ارتباط عيد النيروز بسنة الشهداء (عقيدة)
احتل الرومان مصر سنة 30 ق.م، وفي القرن الأول الميلادي انتشرت المسيحية في مصر بكرازة القديس مرقس الرسول وتحولت العبادة الوثنية إلى عبادة الإله الواحد وانتشر الإيمان المسيحي في كل ربوع مصر.
وتعرضت مصر المسيحية بعد ذلك إلى حلقات الأضطهاد العشر التي كان آخرها اضطهاد دقلديانوس وأعوانه سنة 284 - 305 م فإتخذت الكنيسة القبطية من بداية حكم ذاك الطاغية بداية لتقويمها الذي أطلق عليه تقويم الشهداء ففي عهده ارتوت أرض مصر بدماء الشهداء من أجل الإيمان بالله ووحدانيته وبدل أن يفرحوا بثمار الأرض فرحت الكنيسة بثمار الإيمان.
ومن هنا جاء رمز البلحة الحمراء وعيد النيروز، فاللون الأحمر يشير إلى دم الشهداء وقلب البلحة الأبيض يشير إلى قلب المؤمن والشهيد النقي والنواة الثابتة تشير إلى ثبات الإيمان وقوته، ومن العجيب أن النخل لا يأتي بالبلح الأحمر إلا في أيام النيروز وكأن الطبيعة تتحد مع التاريخ في صنع الأعياد ومعانيها، ولا غرابة أن يكون عيد النيروز عيدًا لشهداء مصر المسيحية.
فتاريخ مصر تاريخًا وطنيًا ملكلكل المصريين بصرف النظر عن معتقداتهم لذلك كان النيروز عيدًا يهتم به كل الحكام حتى عهد المماليك، فكانت الحكومة تدفع مبالغ كبيرة من المال وتوزع هدايا من الملابس الحريرية والفاكهة لكبار رجال الدولة وتعطي معونات على يد متخصصين كان يطلق عليهم لقب (أمير النيروز) فكان يوم النيروز من أبهج الأيام والمواسم في مصر بأستثناء عهد الظاهر برقوق الذي أمر بعم الأحتفال به في القاهرة نظرًا لبعض السلوكيات، ولن الفاطميين اهتموا به وجعلوه عيدًا وطنيًا لكل المصريين ويقول المقريزي:"وكان النيروز القبطي في أيامهم من جملة المواسم فتتعطل فيه الأسواق ويقل فيه سعي الناس في الطرقات وتفرق فيه الكسوة لرجال أهل الدولة وأةلادهم ونسائهم والرسوم من المال وحوائج النيروز.
كما يذكر لنا التاريخ الحديث أنه في عهد محمد علي الكبير كان الأحتفال بعيد النيروز احتفالاً وطنيًا تدق فيه الطبول وتقام فيه التقاليد والعادات القديمة وتعطل فيه جميع الأعمال.
وعندما جاء سعيد باشا واليًا على مصر عام 1854 م أصدر في يوم السبت 7 يوليو عام 1855 م أمرًا بأن التاريخ القبطي هو التاريخ الرسمي في دواوين الحكومة وظل معمولاً به لمدة عشرين عامًا حتى جاء إسماعيل باشا ونقض هذا الأمر وتحول إلى التقويم الأفرنجي، ولكن إلى الآن يحتفظ الفلاح المصري بالتقويم القبطي (المصري القديم) تقويم الشهداء وبقيت معه الكنيسة القبطية محتفظة بتاريخ مصر محتفلة بعيد النيروز من 1 توت وحتى يوم 16 توت مؤكدة وطنيتها ومصريتها فعيد النيروز تاريخ وتراث لكل مصر ولنا أمل أن يعاد الأحتفال الوطني به على أساس أنه عيد مقترن باحترام نهر النيل الخالد.
وبعيدًا عن أي تعصب، أتمنى أن تقوم الدولة بخطوة وطنية ويتم تعديل القرار رقم 14 لسنة 1962 بإضافة يوم عيد النيروز إلى الأعياد الوطنية ويعامل معاملتها ويعتبر إجازة لكل المصريين، ولو تم هذا فسوف تمحو الدولة سيئة من السيئات التي صوبت نحو وطنية الإنسان المصري.