رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سلسلة الوسائط الروحية (11) علاقتك بالكتاب المقدس بقلم قداسة :البابا شنودة الثالث بالكتاب المقدس,تتركز في نقاط رئيسية أهمها: اقتناء الكتاب, اصطحابه, قراءته, فهمه, التأمل فيه, دراسته,حفظه. وفوق الكل: العمل به, والتدرب علي وصاياه وتحويلها إلي حياة. 1- اقتناء الكتاب ينبغي علي كل شخص أن يقتني الكتاب المقدس,سواء أكان كتابا كبيرا علي مكتبة القراءة والدراسة,أو كتابا صغيرا يكون في الجيب أو حقيبة اليد: لا يفارقه.بل يصحبه في كل مشوار,في كل رحلة,في كل مكان,أثناء وجوده في العمل,أو في وقت الراحة أو أثناء الجلوس مع الناس. يكون صديقه ورفيقه في دخوله وخروجه,في انتقاله وترحاله.يشعر أنه لا يستطيع الاستغناء عنه إطلاقا.إن نسي أخده معه,يحس أنه قد فقد شيئا مهما. أخشي أن يكون الكتاب المقدس غريبا في بيوتنا أو في حياتنا ليس له أن يسند رأسه لو9:58,أو أنه يسند رأسه في مكتبتك أو علي مكتبك وليس في ذهنك ولا قلبك! نعم,لست أقصد باقتناء الكتاب أن يكون تحفة في بيتك,أو تميمة في جيبك,وإنما يجب أن يكون لاستعمالك الدائم. وأنت لا تصل إلي صداقة الكتاب هذه,إلا إذا كنت تحبه... 2- محبة الكتاب المقدس تحب الكتاب لأنه رسالة الله إليك,تتلقفها في حب. تماما كما يصل لإنسان خطاب من حبيب له,يقرؤه ويعيد قراءته,لأنه كلام عزيز عليه...كما يقول داود النبي عن كلام الله إنه أشهي من الذهب...وأحلي من العسل وقطر الشهاد مز19:10.ويقول عنه للرب في المزمور الكبير: إن كلماتك حلوة في حلقي.أفضل من العسل والشهد في فمي. ويقول أيضا أحببت وصاياك أفضل من الذهب والجوهر ممحص قولك جدا.عبدك أحبه أبتهج بكلامك كمن وجد غنائم كثيرة اشتهيت وصاياك أحببت وصاياك أحببت شهاداتك لكل كمال رأيت منتهي.أما وصاياك فواسعة جدا مز119. ويقول أيضا: لو لم تكن شريعتك هي تلاوتي,لهلكت حينئذ في مذلتي مز119. وهكذا إن أحببت الكتاب,تجد لذة في قراءته ومتعة وهذه اللذة تجعلك تداوم علي القراءة,وتلهج بها. 3- المداومة علي قراءة الكتاب يقول المزمور الأول عن الإنسان الطيب المطوب: في ناموس الرب مسرته.وفي ناموسه يلهج نهارا وليلا. وهذه هي الوصية التي قالها الرب ليشوع بن نون لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك,بل تلهج فيه نهارا وليلا,لكي تتحفظ للعمل بكل ما هو مكتوب فيه يش1:8. إن قراءة الكتاب تكون أفيد,إن كانت بمواظبة ومداومة.وبطريقة منتظمة,كل يوم... وذلك لكي تتشبع بروح الكتاب,ويثبت تأثيره فيك,وتصبح قراءته عادة عندك.ويمكن أن تضع لنفسك أن تقرأ فقرات من الكتاب في كل صباح قبل أن تخرج من بيتك,لتكون مجالا لتفكيرك وتأملاتك خلال اليوم,وتملأ ذهنك في مشيك وفي دخولك وخروجك.كما تقرأ أيضا فصلا آخر قبل النوم,لكي تفكر في هذه الآيات قبل النوم,فتصحبك حتي في أحلامك... إن القرءة المنتظمة في الكتاب تساعد علي الهذيذ فيه,أو اللهج به,واستمراره في الفكر... وهكذا تستطيع أن تلهج به نهارا وليلا حسب الوصية. وإن كان هذا اللهج ممكنا لملك عظيم مثل داود النبي,أو قائد عظيم مثل يشوع,علي الرغم من كثرة مسئولياتهما,فكم بالأولي نحن ولا شك أننا أقل منهما مشغولية بكثير...؟! ولقراءة الكتاب عناصر مهمة تساعد علي الاستفادة منه,نذكر من بينها: 4- القراءة بخشوع أنت في القراءة تستمع إلي الله يكلمك,فاسمعه بخشوع... وبقدر خشوعك في القراءة,يكون تأثير كلام الله عليك. لأن قلبك يكون في ذلك الوقت مستعدا,شاعرا بأنه في حضرة الله....