رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هُوَذَا يَهْدِمُ فَلاَ يُبْنَى. يُغْلِقُ عَلَى إِنْسَانٍ فَلاَ يُفْتَحُ [14]. من يقتنِ الله يتمتع بحكمته وقدرته عاملتين فيه، أما من يقاوم حكمة الله بحكمته البشرية، لن يلحق به إلا الحماقة. تُهدم حياته بسماح إلهي، وليس من يقدر أن يبنيه. يرجع بنا أيوب إلى عصر إقامة برج بابل حيث اتكل الإنسان على حكمته وقدرته، وظن أنه قادر على مقاومة الله. هؤلاء ظنوا أنهم قادرون على بناء برج في السماء، لكنهم فشلوا وتشتت طاقتهم. وهوذا خراب سدوم وعمورة يشهد بفشل مقاومة الله. يغلق الله بالسماح بمرضٍ أو كارثةٍ أو يسمح للإنسان بالموت، فيدخل القبر ولا يخرج منه. عندما يغلق على الأشرار في جهنم من يقدر أن يصعدهم من هناك؟ حينما يصر الإنسان على أن يغلق قلبه على ممارسة خطية ولا يفتحه ليتقبل نعمة الله ومساندته تبقى الخطية حبيسة قلبه، تملك عليه وتقوده وهي في سجن القلب المغلق، كما حدث مع فرعون الذي رفض بقلبه أن ينصت لصوت الله خلال الضربات ومع وعوده بفمه المخادع، كان يضمر في قلبه العنف والمقاومة لعمل الله، لذا قيل: "ولكني أقسي قلب فرعون" (خر 7: 3)، وذلك بتركه حبيسًا لشره وعنفه. يقدم لنا البابا غريغوريوس (الكبير) مثلًا آخر لمن صار قلبه مغلقًا، وهو عيسو، فقد أغلق قلبه بإرادته وذلك بشره واستهتاره حتى باع بكوريته بأكلة عدس، قائلًا: "أنا ماض إلى الموت، فلماذا لي البكورية؟" (تك 25: 32). احتقر عيسو البكورية، ولم يقدم توبة عن ذلك ولا عن شروره فانغلق قلبه على شره، وقد أراد والده أن يفتح هذا الباب ليهبه البركة قبل أن يموت (تك 27: 4)، لكن الرب رفض هذا الابن لأنه لم يتب، وقدم الأب البركة للابن الأصغر بغير إرادته. لقد صرخ عيسو صرخة عظيمة لم تصدر عن نفسٍ متواضعةٍ منسحقةٍ، فصارت توبته كلا شيء، عاجزة عن جذب نعمة الله لفتح قلبه. * الله القدير يهدم قلب الإنسان عندما يتخلى عنه، ويبنيه عندما يملأه، فإنه لا يهدم نفس الإنسان بالدخول في حرب بل بانسحابه منه. عندما يترك القلب لذاته ينصرف إلى لا شيء، بل إلى هدمه لذلك عندما يحدث أن قلب السامع لا يمتلئ بنعمة الله القدير، بسبب خطاياه باطلًا يقدم الكارز من الخارج نصائحه له. فيكون كل فمٍ يتكلم منه كأنه أبكم، إن لم ينطق الله بصوتٍ في القلب من الداخل، ذاك الذي يوحي بالكلمات التي تُقدم للأذن. هكذا يقول النبي: "إن لم يبن الرب البيت باطلًا يتعب البناؤون" (مز 127: 1). يقول سليمان: "أنظر عمل الله، لأنه من يقدر على تقويم من عوجه؟!" (جا 7: 13)... استطاع قايين أن يتمتع بالنصائح صادرة عن صوت الله، ومع هذا لم يقدر أن يتغير. بسبب خطية قلبه الشرير في الداخل تركه الله، مع أنه وجه إليه كلمات من الخارج لتحمل شهادة عليه. حسنا أضاف: "يغلق على إنسان فلا يفتح" [14]" فكل إنسان متى مارس الخطأ في كل طرقه ماذا يفعل سوى أن يجعل من نفسه سجنًا لضم يره؟ الشعور بالإثم في النفس قد يضغط عليه حتى وإن لم يتهمه أحد من الخارج. وإذا ترك في عمى قلبه الشرير بحكم من الله يكون كمن أغلق على ذاته، فلا يجد موضعًا للهروب، ولا يستحق أن يجد موضعًا هكذا. فكثيرًا ما يحدث أن أشخاصًا يشتاقون إلى ترك عاداتهم الشريرة ولكن لأنهم إذ تثقلوا حتى الأرض بسبب حملهم يغلقون على العادة الشريرة في السجن ولا يستطيعون أن يخرجوا هم من أنفسهم. البابا غريغوريوس (الكبير) العلامة أوريجينوس * "بمعونة الله نحن نفعل الخير الذي نمارسه ". * "ليس أقوى من الذي يتمتع بالعون السماوي، كما أنه ليس أضعف من الذي يحرم منه ". * "لنكن أقوى من الجميع، متمثلين ببولس وبطرس ويعقوب ويوحنا، فانه أن غاب عنا عون الله لا نقدر أن نقاوم أتفه إغراء ". * "لا نخشى شيئا، فإننا لكي نقهر الشيطان يلزمنا أن نعرف أن مهارتنا لن تفيد شيئا، وأن كل شيء هو من نعمة الله". *"الذين يعاقبون، فمن أجل العدالة،أما الذين يكللون، فمن أجل النعمة. فلو أنهم مارسوا ألف عمل صالح، إنما يتمتعوسن بالسماء والملكوت مقابل هذه الأعمال الصغيرة لأجل حرية النعمة، فيرتفعون إلى ما لا يقاس ". القديس يوحنا الذهبي الفم |
|