محبة المسيح وخيانة يهوذا
لقد نوى السيد المسيح أنه بعد العشاء يقضي الليل خارج المدينة، فقد اعتاد أن يقضي الليل يصلي في جبل الزيتون (لو 21: 37)، لذلك ذهب الخائن مع جماعة الأشرار مباشرة إلى البستان لأن يهوذا يعرف المكان.
من هو يهوذا!
هو يهوذا الذي يدعى الإسخريوطي نسبة إلى قريوط وهي قرية في تلال اليهودية، فهو التلميذ الوحيد بين الاثنى عشر الذي كان من اليهودية والتي تتفاخر بوجود أورشليم فيها مدينة الهيكل والكهنوت والذبائح والأعياد والذكريات مدينة الملك داود، فربما كان أكثر التلاميذ حماسا لانتظار المسيا، لكن كانت له مآرب دنيئة فقد كان ينتظر ملكا أرضيا سيدا متسلطا فقد كانت ليهوذا آمال ضخمة في مجد العالم ومحبة المال والثراء، وازدادت أطماعه حينما رأى الجموع وهي تزدحم حول المعلم يريدون أن يجعلوه ملكا، بل أن أفكار قلبه قد ازدهرت حينما رآه يدخل أورشليم يوم أحد السعف في موكب عظيم بين هتاف الجماهير وحماسهم وهم يرددون مباركة مملكة أبينا داود، وقد ارتجت المدينة وهي تستقبله، لقد صار مع سيده ثلاث سنوات في انتظار تحقيق آماله الشريرة، وعيد الفصح هذا العام هو أنسب فرصة لذلك ولكن سرعان ما ابتدأت آماله تخيب عندما تحدث المسيح إلى تلاميذه عن آلام وموت ينتظره فأضمر الخائن في قلبه الجريمة، فقد تبددت أطماعه فيوحنا يسميه لصا (يو 12: 6) ومسلمه (يو 13: 11) وابن الهلاك (يو 17: 12).
فقد دخله الشيطان (يو 13: 27) لأنه كان مهيأ للشر إذ ملكت الآية على حياته.
وذهب الخائن إلى رؤساء الكهنة واتفق معهم على تسليمه، وهؤلاء الأشرار ملأهم السرور بصفقة الخيانة كما تخبرنا الأناجيل الأربعة.
وإن كان الإنجيليون لم يوضحوا صورة الخائن وقلبه الأسود لكن القديس متى يضيف أنهم أعطوه ثلاثين من الفضة وهي قيمة ما كان يدفع ثمنا للعبد (خر 21: 32)، (زك 11 : 12-13).