ولذلك فإن الكنيسة حينما تتلو علينا قراءات من الكتاب في القداس الإلهي,يصيح الشماس قائلا قفوا بخوف من الله,وانصتوا لسماع الإنجيل المقدس...والأب الكاهن قبل قراءة الإنجيل يرفع البخور ويصلي أوشية يقول فيها: اجعلنا مستحقين أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدسة.... إن مجرد السماع يحتاج إلي استحقاق,ويحتاج إلي استعداد.ونحن نذكر أن موسي النبي -قبل سماع الوصايا العشر- دعا الشعب أن يتطهروا ويتقدسوا مدة ثلاثة أيام,لكي يستحقوا أن يسمعوا كلمة الله إليهم خر19:10-15 فالذي يقرأ كلمة الله باستهانة وإهمال,لا يتأثر ولا يستفيد. تعود إذن أن تقرأ الكتاب بهيبة واحترام...تذكر أنك في الكنيسة تقف,ويخلع رئيس الكهنة تاجه أثناء القراءة,احتراما لكلمة الله.فلا تكن أنت في الكنيسة بروح,وفي البيت بروح آخر...وماذا أيضا في عناصر القراءة؟ 5-القراءة بفهم ادخل إلي عمق الكلام الإلهي,وافهم المقصود منه. اقرأ بتأمل وعمق.فالفاهمون يضيئون كضياء الجلد دا12:3. كان الكتبة والفريسيون من علماء اليهود,ومع ذلك ما كانوا يفهمون كلمة الله,ولا يعرفون مقاصد الله منها! مثال ذلك ما كانوا يفهمون معني وصية تقديس السبت. وما كانوا يفهمون معني كلمة القريب,حتي شرح الرب مثال السامري الصالح... وأهمية الفهم لازمة جدا,حتي أن الرب يقول: هلك شعبي من عدم المعرفة هو4:6. ومن لوازم المعرفة,عدم الاعتماد علي آية واحدة...فالإنجيل ليس آية واحدة,وإنما هو كتاب...ومجرد آية,لا تعطي معني متكاملا لقصد الله ووصيته...ولذلك: اجمع الآيات التي تخص موضوعا واحدا,واخرج بمعني متكامل. ومن ضمن الشروط التي تساعدك علي فهم كلمة الله: أن تقرأ بروح وبعمق... فليس المهم في كثرة ما تقرأه,ولو بغير فهم أو بغير تأمل!! وإنما تكمن استفادتك في العمق الذي تقرأ به,حيث تدخل كلمة الله إلي أعماق فكرك وإلي أعماق قلبك,وتجعلها تمس مشاعرك... لذلك اهتم بروح الوصية,وليس بمجرد النص: فكلام الله -كما قال- هو روح وحياة يو6:63. لذلك عليك أن تعرف روح الوصية,ولا تتمسك بحرفيتها,لأن القديس بولس الرسول يقول في هذا المعني: لا الحرف بل الروح.لأن الحرف يقتل لكن الروح يحيي 2كو3:6 والشخص الروحي يسلك بروح الوصية,وليس بمجرد حرفيتها,كما كان يفعل الكتبة والفريسيون... وفهم الكتاب لازم جدا,سواء من جهة الروحيات أو من جهة العقيدة والإيمان... كثيرون كانوا يقرأون الكتاب,ولكنهم ضلوا لأنهم ما كان يعرفون المفهوم السليم,فلم يدركوا ما يقوله الروح للكنائس رؤ2,رؤ3.وهكذا يقول السيد المسيح له المجد تضلون إذ لا تعرفون الكتب مت22:29. لذلك حاول أن تعرف المفهوم السليم لكل ما تقرأ.وإن لم تعرف,استشر واسأل... كثير من الهراطقة كانوا يقرأون الكتاب,بل حسبهم البعض علماء.ولكنهم ضلوا لعدم الفهم. أو أنهم كانوا أحيانا يأخذون آية من الكتاب,ويتركون باقي الآيات التي تكمل الفهم...فمثلا يوردون قول الرب لأن أبي أعظم مني يو14:28,ولا يضعون إلي جوارها أنا والآب واحد يو10:30. أو يقول البعض: قال الرسول آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك أع16:31.ولا يذكرون معها قول الرب من آمن واعتمد خلص مر16:16. لذلك إن قال لك البعض: مكتوب كذا,قل له كما قال الرب ومكتوب أيضا مت4:7. إن قال لك أحد المتزمتين: مكتوب بكآبة الوجه يصلح القلب جا7:3.قل له ومكتوب أيضا: افرحوا في الرب كل حين,وأقول أيضا افرحوا في4:4.ومكتوب كذلك لكل شي تحت السموات وقت...للبكاء وقت,وللضحك وقت جا3:1-4....