علاقة الله مع الإنسان الخاطئ الساقط ما كان ممكنًا أن تتوافق صفات محبته مع مطاليب بره إلا في صليب المسيح حيث «الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ الْتَقَيَا. الْبِرُّ وَالسَّلاَمُ تَلاَثَمَا» (مز85: 10). فالله لا يستخف أو يستهين بالخطية، ولا بد أن يُعاقِب المذنبين. ولكي يُبرِّر الله المذنب كان لا بد لعدالته أن تستوفي حقوقها؛ ومن هنا وضع الله الديَّان عقوبة خطاياهم على المسيح فوق الصليب. فلم يتساهل مع خطية واحدة وضعها على المسيح، ومن هنا يستطيع أن يُبرِّر كل مَنْ يؤمن بالرب يسوع.
وإن كان بر الله لم تتساهل مع أية خطية وُضعت على المسيح، فقداسته أيضًا لا تتساهل مع أي مؤمن لا يسلك طبقًا لهذه القداسة. ويؤكد الرسول بطرس في الرسالة الأولى على نعمة الله تجاه أولاده. فتبدأ الرسالة بالرحمة الكثيرة، وتُختم بالنعمة، حيث دعانا إله كل نعمة إلى مجده الأبدي. لكنه في الوقت نفسه، يريد أن يقول إن النعمة والامتيازات لا تغيران طبيعة الله القدوسة، فلا بد أن يتوافق معها كل شيء. وسرور الله أن يتوافق مسلكنا مع مبادئ قداسته، لذلك يقول: «كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ، لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ السَّابِقَةَ فِي جَهَالَتِكُمْ، بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ» (1بط1: 14-16)، لأن مبدأ القداسة في ذاته ثابت لا يتغير بتغير التدابير، فقداسته في العهد القديم هي نفسها في العهد الجديد.