|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
محاكمات فؤاد باشا: عندما وصلت أخبار المجازر إلى الباب العالي ثار غضب السلطان. ربما كانت هناك تعليمات بإخماد الفتنة في الجبل باي ثمن، لكن ما حصل لم يخطر ببال أشد رجال السلطنة عداء للمسيحيين، وخاصة ما حصل في دمشق. فعلى عكس مسيحيي الجبل الذين بدؤوا الحرب هناك، لم يقم مسيحيو دمشق بأي عمل عسكري ولم يرتكبوا أي جريمة بحق السلطات العثمانية إلا تمنّعهم عن دفع بدل الخدمة العسكرية. وسارع السلطان لاستدراك الأمور، إذ لم يشأ أن يدخل حرباً جديدة مع الأوروبيين. خاصة وأن باريس قد أرسلت قطعاً بحرية إلى شواطئ سوريا لتقصي الحقائق والتدخل إذا ما دعت الحاجة. فأرسل السلطان أحد أقوى قادة جيشه واسمه فؤاد باشا مع صلاحيات غير محدودة لإعادة الإستقرار وإحقاق العدل. وفور وصول فؤاد باشا إلى دمشق قام باعتقال 800 شخص وأقام محاكماً استثنائية بحقهم بوجود قضاة عثمانيين أحضرهم معه من اسطنبول. حكم على 57 من المعتدين وبينهم بعض موظفي الدولة بالشنق وعرض جثثهم لأيام في أسواق دمشق. كما حكم على 110 من الجنود رمياً بالرصاص في الساحات العامة. وحكم على 168 بالسجن مع الأشغال الشاقة وحكم بالنفي على 145. وحكم على 83 بالموت غيابياً. وتتابعت الإعتقالات والمحاكمات في الأسابيع والأشهر التالية. فحكم على 270 آخرين بالأشغال الشاقة و190 بالموت و146 بالنفي مدى الحياة. كما حكم على المدينة بأن تقدم 2,000 من شبابها للخدمة العسكرية في أماكن بعيدة من السلطنة. عدا عن الجنود، كان أغلب المحكومين من الطبقة الفقيرة والعاطلين عن العمل وصغار الكسبة والتجار. وجاؤوا من كل أحياء دمشق الشعبية الفقيرة داخل وخارج السور وجاء بعضهم من الريف الدمشقي. وكان هناك عدد قليل ممن جاؤوا من القرى الدرزية في الجبل والبقاع كحاصبيا وراشيا. كما كان بينهم بعض ميسوري الحال ومن هم محسوبين على الأغنياء، إلا أنهم كانو مديونين لبعض المسيحيين، مما أعطى الإنطباع لوجود اسباب شخصية لديهم للقتل. بعد أن انتهى من التحقيقات مع الطبقة الفقيرة والوسطى، اعتقل فؤاد باشا 230 من الوجهاء والشيوخ وجميع أعضاء المجلس الحاكم وأهمهم إمام المسجد ومفتي دمشق الذين اعتُبِرا المحرضين الأساسيين للمذبحة بفتاويهما. وحكم على 13 من أهم وجهاء دمشق ومن ضمنهم الإمام والمفتي بالنفي إلى قبرص مع الأشغال الشاقة مدى الحياة. لم يكن بمقدور فؤاد باشا أن يكون أكثر صرامة معهم لمكانتهم الإجتماعية. حُكم على حاكم دمشق العثماني أحمد باشا بالموت رمياً بالرصاص مع علي بيك قائد الفرقة التي كانت منوطة بمهمة حماية الحي المسيحي. كما حُكم بالموت على عدد من الضباط الآخرين ومن بينهم المسؤولين عن مذابح الجبل وغيرها ونفذت هذه الأحكام بعيداً عن أعين العامة لعلو مراكزهم في السلطنة. |
|