شهود الميلاد
هل نأتي بشهود من السماء أم من الأرض لقد شهدت السماء بذلك النجم.. الكوكب العجيب الذي كان يسير في مسار عكس الكواكب فكان سيره خاصا وظهر في وضح النهار كما كان ظهوره فجأة واختفاءه فجأة ليسير إلى الصبي ويستقر فوق المكان الذي ولد فيه (متى 2: 9).
أما الملائكة هؤلاء الجنود السمائيين فكيف لا ينزلون من السماء وقد نزل الملك إلى الأرض لذلك نزلت الملائكة تحمل بشارة الفرح بميلاد المخلص، وكانت فرقة من الرعاة المتبدين هم أول من نالوا شرف البشرى، هؤلاء الذين كانوا يحرسون غنم الذبائح الهيكلية، فقد أضاء مجد الرب حولهم وفي ذلك إشارة خفية إلى الحضور الإلهي،
فاليوم ظهر الله في الجسد موضوعا في مزود وهو بذاته الإلهية غير المحدودة يملأ السماء والأرض فإن كان قد اتحد بجسد بشري أخذه من العذراء لكن هذا الجسد لا يحده، فإن كان هو أخلى ذاته وأخذ شكل العبد لكن السماء والأرض لم تخل منه هو المالئ الكل وفي الكل.
فكان الرعاة شهود حملوا الأنباء السارة التي سمعوها من الملائكة فأتوا بفرح إلى مزود الخلاص وهم يترنمون بتلك التسبحة التي تعلموها من الملائكة.. المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة.
وكان يلزم شهود من خارج الأمة اليهودية شهود من الأمم فأتى المجوس من فارس ويقال أن المجوس كان بين أيديهم نبوة بلعام بن بعور الذي تنبأ: "أراه وليس الآن، أبصره وليس قريبا، يبرز كوكب من يعقوب ويقوم قضيب من إسرائيل فيحطم طرفي موآب (الوثنيين) ويهلل كل بني الوغى (الملكوت)" (عد 24: 17) .
وأتى المجوس الوثنيون من فارس بواسطة نجم ونالوا البشرى المفرحة ورأوا المولود وسجدوا للصبي وهم يشهدون عن عظمة الطفل الإله، وإننا ندهش من إيمانهم فبعد رحلة سفر شاقة وطويلة ماذا عساهم أن يجدوا، لقد وجدوا في مدينة صغيرة ومزود حقير وأم فقيرة وشيخ مسن وجدوا طفلا مولودا لم تكن حوله أي مظاهر للعظمة أو الغنى كملك فهم يبحثون عن، ابن هو المولود ملك اليهود! (مت 2: 12)، لكن الله حرك نفوسهم فساروا تلك الرحلة الطويلة وفتحوا قلوبهم وأشرق فيها الإيمان لذلك حينما وجدوا الطفل الإلهي سجدوا أمامه وفتحوا كنوزهم وقدموا له هداياهم ذهبا ولبانا ومرا.
وقد سبق الله وكشف للبشرية عن ميلاده العجيب وهذا السر الفريد منذ أن سقط الإنسان الأول وطرد من جنة عدن وحرم من الفردوس، فلم يتركه الله بل أعلن "قديما بأنواع وطرق كثيرة..." (عب 1: 1)، وسوف نتأمل في هذه الإعلانات الإلهية من خلال الوعد الإلهي، ونبوات الأنبياء، و الظهورات المتنوعة...
- أولا: الوعد الإلهي
"عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد"
(1 تي 3: 16)
بالحقيقة أن التجسد الإلهي سر وليس لنا فضل أو اجتهاد في اكتشاف هذا السر لكن الله من فرط حبه أعلنه لنا "لأنه إن كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله أن يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة" (1 كو 1: 21).
لذلك من خلال الوعد الإلهي والعهد بين الله والبشرية أعلن الله للإنسان سر تجسده.
نسل المرأة:
لم يترك الله الإنسان بعد سقوطه يهلك في اليأس بعد أن صار ملكا لإبليس، بل وعده بأنه سوف يخلصه قائلا له "أن نسل المرأة يسحق رأس الحية (الشيطان)" (تك 3: 15).
