إن ظهورنا بمظهَر عدم الثقة التامة في مواعيد الله وعدم التمسُّك الكُلِّي به، يجلب إهانة على اسمه المبارك، أما إذا سرنا ونحن واثقين بأن كل ينابيعنا هي في الله، حينئذٍ نرتفع فوق العالم بجميع صوره وأشكاله، ولا يوجد شيء يرفع شأن المؤمن أدبيًا نظير الإيمان، لأنه يقوده إلى ما فوق أفكار العالم. وكيف يستطيع أهل العالم - بل المسيحيون العالميون أيضًا - أن يدركوا حياة الإيمان؟ إن ذلك بعيدًا عنهم لأن الينابيع التي يستقي منها الإيمان لا يمكن لهم الوصول إليها لأنهم لا يدركونها، فحياتهم سطحية وهي تتعلَّق بالأمور الحاضرة، وما داموا يستطيعون أن يروا الأساس الذي يَبنون عليه فلهم رجاء ولهم ثقة في الأمور التي تُرى، أما الاعتماد على مواعيد الله غير المنظور، والبناء على أساس الإيمان فلا يدركون له معنى، ولكن رجل الإيمان تجده ساكنًا مُطمئنًا في وسط الظروف الحَرجة التي لا ترى فيها الطبيعة حلاً.