رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سلسلة الوسائط الروحية(5) محاسبة النفس بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث يحتاج الإنسان كثيرا إلي جلسة مع النفس: يجلس إلي نفسه لكي يفحصها ويفتش دواخلها,ويرقب تصرفاتها ويحاسبها,حتي يكون في يقظة مستمرة.وهذه الرقابة الذاتية وملاحظة النفس لازمة لكل إنسان,مهما علا في حياته الروحية,ومهما ارتفع في منصبه.ولذلك نري القديس بولس الرسول يكتب إلي تلميذه تيموثاوس الأسقف قائلالاحظ نفسك والتعليم,وداوم علي ذلك.فإنك أن فعلت هذا,تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضا1تي4:16. لذلك فالشيطان يحاول بكل قوة أن يمنع الإنسان الروحي من الجلوس إلي نفسه,وكذلك يمنع الخاطئ.... ما أسهل أن يقدم له مشغوليات عديدة جدا,تستغرق كل وقته,وتستحوذ علي كل مشاعره,حتي لا يبقي له وقتا يجلس فيه إلي نفسه.وقد يشعره بأهمية كل هذه المشغوليات.وأن كان إنسانا روحيا محبا لملكوت الله,يمكن أن يشغله بالخدمة ومتطلباتها,حتي يجعل الخدمة تشغله,بحيث لا يهدأ ليفكر في أخطائه داخل خدمته.مثل ذلك الابن الكبير الذي لم يفرح برجوع أخيه,ولم تتفق مشيئته مع مشيئة الأب.ومع ذلك قال لأبيهها أنا أخدمك سنين هذا عددها,وقط لم أتجاوز وصيتك.وجديا لم تعطني قط لأفرح مع أصدقائي...!لو15:28-29.ولاشك أن هذا الابن الخادم طول تلك السنين,لو كان قد جلس إلي نفسه,لوجد أن له أخطاء عديدة وغير لائقة,سواء في التعامل أو أسلوب التخاطب,أو في محبته لأخيه أو احترامه لأبيه... لذلك أيها الابن المبارك لا تجعل مشغوليات الخدمة تعطلك عن الجلوس إلي نفسك وفحصها ومناسبتها. أليس أن الخدمة أحيانا قد تعطلك عن الصلاة وعن القراءة والتأمل؟!ألست أحيانا في الخدمة ترفع ذاتك وفكرك أكثر مما يليق,وربما ترتئي فوق ما ينبغيرو12:3! ألست في الخدمة أحيانا قد تقع في الإدانة,وربما في قساوة القلب,باسم الدفاع عن الحق؟!...وغير ذلك كثير, اجلس إلي نفسك وافحصها,خوفا من أن تقول..لئلا بعدما كرزت لآخرين,أحيد أنا نفسي مرفوضا1كو9:27.أو لئلا تسمع قول الرب لمرثاأنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة.ولكن الحاجة إلي واحدلو10:41-42. أنت محتاج أن تجلس إلي نفسك لتعرف أخطاءك... سواء أخطاء اللسان,أو الفكر,أو الحواس,أو مشاعر القلب,أو أخطاء الجسد...لتعرف أخطاءك ضد الله وضد الناس,وأيضا ضد نفسك...بل لتدرس طباعك أيضا الثابتة فيك,والتي لم تتغير...بل لتعرف الخطايا التي تلبس ثياب الحملان,وتتسمي عندك بأسماء فضائل,وقد تفتخر بها!!اجلس يا أخي إلي نفسك,وتذكر قول القديس مقاريوس الكبير. احكم يا أخي علي نفسك,قبل أن يحكموا عليك... حاسب نفسك علي السلبيات التي تصدر منك,وأيضا علي الفضائل التي تنقصك...وكذلك علي توقف نموك,إن كانت روحياتك وصلت إلي وضع معين,ثم توقف نموها.وهنا تضع أمامك قول القديس بولس الرسولولكنني أسعي لئلا أدرك...أنسي ما هو وراء,وأمتد إلي ما هو قدام أسعي نحو الغرضفي3:12-14.ادرس ما الذي أوقف نموك.أهي أسباب داخلية أم عوائق خارجية؟ لتكن محاسبتك لنفسك بصراحة وجدية: قد يحاول الشيطان أن تدخل بإحدي طريقتين:أما أن يقولك:لا تبالغ في حكمك علي نفسك,لئلا تقع في عقدة الذنبSENSE OF GUILt أو قد يقول لك:احترس من أن تقسو علي نفسك,لئلا تقع في الكآبةDEPRESSION وهو ليس مخلصا في نصائحه,لأنه يريد أن يبعدك عن تبكيتك لنفسك.هنا وتذكر قول القديس أنطونيوس الكبيرإن ذكرنا خطايانا,ينساها لنا الله,وإن نسينا خطايانا,يذكرها لنا الله,وتذكر أيضا قول داود النبي في مزمور التوبةخطيتي أمامي في كل حينمز50. ذلك لأن الشيطان قد يقول لك:لماذا تتذكر خطاياك,وهي مغسولة بالدم الكريم؟! أنها تظل مغسولة,طالما كنا في حياة التوبة,نادمين علي ما فعلناه,وفي انسحاق قلب بسبب خطايانا.