وحين عرف آدم امرأته وولدت قايين فظنت أنه هو ذلك الشخص الذي وعد الله أنه به سوف يسحق رأس الحية لذلك أسمته قايين قائلة إنني اقتنيت رجلا من عند الرب.
وكبر قايين وظهر فيه طبع الشر وخاب ظن أدم وامرأته فنظرا إلى أخيه هابيل الذي كان بارا فتعلق قلباهما به لكن سرعان ما تبدد هذا الأمل فقد قام قايين على أخيه وقتله، وعاد قلب حواء يتشدد من جديد بالأمل حين ولدت ابنا ودعت اسمه شيثا قائلة أن الله قد وضع لي نسلا عوضا عن هابيل.
لكن الخطية التي ورثها الجنس البشري وسرت فيه بددت الرجاء وتوالت البشرية بعد ذلك فشيث ولد أنوش و أنوش ولد قينان ثم مهللئيل و يارد و أخنوخ (تك 5) وكان أخنوخ رجلا بارا وأضاء بقداسته فأبهجت نفس آدم وحواء وذريتهما لعله هو الابن الموعود به لكن الله نقله إلى السماء وعادت البشرية تنتظر من جديد متوشالح ولامك ثم نوح.
وفي أيام نوح فسدت الأرض جدا وتعاظمت خطايا الإنسان وكان تصور قلبه كل يوم شريرا وسادت الفوضى في العالم وانتشر القتل و الزنى والطمع، وفي هذا الوقت بدأت تظهر خطية تعدد الزوجات (تك 6) وحزن الله أن عمل الإنسان في الأرض، وتضاءل أمل البشرية في سرعة مجيء المخلص ابن الموعد الذي يسحق رأس الحية ويخلص الإنسان فقد فسدت الأرض كلها وامتلأت ظلما!!..
لكن ظل رجاءها في الوعد الإلهي أن نسل المرأة يسحق رأس الحية.
أقيم عهدي معك:
وسط هذا العالم الفاسد أضاء نوح البار، فبينما كان اليأس يدب في قلب البشرية من جهة المخلص أعلن ألله لنوح "أقيم عهدي معك" (تك 6: 8)، هكذا يجدد الله عهده لقديسيه فبارك الله نوحا وقطع معه علاقة ميثاق وقال الله "علاقة ميثاق بيني وبين الأرض" ميثاقا أبديا (تك 9)، وعاد يتجدد في البشرية رجاؤها القديم في وعد الله ناظرة إلى نوح، ولكن نوح عاش تسعمائة وخمسون سنة ومات وتباعد أمل البشرية في سرعة مجيء المخلص بل كادت تدخل في اليأس حين تجمع الناس بمشورة شريرة يبنون برجا رأسه يمس السماء قائلين هلم نبن لأنفسنا مدينة وبرجا رأسه يمس السماء ونصنع لأنفسنا اسما لئلا نتبدد... فبلبل الله لسانهم وبددهم على كل وجه الأرض (تك 11).
وانتشر الإنسان في شتات الأرض ولكنه حمل في داخله حنينا لوعد الله أن نسل المرأة يسحق رأس الحية، وما زال صوت الله يرن بين أصداء البشر.. إني أقيم عهدي معك، وهكذا أعد الله قلب البشرية لانتظار تحقيق وعده لذلك نرى أن كل المعتقدات مهما انحرفت وضل الإنسان لكننا نرى في ديانات العالم القديم أنها لم تخل من هذه العقيدة، فالفراعنة كان في عقيدتهم أن الإله حار محب حبل به في عذراء وعبروا عن مجيء المخلص بزاوية في الهرم الأكبر لخوفو، أما أتباع زرادشت (1000 ق. م) فتنبأوا عن ولادة الإله المخلص من عذراء، وفي فرنسا (بلاد الغال) كان الكهنة يقدمون العبادة لبتول ستلد، ونقرأ في الإنجيل عن المجوس الذين أتوا من فارس في أقصى الشمال إلى أورشليم يحملون الوعد، أين هو المولود الملك (مت 2: 2)، ويحدثنا القديس بولس الرسول عن الأثينيين الذين كان بين معبوداتهم الكثيرة ومذابح الأصنام التي يصعب حصرها، الإله المجهول الذي ينتظرونه وهم يجهلونه (أع 17)، بل أن العرب كانوا يؤمنون بمجيء المهدي المنتظر.