وهكذا كن حكيما في فهم ما تقرأ... إن حاربك السبتيون بحفظ السبت قائلين: مكتوب اذكر يوم السبت لتقدسه خر20:8. قل لهم ومكتوب أيضا لا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت,التي هي ظل الأمور العتيدة كو2:16, 17. إن آيات الكتاب -إذا اجتمعت معا- تكون تكاملا وتناسقا وعمقا للفهم,واستخداما لكل شئ في موضعه. وماذا أيضا عن علاقتك بالكتاب؟ هناك نقطة مهمة أخري وهي: 6- حفظ آيات الكتاب حاول أن تحفظ آيات من الكتاب تمثل مبادئ روحية معينة,أو أسسا في العقيدة والإيمان,أو وعودا من الله تشجعك وتعزيك,أو تشمل ردودا علي مسائل تشغلك.وهذه الآيات ترددها كثيرا في ذهنك وقلبك,بلون من الهذيذ الذي يلصقها بروحك وأعماقها,ويدخلها في عقلك الباطن,ويحفرها في ذاكرتك فتخرج منها حين تحتاج إليها... والأمثلة علي حفظ آيات الكتاب كثيرة: البعض يحفظ مثلا العظة علي الجبل مت5-7 أو صفات المحبة 1كو13,أو توصيات روحية كثيرة في رو12 وفي 1تس5. أو جزاء من سفر الأمثال أو سفر الجامعة. أو الوصايا العشر في خر20,تث5.أو يحفظ عددا كبيرا من المزامير,ومن صلوات الأنبياء في الكتاب المقدس.أو آية من آيات متفرقة تترك تأثيرا في قلبه حين قراءتها.أو آيات خاصة بفضائل معينة,أو خاصة بعقائد إيمانية,أو تمثل ردودا علي حروب روحية... والأمثلة في هذا المجال عديدة جدا... لو أن الإنسان الروحي حفظ آية واحدة كل يوم,كم ستكون محفوظاته في عام كامل؟ بل كم ستكون محفوظاته في عدة أعوام؟! وحتي إن حفظ آية واحدة كل أسبوع,لا شك سيحفظ 52آية في العام,أو 520آية في عشرة أعوام.ويعتبر هذا قدرا ضئيلا جدا يتعبه بسببه ضميره. ويبقي بعد ذلك استخدام الآيات التي يحفظها...وقد كنت كثيرا ما أقول لابنائي في هذا الصدد: احفظوا الإنجيل,يحفظكم الإنجيل. احفظوا المزامير,تحفظكم المزامير.. ولكن كيف تحفظكم؟ لعلني أستطيع أن أرد علي هذا في العدد المقبل إن شاء الرب... ولداود النبي تأملات كثيرة في هذا الموضوع...أنتقل الآن إلي نقطة أخري وهي: 7- التأمل في الكتاب ما تقرأه من الكتاب,وما تحفظه من آياته,يمكن أن يكون مجالا لتأملاتك.تخلط به روحك وفكرك,وستجد نتيجة ذلك بما يوحي به إليك.وتري أن لكل كلمة معاني ودلائل,تتجدد في قلبك وتتعدد,وتدخلك في جو روحي. نصيحتي لك إذن,أنك لا تقتصر علي مجرد القراءة,وإنما ادخل إلي أعماقها بالتأمل,وقد كتبت لك موضوعا عن التأمل يمكن أن نقرأه...نصيحة أخري خاصة بقراءة الكتاب وهي: 8- اقرأ بروح الصلاة ابدأ القراءة بالصلاة,طالبا من الله أن يعطيك فهما,ويكشف لك مشيئته.وقل كما قال داود النبي في المزمور الكبير: اكشف يارب عن عيني,لأري عجائب من شريعتك مز119. واختتم القراءة بالصلاة,طالبا من الرب أن يعطيك قوة للتنفيذ.وكما أعطاك فهما,يعطيك رغبة وإرادة. بل اصحب القراءة أيضا بالصلاة,وكما يقول الكتاب وعلي فهمك لا تعتمد أم3:5.حاول بالصلاة أن تستلم رسالة الله إليك.البعض يضع في ذهنك فكرة مسبقة استقر عليها,ثم يقرأ ليبحث عن آية تثبت له ما قد استقر فكره عليه. أو يحاول أن يطوع كلام الكتاب لأفكاره!! أما أنت فلا تكن هكذا,إنما اقرأ لكي تتعلم ولكي تعرف. ويلزمك لذلك روح الاتضاع في صلاتك... الاتضاع الذي تخضع به لتعليم الكتاب,وتغير وتصحح به فكرك...والاتضاع الذي تطلب به المعرفة,قائلا مع داود النبي: علمني يارب طرقك.فهمني سبلك. وكأنك وأنت تقرأ,تقول له: ماذا تريد يارب أن أفعل؟ أع9:6. أما ماذا تفعل,فهذا ما أريد أن أحدثك عنه فيما بعد,إن أحبت نعمة الرب وعشنا.... |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سلسلة الوسائط الروحية(5) |
سلسلة الوسائط الروحية 7 |
سلسلة الوسائط الروحية 12 |
سلسلة الوسائط الروحية 8 |
سلسلة الخدمة(19) |