* [في حديثه عن أولاد شيث الذين هم أبناء الله الذين رأوا البنات اللواتي من نسل قايين، فالتهبت فيهم الشهوة بسبب جمالهن] هؤلاء سقطوا من الدراسة الحقيقية للفلسفة الطبيعية التي تسلموها من أسلافهم، حيث تتبع الرجل الأول (آدم) دراسة كل الطبيعة واستطاع أن ينالها بوضوح، وسلّمها إلى خلفه على أسس أكيدة، وذلك قدر ما رأى العالم في بدء نشأته، حيث كان لا يزال الإنسان في رقته وبساطته كمن فيه ليس فقط كمال الحكمة هذه، بل ونعمة النبوة التي وهبت له بالوحي الإلهي، حتى أنه بينما كان ساكنًا في هذا العالم غير متعلم أعطى أسماء لكل الكائنات الحية، ولم يعرف فقط ثورة كل أنواع الحيوانات والثعابين وسمومها، بل وميّز بين أنواع النباتات والأشجار وطبائع الأحجار وتغيير الفصول التي لم يكن بعد قد اختبرها.
استطاع أن يقول حسنُا: "الرب وهب لي علمًا يقينًا بالكائنات حتى أعرف نظام العالم، وفاعلية العناصر، ومبدأ الأزمنة ومنتهاها وما بينها، وتعاقب الاعتدالات وتغيير الفصول، ودوائر السنة ومراكز النجوم، وطبائع الحيوانات وغرائز الوحوش، ونغمات الأرواح وخواطر البشر، وأنواع النبات وخواص الجذور، فعرفت كل ما خفي وكل ما ظهر" (حك 17:7-21).