هكذا وأن كان الإنسان قد ضل قلبه بسبب الخطية التي دخلت إلى العالم وتاه في خرافات يتعبد لها لكنه دائما يحس في قلبه حنينا داخليا تجمعت وتلاقت فيه البشرية، عقيدة توارثها عن آدم وانتقلت من جيل لآخر عن الوعد بالإله الذي يأتي من نسل المرأة يخلصه بفداء عظيم.
وانتشرت البشرية في الأرض واختار الله لنفسه شعبا ليأتي منه وأعطى الله لإبراهيم أب هذا الشعب وعدا مجددا العهد القديم قائلا له: "تتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تك 22: 18) لكي يوضح للبشرية أن المخلص هو من نسل إبراهيم، وجدد الله عهده لإسحق "لك ولنسلك أعطي جميع هذه البلاد" (تك 26: 13) ولما كان لإسحق ولدان جدد الوعد ليعقوب حين ظهر له في بيت إيل وقال له "ليتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض" (تك 28: 44) وعندما تفرع هذا الشعب إلى أسباط حين تزوج يعقوب وصار له اثنا عشر ابنا هم أسباط بني إسرائيل حدد الله له سبطا سوف يأتي منه "لا يزول قضيب من يهوذا و مشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع شعوب" (تك 49: 10) وابتدأت الدائرة تضيق وتقترب المواعيد وامتد إصبع النبوات ليشير عن قرب تجسده حين حدد الله بتدقيق بيتا من بيوت هذا السبط هو بيت داود "وجدت داود عبدي.. إلى الدهر احفظ له عهدي يثبت له وأجعل إلى الأبد نسله" (مز 89: 28) "الصانع رحمة لداود ونسله إلى الأبد" (مز 18: 50) "هناك أنبت قرنا لداود" (مز 132: 17)، (إش 11: ا)، (إش 65: 9) "ها أيام تأتي أقيم لداود غصن بر" (إر 23: 5).
لعلنا ندرك الآن سبب ما ذكره القديس متى البشير في بداية إنجيله (مت 1: 1) عن كتابة سلسلة الأنساب وتوقفه قليلا حين ذكر الآباء إبراهيم وداود. بل تعجب من الاستنارة الروحية المدهشة التي أضاءت قلب القديس لوقا الإنجيلي حين عاد ينسب السيد المسيح إلى آدم نفسه (لو 13: 23) وكأنه يذكرنا بوعد الله لآدم الذي تحقق في مجيء المسيح وهو أن نسل المرأة يسحق رأس الحية وجاء ملء الزمان (غل 4: 4) حين عين الله له أما ليأخذ منها جسدا تلك التي فاقت في قداستها البشرية كلها، فقد تطلع الآب من السماء فلم يجد من يشبهك أرسل ابنه وحيده أتى وتجسد منك (ثيئوطوكية الأربعاء).
- ثانيا: نبوات الأنبياء
لم يكتف الله بتأكيد وعده بالفداء لقديسيه عبر الأجيال ولكنه سبق أن أعلن تجسده بنبوات الأنبياء "الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه" (عب 1: 1) فتنبأ عنه إشعياء النبي (740 ق. م) "يعطيكم السيد نفسه آية، ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل" (إش 7: 14) كذلك تنبأ عن ميلاده العجيب "لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرئاسة على كتفه ويكون اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام" (إش 9: 6) وتنبأ إرميا "ها أيام تأتي يقول الرب وأقيم لداود غصن بر فيملك ملك وينجح ويجري حقا وعدلا في الأرض، في أيامه يخلص يهوذا ويسكن إسرائيل أمنا وهذا هو اسمه الذي يدعونه به الرب برنا" (إر 23: 5-6).
