|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فاعتَرفَ ولَم يُنكِرْ، اِعتَرَفَ: "لَستُ المسيح تشير عبارة " فاعتَرفَ ولَم يُنكِرْ، اِعتَرَفَ " إلى ثلاث كلمات، الكلمتان الواقعتان في الطرفين هما إيجابيتان (اعترف) والكلمة المركزية سلبية (لم ينكر). وذُكرت الكلمات الثَّلاث معًا تأكيداً على صراحة وصدق شَهَادَةٌ يُوحَنَّا المَعْمَدان وبيان أهميتها حيث أنَّه أظهر استعداده باعترافه، وبعدم إنكاره؛ وباعترافه قدَّم برهانًا قاطعًا على شهادته. وهي شَهَادَةٌ رسميَّة أمام وفدٍ رسمي. كان جواب يُوحَنَّا المَعْمَدان جوابًا صريحًا قاطعًا. كل هذا التَّأكيد، لأنَّ جماعة من تلاميذ يُوحَنَّا ظلت تؤمن به وترفض المسيح، كما جاء في أعمَال الرُّسل "ولَمَّا أَوشَكَ يُوحَنَّا أَن يُنهِيَ شَوطَه قال: مَن تَظُنُّونَ أَنِّي هو؟ لَستُ إِيَّاه ها هُوَذا آتٍ بَعدي ذاكَ الَّذي لَستُ أَهلاً لأَن أَفُكَّ رِباطَ حِذائِه"(أعمَال الرُّسل 13: 25)، فرفض يُوحَنَّا كل دعوى في أنه هو المسيح وأبى الإكرام الذي استعدَّ النَّاس أن يقدموه باعتباره المسيح. يُعلمنا يُوحَنَّا أن نقرّ بمكاننا "ونعرف قدر أنفسنا". أمَّا عبارة "لَستُ المسيح" فتشير إلى جواب يُوحَنَّا المَعْمَدان الذي بلغ به قمة التَّواضع، وأظهر حقيقة أمره (يُوحَنَّا 1: 19). ويُعلق القديس أوغسطينوس "حسِبَ النَّاسُ أنّه المسيح، فقالَ إنّي لستُ كما تَحسَبُون، فلم يستغلَّ ضلالَ غيرِهِ ليَصنَعَ لنفسِهِ مجدًا" (عظة 293). إن شَهَادَةٌ يُوحَنَّا المَعْمَدان هي غُرَّة تاريخ الإنجيل، إذ هي أول مرة سمع فيها رؤساء اليهود كلمة البشارة (الإنجيل) مواجهة. أمَّا عبارة " المسيح " فتشير بالنسبة لليهود إلى المسيح المنتظر بمعناه القومي والسِّياسي، أمَّا في المسيحية فتشير إلى المسيح المنتظر بمعناه الفادي والمخلص وبما لسيادته من طابع إلهي، كما جاء في عظة بطرس الرَّسُول الأولى " فَلْيَعْلَمْ يَقينًا بَيتُ إِسرائيلَ أَجمَع أَنَّ يَسوعَ هذا الَّذي صَلَبتُموه أَنتُم قد جَعَلَه اللهُ رَبًّا ومَسيحًا " (أعمَال الرُّسل 2: 36). فالمسيح هو في آن واحد إنسان أصله معروف (يُوحَنَّا 6: 42)، وهو إله أصله السّماوي يُخفى على البشر. هنا نجد صدى مجادلات بين اليهود والمَسيحيِّين طوال القرن الأول، كما ورد في إنجيل يُوحَنَّا: " على أَنَّ هذا نَعرِفُ مِن أَينَ هو، وأَمَّا المسيح فلا يُعرَفُ حينَ يأتي مِن أَينَ هو " (يُوحَنَّا 7: 27). |
|