إن داود النبي ظل يبلل فراشه بدموعه بسبب خطيته,حتي بعد أن نال المغفرة وقال له ناثانالرب نقل عنك خطيئتك لا تموت2صم12:13.وشاول الطرسوسي بعد أن نال الدعوة الإلهية,وصار رسولا,وتعب أكثر من جميع الرسل1كو15:10قال في انسحاق قلب لأني أصغر الرسل.أنا الذي لست أهلا لأن أدعي رسولا,لأني اضطهدت كنيسة الله!!1كو15:9. ألم تكن هذه الخطية قد غفرت له,وغسلت بالدم الكريم.ولكنه لا يزال يذكرها ويبكت نفسه عليها بل أنه يقول في رسالته الأولي إلي تلميذه تيموثاوسأنا الذي كنت قبلا مجدفا ومضطهدا ومفتريا.ولكنني رحمت لأني فعلت بجهل في عدم إيمان1تي1:13.وعلي الرغم من أنه فعل ذلك بجهل,وقبل إيمانه,إلا أنه لا يزال يذكر ويبكت نفسه... وأيضا في محاسبتك لنفسك,احترس من أن تلتمس لنفسك الأعذار والتبريرات... قد تحاسب نفسك وتدرك أخطاءك.وإلي هنا تكون النعمة قد عملت فيك.ثم يأتي الشيطان ليفقدك عمل النعمة,ويبعدك عن الندم والانسحاق ولوم النفس,فيقدم لك الأعذار والتبريرات,لكي تغطي بها علي خطيتك,كما حاول من قبل أبونا آدم وأمنا حواء...احترس من هذه الأعذار التي هي لون زائف من الإشفاق علي النفس,بالدفاع عنها ومحاولة تخفيف الذنب فيها ارتكبته...! فإن كنت تحب نفسك حقا,لا تشفق عليها بهذا الاشفاق الخاطئ الذي يحرمها من مشاعر التوبة والندم والانسحاق.وهذا لا يفيدها بشئ.بل علي العكس قد تعتمد علي الاعذار وتستمر في الخطأ.اذكر باستمرار قول الرسولأنت بلا عذر أيها الإنسانرو2:1. الذي يحاول أن يعذر نفسه في خطاياه,قد يقع في الضمير الواسع,الذي يبلع الجملمت23. وإن عذرت نفسك بأن هناك معطلات خارجية عاقتك عن طريق الفضيلة,فقل لنفسك:كان ينبغي أن أجاهد لأنتصر علي تلك المعوقات. هوذا نوح البار كان يعيش في جيل فاسد جدا, حتي أن الله أغرقه بالطوفان.ومع ذلك حفظ نوح نفسه في الإيمان,ولم يتأثر بالوسط المحيط ويوسف الصديق كانت الخطية تلح عليه كل يوم,دون أن يطلبها.وعلي الرغم من ذلك قال عبارته الخالدةكيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلي الله؟!تك39:9.وفي سبيل رفضه للخطية تحمل ما احتمله من سجن وعار.... ودانيال والثلاثة فتية كانوا مهددين بموت خطير,هو بالإلقاء إلي جب الأسود,وهم بالإلقاء في أتون النار.ولكن ذلك التهديد لم يحولهم مطلقا عن مخافة الله.وهكذا كان كل الشهداء والمعترفين,في كل ما تعرضوا له من تعذيب إن الضغط الخارجي,لا يستسلم له سوي الضعف الداخلي. بكت نفسك بهذه العبارة.وقل لنفسك:ينبغي أن أكون قويا في الداخل,وأنتصر علي كل الحروب مهما كانت شديدة. وليبكتك قول بولس الرسول للعبرانيينلم تقاوموا بعد حتي الدم,مجاهدين ضد الخطيةعب12:4.لذلك إن حاسبت نفسك,فلا تقل في سقطاتكلقد كنت ضعيفا والخطية أقوي مني.بل اذكر انتصار يوسف الصديق,وبكت به نفسك.ولا تقل كانت الوصية صعبة,لم أستطع تنفيذها!!بل تذكر كيف أن إبراهيم أخذ ابنه الوحيد الذي يحبه ليقدمه محرقةتك22. اذكر قصصا من الكتاب في الانتصار علي العوائق: اذكر أصدقاء المفلوج الذين لم يجدوا أي منفذ لإدخال صاحبهم إلي الرب,فلم ييأسوا,ونقبوا السقف ودلوه منهمر2:4.واذكر الإغراءات التي قدمت لداود لقتل شاول الملك الذي كان يطارده,وكيف قال داود حاشا لي أن أمد يدي إلي مسيح الرب....لأنه مسيح الرب هو1صم24:6. في محاسبتك لنفسك,اعتبر الأعذار تدليلا النفس... مثل عذراء النشيد,التي لم تفتح للرب,وقد امتلأ رأسه من الطل,وقصصه من ندي الليل!وقالتقد خلعت ثوبي فكيف ألبسه.