أما داود النبي فتنبأ قائلا: "هذا وُلِد هناك ولصهيون يقال هذا الإنسان وهذا الإنسان ولد فيها وهو العلي الذي يثبتها" (مز 87: 4، 6) فقد صار لله ميلاد "كتاب ميلاد يسوع المسيح" (مت 1: 1) وهذا ما جعل إشعياء النبي يقول أنه يكون اسمه عجيبا فهو إله وهو ابن وُلِد، وأيضا داود النبي تنبأ "هو ولد وصار إنسانا وهو العلي" وهذا ما أشار إليه معلمنا بولس الرسول من أنه هو الإله الذي صار إنسانا (1 تي 2: 5).
وكتب معلمنا يوحنا أن "الحياة أظهرت" (1 يو 1: 2). وتنبأ حجي النبي عن تجسد الله المدهش الذي أدهش الملائكة في السماء فنزلت إلى الأرض تعلن البشارة المفرحة. الملائكة وجنودها و طغماتها تزلزلت من هذا الحدث العجيب وتركت السماء لتنزل إلينا في المكان الذي تجسد فيه الرب وابتهجت الأرض بفرح فأتى الرعاة فرحين من هذا الخبر الذي أعلنه الملاك يوم ميلاد المسيح ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لكم ولجميع الشعب أنه ولد لكم اليوم مخلص هو المسيح الرب" (لو 2: 10-11).
وهذا المنظر رآه حجي النبي وتلذذت نفسه بهذه الرؤيا فتنبأ قائلا "هي مرة بعد قليل أزلزل السماوات والأرض والبحر واليابسة وأزلزل كل الأم ويأتي مشتهى كل الأم" (حجي 2: 6-7) وأخذت النبوات ترسم صورة متناسقة عن تجسد الله فذكرت النبوات بدقة الحوادث الفريدة التي صاحبت التجسد فنجد داود النبي يتنبأ عن والدة الإله "جلست الملكة عن يمين الملك، تدخل عذارى خلفها" (مز 44) و إشعياء ينحني في خشوع أمام رهبة بتوليتها الدائمة "ها العذراء تحبل وتلد ابنا" وهذا ما أدهش حزقيال النبي فقال عن العذراء: "فقال لي الرب هذا الباب يكون مغلقا لا يفتح ولا يدخل منه إنسان لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقا (حز 44: 1-2) ويتنبأ أيضا إشعياء عن النبي الذي يسبق مجيء المخلص يوحنا المعمدان "صوت صارخ في البرية اعدوا طريق الرب قوموا في القفر سبيلا لإلهنا، كل وطأ يرتفع وكل جبل ينخفض ويصير المعوج مستقيما و العراقيب سهلا فيعلن مجد الرب ويراه كل بشر" (إش 40: 3-5)، (مت 3: 1-3) وتنبأ داود النبي عن زيارة المجوس للطفل وهم حاملون هداياهم "ملوك ترشيش و الجزائر يرسلون تقدمه. ملوك شبا وسبا يقدمون هدية ويسجد له كل الملوك" (مز 72)، (مت 2: 10-11) ويتنبأ إرميا النبي عن مذبحة بيت لحم "صوت سمع في الرامة نوح وبكاء مر" (إر 312: 15)، (مت 2: 16- 18) أما هوشع النبي فقد تنبأ عن هروبه إلى مصر فقال: "لما كان إسرائيل غلاما أحببته ومن مصر دعوت ابني" (هو 11: 1) وهذا أيضا ما تنبأ به إشعياء النبي "هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر" (إش 19: 1). أما ميخا النبي فقد عاين بالنبوة مكان ميلاده فقال "أما أنت يا بيت لحم أفراته وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل ومخارجه منذ القدم منذ أيام الأزل" (ميخا 5: 2) أما حجي النبي فقد أرهف السمع مع النظر متأملا في تسبحة الملائكة "ويأتي مشتهى كل الأمم. فأملأ هذا البيت مجدا... وفي هذا المكان أعطى السلام" (حجي 2: 7-9)، (لو 2: 13).
