|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فلَمَّا سَمِعَت أَليصابات سَلامَ مَريَم، ارتَكَضَ الجَنينُ في بَطنِها، وَامتَلأَت مِنَ الرُّوحِ القُدُس تشير "سَمِعَت" إلى سِماع أَليصابات الصَّوت بالأذن، وأمَّا الذي قَبِلَ النِّعمة أولاً فهو يوحَنَّا جنينها، إذ تهلَّل بقوة الرُّوحِ القُدُس. كانت أَليصابات أول من سمع صوت مَريَم، لكن يوحَنَّا كان أوَّل من تأثر بنعمة الرُّوحِ القُدُس. وبمجرد إصغاء أَليصابات لسلام مَريَم، تمَّت أحداث عجيبة: من ارتكاض الجَنين مبتهجًا وامتلاء أَليصابات بالرُّوحِ القُدُس وشهادتها لأمومتها لربِّها. كيف يُمكن للرب يسوع أن يذهب إلى بيت زَكَرِيَّا في عين كارم إذا لم تجلبه أمُّه إلى هناك؟ ويُعلق القديس أمبروسيوس قائلاً: " أحسَّتْ أَليصاباتُ بمجيءِ مَريَم، وأحسَّ يوحَنَّا بِمجيءِ الرَّبّ. تحدَّثَتِ المرأتان بنِعَمِ الله. والوَلَدان زيَّنَا الأحشاءَ الوالديَّةَ بِسِرِّ التَّقوى وبنِعَمِهِ " (في إنجيل القديس لوقا 2، 19 و22-23 و26-27: CCL 14، 39-42). أمّا عبارة "الجَنينُ" فتشير إلى يوحَنَّا المَعْمَدان في بطن أمِّه أَليصابات والجَنين هو ثمرة الحمل في الرَّحم حتَّى نهاية الأسبوع الثَّامن. ويُعلق القدّيس مكسيمُس الطورينيّ الأسقف قائلاً: "كان لا يزال يوحَنَّا في رحم أمِّه عندما احتفل بقدوم الرَّبّ من خلال حركاته الفَرحة، إذ لم يكن بإمكانه القيام بذلك من خلال صوته. فَرِحَ يوحَنَّا، لأنّ عقله أدرك من هو سَيِّدُ هذا العَالَم" (العظة 36). أمَّا عبارة "ارتَكَضَ" في الأصل اليوناني σκιρτάω " (معناها تحرّك) تقابلها باللغة العبرية יִּרְקַד أي "رقص" فتشير إلى ارتكاض خاص بحركة الجَنين غير عادية حتى نسبتها أَليصابات إليها بسبب مجيء مَريَم. وهي ذات الكلمة التي استخدُمت حين رقص داود النَّبي فَرِحًا أمام تابوت العهد المقدس (2 صموئيل 6:16). ارتكض يوحَنَّا المَعْمَدان فرحًا في بطن أمّه أَليصابات بسبب حضور يسوع في بطن أُمِّه مَريَم، ويُعلق القديس يوحَنَّا الذهبي الفم قائلاً: "لم يكن يستطيع الطفل بعد أن يصرخ، لكنَّه كان يُسمع بأعماله". وتلمح هذه اللفظة "ارتَكَضَ" إلى مَريَم العذراء التي هي تابوت العهد الجديد الذي يحتوي على حضور كلمة الله المُتجسِّد. مَريَم هي "تابوت العهد الجديد" حيث يسكن الله (2 صموئيل 6: 2-11) وحيث أن الله يريد أن يسكن من الآن وصاعدًا في قلوب حيّة وعامرة بالإيمان والفرح. وتدل هذه العبارة أيضًا أن المسيح هو أسمى من يوحَنَّا منذ كان جَنينًا في بطن أمّه. ويُعلق العلاَّمة أوريجانس "غمرَتْ السَّعادة يوحَنَّا وهو ما زال في بطن أمِّه. ولم يكن بالإمكان إيقافه، إذ عند قدوم أمّ ربنّا أراد "الخروج" من بطن أَليصابات". أمَّا عبارة "امتَلأَت مِنَ الرُّوحِ القُدُس" فتشير إلى حلول روح نبوءة العهد القديم على أَليصابات واعترافها بمَريَم العذراء أمًا للمسيح. وحلول الرُّوحِ القُدُس جعلها تفهم، وتؤمن، وتختبر شخصيًّا عمل الرَّبّ في حياتها. حلّ الرُّوحِ القُدُس على أَليصابات روح النَّبوءة، كما حلّ على الأنبياء القدماء وعلى مَريَم أخت موسى (خروج 15: 20)، وعلى شيوخ إسرائيل (عدد 11: 27) وعلى شاوُل المَلك (1 صموئيل 10: 6). ويُعلق العلامة أوريجانوس " امتلأت أَليصابات من الرُّوحِ القُدُس، وذلك لأجل ابنها يوحَنَّا، الذي كان لا يزال في بطن أمِّه وامتلأ من الرُّوحِ القُدُس. وإذا تقدَّس الابن، بعد ذلك امتلأت أَليصابات أيضًا من الرُّوحِ القُدُس". امتلأت أَليصابات بالرُّوح بعد أن حَمَلت، ومَريَم قبل الحَمل كانت ممتلئة بالرُّوح. إذ أن أَليصابات المُسنَّة العاقر آمنت وفرحت، لانَّ أمّ ربِّها أتت إليها وزارتها. فبعث اللقاء على الفرح، وفرحة اللقاء هي عيد الرَّبّ. علمت أَليصابات أنَّ ابن مَريَم العذراء سيكون أعظم من ابنها، لأنه هذا سيصبح مُرسلا أمام ابن مَريَم. ليتنا في زياراتنا ولقاءاتنا مع الآخرين نحمل إليهم مسيحنا القدِّوس الذي يُبهج أحشاءهم الداخليّة، ويُلهب روحه القدِّوس في قلوبهم. |
|