رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اليوم الثاني: الجلد... ربما يقصد بالجلد المنطقة التي فوق الأرض مباشرة التي تطير فيها الطيور وليس الفضاء حيث الكواكب. ويمكننا أن ندرك طريقة تحقيق أمر الله إن علمنا أن الأرض كانت في غليان مستمر وبخار فكانت محاطة بغلاف بخاري كثيف. وفي الفترة ما بين الحقبة الأولى والحقبة الثانية أخذت درجة الحرارة تهبط، وبالتالي هدأ البخار وبدأ الجو يصير صحوًا. أما تسمية الجلد "سماء" فذلك من قبيل إطلاق هذه الكلمة على ما هو سامٍ ومرتفع فوق الأرض . هذا الجلد يفصل ما بين المياه التي من فوق أي السحب، والمياه التي من أسفل أي البحار والمحيطات. وقد حمل هذا الفصل بجانب تحققه الحرفي مفهومًا روحيًا يمس حياة الإنسان. فإن كان الإنسان الروحي يتقبل في البداية انطلاق الإشراقة الإلهية في أعماقه الداخلية، فإنه يليق به أن يحمل الجلد الذي يفصل بين مياه ومياه، فيتقبل مياه الروح القدس العلوية واهبة الحياة (يو 4: 14) ويسمو فوق المياه التي هي أسفل أي في الأعماق والتي يسكنها لويثان الحيّة القديمة والوحش البحري القتال للنفس البشرية (رؤ 12: 7؛ 20: 3) فمن ينعم بالانطلاق في الجلد يميز بين نعمة الروح وخداعات الشرير. يقول العلامة أوريجينوس: [إذ يرتبط المؤمن بالمياه العليا التي هي فوق في السموات يصير سماويًا، ويطلب الأمور المرتفعة العلوية، فلا يكون له فكر أرضي بل كل ما هو سماوي؛ يطلب ما هو فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله (كو 3: 1)، فيستحق التمتع بمديح الله القائل: "رأي الله أنه حسن"]. هاجم القديس أغسطينوس ما قاله العلامة أوريجينوس في كتابه "المبادئ" أن المياه التي فوق هي الأرواح الصالحة التي خلقها الله وبقيت هكذا في صلاحها بسبب التصاقها بالله، وأنها إذ انعزلت عنه صارت منحطة فعاقبها الله بإنزالها إلى العالم وحملها أجسادًا. وكأن العالم الذي نعيشه هو عقوبة أوقعها الله على ملائكة ساقطين لبسوا جسدًا كتأديب لهم. هذه النظرية رفضها أيضًا القديس أبيفانيوس وعارضها آباء الكنيسة إذ تشوه نظريتنا للعالم، وتدنس الجسد، وتقلل من شأن الإنسان وتوحي بفكرة تناسخ الأرواح. |
|