور التلاميذ الذين آمنوا أنه هو "الْمَسِيحُ ابن اللَّهِ الْحَيِّ" (مت16: 16) أنه من الممكن أن يموت. كان التلاميذ يتعجبون: كيف يموت من أقام لعازر من الأموات بعد موته بأربعة أيام بكلمة من فمه القدوس؟!! وكانوا يتعجبون أيضًا: كيف من كان له سلطان على الطبيعة تأتمر بأمره، أن ينحدر إلى الموت؟!! كيف يموت رب الحياة ورئيس الحياة..؟! كيف يموت من قال عن نفسه: "أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ" (يو11: 25). ومن قال: "خُبْزَ اللَّهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ" (يو6: 33). ومن قال: "أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ" (يو6: 35). ومن قال: "كمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ" (يو6: 57). ومن قال: "كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ كَذَلِكَ أَعْطَى الابن أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ" (يو5: 26). كيف لمن قال كل ذلك أن يموت؟!! ولكن التلاميذ فهموا فيما بعد أنه لم يمت طبعًا بحسب لاهوته ولكنه مات بحسب التدبير جسديًا فقط لكي يوفى الدين ويرفع الغضب الإلهي ويقتل العداوة ويدين الخطية بالجسد. لقد انحدر السيد المسيح إلى الموت ليبيد الموت، وكانت هذه هي الوسيلة، كما ورد في قداس القديس يوحنا ذهبى الفم هذا النشيد للسيد المسيح: {عندما انحدرت إلى الموت أيها الحياة الذي لا يموت. حينئذٍ أمتّ الجحيم ببرق لاهوتك. وعندما أقمت الأموات من تحت الثرى صرخ نحوك جميع القوات السماويين أيها المسيح الإله معطى الحياة المجد لك}. أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي وقد أكمل القديس إشعياء النبي نبوته بقوله: "أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي" (إش53: 8)، أي أنه أجاب على التساؤل الوارد في بداية هذا النص "مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ؟"؛ بقوله "أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي". أي أن موته كان فداءً عن الجميع. لأن موته هو وحده كما قال القديس كيرلس الكبير كان مساويًا لحياة الجميع، وقال ذلك في شرحه لقول معلمنا بولس الرسول: "إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ. فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا" (2كو5: 14). وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ كان من الطبيعي أن تنتقل نبؤة إشعياء النبي من الحديث عن موت السيد المسيح بحسب الجسد بقوله: "أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ"، إلى الحديث عن مسألة دفنه بعد الموت الجسدي "وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ" (إش53: 9). الاستعداد للدفن كانت مقبرة المجرمين قد تم إعدادها للمصلوبين. وكان السيد المسيح قد "أُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ" (إش53: 12)، لأنه صُلب في وسط لصين. وكان من المفترض أن يتم دفنه معهما في هذه المقبرة الكبيرة الجماعية مثلما صُلب معهما صلبًا جماعيًا على جبل "الجلجثة" وهو موضع الإعدام، وسُمى بجبل "الجمجمة" لهذا السبب. تغيير المسار ولكن كيف كان يمكن إثبات قيامة المسيح لو كان قد دُفن في وسط أجساد اللصين وأجساد المجرمين السابق إعدامهم؟! لذلك حرّك الروح القدس يوسف الرامى ليذهب مع نيقوديموس ويطلبان من الوالي بيلاطس أن يعطيهما جسد يسوع، وجعل الوالي يستجيب لهذا الطلب مع أنه قبلها قد ظلم السيد المسيح وحكم عليه بالإعدام بعد أن شهد له أنه برئ وبار وذلك لأنه خاف على نفسه. في قبر يوسف الرامي كان القبر الذي دُفن فيه السيد المسيح بالفعل منحوتًا في صخرة، وليس له منفذ سوى الفتحة أو الباب الذي وُضع عليه حجر كبير، وختمه اليهود والرومان بعد ذلك بعد أن تأكّدوا من وجود الجسد بداخله، ووضعوا عليه الحراس إلى اليوم الثالث من الدفن. كان قبرًا بكرًا لم يُوضع فيه أحد قط من الناس، وليس فيه عظام أموات ولا رائحة الموت. بل فاحت منه رائحة الناردين الخالص الكثير الثمن الذي سكبته النسوة على جسده المبارك وهو بعد حي في مساء السبت، ومساء الثلاثاء السابق لجمعة الصلبوت. كانت رائحة الحب ورائحة الحياة تفوح من قبر السيد المسيح، إذ صار هو باكورة الراقدين. فهو البكر من الآب قبل كل الدهور، والبكر من العذراء في ملء الزمان، والبكر في طاعته الكاملة للآب، والبكر في دخوله إلى الفردوس، والبكر في قيامته من الأموات، والبكر في صعوده إلى سماء السماوات، والبكر في دخوله إلى قدس الأقداس السماوي في الملكوت. كذلك كان قبره بكرًا لم ولن يوضع فيه أحد من الناس مثل رحم السيدة العذراء الذي كان بكرًا ولم يعبر فيه إنسان بعد ولادة السيد المسيح بل نؤمن أن العذراء دائمة البتولية. وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ إن عبارة "وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ" (إش53: 9) تحمل أيضًا كثير من المعاني إلى جوار أنها نبوة عن دفن السيد المسيح في قبر الرجل الغنى يوسف الرامي. فهي تشير إلى قول السيد المسيح عندما سلّم الروح على الصليب "يَا أَبَتَاهُ فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي" (لو23: 46). فبالرغم من أن السيد المسيح قد أُحصى مع أثمة بصلبه وسط لصين، إلا أنه قد سلّم روحه الطاهرة في يدي الآب الغنى. لقد تنازل إلى تواضعنا ليرفعنا إلى أحضان أبيه،شاركنا في فقرنا ليشركنا في غناه. احتمل الموت المقضي به علينا ليمنحنا أن نرث الحياة الأبدية. كذلك فإن عبارة "وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ" تشير إلى أن السيد المسيح قد ذهب فكرز لأرواح الأبرار الذين رقدوا على رجاء القيامة، ومنهم الآباء البطاركة الأول إبراهيم وإسحق ويعقوب. ومنهم الملوك والرؤساء مثل يوسف الصديق، وداود النبي والملك، وسليمان أغنى ملوك الأرض، وحزقيال، ومردخاى مربى أستير الملكة الذي كرّمه الملك أحشويرش، ودانيال النبي كبير المجوس، والمجوس الذين جاءوا من المشرق وسجدوا له وهو طفل وقدّموا ذهبًا في هداياهم إشارة إلى ملكه. لقد رحّب به الآباء البطاركة والملوك والرؤساء والأنبياء الذين حررهم من الجحيم وأصعدهم إلى الفردوس، وكان في هذا كله هو ملك الملوك ورأس الرئاسات وقائد مسيرة المفديين. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
نبوات السيد المسيح قبل الصلب |
نبوات من سفر المزامير، و من هو المسيح المنتظر؟ |
نبوات عن السيد المسيح |
إتمام نبوات السيد المسيح |
نبؤات عن المسيح |