قد غسلت رجلي فكيف أوسخها.ولم يقبل الرب عذرها,بل تحول عنها وعبر.ثم عصرها الندم فقالت بعد ذلكطلبته فما وجدته.دعوته فما أجابنينش5:2-6... لا تكن مثل صاحب الوزنة الواحدة,الذي دفن وزنته في الأرض,ووجد لنفسه عذرا فقال لسيده كلاما شريرا لأمه عليه!!مت25:24-28... ما أكثر الذين أخطاؤا وقدموا أعذارا,كانت كلها غير مقبولة. مثل شاول الملك لما أصعد محرقة1صم13:11-12.ومثل يونان النبي لما اغتاظ بالصواب حتي الموتيون4:1-3.ومثل إيليا في خوفه من إيزابل وهربه منها1مل19:1-14. ومثل هؤلاء من يكسر الصوم.وإن حاسبه ضميره وبكته يعتذر بضعف صحته.ومن يكسر وصية العشور.وإن حاسب نفسه,يعتذر بظروفه المالية,وكذلك من لا يفي بالنذر...إن داود لم يجد لنفسه عذرا,لماجاء أسد مع دب,واختفت شاه من قطيعه,بل جري وراءه,وأنقذها من فمه1صم17:34-35...ولو أن داود قد اعتذر عن إنقاذ الشاة,لوجدنا عذره مقبولا!!ولكنه لم يفعل.كان ضميره أقوي. ما أكثر الذين يخطئون,فبدلا من لوم أنفسهم يلقون اللوم علي الكنيسة لكي يعذروا أنفسهم!! يقولون:الكنيسة لم تفتقدني!أب الاعتراف لم يهتم بي!لم أجد مرشدا يعرفني الطريق!أين الآباء؟!أين عمل الكهنوت؟!ولا يقول أحد منهم:الخطأ كان واضحا,وضميري كا يبكتني,وأنا لم أطع إرشاد ضميري وتبكيته لي في الداخل...!! إن أنطونيوس العظيم كان وحده في البرية بلا مرشد.وسار في الطريق السليم,ولم يعتذر بعدم وجود إرشاد...وكذلك الأنبا بولا السائح وغيرهما من أعاظم القديسين. في محاسبيك لنفسك,من الداخل لك أن تدين نفسك وتبكتها. فهذا أنفع لك من تبرير نفسك,وإلقاء التبعة علي غير...ما أجمل جواب أب جبل نتريا,لما سأله البابا ثاوفيلس عن أحسن الفضائل التي أتقنوها في حياة الوحدة,فقال:صدقني يا أبي,لا يوجد أفضل من أن يرجع الإنسان بالملامة علي نفسه في كل شئ... أما العوائق فلا تكون مجالا للاعتذار,وإنما مجالا للتدريب علي مقاومتها,والصلاة لكي يعطي الرب نعمة للانتصار عليها. محاسبة النفس تليها إدانة النفس.يليهما علاج النفس. ووضع كل تلك الضعفات مجالا للتدريبات الروحية,وللجهاد الروحي,والصلاة.وأيضا لذكرها في الاعتراف وطلب المشورة الصالحة... وأيضا لكي تكون تلك الضعفات سببا في اتضاع النفس,والبعد عن أفكار المجد الباطل كلما نحارب النفس حينما نعمل خيرا.وكذلك تكون تلك الضعفات سببا في الإشفاق علي المخطئين بدلا من إدانتهم.كما قال القديس بولس الرسولاذكروا المقيدين كأنكم مقيدون معهم,واذكروا المذلين كأنكم أنتم أيضا في الجسدعب13:3. بقي سؤال وهو:متي نحاسب أنفسنا! البعض يحاسبون أنفسهم في مناسبات:في بداية سنة جديدة مثلا:السنة الميلادية أو القبطية أو في بدء سنة من عمرهم.والبعض الأفضل يحاسبون أنفسهم قبل كل اعتراف وتناول.وأفضل من هذين النوعين من يحاسبون أنفسهم في آخر كل يوم.وأفضل من هؤلاء جميعا من يحاسب نفسه بعد الفعل مباشرة,ويبكت نفسه... أما الوضع الأمثل والأكمل,فهو أن تحاسب نفسك علي العمل قبل فعله... فقبل أن تنطق كلمة مثلا,تحاسب نفسك:هل يليق بي أن أقول هذه الكلمة؟وماذا سيكون وقعها علي الآخرين؟وهل سيفهمها البعض علي غير ما أقصده؟فإن وجدت خطأ تتفاداه قبل وقوعه..وهكذا في كل تصرف,وفي كل فكر.. بهدا تسير نحو الكمال.وليكن الرب معك.... |
13 - 05 - 2012, 05:44 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
موضوع رااااائع جداااااا ربنا يبارك حياتك |
||||
13 - 05 - 2012, 05:44 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سلسلة الوسائط الروحية (11) |
سلسلة الوسائط الروحية 7 |
سلسلة الوسائط الروحية 12 |
سلسلة الوسائط الروحية 8 |
سلسلة الخدمة(19) |