![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المتنيح القمص لوقا سيداروس تغيير حياة المرأة السامرية الإنجيل من بشارة معلمنا مار يوحنا البشير (يو ٤ : ١ – ٤٢) بركاته علينا آمين. اللقاء مع المسيح يُغير الإنسان تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ (رو۱۲: ۲) غداً ينتصف الصوم الكبير المقدس في الأحد الرابع، يُقرأ إنجيل لقاء المسيح مع المرأة السامرية وفيه نسمع كيف خلصها، وكيف غير حياتها وحولها من إنسانة غارقة في الخطية إلى قديسة كارزة. هذه هي حقيقة اللقاء مع المسيح. قد يسمع الإنسان عن المسيح، لكن حين يتقابل معه ويتحدث إليه، يستحيل أن يبقى على حاله فبعد لقاء المسيح مع السامرية، لم تعد المرأة كما كانت أبداً وكذلك زكا والمرأة الخاطئة تغيرا. والتغيير الذي يطرأ على الإنسان بعد اللقاء مع المسيح يكون واضحاً لكافة المحيطين إلى الدرجة التي فيها يتساءلون عما ألم بالشخص. وذلك لأن الإنسان يتعود على طريقة الحياة التي يعيشها. حتى لو كان يحيا في الخطايا كل يوم، يعتادها وتصير أسلوب حياته لكن حين يتقابل حقيقية مع المسيح، ويقبل کلامه يتغير ويعيش حياة أخرى بطريقة مختلفة. جميعنا ولدنا في المسيح حين اعتمدنا في الطفولة. ثم بدأنا نعيش في الكنيسة وننمو في المسيح، نقرأ الإنجيل ونصلي ونتناول من جسد الرب ودمه إلا أن مقياس التقدم في الحياة الروحية أو الترمومتر الدقيق لقياس معدل النمو، هو التغير أولئك الخطاة الذين يشبهون السامرية ، لم يسمعوا عن المسيح من قبل ولم يعرفوه، حين يتقابلون مع المسيح تتغير الحياة، فيبدأون رحلة التغيير ويستمرون في النمو. المرأة السامرية لم يحدث لها طفرة، ولم تنفعل انفعالاً عاطفياً بالمسيح لبضع ساعات أو أيام ثم عادت إلى سابق عهدها. لكنها بدأت واستمرت. أنا اعتمدت في الصغر وأعيش كمسيحي مولود في المسيح تربيت في الكنيسة ، أعرف الإنجيل والأجبية والألحان والقداس وأواظب على التناول. فما مدى التغيير الذي أجوزه في حياتي؟ إذا كنتُ صادقاً، يكون كل يوم في حياتي للأمام. حتى الخطاة المغروسين في الخطية، حين تقابلوا مع المسيح، خلعوا العتيق الفاسد البالي وتخلصوا من كل دنس الخطية. وكان التغيير في حياتهم من النقيض إلى النقيض، ومن النجاسة للقداسة. ما أعظم التغير الذي جازه هؤلاء الذين لم يسمعوا عن الله من قبل. فكم بالأحرى أولاد الله ! أولاد الله يتغيرون من مجد إلي مجد، ويتقدمون من عمق إلى عمق، ومن رؤية إلي رؤية القديس بولس الرسول قال: “تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ”. لكي تتغير، لابد أن يتجدد فكرك ويتقدم ويرتفع، وتزداد معرفتك بالمسيح كل يوم. دقيقة واحدة مع المسيح تكفي للتغيير لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً (يو ٤: ١٠) أتعجب كثيراً يا إخوتي لحياتنا التي ينطبق عليها عبارة “محلك سر”، وهي تعني أن يرفع الإنسان قدمه ثم ينزل بها في نفس المكان أي يمشي دون أن يبرح مكانه ولا يتقدم خطوة واحدة. أحضر إلى الكنيسة، لكن التغير طفيف. أعرف المسيح طبعاً وأتناول من جسده ودمه، لكن النمو ضئيل جداً. لو كنت أصلي وأتناول بحق كل هذه السنوات، لكنت قد تقدمت كثيراً في حياتي الروحية. تخيل مثلاً تلميذ في الصف الأول. تسأله بعد مرور عام دراسي فيما يدرس، فيقول إنه في الصف الأول. بعد عامين تسأله، فيجيب نفس الإجابة. وهكذا وصولاً إلى ستة أعوام، لا يزال في الصف الأول. ماذا حدث له ؟ لماذا لا ينتقل إلى الصف الثاني؟ لماذا يعيد السنوات ولا يتحرك من نفس الفصل؟ من يصدق! الناس يتندرون على حاله، ويصبح أضحوكة لكل من يعرفه من الأهل والأصدقاء. وبنفس المنطق تسأل مسيحى “منذ متى تواظب على الكنيسة؟” يقول : “عشرون عاماً. فهل” تحرك قلبك ناحية المسيح في التوبة ؟ يقول “أنا في سنة أولى”. “هل تفتح الإنجيل؟ كم مرة قرأته ؟ كم عظة سمعتها؟ وما مقدار التقدم الذي أحرزته في حياتك الروحية منذ وعيت على الإيمان؟ ينبغي أن أراجع نفسي لأعرف لماذا لم أتقدم كل هذه السنوات ولماذا أضعتها ولم أستخدمها بشكل صحيح؟ لو كل مرة دخلت الكنيسة ارتميت عند قدمي المسيح، وكانت لقاءاتي معه لقاءات حقيقية مثمرة، لتغيرت حياتي كثيراً . لقاء المرأة السامرية بالمسيح استغرق على أكثر تقدير نصف ساعة. فقد ذهب التلاميذ ليبتاعوا طعاماً من المدينة، وحين عادوا وجدوه يتحدث معها، فلم يقاطعوه حتى انتهى من کلامه معها ومضت. ومع ذلك كُتب عن السامرية إنجيلاً طويلاً يُكرز به منذ أكثر من ألفي عام وحتى مجيء المسيح. الإصحاح الرابع من بشارة يوحنا هو حاصل نصف ساعة قضتها المرأة السامرية مع المسيح. شيء مذهل أن تكون محصلة نصف ساعة هذا القدر من التغير في الحياة! تحولت السامرية من امرأة كان لها خمسة أزواج وتعيش مع رجل ليس زوجها إلى قديسة كارزة، يُكرز باسمها في الإنجيل! لذلك فإن هؤلاء الذين عاشوا عشرات السنين في الكنيسة، يجدر بهم أن يصلوا إلى السماء وسماء السماوات. المرأة السامرية أمضت نصف ساعة مع المسيح بإخلاص وانفتاح قلب وانفتاح بصيرة تسأله وتسمع وتجادل قال لها: “أَعْطِينِي الأَشْرَبَ” . فقالت له: كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟” أَجَابَ يَسُوعُ: لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لَأَشْرَبَ لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً. قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: “يَا سَيِّدُ لاَ دَلْوَ لَكَ وَالْبِئْرُ عَمِيقَةٌ. فَمِنْ أَيْنَ لَكَ الْمَاءُ الْحَيُّ؟ وهكذا دخلت معه في سجال وكلام، في أخذ وعطاء لنصف ساعة. فهل تظن أن نصف ساعة تكفي لعمل كل هذا التغيير ؟ صدقني دقيقة واحدة فقط مع المسيح تكفي دقيقة واحدة بانفتاح قلب بلا تحفظات، ويكون القبول داخل نفس الإنسان بلا رجعة. استعداد المسيح للعطاء لا نهائي تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيّاً لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ. (يع٣:٤) المسيح يقول: “اسْألُوا تُعْطَوْا اطْلُبُوا تَجِدُوا اقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ”. هل يوجد سخاء أكثر من هذا ؟ كلام المسيح أن كل من يسأل يأخذ، صريح وسهل! فلماذا لا نأخذ؟ العيب عيبنا دائماً لأن باب المسيح مفتوح وذراع المسيح ممدودة، واستعداد المسيح للعطاء لا نهائي مثل ينبوع ماء لا يتوقف. لكن العيب يكمن في أن الإنسان لا يأخذ. فمع أن الإنسان ربما يطلب، إلا أنه لا يأخذ. والقديس يعقوب الرسول يقول من يسأل ليَطْلُبْ بِإِيمَانِ غَيْرَ مُرْتَابِ الْبَتَّةَ، لأَنَّ الْمُرْتَابَ يُشْبِهُ مَوْجاً مِنَ الْبَحْرِ تَخْبِطُهُ الرِّيحُ وَتَدْفَعُهُ. فَلا يَظُنَّ ذَلِكَ الإِنْسَانُ أَنَّهُ يَنَالُ شَيْئاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ”. وقال: “تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيَّاً لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ”. نحن نطلب خارج دائرة قصد الله بالي مشغول بأمور كثيرة لا أكف عن طلبها. والمسيح لا يرفض طلباتنا الكثيرة في مرض ، في ضيقة، في مشكلة، في خسارة في امتحان إلى آخره من الأمور. لكن أين ملكوت الله وسط هذا الكم من الطلبات؟ المسيح يقول: “اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللَّهِ وَبِرَّهُ”. اجعل ملكوت الله على قمة تفكيرك ما الفائدة التي نرجوها من تراب الدنيا ! أطلب ملكوت الله بإخلاص من كل القلب، وراجع ترتيب أولوياتك. ابدأ يومك بالصلاة وأطلب ملكوت الله أولاً مهما كانت همومك. اطلبه نهاراً وليلاً وفي نصف الليل. اطلب مشيئة الله، ولا تطلب بحسب هواك. هذا ما علمنا إياه المسيح حين نصلي الصلاة الربانية ونقول: “لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ”. اللقاء مع المسيح يُغير حتى الحواس الداخلية والضمير كَلِمَةَ اللَّهِ حَيَّةٌ وَفَعَالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفَ ذِي حَدَّيْنِ. (عب١٢:٤) فليعطنا الله جميعاً نعمة أن ندخل إلى الكنيسة ونتقابل فعلاً مع المسيح. إذا شعرت بالمسيح ورأيته واستمتعت بوجوده، تخرج من الكنيسة بعد التناول ومعك المسيح في فرح روحي لا ينطق به الإنسان حين يتناول ويأخذ المسيح بحق لن يكون له طلبات على الإطلاق. لأنه حين يأخذ المسيح، يحصل على الكمال، فلا يبقى له ولا أمنية واحدة في هذا العالم، ليس عن يأس من الدنيا، بل عن اكتفاء. يشعر الإنسان بالاكتفاء والفرح والشبع والامتلاء ولا يعود ينقصه شيء. لو دخلنا الكنيسة دخولاً حقيقياً وتناولنا بحاسة روحية، أو عندما نجلس مع المسيح ونأخذ ولو آية واحدة فقط بانفتاح قلب، يشتعل القلب ناراً، لأن الإنجيل هو كلام الحياة الأبدية. أتعجب عندما نقرأ الإنجيل كما نقرأ الصحف والمجلات. نحن نقرأ بلا فهم، لأن الذهن غير مفتوح. كَلِمَةَ اللَّهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ. كم أقامت من الأموات وكم خلصت من خطايا كلام الإنجيل يكون بلا ثمر في ابن الهلاك. لذلك يقول بولس الرسول: “إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُوماً ، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ” اللقاء ؛ مع المسيح والوجود معه، لا يغير الحياة والفكر وطريقة الكلام فحسب، بل يغير