رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نزاع بين حنة وطوبيت [13- 14] ولَمَّا دَخَلَت إِلَيَّ، أَخَذَ الجَدْيُ يَثْغو، فقُلتُ لها: "مِن أَينَ هذا الجَدْيُ؟ قَد يَكونُ مَسْروقًا، فرُدِّيه إِلى أَصْحابِه. فلا يَحِلُّ لَنا أَن نأكُلَ شَيئًا مَسْروقًا" [13]. لكنها قالَت لي: "قُدِّمَ لي هديةً فَوقَ أُجرَتي". لم أُصَدِّقْها، بل أَخبرتها أَن تَرُدَّه إِلى أَصْحابِه. وفي غضبٍ توهج وجهي. حينَئِذٍ أجابَتني قائلة: "أَينَ صَدَقاتُكَ وأَعْمالُ بِرِّكَ؟ ما أتاكَ مِنْها أنت تعرفه." [14] إن كانت قد دخلت حنة في مناقشة حامية مع رجلها البار، فإنها كررت تأكيدها أن الجدي ليس مسروقًا إنما هو إكرامية، قُدِّم لها من أجل إخلاصها واهتمامها بالعمل. إذ سمع طوبيت صوت الجدي، سأل زوجته: من أين هذا الجدي؟ أجابته حنة أن أصحابها الذين استأجروها في الحياكة قدَّموا لها هذا الجدي هدية فوق أجرتها. لسنا ندرك لماذا خشي طوبيت أن يكون هذا الجدي مسروقًا؟ انفعلت حنة، وقالت له: أنت تعرف تمامًا ما حلّ بك؟ ماذا انتفعت بصدقاتك وأعمال برّك؟ كانت زوجته تعيره قائلة له أين هو برّه، فيتطلع إلى ما يحتمله من آلام؟! أما هو فكان يتقوَّى بخوف الله ويتشدَّد متسلحًا بإيمانه، محتملاً الآلام، غير مُستسلِم لضعف زوجته التي كانت تُجَربه أثناء ضيقاته. فمن ضمن محاربات إبليس أن يستخدم أصدقاءنا وأقرباءنا (غير الثابتين في الله أو غير الفاهمين) للتشكيك في محبة الله (مثل زوجة أيوب). أما طوبيا فكان له عينان خارجيتان مقفولتان وعينان داخليتان يرى بهما الرب فلا يتشكَّك فيه. تشبهت امرأة طوبيت بزوجة أيوب التي عيَّرت رجلها بأن فشله ثمرة لأعماله الصالحة وبرّه. أُصيب بالعمى، فحسبت حنة أن إنفاقه الكثير على المحتاجين وأعمال البرّ سبَّب له الفشل والاحتياج (2: 14). أما هو فكان يزجرها قائلاً: "لا تتكلمي هكذا." لقد ثبت في مخافة الربّ، وكان يسبحه، كما قدم صلاة توبة بدموعٍ، مُلقيًا اللوم على نفسه، حاسبًا أحكام الله حقًا. قدَّم نموذجًا عمليًا للصلاة والتسبيح في وقت الضيق. * بعد أن قام طوبيت بأعمالٍ مجيدة، وبعد أن تأهَّل لثناءٍ مجيد من أجل رحمته، عانى من عمى عينيه، وفي نكبته كان يخاف الله ويباركه. بحزنه المتزايد في جسده كان يزداد في تسبيحه. وقد حاولت زوجته أن تدمره قائلة: "أين أعمالك الرحيمة؟ تطلع إلى آلامك!" أما هو فبثباتٍ وحزمٍ في مخافة الله تسلَّح لاحتمال الألم بالإيمان في تدينه دون أن ينحدر في آلامه لضعف زوجته، بل تأهَّل بالأكثر للتمتُّع ببركات الله بصبرٍ أعظم . القديس كبريانوس ويقول البابا كيرلّس الكبير: [وُجِد أناس كثيرون حول يسوع... لكن الأعمى شعر بحضرته وتمسَّك به في قلبه هذا الذي لم تستطع عيناه الجسديَّتان أن تراه.] أمّا سرّ شفائه فهو صوت المسيح واهب النور، وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [صوت المسيح نور للأعمى، لأنه كلمة النور الحقيقي.] * الآن أي شيء نقتنيه أثمن من أن تكون لنا العين سليمة؟! يفرح الذين يرون النور المخلوق الذي يشرق من السماء حتى الذي يصدر عن مصباحٍ. ويا للبؤس الذي يبدو على العاجزين عن رؤية هذا النور. أينما تحدثت وتكلمت عن هذه الأمور إنما أحثكم على الصراخ حينما يعبر بكم يسوع (مت 20: 30). إني أتحدث عن هذا النور الذي ربما لا ترونه، إنه موضوع حبٍ لكم أيها الإخوة القديسين. صدِّقوا أنكم لستم ترونه، واصرخوا كي تروه. يا لخطورة التفكير في بؤس البشر الذين لا يرون النور المادي. متى صار إنسان أعمى للحال يُقَال عنه: "الله غضبان عليه. إنه ارتكب بعض الشرور". هكذا قالت زوجة طوبيت لرجلها... لقد صرخ (طوبيت)... إنه لا يريد أن يسمع صوت أي شيء مسروق في بيته... أما هي فوبَّخت رجلها، وعندما قال: ليُرد ما هو مسروق"، أجابته باستخفافٍ: "أين هي أعمال برّك؟"... إنها كانت تفرح وهي ترى نور الشمس، أما هو فكان يفرح في داخله بنور البرّ. أيّ النورين أعظم؟! إني أحثكم على محبة هذا النور أيها الأحباء، حتى تصرخوا عندما يعبر بكم يسوع. ليُسمَع صوت الإيمان، فيسوع لا يزال واقفًا. إنه حكمة الله وجلال كلمة الله غير المتغير، خالق الكل، يفتح أعينكم. نفس الشي عندما أعطى طوبيت نصيحة (لابنه) وعلَّمه أن يصرخ، علَّمه الأعمال الصالحة. أخبره أن يعطي الفقراء، ويقدم صدقة للمحتاجين، قائلاً: "يا ابني الصدقة هي ألاَّ تسلك في الظلمة" (راجع طو 4: 10) . القديس أغسطينوس لم تستطع حنة أن تحتمل التجربة التي حلّت على الأسرة بإصابة طوبيت بالعمى، إذ قالت له: "أين صدقاتك وأعمال برّك؟ ما أتاك منها أنت تعرفه". يليق بنا حين تحلّ بنا تجربة تبدو قاسية للغاية أن نطلب من الله أن يهبنا روح الحكمة، فكثيرون سقطوا في الجهالة والغباوة لسببٍ أو آخر. لقد نصح أيوب زوجته حين طلبت منه أن يترك الله بسبب ما حلّ به، فقال لها: "تتحدثين كإحدى الجاهلات؟!" (أي 2: 14). في غباوة قالت راحيل لرجلها يعقوب: "أعطني أبناء" (تك 30: 1) الأمر الذي لم يكن في سلطانه. وفي غباوة طلبت امرأة فوطيفار ليوسف البار أن يضطجع معها (تك 39: 7). وفي غباوة قالت حنة لرجلها البار: "أين صدقاتك وأعمال برّك؟ ما أتاك منها أنت تعرفه" (طو 2: 14). في غباوة أغرت دليلة شمشون، أما هو ففقد طهارته وسلَّم نفسه للشهوات الجسدية. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
علاقة بدون نزاع |
في لقاء سرّي بين رئيس الملائكة وطوبيت وطوبيا |
نساع بعضينا كده يا جماعة ... |
نزاع المحبة |
قصة: نزاع المحبة |