رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عظمة أعمال الله اُذْكُرْ أَنْ تُعَظِّمَ عَمَلَهُ الَّذِي يَتَرَنَّمُ بِهِ النَّاسُ [24]. عوض اتهام الله سبَّحه ومجده في أعماله (مز 111: 2-8؛ رؤ 15: 3)، بهذا تدرك أن أعماله غير منظورة وغير مدركة، وهو حكيم وصالح. وكما يقول الرسول: "لأن أموره غير المنظورة تُرى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته، حتى أنهم بلا عذرٍ" (رو 1: 20). إذ نحن مدعوون للشركة مع السمائيين أبديًا، حتى نُحسب كمن احتل الرتبة التي سقط منها إبليس، يلزمنا أن نتدرب على التسبيح الداخلي لله، وتمجيده بلا انقطاع على معاملاته معنا. * في الكتاب المقدس يُدعى الملائكة أحيانًا "أناس"، وأيضًا الأشخاص الكاملين "أناس". أما عن دعوة الملاك إنسانًا، يحمل دانيال شهادة بذلك، قائلًا: "إذ بالرجل جبرائيل الذي رأيته" (دا 9: 21). يغني الناس للرب عندما تظهر لنا الأرواح العلوية أو المعلمون الكاملون قوة الله لنا، مع ذلك فإن عمله لا يُعرف، حتى الذين يكرزون به يوقرون أحكامه التي لا تُدرك. إنهم يعرفون ذاك الذين يكرزون به، لكنهم لا يعرفون علة أعماله، إنهم بالنعمة يعرفون هذا الذي خلقهم، لكنهم لا يستطيعون إدراك أحكامه المعمولة به وهي فوق فهمهم. يقدم المرتل شهادة أن الله القدير لا يُرى بوضوح في أعماله، قائلًا: "الذي جعل الظلمة سترة حوله" (مز 18: 11). البابا غريغوريوس (الكبير) كُلُّ إِنْسَانٍ يُبْصِرُ بِهِ. النَّاسُ يَنْظُرُونَهُ مِنْ بَعِيدٍ [25]. يتطلع كل إنسانٍ إلى الخليقة المنظورة، ويرى فيها حكمة الله وقدرته تتجليان. هكذا يليق بنا أن نتتبع حكمة الله وقوته خلال أعماله، فندرك ما أدرجه رجال الله، قائلين: "يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه، ما أبعد أحكامه عن الفحص، وطرقه عن الاستقصاء" (رو 11: 33). * لما كان الإنسان مخلوقًا عاقلًا لاق به أن يستنتج بالعقل أن الذي خلقه هو الله. يرى الآن من خلال العقل، يرى قوة سلطانه. ولكن عندما يُقال: "كل أناس يبصرونه" بحق يُضاف: "كل أحد ينظره من بعيد". فإن النظر إليه من بعيد هو النظر إليه أنه حاضر لا بشخصه، إنما أن يُفكر فيه بالكلية بالإعجاب من أعماله. البابا غريغوريوس (الكبير) هُوَذَا اللهُ عَظِيمٌ وَلاَ نَعْرِفُهُ، وَعَدَدُ سِنِيهِ لاَ يُفْحَصُ [26]. الله كلي السلطة، لا يمكننا فحصه، أبدي ليس لوجوده زمن معين يحده. معرفتنا لله جزئية (1 كو 13: 12)، لأنه غير محدود (مز 90: 2؛ 102: 24، 27). يحدثنا عن أزلية وأبديته، أو سرمديته بلغة بشرية كي يمكننا التلامس معها. "عدد سنيه لا يفحص"، إذ لا يخضع للزمن، بل هو موجده. * إذ الله حاضر في كل مكان، لذلك قيل عنه: "هوذا". قيل بأنه حاضر حتى بالنسبة للذين لا يرونه. حسنًا يقول إنه يسمو على معرفتنا بالرغم من قوله قبلًا يراه كل البشر. هذا معناه أنه وإن كان يُرى بالعقل، فإن عظمته لا يمكن أن تخترقها حواسنا. فإن ما نعرفه عن بهاء عظمته هو قليل، وكلما نظن أننا ندرك قوته نبتعد بالأكثر عن معرفته. يُخطف عقلنا إلى العلا لكنه يسمو بضخامة عظمته هذا الذي نعرفه جزئيًا عندما نشعر أننا عاجزون عن أن نعرفه خلال استحقاقنا. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|