شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري ملوك الثاني 3 - تفسير سفر الملوك الثاني الآيات 1-3:- وملك يهورام بن اخاب على إسرائيل في السامرة في السنة الثامنة عشرة ليهوشافاط ملك يهوذا ملك اثنتي عشر سنة.و عمل الشر في عيني الرب ولكن ليس كابيه وامه فانه ازال تمثال البعل الذي عمله ابوه إلا أنه لصق بخطايا يربعام بن نباط الذي جعل إسرائيل يخطئ لم يحد عنها. ملك يهورام بن أخاب لأن أخاه أخزيا كان قد مات ولم يترك ابن وملك في السنة 18 ليهوشافاط وكان قد صار ليهورام بن يهوشافاط سنتان ملكا على يهوذا مع أبيه (17:1) وسبب الألفة والمودة بين يهوذا وإسرائيل أن يهورام بن يهوشافاط كان قد تزوج عثليا بنت أخاب والعجيب أنه بينما أقلع ملك إسرائيل يهورام عن عبادة البعل دخلت عبادة البعل إلى يهوذا. وقد ذكر الله ليهورام عمله الطيب في أنه أزال عبادة البعل لكن هذا مثل من يترك خطية واحدة ويتمسك بباقي خطاياه. الآيات 4-12:- وكان ميشع ملك موآب صاحب مواش فادي لملك إسرائيل مئة الف خروف ومئة الف كبش بصوفها.و عند موت اخاب عصى ملك موآب على ملك إسرائيل.و خرج الملك يهورام في ذلك اليوم من السامرة وعد كل إسرائيل.و ذهب وارسل إلى يوشافاط ملك يهوذا يقول قد عصى علي ملك موآب فهل تذهب معي إلى موآب للحرب فقال اصعد مثلي مثلك شعبي كشعبك وخيلي كخيلك فقال من أي طريق نصعد فقال من طريق برية ادوم.فذهب ملك إسرائيل وملك يهوذا وملك ادوم وداروا مسيرة سبعة ايام ولم يكن ماء للجيش والبهائم التي تبعتهم. فقال ملك إسرائيل اه على أن الرب قد دعا هؤلاء الثلاثة الملوك ليدفعهم إلى يد موآب. فقال يهوشافاط اليس هنا نبي للرب فنسال الرب به فاجاب واحد من عبيد ملك إسرائيل وقال هنا اليشع بن شافاط الذي كان يصب ماء على يدي ايليا. فقال يهوشافاط عنده كلام الرب فنزل إليه ملك إسرائيل ويهوشافاط وملك ادوم. خضعت موآب لعمرى ودفعت الجزية 100.000 خروف وتمردت أيام أخزيا ربما لضعفه ومرضه. وفي آية (8) كان إلىموآب طريقان أولهما طريق سهل على الشرق ثم عبور الأردن ثم جنوبا. والثاني طريق أصعب جدًا فيتجهون إلى الجنوب غرب بحر لوط ثم إلى الشرق إلى أدوم ومنها إلى الشمال إلى موآب. ويهوشافاط فضل الطريق الأصعب وهو الأطول فموآبتتوقع الهجوم من الشمال حيث الطريق السهل المتوقع أن يسلكه ملوك إسرائيل ويهوذا ولم تتوقع أن يكون الهجوم من الجنوب وهناك سبب ثان لاختيار يهوشافاط وهو أن ينضم لهم جيش آدوم. وملك أدوم هذا غالبًا هو الوكيل الذي يعينه ملك يهوذا 1 مل 47:22 أو هو ملك أدومى أقامه يهوشافاط ويكون خاضعا له. ولكن كان هناك سوء تدبير من الملوك فهم قادوا جيوشهم هذه المسيرة الطويلة وبجيش كبير بلا مؤونة كافية من الماء في طرق ليس بها ماء وفي آية (10) كلام ملك إسرائيل يفهم منه أن الله قادهم لهذا المصير بسبب خطاياهم وفي (11) نجد يهوشافاط يسأل متأخرا عن نبي لكن عمومًا سؤاله عن نبي هو دليل تقواه. فأجاب واحد من عبيد ملك إسرائيل هنا إليشع = هل كان إليشع في مكان قريب منهم أو كان يسير مع الجيش أو الرب أظهر لهم وجوده قريبا استجابة لصلاتهم؟ لا نعلم تماما. لكن الأغلب أن إليشع تبعهم من نفسه ليكون هو مركبة إسرائيل وفرسانها والملك لم يكتشف وجود هذا الكنز معه لكن اكتشفه جندي بسيط كان معه الآيات 13-20:- فقال اليشع لملك إسرائيل ما لي ولك اذهب إلى انبياء ابيك والى انبياء امك فقال له ملك إسرائيل كلا لأن الرب قد دعا هؤلاء الثلاثة الملوك ليدفعهم إلى يد موآب.فقال اليشع حي هو رب الجنود الذي أنا واقف امامه أنه لولا اني رافع وجه يهوشافاط ملك يهوذا لما كنت انظر اليك ولا اراك.و الآن فاتوني بعواد ولما ضرب العواد بالعود كانت عليه يد الرب.فقال هكذا قال الرب اجعلوا هذا الوادي جبابا جبابا.لانه هكذا قال الرب لا ترون ريحا ولا ترون مطرا وهذا الوادي يمتلئ ماء فتشربون انتم وماشيتكم وبهائمكم.و ذلك يسير في عيني الرب فيدفع موآب إلى ايديكم.فتضربون كل مدينة محصنة وكل مدينة مختارة وتقطعون كل شجرة طيبة وتطمون جميع عيون الماء وتفسدون كل حقلة جيدة بالحجارة.و في الصباح عند اصعاد التقدمة إذا مياه اتية عن طريق ادوم فامتلات الأرض ماء. 3- معجزة إرواء الجيش اذهب إلى أنبياء أبيك وأمك = هو إذًا أزال التمثال ولكن ترك أنبياء البعل. وإليشع هنا يوبخه بجرأة على ذلك. وهو غالبًا كان يصطحبهم معه خلال هذه الحملة. ورد ملك إسرائيل كلا = فرفضه للذهاب لأنبياء البعل يدل على أنه ترك أنبياء البعل لأسباب سياسية وليس لاقتناعه بهم (غالبًا هو تركهم في سلام بتعليمات من أمه إيزابل المسيطرة) وفي 14 إنى رافع وجه يهوشافاط= فالله يسمع لأجل يهوشافاط وهذه فائدة وجود بار وسط الناس ولكن وجود يهوشافاط وسط هؤلاء الأشرار كان سبب ضيقات كثيرة له وبسبب هذا لامه الله (2 أي 1:19-3، 20-37) ويهوشافاط تعرض لأخطار جسيمة من قبل في حربه مع أخاب وها هو يتعرض لضيقات كثيرة الآن، فالله يستجيب له لبره ولكن يؤدبه ليتعلم حتى لا يشترك مع الأشرار ثانية. فكل شركة مع الأشرار يتسبب في خسارة. وفي (15) والآن فأتونى بعواد = كما كان داود يضرب بالعود لأجل شاول ليخرج الروح الشرير هكذا شعر إليشع بوجود روح شرير وسط الجيش بسبب وجود هؤلاء الأنبياء الأشرار الذين للبعل وأراد أن يصنع كما صنع داود أن يسبح ويرتل ليصرف هذا الروح الرديء ويرضى الله عن شعبه. وفي وسط تسبيحه وترتيله كانت عليه يد الرب فقال في (16) إجعلوا هذا الوادى جبابا جبابا = الجباب هي حفر لحفظ المياه الساقطة من الأمطار. وفي هذه الوصية امتحان إيمان لهم فهم سيحفرون بلا أي دليل على سقوط الأمطار ولكن استعدادا لبركة غير منظورة معدة لهم، الأيام لم تكن أيام شتاء أو أيام أمطار.ونحن علينا أن نصدق مواعيد الله والمجد المعد لنا حتى وإن لم نرى علامات ونجاهد (ونحفر الأرض جبابا) بإيمان منتظرين هذا المجد. وفي حياتنا الآن نجاهد فتنسكب النعمة. فالجهاد =(حفر الجباب). والنعمة =(هطول المطر) وفي (17) لا ترون مطرا = فالمطر سقط بعيدا عنهم وجرى من الجبال على الوادى الذي هم فيه وفي (18) فيدفع موآب إلى أيديكم = الماء كان عربون البركة الأكبر أي الانتصار على موآب وفي (19) تأديب الموآبيين بهذا العنف لأنهم كانوا قد قتلوا كل الأسرى الإسرائيليين وقدموهم ذبيحة إلى كموش إلههم. وفي (20) عند إصعاد التقدمة = أي وقت إصعاد التقدمة في الهيكل في أورشليم. فيهوشافاط