رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
“أي خدمة” والعَرض! عندما يقول إنسان لأخيه الإنسان “أي خدمة”، فإنه في الواقع يعرض عليه عرضًا، قد يكون ماديًا (أموال)، أو معنويًا (مساعدة أو تدخل ما). وعلى الرغم من أن هذا العرض قد يكون مُحَمَّلاً بالمعاني الرائعة والمشاعر الرقيقة، إلا أنه من كثرة استخدام كلمة “أي خدمة” في مجتمعنا، فقد فقدت معناها وجدّيتها، وأصبحت مجرد عرض شفهي لا يتحول لفعل، وهي أشبه بـ“عزومة المراكبية” لمن يسير على الشاطئ دون جدية في عرضه، فينادي عليه بصوت عالي من وسط البحر “اتفضل” رغم أنه لا يزال في عرضه!! تذكَّرت ملكًا ذُكر في العهد القديم، فارسي ذو شخصية قوية ورهبة مدوية (أستير4: 11)، قدَّم عرضًا للخدمة، لملكة رائعة ذات قيمة كبيرة، هي أستير، إذ قال أحشويرش - وهو في كامل قواه العقلية - «مَا هُوَ سُؤْلُكِ يَا أَسْتِيرُ الْمَلِكَةُ فَيُعْطَى لَكِ وَمَا هِيَ طِلْبَتُكِ؟ وَلَوْ إِلَى نِصْفِ الْمَمْلَكَةِ تُقْضي» (أستير7: 2). وكانت الخدمة التي تحتاجها أستير خلاص شعبها. ولاحظت أن الملك كان جادًا جدًا في عرضه؛ فنفَّذ طلب الملكة رغم التكلفة!! فلم يقدِّم مجرد عرضٍ خاوٍ للخدمة والعطاء المادي، ولكن نفَّذ عرضه بكل وعي وجدّية. إننا كمؤمنين – للأسف – نفتقد لجدية أحشويرش؛ فنحن نعرض خدماتنا (المعنوية أو المادية) للناس، ولكننا لا ننفِّذها بجدّية، مع أننا الأولى بتقديم الخدمات؛ لأننا أتباع المسيح أعظم خادم طرق أبواب البشرية، ولأن طبيعتنا هي «ملح الأرض»، و«نور العالم» (متى5: 13، 14). وبالتالي فقد بقيت خدمتنا للناس مجرد عروض جوفاء، وظللنا غارقين في أنانيتنا المقنَّعة، ونخدم ذواتنا داخل جدراننا، فأصبحنا نقول للناس “أي خدمة” ولا نقدم لهم “أي خدمة”!! |
|