![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ماذا يعني الرب بقوله “إدعي زوجك” للقديس أغسطينوس[6] لما أراد المسيح أن يجعل المرأة تفهم، “قال لها يسوع: إذهبي وإدعي زوجك وتعالي إليّ ههنا”. فماذا كان يقصد من كلمة “إدعي زوجك؟” هل يقصد أنه عن طريق زوجها يريد أن يعطيها هذا الماء؟ أم لأنها لم تفهم فأراد أن يعلَّمها بواسطة زوجها؟ ألم يتكلم إلى مريم أخت مرثا التي جلست تحت قدميه مباشرة دون وساطة رجل، تلك التي لم تفهم فحسب بل إنها “إختارت النصيب الصَّالح الذي لن يُنزع منها؟” (لو١٠: ٤٢). إذاً، فما معني “إدعي زوجك؟” ألعل يسوع يقول لنفس كل واحد منا: “إدعي زوجك” فلنتساءل إذاً عن زوج النَّفس. لماذا لا يكون يسوع نفسه هو الزوج الحقيقي للنَّفس؟ إن ما نريد أن نقوله لا يدركه إلاّ المنتبهون جيداً!!. لما رأي يسوع المرأة لم تفهم قال لها ذلك، أي لأن السبب في إنكِ لم تفهمين ما أقوله أن إدراكك ليس حاضراً، فأنا أتكلم عن الروح وأنت تصغين بالجسد. الأمور التي أتكلم عنها لا تنتمي إلى أي من الحواس الخمسة، لأنها لا تُقبل إلاّ بالقلب، ولا يمكن أن تستقين منها إلاّ بالمفهوم الروحي، وهذا المفهوم ليس هو الذي لك الآن، فكيف تدركين ما أقول؟ “إدعي زوجك” أي تعالي بفهمك إليَّ. ما معني أن تكون لك نفس؟ أليس للحيوان أيضاً نفس؟ فما الذي يجعلك أفضل من الحيوان؟ أليس هو أن يكون لكِ الفهم الذي ليس للحيوان؟. إنكِ لم تفهّمين ! إنني أكلمك عن عطية الله، وأمَّا تفكيرك فهو جسداني. إنك تريدين أن لا تعطشي بمفهوم جسداني. إنني أقدم ذاتي لروحك، ولكن فهمك غائب. إذاً “إدعي زوجكِ” ولا تكوني “كفرسٍ أو بغلٍ بلا فهم” (مز ٣٢: ٩). إذاً، يا إخوتي، أن تكون لنا نفس ولا يكون لنا فهم، أي أن لا نستخدم هذا الفهم أو لا نعيش طبقاً له، فهذه حياة حيوانية، لأن نفوسنا التي نشترك فيها مع الحيوان والتي تميل إلى السلوك حسب الجسد، ينبغي أن نتحكم فيها ونُخضعها للفهم الذي يمكن أن نسميه “الزوج”، هذا الذي ينبغي أن يسود على النَّفس، كما قيل لحواء إن آدم “يسود عليك” (تك٣: ١٦). فالفهم هو عين النَّفس التي بها ترى وتدرك الأمور، والعين هي التي ترى النور وتسُّر به، أمَّا بقية الأعضاء فتسير في النور دون أن تشعر به. وهكذا فإن الفهم أو الإدراك الموجود في نفوسنا يستنير بالنور العلوي: الله، لأن هذا هو “النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان” (يو١: ٩). هذا النور هو المسيح، وهو الذي كان يكلم المرأة، ومع ذلك فلم يكن إدراكها حاضراً لكي يجعلها تستنير بهذا النور. لذلك قال الرب لها: “إدعي زوجك”، وكأنه يقول لها: “إني أريد أن أُنيرِك، فاستدعي فهمِك لكي أُعلِّمك بواسطته، والذي به ينبغي أن تقودي نفسكِ. إدعي فهمكِ باعتباره زوجكِ”. |
![]() |
|