لن يقدم هو تقدمة خارج أورشليم وخارج الهيكل ودانيال كانت صلاته في هذه الساعة المعروفة. ووجه وجهه إلى الهيكل كما قال سليمان. ملحوظة:- راجع (1 صم 5:10) نجد أن عادة مدرسة الأنبياء هي استعمال العود في صلواتهم وتسابيحهم وإليشع من مدرسة الأنبياء. وربما بل غالبًا كانوا يصلون مزامير داود بعد أن وضعها داود طبعا. آتية عن طريق آدوم = لأن المطر سقط على آدوم. الآيات 21-27:- ولما سمع كل الموابيين أن الملوك قد صعدوا لمحاربتهم جمعوا كل متقلدي السلاح فما فوق ووقفوا على التخم.و بكروا صباحا والشمس اشرقت على المياه وراى الموابيون مقابلهم المياه حمراء كالدم.فقالوا هذا دم قد تحارب الملوك وضرب بعضهم بعضا والان فالى النهب يا موآب.و اتوا إلى محلة إسرائيل فقام إسرائيل وضربوا الموابيين فهربوا من امامهم فدخلوها وهم يضربون الموابيين.و هدموا المدن وكان كل واحد يلقي حجره في كل حقلة جيدة حتى ملاوها وطموا جميع عيون الماء وقطعوا كل شجرة طيبة ولكنهم ابقوا في قير حارسة حجارتها واستدار أصحاب المقاليع وضربوها.فلما راى ملك موآب ان الحرب قد اشتدت عليه اخذ معه سبع مئة رجل مستلي السيوف لكي يشقوا إلى ملك ادوم فلم يقدروا.فاخذ ابنه البكر الذي كان ملك عوضا عنه واصعده محرقة على السور فكان غيظ عظيم على إسرائيل فانصرفوا عنه ورجعوا إلى ارضهم. المياه حمراء = الموآبيون لم يروا هذا الوادى وبه ماء من قبل فامتلاء الوادى معجزة لم يفهمها الموآبيون والله جعل وهمًا في عقول الموآبيين أن يتصوروا أن هذا الماء الأحمر هو دم ولكنه كان ماء به طمى (تراب أرض أدوم الآتي منها) وبانعكاس الشمس على الماء تصوروا أنه دم. وعجيب أن الإنسان يرى ما يحلم به، فهم كانت شهوتهم أن يروا دماء إسرائيل فرأوها ولكن من وحى أوهامهم. وما نريده ونشتهيه بشدة يسهل علينا تصديقه. ولذلك من السهل خداع من يخدعون أنفسهم ومن يخدع نفسه فمن السهل تدميره (رؤ 8:20) قد تحارب الملوك = أي انقسم يهوشافاط على يهورام. قير حارسة = قير معناها سور وربما كانت هي المدينة الوحيدة المسورة فأبقاها الإسرائيليون بعد ما هدموا باقي المدن غير أنهم ضربوها بالمقاليع وضايقوا أهلها. لكى يشقوا إلى ملك أدوم = ربما وجدوا جبهته هي الأضعف. فأخذ ابنه وأصعده محرقة = أي أن ملك موآب قدم ابنه محرقة لإلهه كموش ليرضى عنه وهذه عادة وثنية. ويرى آخرون أن الذي قدم ذبيحة هو إبن ملك آدوم ويرون أن (عا 1:2) دليل على ذلك. فكان ذنب ملك موآب الذي يذكره عاموس أنه أحرق عظام ملك آدوم ولكن هذا الاحتمال بعيد لأنه لو فعل ذلك لما كان الجميع إسرائيل ويهوذا وأدوم إنصرفوا دون أن يفعلوا شيئًا ولكنها كانت عادة وثنية أن يقدم الأب ابنه ذبيحة لاسترضاء آلهته بل أن اليهود تعلموا هذه العادة البشعة منهم وصاروا يقدمون أولادهم ذبائح حية (حز 20:16 + 31،26:20 + أر 31:7) ولبشاعة ما عمله ملك موآب. كان غيظ عظيم على إسرائيل = هذه تعني إما أن ملك يهوذا وملك أدوم تضايقا مما حدث وإغتاظوا من ملك إسرائيل لأنه كان السبب في هذه الحرب التي انتهت بهذه المأساة الدموية أو أن موآب حين رأوا الخراب الذي حل بهم وموت ولى العهد إغتاظوا من إسرائيل التي كانت السبب.