رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرب سيّد الكون
المزمور السابع والاربعون 1. المزمور 47 هو مزمور ينشد الله الملك كما في المزامير 93، 96، 97، 98، 99. يُنشد في الليتورجيا بعد أن زال الملك من إسرائيل. يتطلّع المؤمنون إلى الملك الآتي ليحمل شعبه والأمم الوثنيّة على عبادة الله الواحد. في هذا المزمور يعلن الشعبُ الله ملكًا على أرض الميعاد حين صارت يبوس أورشليم (ابراهيم وملكيصادق) وتحوّلت العاصمة الوثنية إلى عاصمة المملكة، فصعد تابوت العهد، وهو يرمز لحضور الرب بين شعبه، إلى المدينة ليمتلكها مع شعبه. 2. الرب ملك إسرائيل في أرضه وملك جميع شعوب الأرض. آ 2- 5: يعبّر الشعب عن فرحه فيصرخ: يحيا الملك (2 ملوك 11: 12). ثم يدعو جميع الشعوب والقبائل التي تغلّب عليها في أرض كنعان، كما يدعو شعوب الأرض كلها ليهتفوا لله الملك (الأرض هي أرض كنعان التي هي رمز للأرض كلها) الذي اسمه العلي ومركز عبادته أورشليم (تك 14: 14- 20). ستأتي الشعوب إلى أورشليم لتقدّم خضوعها لشعب الله ومن خلال الشعب خضوعها لله. آ 6- 10: يجلس الله على ص شه ملكًا على أرض الميعاد وكل الأرض، فتصفّق الشعوب كلها له بعد أن يصعد إلى مدينته على صوت الحرب والبوق. تابوت العهد يصعد إلى أورشليم لأنّ الله هو الملك الحقيقي على أورشليم. والملك الحاكم إنما يحكم باسم الله. وعندما يحكم الله يحكم ملكه معه. وحينئذ يلغي الله كل أدوات الحرب: يكسر القسي ويقطع السيوف، ويحرق المركبات بالنار. فأورشليم مدينة السلام يسكنها الرب فيعلن نهاية الحرب حسب وعد الأنبياء (أش 2: 4؛ هو 2: 20). 3. من هم الشعوب الذين يدعوهم المرتّل ليصفّقوا للرب الملك؟ هل هم سفراء الشعوب المجاورة أم أسرى الحرب؟ ولكننا ننظر إلى أبعد من ذلك فنتطلّع إلى إسرائيل الذي يمثّل المسكونة كلها لأن قبائله الاثنتي عشرة تمثّل كل شعوب العالم (تث 32: 8). ولهذا ذكر المزمور ابراهيم الذي تباركت به جميع الأمم، وأورشليم التي هي عاصمة الكون وأم الشعوب (مز 86: 4)، وهيكل الرب الذي فيه يجتمعون. من يمثّل هؤلاء الشعوب، من يمثّل إسرائيل؟ هم الكهنة واللاويون الذين تصوّروا ثورة الشعوب على الله الملك ليعبّروا عن فرحتهم بالنصر بالاهازيج والتصفيق. خضعت الشعوب فانتهى التاريخ ووصل مخطّط الكون إلى نهايته وهكذا ينظر إسرائيل بليتورجيته إلى نهاية الزمن عبر علامات الله في الكون. كما صعد الشعب إلى أرض كنعان كذلك يصعد الله بواسطة تابوت العهد مع شعبه وسط الهتاف وصوت البوق. 4. المزمور 47 يستعيد تعليم الانبياء في جوهره، فيدلّ على إرادة الله بالنسبة إلى الذبائح وأفعال العبادة. ينطلق من تعاليم الانبياء فيصل إلى تعليم المسيح حيث المحبة تفوق الذبائح (مر 12: 33؛ مت 5: 23؛ 9: 13). وإن يسوع يعطي في علاقته مع الله الآب المكان الأول للعبادة والشكر (مر 5: 16؛ لو 7: 16). ولما أعطانا سرّ الافخارستيا أي سر الحمد والشكر، طلب منّا المحبّة قبل الاشتراك بقرباننا (مت 5: 23)، وعلّمنا أن لا معنى لقبول الأفخارستيا بدون محبّة القريب لأن من لا يحب قريبه ليس من الله (1 يو 3: 10). 5. تأمّل الله هو الرب العليّ. هو ملك الأرض. أرض فلسطين، بل الأرض كلها. يريد أن يملك في أرضه، في شعبه، بل في الكون كلّه. يُنفخ البوق فيبدأ الحرب. الحرب ضدّ الشرّ، ضدّ كل ما يسيء إلى شعبه ويشوّه صورته في مؤمنيه. يُنفخ البوق فيصعد تابوت العهد، ذلك الصندوق الذهبيّ الذي يحتوي لوحي الوصايا وجرّة المن وعصا هارون. يحتوي كلمة الله. يدلّ على عناية الله بشعبه. يدلّ على القداسة التي يريدها من شعبه بواسطة كهنة يذكّرون الشعب أنه الله القدوس. يصعد تابوت العهد فيدلّ على انتصار الله، كما يدلّ على انتصار شعب يعيش في خطى الربّ. شعب يملأ قلبه الفرح. يهتف. ينشد. فالرب قد انتصر وهو جالس على عرشه، لا في الهيكل فقط كما رآه أشعيا، بل في الكون كله. وساعة كان الطوفان يهدّد الأرض بالموت، كان هو من أعلى السماء، فوق غيوم المطر والسحاب، يهيّئ مسيرة جديدة مع نوح ونسله الذي سيملأ الأرض ويعيد الفصول إلى النظام الذي هيّأه لها منذ إنشاء العالم. هل يشارك شعب إسرائيل وحده في هذه الفرحة؟ هل تشارك فقط حفنةٌ من اللاويين والكهنة في الهيكل؟ كلا ثم كلاّ. فجميع الشعوب والقبائل هي مدعوّة. القريبون والبعيدون. فالله لا يسعه الهيكل الذي بناه له سليمان ولا تسعه أرض فلسطين. بل الأرض كلها والسماوات مملوءة من مجده. وهو يملك على الكون من الأزل إلى الأبد، وألف سنة في عينيه كيوم أمس الذي عبر. يصعد الله. يصعد تابوت العهد. يصعد إلى أورشليم. ولكنه هناك، فكيف يصعد، بل إن شعبه هو الذي يصعد والرب يصعد معه. هو الذي يستقبل الآتين، وهو الذي يرافقهم. يسير معهم في صعوبات الطريق ومشاقّ السير. هو معهم، يمسح عرقهم، ويشجّعهم ساعة يحسّون أن الطريق طويلة. يُطلُّ أمامهم في البعيد. يدعوهم إليه. وحين يصلون إلى العتبة ينشدون: يوم واحد في ديارك خير من ألف في أي مكان على الأرض. ولهذا نقبل الوقوف على عتبتك لا في قصور الاشرار. نقبل أن نأكل الفتات تحت مائدتك، ولا نشارك أهل العنف في ولائمهم. ولكن الرب يتقبّل مسيرة المؤمنين. لا يقبل أن يظلّوا على عتبته، بل يدخلهم بيته فينشدون: دخلت بيتك يا الله، وفي هيكلك سجدت. لا يقبل أن يأكلوا الفتات مثل فقراء وغرباء، بل يدعوهم إلى وليمته ويذبح لهم العجل المسمّن. بل هو لا يقدّم لهم فقط خيورًا من خيراته، بل هو يقدّم لهم ذاته. فيا لسعادتهم، ويا لسعادتنا بهذا الاله الذي لا حدّ لمحبّته وعطاياه |
|