- ثالثا: في ظهورات متنوعة
ولم تقف الإعلانات الإلهية للتجسد عند حدود الوعد الإلهي بالفداء ونبوات الأنبياء بل أراد الله أن يبرز ملامح التجسد بأكثر وضوح حتى لا يفاجأ الناس بهذا الحدث الجلل والمدهش للفكر البشري فلم يقف إعلان التجسد عند هذه النبوات والرموز بل أشار الله بصور كثيرة تعلن تجسد الكلمة وظهور الله في الجسد. فقد ظهر الله لإبراهيم في شكل إنسان وأكل على مائدته وتكلم معه إبراهيم (تك 18: 1-8). كما ظهر أيضا ليعقوب وهو هارب من وجه عيسو أخيه وفي هذه الليلة الحاسمة وكان ظهوره في شكل إنسان صارعه حتى طلوع الفجر وباركه هناك، ( تك 32: 44-29) وظهر ليعقوب في مرة أخرى حيث رأى سلما منصوبا بين الأرض والسماء والملائكة صاعدة ونازلة عليه والرب واقف عليه (تك 28: 10-17). وتراءى الرب لموسى النبي في جبل حوريب "فظهر بلهيب نار من وسط عليقة فنظر موسى وإذا العليقة تتوقد بالنار و العليقة لم تكن تحترق فقال أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم. لماذا لا تحترق العليقة فلما رأى الرب أنه مال لينظر ناداه الله من وسط العليقة وقال موسى موسى فقال هاأنذا فقال لا تقترب إلى هاهنا، اخلع حذاءك من رجليك لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة. ثم قال أنا إله أبيك إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله" (تك 3: 1-5) وظهر لموسى مرة أخرى في جبل سيناء وسط رعود و بروق وسحاب ثقيل على الجبل وصوت برق شديد جدا. وكان الجبل كله يدخن من أجل أن الرب نزل عليه بالنار (خر 19).
- اسمه عمانوئيل
ظهر ملاك الرب في حلم ليوسف البار قائلا له: "يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا" (مت 1: 21-22).
دارت عجلة الزمن وجاء ملء الزمان ليتجاوز الله المواعيد والنبوات والرموز والإعلانات ليأتي إلينا- على الأرض بتجسده كما قال إشعياء (ونعطى) ابنا (ويولد لنا ولد)، (وهذا هو العجب في اتضاعك أنه المذود حملك كمسكين والخرق لفتك. الأذرع حملتك وركب البتول عظمتك..) "قسمة القداس الإلهي". هذا ما جعل إشعياء النبي يقول ويدعى اسمه عجيبا) فإن اسمه عمانوئيل معناه "الله معنا" وهذا هو العجب أن الله من فرط محبته التي لا توصف يصير إنسانا، الغير المحدود يصير محدودا والذي لا يحده زمان يولد ويصير له ميلاد هذا هو العجب، اسمه عجيبا عمانوئيل- أي الله معنا، لذلك حينما سأل يعقوب الرب قال له ما اسمك قال له "لماذا تسأل عن اسمي"؟ (تك 32: 29)، وفي حادثة ظهور الرب لمنوح وزوجته أبوي شمشمون قال "لماذا تسأل عن اسمي وهو عجيب" (قض 13: 18) وهذا ما تنبأ به إرميا النبي "هذا هو اسمه، الرب برنا" (إر 23: 6) الله معنا بل يصير معنا إلى الأبد فقد ترك لنا جسده عهدا مقدسا إلى الأبد فيهتف الكاهن في صلاة الاعتراف في القداس الإلهي مشيرا إلى الجسد على المذبح (أؤمن أن هذا هو الجسد المحيي الذي أخذه ابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح من سيدتنا وملكتنا كلنا والدة الإله القديسة الطاهرة مريم. وجعله واحدا مع لاهوته.. يعطى عنا خلاصا وغفرانا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه) لذلك حينما نحتفل بعيد الميلاد فإننا نحتفل بهذه العطية التي أعطيت لنا أي جسده الذي أخذه من القديسة الطاهرة مريم وأتم به الفداء المجيد وتركه لنا حياة أبدية على المذبح بل حينما نتناول في كل مرة من جسده الطاهر فإننا نحتفل بميلاد يسوع وحلوله بجسده الطاهر فينا