الحواس الداخلية والضمير. لذلك إذا كان دخولي إلي الكنيسة والتناول والوجود في مخدع الصلاة لا يُغيرون في شيئاً، تكون الخسارة عظيمة جداً . والسبب الرئيسي لعدم التغيير هو أنني أثناء وجودي مع المسيح في الكنيسة، لا أكون صادقاً أو مخلصاً، ولا أدخل إليه بانفتاح قلب التماساً لوجهه، بل بنية أخرى. عندما يدخل الإنسان إلى الكنيسة بقلب مفتوح، يخرج محملاً بنعم جزيلة، وتختلف نظرته للمشاكل بعد التناول، لأنه جلس مع المسيح. ما كان معتبراً ذا قيمة كبيرة ، أصبح لا يساوي. وما كان لي ربحاً فيما سبق، وما كنت أعتقد أنه يجلب لي مكسباً كبيراً وفيه قمة سعادتي، حسبته خسارة. مَا كَانَ لِي رِبْحاً فَهَذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً، لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ وَأُوجَدَ فِيهِ. فقد وجدت ربحاً آخر، لأن المسيح أصبح ربحي ومكسبي وحياتي وفرحي وسروري وقوتي. التغيير في المسيحية لَسْتُ أَحْسِبُ نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ. وَلَكِنِّي أفْعَلُ شَيْئاً وَاحِداً إِذْ أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ. (في٣: ١٣) عندما يتغير الإنسان في المسيحية، يبدأ حياة جديدة والتغير لا يحدث نتيجة انفعال لحظي، بل هو بداية رحلة صعود إلي مجد، فيها يتغير الإنسان ويواصل التغيير، ثم ينظر إلى الأمس، فيجد أنه لم يأخذ بعد، وأن الطريق ما يزال أمامه طويلاً. هذا يُشبه تلميذاً مجتهد كلما يتقدم في المعرفة يدرك أنه لم يكن يعرف شيئاً فيما سبق. وكلما ازدادت معرفته وحقق المزيد من النجاح، يتعطش أكثر إلى أن ينهل من ينابيع المعرفة. ولأن العلوم البشرية بحر واسع لا حدود له من يدرس الطب مثلاً ويتخصص في فرع واحد، لا يتوقف عن تحصيل العلم لأن هناك الجديد والأحدث في كل مجال كل يوم. الحياة مع المسيح تبدأ بانفتاح القلب والحواس والضمير. ثم يستمر الإنسان في النمو الروحي والتقدم، ولا يكون لنموه نهاية بعد أن تذوق المسيح واستطعم الحياة به. وتذوق طعم المحبة، بعد أن عاش عمراً يسعى خلف حقوقه وتذوق طعم القداسة والحياة مع الله ونقاوة القلب، بعد أن عاش عمراً في الكورة البعيدة. ولن يكون لتقدمه في الحياة الجديدة مع الله منتهي، بل يتقدم من مجد إلى مجد ومن حياة إلى حياة ومن عمق إلي عمق. كبار القديسين وصلوا لمستويات وآفاق مرتفعة جداً كالجبال، وكان راسخاً في أعماقهم أنهم لم يدركوا بعد. القديس بولس الرسول الذي أقام موتي يقول: لَيْسَ أَنِّي قَدْ نِلْتُ أَوْ صِرْتُ كَامِلَا، وَلَكِنِّي أَسْعَى لَعَلِّي أُدْرك”. بولس كارز المسيحية الأعظم، الذي كانت مَنَادِيلة تشفي الأَمْرَاضُ وَتُخْرِجَ الْأَرْوَاحُ الشَّرِّيرَةُ يقول: ” لَسْتُ أَحْسِبُ نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ. وَلَكِنِّي أَفْعَلُ شَيْئاً وَاحِداً : إِذْ أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ. أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحَ يَسُوعَ. ولربنا المجد دائماً أبدياً آمين. |
![]() |
|